
سلام: لا إستقرار من دون إنسحاب إسرائيل الكامل وحصر السلاح بيد الدولة وحدها
وكانت كلمة له أكد فيها أن "البقاع منطقة بقيت، رغم كل العواصف، نموذجًا يحتذى في العيش المشترك والتنوع المتكامل. والبقاع، بتاريخه السياسي وعمقه العربي، من أكثر المناطق اللبنانية التصاقًا بفكرة الدولة، وأشدها تمسكًا بخيار السلم الأهلي. لم يشهد حروبًا أهلية مدمرة كما غيره، ولم ينزلق إلى الفوضى أو التقسيم، بل بقي مساحة للتفاعل الإيجابي بين جميع مكوّنات البلاد التي اختارت أن تكون شريكًا لا خصمًا، وجارًا لا عدوًا. ورغم الحضور الكبير لمختلف القوى السياسية والجماعات الطائفية، بقي التوازن فيه قائمًا، والمشاركة متقدمة على المغالبة. لكن علي، ومن موقع المسؤولية، ان أقر ان البقاع عانى طويلًا من الإهمال الرسمي والتقصير الإنمائي الذي طال كل القطاعات الحيوية، من البنى التحتية، إلى التعليم والصحة والزراعة، وهي عصب الحياة الاقتصادية والاجتماعية في هذه البقعة الغنية بمواردها، الفقيرة بخدماتها. فواقع البقاع المميز، بدل أن يكون محفزًا للدولة لدعم المنطقة وتثبيت حضورها فيها، تحول ـ ويا للأسف ـ إلى حجة للتغاضي عنها، وكأن "الهدوء" الذي نعم به صار عذرًا للإهمال، لا دافعًا للتنمية".
وأشار إلى أنه "على مدى عقود، وخصوصًا بعد الحرب الأهلية، لم تنل المنطقة ما تستحقه من المشاريع، وظلت محرومة من فرص الإنماء المتوازن، ما خلق حالة من الإحباط لدى العديد من أهلها، خصوصًا الشباب الذين وجدوا أنفسهم أمام خيارين أحلاهما مر: الهجرة أو البطالة. وانا أقول مع الأخوة نواب المنطقة أن البقاع لا يطلب الصدقة من أحد، بل يريد فقط أن يأخذ حقه الطبيعي من التنمية، على قاعدة تكافؤ الفرص، فهذه المنطقة تمتلك كل مقومات النجاح: أرض خصبة، موقع استراتيجي في وسط الوطن، كثافة سكانية منتجة، وموارد مائية وزراعية، فضلًا عن غنى تراثي وتنوع طبيعي يمكن أن يشكل قاعدة للسياحة الثقافية والبيئية والدينية، بقدر ما يكون رافعة للاقتصاد الزراعي والصناعي، إذا ما أُحسن التخطيط، وأبعدت المشاريع فيه عن دائرة المحاصصة الطائفية والسياسية".
وقال: "صحيح أن الدولة ليست مجرد سلطة مركزية فقط، بقدر ما هي عقد اجتماعي بين المواطنين ومؤسساتهم. ولكن الأصح أيضًا أن لا دولة بلا سيادة. ومعنى السيادة ان تكون الدولة قادرة أن تفرض سلطتها على كامل أراضي الوطن بقواها الذاتية حصرًا، كما نص عليه اتفاق الطائف. وكذلك تقتضي السيادة ان يكون قرار الحرب والسلم بيد الدولة وحدها. لقد أثبتت التجارب المريرة أن الدولة هي الملاذ الأول والأخير للبنانيين، لكل اللبنانيين، بكل ألوانهم الطائفية والسياسية والحزبية، وأن إتفاق الطائف الذي أنهى الحرب المدمرة، ووضع أسس دولة المؤسسات والقانون، يعتبر أمانة وطنية يجب إيصالها للأجيال الصاعدة حتى تنعم بدولة المواطنة القائمة على المساواة والكفاءة، بعيدًا عن الحسابات المذهبية، ونفوذ الزبائنية السياسية. من هنا، يأتي وضع حجر الأساس لهذا المجمع الإسلامي كرسالة بالغة الدلالة، في توقيتها ومضمونها. فهو يشكل مساحة روحية ووطنية لأنه يحتضن فكر الاعتدال والانفتاح، وهو ما جعل أن اهل السنة في لبنان هم في طليعة المتمسكين بخيار الدولة، وانهم بقوا على ثباتهم الأصيل في التطلع إلى إقامة الدولة القوية والعادلة. وهذه الدولة لا يمكن ان تكون الا دولة المواطنة الجامعة والمؤسسات الفاعلة، أي الدولة التي ترتكز في بنيانها على الدستور، وعلى اتفاق الطائف الذي كرّس هوية لبنان وانتمائه العربيين، والذي علينا كي تستقيم حياتنا الوطنية ان نستكمل تطبيقه، وان نصحح ما طبق منه خلافًا لنصه او روحه، وان نعالج ما اظهرته الممارسة من ثغرات فيه، وان نسعى الى تطويره كلما تبين لنا ان تغير أحوال الزمن يتطلب ذلك".
