
الخرطوم تقطع العلاقات مع أبوظبي وتحتفظ بحق الرد.. والبرهان: سنقتص
نقلت هجمات بطائرات مسيرة شنتها قوات الدعم السريع، بدءًا من الأحد حتى الخميس الماضيين، على مدينة بورتسودان الواقعة على ساحل البحر الأحمر ومدينة كسلا الحرب إلى إقليم شرق السودان، بعد مرور أكثر من عامين على اندلاع الصراع المسلح في هذا البلد.
ومزّقت الهجمات التي قال الاتحاد الأوروبي إنها تمت بدعم دولي، الأمان النسبي في أكبر منطقة حيوية في البلاد، والتي تعد عاصمة إدارية مؤقتة للبلاد ومركزًا لوجستيًا للمساعدات الإنسانية الأممية والبعثات الدبلوماسية.
وقال مصدر عسكري رفيع المستوى في هيئة الأركان لـ«مدى مصر» إن أكثر من 50 مسيرة هاجمت بورتسودان منذ فجر الأحد حتى الخميس، ما جعل الدخان يغطي سماء المدينة. وجاء ذلك بعد أن صرح رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش عبدالفتاح البرهان بتوقف هجمات مسيرات «الدعم السريع» قريبًا.
وغادر نحو ستة آلاف شخص المدينة عائدين إلى ولاياتهم القادمين منها، خوفًا من سقوطهم ضحايا نتيجة هذه الاعتداءات المستمرة، بحسب مصدر بغرفة الحافلات السفرية بالميناء البري بمدينة بورتسودان، مشيرًا إلى أن هذا العدد قابل للزيادة.
وبينما انتهجت «الدعم السريع» صمتًا رسميًا حيال الهجمات، حملت الحكومة السودانية الإمارات مسؤولية الضربات، وأعلنت قطع العلاقات الدبلوماسية مع أبوظبي.
وعلى الفور، أدانت عدة دول عربية بينها مصر وقطر والكويت والسعودية والاتحاد الإفريقي الهجمات على المرافق الحيوية في مدينتي كسلا وبورتسودان، معتبرة أنها تمثل تهديدًا للأمن في المنطقة العربية والإفريقية.
وفي الساعات الأولى من صباح الأحد الماضي، تحول المشهد إلى حريق كبير التهم المدينة الساحلية، وتصاعدت ألسنة اللهب فوق سمائها بما في ذلك مطار بورتسودان الدولي ومستودعات نفطية وسط صمت واختفاء تام لقادة البلاد عدة ساعات عقب ذلك. لكن المتحدث الرسمي باسم الجيش السوداني، نبيل عبد الله، خرج في وقت لاحق معلنًا في بيان أن العدو استهدف قاعدة عثمان دقنة الجوية ومنشآت مدنية في بورتسودان بمسيرات انتحارية.
هجمات على مدار الأسبوع في بورتسودان تغرق العاصمة الإدارية في الفوضى
بدأت قوات الدعم السريع الأحد الماضي، هجومًا بمسيرات على مطار بورتسودان الدولي، أسفر عن تدمير جزئي للبنية التحتية وتعطيل حركة الطيران، بحسب مصدر بسلطة الطيران المدني في المطار.
وأوضح المصدر أن الهجوم بدأ عندما استهدفت خمس مسيرات مستودع البضائع، فيما هاجمت لاحقًا أربع مسيرات أخرى قاعدة عثمان دقنة الجوية المجاورة للمطار ليحترق مستودع للذخائر، مضيفًا أن أربع مسيرات أخرى استهدفت قاعدة فلامنجو العسكرية التي تبعد حوالي 15 كيلو متر شمال بورتسودان، مما تسبب في أضرار جزئية، لم تكشف المصادر العسكرية بالقاعدة عن حجمها إلا أنها وصفتها بـ«ليست بالبسيطة».
وقال مصدر أمني في جهاز المخابرات العامة السوداني إن المسيرات جاءت من الأجزاء الشمالية الغربية للبلاد، لافتًا إلى أن هذه المسيرات تدخل من خلال خطوط الإمداد البرية حتى قواعد «الدعم السريع» بمدينة نيالا في ولاية جنوب دارفور ومن ثم قواعد استراتيجية سيطر عليها «الدعم السريع».
