
أهداف الحرب على إيران كما حددتها دراسات جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ 2021
ثمّة إجماع لدى جنرالات إسرائيل وباحثيها، وكذلك
خبراء نوويين
، على أن تدمير أصول المشروع النووي الإيراني من الجو غير ممكن. آخر شهادة في هذا الصدد هي من وزير الأمن الإسرائيلي الأسبق الذي كان في صلب المناقشات الداخلية حول ضرب إيران بين 2009 و2012،
إيهود باراك
، الذي أقرّ، في مقابلة مع "سي أن أن" قبل يومين، بأن الضربات الإسرائيلية "ربّما أخّرت القدرات النووية الإيرانية شهرًا على الأكثر".
حتى دخول المقاتلات الأميركية الحرب، وأهمّها قاذفة بي 2، الوحيدة القادرة على حمل قنابل Bunker Buster، وإسقاطها على مفاعل "فوردو" المحصّن على عمق 90 مترًا تحت الأرض في أحد جبال قم، لن يجدي إلا في "شراء بعض الوقت الإضافي"، كما يقول إيريك برور، وهو محلل سابق في "سي آي إيه"، لوكالة "رويترز". السبب الرئيسي في ذلك هو أن المشروع النووي الإيراني يتجاوز المفاعلات إلى التقنيات، "والتي يمكن أن تخبأ في مصنع صغير، أو في أعماق أبعد من
فوردو
"، كما يقول جيمس أكتون، وهو عالم بريطاني يدير برنامج السياسة النووية في مبادرة كارنيغي للسلام.
السؤال البديهي، إذن: لو كان حلّ المسألة النووية الإيرانية غير ممكن عسكريًّا -أقلّه من الجو- فما حسابات إسرائيل، ومعها الولايات المتحدة، من وراء الحرب، ولا سيّما أنها تحظى بتزكية أوروبية لافتة؟
رصد
التحديثات الحية
القنابل الأميركية الخارقة للتحصينات... أمل إسرائيل باختراق "فوردو"
يمكن أن نجد بعض الإجابات في الدراسات العسكرية المنشورة خلال السنوات القليلة الماضية، الصادرة تحديدًا عن معهد "دادو"، وهي مؤسسة بحثية تتبع لجيش الاحتلال، ويكتب فيها ضباط احتياط وآخرون في الخدمة. يعدّ عام 2021 مهمًّا بوصفه نقطة ارتكاز، لأنه العام الذي حظي فيه جيش الاحتلال بميزانية ضخمة لثلاث سنوات، مرصودة لإعداد خطة شاملة من أجل ضرب إيران؛ ويمكن القول إن كثيرًا مما رسم في الخطط والتصورات النظرية يحدث اليوم.
قصّ أظافر القط: حزب الله أولويةً
تعود استعارة "القط" هذه إلى تهديد مبطن، جرى على لسان وزير الاستخبارات الإيراني السابق، محمود علوي، مطلع عام 2021. خاطب علوي القوى الغربية حينها بالقول: "النووي محرّم في فتوى المرشد، لكن لا يمكن التنبؤ بسلوك قطّ حين يُحشر في الزاوية". لاحقًا في العام ذاته، نشر رئيس معهد "دادو"، العميد عيدان أورتال، دراسة بعنوان "إرهاق القط"؛ وفيها يفصّل استراتيجية شاملة لهزيمة إيران تقوم على ركيزتين: "قصّ أظافر القط، وإرهاقه حتى الانهيار". تذهب هذه الاستراتيجية عكس كثير مما نسمعه في تعليقات الساسة والمحللين عن "ضرب رأس الأخطبوط"، في إشارة إلى إيران، إذ تحدد التهديدات المحيطة، المتّصلة أساسًا بإيران، باعتبارها أولوية، وتحديدًا "حزب الله".
ينبع تقدير أورتال هذا من عاملين رئيسيين، أوّلًا أن "الهجوم العسكري الإسرائيلي على إيران لن يلحق إلا ضرراً مؤقتاً ببرنامجها النووي (...) كما أن عمليات التخريب والمعلومات الاستخبارية وحدها لا تكفي لتقويض التهديد الإيراني"؛ وثانيًا أنه "على الرغم من التفوق الاقتصادي والتكنولوجي البيّن لإسرائيل، لكن قدرة إيران على تهديد إسرائيل بالقوة تفوق قدرة إسرائيل بما لا يقاس"، في إشارة إلى الحزام الناري "الأقل كلفة والمؤثر نسبياً" المحاطة به إسرائيل، عبر حركة حماس و
حزب الله
.
تقارير عربية
التحديثات الحية
الموفد الأميركي توماس برّاك: تدخل حزب الله بالحرب سيكون سيئاً للغاية
إلى ذلك، يرى أورتال أن هزيمة حماس، وحزب الله على وجه الخصوص، من شأنه أن يحقق "ركيزتي" النصر المقترحتين على إيران: "قص أظافر القط وإرهاقه"، ذلك بأنه "حتى بعد صراع واسع النطاق في الشمال، ستبذل إيران جهوداً كبيرة لاستعادة قوتها في لبنان وسورية"، وأيضاً "استثماراً ضخماً في حماية منشآتها من هجوم إسرائيلي متوقع". ومن ثم، فإن "تدمير قاعدة إطلاق النار الإيرانية في لبنان سيجرّ إيران إلى جهود إعادة إعمار مكلفة وطويلة الأمد، وإن كانت ميؤوسًا منها، تحت أعين إسرائيل الساهرة، ومع استخلاص دروس الماضي".
ما المطلوب لتحقيق هذه الغاية؟ اللافت أن الجنرال الإسرائيلي لا يتحدث عن "نصر مطلق" هنا، أو حتى هجوم برّي، بل تحديداً "بناء القدرات العسكرية التي تمكّن من هزيمة حزب الله وإزالة التهديد الصاروخي من لبنان"، ثمّ عدم تكرار سيناريو حرب تموز؛ أي إن الهزيمة وفق هذه الرؤية لا تعني تفكيك حزب الله بالكامل، وإنما تفكيك "معادلة الردع" التي حكمت العلاقة معه منذ الانسحاب من جنوب لبنان، والتي بموجبها حظي بأريحية مراكمةِ القوة. نرى هذه الرؤية قائمة اليوم على أرض الواقع، مع انفتاح الساحة اللبنانية أمام الغارات الإسرائيلية بشكل شبه يومي، عدا عن طيرانه الاستطلاعي.
تذهب الدراسات الصادرة في الأعوام اللاحقة إلى الاستخلاص ذاته: أولويّة حزب الله لا تكمن فقط في حسابات التهديد الفعلي المباشر، بل في الصراع الأكبر مع إيران. على هذا النحو، يكتب العميد احتياط، مئير فينكل، في دراسة أخرى منشورة عام 2022، أنه في سيناريو حرب متعددة الجبهات "من الصواب أن يكون التركيز على العدو الأقرب والأكثر قدرة، وهو حزب الله"، معتقداً بأن "أي نصر حاسم سيكون أكثر تأثيراً على أعداء إسرائيل الآخرين من ضربة غير حاسمة على إيران".
تقارير دولية
التحديثات الحية
حرب إسرائيلية داخل إيران... فصول من خطط الموساد
الجنرال احتياط عاموس غلعاد يذهب في الاتجاه ذاته، موصياً بأن يكون الهدف الرئيسي في أية حرب واسعة "هزيمة حزب الله عسكرياً بما يُمكّن من تشكيل حكومة جديدة تُمثل جميع عناصر القوة في لبنان، وتحظى بدعم الغرب ودول الخليج ومساعدتهم، وتُشكّل أيضاً ثقلاً موازناً للنفوذ الإيراني في لبنان". يضيف رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي الأسبق، اللواء يعقوب عميدرور، في دراسة منشورة عام 2022، أنه "على المدى البعيد، سيمنح تدمير هذه القدرات الإيرانية على (الحدود) إسرائيلَ حرية في اتخاذ القرار والتصرف عند الحاجة إلى تدمير القدرة النووية الإيرانية".
