logo
دراسة جديدة تعيد رسم خريطة الدوبامين في الدماغ

دراسة جديدة تعيد رسم خريطة الدوبامين في الدماغ

الرجلمنذ 3 أيام
في كشف علمي يعيد ترتيب الأولويات في أبحاث الدماغ، أظهرت دراسة نُشرت حديثًا في مجلة Diagnostics، أن التركيز الأعلى للدوبامين لا يوجد في القشرة الدماغية كما كان يُعتقد، بل في الجسم المخطط (Striatum).
أُجري البحث باستخدام تقنيات تصوير متقدمة في أدمغة الفئران، وخلص إلى أن إشارات الدوبامين هناك كانت أكثر كثافة ووضوحًا مقارنة بالقشرة، حتى عند استخدام الإعدادات التصويرية نفسها لكلا المنطقتين.
وأورد موقع PsyPost الخبر مفصلًا، موضحًا أن هذه النتائج قد تُحدث تحولًا مهمًا في فهم الاضطرابات المرتبطة بالدوبامين، مثل مرض باركنسون والفصام، فبينما كانت الدراسات السابقة تركّز على القشرة الدماغية لارتباطها بالوظائف العليا كالقرار والتفكير، يُظهر هذا العمل الجديد أن الجسم المخطط هو مركز التأثير الحقيقي.
أين يتركز الدوبامين في الدماغ؟
أوضح البروفيسور فو-مينغ زو، أستاذ علم الأدوية في كلية الطب بجامعة تينيسي، أن هدف الدراسة كان تجاوز قصور الأبحاث السابقة، التي ركزت على القشرة باستخدام تقنيات معدّلة خصيصًا لرصد الإشارات الضعيفة فيها، ما قدّم انطباعًا مضللًا عن توزيع الدوبامين في الدماغ.
وقد لجأ الباحثون إلى تصوير شرائح دماغية كاملة بدقة عالية، شملت كلًا من الجسم المخطط والقشرة ضمن نفس الإطار البصري، مستخدمين مجهرًا ليزريًا مسحيًا من طراز Confocal.
تميّزت الدراسة باستخدام فئران معدّلة وراثيًا لتمييز الخلايا العصبية المضيئة بصريًا، فضلًا عن صبغات فلورية حمراء لرصد أنزيم Tyrosine Hydroxylase الدال على الألياف المنتجة للدوبامين.
وأظهرت الصور إشعاعًا شديدًا في الجسم المخطط، مقابل إشارات باهتة في القشرة الدماغية، بما ينسجم مع دراسات كيميائية سابقة قدرت تركيز الدوبامين في الجسم المخطط بأنه أعلى بـ 70 مرة من القشرة الأمامية.
ويرى زو أن لهذه النتائج انعكاسات إكلينيكية مباشرة، إذ صرّح: "بياناتنا القوية تُظهر بوضوح أن نظام الدوبامين في الجسم المخطط هو المحور الرئيسي الذي تستهدفه أدوية الفصام، ومرض باركنسون، والريتالين، وحتى الكوكايين"، وأضاف أن هذا التصوير الشامل يُعدّ أداة نادرة تُسهم في حسم التباينات القديمة في الدراسات، خصوصًا أن الأنظمة الدوبامينية متشابهة إلى حد كبير في الثدييات، ما يجعل النتائج قابلة للتطبيق على الإنسان.
ويسعى زو مستقبلًا إلى رسم خريطة دقيقة للبنية والوظيفة والتأثيرات الدوائية لنظام الدوبامين في الجسم المخطط، بما يمهّد لتطوير علاجات أكثر فعالية لأمراض الدماغ.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ترامب يوقع أوامر تنفيذية لضمان ريادة أمريكا في سباق الذكاء الاصطناعي
ترامب يوقع أوامر تنفيذية لضمان ريادة أمريكا في سباق الذكاء الاصطناعي