وقيّم مصدر من وزارة الصناعة ومكتب عضو مجلس السيادة، إبراهيم جابر، المسؤول عن الوزارات الإنتاجية الأضرار الناتجة عن هجوم اليوم الأول بحوالي 120 مليون دولار، حيث احترق المستودع الاستراتيجي للوقود بمنطقة الكيلو بالقرب من محطة بشائر البترولية. فيما أفاد مصدر بقوات الدفاع المدني باستمرار الحريق على مدار ثلاثة أيام بشكل كبير، فيما شارك أكثر من 45 عاملًا في إخماد الحريق، حسب قوله.
وفي صباح اليوم الثاني، قصفت مجددًا «الدعم السريع» مستودعات النفط في بورتسودان بالإضافة إلى ميناء بورتسودان الجنوبي، ما أسفر عن اندلاع حرائق كبرى.
وخلال زيارة وزير الطاقة والنفط السوداني، محي الدين نعيم، لموقع الحرائق حيث كان رجال الإطفاء يكافحون لإخماد الحرائق بخراطيم المياه الضخمة في المستودعات الاستراتيجية ببورتسودان، وصف تلك الاستهدافات بـ«الهجمات بالإرهابية»، مضيفًا أن هذه العملية تُضاف إلى سجل المجرمين الذين يواصلون استهداف المنشآت الخدمية والمدنية بالسودان والتي تلامس حياة المواطن السوداني مباشرةً، مما يشير إلى أن الهدف هو تعطيل الحياة بالبلاد.
وقالت وزارة الطاقة والنفط في بيان إن الهجمات استهدفت التدمير الكلي لأكبر المستودعات بولاية البحر الأحمر.
وشهد الثلاثاء اليوم الثالث من هجمات المسيرات المستمرة، استهداف مستودعات نفط في منطقة ترانسيت ومقر إقامة البرهان وقاعدة فلامنجو العسكرية وميناء بورتسودان الجنوبي، وفقًا لمصدر في الحكومة السودانية. واضطرت سلطة الطيران المدني إلى تعليق الرحلات الجوية، من وإلى مطار بورتسودان الدولي، مؤقتًا للمرة الثانية.
كما قصف المسيّرات أيضًا فندق مارينا، حيث يُعتقد أن دبلوماسيين يقيمون فيه، وفقًا لشهود عيان. ويقع الفندق بالقرب من مبانٍ حكومية، ولم ترد أنباء عن سقوط ضحايا.
وكشف مصدر عسكري بقاعدة فلامنجو العسكرية عن هجوم المسيرات على قاعدة فلامنجو العسكرية للمرة الثانية، مما أدى إلى تدمير منشآت عسكرية بحرية. وقال المصدر إن الهجوم نتج عنه تدمير زوارق حربية ومستودع ذخيرة، مع إصابات في صفوف العسكريين.
وقال علي طالب، مواطن من مدينة بورتسودان يعمل سائق مركبة عامة في الخط الذي يربط جنوب المدينة بالسوق الكبير، إنه بحلول الساعة الرابعة والنصف صباحًا، رأى انفجارات، ثم سمع أصوات مضادات أرضية من جهة المطار، بالإضافة إلى ذلك سمع أصوات أكثر من مسيرة قادمة من اتجاه الجنوب نحو الشمال الغربي حيث تقع القاعدة البحرية، مضيفًا أن الأصوات كانت قريبة جدًا.
كما قصفت مسيرات مستودعات وقود تابعة لمحطة كهرباء بورتسودان في نفس اليوم، مما تسبب في حرائق وانفجارات عنيفة. وأفاد مهندس يعمل بمحطة كهرباء بورتسودان التحويلية أن تأثير هذه الضربات على خطوط الإمداد اللوجستية كان كبيرًا جدًا مما جعل المدينة خارج تغطية الإمداد الكهربائي دون ذكر تفاصيل عن الخسائر البشرية.
وفي اليوم نفسه، ذهب وزير الثقافة والإعلام والناطق الرسمي باسم الحكومة خالد الإعيسر إلى المستودعات، التي كانت تحترق لليوم الثالث على التوالي دون قدرة على إخمادها، موجهًا اتهامات مباشرة إلى دولة الإمارات بالمسؤولية عن الهجمات.
وجرت كل تلك الهجمات وسط صمت رسمي تام من «الدعم السريع» وحلفائها.
و أعلن مجلس الأمن والدفاع السوداني مساء الثلاثاء الماضي، في بيان تلاه وزير الدفاع، ياسين إبراهيم ياسين، تحميل دولة الإمارات مسؤولية الهجمات على بورتسودان وجميع المنشآت المدنية في مناطق البلاد الأخرى، بما في ذلك مطار كسلا شرقي البلاد، مشيرًا إلى قرار قطع العلاقات الدبلوماسية وتصنيفها دولة عدوان والاحتفاظ بحق الرد بموجب المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة.
