
5 نقاط تشرح التأثير الاقتصادي لاتفاق تأهيل قطاع الطاقة في سوريا
دمشق- تسعى سوريا إلى إعادة تأهيل قطاع الطاقة من خلال اتفاق وقّعته الحكومة أواخر الشهر الماضي بقيمة 7 مليارات دولار مع تحالف شركات دولية يضم شركات أميركية وقطرية وتركية، في خطوة من شأنها إعادة رسم ملامح المشهد الاقتصادي والسياسي والاجتماعي في سوريا.
وتهدف مذكرة التفاهم التي حضر توقيعها الرئيس السوري أحمد الشرع والمبعوث الأميركي الخاص توماس باراك إلى توليد 5 آلاف ميغاوات إضافية من الكهرباء، منها 4 آلاف ميغاوات عبر محطات غازية حديثة وألف ميغاوات من الطاقة الشمسية.
وتكتسب الاتفاقية، التي تم توقيعها في أعقاب قرار رفع العقوبات الأميركية والأوروبية، أهمية استثنائية كونها لا تمثل فقط استثمارا اقتصاديا ضخما، بل تعكس كذلك تحولا في المقاربة الدولية للملف السوري، وتفتح آفاقا جديدة لإعادة الإعمار وتحقيق الاستقرار في البلاد.
يتركز الأثر الاقتصادي لاتفاقية الطاقة السورية في عدة محاور رئيسية كالتالي:
تخفيف العبء على الموازنة
اعتمدت سوريا بشكل مفرط على الوقود الأحفوري لإنتاج الكهرباء، وهو سبب أساسي في استنزاف جزء كبير من الاحتياطي النقدي الأجنبي، في حين أن من شأن المشروعات المطروحة المعتمدة على الغاز والطاقة الشمسية المتجددة في إنتاج الكهرباء أن تقلّص فاتورة الاستيراد بشكل ملموس، وفق منصة الطاقة المتخصصة ومقرها واشنطن.
ويعد اعتماد الغاز بدلا من الفيول خطوة ذات جدوى اقتصادية، لأن الغاز أرخص ثمنا، مما يتيح توجيه الموارد المالية نحو قطاعات أخرى ذات أولوية.
للكهرباء تأثير مضاعف على القطاعات الإنتاجية، لأن توفرها بشكل مستقر ومستمر سيؤدي إلى خفض تكاليف الإنتاج في القطاعات الصناعية والزراعية والخدمية، مما يعزز القدرة التنافسية للمنتجات السورية محليا وخارجيا، حسب دراسة منشورة في مجلة التمويل والتنمية، تحت عنوان " الناتج المحلي الإجمالي: كل شيء في الاقتصاد".
وتشير الدراسة كذلك إلى أن كل زيادة بنسبة 10% في إمدادات الطاقة الكهربائية يمكن أن تؤدي إلى زيادة في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تتراوح بين 1.5% و2.5% في الاقتصادات النامية.
خلق فرص عمل
من المتوقع أن توفر الاتفاقية فرص عمل واسعة النطاق، حيث أشارت التقديرات الرسمية إلى إمكانية توفير 50 ألف فرصة عمل مباشرة و250 ألف فرصة غير مباشرة على أثر النشاط الاقتصادي المتوقع في المستقبل القريب.
توقيع سوريا لمذكرة تفاهم في هذا الحجم، ومع شركات لدول إقليمية ودولية مثل تركيا والولايات المتحدة الأميركية سيعزز من ثقة المستثمرين بالواقع الحالي في سوريا.
ومن المتوقع أن يشجع نجاح هذه الاتفاقية مستثمرين آخرين على الدخول إلى السوق السورية، مما يخلق حلقة إيجابية من النمو والاستثمار.
قد تساهم عملية إصلاح قطاع الكهرباء بسوريا في تسريع عملية إعادة الإعمار، إذ يمثل توفر الطاقة الكهربائية شرطا أساسيا لإعادة تأهيل المناطق المتضررة وإعادة تشغيل المنشآت الصناعية المتوقفة، وفق تقرير صادر عن البنك الدولي، تحت عنوان "تقرير آفاق الاقتصاد السوري، تحديات وفرص إعادة الإعمار".
