logo
هل نحتاج إلى مساحيق البروتين لبناء عضلات أقوى وجسم سليم؟

هل نحتاج إلى مساحيق البروتين لبناء عضلات أقوى وجسم سليم؟

الوسطمنذ 2 أيام
Getty Images
خلال فصل الصيف واعتدال الطقس، يُقبل المزيد من الناس على ممارسة الأنشطة الرياضية ويسعون إلى تحسين عاداتهم الغذائية. وتذخر منصات التواصل الاجتماعي بمقاطع مصورة تتحدث عن أفضل الطرق لبناء جسم سليم وتقوية العضلات، ويتحدث كثير من "المؤثرين" في هذا المجال عن كون مساحيق البروتين التي يتناولونها بعد خلطها بالماء أو اللبن الحليب ("البروتين شيك") جزءا من روتينهم اليومي لتحقيق تلك الغاية.
وقد شهدت سوق مكملات البروتين العالمية نموا كبيرا في الأعوام الماضية، وتراوحت قيمتها خلال عام 2024 وفق بعض التقديرات ما بين 24 و28 مليار دولار أمريكي، ويُتوقع أن تتضاعف بحلول عام 2034، إذ أصبح تقبل عليها شرائح مختلفة من الناس فضلا عن الرياضيين.
فمم تتكون تلك المساحيق، وهل تعتبر آمنة؟ وهل تتفوق على البروتين الذي نحصل عليه من طعامنا المعتاد، أم من الأفضل الحصول على البروتين من الغذاء الطبيعي؟
قبل الإجابة على هذه الأسئلة، ربما كان من المهم أولا أن نتعرف على أهمية البروتين ومصادره المختلفة، والكمية التي ينبغي أن نتناولها.
أداة بناء وإصلاح
البروتين في غاية الأهمية لصحة الإنسان، إذ إن له وظائف حيوية عديدة داخل أجسامنا. ويتكون البروتين من الأحماض الأمينية، وهي بمثابة حجر البناء للخلايا والأنسجة والإنزيمات وغيرها من المركبات الضرورية لاستمرار الحياة.
ومن بين الوظائف المهمة للبروتين:
-بناء الأنسجة وإصلاح ما تتعرض له من تلف: يشكل البروتين أهمية كبيرة لنمو وإصلاح العضلات والجلد والأعضاء.
-إنتاج الإنزيمات: العديد من الإنزيمات التي تعلب دور المحفز في التفاعلات البيوكيميائية التي تحدث في الجسم تتكون من البروتين – على سبيل المثال إنزيمات الهضم التي تحلل الطعام وتحوله إلى عناصر غذائية قابلة للامتصاص.
-تنظيم الهرمونات: تلعب البروتينات دورا في إنتاج الهرمونات التي تنظم عمليات الجسم، على سبيل المثال هرمون الإنسولين الذي ينظم مستويات السكر في الدم.
-وظيفة مناعية: الأجسام المضادة التي تحارب العدوى هي عبارة عن بروتينات.
-النقل والتخزين: تساعد البروتينات في نقل الجزيئات عبر الجسم – على سبيل المثال الهيموغلوبين هو بروتين في خلايا الدم الحمراء ينقل الأكسجين من الرئة إلى الأنسجة.
-كما أن البروتين يعتبر مصدرا للطاقة يستخدم عندما لا تكون الكربوهيدرات والدهون كافية في الجسم.
ويشكل البروتين أهمية خاصة في مراحل النمو عند الأطفال والحمل والتقدم في العمر (إذ يمنع فقدان العضلات المرتبط بالشيخوخة)، ويعزز الصحة العامة والتعافي من الأمراض.