اجتماع «الأمن والدفاع» الحاسم، كان برئاسة البرهان، والذي اختار أن يُعبر بطريقة أخرى عن تحديه للتهديدات التي وصلت حتى مقر إقامته، حيث وقف البرهان في شارع رئيسي في بورتسودان، فيما تسير حركة المرور بصورة طبيعية وخلفه تتصاعد ألسنة اللهب من مستودعات النفط وميناء بورتسودان، وهو يقول إن السودان سينتصر، مشددًا على أن السودانيين لن ترهبهم مثل هذه الأفعال.
وأكد البرهان أن الجيش وكل القوات مصطفة معه من أجل ردع هذا العدوان، وسيصنع شعبه التاريخ وسيعيد كتابته، مضيفًا أنهم سوف يمضون في دحر وهزيمة ميليشيا الدعم السريع ومن يدعمها ومن يعاونها. كما قال: «نحن نقول لكل من اعتدى على الشعب السوداني ستحين لحظة القصاص». دون أن يُسمي أبوظبي بالاسم.
في خضم المعركة الدبلوماسية بين بورتسودان وأبوظبي كان تحالف «الدعم السريع»، المدعوم من الإمارات، بدأ الرد بالإنابة عنها، حيث استبق تحالف السودان التأسيسي (تأسيس) بقيادة «الدعم السريع»، وهو تحالف حركات سياسية ومسلحة من الموقعين على ميثاق «الدعم السريع» السياسي في مؤتمر نيروبي فبراير الماضي، مساء الثلاثاء، رد دولة الإمارات على البيان السوداني بقطع العلاقات الدبلوماسية، باعتبار أن الحكومة السودانية غير شرعية. وهي نفس اللغة المستخدمة في البيان الإماراتي الذي صدر مساء الأربعاء بأنه لا شرعية للحكومة السودانية «ممثلة في سلطة بورتسودان»، مؤكدة أنها لا تعترف بالقرار السوداني.
وهكذا انتهى عامان من الاتهامات بين البلدين إلى قطع العلاقات الدبلوماسية. ف وزارة الخارجية السودانية من جهتها لم تصمت على بيان نظيرتها الإماراتية والذي أعلنت فيه عدم اعترافها بالقرار، ووصفت «الخارجية السودانية» في بيان أمس، بيان وزارة الخارجية الإمارتية الصادر مساء الأربعاء، بـ«البائس والمثير للسخرية».
وقالت وزارة الخارجية السودانية: «يعكس البيان تجاهلًا غريبًا للقوانين والأعراف الدولية التي تحكم العلاقات الدبلوماسية بين الدول وينطوي على تطاول أجوف على الشعب السوداني صاحب التاريخ العريق والحضارة الممتدة والإسهام الوافر في مساعدة أشقائه في جميع المجالات»، مضيفة: «كما يقدم دليلًا جديدًا على الدرك الذي وصلت إليه المحاولات المسعورة لنظام أبوظبي للتدخل في الشؤون السودانية بطريقة فجة، تعبر عن حالة فصام مستحكمة، إذ يدعو لفضائل لم يمارسها في يوم من الأيام».
وأكد بيان «الخارجية السودانية» أن العالم يشاهد حاليًا تصاعد إرهاب الدولة من نظام أبوظبي على الشعب السوداني بمشاركته مباشرة في استهداف المدنيين والبنى التحتية والمرافق الحيوية بواسطة مختلف أنواع المسيرات والأسلحة الفتاكة، لافتًا إلى أن ذلك يأتي بعد فشل «الحرب بالوكالة بواسطة الميليشيا الإرهابية المستأجرة رغم ممارستها كل الفظائع والانتهاكات». وأضاف البيان السوداني أنه مع ذلك يتباهى بيان أبو ظبي على السودان بما قدمته الإمارات من مساعدات، «ألحقت به أضعافها المضاعفة من خسائر مادية عبر تدمير كل البني الأساسية ونهب جميع ممتلكات المواطنين، بخلاف «إزهاق عشرات الآلاف من الأرواح البريئة والاغتصابات والتشريد وتدمير مقومات الحياة».
وأعاد البيان السوداني تذكير الإمارات بالماضي عشية تأسيسها ومنذ «أن كانت مجرد مشروع». وقال: «يتناسى البيان سابقة السودان في المساعدة في تأسيس دولة الإمارات منذ أن كانت مشروعًا في نهاية ستينيات القرن الماضي، وبعد أن نالت استقلالها، حيث اعتمد طيب الذكر الشيخ زايد بن سلطان الوالد المؤسس للإمارات على الكفاءات السودانية لتأسيس نظام الدولة في كل المجالات خاصة القوات المسلحة والإدارة والقضاء والهندسة والتعليم والرياضة والإعلام».