يكفي هذا لفهم الانسجام الإسرائيلي الراهن، على امتداد العصبتين السياسية والأمنية حول الضربة، والمعبّر عنه، مثلًا، بمشاركة رئيس "الشاباك" المقال، رونين بار، في اجتماعات ما قبل ساعة الصفر. في الواقع، كلّ تلك السيناريوهات المطروحة آنفًا كانت مرصودة لحالات أسوأ، تكون فيها إسرائيل أمام حرب مفتوحة على امتداد الجبهات، وفرضيات تقتضي "سقوط مئات القتلى من الجنود والمدنيين، واحتلالًا مؤقتًا لأراضٍ في شمال البلاد، وأسرى حرب إسرائيليين"، كما يقول فينكل ذاته. كان سيناريو الحرب المتعددة الجبهات هذا أيضًا في صلب خطّة خمسية وضعها رئيس الأركان الأسبق، أفيف كوخافي، وأسماها "تنوفا"، وترمي إلى تجاوز حالة الردع نحو "إلحاق الهزيمة بالمنظمات الإرهابية"، وتوسيع دائرة العمل إلى "الدول المعادية غير المحاذية لإسرائيل". خاضت إسرائيل حربها هذه تواليًا، جبهة تلو جبهة، في سيناريو أكثر تفضيلًا؛ والخطط كانت مرسومة سلفًا.
"الاحتواء العدواني"
تبعًا لمقاربة "إرهاق القط" ذاتها، يرى أورتال أن هزيمة إيران في محيط إسرائيل القريب سيضعها أمام خيارين "إعادة النظر في سياستها الإقليمية العدوانية، أو الانهيار على نفسها". هنا، ومع مغادرة العقيدة العسكرية إزاء حركات المقاومة مفهوم "الاحتواء السلبي"، وفق خطة "تنوفا"، يقترح أورتال في مقابل ذلك مفهوم "الاحتواء العدواني" في التعامل مع إيران. يوازن هذا النوع من الاحتواء ما بين "حرب حاسمة على الحدود، وسياسة احتواء عدوانية طويلة الأمد في جميع أنحاء المنطقة"، تستتبع استنزاف قدرات إيران في ترميم بنيتها التحتية ودعم وكلائها، على طريقة "الإماتة عبر ألف طعنة صغيرة".
لكن ذلك يتطلّب أيضًا "قدرة إسرائيلية على استعراض القوة داخل إيران، رغم الإقرار بمحدوديتها"، بالإضافة إلى "بناء قدرة دفاعية واسعة ونشطة". يذهب المقدّم إيتاي خيمينيز في المسلك ذاته، لكنه يقترح أيضًا "نقل الحرب إلى الأراضي الإيرانية عبر العمل السري"، وكذلك إنشاء "قواعد حصار أمامية، قريبة من الحدود البرية أو البحرية لإيران". بطبيعة الحال، فقد رأينا شيئًا من ذلك أيضًا في الحرب الراهنة؛ ولعلّ مبدأ "استعراض القوة" هذا هو ما يبرّر نشر "الموساد" مقطع فيديو، يفترض أن يبقى طيّ العمل السري، لعملاء له يطلقون طائرات مسيّرة من داخل إيران.
في المحصّلة، فإن الاستنزاف المقترح هنا ذو طابع ديناميكي، يجمع ما بين "استعراض القوة" فحسب داخل إيران، وتدمير بنيتها التحتية العسكرية بشكل حيوي وفعلي خارج حدودها. الأصول الداعمة لذلك هو أن "إسرائيل، ليست كما السابق، دولة غنية الآن وتستطيع مواكبة حرب استنزاف كتلك، فيما يظلّ الاقتصاد الإيراني هشًّا"، وفق قراءة أورتال.
تقارير دولية
التحديثات الحية
"زفاف أحمر".. خطة إسرائيل لاغتيال كبار قادة إيران في 12 دقيقة
المنطق الاستراتيجي وراء هذا الطرح، الذي تتفق معه معظم الدراسات اللاحقة أيضًا، هو عدم جدوى أي حرب مباشرة مع إيران بالنظر إلى أن الأخيرة، من جهة، "تمتلك قدرة كبيرة على الاستيعاب والصمود بسبب حجمها ومواردها الوافرة"، كما يكتب عقيدان في مكتب الاستراتيجية والدائرة الثالثة، التي تأسست بموجب خطة "تنوفا"، في دراسة نشرها معهد الجيش بالأحرف الأولى من اسميها؛ ومن جهة أخرى، لأن "إسرائيل لن تتمكن من الحفاظ على قوة عسكرية مؤثرة تشمل قدرة مناورة واسعة النطاق، وضربات (تدمج الاستخبارات والنيران)، ودفاعًا مضادًّا للصواريخ على نطاق كافٍ لتحقيق إنجاز استراتيجي كبير"، كما يكتب العميد فينكل؛ وهذا مع عدم احتساب الخسائر المادية المباشرة من أثر القصف المتبادل.
رغم ذلك، تتفق الدراسات الأربع المذكورة عند مبدأ "إظهار القوة"، وإن بشكل مباشر، مع إيران. من هذا المنطلق، يوصي خيمينيز، استشرافًا لحرب ممكنة مع إيران، بالتركيز على "الأهداف ذات القيمة المعنوية"، كالمراكز الحكومية، والقادة، والمؤسسات، وهذا إدراكًا للأفضلية التي تتمتع بها إيران في تعويض الخسائر المادية، والتكلفة الثقيلة للحملات الجوية الإسرائيلة؛ وكذلك خدمة للهدفين الاستراتيجيين المذكورين: دفع النظام إلى نقطة "الانهيار الذاتي" في "أفضل الأحوال"، وفي "أسوئها"، دفعه إلى الإقرار بالمقدرة الإسرائيلية، وقبول توازنات جديدة مع فقدانه أوراق القوة.
هذا منطلق من قناعة أن "إيران مصممة على عقيدة براغماتية استراتيجية تقوم على تفكير بعيد المدى"، كما يكتب العقيدان بالأحرف الأولى من اسميها. على هذا النحو، يرى البروفيسور مئير ليتفيك، في دراسة نشرها معهد الجيش، أنه وفق مبدأ الاستنزاف هذا، فإن "الفهم الصحيح لطبيعة التفكير في إيران يفضي إلى استنتاج أن الوقت يعمل ضد النظام هناك، وأن النظام سيضطر إلى تغيير سياسته الحالية إذا أراد البقاء". وهذا متطابق أيضًا مع طرح أورتال، الذي يدعو إلى "استراتيجية تنافسية قائمة على احتواء عسكري وسياسي عدواني لإيران وإجبارها على الاعتراف بفشل استراتيجيتها".
ينطوي ذلك أيضًا على اعتراف مقابل "بمكانة إيران الإقليمية". يذهب خيمينز في هذا الاتجاه، ثم يخلص إلى القول: "هل ستكون إيران مستعدة للتنازل عن القضايا التي تُمثل "خطوطًا حمراء" لإسرائيل- البرنامج النووي والتدخل العسكري في بلاد الشام؟ في رأيي، الإجابة هي نعم. إن تحقيق المصالح الجوهرية لإيران -الحفاظ على النظام والاعتراف بمكانتها القوية في المنطقة– يدفع إيران إلى تقديم تنازلات صعبة وعملية، كما أثبتت استعدادها لذلك في الماضي".