كما أن تطوير البنية التحتية للطاقة سيساهم في تعزيز الترابط الإقليمي، إذ يمكن لسوريا أن تصبح محورا إقليميا لتبادل الطاقة مع دول الجوار، مما سيعزز من المكانة الجيواقتصادية لسوريا ويفتح آفاقا جديدة للتعاون الاقتصادي الإقليمي.
مكاسب سياسية
تتجاوز اتفاقية الطاقة التي وقعتها سوريا مع تحالف الشركات الأميركية والقطرية والتركية أبعادها الاقتصادية لتشكل حدثا سياسيا ذا دلالات عميقة، ففي بلد مزقته سنوات من الصراع والعزلة الدولية، تمثل هذه الاتفاقية مؤشرا على بداية مرحلة جديدة من الانفتاح والتعاون الدولي، وتحمل في طياتها انعكاسات سياسية متعددة الأوجه.
وعلى الصعيد الداخلي، يقول مدير مركز إدراك للدراسات والاستشارات السياسية باسل حفار إن الاتفاقية تمثل دعما قويا للرئيس أحمد الشرع والحكومة، وتعزز من شرعيتهما في مواجهة التحديات السياسية والأمنية القائمة.
ويؤكّد الحفار -في تعليق للجزيرة نت- أن نجاح الحكومة في إبرام اتفاقية بهذا الحجم مع قوى دولية وإقليمية مؤثرة يمنحها زخما سياسيا إضافيا، ويعزز من قدرتها على التفاوض مع الأطراف الداخلية الأخرى في إطار عملية المصالحة الوطنية والانتقال الديمقراطي.
ويشير الحفار إلى أن توقيع الاتفاقية بحضور المبعوث الأميركي الخاص توماس باراك يمثل اعترافا أميركيا ضمنيا بشرعية الحكومة، ويشير إلى تحول في السياسة الأميركية تجاه سوريا، من التركيز على العقوبات والضغط إلى الانخراط البناء ودعم عملية إعادة الإعمار والاستقرار.
ويشجع التحول في الموقف الأميركي دولا أخرى على إعادة تقييم علاقاتها مع سوريا وتقديم الدعم اللازم لعملية الانتقال السياسي.
ويؤكد الحفار على ضرورة أخذ التحديات الأمنية بعين الاعتبار عند تنفيذ الاتفاقية على الأرض، خاصة في ظل استمرار بعض جيوب التوتر الأمني في شرق وجنوب سوريا، وعملية نزع السلاح وإعادة الإدماج.
في مجتمع عانى من ويلات الحرب والانقسام، يمكن لمشاريع بهذا الحجم أن تكون عاملا للتماسك الاجتماعي.
ومن أبرز الانعكاسات الاجتماعية الإيجابية المتوقعة للاتفاقية هو تحسين جودة الحياة للمواطنين السوريين، فتوفير الكهرباء بشكل مستقر ومستمر سينعكس إيجابا على مختلف جوانب الحياة اليومية، وإلى تحسين خدمات التعليم والصحة.
وهذا التحسن الملموس في الخدمات الأساسية سيساهم في تعزيز شعور للمواطنين بالانتماء إلى الدولة والمجتمع.
كما أن توفير 50 ألف فرصة عمل مباشرة و250 ألف فرصة غير مباشرة سيساهم في تخفيف حدة البطالة التي تعد من أبرز المشاكل الاجتماعية في سوريا، وهذا سيؤدي إلى تحسين مستويات الدخل للأسر السورية، وتقليل معدلات الفقر.
مقاربة جديدة
تمثل اتفاقية الطاقة التي وقعتها سوريا مع تحالف الشركات الأميركية والقطرية والتركية نقطة تحول محورية في إستراتيجية الطاقة السورية، وبداية لتبني مقاربة جديدة لأمن الطاقة في البلاد.
وأمام سوريا فرصة لإعادة وضع مقاربة جديدة في أمن الطاقة، وتتمثل في التالي:
تنويع مصادر إنتاج الكهرباء، بموجب اتفاقية إنشاء محطة طاقة شمسية بسعة ألف ميغاوات في وديان الربيع جنوب سوريا، وتعد هذه المحطة الأكبر من نوعها في سوريا، وستساهم بشكل كبير في زيادة حصة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة السوري.
