
حين يتحوّل التدمير إلى خطة، والجرافة إلى مقدس
مدينة رفح محيت فعلياً عن الخريطة، وأجزاء واسعة من خان يونس وشمال غزة لاقت المصير ذاته. أكثر من 1.3 مليون فلسطيني باتوا بلا مأوى، وتقارير الأمم المتحدة تتحدث عن 50 مليون طن من الركام في قطاع غزة، لتتّضح النية الإسرائيلية في تدمير شبه شامل لغزة.
فما الذي يفسّر هذا العنف التدميري الذي يتخطّى الحاجة الأمنية، ويغدو سلوكاً متكرّراً واحتفالياً في آنٍ؟
هناك ثلاثة أبعاد في مجموعها وتكاملها، نستطيع فهم وإدراك الأسباب الحقيقية من وراء سحق غزة وتدميرها:
أولاً: البعد العسكري
تسعى 'إسرائيل' لتبرير سياسة الهدم عبر الذريعة الأمنية: 'تدمير البنية التحتية العسكرية لحماس'. ويُقصد بذلك تفكيك الأنفاق، وهدم البيوت التي يُشتبه بأنها تحتوي مخازن سلاح أو تُستخدم كمراكز قيادة. هذه الذريعة تتكرّر في الخطاب الرسمي، وتُستخدم لتبرير قصف عشوائي أو مركّز على مناطق مدنية.
لكنّ هذه الحجة تنهار أمام وقائع عديدة:
كمّ البيوت المهدّمة وتنوّع المناطق المستهدفة لا يتناسب مع أهداف تكتيكية.
الطريقة التي يتم بها الهدم (تفجيرٌ كامل، تسوية بالأرض، ترك الكاميرات توثّق المشهد) تُحيل إلى غريزة تدمير لا وظيفة لها عسكرياً.
التوثيقات البصرية لجنودٍ يرقصون بعد التفجير، أو يتلون صلوات توراتية قبل تسوية بيتٍ بالأرض، تشير إلى دوافع تتجاوز البعد الأمني.
إذاً، الهدم ليس مجرد ضرورة عسكرية. فما الدوافع الأعمق.
ثانياً: البعد الاقتصادي
رغم أن المبرر العسكري هو الغطاء الرسمي لعمليات الهدم، فإن البعد الاقتصادي لا يمكن تجاهله كعامل مؤثر في تعميق هذه الظاهرة. كما أشار الصحافي الإسرائيلي أوديد شالوم في مقاله المنشور في صحيفة 'يديعوت أحرونوت' بتاريخ 23 تموز/يوليو 2025، تتحوّل عمليات الهدم إلى مشروع اقتصادي واسع تشارك فيه شركات خاصة مرتبطة مباشرة بوزارة الدفاع الإسرائيلية، وتشغّل سائقي جرافات يتقاضون أجوراً تتراوح بين 2,500 و5,000 شيكل يومياً. كما أظهر التقرير أن بعض المشغلين يحققون أرباحاً صافية تصل إلى 30 ألف شيكل شهرياً.
هدم آلاف المنازل وتحويله إلى 'مشروع اقتصادي' يضمن استمرار دوران عجلة التدمير ويخفف العبء المالي واللوجستي عن 'الجيش'، كما يشجع على التوسع في نطاق الهدم من دون توقف. فالربحية التي تحققها شركات المقاولات والأشخاص العاملون في تشغيل المعدات تدفع إلى استمرار هذه العمليات وتكثيفها.
وبالتالي، يصبح الهدم ليس فقط وسيلة عسكرية بحتة بل نشاطاً اقتصادياً له مصالحه الخاصة، حيث يتم تجنيد القوى المدنية للمساهمة في عملية التدمير، ما يعزز من قدرة 'الجيش' على تنفيذ خططه الواسعة من دون قيود مالية أو لوجستية.