أيضًا، رأينا تجلّيات من ذلك على أرض الواقع؛ من قبيل ما كشفه قادة في جماعة الحوثيين باليمن عن عرض أميركي بالاعتراف بسلطتهم مقابل الانكفاء عن دعم غزة. كذلك أيضًا، يمكن أن نضع الاغتيال المتكرر للقادة، والتلويح باستهداف المرشد، وإفراغ طهران، وقصف مقرّ التلفزيون الإيراني، ضمن فكرة "الأهداف ذات القيمة المعنوية" التي يقترحها المقدّم خيمينيز، ومن ورائها استراتيجية دفع النظام إلى أحد مصيرين: الانهيار أو المساومة للحفاظ على ديمومته.
نموذج الاتحاد السوفييتي
فكرة "الاعتراف بمكانة إيران في المنطقة" التي يقترحها خيمينيز ليست بناشزة، بل مشتقة من دروس التاريخ، وقد تبنّتها أيضًا دراسات لاحقة. في واحدة منشورة في مجلة "بين القطبين"، التابعة لجيش الاحتلال، عشية "طوفان الأقصى"، يدعو العميد إيال بيخت إلى اعتماد منهجية مركّبة من نموذجي حرب أكتوبر (المصرية) والحرب الباردة لهزيمة إيران. يستدعي الضابط الإسرائيلي هنا مثال الرئيس المصري، أنور السادات، الذي لم يكسب الحرب بالمطلق في الميدان، لكنه أفلح في دفع عملية سياسية حصل من خلالها على تنازلات. لكن للفروقات الجوهرية في الحالة الإيرانية، الأكثر عقائدية بالطبع، فإنه يقترح نموذجًا هجينًا مع الحرب الباردة، التي يتخللها سباق تسلح استراتيجي وحروب غير مباشرة، ولكن أيضًا، تقدير متبادل من كلّ طرف لمقدرة الآخر. تعدّ هذه المقاربة الهجينة تكثيفًا للأفكار السابقة: تركيز القوة في مواضع ألم إيران من جهة، حتى في داخلها، وتقدير مكانها في الإقليم من جهة أخرى. لكن النهاية المتصوّرة هي ذاتها التي انتهى إليها الاتحاد السوفييتي: الاحتواء، ثم الاستنزاف حتى التفكك.
تقارير عربية
التحديثات الحية
حيفا على خطى كارثة بيروت... مخاوف تضاعفها صواريخ إيران
يرى بيخت أن ثمة مشتركات جوهرية بين إيران والاتحاد السوفييتي: العقائدية، والقمعية، والانغلاق الثقافي الدافع إلى الغطرسة، والتوسع الزائد عن المقدرة الاقتصادية الهشة. من هنا، تذهب الدراسة إلى اقتباس نظرية "التوسع المفرط"، التي صاغها المؤرخ والباحث البريطاني، بول كينيدي، والتي ترى علاقة سببية بين تراجع القوى الكبرى عبر التاريخ وتوسعها في تدخلات عسكرية أكبر من سعتها الاقتصادية.
لكن رغم ذلك، لم تكن الولايات المتحدة لترى نهاية خصمها الألد في عهد القطبين لولا مزيج من حروب الظل والاعتبار المتبادل. يشرح جون شيتل، في مقال منشور عام 1995 في مجلة "ذا ناشونال إنترست"، كيف أن عهد الانفتاح على الاتحاد السوفييتي، الذي دشّن في سنوات الضعف الظاهري للولايات المتحدة إبّان حرب فيتنام، كان بادئة سلسلة من التقلبات التي أفضت إلى تفكك النظام الشيوعي. دفع هذا الانفتاح السوفييت إلى الانكشاف على ثقافة الغرب، والارتباط الوثيق بأسواقها، حتى دخلوا في حالة من "الارتياح المفرط"، قبل أن يصطدموا بصلف الرئيس الأميركي السابق، رونالد ريغان الذي سدّ عليهم كل المنافذ؛ ثم لم يكن الانهيار بعيدًا.
وقع شيء شبيه مع إيران، بعد انفراجة الاتفاق النووي التي حررت مدخراتها في الخارج، وفتحت الأسواق العالمية أمام ثرواتها النفطية والغازية الهائلة؛ قبل أن يسدّها الرئيس الأميركي دونالد ترامب. بين هذه التقلبات العنيفة، من العقوبات إلى الانفراجة إلى الضغط الأقصى فالحرب المباشرة، ربما ينتظر خصوم إيران أن تأتي لحظة الانهيار من تلقاء نفسها.
حدود "الصبر الاستراتيجي"
كلّ ما ذكر كان مجرد استقراء للرؤية الاستراتيجية الكبيرة تجاه إيران، وتحديدًا من منظورها العسكري -المهني، لا السياسي- وليس تبنّيًا لها. بطبيعة الحال، نرى كثيرًا مما رسم سلفًا يتنزّل على أرض الواقع اليوم، لكن هذا أيضًا لا يعني بالضرورة نجاحه.
تقارير دولية
التحديثات الحية
نيويورك بوست: ترامب يخشى سيناريو ليبيا بحال إطاحة خامنئي
على المقلب الآخر، فإن لدى إيران، في صورة نظامه الحالي، تاريخ طويل من العناد والمرونة، يمتدّ من حرب السنوات الثماني مع العراق، والتي كانت هي من رفض قرار وقف إطلاق النار فيها بعد صدوره عن مجلس الأمن. لكن الأهم، في الوجه المقابل من الصورة، أن كل تلك المعطيات توثّق حقيقة أن خطط الحرب موضوعة سلفًا، لا على الورق فحسب، بل في العقيدة العسكرية، والموازنة، والرؤية الاستراتيجية الأوسع، وحتى المخيال؛ وأنها عند اللحظة المؤاتية لن تعوزها ذريعة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 3 ساعات
- العربي الجديد
مهلة الأسبوعين الأميركية: غموض متعمّد تجاه إيران يزيد الشكوك بنيّات ترامب
يصعب التعامل مع الموقف الأميركي تجاه أيّ تطور إقليمي، بما في ذلك العدوان الإسرائيلي على إيران، باعتباره ثابتاً أو يمكن الركون إليه، خصوصاً حين يكون الرئيس دونالد ترامب هو من يدير الدفّة. فالتقلب الحاد في قراراته وتحولاته المفاجئة، حتى حيال القضايا الاستراتيجية، يجعل من أي تحليل أو قراءة للموقف الأميركي مجرّد لقطة عابرة قد تفقد صلاحيتها في غضون ساعات، وقدّم البيت الأبيض إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الساعات الماضية بأنه سيتخذ قراره حول إيران خلال أسبوعَين ، على أنه منح فرصة للدبلوماسية خلال هذه الفترة، لكن جميع الخيارات العسكرية قبل السياسية تبقى قائمة، لا سيّما أن ترامب نفسه كان قد لجأ إلى مناورة قبيل بدء العدوان الإسرائيلي على إيران في 13 يونيو/حزيران الماضي عندما كان يعلن عن فرصة في المحادثات التي كان يجريها موفده ستيف ويتكوف مع المسؤولين الإيرانيين، والتي كانت تقترب من عقد جولة سادسة لها، كما أن اللغة التي استخدمها البيت الأبيض حملت الموقف ونقيضه، لكن ذلك لا يلغي وجود عوامل أخرى قد تكون أدت دوراً في ترحيل الرئيس الأميركي قراره، ليس أقلها التباينات داخل الإدارة في واشنطن حول الخيار العسكري ، إضافة إلى الرفض من مؤيدي ترامب والعديد من داعميه الخروج من سياسة "أميركا أولاً" والانخراط في حرب لا تظهر في الأفق أي خواتيم قريبة لها. حسابات ترامب تجاه إيران وأعلنت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت مساء الخميس أنه "بالنظر إلى وجود فرصة حيوية لإجراء مفاوضات قد تحصل وقد لا تحصل مع إيران في المستقبل القريب"، فإن ترامب سيتخذ قراره "في شأن المضي قدماً أو لا خلال الأسبوعَين المقبلَين"، وتابعت "إن كان هناك فرصة للدبلوماسية، فإن الرئيس سيغتنمها دائماً. لكنه لا