logo
بريطانيا تستذكر انتدابها على فلسطين التاريخية، وتضع الفلسطينيين بين 'وعدين'، فما القصة؟

بريطانيا تستذكر انتدابها على فلسطين التاريخية، وتضع الفلسطينيين بين 'وعدين'، فما القصة؟

الأياممنذ 2 أيام
Getty Images
جندي بريطاني يحمل رشاشاً في القدس في 1 مايو/أيار 1948
لا تزال ظلال "وعد بلفور" تخيم على الفلسطينيين وكذلك الحكومة البريطانية، عند إطلاق رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر وعداً مشروطاً، لكنه هذه المرة للفلسطينيين، بعد 77 عاماً على رحيل الانتداب البريطاني عن فلسطين.
في 29 من يوليو/تموز، أعلن ستارمر أن بلاده، التي انتدبت على المنطقة من بينها الأراضي الواقعة بين نهر الأردن والبحر المتوسط، ستعترف رسمياً بـ"دولة فلسطين" في سبتمبر/أيلول، إلا إذا اتّخذت إسرائيل "خطوات حيوية" في غزة، بينها الموافقة على وقف إطلاق النار.
وتالياً تسلسل تاريخي لأبرز محطات الانتداب البريطاني على فلسطين.
"ظلم تاريخي" ووعد لم يُحترم
Getty Images
أحد أفراد الجيش البريطاني ينزل علم بلاده للمرة الأخيرة في 30 يونيو/حزيران 1948 في ميناء حيفا
"تاريخنا يعني بأن بريطانيا يقع على عاتقها عبء خاص من المسؤولية لدعم حل الدولتين"، تصريح لوزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، وكأنه يلمح إلى فترة الانتداب.
وتحدّث
ترى جولي نورمان، الأستاذة المساعدة في العلاقات الدولية في جامعة كولدج لندن، في حديث مع بي بي سي، أن قرار ستارمر بالاعتراف بدولة فلسطينية يستند بالأساس إلى الوضع الراهن، والدمار في قطاع غزة، وتصاعد العنف في الضفة الغربية، وخطط التهجير والضم في المنطقتين.
"لطالما التزمت المملكة المتحدة بحل الدولتين، وهي ترغب في إنقاذ هذا المسار قبل أن يصبح مستحيلاً"، تضيف نورمان المتخصصة في سياسات الشرق الأوسط، لكنها تحدثت عن تاريخ طويل من انخراط بريطانيا في فلسطين التاريخية، يعود إلى أكثر من 100 عام.
ماذا يعني الانتداب؟
Getty Images
قوات الانتداب البريطاني تغادر من ميناء حيفا
يعبّر الانتداب عن تفويض صادر عن عصبة الأمم، لإحدى دول العصبة لحكم دول كانت تحت الحكم الألماني أو العثماني، بشكل مؤقت، وفق الموسوعة البريطانية، وذلك بهدف تطويرها في مختلف الأوجه تمهيداً لحصولها على استقلالها الذاتي.
وبعد نهاية الحرب العالمية الأولى، قُسّمت الانتدابات إلى ثلاث مجموعات بناءً على موقعها ومستوى تطورها السياسي والاقتصادي، ثم خُصّصت لكل دولة من الدول المنتصرة (القوى المُنتَدِبة).
وتألفت الفئة (أ) من مناطق الانتداب من دول كانت تحت حكم الدولة العثمانية، وهي العراق وسوريا ولبنان وفلسطين، وفقاً للموسوعة البريطانية "بريتانيكا".
واعتُبرت هذه الأراضي متقدمة بما يكفي للاعتراف باستقلالها المؤقت، وظلت خاضعة للسيطرة الإدارية للدول المنتدبة حتى أصبحت قادرة على الاستقلال التام، وفق الموسوعة.
وحصلت جميع مناطق الانتداب من الفئة (أ) على استقلالها بحلول عام 1949، عدا "الدولة الفلسطينية".
ما موقع فلسطين من خريطة سايكس-بيكو؟
BBC
خريطة سايكس بيكو السرية الأصلية لعام 1916 وفيها المنطقة (A) مخصصة لفرنسا، والمنطقة (B) مخصصة لبريطانيا
في 1916، عُقدت اتفاقية سايكس-بيكو "السرية" أثناء الحرب العالمية الأولى بين بريطانيا وفرنسا، بهدف تقاسم أراضٍ كانت تحت حكم الدولة العثمانية. واتفق ممثلا الحكومة الفرنسية فرنسوا جورج-بيكو والبريطانية مارك سايكس على وضع فلسطين تحت إدارة دولية من عدة دول بينها بريطانيا وفرنسا، وفق الموسوعة البريطانية.
وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، اجتمع رئيسا الحكومتين الفرنسية جورج كليمنصو والبريطانية ديفيد لويد جورج لتعديل اتفاق سايكس بيكو، وتخلت فرنسا عندئذ عن "فلسطين" ومنطقة الموصل، وفق فرانس برس.
BBC
خريطة توضح مناطق الانتدابات الفرنسية والبريطانية لدول عربية، قبل منح بريطانيا الانتداب على فلسطين
67 كلمة
كانت فلسطين تحت الحكم العثماني حتى عام 1917، حينما دخلها الجيش البريطاني بقيادة الجنرال إدموند ألنبي.
وفي الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني 1917، وجّه وزير الخارجية البريطاني آرثر بلفور إلى أحد زعماء اليهود في بريطانيا والتر روتشيلد رسالة مطبوعة صادقت عليها الحكومة البريطانية، وطلب منه فيها أن يبلغ مضمونها إلى الاتحاد الصهيوني.
ومما قالته الرسالة: "إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين وستبذل قصارى جهدها لتحقيق هذه الغاية".
وتعهّدت الرسالة بعدم "الانتقاص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد آخر".
لم تكن الكلمات الـ67 تعبر عن رسالة عابرة، بل كانت حدثاً غيّر مسار الفلسطينيين واليهود والشرق الأوسط.
BBC
نسخة الرسالة المعروفة بـ"وعد بلفور"
شكّل هذا النص القصير "نصراً كبيراً" لزعيم الصهاينة في المملكة المتحدة حاييم وايزمان الذي أصبح في ما بعد أول رئيس لدولة إسرائيل، وبذل جهوداً كبيرة في اتجاه تحقيق هذا الوعد.
