logo
خطاب عون يُمهّد للقرار ويردّ على التهويل

خطاب عون يُمهّد للقرار ويردّ على التهويل

المركزيةمنذ 6 أيام
إذا كان خطاب القسم لرئيس الجمهورية جوزف عون قبل ثمانية أشهر أحدث تردّدات مدوية نظراً إلى مضامينه والتزاماته عقب حقبة فراغ رئاسي مديدة وتعويل داخلي وخارجي كبير على الرئيس المنتخب آنذاك، فإن الدلالات التي ارتسمت أمس على خطاب الرئيس عون من مقر قيادة الجيش بالذات وعشية عيد الجيش قد لا تقل أهمية و"مفصلية" في اللحظة الشديدة الدقة التي يقبل عليها لبنان. ذلك أن مضامين خطاب عون البارحة شكّلت ما يصح اعتباره "ملحقا" لخطاب القسم، نظراً إلى ما احتوته من تجديد متشبّث أولاً بالالتزامات السيادية، ولا سيما منها تحديداً وخصوصاً التزام حصرية السلاح بيد الجيش اللبناني وحده بلا منازع، كما لجهة مكاشفة اللبنانيين بمضمون الرد اللبناني على ورقة توم برّاك، وأيضاً لجهة حضّ جميع الأطراف على الاصطفاف وراء الجيش. ولكن نقطة الثقل الأساسية التي جعلت خطاب عون "يتوهّج" كحدث حقيقي تمثلت في تمهيده الواضح الضمني لقرار كبير يفترض أن لبنان سيشهده الأسبوع المقبل ترجمة للاتجاه إلى تنفيذ التزام حصرية السلاح. هذا الاتجاه لم يقاربه عون بصراحة، ولكنه أطلق النذر الممهدة له من خلال الردّ الضمني الواضح على انزلاق الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم مجدداً، وبتعمّد واضح، إلى تخوين كل مطالب بتسليم سلاح "حزب الله" إلى الدولة، معتبراً هؤلاء "في خدمة المشروع الإسرائيلي" وكأنه أراد الذهاب إلى حدود تحريم طرح تسليم سلاح الحزب في مجلس الوزراء. ومع توجّه رئيس الجمهورية إلى بيئة الحزب بكلام الاحتضان والإقناع والمصلحة اللبنانية الشاملة، حرص أيضاً وفي موازاة ذلك على إفهام من يتوجب أن يفهموا أن المغامرة مجدداً بلبنان صارت أيضاً محرّمة و"أن مشروع الدولة سينتصر".
ساعات بعد خطاب عون بدت كافية لبلورة صورة "مهابة" أكثر فأكثر للاختبار والاستحقاق البالغ الأهمية المفصلية الذي ستكون البلاد أمامه الأسبوع المقبل. إذ أن أي تراجع للسلطة أمام التهويل الانفعالي السافر الذي انزلق إليه "الحزب" باستحضار 7 أيار سيعني سقوطاً مدوياً لكل الثقة الداخلية والخارجية بالدولة ويرتب تداعيات مدمرة عليها. حتى أن أحد المعنيين الكبار بالاستعدادات والمشاورات الجارية لجلسة "حصرية السلاح" قالها بوضوح، إنه لم يعد هناك من خيارات مفتوحة بل ثمة قرار واحد مفروض ولا قرار سواه وهو التسليم بما ستقرره التزامات الدولة التي انضوى تحتها الجميع من خلال البيان الوزاري للحكومة، حتى الرافضون اليوم لترجمتها لأن أوان التنفيذ قد حان.
