روسيا.. بين تغيير المواقف والسعى لصفقة تحت الطاولة
هذا التحول يطرح تساؤلات عن خلفياته الحقيقية، وما إذا كان يعكس قناعة جديدة، أم مجرد مناورة فى سياق سياسى متغير، داخليًا ودوليًا. من الناحية الجيوسياسية، فإن العالم فى عام 2025 يختلف جذريًا عن المشهد الذى واجهته إدارة ترامب الأولى.اقرأ أيضًا | الاتحاد الأوروبي يفرض حزمة عقوبات جديدة تستهدف 22 بنكًا وعشرات الكيانات الروسيةفروسيا تخوض منذ أكثر من ثلاث سنوات حربًا مكلّفة فى أوكرانيا، أنهكت مواردها، وزعزعت استقرارها الداخلى، وأضعفت موقعها الاقتصادى والدبلوماسى. وعلى الرغم من بعض المكاسب الميدانية التى حققتها موسكو، فإن الغرب بقيادة واشنطن نجح فى فرض عزلة نسبية على روسيا، وزيادة اعتمادها على الصين وإيران.هذا الواقع الجديد فتح شهية إدارة ترامب لاستثمار الضعف الروسى لصالح تعزيز النفوذ الأمريكى، لا سيما فى مناطق النفوذ التقليدية لروسيا مثل أوروبا الشرقية، وآسيا الوسطى، وحتى الشرق الأوسط.ترامب، المعروف بنزعته البراغماتية، لا ينظر إلى روسيا من منظور أيديولوجى بقدر ما يراها من زاوية المصالح والمساومات.وهذا ما يجعل تحوّله الظاهرى قابلًا للفهم إذا ما قُرئ ضمن استراتيجية أوسع لإعادة تشكيل توازن القوى العالمى.ففى ظل صعود الصين كمنافس اقتصادى وعسكرى مباشر للولايات المتحدة، قد يكون الضغط على روسيا وسيلة لتقليص تحالفها المتصاعد مع بكين، أو على الأقل لتفكيك شراكتها الاستراتيجية من هذا المنطلق، فإن اللهجة المتشددة تجاه موسكو قد تخفى وراءها محاولة لتقديم عرض تفاوضى كبير لاحقًا، بحيث يتم فصل روسيا عن الصين مقابل تنازلات استراتيجية فى أوكرانيا أو الطاقة أو الملفات الأمنية فى أوروبا.ولا يمكن فى هذا السياق تجاهل العلاقة الشخصية التى تربط بين ترامب وبوتين، وهى علاقة معقدة اتّسمت خلال السنوات الماضية بمزيج من الإعجاب المتبادل والحذر الشديد. لكن فى الوقت ذاته، لا يمكن إنكار أن هناك تحوّلًا حقيقيًا فى البيئة السياسية التى تحيط بترامب.فاتهامات التواطؤ مع روسيا التى لاحقته فى ولايته الأولى لا تزال عالقة فى ذاكرة الرأى العام، وتجعله اليوم أكثر حرصًا على الظهور بمظهر الزعيم الصارم، القادر على مواجهة الخصوم الكبار، لا التحالف معهم.كما أن الحزب الجمهورى نفسه تغيَّر، فتيار الصقور عاد إلى الواجهة، خاصة بعد أن أثبتت حرب أوكرانيا أن روسيا ليست شريكًا استراتيجيًا، بل خصم يجب تحجيمه.هذا التغيُّر فى التوجه الحزبى، إضافة إلى الضغوط الإعلامية، قد يكونان دافعين أساسيين وراء التبدل فى خطاب ترامب، حتى لو ظل مستعدًا للانفتاح على موسكو إذا توافرت الشروط المناسبة.الجوانب الجيوسياسية لهذا التحول لا تقتصر فقط على أوروبا أو أوكرانيا، بل تمتد إلى مناطق أخرى من العالم ففى الشرق الأوسط، حيث لروسيا حضور عسكرى واستخباراتى فاعل، تسعى إدارة ترامب إلى إعادة رسم خريطة النفوذ من جديد.دعم إسرائيل الكامل، وضبط تمدد إيران، وتحجيم النفوذ الروسى فى سوريا، كلها أهداف تسعى واشنطن إلى تحقيقها ضمن صفقة شاملة تعيد تموضع موسكو.وفى أفريقيا، حيث تسعى روسيا لتعويض خسائرها الأوروبية عبر توسيع نفوذها الأمنى والاقتصادى، تعمل واشنطن على إطلاق مبادرات مضادة، من خلال دعم الحكومات الحليفة، وزيادة الحضور العسكرى غير المباشر.