واستمرت هجمات مسيرات «الدعم السريع» على بورتسودان وكسلا، أيام الأربعاء والخميس والجمعة الماضية، كما انضمت لهما مدينة كوستي في ولاية النيل الأبيض جنوبي البلاد حيث استُهدفت كذلك المستودعات النفطية بها. لكن تلك الهجمات بدت أقل تأثيرًا من هجمات الأيام الأولى في بورتسودان مع تصاعد قدرة الجيش على إسقاط المُسيرات المهاجمة.
وشهد الخميس الماضي، استهداف مسيرة لمباني الكلية الجوية التي تقع في حي المطار في بورتسودان.
وقال مصدر عسكري رفيع المستوى، إن الجيش تصدى لنحو سبع مسيرات وقام بتحييدها، فيما قال عبد الرحمن همد، بائع خضار في سوق بورتسودان المركزي، إن انفجارات سُمعت في محيط حي المطار، بالإضافة إلى أصوات المضادات الأرضية التابعة للدفاعات الجوية للجيش السوداني واستمر ذلك حوالي 45 دقيقة، مشيرًا إلى أن معظمها سقط في محيط الكلية الجوية وفي الشريط الساحلي المطل على البحر الأحمر.
وتصدت أمس، الجمعة، الدفاعات الجوية للجيش السوداني بقاعدة فلامنجو العسكرية البحرية لثلاث مسيرات أطلقتها قوات الدعم السريع ظهرًا على القاعدة البحرية الواقعة شمال بورتسودان.
ويعتبر هذا الهجوم السادس على التوالي الذي يستهدف القاعدة البحرية، التي تعتبر أهم قاعدة للإمداد العسكري الذي يصل إلى الجيش عبر البحر الأحمر، وأهم قاعدة لعمليات الجيش بعد وادي سيدنا العسكرية بأم درمان.
وقال مصدر عسكري مسؤول بالقاعدة إن الجيش عمل على إعادة تموضع دفاعاته الجوية بشكل دقيق، ما يسمح له بالتصدي بشكل جيد لأي هجوم جوي أو بحري، مضيفًا أن غرفة التحكم والسيطرة في القاعدة تتوقع هجمات جديدة لذلك رفعت درجة الاستعداد لأعلى مستوى.
عقب التصعيد في شرق السودان، توالت الإدانات الدولية والإقليمية للهجمات على المرافق الحيوية خاصة في بورتسودان. الاتحاد الأوروبي من جانبه كانت إدانته أكثر وضوحًا وتحديدًا حيث اعتبر أن هجمات «الدعم السريع» تمت بدعم خارجي. قبل أن يشير إلى أن الهجمات لا تهدد المدنيين السودانيين فقط، ولكن تمثل تهديدًا للأمن والاستقرار الإقليمي.
و أيدت السفارة الهولندية في السودان بشدة بيان الاتحاد الأوروبي الذي أدان الهجمات بالطائرات المسيّرة على بورتسودان. ورأت السفارة أن استهداف البنية التحتية المدنية يُعد تصعيدًا خطيرًا ويهدد سلامة المدنيين السودانيين النازحين والعاملين الدوليين، مشيرة إلى أن هذه الأفعال التي تتم بدعم خارجي، تُعد انتهاكًا للقانون الإنساني الدولي وتقويضًا للجهود الرامية إلى تحقيق السلام والاستقرار في السودان.
كما دعت السفارة إلى وقف فوري للأعمال العدائية، وحماية المدنيين، وتأمين وصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل، مضيفة: «يجب على جميع الأطراف الالتزام بالحوار والتوصل إلى حل سلمي. كما ينبغي على الدول التي تموّل أو تسلح أطراف النزاع أن توقف دعمها فورًا وأن تقف إلى جانب السلام».
كذلك أدانت الهيئة الحكومية المعنية بالتنمية (إيقاد) الهجمات على البنية التحتية المدنية.
مصادر في «الدعم السريع» تعلن مسؤوليتها عن هجمات شرقي السودان.. ومسؤول بالجيش: مستعدون
أكدت ثلاثة مصادر ميدانية في «الدعم السريع» لـ«مدى مصر» مسؤولية قواتهم عن الهجمات على مدن بورتسودان وكسلا وكوستي.