أرقام

timeمنذ ساعة واحدة

  • أرقام

ترامب يوقع أوامر تنفيذية لضمان ريادة أمريكا في سباق الذكاء الاصطناعي

وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترمب أوامر تنفيذية لتفعيل خطة جديدة من البيت الأبيض تهدف إلى تعزيز تطوير الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة، من خلال تخفيف القيود التنظيمية وتوسيع إمدادات الطاقة اللازمة لمراكز البيانات. وقال ترمب، يوم الأربعاء خلال حدث مخصص للذكاء الاصطناعي نظمه كل من بودكاست "All-In" ومنتدى "Hill and Valley" الذي يضم قادة في قطاع التكنولوجيا ومشرّعين: "من اليوم فصاعداً، ستكون سياسة الولايات المتحدة هي فعل كل ما يلزم لتقود العالم في الذكاء الاصطناعي". وشملت الأوامر التي وقّعها ترمب بنداً يتعلق بمسائل الطاقة والتراخيص الخاصة بالبنية التحتية للذكاء الاصطناعي، وتوجيهاً لتعزيز صادرات الذكاء الاصطناعي، وآخر يدعو إلى التزام نماذج اللغة الكبيرة التي تشتريها الحكومة بالحياد وخلوها من التحيّز. وأضاف ترمب: "أميركا هي الدولة التي بدأت سباق الذكاء الاصطناعي، وبصفتي رئيساً للولايات المتحدة، أُعلن اليوم أن أميركا ستفوز بهذا السباق". خطة شاملة للذكاء الاصطناعي تم الكشف عن ما يسمى بـ"خطة التحرك في الذكاء الاصطناعي" في وقت سابق من يوم الأربعاء، وهي توصي بإصلاح إجراءات التراخيص وتبسيط المعايير البيئية لتسريع مشاريع البنية التحتية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، مع الدعوة إلى وقف تمويل الولايات التي تفرض قيوداً مرهقة على هذه التكنولوجيا الناشئة. وتستهدف الخطة أن تجعل من التكنولوجيا الأميركية أساساً للذكاء الاصطناعي على مستوى العالم، مع فرض تدابير أمنية تحول دون حصول خصوم مثل الصين على تفوّق في هذا المجال. وقد كُلّف الفريق بإعداد الخطة فور تولي ترمب منصبه في يناير، وتعدّ الخطة أبرز توجيه سياسي لإدارته في ما يتعلق بتكنولوجيا يُنتظر أن تعيد تشكيل الاقتصاد العالمي. وقال ترمب: "الفوز في هذه المنافسة سيكون اختباراً لقدراتنا، لم نشهد مثله منذ بداية عصر الفضاء"، مضيفاً: "سيتطلب منا حشد كل قوتنا، واستعراض عضلات العبقرية الأميركية وعزيمتنا كما لم نفعل من قبل". تتويج لوعد ترمب الانتخابي تُعد الخطة تتويجاً لوعد انتخابي أطلقه ترمب بجعل أميركا القائدة العالمية في الذكاء الاصطناعي، بينما يتخلص من ما وصفه بـ"النهج المفرط في القواعد" خلال عهد الرئيس جو بايدن. ألغى ترمب أمراً تنفيذياً من بايدن صدر عام 2023 كان يفرض متطلبات صارمة لاختبار الأمان، ويُلزم شركات الذكاء الاصطناعي الكبرى بنشر تقارير شفافية. وبدلاً من ذلك، أمر ترمب بوضع مسار جديد للسياسة الوطنية للذكاء الاصطناعي، وحدد مهلة 6 أشهر لمستشار الذكاء الاصطناعي في البيت الأبيض ديفيد ساكس لإنجاز ذلك. وقد أمضى ساكس، وهو مستثمر رأسمالي بات من أبرز أصوات الإدارة في سياسات التكنولوجيا، إلى جانب كبير مستشاري الذكاء الاصطناعي سريرام كريشنان ورئيس سياسات التكنولوجيا مايكل كراتسيوس، أشهراً في جمع آراء كبار القادة في هذا القطاع. تفكيك الضوابط التنظيمية وتقييد الولايات بموجب التوصيات، ستطلب الحكومة الفيدرالية من الشركات والجمهور تحديد القواعد التنظيمية الحالية التي تعيق اعتماد الذكاء الاصطناعي، بهدف إلغائها. كما سيعمل مكتب الميزانية في البيت الأبيض مع الوكالات الفيدرالية المعنية بتمويل الذكاء الاصطناعي للنظر في فرض قيود على تلك المنح، "إذا تبين أن الأنظمة التنظيمية في الولاية تعيق فعالية هذا التمويل". وقال ترمب يوم الأربعاء: "علينا أيضاً أن نضع معياراً فيدرالياً موحداً، لا يمكن السماح لـ50 ولاية بأن تنظم صناعة المستقبل كل على طريقتها. نحن بحاجة إلى معيار فيدرالي واحد قائم على المنطق يتفوق على الجميع". كما تدعو التوجيهات إلى اقتصار التعاقد الحكومي على المطورين الذين تُعتبر نماذجهم خالية من "التحيز الأيديولوجي المفروض من الأعلى"، وإزالة الإشارات إلى التضليل والمناخ والتنوع والعدالة من أطر إدارة المخاطر. وأشارت الخطة إلى مخاوف من أن الذكاء الاصطناعي قد يعيد تشكيل سوق العمل، ولهذا تطلب من وزارتي التعليم والعمل إعطاء الأولوية لتطوير المهارات والتدريب لمساعدة العمال الأميركيين. كما تقترح إعطاء الأولوية للاستثمار في البحوث النظرية والحسابية والتجريبية، رغم أن الإدارة خفضت المنح المخصصة للجامعات البحثية الرائدة. وأشار ترمب أيضاً إلى أن "النهج المنطقي" يجب أن يسمح لنماذج الذكاء الاصطناعي بامتصاص المعلومات من دون القلق من انتهاك حقوق النشر، رغم مخاوف وسائل الإعلام والناشرين من تأثير ذلك على نماذج أعمالهم. وقال ترمب: "عندما يقرأ شخص كتاباً أو مقالاً، فهو يكتسب معرفة عظيمة. هذا لا يعني أنه ينتهك حقوق النشر أو أنه بحاجة لعقد اتفاق مع كل مزوّد محتوى". مواجهة الصين وإعادة فتح السوق أمام "إنفيديا" تقترح الخطة مواجهة تطوير الذكاء الاصطناعي في الصين من خلال تعزيز ضوابط التصدير، بما في ذلك فرض ميزات تحقق من الموقع الجغرافي في الرقائق المتقدمة. كما تريد الإدارة إنشاء وحدة جديدة ضمن وزارة التجارة للتعاون مع أجهزة الاستخبارات، من أجل مراقبة تطورات الذكاء الاصطناعي وإنفاذ ضوابط التصدير على الرقائق. وتنص الخطة على أن تجمع وزارة التجارة مقترحات من القطاع الصناعي لإنشاء حزم تصدير شاملة للذكاء الاصطناعي تتضمن الأجهزة والبرمجيات والنماذج والتطبيقات، وتُتاح للحلفاء المعتمدين. وستُسهم جهات مثل وكالة التجارة والتنمية الأميركية، وبنك التصدير والاستيراد، ومؤسسة تمويل التنمية الأميركية في تسهيل هذه الصفقات. وتأتي هذه التوجيهات بعد أكثر من أسبوع على قرار الإدارة تخفيف القيود التي فرضتها في أبريل على شركة "إنفيديا" و"أدفانسد مايكرو ديفايسز"، والتي منعت بيع بعض شرائح الذكاء الاصطناعي لعملاء في الصين. وقد جرى تخفيف القيود ضمن تفاهم تجاري مع بكين في يونيو، مقابل استئناف الصين شحنات العناصر الأرضية النادرة إلى المشترين الأميركيين. ودافع ساكس ووزير التجارة هوارد لوتنيك عن هذه الخطوة، معتبرين أن السماح لـ"إنفيديا" بإعادة تصدير شرائح "H20" من شأنه أن يعزز قدرة أميركا على التنافس في الخارج، ويضعف جهود شركة "هواوي" الصينية للاستحواذ على حصة أكبر من السوق العالمية. البعد الطاقي والربط بالأمن القومي كما أكد ترمب ومسؤولوه أهمية ضمان أن يكون لدى أميركا ما يكفي من الطاقة لتشغيل مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي التي تستهلك كميات ضخمة من الكهرباء. واعتبروا أن إمدادات الكهرباء الكافية مرتبطة بالأمن القومي، وأنها أساسية لتفوق أميركا على منافسيها في سباق الذكاء الاصطناعي. وتوصي الخطة بالعمل على استقرار شبكة الطاقة الحالية، وتنفيذ استراتيجيات لتحسين أنظمة النقل. كما تقترح إعطاء الأولوية لربط مصادر طاقة موثوقة وقابلة للفصل مثل الطاقة النووية والطاقة الحرارية الجوفية المتقدمة، من أجل إدارة الزيادة في الطلب. وقال ترمب: "سنطلق العنان لجميع أشكال الطاقة، بما في ذلك الغاز الطبيعي، والنفط، والفحم النظيف والجميل"، مضيفاً: "سنردد كلمات حملتي الشهيرة: 'احفر يا بطل، ابنِ يا بطل'".

