
هل يساعد الذكاء الاصطناعي في إنقاذ مصداقية العلم؟
ولكن مع ازدياد عدد الأبحاث والمجلات واحتدام التنافس الأكاديمي، وتأثير المصالح التجارية والشركات الكبرى، بدأت هذه الآلية تواجه تحديات جسيمة تهدد فعاليتها وتؤثر في ثقة الجمهور بالمؤسسة العلمية بأكملها.
واليوم، نقف على أعتاب ثورة جديدة يقودها الذكاء الاصطناعي، الذي يَعد بتعزيز قدرتنا على كشف هذه العيوب على نطاق لم يسبق له مثيل. وفي هذا السياق، يُطرح تساؤل مهم: هل يستطيع الذكاء الاصطناعي إنقاذ مصداقية العلم، أم سيتحول إلى سلاح يُستخدم في حملات التضليل لتقويض المشروع العلمي برمته؟
أولًا؛ قصور مراجعة الأقران في مواجهة التحديات الحديثة:
شهدت العقود الأخيرة انفجارًا ضخمًا في عدد الأوراق البحثية والمجلات العلمية، بفعل التحول الرقمي وتنوع التخصصات، ولكن هذا النمو غير المسبوق لم يُقابله دائمًا ضبط نوعي، مما فتح الباب واسعًا أمام الاستغلال التجاري للمجال الأكاديمي.
فقد أدى السباق المحموم للنشر إلى ظهور كيانات انتهازية تُعرف باسم (مصانع الأوراق البحثية) Paper Mills، وهي كيانات تبيع للأكاديميين الباحثين عن زيادة رصيدهم البحثي فرصة النشر السريع مقابل مراجعة سطحية، مما يفرغ العملية من محتواها. وفي الوقت نفسه، تحقق دور النشر التجارية أرباحًا طائلة من رسوم معالجة المقالات، مما يصنع حافزًا اقتصاديًا لقبول المزيد من الأوراق بغض النظر عن جودتها.
ولكن الأخطر من ذلك، هو تأثير الشركات الكبرى، فقد استغلت بعض الشركات هذه الثغرات لتمويل أبحاث منخفضة الجودة أو كتابة أوراق بحثية بالنيابة عن آخرين (Ghostwriting) بهدف تشويه الأدلة العلمية لصالح منتجاتها، وفي هذه الحالة قد يقوم بعض موظفي الشركة بكتابة أوراق بحثية ونسبتها إلى أكاديميين مستقلين ظاهريًا، وذلك بهدف التأثير في الأدلة العلمية، وتوجيه السياسات العامة، وتشكيل الرأي العام بما يخدم مصالح منتجاتها.
ويتجلى خطر تأثير الشركات في قضية التحقيق في سلامة مبيد الأعشاب (جليفوسات)، إذ كشفت وثائق قانونية أن المراجعة العلمية الشاملة حول سلامة المنتج، التي استُشهد بها عالميًا، كانت في الحقيقة من كتابة موظفي شركة (مونسانتو) المنتجة للمبيد، ونُشرت في مجلة لها صلات معروفة بصناعة التبغ، وحتى بعد فضح الحقيقة، استمر تأثير الورقة المضللة لسنوات.
وردًا على هذه التحديات، ظهرت مجموعة من المبادرات الشعبية والمؤسسية، التي تعمل كخط دفاع إضافي لتقوية نزاهة العلم، ومن أبرزها: موقع (Retraction Watch)، الذي يتتبع الأوراق المسحوبة ويكشف عن حالات سوء السلوك الأكاديمي، ومبادرة (Data Collada) التي تطور أساليب لتحديد التلاعب بالبيانات في الأبحاث، بالإضافة إلى الصحافة الاستقصائية، التي تكشف عن النفوذ الخفي للشركات على البحث العلمي. ومع فاعلية هذه الجهود، فإنها تبقى محدودة التأثير ومكلفة للغاية، وتبرز قصور الاعتماد على مراجعة الأقران كحارس وحيد للموثوقية العلمية.
ولكن في الوقت نفسه؛ يلوح في الأفق أمل جديد، إذ يُتوقع أن يتمكن الذكاء الاصطناعي من تعزيز هذه الجهود بقوة، والمساعدة في تحديد الأبحاث المزورة بكفاءة وسرعة عالية، مما قد يساهم مستقبلًا في تنقية السجل العلمي ودعم الثقة به.