إذن، عشية جلسة مجلس الوزراء التي ستناقش ملف حصرية السلاح بيد الدولة جدّد رئيس الجمهورية تمسّكه بدولة ذات سلاح واحد. واعتبر خلال الاحتفال الذي أقيم في مقر وزارة الدفاع الوطني في اليرزة قبل ظهر أمس، في ذكرى شهداء الجيش الذي يصادف في 31 تموز من كل عام وعشية عيد الجيش، أن "من واجبه وواجب الأطراف السياسية كافة عبر مجلس الوزراء والمجلس الأعلى للدفاع ومجلس النواب والقوى السياسية كافة، أن نقتنص الفرصة التاريخية، وندفع من دون تردّد إلى التأكيد على حصرية السلاح بيد الجيش والقوى الأمنية"، داعياً إلى "أن نحتمي جميعاً خلف الجيش". وتوجّه عون بنداء "إلى الذين واجهوا العدوان وإلى بيئتهم الوطنية الكريمة أن يكون رهانكم على الدولة اللبنانية وحدها. وإلا سقطت تضحياتكم هدراً، وسقطت معها الدولة أو ما تبقى منها". وأكد أن حكومة الرئيس نواف سلام أعطت الأولوية لستة ملفات نظراً لحدود ولايتها الزمنية من دون أن تغفل ملفات أخرى، مشددا على أن القضاء مطلق اليدين لمكافحة الفساد والمحاسبة وإحقاق الحق وتكريس مبدأ المساواة أمام العدالة، وعلى أنه سيوقع مرسوم التشكيلات القضائية فور ورودها. وكشف عون حقيقة المفاوضات التي باشرها مع الجانب الأميركي بالاتفاق الكامل مع رئيس مجلس الوزراء نواف سلام وبالتنسيق الدائم مع رئيس مجلس النواب نبيه بري "التي تهدف إلى احترام تنفيذ إعلان وقف النار"، لافتاً إلى أن لبنان أجرى تعديلات جوهرية على مسودة الأفكار التي عرضها الجانب الأميركي ستطرح على مجلس الوزراء مطلع الأسبوع المقبل، معدّداً النقاط التي طالب بها وهي: وقف فوري للأعمال العدائية الإسرائيلية، وانسحاب إسرائيل خلف الحدود المعترف بها دولياً، وإطلاق سراح الأسرى وبسط سلطة الدولة اللبنانية على كل أراضيها، وسحب سلاح جميع القوى المسلحة ومن ضمنها "حزب الله" وتسليمه إلى الجيش اللبناني، وتأمين مبلغ مليار دولار أميركي سنوياً لفترة عشر سنوات من الدول الصديقة لدعم الجيش اللبناني والقوى الأمنية وتعزيز قدراتهما، وإقامة مؤتمر دولي للجهات المانحة لإعادة إعمار لبنان في الخريف المقبل، وتحديد وترسيم وتثبيت الحدود البرية والبحرية مع الجمهورية العربية السورية بمساعدة كل من الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية والفرق المختصة في الأمم المتحدة، وحلّ مسألة النازحين السوريين، ومكافحة التهريب والمخدرات ودعم زراعات وصناعات بديلة.
وقال عون: "معاً نريد استعادة دولة تحمي الجميع، فلا تستقوي فئة بخارج، ولا بسلاح، ولا بمحور، ولا بامتداد ولا بعمق خارجي ولا بتبدل موازين قوى بل نستقوي جميعاً بوحدتنا ووفاقنا وجيشنا، وأجهزتنا الأمنية لمواجهة أي عدوان كان. نريد استعادة دولة، هي خلاصة إراداتنا، وتجسيد لميثاقنا، وثمرة تضحياتنا. وهي وحدها التي تحمينا". وحذّر من أن "الاستحقاق داهم والمسؤولية شاملة". وتوجّه