بحث يكشف تأثير السبيرميدين على الوظائف المعرفية لدى كبار السن
بحث يكشف تأثير السبيرميدين على الوظائف المعرفية لدى كبار السن

الرجل

timeمنذ 5 ساعات

  • الرجل

بحث يكشف تأثير السبيرميدين على الوظائف المعرفية لدى كبار السن

أعلنت دراسة حديثة نشرت نتائجها في مجلة الاضطرابات العاطفية، أن زيادة تناول السبيرميدين يرتبط بتحسن ملحوظ في الأداء العقلي لدى كبار السن، وأظهرت الدراسة أن التأثير كان أقوى لدى الرجال، والأفراد الذين يعانون من زيادة الوزن، والذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم أو الدهون في الدم، بالإضافة إلى البيض غير اللاتنيين. ويعد السبيرميدين مركبًا طبيعيًا موجودًا في جميع الخلايا الحية، وقد دعمت دراسات تجريبية دوره في التحكم بنمو الخلايا، صيانتها، وإزالة المكونات التالفة عبر عملية الالتهام الذاتي، فيما تم ربطه أيضًا بتأثيرات مضادة للشيخوخة وحماية للقلب، ومع تقدم العمر، تنخفض مستويات السبيرميدين، مما قد يساهم في الخلل الخلوي المرتبط بالشيخوخة. تم العثور على السبيرميدين في مجموعة من الأطعمة الطبيعية مثل الجبن المعتق، منتجات الصويا، الفطر، الحبوب الكاملة، البقوليات، والبازلاء الخضراء، ويمكن أيضًا العثور عليه في جنين القمح وبعض الأطعمة المخمرة، بالإضافة إلى ذلك، يمكن الحصول عليه من المكملات الغذائية. السبيرميدين يرتبط بتحسن الأداء العقلي شملت الدراسة تحليل بيانات من المسح الوطني للصحة والتغذية (NHANES) في الولايات المتحدة الأمريكية بين عامي 2011 و2014، وتم تضمين 2,674 مشاركًا في الدراسة، حيث تم تقييم وظائفهم المعرفية عبر أربع اختبارات قياسية، وأظهرت النتائج أن المشاركين ممن حصولوا على حصص أكبر من السبيرميدين قد أظهروا أداءً أفضل في اختبارات الذاكرة مقارنة بالأفراد الذين تناولوا كميات أقل. اقرأ أيضًا: 6 عناصر غذائية ضرورية لصحة كبار السن وأوضح الباحثون إلى أن السبيرميدين قد يكون مكونًا مهمًا في الاستراتيجيات الغذائية التي تهدف إلى تحسين الصحة المعرفية لدى كبار السن، وخاصة في الأشخاص الذين يعانون من الأمراض المزمنة، ومع ذلك، أشاروا إلى أن تصميم الدراسة لا يسمح بتحديد العلاقة السببية بين السبيرميدين وتحسين الأداء العقلي. وعلى الرغم من النتائج الواعدة، يجب أن تُؤخذ الدراسة في سياق أوسع، حيث لا يمكن استنتاج العلاقة السببية بشكل قاطع، ويظل السبيرميدين موضوعًا مثيرًا للبحث المستقبلي في مجال حماية الدماغ والتأثيرات المحتملة له على الوظائف المعرفية.

دراسة تكشف قواعد تحديد مصير النملة داخل المستعمرة.. ملكة أو عاملة
دراسة تكشف قواعد تحديد مصير النملة داخل المستعمرة.. ملكة أو عاملة

الشرق السعودية

timeمنذ 7 ساعات

  • الشرق السعودية

دراسة تكشف قواعد تحديد مصير النملة داخل المستعمرة.. ملكة أو عاملة

توصلت دراسة علمية حديثة إلى الآليات البيولوجية المعقدة التي تُحدد الأدوار الاجتماعية والأنماط الجسدية المختلفة داخل مستعمرات النمل. وانتهت الدراسة المنشورة في دورية الأكاديمية الأميركية للعلوم، إلى وجود علاقة مباشرة وحاسمة بين الحجم النهائي الذي تبلغه النملة أثناء تطورها، وطبقتها الاجتماعية المحددة؛ سواء كانت ملكة أو عاملة. وأكدت الدراسة أن التكوين الجيني للنملة يلعب دوراً محورياً في رسم هذا المسار، ليس فقط بالتأثير على حجمها، بل بتحديد العتبة الوراثية التي تجعلها تصل إلى حجم معين يؤهلها للتحول إلى ملكة، كما وضحت الكيفية التي تتضافر بها الجينات والنمو لتشكيل الأدوار المتخصصة لكل فرد داخل نظام المستعمرة المعقد، فالملكات تنمو لتصبح كبيرة الحجم، وتنمو لها أجنحة، وتضع البيض، بينما تظل العاملات صغيرة الحجم، ودون أجنحة، وتؤدي مهام العمل الجاد. لكن كيفية تطور هذه الطبقات، وكيف يحدد مستقبل النملة الصغيرة بواسطة الوراثة والبيئة، ظل أمراً غير واضح. الحجم والطبقة الاجتماعية أفادت الدراسة الجديدة بأن حجم الجسم والطبقة الاجتماعية يسيران جنبًا إلى جنب؛ إذ يصبح النمل الأكبر حجمًا ملكات، بينما يصبح النمل الأصغر حجمًا عاملات، وتؤثر كل من الجينات والبيئة على مدى نمو النملة. وتشير النتائج أيضًا إلى أن العوامل الوراثية وحدها هي التي تحدد الشروط اللازمة لتصبح النملة ملكة؛ فعبر المستعمرات المختلفة، يمكن أن يختلف النمل المتطابق وراثيًا من نفس الحجم، والذي نشأ في البيئة نفسها، في الشكل الخارجي والسمات الجسدية المميزة التي تظهر على كائن حي معين بناءً على الطبقة الاجتماعية أو الوظيفية التي ينتمي ليها داخل مجتمعه. وتثبت هذه النتائج أن الجينات لا تؤثر فقط على الحجم، بل تُغير أيضًا ما يعنيه حجم معين للمستعمرة. فمن الممكن أن يكون لنملتين صغيرتين نسبيًا احتمالات مختلفة تمامًا لتصبحا ملكتين. وقال المؤلف الرئيسي للدراسة دانييل كروناور، الباحث في جامعة روكفلر الأميركية: "أحد أهدافنا هو فهم كيفية عمل مجتمع الحشرات، إن دراسة كيفية تمايز الأفراد في المستعمرة يمكن أن تثري فهمنا لأنواع أنظمة الطبقات، من الملكات إلى العاملات إلى الجنود، التي يمكن أن تتطور في آلاف أنواع النمل الموجودة". في عالم النمل فإن الملكة ليست مجرد نملة عاملة كبيرة الحجم؛ فبالإضافة إلى حجم جسمها الأكبر، عادة ما تنمو للملكات أجنحة، وتتطور لديها أنظمة بصرية أكثر تعقيدًا، ومبايض كبيرة لوضع البيض، بينما تظل العاملات دون أجنحة، وصغيرة الحجم، وعادة ما تمتنع عن التكاثر. وهذا الاختلاف الصارخ بين أفراد متطابقين وراثيًا هو مثال كلاسيكي على "اللدونة التنموية" والتي تعني قدرة الكائن الحي على تغيير نموه أو نمطه الظاهري استجابةً للتغيرات في بيئته، وذلك على الرغم من امتلاكه لنفس النمط الجيني. وبالتالي فإن إناث النمل تعد نموذجا ممتازا لدراسة كيف يمكن لنمط جيني واحد أن ينتج أنماطًا ظاهرية مختلفة بشكل كبير. اشتبه بعض العلماء في إمكانية فصل حجم الجسم عن مسألة ما إذا كانت النملة ستصبح ملكة، وكانت هذه النظرية منطقية؛ ففي ذباب الفاكهة، وكذلك في الحشرات الأخرى، يتم تنظيم السمات الجسدية بشكل عام إلى حد ما بواسطة العوامل البيئية