الربط الكهربائي الإقليمي، تفتح الاتفاقية آفاقا جديدة للربط الكهربائي مع دول الجوار، خاصة مع تركيا التي ستصدر إلى سوريا 400 كيلو وات عبر الخط الخماسي بعد تأهيله، بالإضافة إلى الربط المتوقع مع شبكات الأردن والسعودية.
تحديث أنظمة التدفئة في المباني الجديدة، والتحول من الاعتماد على الديزل إلى الغاز الطبيعي.
صياغة قوانين وإجراءات لتنظيم العمل المؤسسي لقطاع الطاقة، من خلال تحديث التشريعات، وبناء قدرات الكوادر الوطنية، وتعزيز البحث والتطوير في مجال الطاقة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 3 ساعات
- الجزيرة
ترامب: إيران تتباطأ بقرارها بشأن الاتفاق النووي
قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن إيران تتباطأ في اتخاذ قرار بشأن إبرام اتفاق نووي مع الولايات المتحدة، مشددا على أنه يريد منها "ردا نهائيا في فترة زمنية قصيرة جدا". وذكر ترامب -في منشور على منصته تروث سوشيال- أنه ناقش مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في اتصال هاتفي، الأربعاء، ملف إيران، وأخبره بأنه لا يمكنها امتلاك سلاح نووي. وقال الرئيس الأميركي إن بوتين ألمح إلى أنه قد يشارك في المباحثات الهادفة للتوصل إلى اتفاق جديد بشأن برنامج إيران النووي، ورأى أن ذلك قد يكون مفيدا في التوصل إلى حل سريع. وفي وقت سابق الأربعاء، أكد المرشد الإيراني علي خامنئي تمسك بلاده بتخصيب اليورانيوم، قائلا إن الصناعة النووية الإيرانية لن يكون لها أي فائدة من دون قدرات التخصيب. ورأى خامنئي أن "المطلب الأميركي الأساسي هو ألا نمتلك صناعة نووية، أن نحتاج إليهم في مختلف المجالات. قادة الولايات المتحدة يكررون هذا المطلب بأشكال مختلفة ويعارضون تقدمنا. يجب أن تدرك الإدارة الأميركية والكيان الصهيوني أنهما لن يتمكنا من تفكيك برنامجنا النووي". وأعلنت إيران، السبت الماضي، أنها تسلمت "عناصر" اقتراح أميركي لاتفاق نووي، في أعقاب 5 جولات من المفاوضات غير المباشرة بوساطة عمانية، بدأت في أبريل/نيسان الماضي. ولا تزال مسألة تخصيب اليورانيوم نقطة خلاف رئيسية بين واشنطن وطهران، إذ تؤكد الأخيرة حقها في مواصلة تخصيب اليورانيوم لأغراض مدنية، الأمر الذي ترفضه الولايات المتحدة. ونقلت صحيفة نيويورك تايمز، أول أمس الثلاثاء، عن مسؤولين إيرانيين وأوروبيين أن إدارة ترامب اقترحت صيغة تسمح لإيران بمواصلة تخصيب اليورانيوم بمستويات منخفضة ريثما يتم التوصل إلى خطة تفصيلية لمنع طهران من امتلاك سلاح نووي. وفي هذا الإطار ستساعد الولايات المتحدة في بناء مفاعلات نووية للطاقة في إيران، كما ستتفاوض بشأن إنشاء منشآت للتخصيب تدار من قبل اتحاد يضم دولا إقليمية. وما أن تبدأ إيران بالحصول على فوائد من هذه الترتيبات، سيتعين عليها التوقف عن أي تخصيب داخل أراضيها، وفقا لما نقلته الصحيفة الأميركية. من جانبها، تتمسك إيران بتخصيب اليورانيوم وتطالب برفع العقوبات عنها والحصول على ضمانات بعدم تكرار الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي كما حدث عام 2018 خلال ولاية ترامب الأولى.