ولفت إلى أن "حكومتنا تعمل اليوم على تنفيذ خطوات واضحة لإعادة بناء الدولة، بتفعيل الإدارة، ومحاربة الفساد، والحد من الزبائنية من خلال وضع آلية جديدة للتعيينات الإدارية تقوم على الشفافية والتنافسية والكفاءة. كما عملت على تعزيز استقلال القضاء عبر مشروع القانون الذي أعدته لهذه الغاية، وذلك الى ما تم إنجازه في الملف المالي لجهة قانون رفع السرية المصرفية، ووضع مشروع قانون إعادة هيكلة المصارف الذي يناقش الان في مجلس النواب، وما نعمل عليه بخصوص قانون الفجوة المالية الذي ستجدون فيه أسس وطرق حماية أموال المودعين. غير ان هذه الورشة الإصلاحية، على اهميتها، لا تكفي وحدها لأطلاق عجلة الاقتصاد وجذب الاستثمارات الضرورية، اذ ان ذلك لن يتحقق من دون استقرار في البلاد. وربما سمعني البعض منكم اكرر ان لا استقرار في البلاد من دون انسحاب إسرائيل الكامل من لبنان ووقف اعمالها العدوانية، كما ان لا استقرار دون شعور كل المواطنين بالأمن والأمان أينما كانوا في ربوع الوطن مما يتطلب بدوره حصر السلاح بيد الدولة وحدها".
وقال: "هذا صحيح طبعًا، ولذلك اكرره اليوم. ولكن هذا نصف الحقيقة فقط لان ثبات الاستقرار في البلاد انما يتطلب ايضًا شبكات امان اجتماعي حقيقية تحفظ كرامة المواطنين. وهذا ما اكدت عليه منذ يومين خلال زيارتي لعدد من مراكز وزارة الشؤون الاجتماعية في بيروت"، مشددًا على ان "لا استقرار ايضًا في البلاد دون انماء متوازن في على مساحة الوطن. ولا داعي ان أحاول شرح معنى ذلك اليوم، فأهل البقاع أدرى مني بذلك. وقبل أن أختم، سيما انني في البقاع، فلا بد من وقفة حول العلاقات مع الشقيقة سوريا، ونحن هنا على مرمى حجر من دمشق الحبيبة، ودريان كان أمس في العاصمة السورية، وقابل الرئيس أحمد الشرع، ونحن نبارك هذه المبادرة الطيبة".
ووختم بالقول: "نحن نعتبر أن وجود الحكم الجديد في سوريا هو فرصة تاريخية للبلدين الشقيقين لإعادة بناء العلاقات الأخوية على أسس صحيحة وصحيّة، تراعي مصالح الشعبين، وتقوم على الإحترام المتبادل، وعدم التدخل بشؤون الآخر، إلى جانب العمل على تحديث الإتفاقيات المعقودة بين الدولتين، بما يوفر متطلبات المصالح المشتركة، والمتداخلة في مواقع كثيرة بين لبنان وسوريا. هذه كانت عناوين محادثاتي مع الرئيس الشرع الذي لمست منه كل تفهم للوضع اللبناني، وما يعانيه من حساسيات وعُقَد المرحلة السابقة، وهو أبدى كل استعداد للتعاون لما فيه خير الشعبين السوري واللبناني. وأخيرًا، مبروك لنا جميعًا، وبالاخص لاهلنا في البقاع هذا الصرح الإسلامي الجديد، ومبارك كل من يعمل لرفع راية الوطن عاليًا".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الميادين
منذ 2 ساعات
- الميادين
غضب شعبي بعد تحطّم "تمثال الشهداء" في حلب: لا للعبث بتراثنا!