بشكل مستقل عن حجم الجسم. لكن الدراسة الأحدث توصلت إلى أن النمل، على عكس الحشرات الأخرى، يحافظ دائمًا على سمات الطبقة متوافقة مع حجم الجسم. النمل الغازي المستنسخ لجأ فريق البحث إلى أحد أنواع النمل الغازي المستنسخ وهو نمل غريب يعيش في مستعمرات صغيرة لا تحتوي على ملكة، جميع أفرادها إناث يتكاثرن بالاستنساخ، أي دون الحاجة إلى تزاوج أو وجود ذكور. وهذا يعني أن كل نملة تنجب نسخة جينية مطابقة لها تمامًا، وهو ما يجعل المستعمرة بأكملها تتكوّن من نسخ وراثية متطابقة. وتتميز هذه النملة بسلوك جماعي دوري لافت، إذ تمر المستعمرة بدورتين منتظمتين؛ الأولى للتكاثر ووضع البيض، والثانية تُعرف بالغارة، حيث تنطلق النملات في هجمات جماعية على أعشاش الحشرات الأخرى، خصوصًا يرقات النمل، لجلب الغذاء وتغذية يرقاتهن. وأثار هذا النوع اهتمام الباحثين لأنه يُشكل نموذجًا فريدًا لدراسة السلوك الاجتماعي في الحشرات دون وجود ملكة أو تنوع جيني، ما يتيح للعلماء فحص تأثير البيئة والعوامل الهرمونية وحدها في تحديد أدوار الأفراد داخل المستعمرة، بعيدًا عن تأثير الجينات المختلفة المعتاد في بقية أنواع النمل. وقال المؤلف المشارك باتريك بيكارسكي، إن هذا النوع نموذج جيد للدراسة بفضل تكاثره الاستنساخي ودورة حياته المتزامنة، ما يسمح بالتحكم الدقيق في المتغيرات الوراثية والبيئية. وعلى الرغم من أن النمل الغازي المستنسخ يفتقر إلى الملكات التقليدية، إلا أن الأفراد المعروفين باسم الطبقات البينية يعتبرون متماثلين تنمويًا للملكات؛ فهم ينمون بشكل أكبر، وتتطور لديهم مبايض أكبر بالإضافة إلى عيون قوية ووجود أجنحة بسيطة. وقال كروناور: "مع النمل الغازي المستنسخ يمكننا القيام بما يعادل دراسة توأم متطابقة ضخمة لتحديد كيف تؤثر البيئة على النمط الظاهري للبالغين". ولإجراء الدراسة، بدأ الباحثون تثبيت النمط الجيني لليرقات والتلاعب ببيئة التربية، وأظهر العمل السابق أن توافر الغذاء ودرجة الحرارة والنمط الجيني للنمل المسؤول عن رعاية اليرقات يمكن أن تؤثر جميعها على تطور الطبقة ووجدوا أن كل من هذه العوامل أثرت بالفعل على النتيجة، ولكن فقط عندما أدت أيضًا إلى تغيير الحجم النهائي ليرقة النملة. ووجد الباحثون علاقة قوية جدًا ومباشرة بين حجم اليرقة -النملة في مرحلة التطور المبكرة- والطبقة الاجتماعية التي ستنتمي إليها عندما تصبح بالغة؛ سواء كانت ملكة أو عاملة. فالنملة التي تصل إلى حجم معين أثناء نموها، يكاد يكون مؤكدًا أنها ستتطور إلى ملكة، بينما النملة التي لا تتجاوز حجمًا معينًا ستتطور إلى عاملة. الأنماط الجينية وقال الباحثون إن الحجم أصبح مؤشرًا موثوقًا للغاية، أو "متنبئًا"، بالدور المستقبلي للنملة في المستعمرة، فكلما زاد حجم اليرقة، زادت احتمالية أن تصبح ملكة ذات خصائص مورفولوجية ووظيفية مميزة؛ مثل الأجنحة والمبايض الكبيرة، والعكس صحيح بالنسبة لليرقات الأصغر التي تتطور إلى عاملات. ويشير هذا الارتباط القوي إلى أن العوامل البيئية التي تؤثر على حجم اليرقة تلعب دورًا حاسمًا في توجيه مسار تطورها نحو طبقة معينة، وأن هذا التأثير على الحجم هو المفتاح لتحديد الطبقة، وليس أي عامل بيئي آخر يؤثر بشكل مستقل على سمات الطبقة دون التأثير على الحجم. بعد ذلك، قارن الفريق بين أنماط جينية مختلفة لليرقات التي جرى تربيتها في ظروف بيئية متشابهة لتحديد ما إذا