يخشى كذلك استخدام القوة"، مشدّدة على الحاجة الملحة للتحرك ضدّ برنامج طهران النووي، وأكدت في المقابل أن إيران "لديها كل ما تحتاج إليه للتوصل إلى سلاح نووي؛ كل ما يحتاجون إليه هو قرار من المرشد الأعلى للقيام بذلك، وسيستغرق إنجاز صنع ذاك السلاح أسبوعَين". وكانت تقارير إعلامية أميركية قد ذكرت أن ترامب أبلغ مستشاريه الثلاثاء بأنه وافق على خطط لمهاجمة إيران، لكنّه أرجأ تنفيذها لمعرفة ما إذا كانت طهران ستتراجع عن برنامجها النووي، وأكد وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، مساء الخميس عقب لقاء مع وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو والمبعوث الخاص ستيف ويتكوف في البيت الأبيض، أن "هناك الآن نافذة خلال الأسبوعَين المقبلَين من أجل التوصل إلى حل دبلوماسي". جيمس جي. ستافريديس: قد يكون هذا غطاءً لقرارٍ بشنّ هجومٍ فوري. ربما تكون هذه خدعة ذكية للغاية لتهدئة الإيرانيين ودفعهم إلى الشعور بالرضا وخلف الحديث الرسمي عن منح الدبلوماسية فرصة للنجاح، أشارت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية إلى أن هذه المهلة تمنح واشنطن مجموعة من الخيارات، منها ترقب ما إذا كان أكثر من أسبوع من الحرب على إيران قد جعلها تغيّر مواقفها، أو ربما يدفعها لعدم الاستسلام، لافتة في المقابل إلى أن المهلة قد تكون محاولة لخداع الإيرانيين ودفعهم إلى تخفيف حذرهم. وقال جيمس جي. ستافريديس، القائد الأعلى السابق للقوات الأميركية في أوروبا، لشبكة "سي أن أن": "قد يكون هذا غطاءً لقرارٍ بشنّ هجومٍ فوري. ربما تكون هذه خدعة ذكية للغاية لتهدئة الإيرانيين ودفعهم إلى الشعور بالرضا"، وسألت لورا هولغيت، التي شغلت منصب السفيرة الأميركية لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية خلال إدارة جو بايدن: "أعتقد أن السؤال المطروح هو: هل يمكن للإيرانيين أن يعتبروا هذه فرصة لتجنّب التحديات الكبيرة التي ستنجم عن تدمير آخر منشآتهم النووية المتبقية؟"، لكنّها أضافت في تصريح لـ"نيويورك تايمز" أن "الاستسلام المباشر ليس مطروحاً على الأرجح بالنسبة لهم"، أو "التخلي التام عن قدرة التخصيب أيضاً، حتى الآن". ويبرز في السياق ما حصل في 13 مايو/أيار الماضي، حين وجّه ترامب، من على منصة منتدى الاستثمار السعودي الأميركي في السعودية، تحذيراً إلى إيران حين قال "لن نسمح أبداً بتهديد أميركا وحلفائها بالإرهاب أو بهجوم نووي"، وأضاف "حان الوقت لكي يختاروا؛ الآن. ليس لدينا الكثير من الوقت للانتظار. الأمور تتطور بوتيرة سريعة جداً". ولم يحظ هذا التحذير الذي وجهه في 13 مايو باهتمام كبير في ذلك الوقت. لكن، خلف الكواليس، قال مسؤولون أميركيون، وفق وكالة رويترز، إن الرئيس كان يعلم بالفعل أن الهجوم على إيران قد يكون وشيكاً، وأنه قد لا يكون هناك الكثير الذي يمكن فعله للحيلولة دون وقوعه، وقال المسؤولان إنه بحلول منتصف مايو كانت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) قد بدأت في وضع خطط طوارئ مفصلة لمساعدة إسرائيل إذا مضت قدماً بضرب البرنامج النووي الإيراني، وقال مصدر غربي ومصدر أوكراني إن الولايات المتحدة أرسلت بالفعل آلافاً من قطع الأسلحة الدفاعية من أوكرانيا إلى الشرق الأوسط استعداداً لصراع محتمل. وحتّى لو لم يكن هناك أي خداع، فإنّ ترامب، من خلال تقديم مخرجٍ إضافي للإيرانيين، سيعزّز خياراته العسكرية أيضاً، وبحسب "نيويورك تايمز، فإن أسبوعَين إضافيَين يتيحان وقتاً لحاملة طائرات أميركية ثانية للوصول إلى مواقعها، ما يمنح القوات الأميركية فرصةً أفضل لمواجهة الرد الإيراني الحتمي، مع ما تبقى من أسطولها الصاروخي، كما أن ذلك سيمنح إسرائيل مزيداً من الوقت لتدمير الدفاعات الجوية حول موقع فوردو والأهداف النووية الأخرى، ما يُخفف من المخاطر التي قد تتعرض لها القوات الأميركية إذا قرر ترامب في النهاية الهجوم. وهذا يُعفي ترامب من العمل وفق جدول زمني في ساحة المعركة، يُحدده رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي كان يضغط عليه لدخول المعركة، بأسلحة لا تملكها إسرائيل. ولا تغيب عن المشهد حسابات أخرى لترامب، وبحسب صحيفة نيويورك بوست الأميركية فإنّ أحد تحفظات ترامب بشأن الهجوم الأميركي المحتمل هو أن تصبح إيران "ليبيا جديدة" إذا جرت "إطاحة" خامنئي. ونقلت الصحيفة عن ثلاث شخصيات مقرّبة من الإدارة الأميركية، أن ترامب أشار أخيراً، على نحوٍ خاص، إلى مسألة "انزلاق ليبيا الغنية بالنفط إلى عقد من الفوضى في عام 2011"، ولفتوا إلى أن تحفظ الرئيس في مهاجمة إيران نابع من قلقه بشأن خلق "ليبيا جديدة" إذا جرت "إطاحة" المرشد الإيراني، كما نقلت الصحيفة عن شخصية مطلعة على مناقشات الإدارة بشأن إمكانية انضمام واشنطن للضربات ضد البرنامج النووي الإيراني قوله إنّ ترامب لا يريد أن "تتحول إيران إلى ليبيا". بدوره، قال شخص مقرّب من البيت الأبيض، للصحيفة، إنه في حال استخدام الولايات المتحدة "قاذفات القنابل الخارقة للتحصينات" ضد المنشآت النووية الإيرانية، فسيستمرون في التعامل مع ردّ فعل إيران، معربين عن قلقهم من التلوث النووي أو من أن تقوم إيران "بالرد من خلال الإرهاب"، وأكد أن ترامب فضّل بدلاً من ذلك التوصل إلى اتفاق، بحسب الصحيفة. تحليلات التحديثات الحية ما وراء تعليق ترامب قراره بشأن إيران أسبوعين دوافع وضغوط داخلية وإضافة إلى الحسابات العسكرية والسياسية الخارجية، فإنّ لترامب أيضاً حسابات داخلية، خصوصاً أن تعهده بوضع حد لانخراط الولايات المتحدة في "حروب لا نهاية لها" في الشرق الأوسط، كان له دور في فوزه بالرئاسة في انتخابات 2024، وانتقد بعض أبرز حلفاء الرئيس الأميركي، ومنهم النائبة مارجوري تايلور غرين، وتاكر كارلسون، وستيفن بانون، احتمال تورط الولايات المتحدة في حرب دولة أخرى. وبرزت واضحة الانقسامات الحادة في صفوف قاعدته الشعبية، لدرجة أن نائب الرئيس جي دي فانس كتب منشوراً مطولاً على وسائل التواصل الاجتماعي يوم الثلاثاء للتقليل من شأن المخاوف من تخلي الرئيس عن التزامه بإبعاد أميركا عن الصراعات الخارجية، وقال فانس: "أؤكد لكم أنه مهتم فقط باستخدام الجيش الأميركي لتحقيق أهداف الشعب الأميركي". على الجانب الآخر، يحثّ العديد من حلفاء ترامب المتشدّدين في مجلس الشيوخ، بمن فيهم الجمهوريان ليندسي