يختلف الفلسطينيون والإسرائيليون في نظرتهم للوعد. فإسرائيل تُشيد به كأحد العوامل التي ساعدت على قيامها عام 1948، وشجع اليهود على الهجرة إليها. لكن بالنسبة للفلسطينيين، ساهم هذا الوعد في مأساة سلب أرضهم، ما أدى إلى ما يُعرف بـ"النكبة الفلسطينية" عام 1948، وتهجير نحو 760 ألف فلسطيني من أرضهم.
وأعرب الفلسطينيون عن معارضتهم للوعد البريطاني في مؤتمر عقد في القدس عام 1919.
في 2021، قالت محكمة فلسطينية إن "وعد بلفور" أدى إلى "حرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه القانونية والسياسية والإنسانية ومنعه من حقه في تقرير مصيره على أرضه".
ترى جولي نورمان في حديث مع بي بي سي، أن وعد بلفور اتسم بالإشكالية في الاعتراف بالحقوق المدنية والدينية للشعب الفلسطيني، بدون حقوقه الوطنية أو السياسية (مع وعده بـ"وطن" للشعب اليهودي).
وترى نورمان أن لامي محق في أن بريطانيا أخفقت في الوفاء بوعدها، وفقاً لتصريح بلفور، في حماية حقوق الفلسطينيين.
Reuters
وعد بلفور أتى بوعد صريح بأنه "لن يؤتى بعمل يضر بالحقوق المدنية والدينية" للشعب الفلسطيني كذلك، وذلك "الوعد لم يُحترم، وهو ظلم تاريخي يتكشف أمامنا باستمرار"
وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي
صك الانتداب
أقر مؤتمر سان ريمو في إيطاليا في 1920، الانتداب الذي يفترض أن يعد للاستقلال وعهد به إلى بريطانيا (فلسطين التاريخية والضفة الشرقية لنهر الأردن والعراق) وفرنسا (سوريا ولبنان).
وفي 1922، وبعد سحق الثورات في فلسطين وسوريا والعراق، صادقت عصبة الأمم على وضع هذه المناطق تحت الانتدابين الفرنسي والبريطاني.
وشكّلت رسالة بلفور الأساس للانتداب البريطاني على فلسطين، الذي وافقت عليه عصبة الأمم في 1922.
وأقرت العصبة "صك الانتداب" الذي تسلمت بموجبه بريطانيا مهمتها في فلسطين لتتولى "مسؤولية أن ترسي في هذا البلد وضعاً سياسياً وإدارياً واقتصادياً من شأنه أن يضمن إقامة وطن قومي للشعب اليهودي"، وفق فرانس برس.
أحداث 1929
اجتاحت فلسطين سنة 1929 في عهد الانتداب البريطاني موجة من الاضطرابات الدامية، وتتضارب الروايات بشأن شرارة الأحداث التي تصاعدت إلى مظاهرات نحو الحائط الغربي ونزاع للوصول إليه.
امتدت الاضطرابات إلى مناطق عدة خارج القدس بينها الخليل، وانخرط فيها عرب ويهود وقوات بريطانية وأدت إلى مقتل 133 يهودياً و 116 عربياً.
سُميت تلك الأحداث بـ"ثورة البراق" أو "أحداث تارباط" نسبة إلى تاريخ اندلاع الاشتباكات حسب التقويم اليهودي.
ويعتبر الحائط الحائط الغربي مقدساً لدى اليهود والمسلمين، إذا يرتبط برواية الإسراء والمعراج في التاريخ الإسلامي، فيما يعده اليهود الأثر الأخير الباقي من هيكل سليمان.
يقع الحائط في الناحية الغربية للحرم الشريف المقدس لدى المسلمين، أو ما يعرف بجبل الهيكل المقدس لدى اليهود أيضاً.
الثورة الفلسطينية الكبرى
Getty Images
جنود بريطانيون مع فلسطينيين خلال الثورة الفلسطينية الكبرى ضد الانتداب البريطاني، في ديسمبر/كانون الأول 1938
في 1921، حدثت اضطرابات في مدينة يافا بين العرب واليهود، واصطدم العرب بالقوات البريطانية وانتقلت الأحداث إلى سائر المدن الفلسطينية، ودامت هذه الاضطرابات حوالي أسبوعين قُتل خلالها من العرب 48 شخصاً، وبلغ عدد قتلى اليهود 47، وفق وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا).
وبادرت الحكومة البريطانية إلى تأليف لجنة للتحقيق في أسباب الاضطرابات.
وفي 1925، زار بلفور القدس للمشاركة في افتتاح الجامعة العبرية، مما أدى لإضراب ومظاهرات فلسطينية.
وعُقد في القدس أول مؤتمر نسائي فلسطيني لرفض الانتداب في 1929.
وفي 1935، قُتل عز الدين القسام الذي كان يُقاتل بجماعته المسلحة ضد الانتداب البريطاني بالقرب من مدينة جنين، وفق وكالة (وفا).
واجه الانتداب البريطاني "الثورة الفلسطينية الكبرى" ما بين 1936 و1939، بعد عوامل عدة أثارت الفلسطينيين بينها تزايد الهجرة اليهودية ومقتل القسام، وتخلل الثورةَ إضرابٌ فلسطينيٌ استمر 183 يوماً، وفق وكالة (وفا).
يقول مؤرخون إن أكثر من 5 آلاف فلسطيني قُتلوا، بينما أصيب نحو 15 ألفاً خلال الثورة، أما القتلى من البريطانيين واليهود فكانوا بالمئات.
الكتاب الأبيض
اضطرت بريطانيا إثر الثورة إلى إعادة تقييم سياستها في فلسطين التاريخية، فنظمت مؤتمراً في لندن وأصدرت عام 1939 وثيقة "الكتاب الأبيض" الذي قيّد بيع الأراضي لليهود في فلسطين التاريخية، كما قيّد هجرتهم خلال خمس سنوات تبدأ من أول أبريل/نيسان 1939.
وتعهّدت بريطانيا بإقامة دولة فلسطينية مستقلة في غضون السنوات العشر التالية - إذا أمكن ذلك - على أنْ يتقاسم فيها الفلسطينيون واليهود مهام السلطات الحكومية.
Getty Images
رجل يهودي ينتظر القطار في 1 ديسمبر/كانون الأول 1933 في محطة قطار تل يوسف أثناء الانتداب البريطاني على فلسطين
وألمحت الوثيقة إلى خطط إنهاء الانتداب البريطاني.