كانت الاختلافات الوراثية يمكن أن تغير العلاقة الأساسية التي تربط حجم الجسم بسمات الطبقة، وجدوا أنه بينما يمكن للجينات أن تؤثر على الحجم، يمكن للجينات أيضًا أن تغير الحجم الذي تبدأ عنده السمات الشبيهة بالملكة في الظهور. على سبيل المثال، نمت النملات من سلالة جينية معينة -مُشار إليها في الدراسة بالرمز "M"- باستمرار إلى أحجام أجسام أصغر في المتوسط من تلك الموجودة في سلالة أخرى -مُشار إليها بالرمز "A"- حتى عند تربيتها في ظروف بيئية متطابقة، ولكن، لأي حجم جسم معين، كانت النملات من سلالة M لا تزال أكثر عرضة لتطوير سمات شبيهة بالملكة. وقال الباحثون إن الدراسة تثبت أنه يمكن أن يكون لنملتين صغيرتين، واحدة من سلالة M والأخرى من سلالة A، احتمالات مختلفة تمامًا لتصبحا ملكتين، بغض النظر عن بيئة التربية. ويشير هذا إلى أن التباين الوراثي يمكن أن يؤثر على مورفولوجيا الطبقة بطريقتين؛ من خلال التأثير على مدى نمو النمل، ومن خلال تعديل الحجم الذي يتم عنده التعبير عن السمات الشبيهة بالملكة. واعتبر بيكارسكي، أن هذا الاكتشاف "توضيح مثير للاهتمام أن بعض الأنماط الجينية تبدأ في الظهور بشكل أكثر شبهاً بالملكة عند أحجام أجسام أصغر". وأضاف، أن الاستنتاج الرئيسي للدراسة هو أنه "إذا أثر عامل بيئي ما على الطبقة، فسوف يؤثر على الحجم أيضًا، ولا يمكن إحداث تغيير في أحدهما دون الآخر". أبرز نتائج الدراسة النملة التي تصل إلى حجم جسدي معين أثناء النمو تصبح ملكة، بينما النملة الأصغر حجمًا تصبح عاملة. الحجم مؤشر موثوق لتحديد الطبقة داخل المستعمرة. الجينات تحدد المرحلة التي يُعتبر عندها الحجم كافيًا للتحول إلى ملكة. البيئة تؤثر على حجم الجسم عبر الغذاء، والحرارة، ورعاية اليرقات، لكنها لا تحدد الطبقة بشكل مباشر دون التأثير على الحجم. نملتان متطابقتان وراثيًا في نفس البيئة ومع ذلك ربما تنتهيان بأدوار مختلفة إذا اختلف حجم نموهما. تختلف الملكات والعاملات في الوظائف والأعضاء: للملكة أجنحة، مبايض كبيرة، جهاز بصري متطور. لا يوجد عامل بيئي يؤثر على الطبقة دون أن يؤثر على حجم الجسم. كانت دراسة سابقة لنفس الفريق البحثي؛ ونشرت في دورية "ساينس"، كشفت عن وجود جين فريد، أُطلق عليه اسم "ILP2"، هو المسؤول عن إفراز هرمون يمنح الملكة خصوبة استثنائية؛ وقدرة على وضع البيض باستمرار طوال حياتها، في الوقت الذي يقتصر تكاثر بقية النمل على مرة واحدة فقط، ما يحولها إلى عاملات يكرّسن حياتهن لخدمة الملكة ورعاية ذريتها. وتتجاوز آثار الدراسة تحديد الطبقة؛ فمستعمرات النمل في الحقيقة مثال على أنظمة بيولوجية معقدة يتولى فيها أفراد متطابقون وراثيًا أدوارًا مختلفة بشكل كبير، تمامًا مثل الخلايا في الأنسجة؛ وباستخدام النمل كنموذج، يربط العلماء دراسة بيولوجيا التطور بالسلوك والتنظيم الاجتماعي. وقال كروناور، إن أدمغة الملكة والعاملة مختلفة تمامًا، وهذا يرتبط باختلافات صارخة في السلوك؛ إذ تغادر العاملات العش للبحث عن الطعام، وتعتني باليرقات، وتبني وتوسع العش؛ بينما تقوم الملكة في الغالب بالتزاوج ووضع البيض فقط "لذا فإن فهم كيفية ارتباط حجم الجسم بالطبقة ليس مجرد مسألة مورفولوجيا. إنه يفتح الباب لفهم كيفية تطور الأدوار الاجتماعية، ووظيفة الدماغ، وديناميكيات المستعمرة وتطورها معًا".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store