حتى فى ملف الطاقة، الذى كان أحد أوجه التفاهم بين ترامب وبوتين فى السابق، لم تعد هناك أرضية مشتركة واضحة. فمع محاولات روسيا استخدام صادراتها من النفط والغاز كسلاح سياسى، يبدو أن إدارة ترامب الجديدة تتجه إلى دعم إنتاج الطاقة المحلى بأقصى طاقته، وتقوية الشراكة مع دول الخليج كمصدر بديل.أما عن الموقف الروسى من هذا التحول، فقد اتسم بالحذر والترقب، لا بالمواجهة المباشرة ومع ذلك، فإن موسكو تدرك أن ترامب قد يستخدم الورقة الروسية فى صراعه مع الصين، وربما لممارسة الضغط على حلف الناتو أو أوروبا الشرقية.وهذا يضع روسيا أمام معضلة مزدوجة: هل تفتح حوارًا مشروطًا مع إدارة ترامب وتجازف بعلاقاتها مع بكين؟ أم تستمر فى التكتل المناهض للغرب، وتتحمّل الضغوط الأمريكية الجديدة؟ لذا، فإن بوتين يراهن حاليًا على التهدئة الاستراتيجية: لا تصعيد مقابل، ولا تنازلات مجانية، بل بقاء على الحافة، مع الحفاظ على قنوات خلفية للاتصال، بانتظار لحظة مناسبة لعقد صفقة قد تُغيّر قواعد اللعبة.باختصار، فإن تحول ترامب فى موقفه من روسيا ليس وليد قناعة أيديولوجية أو انعطافة أخلاقية، بل هو انعكاس لمعادلة معقدة، تتشابك فيها الجغرافيا مع المصالح، وتُرسم فيها الاستراتيجيات بلغة الصفقات لا المبادئ.أما موقف روسيا، فيتسم بالترقب دون استسلام، والحذر دون قطيعة، فى انتظار ما إذا كانت هذه المرحلة مقدمة لمواجهة مباشرة، أم تمهيدًا لتفاهم خفى قد يظهر لاحقًا على طاولة مفاوضات لا تزال غامضة الاتجاه.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


بوابة الأهرام
منذ 15 دقائق
- بوابة الأهرام
الخارجية الأمريكية: المساعدات الإنسانية في قطاع غزة غير كافية ونعمل على زيادتها
أعلنت الخارجية الأمريكية، أن المساعدات الإنسانية في قطاع غزة غير كافية ونعمل على زيادتها، وذلك وفقًا لما نشره موقع قناة "القاهرة الإخبارية". موضوعات مقترحة وأكدت أن الولايات المتحدة ستعمل على وقف الحرب في قطاع غزة، مضيفًا أن حماس ترفض الإفراج عن المحتجزين في القطاع. وأشارت إلى هناك حاجة لفعل المزيد لإنقاذ سكان غزة، لافتة إلى أن تركيز ترامب ينصب على إنهاء الحرب في غزة ودخول المساعدات الإنسانية. وأوضحت أن مؤسسة غزة الإنسانية تهدف لإبقاء المساعدات بعيدا عن حماس، مضيفًا أن العلاقة بين ترامب ونتنياهو جيدة لكن الموقف الآن متغير كثيرا.


النهار المصرية
منذ 21 دقائق
- النهار المصرية
أسامة شرشر يكتب: المجاعة فى غزة إلى أين؟!
لم يحدث فى تاريخ الإنسانية أو البشرية، حتى فى الحرب العالمية الثانية، أن تعرَّض شعب لأبشع أنواع الإبادة كما حدث للشعب الفلسطينى فى غزة. ولكن الكارثة الكبرى أنه لأول مرة فى التاريخ، أن تكون هناك سياسة ممنهجة لتجويع 2 مليون إنسان، دون أن تتحرك مشاعر العالم العربى أو الإسلامى أو الغربى استجابة لصرخات الأطفال الذين يموتون جوعًا من قلة الدواء والغذاء والمياه، أو النساء اللاتى لم يجدن ما يستطعن أن يُطعمن أبناءهن به، أو الرجال الذين قُتلوا أثناء تتاول كيس من الدقيق، ولكن الأمل بدأ يوم الأحد، عندما أرسلت مصر أول مساعدات إنسانية حقيقية تدخل إلى غزة عبر معبر كرم أبو سالم، بعد شهور من إغلاق الاحتلال الإسرائيلى المعابر من الجانب الفلسطينى، وكأن طاقة الخير جاءت من شعب مصر العظيم لتواسى أبناء غزة والضفة وفلسطين والقدس الحبيبة فى معاناتهم ومأساتهم التى عاشوا فيها شهورًا طويلة. كل هذا يجرى، وجاءت إلينا «حسم» إحدى أدوات الإخوان الإرهابية التى وجدت ضالتها الكبرى، وحاولت أن تشيع أمام العالم أن مصر هى السبب فى منع المساعدات عن أهل غزة، بل الأمرّ من ذلك أنها وافقت على تهجير أهل غزة. هذه العناصر الإجرامية الظلامية أردات أن تستغل هذه الأحداث لبث شائعات وأكاذيب وتضليل باستخدام السوشيال ميديا ووسائل الإعلام الغربية، وللأسف الشديد لم نتخيل لحظة أن بعض الأشقاء سيساهمون فى هذه الحملة الإسرائيلية الأمريكية الصهيونية لمحاولة هدم الأمن والأمان داخل مصر، ولكن مصر كبيرة، وأكبر دولة فى منطقة الشرق الأوسط، وقدرها أن تتعرض لهذه الشائعات، وهذا شىء إيجابى؛ فدائمًا الكبار يُقذفون بالحجارة ولكن الصغار سيظلون صغارًا مدى الحياة، وانفضحت هذه الأكاذيب والمحاولات اليائسة بعدما استطاع رجال الشرطة وأمن الدولة المصرى أن يحبطوا المخطط الإرهابى الإجرامى لمحاولة إحداث البلبلة داخل المجتمع المصرى، فرجال الشرطة المصرية يسهرون الليل وينسقون مع رجال المخابرات العامة لحفظ الأمن الخارجى والداخلى لوقف من يفكر أفرادًا أو جماعات إرهابية ظلامية أو ميليشيات أو دولًا فى الاقتراب من مصر. وفى نفس التوقيت الذى يبذل فيه جهاز المخابرات المصرى العظيم بالتنسيق مع قيادات قطر، جهدًا ضخمًا فى أصعب مفاوضات جرت فى التاريخ، لوقف حرب الإبادة الإسرائيلية بحق شعب غزة، نجد أن بعض المتربصين يرمون الاتهامات يمينًا ويسارًا، والغريب أن هؤلاء الأشخاص بالذات لم يوجهوا اتهامًا واحدًا بحق الكيان الصهيونى المتطرف الذى يقول للعالم سأغير خريطة الشرق الأوسط إلى دويلات فى خطة تم رسمها فى البيت الأبيض بمباركة ترامب، وما يجرى فى سوريا هو أكبر دليل وسيعقبها لبنان والضفة الغربية. كل هذا يجرى بسرعة الصاروخ ونحن كعرب ما زلنا صامتين- بل وبعضنا داعم- لهذا المخطط الإسرائيلى الأمريكى الصهيونى الإخوانى، ووسط هذا النفق المظلم تكون أول إشارة أمل رغم الضباب والفزع والخوف والمجاعة والقتل والإبادة للأطفال والنساء، بإعلان الرئيس ماكرون اعتراف فرنسا بدولة فلسطين فى سبتمبر القادم أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة؛ مما زلزل الكيان الإسرائيلى والأمريكى، وكان الأمر مفاجأة من ماكرون حتى لو كان كلامًا ولن يترجم على الأرض، ولكن ذلك سابقة فى هذا التوقيت تعطى دلالات ومؤشرات أن إحدى الدول الخمس الكبرى فى مجلس الأمن تعترف بفلطسين وأتوقع أن يعقبها إنجلترا وألمانيا والصين وروسيا وكثير من دول العالم. فهذا التصريح يمثل زلزالًا سياسيًّا أفقد النتنياهو توازنه وأعلن أن ماكرون يدعم حماس والإرهابيين فى غزة، وها هو المخطط ينكشف لحظة بعد لحظة.. ألا يفيق العرب ويسيرون خلف مصر التى أعلنت أن هناك خطة لإعادة إعمار غزة بعقول وأفكار وسواعد مصرية؟ بدلًا من الخيمة الكبيرة التى أرادوا أن ينصبوها فى رفح الفلسطينية لتكون مسمارًا على الحدود مع مصر كما يجرى العمل فى الضفة الغربية لتكون مسمارًا آخر مع الأردن. وها هى الرؤية المصرية تسير فى اتجاهها الوطنى الذى تحملت من أجله دماء أبناء القوات المسلحة المصرية، فمصر دفعت الثمن غاليًا رغم أكاذيب المغرضين والأقزام الذين حاولوا ويحاولون وسيحاولون أن يقللوا من دور مصر من خلال الشائعات والأكاذيب، ولكن الجيش المصرى جاهز ومستعد لأى تغيرات ومتغيرات، وستكون مواجهة لم يشهدها التاريخ من قبل، فالجيش المصرى يحظى بدعم 120 مليون مصرى، يباركون خطواته. ودعونا لا ننسى دور الخارجية المصرية من خلال وزيرها المكوكى بدر عبد العاطى ورجال الخارجية المصرية فى كل سفارات العالم المتيقظين لكل الدعوات المشبوهة ضد سفاراتنا فى الخارج، فهم يعملون