ثانيًا؛ هل سيكون الذكاء الاصطناعي هو الحل؟
حتى وقت قريب، كانت الأدوات التقنية التي تساعد في التدقيق الأكاديمي تركز في كشف الانتحال التقليدي، لكن المشهد يتغير بسرعة بفضل التقدم في مجال الذكاء الاصطناعي، فقد ظهرت أدوات متقدمة مثل: (ImageTwin)، و (Proofig)، التي تستخدم خوارزميات التعلم الآلي المتقدمة لمسح ملايين الأشكال والرسوم البيانية بحثًا عن علامات التلاعب أو التكرارأ أو استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لكتابة الأبحاث.
وفي الوقت نفسه، تستطيع أدوات معالجة اللغة الطبيعية، تحديد (العبارات المشوهة) Tortured phrases، وهي عبارة عن تراكيب لغوية غير منطقية أو اصطناعية تُشير غالبًا إلى الأبحاث التي تنتجها ما يُعرف باسم (مصانع الأوراق البحثية)، وبالإضافة إلى ذلك، توفر لوحات المعلومات (الببليومترية) Bibliometric، مثل تلك التي يقدمها محرك البحث الأكاديمي (Semantic Scholar) رؤى حول كيفية الاستشهاد بالأوراق البحثية، سواء كان ذلك لدعم نتائجها أم لدحضها، مما يوفر مؤشرات على القيمة الفعلية للأبحاث في السياق العلمي.
ولكن المستقبل يحمل ما هو أعظم، إذ من المتوقع أن يكشف الذكاء الاصطناعي قريبًا عن عيوب أكثر دقة في الأبحاث، خاصة مع تطور نماذج الذكاء الاصطناعي التي تتميز بقدرات استدلالية متقدمة في الرياضيات والمنطق، فعلى سبيل المثال، يهدف مشروع (Black Spatula) إلى اختبار قدرة أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي على التحقق من البراهين الرياضية المنشورة.
وقد أظهرت هذه النماذج بالفعل قدرة على التحقق من صحة البراهين الرياضية المعقدة وكشف التناقضات التي عجز المراجعون البشر عن رؤيتها.
وتُظهر هذه القدرات أن هذه الأنظمة، إذا أُتيح لها الوصول الكامل إلى قواعد بيانات الأبحاث العلمية وقوة حاسوبية كافية، يمكنها قريبًا إجراء تدقيق شامل للسجل الأكاديمي العالمي بأكمله. ومن المرجح أن يكشف هذا التدقيق عن بعض حالات الاحتيال الصريح، ولكن الأهم من ذلك، أنه سيكشف عن كتلة أكبر بكثير من الأبحاث الروتينية غير المؤثرة والأخطاء الشائعة، وهو ما يتعارض تمامًا مع الصورة البطولية للاكتشافات العلمية التي يروج لها الإعلام.
ثالثًا؛ ما تأثير ونتائج التدقيق الشامل للسجل الأكاديمي؟
بينما لا يزال مدى انتشار الاحتيال في الأبحاث العلمية غير معروف بدقة، فإننا نعلم أن نسبة كبيرة من الأبحاث المنشورة غير مؤثرة، ويعرف العلماء أنفسهم هذه الحقيقة جيدًا، إذ إن الكثير من هذه الأوراق البحثية المنشورة لا يُستشهد به مطلقًا أو نادرًا ما يُشار إليها.
وقد يكون هذا الاكتشاف – أي أن كثيرًا من الأبحاث العلمية ليست ذات تأثير يُذكر – صادمًا للجمهور العام بقدر اكتشاف الاحتيال، لأنه يتناقض مع الصورة البطولية والدرامية للاكتشافات العلمية، التي تُروج لها المؤسسات الأكاديمية ووسائل الإعلام المتخصصة.
ولكن يكمن الخطر الأكبر في أن نتائج هذا التدقيق الشامل ستكون عرضة للاستغلال في حملات التضليل المعلوماتي، فالجماعات المناهضة للعلم قد تستخدم هذه النتائج كدليل قاطع على سردية (العلم معطوب)، مما يقوض الثقة العامة بنحو خطير، وما يزيد الأمر تعقيدًا هو أن الذكاء الاصطناعي قد يُنظر إليه على أنه محايد وكفؤ، مما يضفي على نتائجه مصداقية إضافية في نظر الجمهور.
وهنا تكمن المفارقة: الذكاء الاصطناعي قد يكشف عن خلل المنظومة العلمية، لكنه في الوقت ذاته قد يُستخدم لتقويض الثقة بها، إذ إن هذه الاكتشافات، رغم دقتها، قد تُستغل في حملات تضليل، خاصة مع استخدام الذكاء الاصطناعي نفسه في إنتاج محتوى زائف أو توجيه سرديات مضللة.