وقال المسؤول عن الإمداد اللوجستي الميداني لقوات الدعم السريع في ولاية شمال كردفان، إن مُسيراتهم قصفت بورتسودان، مضيفًا أن هذه الضربات تأتي تنفيذًا لوعد عبد الرحيم دقلو، بنقل الحرب إلى بورتسودان وشمال السودان.
ووفقًا لمصدر في «الدعم السريع» بغرب كردفان، فإن ضرب بورتسودان أعطاهم ميزة تجارية عالية، ففي الوقت الذي يتعطل فيه الميناء وتتوقف صادرات الحكومة فإن «الدعم السريع» هيمنت على النهود أكبر مدن تحتكر تصدير البذور والصمغ العربي في إقليم كردفان، متوقعًا أن يزيد ذلك قدراتهم الاقتصادية.
وقال مصدر عسكري ثالث في «الدعم السريع» إن الهجمات التي وقعت في بورتسودان وكوستي والأبيض يمكن أن تجبر الحكومة بشكل استراتيجي على القبول بما أسماه واقع ضعفها مدعيًا أن هذه الهجمات ستشل أي إمكانية اقتصادية على تطوير قدراتها العسكرية.
وأكد المصدر أن «الدعم السريع» ستعمل على شل قدرة الجيش بشكل كامل سواء في شرقي السودان أو شماله أو حتى إقليم النيل الأزرق، متوعدًا باجتياح الفاشر والتمهيد نحو السيطرة على عموم كردفان ومن ثم استعادة السيطرة على الخرطوم، على حد زعمه.
لكن الجيش يمتلك ردود الأفعال، حسبما قال مصدر رفيع المستوى بهيئة الأركان بالجيش السودان لـ«مدى مصر» معلقًا على الهجمات التي شنت على بورتسودان، مشيرًا إلى انعقاد اجتماع قيادة الجيش وغرفة التحكم والسيطرة وإدارة العمليات أمس لتقييم ما حدث. وأضاف أن جميع دوائر الاختصاص رفعت تقاريرها لقيادة العمليات والأركان وقيادة الجيش.
وقال المصدر إن الجيش عمل على نشر وحدات عسكرية متخصصة مزودة بتقينات لمواجهة هذه المسيرات في مجموعة من المواقع التي شهدت أحداث.
في شمالي السودان الذي طالته هجمات المسيرات أيضًا، أفاد مصدر بالفرقة 19 مشاة بمروي أن الجيش أسقط سبع مسيرات عند مهاجمة سد مروي ومطار مروي العسكري وقيادة الفرقة 19 بموقع الغزالي أمس.
وكانت «الدعم السريع» أطلقت مسيرات في ليلة الخميس 8 مايو باتجاه مدن كوستي وتندلتي و أم روابة ومروي، ونجح الجيش في إسقاط مسيرات مروي جميعها، فيما فشل في التصدي لمسيرات أم روابة و تندلتي حيث سقطت في مستودعات وقود وقيادة الجيش بمدينة تندلتي، بحسب المصدر العسكري
وبحسب شهود عيان بمدينة مروي، فإن الأسلحة التي تصدى بها الجيش لهذه المسيرات مختلفة من ناحية الصوت والذخيرة حيث شوهدت أعيرة نارية متوجهة بشكل متردد أصابت الطائرات دون إصدار أي صوت كما كان يحدث في السابق حيث يسمع صوت المضادات الأرضية من على بعد بضعة كيلو مترات.
وبحسب شهود عيان، فإن الوحدات المتخصصة في قاعدة فلامنجو العسكرية التي استهدفت مرتين بالهجمات، تمكنت من إسقاط جميع المسيرات خلال يوم 8 مايو.
وقال الخبير العسكري والاستراتيجي، معتصم عبدالقادر، لـ«مدى مصر»، إن الهجمات المتكررة لمسيرات «الدعم السريع» لن تعيق خطط الجيش في التقدم وتأمين مناطق كردفان ودارفور غربي السودان، مشيرًا إلى أن عملية فك حصار مدينة الفاشر ومعارك غربي السودان مخطط لها وتسير وفقًا لخطة إعداد وتحريك القوة البشرية وتوفير التموين لهذه القوات في مراحل العمليات كافة.
ولفت إلى أن الجيش كما استطاع أن يحسم معارك الوسط وولاية الخرطوم قرابة العامين، قادر على حسم معارك غربي السودان وهي أسهل من الناحية العسكرية للجيش السوداني من عمليات الوسط التي كانت بها حرب مدن وأكثر تعقيدًا، مؤكدًا أن الجيش الآن أكثر استعدادًا وخبرةً.