إلى العسكريين قائلاً: "طالما أن اللبنانيين معكم، مع صلابة إرادتكم، وحكمة قيادتكم، أنا واثق بأن مشروع الدولة سينتصر، فابقَ أيها الجيش على أهبة الاستعداد للدفاع عن لبنان وعن حياة شعبه ومصالح أهاليه. وأنا لا أنتظر من المكوّنات السياسية في مجلسي النواب والوزراء، إلا الاصطفاف خلفك في مهمتك التاريخية لكي نترحّم في عيد تأسيسك، على المؤسس الرئيس فؤاد شهاب. لا أن يترحّم علينا العالم متفرجاً".
ووصف عضو "اللقاء الديمقراطي" النائب مروان حمادة خطاب عون بأنه "خطاب القسم الثاني، وفيه سهّل على الحكومة والبرلمان تحقيق المهمات الكبرى". وقال إن عون "انتزع الفتائل التي قد تشوب جلسة مجلس الوزراء الثلاثاء، وأحسن في كشف الرسالة اللبنانية إلى الموفد الأميركي توم برّاك، ولم يكن عدائياً مع أحد بل أكد شرعية السلاح الأوحد".
غير أن اللافت أنه على وقع الحمى اللبنانية، شنّ الطيران الحربي الإسرائيلي مساء أمس سلسلة غارات كثيفة وعنيفة استهدفت العديد من المناطق في البقاع الشمالي والجنوب. وبدأت الغارات عند السادسة مساء على جرود بريتال في السلسلة الشرقية، وسجّل الطيران الحربي، وبفارق أقل من دقيقة، غارات أخرى على محيط النبي سريج على السلسلة الشرقية، كما نفذ الطيران الإسرائيلي غارة رابعة على السلسلة الشرقية في جرود بريتال مستهدفًا فيها الموقع عينه على مقام النبي اسماعيل الذي كان قد استهدف بصاروخين، واتسعت الغارات لتشمل مرتفعات جنتا ومنطقة الشعرة. وقال الجيش الإسرائيلي إنه قصف منشآت كبيرة جداً تابعة لحزب الله في البقاع اللبناني كانت مخصصة لتصنيع المسيّرات التي كانت تهدّد أمن إسرائيل، وأضاف أن الغارات استهدفت بنية لانتاج المتفجرات المستخدمة في تطوير وسائل قتالية لحزب الله تحت الارض لإنتاج صواريخ وتخزين وسائل قتالية استراتيجية.
بالتوازي، نفذ الجيش الاسرائيلي سلسلة غارات من الطيران الحربي استهدفت منطقة الدمشقية ووادي برغز والمحمودية ومرتفعات الريحان في جنوب لبنان.
في غضون ذلك انعقدت الجلسة التشريعية لمجلس النواب قبل الظهر ومساءً لإنجاز إقرار جدول أعمال من خمسة مشاريع قوانين، أبرزها قانون الإصلاح المصرفي وقانون تنظيم القضاء العدلي . وتم تأجيل البت بقانون تنظيم القضاء العدلي إلى الجلسة المسائية بناءً على اقتراح رئيس الحكومة لمزيد من الدرس بهدف المواءمة بين اقتراح لجنة الإدارة والعدل ومشروع الحكومة. وناقشت الهيئة العامة مساء مشروع القانون المتعلق بإصلاح وضع المصارف في لبنان وإعادة تنظيمها مادة مادة، فاقرته بغالبية مواده كما ورد من لجنة المال والموازنة وربط تنفيذه بقانون الفجوة المالية. ثم اقرت قانون تنظيم القضاء العدلي مع التعديلات.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