في يوليو/تموز 1946 شنت عناصر من حركة أرغون الصهيونية السرية سلسلة من الهجمات والتفجيرات التي استهدفت القوات البريطانية ومن بينها الهجوم على فندق الملك داوود في القدس الذي كانت تتواجد فيه قيادة سلطة الانتداب المدنية والعسكرية البريطانية فسقط عدد كبير من الجنود والموظفين البريطانيين.
Getty Images
قُتل 91 شخصاً من جنسيات مختلفة خلال تفجير نفذته منظمة الأرغون الصهيونية لفندق الملك داوود بالقدس في 22 يوليو/تموز 1946
الهجرة اليهودية
شهدت فلسطين منذ القرن التاسع عشر عدداً من موجات الهجرة اليهودية المحدودة، لكنها تسارعت في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين مع تأسيس الحركة الصهيونية التي كان محور نشاطها إقامة دولة لليهود في فلسطين التاريخية.
وسرّعت المشاعر المعادية لليهود في أوروبا والعمليات ضدهم في روسيا، هجرة العديد منهم إلى فلسطين التاريخية.
وبلغ عدد اليهود في فلسطين 47 ألفاً في 1895 مقابل 24 ألفاً في 1882، وفق فرانس برس.
أما الموجة الثانية من الهجرات فكانت بين عامي 1904 و1914، وتراوح مجموع الواصلين بين 35 ألفاً و40 ألف يهودي روسي.
Getty Images
يهود يغادرون بولندا إلى فلسطين في 1922
ومع صعود النازية في ألمانيا وبعد المذابح التي تعرّض لها اليهود فيها أثناء الحرب العالمية الثانية، اتخذت هجرة اليهود إلى فلسطين حجماً كبيراً.
وشجع وعد بلفور اليهود على الهجرة إلى فلسطين، وكان عدد قليل من اليهود يعيشون فيها قبل 1917 إلى جانب العرب.
وفي 1917، كانت نسبة اليهود لا تزيد عن 7 في المئة من المجتمع المحلي في فلسطين التاريخية.
وعند صدور قرار خطة تقسيم فلسطين عام 1947، كان يعيش فيها 1.3 مليون فلسطيني و600 ألف يهودي، وبذلك حصل اليهود على 54 في المئة من الأراضي وفق القرار، في حين كانوا يمثلون 30 في المئة فقط من السكان، بحسب فرانس برس.
وتجاوز عدد اليهود في فلسطين عام 1948، حاجز 700 ألف، وفق وكالة وفا.
ويمنح "قانون العودة" الجنسية الإسرائيلية إلى اليهود الذين يأتون للإقامة في إسرائيل.
التقسيم ثم "النكبة"
BBC
اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 1947 القرار 181 الذي أصبح يعرف بـ"قرار التقسيم" الذي نصّ على: "تُنشأ في فلسطين دولة يهودية ودولة عربية، مع اعتبار القدس كياناً متميزاً يخضع لنظام دولي خاص".
أيّد القرار 33 دولة بينها الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي وفرنسا، وعارضته 13 دولة بينها الدول العربية، وامتنعت 10 دول عن التصويت بينها بريطانيا.
قبل زعماء اليهود الخطة التي أعطتهم 56 في المئة من الأرض، ورفضتها جامعة الدول العربية، ورفضتها القيادة العربية المحلية في فلسطين التاريخية.
ثم أُعلن إنشاء دولة إسرائيل في 14 مايو/أيار 1948.
وبعد يوم واحد، بدأت حرب بين دول عربية وإسرائيل، وانتهت الحرب بسيطرة إسرائيل على 77 في المئة من الأراضي.
BBC
خطوط الهدنة وحدود إسرائيل بعد انتهاء حرب 1948
قتل تعسفي وتعذيب ودروع بشرية
في 2022، طالبت عريضة، تضم ملف "أدلة" من 300 صفحة، بإقرار رسمي واعتذار عن "الانتهاكات" خلال فترة الحكم البريطاني لفلسطين التاريخية.
وكان المحامي البريطاني بن إيمرسون كاي سي، المقرر الخاص السابق للأمم المتحدة المعنيّ بحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب قال لبي بي سي، إن الفريق القانوني اكتشف أدلة على "جرائم مروعة ارتكبتها عناصر من قوات الانتداب البريطاني بشكل منهجي ضد السكان الفلسطينيين".
وأضاف المحامي لبي بي سي "إن بعض (الجرائم) على درجة كبيرة من الخطورة، حتى أنها كانت تعد في ذلك الحين انتهاكات للقانون الدولي العرفي".
Getty Images
فلسطينيون مقيدون لنقلهم إلى سجن في القدس خلال فترة حظر التجول من قبل قوات الانتداب البريطانية، في 26 أكتوبر/تشرين الأول 1938
وتتضمن مراجعة لبي بي سي لأدلة تاريخية "تفاصيل القتل التعسفي والتعذيب واستخدام الدروع البشرية واللجوء إلى هدم المنازل كعقاب جماعي. وأغلب هذه الممارسات جاءت في إطار مبادئ توجيهية للسياسة الرسمية للقوات البريطانية في ذلك الوقت أو بموافقة كبار الضباط".
كان ما ارتكبته بريطانيا في فلسطين "عنيفاً" و"استثنائياً"، وفقاً للمؤرخ العسكري البروفيسور ماثيو هيوز، الذي قال إن تكتيكاتها لم تصل بشكل روتيني إلى مستويات الوحشية التي شهدتها بعض المستعمرات الأخرى.
يحتفظ أرشيف متحف الحروب الإمبراطورية في لندن بذكريات العديد من الجنود وضباط الشرطة البريطانيين في فلسطين التاريخية.
وتفصّل بعض سجلات التاريخ الشفوي روايات عن الغارات "العقابية" واستخدام الدروع البشرية والتعذيب.
وقالت وزارة الدفاع البريطانية في بيان إنها كانت على علم بادعاءات تاريخية ضد أفراد القوات المسلحة خلال تلك الفترة، وإن أي دليل يُقدم سيخضع لـ"مراجعة شاملة".
11 أغسطس 2025: خضعت هذه المقالة لتعديل بعض الصياغات وتضمين معلومات أساسية لم تكن واردة فيها عندما نُشرت لأول مرة.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