ونوه إلى أن الجيش عمل خلال الفترة الماضية على تحييد القوة التمويلية والتموينة لـ«الدعم السريع» عبر استهداف مطار نيالا بالمناطق الحدودية مع ليبيا وتشاد، وكل المناطق التي تتحرك منها قوات الدعم السريع.
جاءت هجمات هذا الأسبوع بعد أن قصف الجيش مطار نيالا الدولي في جنوبي دارفور، وهو المركز العملياتي الوحيد لـ«الدعم السريع» والمزود بتقنيات عسكرية متقدمة، في محاولة لتعطيل خطوط إمداد المجموعة ومركز تنسيقها مع الإمارات. ووفقًا للفرقة السادسة مشاة، فقد استهدف قصف المطار، السبت الماضي، طائرة شحن إماراتية من طراز بوينج، كانت تحمل إمدادات عسكرية وأسلحة وطائرات مسيرة انتحارية واستراتيجية، وأسفرت عن تدمير الطائرة ومقتل وإصابة عدد من الأجانب. كما أفشلت العملية نقل وحدة من «الدعم السريع» إلى الإمارات للتدريب، وقتل 150 من عناصرها.
وكان مصدر رفيع بهيئة أركان الجيش السوداني قال لـ«مدى مصر»، في فبراير الماضي، إن قوات الدعم السريع بدأت في تطوير قاعدة جوية في مطار نيالا ومناطق استراتيجية للشحن في المطار خلال يناير، مؤكدًا أن شركات هندسية تحت إشراف الوحدة الهندسية التابعة لـ«الدعم السريع» وبمساعدة لوجستية من دولة الإمارات أهلت مدرج مطار نيالا، كما شيدت منصات أجهزة تشويش متطورة.
وأوضح عبدالقادر أن تصنيف السودان الإمارات باعتبارها دولة عدوان واتخاذ حق الرد ضدها في أي وقت مسألة مهمة قد تخفف بضغطها من العدوان على السودان، قائلًا: «رغم إنها تصرح الآن بأنها ليست لها علاقة بهذه الهجمات، لكن كل الوثائق المضبوطة ورصد حركة الطيران تبين عكس ذلك وتورطها في إمداد وتشوين ودعم الدعم السريع بالسلاح والمعدات».
وعن احتمالية لجوء السودان إلى عقد اتفاقات عاجلة مع روسيا أو غيرها للحماية من هجمات المسيرات واستهداف المواقع الاستراتيجية والحيوية، قال الخبير العسكري إن هناك تحالفات للسودان علنية وبعضها سرية، ويحصل الجيش السوداني خلال الفترة الأخيرة على كثير من الأسلحة المتقدمة والذخائر وما إلى ذلك ولكن في أحيان كثير تحتم الضرورة عدم إعلان تلك التحالفات.
حرب المُسيرات تمتد إلى النيل الأبيض وشمال كردفان وأم درمان
كان جنوبي السودان أيضًا ساحة لهجمات المسيرات يوم الخميس الماضي، حيث أفاد شهود عيان لـ«مدى مصر» بسماع دوي انفجارات ضخمة ومشاهدة تصاعد أعمدة الدخان في الجهة الجنوبية من مدينة كوستي جراء استهداف مسيرات مستودعات وقود، فيما أفاد مصدر ميداني آخر أن الهجوم شنته ثلاث مسيرات انتحارية، لافتًا إلى تزامن تلك الهجمات مع أخرى على مواقع للجيش السوداني في مدينة تندلتي غرب كوستي أسفرت عن مقتل وإصابة عدد الجنود.
أما في مدينة أم روابة بولاية شمال كردفان، فقال مصدر محلي لـ«مدى مصر»، إن مسيرات «الدعم السريع» قصفت ارتكازًا للجيش في مدخل المدينة كما حاولت استهداف محولات الكهرباء ومواقع عسكرية أخرى لكن تصدت لها الدفاعات الأرضية.
هجمات المسيرات وصلت إلى مدينة أم درمان غربي العاصمة الخرطوم أيضًا، وفقًا لشبكة أطباء السودان، التي أعلنت مقتل ثلاثة أطفال وإصابة أربعة آخرين إثر استهداف طال منزلاً بالحارة 16 غربي المدينة.
واتهمت الشبكة في بيان لها الخميس الماضي، «الدعم السريع» بالمسؤولية عن الهجوم، مطالبة المجتمع الدولي بالضغط على قوات حميدتي لوقف انتهاكاتها ضد المدنيين وفتح مسارات آمنة للمناطق المحاصرة بإقليمي كردفان ودارفور بجانب التوقف عن استهداف المرافق المدنية.