قرار الحكومة "حبر على ورق" في ظلّ العجز عن التنفيذ واشنطن: المطلوب إجماع وزاري على القرار لا أكثريّة
قرار الحكومة "حبر على ورق" في ظلّ العجز عن التنفيذ واشنطن: المطلوب إجماع وزاري على القرار لا أكثريّة

الديار

timeمنذ 24 دقائق

  • الديار

قرار الحكومة "حبر على ورق" في ظلّ العجز عن التنفيذ واشنطن: المطلوب إجماع وزاري على القرار لا أكثريّة

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب على وقع الهزة التي أحدثها قرار الحكومة اللبنانية، واعتبار مجموعة من القوى السياسية تحقيقها انتصارا، تابع حزب الله هجومه المضاد، فاصدر بيانا استكمل فيه خارطة الطريق التي اطلقها امينه العام، تزامنا مع جولات لوفوده على القوى السياسية "الحليفة"، في وقت يبدو فيه ان الخلاف سينتقل الى الداخل اللبناني، وربما بين المؤسسات الرسمية، مع اعتبار حارة حريك ان ما حصل "طعنة من الحكومة لرئيس الجمهورية وتعهداته". وسط هذا المشهد الانقسامي، اتجهت الانظار نحو واشنطن لمحاولة استكشاف موقفها من تطورات الساعات الماضية، التي جاءت تحت وقع الضغوط التي تمارسها، حيث تظهر الصورة من العاصمة الاميركية مغايرة تماما للاجواء المسربة في بيروت، اذ كشفت مصادر اميركية ان القيادات اللبنانية لا زالت تلعب على حافة هاوية الوقت، محاولة الالتفاف على بنود الورقة الاميركية، التي انطلق واضعوها من دراسة معمقة للواقع والوضع اللبنانيين، بمشاركة شخصيات لبنانية "خبيرة". مضيفة ان ادراج بند "الزامية" اصدار الحكومة اللبنانية قرارا بالاجماع، اي بموافقة وزراء الثنائي امل وتحديدا حزب الله على قرار "سحب السلاح"، لم يأت صدفة، انما لمعرفة الادارة الاميركية، وفقا لكل التقارير والتقييمات التي رفعت اليها من اكثر من جهة سياسية وعسكرية واستخباراتية، والتي جزمت بعدم قدرة القوى العسكرية والامنية اللبنانية على تطبيق اي خطة "لسحب السلاح" ما لم تكن بالتراضي، مضيفة ان المستوى السياسي بدوره عاجز عن تطبيق اي قرارات قد يتخذها. ورأت المصادر ان الجهات الاميركية المعنية ترى فيما حصل على صعيد الحكومة، هروبا الى الامام لن يقدم ولن يؤخر في مسار الامور، خصوصا ان الاجواء الواردة من "تل ابيب" تؤكد ان "الاسرائيلي" لم يعد يرى نفسه معنيا باي اجراءات لبنانية، وهو بالتالي مستمر بتطبيق خططه واستراتيجياته. وختمت المصادر بان الاتجاه العام يميل الى مزيد من التشدد وممارسة الضغوط على لبنان، اذ ان الورقة التي سلمتها السفارة الاميركية في عوكر هي "آخر الكلام"، محذرة من ان الاسابيع القادمة ستشهد تحركا على