ثالثاً: البعد الديني 'التوراتي'
في الرواية الدينية الصهيونية، تشكّل غزة جزءاً من أرض 'اليشوع' التي يُفترض أن تُطهَّر من الغرباء. ويستند هذا الفهم إلى نصوصٍ توراتية حول 'المدن الفلسطينية الخمس' (غزة، أشدود، عسقلان، جت، وعقرون) والتي أُعطيت لبني إسرائيل بقيادة يشوع بن نون.
هذه الرؤية يُعاد تفعيلها في كل مواجهة، وتبرز في خطاب الحاخامات والجنود المتدينين:
حاخام مستوطنة 'يتسهار' وصف غزة بأنها 'المدينة التي يجب أن تُمحى عن وجه الأرض لأن الرب أمر يشوع بذلك ولم يُكمل المهمة'.
حاخامات 'كريات أربع' أصدروا فتاوى ترى في كل بيتٍ في غزة 'ملكية مغتصبة' يجب تدميرها كي تُطهّر الأرض.
بل وتجاوز الخطاب ذلك إلى وصف 'تدمير غزة' بأنه شرطٌ ضروري لـ'تسريع الخلاص الميسّياني'.
وبالتالي، لا يُنظر إلى غزة كتهديد أمني فحسب، بل كـ'نجاسة قومية' يجب محوها، رمزاً وتاريخاً ووجوداً.
اللافت أن العديد من سائقِي جرافات الـD9 (وهي الجرافات التي تُستخدم في تفجير وتدمير المنازل) ينتمون إلى التيار الصهيوني الديني، بعضهم يروّج لهدم غزة كـ'عملٍ تعبّدي'، ويربط بين قيادة الجرافة وتلاوة التوراة.
ومن أبرز الأمثلة:
'أوفير زرابييف'، جندي احتياط، وحاخام من التيار الصهيوني الاستيطاني، تطوع لقيادة D9، اشتهر بتدمير المباني في رفح بينما يتلو التوراة بصوتٍ عالٍ عبر مكبر الصوت. انتشرت فيديوهاته بشكل واسع، حتى إن نتنياهو نفسه زاره في رفح وأشاد به واصفاً إياه بـ'بطل إسرائيل الجديد'.
يعمل زرابييف ضمن شبكة غير رسمية تتكوّن من مجموعات دينية متطرفة تنشط في يتسهار، كريات أربع، وبؤر في الضفة الغربية، تقوم بتشجيع الشبان المتدينين على التجنّد في وحدات 'الهندسة القتالية'، وتحديداً كسائقي جرافات، بهدف 'تنفيذ الشريعة على أعداء الرب'، على غرار 'شبيبة التلال' الإرهابية في الضفة الغربية.
وبذلك، حوّلت الصهيونية الدينية الجرافة (D9) من أداة عسكرية إلى رمزٍ ديني: آلة لتطبيق النبوءة.
فمنذ انسحاب 2005، تحوّلت غزة في المخيال الصهيوني إلى رمزٍ للندم القومي. إذ يراها التيار الديني بمختلف مشاربه على أنها 'الأرض التي فُقدت بسبب ضعف القيادة'، وأن استعادتها الكاملة -بما فيها تدمير عمرانها وسكانها– شرطٌ لبناء 'الهيكل الثالث'.
لذلك، فإن تدمير غزة يُقدَّم ضمنياً كـ:
*. تكفيرٍ عن خطيئة الانسحاب.
*. تمهيدٍ لاستعادة السيطرة الكاملة، ومنع قيام أي كيان سياسي فلسطيني.
*. إعلان عن العودة إلى الجذور التوراتية للدولة.
إن مشهد الدمار، من منظورهم، هو بالضبط 'مشهد الولادة الجديدة لإسرائيل الحقيقية'، وليس مجرد عملية حربية.
الأمر الذي يفسر مشاهد الرقص على أنقاض البيوت، أو الضحك عند تفجير مسجد، أو تصوير الجنود وهم يرقصون ويغنّون 'أُمرنا بمحو عماليق'، لأن الذهنية العقائدية المتجذّرة، لا ترى في الفلسطيني خصماً عسكرياً بل 'عدواً دينياً'، وتحوّلت الحرب إلى طقسٍ ديني، لا إلى مواجهة بين جيشَين، وبالتالي فقدان للحدود الأخلاقية، لأن تدمير العدو في هذه الحالة 'عبادة'، لا جريمة.