رابعًا؛ الشفافية هي خط الدفاع الأول عن الثقة العلمية؟
لا يكمن الحل في إنكار العيوب، بل في قيادة عملية الكشف عنها، لذلك يجب على المجتمع العلمي أن يبادر بإجراء هذا التدقيق بنفسه، وأن يستعد لنتائجه بشفافية، ويتطلب هذا الأمر إعادة صياغة جذرية للصورة العامة لدور العالِم، وتبني صورة أكثر واقعية وصدقًا للعالِم كمساهم في فهم جماعي متطور وتدريجي. كما يجب التخلي عن أسطورة الاستعراض البطولي للاكتشافات الفردية الخارقة.
لأن معظم الأبحاث العلمية اليوم ليست ثورات فكرية، بل جهود تراكمية متدرجة، تهدف إلى تعزيز المعرفة، وتُمارَس في سياق التعليم، والإرشاد الأكاديمي، والمشاركة المجتمعي، والاعتراف بهذه الحقيقة لن يقلل من قيمة العلم، بل سيجعل صورته أكثر صمودًا في وجه التدقيق المدفوع بالذكاء الاصطناعي.
فلم يستمد العلم قوته أبدًا من العصمة من الخطأ، بل تكمن مصداقيته في الاستعداد الدائم للتصحيح والإصلاح، والآن، أصبح إظهار هذا الاستعداد علنًا ضرورة ملحة، قبل أن تنهار مصداقية العلم تمامًا.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الإمارات اليوم
منذ 12 ساعات
- الإمارات اليوم
بكين تأمل وصول أول صيني إلى القمر
قال برنامج صيني يختص برحلات الفضاء المأهولة، إن الصين أجرت أول اختبار لمركبة هبوط على سطح القمر، وتأمل إرسال أول صيني إلى هناك قبل عام 2030، وقال برنامج الفضاء المأهول الصيني «سي.إم.إس»، في بيان على موقعه الإلكتروني على الإنترنت: «تضمن الاختبار ظروفاً تشغيلية متعددة وفترة اختبار طويلة وتعقيداً تقنياً مرتفعاً، ما يجعله نقطة تحول مهمة في تطوير البرنامج المأهول لاستكشاف القمر في الصين»، وأضاف البرنامج أن المركبة القمرية المعروفة باسم «لانيو»، التي تعني «احتضان القمر» باللغة الصينية، ستستخدم لنقل رواد الفضاء بين مدار القمر وسطحه، إضافة إلى استخدامها للمعيشة ولتوفير مصدر للطاقة ومركز للبيانات بعد هبوطهم على القمر.


البيان
منذ 16 ساعات
- البيان
الإدارة تحت المجهر: قراءة كيميائية في ديناميكيات العمل المؤسسي
في عالم الإدارة، كما في عالم الذرات، تكمن القوة في التفاعلات الخفية بين عناصر صغيرة، تُشكل معاً منظومة معقدة وديناميكية. فما الذي يحدث عندما ننظر إلى بيئة العمل من خلال عدسة الكيمياء؟ كيف يمكن لفهم التفاعلات الكيميائية، أن يُلقي ضوءاً جديداً على طرق قيادة الفرق وبناء المؤسسات؟ في هذا المقال، سنغوص في قراءة كيميائية للإدارة، نربط بين قوانين الذرة وسلوك البشر في بيئة العمل، لنكتشف معاً كيف تتشكل الديناميكيات الإدارية، وكيف يمكن للقائد أن يصبح بمثابة «نواة»، يعمل على جذب المحيطين به والتأثير فيهم، في حين تدور «الإلكترونات» حوله بحيوية وفاعلية. تخيّل نفسك تتنقّل داخل مؤسسة، كما لو أنك تتجوّل في نواة ذرة، كل شيء يبدو نمطياً على السطح، لكن في العمق، هناك عالم من التفاعلات الصامتة. هناك طاقات كامنة، ودوائر من الحركة، ومجالات جذب ورفض. هناك عناصر تتنافر، وأخرى تندمج مع بعضها. قد لا تُرى هذه التفاعلات، لكن آثارها تظهر على السلوك، وكذلك على كل من القرارات والنتائج. الإدارة في جوهرها، ليست إلا تفاعلاً مستمراً بين عناصر بشرية. كل موظف هو إلكترون يدور في مداره الخاص، حاملاً شحنته من المشاعر، والطموحات، والمخاوف. أما القائد، فيشبه البروتون داخل نواة الذرة، مركز الجذب، والثبات، والتأثير. قد يتغير موقع الإلكترونات أو طاقتها، لكن النواة تبقى