غراهام وتوم كوتون، الرئيس على اتخاذ موقف أكثر حزماً تجاه إيران. وقال غراهام هذا الأسبوع على قناة فوكس نيوز: "أيها الرئيس ترامب، ساهم بكل قوتك في مساعدة إسرائيل على القضاء على التهديد النووي. إذا احتجنا إلى تزويد إسرائيل بالقنابل، فليُقدّموها. وإذا احتجنا إلى تسيير طائرات مع إسرائيل، فليُنفّذوا عمليات مشتركة". يحثّ العديد من حلفاء ترامب المتشدّدين في مجلس الشيوخ، بمن فيهم ليندسي غراهام وتوم كوتون، الرئيس على اتخاذ موقف أكثر حزماً تجاه إيران بالإضافة إلى ذلك، قد تكون هناك عوامل أخرى، ساهمت في ترحيل البتّ بقراره، ليس أقلها التباينات داخل الإدارة حول الخيار العسكري، وربما فاقمها وجود "فقر خبرة في الشؤون الخارجية" في مجلس الأمن القومي، خصوصاً أنه يعمل بدون مستشار للرئيس في شؤون الأمن القومي. وزير الخارجية ماركو روبيو يقوم بهذا الدور بعد شغور المنصب بإزاحة مايك والتز منه في أوائل مايو الماضي، وزاد من الإرباك أن القرار العسكري قد تترتب عليه تداعيات سلبية محلية وأمنية. استطلاعات الرأي المتلاحقة تعكس عدم تأييد شعبي أميركي للخيار العسكري، آخرها كان استطلاع "واشنطن بوست" الذي جاء بنتيجة 45% ضد الخيار العسكري مقابل 25% مع التدخل. لكن بين كل هذه الحسابات، يبقى الأساس بالنسبة لساكن البيت الأبيض إمكانية اقتراب طهران من صنع قنبلة نووية، وبحسب ما تنقل صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤولي استخبارات ومسؤولين أميركيين آخرين، لم تسمّهم، فإنّ وكالات الاستخبارات الأميركية لا تزال تعتقد أن إيران لم تقرر بعد ما إذا كانت ستصنع قنبلة نووية، رغم أنها طورت مخزوناً كبيراً من اليورانيوم المخصب اللازم لذلك. وأكد المسؤولون أن هذا التقييم لم يتغير منذ آخر مرة تناولت فيها وكالات الاستخبارات مسألة نيّات إيران في مارس/آذار الماضي. وبحسب المسؤولين، فإن القادة الإيرانيين من المرجح أن يتجهوا نحو إنتاج قنبلة إذا هاجم الجيش الأميركي موقع فوردو لتخصيب اليورانيوم، أو إذا قتلت إسرائيل المرشد علي خامنئي. وعقد مسؤولو البيت الأبيض إحاطة استخباراتية يوم الخميس، أبلغ خلالها مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية جون راتكليف، المسؤولين أن إيران على وشك امتلاك سلاح نووي، وقال بعض المسؤولين الأميركيين، وفق "نيويورك تايمز"، إن هذه التقييمات الجديدة تُحاكي المعلومات التي قدمها "الموساد" الإسرائيلي، الذي يعتقد أن إيران قادرة على امتلاك سلاح نووي في غضون 15 يوماً. وفي حين رأى بعض المسؤولين الأميركيين أن التقدير الإسرائيلي موثوق، أكّد آخرون أن تقييم الاستخبارات الأميركية لم يتغير، وتعتقد وكالات التجسّس الأميركية أن الأمر قد يستغرق شهوراً عدّة، وقد يصل إلى عام، حتّى تتمكن إيران من صنع سلاح نووي. ووفقاً لمسؤولين متعدّدين نقلت عنهم "نيويورك تايمز"، لا تستند أي من التقييمات الجديدة بشأن الجدول الزمني للحصول على قنبلة نووية إلى معلومات استخباراتية جُمعت حديثاً. تقارير دولية التحديثات الحية ترامب... من مُبشر بالسلام في الشرق الأوسط إلى مُستجيب لنزوات نتنياهو


العربي الجديد
منذ 6 ساعات
- العربي الجديد
تظاهرات حاشدة في إيران واليمن تنديداً بالعدوان الإسرائيلي
تظاهر الآلاف في عدد من مدن إيران بينها العاصمة طهران ، الجمعة، تنديدا بالعدوان الإسرائيلي على بلادهم، ورددوا شعارات دعم لقادتهم، بحسب ما أظهرته مشاهد بثها التلفزيون الرسمي. وقال مذيع الأخبار: "هذه جمعة تضامن ومقاومة الأمة الإيرانية في جميع أنحاء البلاد". وأظهرت اللقطات متظاهرين يرفعون صورا لقادة قُتلوا منذ بداية الحرب مع إسرائيل ، بينما لوّح آخرون بأعلام إيران و حزب الله اللبناني. كما شهدت مدن جرجان وأصفهان ومشهد وشيراز وتبريز مظاهرات مماثلة. وأحرق المتظاهرون أعلام إسرائيل والولايات المتحدة، معلنين دعمهم للمرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي بعد التهديد الإسرائيلي والأميركي باغتياله. وتواصل إسرائيل عدوانها على إيران للأسبوع الثاني بموجات قصف عنيف، فيما توجه الأخيرة ضربات صاروخية يومية إلى عدد من المدن في دولة الاحتلال، موقعة خسائر وقتلى. وصدرت عدة تصريحات عن قادة الاحتلال الإسرائيلي تخاطب الشارع الإيراني بهدف تحشيده ضد النظام، وهو ما لم يلقَ أي تجاوب من الشعب الإيراني. الصورة من تظاهرة في طهران ضد العدوان الإسرائيلي، إيران 20 يونيو 2025 (Getty) وفي اليوم الأول للحرب، وجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، رسالة إلى الشعب الإيراني، دعاه فيها إلى التخلص مما وصفه بـ"النظام الظالم والطاغي"، زاعما أن إسرائيل لا تعتبر الشعب الإيراني عدوا، بل ترى أن معركتها موجهة ضد "نظام قاتل يهدد أمن المنطقة ويفقر شعبه". وقال نتنياهو: "المعركة ليست ضدكم، بل ضد نظام يظلمكم ويضعفكم. نحترم ثقافتكم وتاريخكم. نوركم سيهزم الظلام. أنا معكم، وشعب إسرائيل معكم". تظاهرات في اليمن تضامناً مع إيران وغزة في اليمن، تظاهر عشرات الآلاف، الجمعة في ميدان السبعين بصنعاء والساحات الرئيسية لعدد من المدن اليمنية للتنديد بالعدوان الإسرائيلي على إيران وغزة. ورفع المتظاهرون الأعلام اليمنية والفلسطينية والإيرانية، كما رفعوا صور القيادات الإيرانية والفلسطينية وقيادة جماعة الحوثي، معبرين عن إدانتهم للعدوان الإسرائيلي على إيران. أخبار التحديثات الحية الحرب الإسرائيلية الإيرانية | إصابات وأضرار كبيرة في حيفا وأشاد المتظاهرون في المسيرات، التي حملت عنوان "ثابتون مع غزة وإيران ضد الإجرام الصهيوأميركي"، بالرد الإيراني، والقدرات الصاروخية الإيرانية، كما رددوا شعارات ضد الولايات المتحدة وإسرائيل. وجدد بيان المسيرات "الموقف الثابت في دعم المقاومة والشعب الفلسطيني في غزة وكل فلسطين"، كما أعلن "التأييد والمساندة والمباركة لرد الجمهورية الإسلامية الإيرانية القوي والحازم والفعال على العدو الصهيوني". وقال البيان إن الرد الإيراني "حق واجب يمثل كل أمة الإسلام ويقف خلفه كل المؤمنين الأحرار في عالمنا العربي والإسلامي"، مجدداً الدعوة "لكل أبناء الأمة وأحرار العالم لمقاطعة شاملة لكل المنتجات والشركات الإسرائيلية والأميركية"، وداعياً "أبناء الأمة للقيام بواجبهم لمساندة الشعب الفلسطيني في وجه جرائم الإبادة الصهيونية في غزة".