هل يستعين بوتين بترامب للإطاحة بزيلينسكي؟
هل يستعين بوتين بترامب للإطاحة بزيلينسكي؟

الأيام

timeمنذ 15 ساعات

  • الأيام

هل يستعين بوتين بترامب للإطاحة بزيلينسكي؟

Getty Images لقاء سابق جمع الرئيسين الأمريكي، دونالد ترامب، والروسي فلاديمير بوتين في اليابان تركز جولة الصحافة في هذا اليوم، على مقالين يتحدثان عن اللقاء المزمع بين الرئيسين الأمريكي، دونالد ترامب، والروسي فلاديمير بوتين، في ألاسكا، وآخر عن "تعثر" أوروبي في اتفاقيات التجارة الحرة. "لا تستهِن بترامب صانع السلام"، بهذا العنوان افتتح، روجر بويز، الكاتب البريطاني مقاله في صحيفة التايمز. وقال الكاتب إن لقاء ترامب مع بوتين سيكون "التحدي الأكبر لصانع السلام" في قمة توصف بأنها محاولة محتملة لإعادة ضبط العلاقات بين القوتين العظميين قد تؤدي في نهاية المطاف إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في أوكرانيا. لكن الكاتب حذّر من تقسيم أوكرانيا على المدى الطويل "حال حصول بوتين على ما يريد". وفي المقابل، استشهد الكاتب بتصريحات ترامب الساعي لاستعادة بعض الأراضي الأوكرانية على البحر الأسود التي استولت عليها روسيا، مقابل الاعتراف بمساحات كبيرة من شرق أوكرانيا التي تحتلها روسيا كجزء من الأخيرة. غير أن الكاتب قال إن القمة قد لا تتعلق بأراضي البلدين، بل بـ"إمكانية تجميد الحرب لعقود" ما يجعل عضوية أوكرانيا في حلف الشمال الأطلسي (الناتو) مستحيلة، على حد تعبيره. وأشار إلى "هدف آخر لبوتين غير معلن وهو الاستعانة بترامب كحليف للإطاحة بفولوديمير زيلينسكي" خصوصاً أن الرئيس الأوكراني لم يُدْعَ إلى ألاسكا. ورأى الكاتب أن على ترامب، الذي يريد أن يصف نفسه كصانع سلام استثنائي في القرن 21، "أن يظهر دائماً كرجل الدولة الصارم والعادل في الوقت نفسه". وقال إن ترامب الساعي للفوز بجائزة نوبل للسلام "عليه أن ينجح في مهمة ألاسكا". وستكون قمة ألاسكا "اختباراً لمبدأ ترامب المرتكز على إنجاز الأمور" من خلال تبادل المصالح، وفق تعبير الكاتب. وقال إن "الاستخدام العدواني للرسوم الجمركية لانتزاع مكاسب، والدبلوماسية الحادة لإحلال السلام ليست صفقات بالمعنى التجاري التقليدي"، بل هي "دعوات لدفع الجزية من دول واقتصادات أضعف"، على حد وصفه. ويتجلى ذلك من خلال سباق ترامب نحو إحلال السلام هذا العام، بعد قوله إنه أنهى صراعاً بين باكستان والهند، القوتين النوويتين، حول كشمير، وتوسط في اتفاق بين رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وساعد في إيقاف حرب كمبوديا وتايلاند، وأوقف حرباً بين أرمينيا وأذربيجان إضافة إلى تسوية جزء على الأقل من برنامج إيران النووي. ورأى الكاتب أن كل ما سبق سيشكل "حجة لمنح ترامب جائزة نوبل للسلام". "استمرار الحرب توبيخ لصورة ترامب" Getty Images وفي سياق قمة ألاسكا، كتب رافائيل بير مقالاً في صحيفة الغارديان، عنونه بـ"ابتلاع ترامب لأكاذيب بوتين يشكل تهديداً أكبر لأوكرانيا من القنابل". واستهل الكاتب مقاله بالقول إن ترامب وبوتين لديهما دوافع للتظاهر بأن مصير أوكرانيا يمكن حسمه من دون أي ممثل لها على طاولة المفاوضات، لكنه رأى أن ذلك "لا يجعله واقعاً فعلياً". وقال الكاتب إن استمرار القتال بعد 7 أشهر من تنصيب ترامب رئيساً لولاية ثانية، رغم وعده بإنهاء الحرب خلال أيام من عودته إلى البيت الأبيض، "يُمثّل توبيخاً لصورته كصانع صفقات رئيسي في العالم" على حد وصفه. أما بوتين فهو الذي اعتقد ذات مرة أن الحرب يمكن أن تنتهي بسرعة، مع شنه غزواً في 2022 متوقعاً سقوط كييف خلال أسابيع، لكن الأمر لم يحصل. وقال إن على بوتين "الإيمان بحتمية هزيمة أوكرانيا، لأن أي سيناريو آخر - حتى وقف إطلاق النار الذي يسمح له بالاحتفاظ بأراضٍ استولى عليها حتى الآن - يترك المهمة التاريخية التي وضعها لنفسه غير متحققة". وأضاف أن بوتين "سيظل يحمل ضغينة انتقامية ما دام زيلينسكي رئيس دولة حرة تمتلك الحق في تسليح نفسها ومتابعة سياسة مستقلة للاندماج مع الديمقراطيات الأوروبية الأخرى". ورأى الكاتب أن "أي حدود أو معاهدة تمنع الكرملين من إملاء التوجه الاستراتيجي على أوكرانيا تُعتبر غير شرعية في نظر بوتين، لكن ذلك لن يمنعه من توقيع بعض الأوراق كإجراء تكتيكي". أما زيلينسكي الذي "تعافى بعد الإذلال الذي تعرّض له في البيت الأبيض"، كسب بفضل، "دبلوماسية بارعة مدعومة من قادة الناتو"، إقراراً من ترامب بأن "الأمور قد تكون أكثر تعقيداً مما كان يُعتقد سابقاً، وأن بوتين يميل إلى الهراء، وأن اهتمامه المزعوم بالسلام يتناقض مع حجم القنابل التي استمر في إلقائها على المدنيين الأوكرانيين" على حد تعبير الكاتب. وتأتي قمة ألاسكا، في وقتٍ بدأ ترامب بتحديد مواعيد نهائية لوقف إطلاق النار وتهديد موسكو بفرض عقوبات. وحذّر الكاتب من "إعجاب ترامب ببوتين ليجعل القمة ناجحة لصالح روسيا، فالأضرار ستحدث إذا خرج من المفاوضات وهو يكرر نقاطاً وضعتها موسكو"، مع خشية حلفاء أوكرانيا الأوروبيين من عرض ترامب اقتراحاً لوقف إطلاق النار "بشروط لا يمكن لزيلينسكي قبولها أبداً - تقسيم غير عادل وغير قابل للتطبيق لبلاده وفق خطوط رسمها بوتين". "تعثر أوروبي" وفي وول ستريت جورنال كتبت الهيئة التحريرية للصحيفة الأمريكية مقالاً عنونه بـ"تعثر أوروبا في التجارة الحرة". وقالت الصحيفة إنه "نظراً لاستياء الأوروبيين من رسوم ترامب الجمركية، قد يظن البعض أنهم يستعرضون قوتهم الدبلوماسية لتوسيع التجارة الحرة في أي مكان آخر في العالم". وأشارت إلى أنه "بينما الاتحاد الأوروبي يُفاوض بِشدة على اتفاقية تجارية مع ترامب الشهر الماضي، أجهض التكتل اتفاقية التجارة الحرة مع مجموعة من دول أمريكا الجنوبية". ومن شأن الاتفاقية، التي جرى العمل عليها منذ سنوات، "توسيع التجارة" بين التكتل والأرجنتين والبرازيل وباراغواي وأوروغواي، على ما ذكرت الصحيفة. وبلغت قيمة صادرات هذه الدول إلى الاتحاد الأوروبي 56 مليار يورو خلال العام الماضي، فيما سجل إجمالي صادرات التكتل إليها 55.2 مليار يورو، وفق المفوضية الأوروبية. لكن بروكسل جمّدت الاتفاقية الشهر الماضي، وسط "معارضة شرسة" من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وفق الصحيفة التي قالت إن المزارعين الفرنسيين يشعرون بـ"القلق إزاء تزايد المنافسة من جانب الواردات الزراعية من أمريكا اللاتينية".