المستوى الكونغرس فيما خص الملف اللبناني، حيث ستبدأ مناقشة رزمة من القوانين، في مقدمتها قانون "بايجر". وكانت الساعات الماضية شهدت اكثر من محاولة تواصل من قبل اكثر من طرف لبناني وخارجي مع الموفد الاميركي الى لبنان توماس براك، الا انها باءت بالفشل، وسط محاولات تجري مع باريس، لحث واشنطن على اصدار بيان ترحب فيه بالقرارات الحكومية. وفي هذا الاطار تؤكد مصادر لبنانية مواكبة للملف، ان قرار الحكومة لم يكن صادما ولا مفاجئا، انما متفق عليه منذ اسابيع، وقد جرى التحضير له وتهيئة الظروف لتمريره، مشيرة الى انه سيبقى حبرا على ورق في ظل استمرار الدوران في الحلقة المفرغة بين "مين قبل الدجاجة او البيضة"، اي "حصر السلاح ولمه"، ام الانسحاب "الاسرائيلي" واستراتيجية الامن الوطني. ورأت المصادر ان جلسة الحكومة وبغض النظر عن القراءات المختلفة لنتائجها، وما يمكن ان يستجد الخميس، انما بينت نقطتين ايجابيتين أساسييتين: الاولى تأكيدها على اتفاق الطائف كمرجعية في مسألة حصرية السلاح، وهو ما استند اليه خطاب القسم والبيان الوزاري، وثانيا تكليف الجيش وضع خطة "حصر السلاح"، مع الزامه بمهل وتواريخ محددة، ما يعني عدم وجود نية للتسويف في الامر. وتابعت المصادر بان المشكلة الاساسية تكمن في تعارض الاولويات بين الورقة اللبنانية والورقة الاميركية الاخيرة التي تسلمها لبنان، خلافا لكل ما يردده المسؤولون اللبنانيون، فالنقاط الثماني التي اوردها رئيس الجمهورية في كلامه مرفوضة اميركيا بشكل رسمي ومطلق، وغير قابلة لاي حوار او نقاش، وبالتالي فان المشكلة التي كانت بين لبنان و"اسرائيل"، انتقلت اليوم لتصبح لبنانية – لبنانية، بموجب الطرح الاميركي. المصادر التي ابدت تخوفها من رد الفعل الاميركي والدولي، مع انتهاء المهلة وعجز الدولة عن الوفاء بالتزاماتها، خصوصا ان حزب الله وفقا لكلام امينه العام الشيخ نعيم قاسم وبيانه، ليس في وارد التعاون حاليا في مجال تسليم السلاح، كما ان حل ملف السلاح الفلسطيني سيحتاج الى كثير من الوقت والاتصالات، نظرا لتشابك خيوطه الاقليمية والدولية والمحلية، ورأت المصادر ان الحكومة اخطأت في التزامها بموعد نهاية السنة كمهلة نهائية. وعليه، فان الاسئلة المطروحة كثيرة والاجابة تكاد تكون واحدة، هل تراجع رئيس الجمهورية عن خطاب "خميس اليرزة"؟ وهل قررت الحكومة اللبنانية بالاكثرية فصل مسار ومصير حصرية السلاح عن ملف الاحتلال جنوبا؟ وكيف ستطبق قرارها ووفقا لاي آلية؟ وهل ستلتزم قيادة الجيش بالآلية الاميركية الموضوعة؟ وماذا عن جلسة الخميس وجدواها؟