هذا التداخل بين الهدم والعبادة هو جوهر الفهم الديني لهدم غزة، وهو ما يجعل الحرب الحالية تختلف عن الحروب السابقة: إنها ليست فقط حرباً لإسكات المقاومة، بل هي 'حربُ تطهيرٍ لاهوتي' في نظر العديد من الجنود والمحرّضين.
إن ما يجري في غزة من هدم وتفجير وتسويةٍ للأحياء السكنية ليس استثناءً ظرفياً، ولا خطأ في تقديرٍ عسكري، بل هو سياسة مُمنهجة تتغذّى على رؤيةٍ دينيةٍ توراتية، وتُنفَّذ بأدواتٍ عسكرية يُعاد تعريفها كمقدّسات، وبذلك يتحوّل تدمير غزة إلى فعلٍ طبيعي، بل إلى لحظة 'إشراق روحي' في المخيال الإسرائيلي الديني.
تمضي 'إسرائيل' بكل أذرعها—الدينية والعسكرية والاقتصادية— في مشروعها ضد غزة، مشروع في كل ساعة يقضم العمران في غزة ويقتل السكان، ويحوّل غزة إلى فراغٍ لا يهدد الرواية الصهيونية ولا يذكّر العالم بجرائمه.
ومع الأسف، الوقت يلعب لمصلحة الإسرائيلي في ظل غياب رادع دولي وعربي، وتواطؤ الولايات المتحدة الأميركية وشراكتها معها، لذا إن أعظم انتصار يمكن أن يُنتزع من بين أنياب هذا المشروع التدميري، هو أن يبقى الفلسطيني في غزة.
كل تنازل سياسي يمكن ترميمه، وكل مكسب يمكن تعويضه، إلا التهجير؛ فهو استسلام تاريخي كامل. وعلى الجميع أن يدرك أن وقف الحرب – بأي ثمن – هو الواجب الأول، لأن بقاء الناس هو هزيمة استراتيجية للمخطط الصهيوني ذاته، ولأن المعركة اليوم لم تعد على شروط اليوم التالي، بل على من سيبقى ليشهد اليوم التالي. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ حسن لافي

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


اليمن الآن
منذ 3 ساعات
- اليمن الآن
تحذيرات دولية لإسرائيل من عواقب احتلال غزة ودعوات لوقف فوري للخطة
أثار قرار إسرائيل بتوسيع عملياتها العسكرية في غزة ردود فعل دولية واسعة النطاق، حيث حذرت جهات عديدة من خطورة هذه الخطوة وتداعياتها الإنسانية والقانونية. فقد أعرب رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، عن قلقه العميق إزاء القرار الإسرائيلي، مؤكداً أنه سيؤثر على العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، مشيراً إلى أن المجلس سيقوم بتقييم هذا القرار، وذلك وفقا لتصريحاته على منصة إكس. من جهتها، دعت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، الحكومة الإسرائيلية إلى إعادة النظر في خططها، وشددت على ضرورة إطلاق سراح الرهائن المحتجزين والسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى غزة دون عوائق، مطالبة بوقف فوري لإطلاق النار. الأمم المتحدة أيضاً أعربت عن قلقها البالغ إزاء الخطة الإسرائيلية، ودعت إلى إنهائها فوراً، حيث أكدت المتحدثة باسم المنظمة، أليساندرا فيلوتشي، على ضرورة إنهاء الحرب والتصدي لتصعيد