تقرير عن تحويل إسرائيل ملايين الدولارات من 'أموال السلطة' لفلسطينيين تعاونوا مع جيشها
تقرير عن تحويل إسرائيل ملايين الدولارات من 'أموال السلطة' لفلسطينيين تعاونوا مع جيشها

الأيام

timeمنذ 2 أيام

  • الأيام

تقرير عن تحويل إسرائيل ملايين الدولارات من 'أموال السلطة' لفلسطينيين تعاونوا مع جيشها

Getty Images قوة إسرائيلية بين منازل الفلسطينيين خلال مداهمة مخيم بلاطة للاجئين في نابلس يوم أمس حوّلت إسرائيل نحو 110 ملايين شيكل (ما يعادل أكثر من 32 مليون دولار)، من أموال الضرائب المستحقة للسلطة الفلسطينية، لصالح 52 فلسطينياً تعاونوا مع الجيش الإسرائيلي في إحباط عمليات لم تُذكر تفاصيلها، وفقاً لتقرير صادر عن القناة السابعة الإسرائيلية. وقال التقرير الإسرائيلي إن ذلك أتى، بعد "حصول هؤلاء الأشخاص على تعويضات بموجب أحكام صادرة عن محكمة القدس المركزية". وذكرت القناة أن الخطوة جاءت في ختام ما وُصف بمسار قانوني طويل، أثبت تعرض المدّعين "للتعذيب" في سجون السلطة الفلسطينية، بما في ذلك "الضرب المبرح، والحرق بأدوات ساخنة، وخلع الأسنان، والحرمان من النوم، والتعرض للبرد القارس وهم عراة، والإكراه على أعمال مهينة، وفي بعض الحالات القتل"، على حد وصف التقارير الإسرائيلية. فيما لم يصدر عن السلطة الفلسطينية بعد، رداً على هذه الاتهامات. وتتولى إسرائيل مسؤولية جمع الضرائب والرسوم الجمركية العائدة لحساب السلطة الفلسطينية بموجب اتفاق أبرم عام 1994 ومنح إسرائيل السيطرة الحصرية على حدود الأراضي الفلسطينية، وفق وكالة فرانس برس. وبينما تقول السلطة الفلسطينية إن إسرائيل تحتجز هذه الأموال، صرّحت وزارة المالية الفلسطينية أنَّ إسرائيل "تحتجز سبعة مليارات شيكل من عائدات الضرائب الفلسطينية منذ عام 2019 حتى شهر فبراير/ شباط 2025". والشهر الماضي، حذر مجلس الوزراء الفلسطيني من "مرحلة قد تعجز فيها المؤسسات الوطنية عن الاستمرار بتقديم خدماتها بسبب استمرار احتجاز أموال المقاصة" وهي المبالغ التي تحتجزها إسرائيل، مشيراً إلى أنها "تشكّل أكثر من ثلثي إيرادات الدولة". Getty Images جنود إسرائيليون خلال مداهمة في نابلس في الضفة الغربية المحتلة مقطع مصور "يوثق" إطلاق النار على الهذالين في غضون ذلك، نشرت منظمة "بتسيلم" الحقوقية الإسرائيلية، مقطعاً مصوراً يوثق لحظة إطلاق النار من المستوطن، يانون ليفي، على الناشط في مجال حقوق الإنسان، عودة الهذالين، في قرية مسافر يطا في الخليل، أواخر الشهر الماضي. ويوثق الفيديو، الذي صوَّره عودة الهذالين بنفسه، المستوطن وهو يصوّب سلاحه باتجاه عودة، ثم يطلق النار عليه، وبعد ذلك مباشرة يسقط عودة أرضاً، قبل أن يُعلن عن مقتله. وقتل الهذالين وهو من قرية أم الخير جنوبي جبل الخليل، في 28 يوليو/ تموز برصاص المستوطن ليفي، واحتجز الجيش جثمانه حتى قام بتسليمه في 7 أغسطس/ آب الماضي. واحتجزت الشرطة الإسرائيلية، ليفي، ثم أفرجت عنه مطلع الشهر الحالي، بعد قبول المحكمة ادعاءاته بأنه كان في وضعية دفاع عن النفس، ويؤكد الفيديو الذي نشرته "بتسيلم" أن ما حدث كان مشادات بين السكان وليفي، الذي كان الشخص الوحيد المسلح في الموقع، وهو من أطلق النار على الهذالين بشكل مباشر أثناء قيامه بتوثيق الحدث. ونفى ليفي الادعاء بأنه أطلق الرصاصة القاتلة على الهذالين، وقال إنه تعرض لهجوم من فلسطينيين رشقوه بالحجارة، وفقاً لصحيفة تايمز أوف إسرائيل. وبحسب قرار المحكمة، فقد كان على ليفي أن يبقى في الإقامة الجبرية داخل إسرائيل، لكن في 4 أغسطس/ آب، تم تصويره في أراضي قرية أم الخير، برفقة مستوطن آخر. والمستوطن يانون ليفي يسكن في مستوطنة "ميترِيم"، وهي بؤرة استيطانية غير قانونية أنشأها ليفي بنفسه في جنوب الخليل عام 2021، ويعيش فيها مع عائلته وقطيع من الماشية، ويستخدم كاميرات مراقبة وأنظمة أمنية لتأمينه الشخصي. Getty Images وقفة احتجاجية لنشاط إسرائيليين في القدس تطالب بتحقيق العدالة للفلسطيني عودة الهذالين "َضرب" ناشطين أجنبيين في شمال الضفة الغربية، أصيب ناشطان أجنبيان متضامنان مع الفلسطينيين، مساء الاثنين، إثر تعرضهما للضرب من قبل مستوطنين والجيش الإسرائيلي، في تجمع بزيك البدوي في محافظة طوباس، وفقاً لما ذكر الهلال الأحمر الفلسطيني. وتحدث الهلال عن نقل المصابين -اللذين لم تُذكر جنسيتاهما على الفور- إلى المستشفى لتلقي العلاج. ميدانياً، قالت مصادر فلسطينية إن الجيش الإسرائيلي اقتحم صباح الثلاثاء، مخيم الأمعري في مدينة البيرة، واعتقل شابين بعد مداهمة منزليهما. وأضافت المصادر أن القوات الإسرائيلية حاصرت مداخل المخيم، وأن الجنود انتشروا في أزقته واعتلى القناصة أسطح بعض المنازل، خلال عملية الاقتحام. في غضون ذلك، أفاد الارتباط العسكري الفلسطيني، بأن الجيش الإسرائيلي نفّذ ما وُصِفَ بمناورة عسكرية في قريتيْ عارورة وعبوين ومحيطيهما شمالي مدينة رام الله، تخللها تحليق مكثف لمروحية وعمليات بحث وتمشيط ميدانية. وقال سكان القريتين إن الجنود انتشروا بشكل مكثف في شوارعهما، وسط تحليق للطيران، ما أثار الخوف في أوساط الأهالي. وفي الخليل، أصيب فلسطينيون مساء الاثنين، في هجوم لمستوطنين إسرائيليين على بلدتي حلحول وصوريف، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا". وأفادت الوكالة بأن "مستوطنين مسلحين بحماية جنود إسرائيليين هاجموا فلسطينيين في حلحول وصوريف واعتدوا عليهم بالضرب المبرح ما تسبب بإصابة عدد منهم برضوض وكدمات عولجوا على إثرها ميدانياً". محمود عباس ومحمد بن سلمان سياسياً، أجرى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، الاثنين، اتصالاً هاتفياً مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، "جرى خلاله بحث آخر التطورات في الأراضي الفلسطينية، في ظل استمرار التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني"، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا". وشكر عباس، الأمير محمد، على "مواقف المملكة العربية السعودية الثابتة والداعمة للقضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة"، و"مقدراً دور المملكة المحوري الوازن في حشد الدعم الدولي للاعتراف بدولة فلسطين وتجسيدها على خطوط 1967 بعاصمتها القدس الشرقية". وتناول الاتصال التحضيرات الجارية لعقد المؤتمر الدولي للسلام على مستوى القمة في نيويورك في 22 سبتمبر/ أيلول المقبل، والجهود المبذولة لحشد المزيد من الاعترافات بدولة فلسطين، بحسب الوكالة الفلسطينية.

نشطاء سوريون يخشون الاعتقال والتضييق إن عادوا إلى سوريا
نشطاء سوريون يخشون الاعتقال والتضييق إن عادوا إلى سوريا