المطران صياح لـ "الديار": لا خوف من فتنة... والرئيس عون ضمانة السلم
المطران صياح لـ "الديار": لا خوف من فتنة... والرئيس عون ضمانة السلم

الديار

timeمنذ 24 دقائق

  • الديار

المطران صياح لـ "الديار": لا خوف من فتنة... والرئيس عون ضمانة السلم

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب لطالما دعا البطريرك الماروني بشارة الراعي في عظاته ومواقفه الى توحيد السلاح، وحصره في يد الدولة اللبنانية وحدها، بحسب ما ورد في اتفاق الطائف، والإستعانة لتحقيق ذلك بالطرق الديبلوماسية لا العسكرية، لذا لم ولن يتعب سيّد بكركي من المطالبة بسيطرة الدولة وفرض قراراتها، ولن يستكين وفق ما ينقل المقرّبون منه ويؤكدون، أنه ماض في مسيرته حتى النهاية، ولن يسمح أن يضيع لبنان بعد كل التضحيات التي قدمها الشهداء على مدى عقود من الزمن كي يبقى سيّداً حرّاً. وهذا الكلام يكرّره أمام الزوار، لأنّ بكركي كانت وما زالت وستبقى المدافع الأول عن هذا الوطن، كيف لا وهي التي أعطيت مجد لبنان؟ لذا يواصل البطريرك الراعي التطرّق الى الثوابت، داعياً الى توحيد كلمة اللبنانيين ومن كل الطوائف، والوقوف صفاً واحداً أمام كل مَن يعمل على إضعاف البلد، والتآمر عليه والولاء لغيره. وإنطلاقاً من هنا يرفض تحميل لبنان وشعبه وزر أوطان وشعوب أُخرى، ويشدّد على التمسّك بالقرارات الدولية في هذه المرحلة تحديداً، لتجنيب لبنان التوسّع في الحرب التي تهدّد بشنها "إسرائيل" يومياً، في حال لم يتم تسليم سلاح حزب الله، الامر الذي زرع المخاوف من الآتي وتداعياته على لبنان، وسط هواجس جديدة قد يفتعلها طابور خامس من باب الفتنة الداخلية الطائفية والمذهبية، والتي تبدو اكثر خطورة من الحرب مع "إسرائيل"، لانها تطال الداخل اللبناني. وفي هذا الاطار، نسترجع ما حدث في الجلسة الحكومية عصر الثلاثاء الماضي ، والتي إستمرت اكثر من خمس ساعات، بعد الاجواء السلبية التي احيطت بالجلسة وإنتشرت مفاعيلها على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث هدّد بعض روادها بحرب قريبة ستطال اللبنانيين، لكن قرار تأجيل البت بمسألة السلاح الى جلسة اليوم الخميس خففت من سلبية تلك الاجواء، خصوصاً بعد القرار الذي أتخذ في مجلس الوزراء حول بند حصرية السلاح بيد الدولة، وتكليف الجيش وضع خطة تنفيذية لحصر السلاح قبل نهاية العام الجاري، وعرضها على مجلس الوزراء لإقرارها قبل 31 آب الحالي، الامر الذي إعتبره معطم اللبنانيين خطوة إيجابية تؤكد التزام الدولة وتطبيقها للقرارات الدولية، وبأنّ الدولة تتجه نحو المسار الصحيح لفرض هيبتها. وفي هذا الاطار، يشير النائب البطريركي العام الاسبق والمقرّب من البطريرك الماروني بشارة الراعي المطران بولس صيّاح، الى ضرورة تسليم السلاح للجيش اللبناني وسيطرة الدولة على كامل اراضيها، وهذا مطلب بكركي الذي كان يشدّد عليه البطريرك الراعي في كل عظاته وتصريحاته، كما كنا وما زلنا نذكّر به دائماً في اجتماعات مجلس المطارنة الموارنة مطلع كل شهر. وعن رأيه بتأجيل متابعة البحث في الملف المذكور الى جلسة الوزراء التي تعقد اليوم، قال: "سمعنا تصريح رئيس الحكومة نواف سلام فور خروجه من جلسة الثلاثاء، يعلن تكليف الجيش اللبناني وضع خطة تطبيقية لحصر السلاح قبل نهاية العام الجاري، وعرضها على الحكومة لمناقشتها واقرارها، وهذا يعطي تفاؤلاً بإقتراب الحل ونأمل ذلك". وحول المخاوف التي يشيّعها البعض من حصول فتنة داخلية طائفية و7 ايار جديد، إستبعد حصول ذلك، وقال: "اليوم هنالك عهد جديد والوضع مختلف عن 7 ايار 2008 ، لذا لسنا متخوفين من حصول حرب داخلية، لانّ كل الاطراف يرفضون ذلك ولا أحد يريد فتنة مذهبية، ولا اعتقد انّ لدى حزب الله مصلحة في حصول ذلك او زعزعة السلم الاهلي، ولا داعي لإطلاق الهواجس من تظاهرات ومسيرات لضرب الامن" ، مشيراً الى انّ "الجيش اللبناني يقف بالمرصاد منعاً لحدوث اي شيء في هذا الاطار، ولا اعتقد انّ حزب الله يريد اي مواجهة مع الجيش". وعن التهديدات "الاسرائيلية" والاميركية بشنّ حرب واسعة على لبنان، في حال لم يعط جدولاً زمنياً لسحب السلاح أجاب: "نأمل ألا يصل الوضع الى هذه النقطة ،وان يتحلى حزب الله بالعقلانية منعاً لإنزلاق لبنان الى الحرب من جديد، وعندها لا احد يعرف ما الذي سيحصل. لذا نتمنى ان يتحلى الجميع بالوعي والادراك منعاً لمزيد من الانهيارات، لانّ لبنان لم يعد قادراً على التحمّل". وختم المطران صيّاح بتفاؤله بالعهد الجديد المتمثل بالرئيس جوزف عون، قائلاً :" لا داعي للخوف لاننا بحماية جيشنا".