الصراع. وأكد المفوض السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، أن الخطة الإسرائيلية تخالف قرار محكمة العدل الدولية بشأن إنهاء الاحتلال وتحقيق حل الدولتين، محذراً من أنها ستؤدي إلى نزوح قسري وقتل ومعاناة وتدمير واسع النطاق. إلى ذلك، أدانت تركيا بشدة قرار إسرائيل، ودعت وزارة الخارجية التركية إلى وقف فوري للخطط الحربية والموافقة على وقف إطلاق النار وبدء مفاوضات حل الدولتين، وحثت المجتمع الدولي على تحمل مسؤولياته لمنع تهجير الفلسطينيين قسراً. وتبدأ الخطة الإسرائيلية، وفقاً لهيئة البث الإسرائيلية الرسمية، بتهجير سكان مدينة غزة نحو الجنوب، يليه تطويق المدينة وتنفيذ عمليات توغل إضافية في المراكز السكنية، وذلك بهدف السيطرة على مناطق وسط القطاع ومدينة غزة. اخبار متعلقة


اليمن الآن
منذ 6 ساعات
- اليمن الآن
غطاء أم التفاف.. لماذا أنشأ الحو. ثيـ،ون هيئة جديدة لإدارة موانئ الحديدة؟
أنشأت ميليشيا الحوثي هيئة جديدة لإدارة ميناءي الصليف ورأس عيسى في محافظة الحديدة؛ ما أثار مخاوف من استخدام واجهات مدنية للتغطية على أنشطة حربية والتمويه والالتفاف على العقوبات الأمريكية. وفي هذا الصدد، قال وكيل وزارة الإعلام لدى الحكومة الشرعية، أسامة الشرمي، في تصريحات لـ"إرم نيوز" إن ميليشيا الحوثي تريد استثمار أعمالها الإرهابية، كمورد دائم للجبايات في ممرات الملاحة الدولية. وأنشأ الحوثيون السبت الماضي، "الهيئة العامة لإدارة المنطقة الاقتصادية والتنموية بالصليف ورأس عيسى" في محافظة الحديدة الإستراتيجية، وفق قرار رئيس "المجلس السياسي الأعلى" التابع للميليشيا، مهدي المشاط. ورغم عدم إشارة القرار إلى أيّ تفاصيل بشأن الهيئة الجديدة، وطبيعة دورها وصلاحياتها، فإنه يشمل ميناءين مهمين في محافظة الحديدة الساحلية، على مقربة من خطوط الملاحة الدولية في مياه البحر الأحمر؛ ما قد يجعله قرارًا محوريًّا في أي حسابات عسكرية أو تجارية. استثمار الهجمات وأكد الشرمي، أن ميليشيا الحوثي تحاول استثمار أعمالها الإرهابية التي قامت بها خلال المرحلة الماضية، "من خلال تحويلها إلى مورد دائم للجبايات التي تفرضها على ممرات الملاحة الدولية في البحر الأحمر، عبر نهب السفن وفرض رسوم مقابل مرورها بسلام، وذلك بحجة إدارة المنطقة الاقتصادية". وقال إن الحوثيين يسعون للاستفادة من ذلك كمورد اقتصادي طويل الأمد، حتى بعد انتهاء العمليات في قطاع غزة، خصوصًا مع اقتراب جهود المجتمع الدولي من إنجاز اتفاق للتهدئة أو إنهاء الحرب فيها. وأشار الشرمي إلى أنه لم يعد لدى الميليشيا ما تهدد به المجتمع الدولي، في ظل تزايد عمليات ضبط شحنات الأسلحة المهرّبة القادمة إليها من إيران، وحجم الخسائر التي أوقعتها الغارات الأمريكية في قدراتها العسكرية