الأيام

timeمنذ 2 أيام

  • الأيام

نشطاء سوريون يخشون الاعتقال والتضييق إن عادوا إلى سوريا

AFP via Getty Images واجه العديد من السوريين تحديات في مجال الحريات تحت حكم نظام بشار الأسد، وبعد سقوطه في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، ويقول نشطاء إن أشكالاً جديدة من الرقابة ظهرت في البلاد. بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، اعتُبرت الحريات السياسية من أبرز المكاسب التي نالها السوريون الحالمون بواقع ديمقراطي جديد. غير أنّ نشطاء وصحفيين باتوا يتحدثون في الآونة الأخيرة عن تراجع مساحة حرية التعبير وعودة القيود، لا سيما بعد أحداث الساحل والسويداء، ما يعيد إلى الأذهان مشاهد القمع القديمة، ويثير مخاوف متزايدة لدى سوريين كثر بشأن مستقبل الحريات في البلاد، سواء على الصعيد الفردي أو الوطني. تحدثت بي بي سي في هذا التقرير إلى نشطاء سوريين عبّروا عن شعورهم المتزايد بالخوف، واضطرار بعضهم لمغادرة البلاد مجدداً رغم آمالهم السابقة ببناء مستقبل جديد داخل سوريا، في ظل ما وصفوه بانتهاكات متكررة تطال سوريين في الساحتين الثقافية والسياسية. "الإساءة لهيبة الدولة" AFP via Getty Images يخشى البعض من فرض تفسيرات صارمة للشريعة الإسلامية قد تحد من حركة النساء ومشاركتهن في الحياة العامة. ندى (اسم مستعار)، ناشطة سورية كانت قد عاشت لحظة الأمل بعد سقوط النظام، روت لبي بي سي ما تعرضت له قبل مغادرتها سوريا مؤخراً. تقول: "كان الحلم بسوريا جديدة، لكن الواقع جاء مناقضاً للتوقعات. لم أعد قادرة على التأقلم، خاصة بعد أحداث الساحل". وتضيف: "مدرسة الأسد لا تزال قائمة. المشاركة السياسية لا تزال محفوفة بالمخاطر، والوضع يزداد سوءاً". توضح ندى أن ما ظنّه النشطاء فترة حرية، كان قصيراً جداً - "بعد سقوط النظام مباشرة، استمتعنا بحرية التعبير، خاصة على مواقع التواصل. لكن لم تمرّ سوى أشهر قليلة حتى بدأ استدعاء النشطاء للتحقيق، وتمت ملاحقتهم بتهم الإساءة لهيبة الدولة". تحكي عن حادثة خاصة بها على الحدود اللبنانية، حين كانت مدعوة إلى مؤتمر يخص العدالة الانتقالية في سوريا. "خلال حكم الأسد، كنت أخفي أي نشاط سياسي. لكن بعد السقوط، اعتقدت أن الأمور تغيرت، فحملت معي الدعوة الرسمية. إلا أنني خضعت لتحقيق مطول عند الحدود. سُئلت عن طبيعة عملي، المدينة التي أنتمي إليها، ومفهومي للعدالة، وصولاً إلى الجهة الداعية. تم منعي من الدخول، ولم يُسمح لي بالعبور إلا بعد تبرير آخر ونقاش طويل دام أكثر من ساعة. يومها مسحت كل ما في هاتفي، وعاد إليّ الخوف القديم: خوف الحواجز، خوف الحدود". تستطرد قائلة: "في عهد الأسد، كنا نعرف حدود التعبير. كنا نخفي آراءنا بذكاء لحماية أنفسنا. أما اليوم، فقد أفصحنا عن كل شيء في لحظة حرية خاطفة، ليتم استخدام هذه الآراء لاحقاً ضدنا. أنا لا أريد العودة إلى زمن القمع، لكنني أشعر بأننا نُساق نحوه مجدداً". ندى لا تفكر بالعودة إلى سوريا حالياً. تقول بوضوح: "لن أعود ما دامت هذه السلطة موجودة. هناك خطر حقيقي على حياتي، ليس فقط من الأجهزة الأمنية، بل من الشبيحة والفوضى الأمنية. أي مواطن معرَّضٌ للخطر، والقانون غائب بالكامل. لا توجد ضمانات أو عدالة، ولا مشاركة حقيقية للمكونات السورية في صناعة القرار. الأقلية تُعامَل بفوقية، وليس كمواطنين متساوين". وتتابع: "حتى حديثي الآن يعرّض عائلتي للخطر. التجربة مع نظام الأسد علمتنا أن التهديد قد يطال الأحباء، وهذا ما أخشاه. لذلك أتكلم تحت اسم مستعار، كمحاولة أخيرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه". "لم أصمت في عهد الأسد... ولن أصمت الآن" AFP via Getty Images بعد أحداث الساحل والسويداء، تجمَّع نشطاء ومثقفون سوريون للتعبير عن استنكارهم لما جرى، مطالبين