"الثنائي" يتدرّج بالتصعيد... ولا تخلّي عن 3 ثوابت
"الثنائي" يتدرّج بالتصعيد... ولا تخلّي عن 3 ثوابت

الديار

timeمنذ 24 دقائق

  • الديار

"الثنائي" يتدرّج بالتصعيد... ولا تخلّي عن 3 ثوابت

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب في يوم من الايام قبل "جحا" عرضا غريبا للملك، الذي وعد بمنح من يعلم حماره الكلام خلال بضع سنوات لا تتجاوز عدد اصابع اليد، ثروة طائلة، وفي حال اخفاقه سيتم قطع رقبته. وعندما سئل "جحا" عن اسباب قبول التحدي المعروفة نهايته المأساوية، قال "انا اشتري الوقت، فبعد خمس سنوات اما اموت انا، او يموت الملك، او يموت الحمار"... ما فعله "جحا" يشبه قرار الحكومة بحصر السلاح قبل نهاية العام، تنفيذ القرار بالتحدي معروفة نهايته المأساوية، وكما ان الحمار لن يتعلم الكلام، فان المقاومة لن تسلم السلاح تحت الضغط، ولهذا فان جل ما فعلته "الرؤوس الحامية" في الحكومة ، هو "شراء الوقت" بالرضوخ للاملاءات الخارجية ، بانتظار حصول تغيير ما يحررها من التزاماتها المعلنة باعتبارها غير قابلة للتطبيق، وهي باعت الخارج "وهما"، وتتمنى ان يساعدها في تخفيف الضغوط عنها، باعتبار انها نفذت المطلوب منها، وموعد نهاية العام فترة معقولة يمكن تسويقها، خصوصا ان لبنان ليس اولوية ملحة الآن بالنسبة للأميركيين و"الاسرائيليين". واذا كانت السعودية هي القوة الدافعة لرفع منسوب الضغط على حزب الله، فان تبدل أولويات "اسرائيل" ومن وراءها واشنطن، قد لا يمنح حلفاء واشنطن فرصة الحصول على "شراء الوقت"، وحينها سيكون الجميع امام المأزق، لماذا الجميع؟ لان الصدام الداخلي لا رابح فيه، وهو صدام لا مفر منه اذا جاءت ساعة الحقيقة، واذا كان مَن في سدة المسؤولية يظن ان المغامرة بالنسيج الوطني في لحظات دقيقة وحاسمة اقليميا، يمكن ان يمر دون اضرار جسيمة، فهو مخطىء ولم يقرأ التاريخ جيدا، لان العبث بالتوازنات "لعبة" خطيرة لا يمكن السيطرة عليها، خصوصا ان من يتحكم بالاحداث طرف خارجي، يتعامل مع استراتيجية الرضوخ بطلب المزيد من التنازلات التي لا تتوقف عند حدود، وعندها سيكون الثمن غاليا جدا! هذه القراءة لمصادر "الثنائي"، تحرص حتى الآن على الحفاظ على "شعرة معاوية" مع رئيس الجمهورية جوزاف عون، ولا تزال تراهن على استعادته لزمام المبادرة، على الرغم من العتب الشديد على ادارته المرتبكة لملف شديد الخطورة، لا يحتمل "التذبذب" في اتخاذ القرارات. وعدم سيطرته على مجريات الجلسة الاخيرة للحكومة، طرحت الكثير من علامات الاستفهام حيال "قبة الباط" التي منحها لرئيس الحكومة نواف سلام، لكن حتى الان لا تزال "الابواب" غير موصدة مع بعبدا، الا ان ذلك لا يخفف من حجم العتب الكبير لدى رئيس مجلس النواب نبيه بري على الرئيس، بعدما ظن لوهلة انه تمكن من نسج علاقة واضحة لا تقبل اي التباسات، الا انه فوجىء بمجريات الجلسة الحكومية، والتي تحتاج الى تفسير بعيدا عن انصاف الاجوبة، وعندها "يبنى على الشيء مقتضاه" في طبيعة هذه العلاقة. وكان لافتا في بيان حركة "امل" بالامس، المطالبة بتصحيح الخطأ في جلسة