في مدينة تتنفس التاريخ، وتنهض على ذاكرة من حجر، لم يكن مشهد سقوط تمثال الشهداء مجرد حدث عابر، بل لحظة صادمة فتحت أبواب الأسئلة أمام الذاكرة الجمعية للشارع الحلبي. ارتفعت موجات الغضب لدى سكان مدينة حلب على مواقع التواصل الاجتماعي بعد مشاهد صادمة صورتها كاميرات الهواتف، تظهر تحطم تمثال الشهداء الذي يتوسط ساحة سعد الله الجابري في مركز المدينة أثناء نقله. وقد شكل هذا الحدث صدمة لعدد من الحلبيين الذين اعتبروه سقوطاً رمزياً لمعلم ظل ثابتاً في قلب المدينة لعقود. فالتمثال يعد شاهداً على تقلبات المدينة لأكثر من نصف قرن، وهو بحساب الأجيال من عمر أجداد الخمسينات والستينات من أبناء المدينة، والذين شهدوا فترات ما بعد الاستقلال والنكسة وبدايات تشكل الهوية الوطنية في سوريا. فماذا حدث؟ وهل تمت عملية نقله بطريقة مسؤولة؟ وهل البيان الرسمي كاف لطمأنة الأهالي واستعادة ثقتهم؟ شيّد تمثال الشهداء أيام الاستقلال السوري من الاستعمار الفرنسي ليعبّر عن وفاء المدينة لتضحيات أبنائها الشهداء الذين قدموا أرواحهم في سبيل تحرير البلاد واستقلالها، ومنحه موقعه في أشهر الساحات التاريخية للمدينة بعداً راسخاً في الذاكرة الحلبية، جعله يتجاوز قيمته المادية إلى حضور رمزي عميق. وارتبط التمثال في وجدان الحلبيين بمكان الطفولة في أيام الزمن الجميل ونزهات العائلة. وبالنسبة للكثيرين تعد ساحة سعد الله الجابري المرتبطة بالتمثال صلة وصل بين أطراف المدينة، يقصدها معظم السكان بشكل يومي، الأمر الذي جعل تمثال الشهداء واحداً من أهم المعالم التي تشكل الهوية البصرية لمدينة حلب إلى جانب القلعة والأسواق القديمة. أظهرت مقاطع الفيديو التي أثارت ضجة على مواقع التواصل الاجتماعي عملية نقل تقوم بها مديرية الآثار والمتاحف للتمثال بصورة أدت إلى تحطم جزء كبير منه، وقد تحول هذا الحدث إلى قضية رأي عام اعتبرها البعض "عملية تحطيم مقصودة"، فيما طالب آخرون بفتح تحقيق في الحادثة ومحاسبة المقصرين. أبو عبدو (62 عاماً)، تاجر قديم في المدينة القديمة، قال للميادين نت: "أنا حضرت تركيب هالتمثال من سنين، كبرنا عليه وهو مو مجرد حجر، وقت شفت الفيديو ما صدقت، حسيت حلب عم تنهان حتى لو بدهن يرمموه ما هيك بتنقل التماثيل.. ليش هالعنف والاستخفاف؟!". ونشر محمد ياسين نجار، أستاذ مدرسة، ملاحظاته النقدية حول إزالة التمثال، مفنداً ثلاثة عناصر رئيسية للحدث: "الأسلوب، والمسؤولية، والهوية الثقافية". وقال: "طريقة الإزالة كانت صادمة ومهينة، تم التعامل مع التمثال بشكل غير فني وغير مهني، وكأن الهدف لم يكن الإزالة بحد ذاتها، بل التحطيم المتعمد"، متسائلاً: "هل يُعقل أن يكون هذا هو أسلوب مدينة بحجم حلب تضم أكثر من خمسين ألف مهندس؟". وتصاعدت الأصوات المستنكرة من مختلف شرائح المجتمع الحلبي، كالفنانين والمثقفين والمهندسين الميكانيكيين والمهتمين بالآثار على طريقة نقل التمثال التي أدت إلى سقوطه. على خلفية هذا الحادث وما خلفه من ردود أفعال، أصدرت مديرية الآثار والمتاحف بياناً أوضحت فيه أن الحادثة غير مقصودة، وأن عملية النقل جاءت ضمن إطار خطة إعادة تأهيل الساحة. إلا أن هذا البيان لم يطفئ الغضب الشعبي، ما استدعى بياناً آخر صدر يوم أمس عن محافظ حلب عزام الغريب رفض فيه التبريرات غير المنطقية لطريقة نقل مجسم التمثال، ووعد بمحاسبة الجهات المعنية القائمة على عملية النقل. وقال عزام في هذا السياق: "أؤكد لأهالي حلب أن ما جرى غير مقبول بأي معيار، وأن المسؤولية ستحمل بالكامل للجهة التي نفذت النقل بدون الالتزام بالمعايير الفنية والإنشائية التي تم التأكيد عليها مسبقاً". ورداً على بعض المقاطع المصورة التي نشرها بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي على أنها دليل على وجود خلفية أيديولوجية لتحطيم التمثال، نفى محافظ حلب هذه الاتهامات، مؤكداً أن نقل التمثال كان قراراً إدارياً ضمن خطة تطوير عمراني.


الميادين
منذ 3 ساعات
- الميادين
ماذا يمكن أن نتعلم من حرب فيتنام حول سياسة ترامب في آسيا؟
التحليلية | ماذا يمكن أن نتعلم من حرب فيتنام حول سياسة ترامب في آسيا؟ العنوان الأول: حزب الله مستعد.. السلم أو المواجهة؟ العنوان الثاني: قمة بريكس.. الإصلاح العالمي؟ وثيقة اليوم: في إيران، أدى هجوم "إسرائيل" إلى تحطيم أي ثقة في الغرب حتى بالنسبة لأولئك الذين لا يكنون أي حب للجمهورية. قضية اليوم" ماذا يمكن أن نتعلم من حرب فيتنام حول سياسة ترامب في آسيا؟


الميادين
منذ 3 ساعات
- الميادين
اليمن: مراسل الميادين: الاشتباك بين القوات الجوية اليمنية وطائرات الاحتلال استمر لأكثر من نصف ساعة في أجواء البحر الأحمر
اليمن: مراسل الميادين: الاشتباك بين القوات الجوية اليمنية وطائرات الاحتلال استمر لأكثر من نصف ساعة في أجواء البحر الأحمر