وقال مصدر ميداني في أم درمان لـ«مدى مصر»، إن الجيش تقدم الخميس حتى تخوم منطقة الكسارات في صالحة كما طهر يوم الأربعاء عددًا من مربعات حي البنك العقاري جنوبي أمدرمان، لافتًا إلى أن الأيام القليلة المقبلة ستشهد عمليات كبيرة لتمشيط آخر بقايا جيوب «الدعم السريع» في الخرطوم.
ميدانيًا، كذلك شهدت مدينة الفاشر غربي السودان هدوءًا نسبيًا الأسبوع الماضي مقارنة مع الأسابيع السابقة، حيث قلت حدة المواجهات المباشر بين الجيش والقوات المساندة له ضد «الدعم السريع» والميليشيات القبلية المتحالفة معها، واقتصرت الاشتباكات على تبادل القصف المدفعي والاستهداف بالمسيرات، حسبما أفاد مصدر ميداني بالمدينة لـ«مدى مصر».
وقال المصدر إن مسيرة تابعة للجيش استهدفت مساء الأربعاء، محطات تشويش وإطلاق طائرات مسيرة في منطقة جقو جقو شرقي الفاشر، الواقعة تحت سيطرة قوات الدعم السريع، مشيرًا إلى أن «الدعم السريع» قصفت مناطق متفرقة شمال المدينة عبر المدفعية الثقيلة، ما أدى إلى سقوط ضحايا وسط المدنيين. وقالت الفرقة السادسة مشاة التابع للجيش في الفاشر إن ثلاثة مدنيين قتلوا وأصيب ثمانية آخرين من بينهم أربع نساء وطفلة جراء قصف «الدعم السريع» للمدينة بقذائف المدفعية الثقيلة.
وفي عطبرة بولاية نهر النيل، قال مصدر ميداني لـ«مدى مصر»، إن عددًا من المسيرات استهدفت نهار الجمعة مستودع سيدون للوقود وسط المدينة، ما أدى إلى سماع صوت انفجارات ضخمة وتصاعد أعمدة الدخان، لافتًا إلى أن الدفاعات الأرضية استطاعت اسقاط إحدى الطائرات الانتحارية التي كانت تستهدف المستودع، فيما نجحت أخرى في إصابة الهدف، لكن دون وقوع إصابات وسط المواطنين أو العاملين في الخزانات، وتدخلت قوات الدفاع المدني لإطفاء الحريق.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

المصري اليوم
منذ 28 دقائق
- المصري اليوم
«القبة الذهبية» خطة ترامب لفرض الهيمنة.. تكلفتها 175 مليار دولار وتعجز أمامها الصواريخ
«قبة ذهبية» بـ175 مليار دولار.. معلومات عن درع الدفاع الصاروخي لحماية أمريكا قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إنه اختار تصميما لدرع الدفاع الصاروخي «القبة الذهبية» التي تبلغ تكلفتها 175 مليار دولا. وأوضح ترامب أنه عين جنرالا من سلاح الفضاء لرئاسة البرنامج الطموح الذي يهدف إلى صد تهديدات الصين وروسيا ضد الولايات المتحدة، بحسب «سكاي نيوز». وأعلن في مؤتمر صحفي في البيت الأبيض، أن الجنرال «مايكل جويتلاين» من سلاح الفضاء الأمريكي سيكون المدير الرئيسي للمشروع، وهو جهد يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه حجر الزاوية في تخطيط ترامب العسكري. وأشار ترامب، إلى أن القبة الذهبية ستحمي بلاده، مضيفًا أن كندا قالت إنها تريد أن تكون جزءا منه. وتهدف القبة الذهبية التي أمر بها ترامب لأول مرة في يناير، إلى إنشاء شبكة من الأقمار الاصطناعية لرصد الصواريخ القادمة وتتبعها وربما اعتراضها. سيستغرق تنفيذ القبة الذهبية سنوات، إذ يواجه البرنامج المثير للجدل تدقيقا سياسيا وغموضا بشأن التمويل. وقال ترامب، إن القبة الذهبية ستكون درعًا لن يتوفر لدى أي بلد آخر، مؤكدًا أنها ستحمي بلاده بنسبة قريبة من 100% من جميع الصواريخ الفرط صوتية.