خلال الفترة الماضية. وشدد على أن هذا "الأمر الذي يجعلها تحاول الاستعانة بالاتفاقيات الدولية التي هي ليست جزءًا منها، ولا يحق لها تحت أي ظرف من الظروف أن تتخذها مستندًا قانونيًّا لصالحها". وذكر المسؤول اليمني، أن قرار إنشاء الهيئة الجديدة، "يدخل في اشتباك واضح مع اتفاق ستوكهولم الذي ترعاه الأمم المتحدة، والذي ينص على إدارة مدنية لموانئ الحديدة، ويمنع ميليشيا الحوثي من التدخل فيها وفي مواردها". غطاء اقتصادي ورأى خبير الشؤون العسكرية والإستراتيجية، الدكتور علي الذهب، من جهته، أن قرار الحوثيين إنشاء هيئة لإدارة المنطقة الاقتصادية بالصليف ورأس عيسى بالحديدة، "قد يمثّل غطاءً اقتصاديًّا عنوانه مدني لنشاط عسكري، وبالتالي أيّ استهداف له قد يَلقى استهجانًا دوليًّا وإقليميًّا، ويمكّن الحوثيين من حجة المرافعة بشأنه، ومحاولة المعاملة بالمثل". ولا يستبعد الذهب في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن يكون الأمر مجرد ادعاء إعلامي "بهدف التفاخر، لأن الحوثيين لا يملكون في سياق الإنجاز الاقتصادي والتجاري والاجتماعي ما يعود بمردود على المجتمع في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، ولذلك يصدرون عناوين فضفاضة لمشاريع وقوانين وانتصارات وهمية". وأشار إلى سيناريو تجاري، يحاول الحوثيون من خلاله استقطاب الشركات الأجنبية من غير الأمريكية أو البريطانية. وبحسبه فإن هذا الجانب "يأتي في إطار التنافس، لكن لا أعتقد أن أيّ شركة أجنبية، آسيوية مثلًا أو شرق آسيوية أو غيرهما، يمكنها أن تغامر بالاستثمار في بيئة حرب مستمرة". تحايل على الضغوط في المقابل، ذكر الخبير الاقتصادي، محمد الجماعي، أن القرار لا يمكن فصله عن المسار المتراكم لدى الحوثيين، المتمثل في إعادة بناء واجهة منفصلة عن مؤسسات الدولة؛ إذ تحرص الميليشيا منذ أول أيام انقلابها على خلق مؤسسات بديلة. وقال الجماعي لـ"إرم نيوز"، إن توجه الحوثيين، يأتي متزامنًا هذه المرة مع حاجتهم لمواجهة الضغوط الدولية من خلال التمويه والالتفاف على العقوبات الأمريكية المفروضة مؤخرًا، على شبكات حوثية إيرانية لتهريب النفط وتمويل الميليشيا عبر موانئ الحديدة، "ما يعني أنها مجرد محاولة لخلق مظلة أو مسميات جديدة للتعامل الخارجي". وأوضح أن الميليشيا "تسعى إلى فرض أمر واقع من خلال إيجاد مجال حيوي آخر، وقد تقوم بنقل مركز الثقل التجاري من ميناء الحديدة الذي أصبحت السفن الواردة إليه، خاضعة لإجراءات مشددة من قبل آلية التفتيش الأممي، بعد عمليات القرصنة الحوثية الأخيرة". وأكد أن مصير الهيئة الجديدة هو الفشل، "لأنه ما من جهة رسمية يمكن أن ينطلي عليها ذلك، فالجميع تحت رقابة أمريكا والمجتمع الدولي، إلا إنْ كانت واشنطن خلف خطوة الحوثيين هذه".