هي الركيزة التي تحدد هوية الذرة واتزانها. وفي بعض الأوقات، لا يكتمل التفاعل إلا بدفعة خارجية، تُعيد تنشيط المنظومة، وتُحفّز ذراتها على الحركة والانطلاق. في الكيمياء، هناك تفاعلات تُنتج حرارة، وأخرى تمتصها. كذلك في بيئة العمل، هناك اجتماعات تُشعل الحماس، وأخرى تُبعثر الطاقة، وتوقظ مشاعر الملل في النفوس. هناك فرقٌ إذا اجتمعت، ولّدت طاقة إيجابية خلّاقة، وإن تفككت، تركت وراءها رماداً إدارياً كئيباً، لا يصلح لبناء شيء. الاضطراب في الكيمياء يُعرف بـ «الإنتروبي Entropy»، ويقابله في الإدارة حالة التشتت، وغياب الرؤية، وفوضى الإجراءات. و«الإنتروبي» لا يعني الفوضى، بقدر ما يعني أن النظام يحتاج إلى طاقة جديدة ليعود إلى الاتزان. كذلك الإدارات، إذا تُركت لتسير بآلية عشوائية، تفقد طاقتها، وتدخل في سُبات بطيء. لكن الجمال الحقيقي في التشابه بين الإدارة والكيمياء، هو أنه يذكرنا بأن كل عنصر جديد — مهما بدا صغيراً — قد يُعيد توزيع القوى داخل المنظومة. دخول موظف جديد ليس تفصيلاً بسيطاً، بل تفاعلٌ يُضيف طاقة أو يغيّر مساراً. وسياسة جديدة، قد تكون بمثابة عنصر نشط، يُطلق سلسلة من التغيُرات داخل بيئة العمل. كل تغيير، مهما بدا عرضياً، يحمل في طيّاته أثراً مركباً. ليست هذه دعوة لتحويل المؤسسات إلى مُختبرات، بل إلى التفكير فيها كأنظمة حيّة، وحسّاسة، ومُتغيّرة، تحتاج إلى عين عالِم وقلب إنسان. فكما تُصاغ المعادلات الكيميائية بدقة، تُبنى الإدارات الناجحة على توازن دقيق بين التفاعل العاطفي، والتحليل العقلي المتّزن. ختاماً، يمكننا القول بأن الإدارة ليست علماً مجرداً، بل كيمياء إنسانية، والذكاء ليس فقط في صياغة السياسات، بل في معرفة متى يكون الصمت أكثر فاعلية من القرار، ومتى تكون اللمسة الإنسانية أقوى من أي نظام رقمي.


سكاي نيوز عربية
منذ 21 ساعات
- سكاي نيوز عربية
مصر تستعد لتطبيق نظام البكالوريا الجديد وجدل حول تحمل الطلاب
ومن المقرر أن يبدأ تطبيق النظام الجديد بداية من العام الدراسي المقبل 2025-2026، والذي سينطلق خلال الثلث الأخير من شهر سبتمبر المقبل، أي خلال أقل من شهرين، إذا تعلق عليه وزارة التربية والتعليم آمالًا كبيرة. ويرد الخبير التعليمي ومستشار وزارة التربية والتعليم السابق الدكتور محمود حسين، على المخاوف، بالقول إن نظام البكالوريا الجديد يعد نقلة نوعية تستهدف إصلاح منظومة الثانوية العامة وعلاج أوجه الخلل والقصور فيها. وأوضح، في تصريحات خاصة لـ"سكاي نيوز عربية"، أن هذا النظام -على عكس ما يشاع حاليا في أوساط الطلبة وأولياء أمورهم والمعلمين- سيخفف الضغوط عن الجميع، خاصة أنه يمنح الطلاب مزيدا من الحرب في اختيار مسارهم. وأضاف: "سيكون الطالب حرًا في اختيار المسار التعليمي الذي يتناسب مع ميوله وقدراته وإمكانياته، بالإضافة إلى أن نظام البكالوريا الجديد يقلص عدد المواد الدراسية، مع التركيز على إبراز قدرات الطالب وملكاته الإبداعية". ولفت إلى أن النظام الجديد للثانوية العامة، يسمح بتوفير فرص إضافية لإعادة الامتحانات، وهو أمر غير موجود في النظامين الحديث والقديم، بما يمكن الطالب من تحسين درجاته، وينهي حالة القلق المزمنة من هذه المرحلة، والتي تمتد لسنوات طويلة. وردًا على مخاوف أولياء الأمور من فكرة "التجريب في أبنائهم"، قال المستشار السابق لوزارة التربية والتعليم إن الوزارة لديها عدد كاف من المعلمين، المؤهلين لتطبيق النظام الجديد، ولا