العربي الجديد
منذ 6 ساعات
- العربي الجديد
أهداف الحرب على إيران كما حددتها دراسات جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ 2021
ثمّة إجماع لدى جنرالات إسرائيل وباحثيها، وكذلك خبراء نوويين ، على أن تدمير أصول المشروع النووي الإيراني من الجو غير ممكن. آخر شهادة في هذا الصدد هي من وزير الأمن الإسرائيلي الأسبق الذي كان في صلب المناقشات الداخلية حول ضرب إيران بين 2009 و2012، إيهود باراك ، الذي أقرّ، في مقابلة مع "سي أن أن" قبل يومين، بأن الضربات الإسرائيلية "ربّما أخّرت القدرات النووية الإيرانية شهرًا على الأكثر". حتى دخول المقاتلات الأميركية الحرب، وأهمّها قاذفة بي 2، الوحيدة القادرة على حمل قنابل Bunker Buster، وإسقاطها على مفاعل "فوردو" المحصّن على عمق 90 مترًا تحت الأرض في أحد جبال قم، لن يجدي إلا في "شراء بعض الوقت الإضافي"، كما يقول إيريك برور، وهو محلل سابق في "سي آي إيه"، لوكالة "رويترز". السبب الرئيسي في ذلك هو أن المشروع النووي الإيراني يتجاوز المفاعلات إلى التقنيات، "والتي يمكن أن تخبأ في مصنع صغير، أو في أعماق أبعد من فوردو "، كما يقول جيمس أكتون، وهو عالم بريطاني يدير برنامج السياسة النووية في مبادرة كارنيغي للسلام. السؤال البديهي، إذن: لو كان حلّ المسألة النووية الإيرانية غير ممكن عسكريًّا -أقلّه من الجو- فما حسابات إسرائيل، ومعها الولايات المتحدة، من وراء الحرب، ولا سيّما أنها تحظى بتزكية أوروبية لافتة؟ رصد التحديثات الحية القنابل الأميركية الخارقة للتحصينات... أمل إسرائيل باختراق "فوردو" يمكن أن نجد بعض الإجابات في الدراسات العسكرية المنشورة خلال السنوات القليلة الماضية، الصادرة تحديدًا عن معهد "دادو"، وهي مؤسسة بحثية تتبع لجيش الاحتلال، ويكتب فيها ضباط احتياط وآخرون في الخدمة. يعدّ عام 2021 مهمًّا بوصفه نقطة ارتكاز، لأنه العام الذي حظي فيه جيش الاحتلال بميزانية ضخمة لثلاث سنوات، مرصودة لإعداد خطة شاملة من أجل ضرب إيران؛ ويمكن القول إن كثيرًا مما رسم في الخطط والتصورات النظرية يحدث اليوم. قصّ أظافر القط: حزب الله أولويةً تعود استعارة "القط" هذه إلى تهديد مبطن، جرى على لسان وزير الاستخبارات الإيراني السابق، محمود علوي، مطلع عام 2021. خاطب علوي القوى الغربية حينها بالقول: "النووي محرّم في فتوى المرشد، لكن لا يمكن التنبؤ بسلوك قطّ حين يُحشر في الزاوية". لاحقًا في العام ذاته، نشر رئيس معهد "دادو"، العميد عيدان أورتال، دراسة بعنوان "إرهاق القط"؛ وفيها يفصّل استراتيجية شاملة لهزيمة إيران تقوم على ركيزتين: "قصّ أظافر القط، وإرهاقه حتى الانهيار". تذهب هذه الاستراتيجية عكس كثير مما نسمعه في تعليقات الساسة والمحللين عن "ضرب رأس الأخطبوط"، في إشارة إلى إيران، إذ تحدد التهديدات المحيطة، المتّصلة أساسًا بإيران، باعتبارها أولوية، وتحديدًا "حزب الله". ينبع تقدير أورتال هذا من عاملين رئيسيين، أوّلًا أن "الهجوم العسكري الإسرائيلي على إيران لن يلحق إلا ضرراً مؤقتاً ببرنامجها النووي (...) كما أن عمليات التخريب والمعلومات الاستخبارية وحدها لا تكفي لتقويض التهديد الإيراني"؛ وثانيًا أنه "على الرغم من التفوق الاقتصادي والتكنولوجي البيّن لإسرائيل، لكن قدرة إيران على تهديد إسرائيل بالقوة تفوق قدرة إسرائيل بما لا يقاس"، في إشارة إلى الحزام الناري "الأقل كلفة والمؤثر نسبياً" المحاطة به إسرائيل، عبر حركة حماس و حزب الله . تقارير عربية التحديثات الحية الموفد الأميركي توماس برّاك: تدخل حزب الله بالحرب سيكون سيئاً للغاية إلى ذلك، يرى أورتال أن هزيمة حماس، وحزب الله على وجه الخصوص، من شأنه أن يحقق "ركيزتي" النصر المقترحتين على إيران: "قص أظافر القط وإرهاقه"، ذلك بأنه "حتى بعد صراع واسع النطاق في الشمال، ستبذل إيران جهوداً كبيرة لاستعادة قوتها في لبنان وسورية"، وأيضاً "استثماراً ضخماً في حماية منشآتها من هجوم إسرائيلي متوقع". ومن ثم، فإن "تدمير قاعدة إطلاق النار الإيرانية في لبنان سيجرّ إيران إلى جهود إعادة إعمار مكلفة وطويلة الأمد، وإن كانت ميؤوسًا منها، تحت أعين إسرائيل الساهرة، ومع استخلاص دروس الماضي". ما المطلوب لتحقيق هذه الغاية؟ اللافت أن الجنرال الإسرائيلي لا يتحدث عن "نصر مطلق" هنا، أو حتى هجوم برّي، بل تحديداً "بناء القدرات العسكرية التي تمكّن من هزيمة حزب الله وإزالة التهديد الصاروخي من لبنان"، ثمّ عدم تكرار سيناريو حرب تموز؛ أي إن الهزيمة وفق هذه الرؤية لا تعني تفكيك حزب الله بالكامل، وإنما تفكيك "معادلة الردع" التي حكمت العلاقة معه منذ الانسحاب من جنوب لبنان، والتي بموجبها حظي بأريحية مراكمةِ القوة. نرى هذه الرؤية قائمة اليوم على أرض الواقع، مع انفتاح الساحة اللبنانية أمام الغارات الإسرائيلية بشكل شبه يومي، عدا عن طيرانه الاستطلاعي. تذهب الدراسات الصادرة في الأعوام اللاحقة إلى الاستخلاص ذاته: أولويّة حزب الله لا تكمن فقط في حسابات التهديد الفعلي المباشر، بل في الصراع الأكبر مع إيران. على هذا النحو، يكتب العميد احتياط، مئير فينكل، في دراسة أخرى منشورة عام 2022، أنه في سيناريو حرب متعددة الجبهات "من الصواب أن يكون التركيز على العدو الأقرب والأكثر قدرة، وهو حزب الله"، معتقداً بأن "أي