الجزيرة
منذ 5 ساعات
- الجزيرة
تزايد خلافات الحريديم مع حكومة نتنياهو حول التجنيد الإجباري
تشهد العلاقة بين الأحزاب الحريدية (اليهود المتشددين دينيا) وحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية- توترات متزايدة حول قضية الخدمة العسكرية الإجبارية. اقرأ المزيد


الجزيرة
منذ 7 ساعات
- الجزيرة
مقرر أممي: فيتو واشنطن متوقع وعلى العالم إيصال المساعدات لغزة رغما عن إسرائيل
قال المقرر الأممي الخاص المعني بالحق في الغذاء مايكل فخري إنه ليس مفاجئا أن تستخدم الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن بشأن قطاع غزة ، مطالبا بإرسال المساعدات الإنسانية عبر قوات حفظ سلام أممية رغما عن إسرائيل. وفشل مجلس الأمن -الأربعاء- في تبني مشروع قرار بشأن وقف إطلاق نار فوري بغزة، إذ استخدمت واشنطن حق النقض رغم تصويت جميع أعضاء مجلس الأمن الـ14 لصالح القرار. وشدد فخري -في حديثه للجزيرة- على أن القانون الدولي ملزم مثل قرارات مجلس الأمن، كما أن الجمعية العامة للأمم المتحدة لديها سلطة تنفيذ قرارات عندما يفشل مجلس الأمن. وأشار المقرر الأممي إلى قرار محكمة العدل الدولية باعتبار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية غير قانوني وضرورة أن ينتهي. ولفت إلى أن إسرائيل تشن حرب تجويع وتخرق القانون الدولي، مستدلا بوجود أوامر اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت لارتكابهما جرائم حرب. وشدد على أن تصريحات الدول الأوروبية التي تدين إسرائيل في غزة "لا تكفي"، مؤكدا ضرورة الحاجة إلى أفعال لا أقوال "فالناس يموتون بالمئات بطريقة مروعة يوميا". وطالب هذه الدول بالعمل على وقف إطلاق النار وإرسال المساعدات بشكل فوري عبر قوات حفظ السلام، وتجاهل موقف إسرائيل في هذا الخصوص. وشن فخري هجوما حادا على " مؤسسة غزة الإنسانية"، وقال إنها ليست منظمة إنسانية بأي شكل من الأشكال، ووصفها بأنها "أداة لتسليح المساعدات"، وكذلك "إهانة وإخضاع الفلسطينيين وتهجيرهم من أماكن إقامتهم". ورفضت الأمم المتحدة التعاون مع هذه المؤسسة ذات مصادر التمويل الغامضة، قائلة إنها لا تحترم المبادئ الإنسانية الأساسية. واستدل المقرر الأممي أيضا بإطلاق إسرائيل النار على طالبي المساعدات وقتلهم. وأعلن المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، الثلاثاء، عن ارتفاع عدد الشهداء في مراكز توزيع المساعدات إلى 102 خلال 8 أيام، وقال إن الاحتلال حولها إلى مصائد موت جماعي. وأوضح المكتب الإعلامى الحكومى أن تكرار المجازر يكشف أن ما يجري هو استخدام للمساعدات كأداة للقتل والتطهير الجماعي. بدورها، أفادت وزارة الصحة بقطاع غزة -في آخر إحصائياتها- بارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع إلى 54 ألفا و607 شهداء و125 ألفا و341 مصابا منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. ومنذ هذا التاريخ، يشن جيش الاحتلال حرب إبادة ضد سكان القطاع الفلسطيني -وفق توصيف خبراء دوليين- وقد شُرد كل سكان القطاع تقريبا وسط دمار لم يسبق له مثيل منذ الحرب العالمية الثانية. وبعد حصار خانق استمرّ أكثر من شهرين، سمحت إسرائيل منذ 19 مايو/أيار الماضي بدخول عدد محدود من شاحنات الأمم المتحدة إلى غزة، في حين وصفت المنظمات الإنسانية والأممية هذه المساعدات بأنها ليست سوى "قطرة في محيط" الاحتياجات بالقطاع الفلسطيني.