بإطلاق حوار وطني شامل. "أعيش حالة من الخوف والقلق، خاصة على عائلتي التي لا تزال داخل سوريا"، بهذه الكلمات يبدأ يامن حسين، الكاتب والناشط الحقوقي المقيم في برلين، شهادته حول واقع الحريات في سوريا اليوم. يامن زار سوريا للمرة الأولى بعد أكثر من عقد من الغياب، وكان من المفترض أن يقوم بزيارة ثانية، لكنه اضطر لإلغائها، خشية التعرض لـ"استهداف مباشر"، على حد تعبيره، قد يُلفّق له لاحقاً كاتهام بالإرهاب أو ما شابه. يقول: "لم أعد أفكر بالذهاب مجدداً. ليست المشكلة فقط في الأجهزة الأمنية، بل في البيئة العامة التي أصبحت مهيّأة للتحريض والخوف". ويضيف يامن أن بعد أحداث الساحل تحديداً، "ظهرت طبقة من الداعمين للسلطة، تتصدى لأي صوت معارض. إما بالنفي أو بالهجوم الشخصي العلني، من دون أي حماية أو مساءلة"، ويقول: "السلطة قد لا تعتقلك مباشرة بسبب منشور على فيسبوك، لكنها تسمح بحملات تحريض مكثفة من قبل هؤلاء". يشير يامن إلى أن بعض هذه الحملات تستهدف حتى من يكتفون بالتضامن الرمزي. ويضرب مثالاً بما حدث مع طلاب دروز من السويداء: "بعض المنشورات الداعمة لموقف المدينة انتشرت على صفحات محلية، وكان الناس يخشون حتى الضغط على 'لايك' خوفاً من المساءلة. البعض أخبرني أنهم امتنعوا عن التفاعل نهائياً". ويضيف: "حتى أنا، لاحظت أن كثيرين ألغوا صداقتهم معي على فيسبوك خوفاً من منشوراتي. وهناك من قالها لي صراحة: نحن نتابعك، لكن لا يمكننا الظهور علناً ضمن قائمة أصدقائك". وعن حياته الشخصية ونشاطه على مواقع التواصل الاجتماعي، يروي يامن أنه سأل والدته بصراحة: "هل تفضّلين أن أخفف من انتقاداتي العلنية؟" فأجابته: "لا. حتى في ظل حكم الأسد لم تصمت، ونحن أيضاً لم نصمت رغم التحقيقات والضرب الذي تعرضنا له. فلا تتوقف الآن". ومع ذلك، اضطر يامن في مرات عدّة إلى حذف صور من منشوراته تُظهر أشخاصاً يحملون لافتات مؤيدة للسويداء، حرصاً على سلامتهم. يوضح يامن أن النشاط الحقوقي والمدني داخل سوريا أصبح اليوم أكثر تعقيداً من أي وقت مضى، مضيفاً: "معظم النشطاء حالياً يمارسون عملهم بسرية تامة، وحتى من يشاركون في فعاليات مدنية علنية يحرصون على إخفاء وجوههم أثناء رفع اللافتات خشية الملاحقة". "أخشى الاعتقال" AFP via Getty Images تقول وزارة الإعلام إنها "اتخذت خطوات عملية لتوسيع هامش الحريات، وتجميد بعض القوانين القديمة التي كانت تحد من حرية العمل الإعلامي". ليلى (اسم مستعار)، ناشطة سورية مقيمة في الخارج، زارت سوريا بعد سقوط النظام، وتستعد لزيارة أخرى قريباً. تقول: "سمعت عن كثيرين تتم مراقبة هواتفهم. شعرت بالخوف من التهديدات التي تلقيتها على وسائل التواصل بسبب آرائي. لم أعد أشارك ما أفكر به بسهولة". توضح ليلى أن أكبر مخاوفها اليوم لا تتعلق بالوضع الاقتصادي، بل بانعدام الأمان الشخصي. "قد أتحمل غلاء الأسعار وسوء المعيشة، لكن لا أستطيع تحمّل التضييق على الحريات. أخشى من الاعتقال، ومن انعدام الحماية القانونية". وتضيف: "الوضع اليوم أفضل من عهد الأسد، لكنه بعيد عن المثالية. لا يجب أن نقيس الأمور بمقياس الأسد. ما يحدث اليوم يثير القلق أيضاً. لديّ جنسية أخرى وهذا يمنحني نوعاً من الحماية، لكنني لا أشعر بالأمان الكامل للتعبير". تواصلت بي بي سي مع وزارة الإعلام السورية، وردّاً على ما ورد في التقرير، يقول عمر حاج أحمد، مدير الشؤون الصحفية في الوزارة، إن "حرية التعبير حق دستوري ومبدأ أساسي لا غنى عنه في بناء الدولة الجديدة"، مشيراً إلى أن الوزارة اتخذت خطوات عملية لتوسيع هامش الحريات الإعلامية، وتجميد بعض القوانين القديمة التي كانت تحدّ من هذا الهامش. وأضاف أن الوزارة تعمل حالياً على إعداد مدونة سلوك مهني بالتعاون مع المؤسسات الإعلامية والنقابات، تهدف إلى تنظيم العمل الإعلامي بشكل أخلاقي