اليمن الآن
منذ 13 ساعات
- اليمن الآن
الخرطوم تعلن مقتل 40 مرتزقاً كولومبياً بتحطم طائرة إماراتية.. وأبوظبي ترد
أعلن التلفزيون الرسمي السوداني، أنّ الجيش دمّر "طائرة إماراتية تحمل مرتزقة كولومبيين" أثناء هبوطها في مطار يقع غربي البلاد تسيطر عليه قوات الدعم السريع، ما أسفر عن سقوط 40 قتيلاً على الأقلّ، وأوضح أنّ الطائرة أقلعت من إحدى القواعد الجوية في منطقة الخليج وكانت تنقل "شحنات من العتاد والسلاح" إلى قوات الدعم السريع. وأشار التلفزيون إلى أنّ "الغارة الجوية أسفرت عن هلاك ما لا يقل عن 40 مرتزقاً كولومبياً كانوا على متن الطائرة". بدوره، قال مصدر عسكري، طالباً عدم كشف هويته، إنّ الطائرة العسكرية الإماراتية "تعرضت للقصف ودُمّرت بالكامل" في مطار نيالا بدارفور الذي شهد أخيراً غارات جوية متكررة للجيش السوداني في خضمّ حربه المستمرة ضدّ قوات الدعم السريع منذ إبريل/ نيسان 2023. ولم يعلّق الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان ولا قوات الدعم السريع بقيادة حليفه السابق محمد حمدان دقلو على الواقعة. وفي بوغوتا، قال الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو إنّ حكومته تسعى لمعرفة عدد الكولومبيين الذين قضوا في الغارة. وكتب بيترو على منصة إكس للتواصل الاجتماعي "سنرى إن كان بإمكاننا استعادة جثثهم". الإمارات تنفي في المقابل، ندّد مسؤول إماراتي، الخميس، بما اعتبره "ادعاءات زائفة" عن تدمير الجيش السوداني طائرة إماراتية كانت تقل مرتزقة كولومبيين، داعياً الخرطوم إلى تقديم أدلة على ذلك. وقال المسؤول، الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، رداً على سؤال لوكالة فرانس برس: "هذه الادعاءات الباطلة التي تروّجها ما تسمّى سلطة بورتسودان زائفة تماماً وتفتقر إلى أدلة، وهي استمرار لحملة تضليل وتحريف ممنهجة". وأضاف المسؤول الإماراتي: "من اللافت أن تصدر هذه الادعاءات عن أحد طرفي النزاع"، متابعاً في إشارة إلى الجيش السوداني أنه "طرف منخرط مباشرة في الأعمال العدائية، ويملك كل الدوافع لتوجيه السردية بما يخدم مصالحه ومحاولة تقويض مسار السلام والتهرّب من مسؤولياته الأخلاقية والقانونية والإنسانية لإنهاء هذه الحرب الأهلية الكارثية". وفي وقت سابق هذا الأسبوع، اتهم السودان الإمارات باستقدام مرتزقة كولومبيين وتمويلهم للقتال ضد الجيش لحساب قوات الدعم السريع. ودأب الجيش السوداني على اتهام الإمارات بتزويد قوات الدعم السريع بأسلحة، وخصوصاً مسيّرات، عبر مطار نيالا في دارفور، لكنّ أبوظبي نفت بشدة هذا الأمر رغم تقارير عدّة لخبراء في الأمم المتحدة ومنظمات دولية أكّدت هذه المعلومات. وأظهرت صور نشرها معهد الأبحاث الإنسانية التابع لجامعة ييل مسيّرات عدة بعيدة المدى صينية الصنع تنتشر في مطار المدينة. واتهمت الحكومة السودانية المتحالفة مع الجيش الإمارات بتجنيد وتمويل مرتزقة كولومبيين للقتال إلى جانب قوات الدعم السريع، مؤكدة أن لديها وثائق تثبت ذلك. وتعود أول التقارير التي تحدثت عن وجود مقاتلين كولومبيين في دارفور إلى نهاية 2024، وقد أكدها خبراء في الأمم المتحدة. وهذا الأسبوع، أفادت القوات المشتركة، وهي تحالف مسلح في دارفور موال للجيش، بوجود أكثر من ثمانين من المرتزقة الكولومبيين يقاتلون إلى جانب الدعم السريع في مدينة الفاشر، آخر عواصم ولايات دافور التي لا يزال الجيش يسيطر عليها. ولفتت القوات المشتركة إلى أنّ عدداً كبيراً من هؤلاء المرتزقة قُتلوا خلال عمليات لمسيّرات وقصف مدفعي شهده الهجوم الأخير للدعم السريع. بدوره، نشر الجيش السوداني مقاطع مصورة قال إنها تظهر "مرتزقة أجانب يشتبه بأنهم كولومبيون". وفي ديسمبر/ كانون الأول، أورد السودان أن وزارة الخارجية الكولومبية أبدت أسفها حيال "مشاركة بعض مواطنيها في الحرب". وسبق أن شارك مرتزقة كولومبيون، غالباً ما يكونون جنوداً سابقين، في نزاعات عدة في أنحاء العالم، وقد استعانت الإمارات ببعض منهم لتنفيذ عمليات في اليمن والخليج.