ينقصها العنصر البشري المؤهل والمدرب للتدريس. بالإضافة إلى ذلك، وفق حسين، ما يزال تطبيق نظام البكالوريا الجديد في المدارس الحكومية اختياريًا، إذ تضمن وزارة التربية والتعليم العدالة بالنسبة للطلاب، من خلال الاختيار بين النظامين الجديد والقديم للثانوية العامة. ويسمح نظام البكالوريا الجديد للطلاب في المرحلة الثانوية، بداية من الصف الثاني الثانوي بدراسة 4 مواد فقط، ثم 3 مواد في الصف الثالث، مع إضافة مادة البرمجة وعلوم الحاسب خارج المجموع. ويمكن للطالب دخول الامتحان في المادة الواحدة أكثر من مرة، وذلك مقابل رسوم رمزية لتغطية التكاليف الإدارية، تبلغ 200 جنيه (4 دولارات)، كما تعفي الوزارة الطلاب غير القادرين ماديًا من رسوم الدراسة والامتحانات. من جانبه، أبدى "حسين. س"، وهو معلم أول للغة الإنجليزية بإحدى المدارس الثانوية في محافظة القليوبية، تحفظه على نظام البكالوريا الجديد، وذلك لأنه ما يزال قيد التجريب، ولا يجب إخضاع الجميع له. وقال، في تصريخ خاص لـ"سكاي نيوز عربية"، إن الوزارة كان بإمكانها تطبيق النظام في عدد محدد من المدارس من مختلف المحافظات، وفي حالة نجاحه يتم تعميمه، بحيث لا تخطو الخطوة ثم تتراجع عنها للجميع، إذا أثبتت عدم جديتها. وتابع: "التخفيف عن الطلاب أمر مطلوب، لأنه يساهم في إبراز قدراتهم الحقيقية، وإمكاناتهم الإبداعية في المجالات المختلفة، ولكن ذلك سيكون على حساب أمور أو مواد أخرى، إذ سيتم تقليص عدد المواد وتوزيعها على عامين دراسيين". وبالتالي، وفق المعلم الأول، فإن بعض المواد ستكون جانبية بالنسبة للطلاب، وسيؤدي ذلك إلى تهميش دور معلميها، وهو أمر شهد الجميع آثاره، بعدما قررت الوزارة بشكل مفاجئ عدم إضافة درجات المواد الأجنبية الثانية إلى مجموع الطلاب. في سياق متصل، أعلنت وزارتا التربية والتعليم، والتعليم العالي، تفاصيل الكليات والتخصصات الجامعية المتاحة للمسارات المختلفة في نظام البكالوريا الجديد، والذي من المقرر تطبيقه هذا العام، وذلك لمنح الطلاب وأولياء الأمور الوقت الكافي للاطلاع على الخيارات المتاحة واتخاذ قرارات بشأن مسارهم المستقبلي. ومن المقرر أن يدرس الطالب -وفق نظام البكالوريا- في الصف الأول الثانوي المواد العامة كما هو الحال الآن، قبل أن يبدأ التخصص من الصف الثاني، ويختار الطالب أحد مسارات أربعة، وهي: الطب وعلوم الحياة، والهندسة والحاسبات، وقطاع الأعمال، والآداب والفنون. ويمكن التحويل بين المسارات من خلال تغيير مادتين فقط، إذ إن المواد الأساسية والثابتة لطلاب الصف الثاني الثانوي هي اللغة العربية واللغة الأجنبية الأولى، والتاريخ المصري، والتربية الدينية، تضاف إليها 3 مواد تخصصية حسب المسار الذي يختاره الطالب. بدورها، ترى نسمة حسن، وهي ولية أمر طالب سيبدأ بنظام البكالوريا الجديد خلال العام الدراسي المقبل، إنها لديها مخاوف من النظام، ولكن وزارة التربية والتعليم تحاول طمأنة الجميع على أن حرية الاختيار والتنقل بين المسارات مكفولة للجميع. وأكدت، في حديث خاص لـ"سكاي نيوز عربية"، أن النقطة الإيجابية في النظام الجديد، أن ابنها سيكون قادرًا على دخول الامتحان أكثر من مرة لتحسين مجموعة، بما يساعده في الوصول للدرجات المطلوبة للالتحاق بالكلية التي يريدها. أما النقطة الأكثر إثارة للقلق، وفق حسن، فهي أن وزير التربية والتعليم أعلن أن النجاح في أي مادة سيكون من 70%، على عكس النظام القديم الذي كان النجاح فيه من 50%.