نافذة على العالم
منذ 29 دقائق
- نافذة على العالم
إقتصاد : ترامب يعلن مشروع "القبة الذهبية" للدفاع الصاروخي بتكلفة 175 مليار دولار
الأربعاء 21 مايو 2025 03:00 صباحاً نافذة على العالم - مباشر: أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اليوم الثلاثاء، عن إطلاق إعلان تاريخي يتعلق بمشروع بناء درع صاروخي متقدم يُطلق عليه اسم "القبة الذهبية"، الذي يهدف إلى حماية الولايات المتحدة من الهجمات الصاروخية، بما في ذلك الصواريخ الباليستية والهجمات الفضائية. وأكد ترامب خلال تصريحات له أن كندا تواصلت مع الولايات المتحدة ورغبت في الانضمام إلى منظومة "القبة الذهبية" للدفاع الصاروخي. وأضاف أن المشروع سيُنفذ خلال فترة تقدر بنحو 3 أعوام؛ ما يعني اكتماله قبل نهاية ولايته الرئاسية المقبلة. وأشار ترامب إلى أنه وعد خلال حملته الانتخابية ببناء درع يحمي سماء البلاد من الهجمات الصاروخية، وأن هذا المشروع سيحقق ذلك الوعد، مضيفاً أن "القبة الذهبية" ستكون قادرة على التعامل مع أي تهديد صاروخي مهما كان مصدره، حتى من الفضاء. كما ذكر ترامب أن الولايات المتحدة ساعدت إسرائيل في بناء منظومة القبة الصاروخية، وأن النظام الأمريكي سيكون الأفضل على الإطلاق، مع تكلفة تقدر بنحو 175 مليار دولار. حمل تطبيق معلومات مباشر الآن ليصلك كل جديد من خلال أبل ستور أو جوجل بلاي للتداول والاستثمار في البورصة المصرية اضغط هنا تابعوا آخر أخبار البورصة والاقتصاد عبر قناتنا على تليجرام لمتابعة قناتنا الرسمية على يوتيوب اضغط هنا لمتابعة آخر أخبار البنوك السعودية.. تابع مباشر بنوك السعودية.. اضغط هنا لمتابعة آخر أخبار البنوك المصرية.. تابع مباشر بنوك مصر.. اضغط هنا ترشيحات "الرميان" يستبعد الاستثمار مجدداً في بنوك سويسرا بعد صفقة "كريدي سويس"


بوابة ماسبيرو
منذ 40 دقائق
- بوابة ماسبيرو
صحافة مصرية: الرئيس: جذب مزيد من الاستثمارات.. وتمكين القطاع الخاص
الأهرام * تحسن مؤشرات الاقتصاد.. الرئيس: جذب مزيد من الاستثمارات.. وتمكين القطاع الخاص.. وتعزيز احتياطات النقد الأجنبى. * مصر ترحب بوقف النار بين الهند وباكستان.. السيسى وشريف يبحثان تعزيز العلاقات الاقتصادية. * مدبولى: 300 مليون يورو صادرات «ضفائر السيارات». * وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية لمشروع مراكز القيادة التعبوى للمنطقة الغربية العسكرية. * البترول: 6% مساهمة قطاع التعدين فى الناتج المحلى. * إلقاء مخلفات الذبح سلوكيات مرفوضة.. الأضحية عبادة.. وحماية البيئة واجبة. * شوادر للخراف ولحوم الأضاحى بالمحافظات. * خلال استقباله رئيس مجلس الشورى السعودى.. مدبولى: نتطلع لتفعيل المجلس الأعلى التنسيقى المشترك. * فى لقائه مع رؤساء شركات ألمانية الخطيب يستعرض جهود مصر لتحسين مناخ الاستثمار. * فى الاجتماعات السنوية للبنك الإسلامى للتنمية 1.32 مليار دولار تمويلات لتحفيز النمو.. وتمكين القطاع الخاص هدف أساسى. * وزير الدولة للإنتاج الحربي: جذب المزيد من الاستثمارات وعقد شراكات ناجحة. * «الكهرباء» و«البترول» تبحثان خطط الوفاء بمتطلبات الطاقة خلال الصيف. * الاتحاد الأوروبى يعاقب أسطول الظل الروسى ويطالب بإجراء أمريكى ضد موسكو. * أبو الغيط: ضرورة تضافر الجهود لمواجهة التحديات العربية. * تطوير شامل للخدمات بشبرا الخيمة.. محافظ القليوبية: مواقف حضارية ومراكز خدمية ومحطات وسيطة لنقل القمامة. * غسل أموال بـ 170 مليون جنيه من الاتجار بالمخدرات.