على وأد هذه الأكاذيب والدعوات المشبوهة ونجحوا واستطاعوا أن يشرحوا للعالم أفعالًا وليس أقوالًا ما تقوم به مصر من دعم لشعب غزة الأبية، وها هى المساعدات الغذائية المصرية تدخل غزة، نتيجة تحرك المجتمع الدولى لأول مرة، حتى إن منظمة الأونروا قالت إن مصر والأردن، دول الجوار مع فلسطين، جاهزتان لإدخال المساعدات الطبية والغذائية والدوائية والوقود لكن إسرائيل مدعومة بأمريكا تعرقل دخول مساعدات مصر، خاصة أنهم يحاولون تصوير مصر أمام العالم أنها سبب عدم دخول المساعدات، ولكن سفير مصر فى الأمم المتحدة استطاع أن يكشف ويفند هذه الأكاذيب أمام مجلس الأمن، فالعالم يحترم دائمًا صوت مصر وقرارها؛ لأن مصر تدعم الآخرين وليس لها أطماع فى الأرض أو غيرها، لأن قدرها أن موقعها الجغرافى وتاريخها وعلماءها وأزهرها وكنيستها الوطنية ينشرون السلام فى ربوع العالم. يا سادة، مصر دولة كبيرة جدًّا جدًّا.. فمن أراد أن يتعلم الدرس فليقترب منها ومن جيشها وشعبها، وستكون المواجهة خير دليل على أن هذا الوطن العظيم له سيف ودرع قادران على حمايته من أى عدو، وله شعب يفدى وطنه بروحه. فلذلك نحذر من يحاول أن يحيك المؤامرات ضد مصر عليه أن يفيق.. التاريخ لن يرحم أحدًا والأجيال المصرية القادمة لن تغفر له. ولا أملك إلا أن أقول فى النهاية: (ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين) فأهلها فى رباط إلى يوم الدين.

يمرس
منذ 33 دقائق
- يمرس
نيوزويك : مشاهد طاقم سفينة اتيرنيتي تصيب واشنطن وتل ابيب بالارتباك
وبحسب المجلة، فإن الفيديو الذي بثه الإعلام الحربي اليمني ، أظهر بحارة من الجنسية الفلبينية وهم تحت سيطرة القوات اليمنية ، في حين أكدت وزارة العمالة الفلبينية أن 16 من رعاياها مفقودون منذ العملية. وتظهر المشاهد أحد أفراد الطاقم وهو يُسأل عما إذا كان يعلم بأن السفينة كانت متجهة إلى ميناء "إيلات" المحتل، فيرد بأنها كانت تحمل شحنة سماد إلى الصين مرورًا بفلسطين المحتلة ، ما اعتبره اليمنيون خرقًا صارخًا للحظر البحري المفروض على السفن المتعاملة مع الاحتلال. التقرير أشار إلى أن هذه العملية جاءت بعد أيام من استهداف السفينة Magic Seas، لتؤكد صنعا، حسب تعبير نيوزويك، "استعراضًا غير مسبوق للقوة"، رغم الغارات الأميركية التي أمر بها الرئيس دونالد ترامب في مارس الماضي، حين تعهد ب"إبادة" الحوثيين و"إعادة حرية الملاحة" إلى البحر الأحمر. وتضيف المجلة أن التحقيقات الأولية التي أجرتها مانيلا كشفت عن خرق السفينة للبروتوكولات البحرية، حيث عبرت مرتين عبر البحر الأحمر رغم الحظر الفلبيني على انضمام البحارة إلى السفن المتجهة نحو تلك المنطقة. كما أكدت مصادر إعلامية فلبينية للمجلة أن قبطان السفينة كان قد أمر بإيقاف جميع أجهزة الاتصال بالأقمار الصناعية قبل الاقتراب من ميناء إيلات، ما اعتبره اليمنيون دليلًا على نية التهرب من المراقبة. وكانت القوات المسلحة اليمنية قد أعلنت في وقت سابق أن الملاحة البحرية "آمنة لكل من لا يرتبط بالكيان الصهيوني أو لا ينتهك الحصار المفروض على غزة"، مؤكدة أن العمليات ستتواصل ما دام العدوان مستمرًا. واختتمت المجلة تقريرها بالإشارة إلى أن انشغال ترامب بملفات دولية كبرى – بينها أوكرانيا واتفاقات تجارية مع الصين – قد يُعقّد قرار المواجهة المباشرة مع اليمن ، خاصة في ظل فشل الحملة السابقة، وارتفاع كلفة أي تصعيد في منطقة لم تعد واشنطن تتحكم بمجرياتها كما كانت تفعل سابقًا.