نصر حاسم سيكون أكثر تأثيراً على أعداء إسرائيل الآخرين من ضربة غير حاسمة على إيران". تقارير دولية التحديثات الحية حرب إسرائيلية داخل إيران... فصول من خطط الموساد الجنرال احتياط عاموس غلعاد يذهب في الاتجاه ذاته، موصياً بأن يكون الهدف الرئيسي في أية حرب واسعة "هزيمة حزب الله عسكرياً بما يُمكّن من تشكيل حكومة جديدة تُمثل جميع عناصر القوة في لبنان، وتحظى بدعم الغرب ودول الخليج ومساعدتهم، وتُشكّل أيضاً ثقلاً موازناً للنفوذ الإيراني في لبنان". يضيف رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي الأسبق، اللواء يعقوب عميدرور، في دراسة منشورة عام 2022، أنه "على المدى البعيد، سيمنح تدمير هذه القدرات الإيرانية على (الحدود) إسرائيلَ حرية في اتخاذ القرار والتصرف عند الحاجة إلى تدمير القدرة النووية الإيرانية". يكفي هذا لفهم الانسجام الإسرائيلي الراهن، على امتداد العصبتين السياسية والأمنية حول الضربة، والمعبّر عنه، مثلًا، بمشاركة رئيس "الشاباك" المقال، رونين بار، في اجتماعات ما قبل ساعة الصفر. في الواقع، كلّ تلك السيناريوهات المطروحة آنفًا كانت مرصودة لحالات أسوأ، تكون فيها إسرائيل أمام حرب مفتوحة على امتداد الجبهات، وفرضيات تقتضي "سقوط مئات القتلى من الجنود والمدنيين، واحتلالًا مؤقتًا لأراضٍ في شمال البلاد، وأسرى حرب إسرائيليين"، كما يقول فينكل ذاته. كان سيناريو الحرب المتعددة الجبهات هذا أيضًا في صلب خطّة خمسية وضعها رئيس الأركان الأسبق، أفيف كوخافي، وأسماها "تنوفا"، وترمي إلى تجاوز حالة الردع نحو "إلحاق الهزيمة بالمنظمات الإرهابية"، وتوسيع دائرة العمل إلى "الدول المعادية غير المحاذية لإسرائيل". خاضت إسرائيل حربها هذه تواليًا، جبهة تلو جبهة، في سيناريو أكثر تفضيلًا؛ والخطط كانت مرسومة سلفًا. "الاحتواء العدواني" تبعًا لمقاربة "إرهاق القط" ذاتها، يرى أورتال أن هزيمة إيران في محيط إسرائيل القريب سيضعها أمام خيارين "إعادة النظر في سياستها الإقليمية العدوانية، أو الانهيار على نفسها". هنا، ومع مغادرة العقيدة العسكرية إزاء حركات المقاومة مفهوم "الاحتواء السلبي"، وفق خطة "تنوفا"، يقترح أورتال في مقابل ذلك مفهوم "الاحتواء العدواني" في التعامل مع إيران. يوازن هذا النوع من الاحتواء ما بين "حرب حاسمة على الحدود، وسياسة احتواء عدوانية طويلة الأمد في جميع أنحاء المنطقة"، تستتبع استنزاف قدرات إيران في ترميم بنيتها التحتية ودعم وكلائها، على طريقة "الإماتة عبر ألف طعنة صغيرة". لكن ذلك يتطلّب أيضًا "قدرة إسرائيلية على استعراض القوة داخل إيران، رغم الإقرار بمحدوديتها"، بالإضافة إلى "بناء قدرة دفاعية واسعة ونشطة". يذهب المقدّم إيتاي خيمينيز في المسلك ذاته، لكنه يقترح أيضًا "نقل الحرب إلى الأراضي الإيرانية عبر العمل السري"، وكذلك إنشاء "قواعد حصار أمامية، قريبة من الحدود البرية أو البحرية لإيران". بطبيعة الحال، فقد رأينا شيئًا من ذلك أيضًا في الحرب الراهنة؛ ولعلّ مبدأ "استعراض القوة" هذا هو ما يبرّر نشر "الموساد" مقطع فيديو، يفترض أن يبقى طيّ العمل السري، لعملاء له يطلقون طائرات مسيّرة من داخل إيران. في المحصّلة، فإن الاستنزاف المقترح هنا ذو طابع ديناميكي، يجمع ما بين "استعراض القوة" فحسب داخل إيران، وتدمير بنيتها التحتية العسكرية بشكل حيوي وفعلي خارج حدودها. الأصول الداعمة لذلك هو أن "إسرائيل، ليست كما السابق، دولة غنية الآن وتستطيع مواكبة حرب استنزاف كتلك، فيما يظلّ الاقتصاد الإيراني هشًّا"، وفق قراءة أورتال. تقارير دولية التحديثات الحية "زفاف أحمر".. خطة إسرائيل لاغتيال كبار قادة إيران في 12 دقيقة المنطق الاستراتيجي وراء هذا الطرح، الذي تتفق معه معظم الدراسات اللاحقة أيضًا، هو عدم جدوى أي حرب مباشرة مع إيران بالنظر إلى أن الأخيرة، من جهة، "تمتلك قدرة كبيرة على الاستيعاب والصمود بسبب حجمها ومواردها الوافرة"، كما يكتب عقيدان في مكتب الاستراتيجية والدائرة الثالثة، التي تأسست بموجب خطة "تنوفا"، في دراسة نشرها معهد الجيش بالأحرف الأولى من اسميها؛ ومن جهة أخرى، لأن "إسرائيل لن تتمكن من الحفاظ على قوة عسكرية مؤثرة تشمل قدرة مناورة واسعة النطاق، وضربات (تدمج الاستخبارات والنيران)، ودفاعًا مضادًّا للصواريخ على نطاق كافٍ لتحقيق إنجاز استراتيجي كبير"، كما يكتب العميد فينكل؛ وهذا مع عدم احتساب الخسائر المادية المباشرة من أثر القصف المتبادل. رغم ذلك، تتفق الدراسات الأربع المذكورة عند مبدأ "إظهار القوة"، وإن بشكل مباشر، مع إيران. من هذا المنطلق، يوصي خيمينيز، استشرافًا لحرب ممكنة مع إيران، بالتركيز على "الأهداف ذات القيمة المعنوية"، كالمراكز الحكومية، والقادة، والمؤسسات، وهذا إدراكًا للأفضلية التي تتمتع بها إيران في تعويض الخسائر المادية، والتكلفة الثقيلة للحملات الجوية الإسرائيلة؛ وكذلك خدمة للهدفين الاستراتيجيين المذكورين: دفع النظام إلى نقطة "الانهيار الذاتي" في "أفضل الأحوال"، وفي "أسوئها"، دفعه إلى الإقرار بالمقدرة الإسرائيلية، وقبول توازنات جديدة مع فقدانه أوراق القوة. هذا منطلق من قناعة أن "إيران مصممة على عقيدة براغماتية استراتيجية تقوم على تفكير بعيد المدى"، كما يكتب العقيدان بالأحرف الأولى من اسميها. على هذا النحو، يرى البروفيسور مئير ليتفيك، في دراسة نشرها معهد الجيش، أنه وفق مبدأ الاستنزاف هذا، فإن "الفهم الصحيح لطبيعة التفكير في إيران يفضي إلى استنتاج أن الوقت يعمل ضد النظام هناك، وأن النظام سيضطر إلى تغيير سياسته الحالية إذا أراد البقاء". وهذا متطابق أيضًا مع طرح أورتال، الذي يدعو إلى "استراتيجية تنافسية قائمة على احتواء عسكري وسياسي عدواني لإيران وإجبارها على الاعتراف بفشل استراتيجيتها". ينطوي ذلك أيضًا على اعتراف مقابل "بمكانة إيران الإقليمية". يذهب خيمينز في هذا الاتجاه، ثم يخلص إلى القول: "هل ستكون إيران مستعدة للتنازل عن القضايا التي تُمثل "خطوطًا حمراء" لإسرائيل- البرنامج النووي والتدخل العسكري في بلاد الشام؟ في رأيي، الإجابة هي نعم. إن تحقيق المصالح الجوهرية لإيران -الحفاظ على النظام والاعتراف بمكانتها القوية في المنطقة– يدفع إيران إلى تقديم تنازلات صعبة وعملية، كما أثبتت استعدادها لذلك في الماضي". أيضًا، رأينا تجلّيات من ذلك على أرض الواقع؛ من قبيل ما كشفه قادة في جماعة الحوثيين باليمن عن عرض أميركي بالاعتراف بسلطتهم مقابل الانكفاء عن دعم غزة. كذلك أيضًا، يمكن أن نضع الاغتيال المتكرر للقادة، والتلويح باستهداف المرشد، وإفراغ طهران، وقصف مقرّ التلفزيون الإيراني، ضمن فكرة "الأهداف ذات القيمة المعنوية" التي يقترحها المقدّم خيمينيز، ومن ورائها استراتيجية دفع النظام إلى أحد مصيرين: الانهيار أو المساومة للحفاظ على ديمومته. نموذج الاتحاد السوفييتي فكرة "الاعتراف بمكانة إيران في المنطقة" التي يقترحها خيمينيز ليست بناشزة، بل مشتقة من دروس التاريخ، وقد تبنّتها أيضًا دراسات لاحقة. في واحدة منشورة في مجلة "بين القطبين"، التابعة لجيش الاحتلال، عشية "طوفان الأقصى"، يدعو العميد إيال بيخت إلى اعتماد منهجية مركّبة من نموذجي حرب أكتوبر (المصرية) والحرب الباردة لهزيمة إيران. يستدعي الضابط الإسرائيلي هنا مثال الرئيس المصري، أنور السادات، الذي لم يكسب الحرب بالمطلق في الميدان، لكنه أفلح في دفع عملية سياسية حصل من خلالها على تنازلات. لكن للفروقات الجوهرية في الحالة الإيرانية، الأكثر عقائدية بالطبع، فإنه يقترح نموذجًا هجينًا مع الحرب الباردة، التي يتخللها سباق تسلح استراتيجي وحروب غير مباشرة، ولكن أيضًا، تقدير متبادل من كلّ طرف لمقدرة الآخر. تعدّ هذه المقاربة الهجينة تكثيفًا للأفكار السابقة: تركيز القوة في مواضع ألم إيران من جهة، حتى في داخلها، وتقدير مكانها في الإقليم من جهة أخرى. لكن النهاية المتصوّرة هي ذاتها التي انتهى إليها الاتحاد السوفييتي: الاحتواء، ثم الاستنزاف حتى التفكك. تقارير عربية التحديثات الحية حيفا على خطى كارثة بيروت... مخاوف تضاعفها صواريخ إيران يرى بيخت أن ثمة مشتركات جوهرية بين إيران والاتحاد السوفييتي: العقائدية، والقمعية، والانغلاق الثقافي الدافع إلى الغطرسة، والتوسع الزائد عن المقدرة الاقتصادية الهشة. من هنا، تذهب الدراسة إلى اقتباس نظرية "التوسع المفرط"، التي صاغها المؤرخ والباحث البريطاني، بول كينيدي، والتي ترى علاقة سببية بين تراجع القوى الكبرى عبر التاريخ وتوسعها في تدخلات عسكرية أكبر من سعتها الاقتصادية. لكن رغم ذلك، لم تكن الولايات المتحدة لترى نهاية خصمها الألد في عهد القطبين لولا مزيج من حروب الظل والاعتبار المتبادل. يشرح جون شيتل، في مقال منشور عام 1995 في مجلة "ذا ناشونال إنترست"، كيف أن عهد الانفتاح على الاتحاد السوفييتي، الذي دشّن في سنوات الضعف الظاهري للولايات المتحدة إبّان حرب فيتنام، كان بادئة سلسلة من التقلبات التي أفضت إلى تفكك النظام الشيوعي. دفع هذا الانفتاح السوفييت إلى الانكشاف على ثقافة الغرب، والارتباط الوثيق بأسواقها، حتى دخلوا في حالة من "الارتياح المفرط"، قبل أن يصطدموا بصلف الرئيس الأميركي السابق، رونالد ريغان الذي سدّ عليهم كل المنافذ؛ ثم لم يكن الانهيار بعيدًا. وقع شيء شبيه مع إيران، بعد انفراجة الاتفاق النووي التي حررت مدخراتها في الخارج، وفتحت الأسواق العالمية أمام ثرواتها النفطية والغازية الهائلة؛ قبل أن يسدّها الرئيس الأميركي دونالد ترامب. بين هذه التقلبات العنيفة، من العقوبات إلى الانفراجة إلى الضغط الأقصى فالحرب المباشرة، ربما ينتظر خصوم إيران أن تأتي لحظة الانهيار من تلقاء نفسها. حدود "الصبر الاستراتيجي" كلّ ما ذكر كان مجرد استقراء للرؤية الاستراتيجية الكبيرة تجاه إيران، وتحديدًا من منظورها العسكري -المهني، لا السياسي- وليس تبنّيًا لها. بطبيعة الحال، نرى كثيرًا مما رسم سلفًا يتنزّل على أرض الواقع اليوم، لكن هذا أيضًا لا يعني بالضرورة نجاحه. تقارير دولية التحديثات الحية نيويورك بوست: ترامب يخشى سيناريو ليبيا بحال إطاحة خامنئي على المقلب الآخر، فإن لدى إيران، في صورة نظامه الحالي، تاريخ طويل من العناد والمرونة، يمتدّ من حرب السنوات الثماني مع العراق، والتي كانت هي من رفض قرار وقف إطلاق النار فيها بعد صدوره عن مجلس الأمن. لكن الأهم، في الوجه المقابل من الصورة، أن كل تلك المعطيات توثّق حقيقة أن خطط الحرب موضوعة سلفًا، لا على الورق فحسب، بل في العقيدة العسكرية، والموازنة، والرؤية الاستراتيجية الأوسع، وحتى المخيال؛ وأنها عند اللحظة المؤاتية لن تعوزها ذريعة.