اليوم الخميس، وهي محطة ستكون فاصلة في طبيعة العلاقة مع الرئيس، ويمكن القول ان "المرآة" قد اصيبت بخدش كبير لكنها لم تنكسر. في المقابل، فان ما تبقى من علاقة ود مع رئيس الحكومة نواف سلام قد ذهبت "ادراج الرياح"، تقول تلك الاوساط، بعدما ثبت "بالوجه الشرعي" انه جاء لتنفيذ مهمة معينة وهو ملتزم بها بحرفيتها، دون حساب لاي تداعيات داخلية قد تخرب البلد، وتضعه في مواجهة فوضى قد يصعب السيطرة عليها. "فالاستقواء" بالخارج على المكون الشيعي، تحت عنوان حصرية السلاح، تعيد الى الاذهان "مغامرات" الرئيس الاسبق للحكومة فؤاد السنيورة، الذي اخذ البلد الى حالة من اللا استقرار انتهت بصدام مسلح، وهو سيناريو يعيد تكراره سلام دون الاتعاظ من قراءة التاريخ، والاسوأ جهله للتوازنات التي يعبث بها في توقيت سيء للغاية. علما ان "الثنائي" مد يديه دون تحفظ، وتعاون لانجاح الحكومة، الا ان سلام يصر في كل مناسبة على ابراز "حقد" دفين غير مفهوم، ويتقصد ابراز عداءه ليس فقط في السياسية، وانما للبيئة الحاضنة للمقاومة، التي يتعامل معها باستعلاء وتنكر واستفزاز، جعلته رئيس الحكومة الاكثر قدرة على خلق الاعداء بسرعة قياسية. وثمة من يقول ان مشكلة سلام في انه اسير القلق على المصير، بعدما قرأ جيدا تجربة رئيس "تيار المستقبل" سعد الحريري مع المملكة العربية السعودية، حين دفع ثمنا شخصيا وسياسيا باهظا ولا يزال، ولهذا هو يقبل بان يكون "السنيورة2" على ان يكون "الحريري2"... وامام هذه التحديات، رفع منسوب التنسيق بين الرئيس نبيه بري وحزب الله لمواكبة التطورات، وكان اول "الغيث" بالامس بيانا "الحزب" "والحركة"، على ان يتم التدرج في التصعيد مقابل التصعيد على طريقة "خطوة مقابل خطوة". واذا كان الرئيس بري بدأ يوجه "رسائل" سياسية على طريقته الى بعبدا والسراي الحكومي، تاركا هامشا ضيقا لاستمرار التواصل، مترجما ذلك بالاتفاق مبدئيا مع الحزب على حضور جلسة الحكومة اليوم، فان اعلان حزب الله انه يتعامل مع القرار على انه بحكم غير الموجود، قطع الطريق على اي حوار حول ملف السلاح، بعدما تبين ان كل محاولات مد الجسور مع سلام مضيعة للوقت والجهد، والحزب يقول له الآن، انت اتخذت القرار فكيف ستنفذه؟ ثمة ثوابت واضحة ولا تقبل اي انصاف حلول بالنسبة "للثنائي"، الحفاظ على السلم الاهلي، ولن يتم الوقوع في "فخ" نقل الشكلة مع "اسرائيل" الى مشكل داخلي. الجيش اللبناني "خط احمر" ولن تكون المقاومة الا في "خندق واحد" مع المؤسسة العسكرية ، حيث تصف مصادر الحزب العلاقة مع العماد رودولف هيكل "بالممتازة". اما الثابتة الثالثة، فهي طبعا عدم التفريط بقوة المقاومة تحت اي ضغط داخلي او خارجي، والبحث الوحيد المقبول هو كيفية الاستفادة من قوتها ضمن الاستراتيجية الوطنية للدفاع. لا استعجال في رفع مستوى المواجهة، وخطوتي "الشارع" ومغادرة الحكومة من الادوات المشروعة، لكن كل شيء بوقته، واذا كان "جحا" يراهن على الوقت، فلا ضير من الرهان معه، وبعدها "يبنى على الشيء مقتضاه"...

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store