ومهني، بما يضمن حرية التعبير من جهة، والمسؤولية والموضوعية من جهة أخرى. وحول المخاوف المتعلقة بالتضييق على الإعلاميين، شدد حاج أحمد على أن الوزارة "تعمل على توفير بيئة آمنة للإعلاميين والدفاع عن حقوقهم، ولدينا يومياً أكثر من 40 فريقاً صحفياً نسهّل عملهم ونتابع مشاكلهم"، مشيراً إلى أن الحالات التي أثّرت سلباً على الصحفيين قليلة جداً ولم تصل إلى مستوى الظاهرة. وختم بالتأكيد أن حرية التعبير على وسائل التواصل الاجتماعي "مصونة ما دامت ضمن إطار القانون والدستور"، وأن أي تدخُّل قضائي لا يتم إلا في حالات التحريض أو مخالفة القوانين النافذة، كما هو معمول به في معظم دول العالم. حريات ثقافية في مهب الرقابة لا تقتصر القيود على المجال السياسي فقط، بل تمتد إلى الحقل الثقافي أيضاً. ففي يوليو/تموز الماضي، أعلن الروائي السوري خليل صويلح أن لجنة الرقابة منعت طباعة روايته "جنة البرابرة" في سوريا، رغم صدورها قبل أكثر من عشر سنوات عن "دار العين" في القاهرة. وقال صويلح في منشور على صفحته في فيسبوك إن لجنة الرقابة طلبت حذف عشرات العبارات، معظمها يوثّق مراحل من الصراع السوري، وطالبت كذلك بتغيير عنوان الرواية، وحذف الإشارة إلى رواية "خريف البطريرك" لغابرييل غارسيا ماركيز، التي ورد ذكرها في سياق الحديث عن أدب الديكتاتوريات. علّق صويلح بسخرية: "هو أمر لا سلطة لي عليه بعد غياب صاحبها"، مضيفاً في نهاية منشوره: "ربما عليّ أن أبحث مجدداً عن منفى آخر لهذه الرواية". وفي حادثة أخرى، نشر الروائي السوري ممدوح عزام صورة لمنزله المحترق في ريف السويداء، ومكتبته الكبيرة، وكتب: "ليسوا برابرة، بل سوريون هؤلاء الذين أحرقوا بيتي". ردّاً على بي بي سي، نفى مدير الشؤون الصحفية حاج أحمد منع الرواية من النشر، موضحاً أن ما طُلب هو "تصويب بعض الكلمات التي وردت في النص، لما تضمنته من معلومات تاريخية مغلوطة ووصف مسيء للثوار السوريين وعناصر الجيش الحر"، مثل اتهامهم بـ"جهاد النكاح" و"قطاع الطرق". وأكد أن "لم يُطلب تغيير عنوان الرواية أو حذف فصول كاملة، بل فقط تعديل بعض العبارات، وبعلم الجسم النقابي المعنيّ بالكتّاب والروائيين". وأشار إلى أن الوزارة منحت خلال الأشهر الثمانية الماضية الموافقة على تداول أكثر من ألف كتاب جديد، ولم يُمنع أي كتاب من النشر، مضيفاً أن المعيار الوحيد لعدم السماح بالتداول هو "احتواء العمل على تحريض طائفي أو إساءة للأديان أو تمجيد للنظام البائد". حوادث متكررة وشهدت الآونة الأخيرة تصاعداً في الانتهاكات التي طالت صحفيين وناشطين في سوريا، شملت التضييق على حرية التعبير والملاحقة الأمنية وحتى حالات تعذيب وقتل غامضة. قبل أسابيع، عُثر في مدينة دير الزور على جثة الناشط الإعلامي كندي العداي مشنوقاً داخل شقته، وقد ظهرت عليها آثار تعذيب واضحة. التسريبات تشير إلى أن الجريمة وقعت في الأول من آب، وأثارت حالة من الغضب بين الناشطين، خاصة وأن العداي كان معروفاً بتوثيقه لانتهاكات جميع الأطراف منذ بداية الثورة في 2011. كما أثار اعتقال الصحفية السورية نور سليمان ضجة كبيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والتي أُفرج عنها بعد أن أصبحت قضية رأي عام أدت إلى انقسام واسع بين نشطاء. وعن مسألة نور، قال وزير الإعلام السوري حمزة المصطفى إن السلطات حريصة على ضمان الحريات الصحافية وحقوق الصحافيين، داعياً إلى "الابتعاد عن خطاب الكراهية، الشعبوية والتحريض الطائفي". ولاحقاً، قال المصطفى في تدوينة أخرى على "إكس": "الدعوة إلى الإفراج عن الصحافيين وعدم احتجازهم لا تُسقط المسار القضائي، بل تفتح له طرقاً مختلفة، ولكن بأساليب مغايرة، وهذا النهج الذي ينبغي أن يسود في دولة العدل والكرامة".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store