مصادر البروتين
يمكن الحصول على البروتين من المصادر الحيوانية مثل اللحوم الحمراء والبيضاء والسمك والبيض والألبان، أو مصادر نباتية مثل البقوليات كالفول والعدس والفاصوليا، والتوفو والمسكرات والبذور والحبوب الكاملة. وتشير بعض الدراسات إلى أن البروتين الحيواني أفضل من النباتي لأنه يعتبر بروتينا كاملا، إذ يحتوي على الأحماض الأمينية التسعة الأساسية بكميات كافية، في حين أن غالبية مصادر البروتين النباتية عادة ما تفتقر إلى واحد أو اثنين من تلك الأحماض – ومن ثم يُنصح النباتيون بتناول أنواع مختلفة من الأطعمة النباتية التي تحتوي على بروتين. كما أن البروتينات الحيوانية يسهل هضمها واستخدامها بكفاءة عالية من قبل الجسم مقارنة بالبروتينات النباتية، فضلا عن أن البروتينات الحيوانية عادة ما تحتوي على عناصر غذائية مهمة أخرى مثل الحديد وفيتامين ب-12 وأحماض أوميغا-3 الدهنية وفيتامين د، والتي يندر وجودها في المصادر النباتية.
لكن المصادر النباتية للبروتين عادة ما تحتوي على عناصر غذائية إضافية مفيدة مثل الألياف ومضادات الأكسدة والفيتامينات والمعادن التي تعزز الصحة العامة.
كما ينبغي الأخذ في الاعتبار أن بعض الدراسات أشارت إلى أن استهلاك كميات كبيرة من البروتينات الحيوانية، لا سيما اللحوم الحمراء والمعالجة، قد يرتبط بزيادة خطر الإصابة ببعض الأمراض، وخاصة أمراض القلب. وكثيرا ما يُعزى ذلك إلى وجود الدهون المشبعة والكولسترول في اللحوم المعالجة.
وينصح موقع كلية الطب بجامعة هارفارد باتباع نظام غذائي متنوع يجمع بين البروتينات النباتية والحيوانية، واستهلاك مصادر البروتين التي تحتوي على كميات صغيرة من الدهون المشبعة والكربوهيدرات المعالجة وعلى كميات كبيرة من العناصر الغذائية المختلفة.
Getty Images
ينصح الخبراء باتباع نظام غذائي متنوع يجمع بين مصادر البروتينات الحيوانية والنباتية
ما كمية البروتين التي تحتاجها أجسامنا؟
توصي السلطات الطبية في الولايات المتحدة بأن كمية البروتين التي ينبغي أن يتناولها الأفراد البالغون يوميا هي 0.8 غراما من البروتين لكل كيلوغرام من وزن الفرد. على سبيل المثال، شخص بالغ وزنه 70 كيلوغراما يحتاج إلى حوالي 56 غراما من البروتين يوميا. أما الأطفال والمراهقون فيحتاجون إلى كميات أكبر من البروتين، وتتفاوت تلك الكميات وفق المرحلة العمرية.
وقد أشار العديد من الدراسات إلى أن النساء الحوامل واللاتي يرضعن يحتجن إلى كمية إضافية من البروتين. كما أكدت دراسات أخرى الحاجة إلى استهلاك المزيد من البروتين مع التقدم في العمر لتفادي فقدان كتلة العضلات ووظائفها وضعف الجسم. ويحتاج الرياضيون إلى كميات أكبر من البروتينات لتحسين أدائهم ومساعدتهم على تنمية عضلاتهم وتقويتها.
لكن هناك بعض الدراسات التي أشارت إلى قصور في الطريقة التي تم من خلالها تحديد الكمية التي ينبغي تناولها من البروتين والمعروفة بطريقة "توازن النيتروجين" وإلى أننا ربما يتعين علينا استهلاك كمية أكبر من الموصى بها.
يقول غريغ نَكولز، الباحث الأكاديمي في علوم الرياضة والتمثيل الغذائي (الأيض) لـ بي بي سي عربي إنه "باستخدام طريقة جديدة تختبر أكسدة الأحماض الأمينية، وجد الباحثون أن الكمية التي على الأرجح يحتاج 95 في المئة من السكان إلى تناولها للوفاء باحتياجاتهم اليومية أقرب إلى 1.2 غراما لكل كيلوغرام من كتلة الجسم. كما أن أبحاثا أخرى ركزت على عوامل كتنظيم الشهية والتحكم في الوزن ومنع فقدان القوة البدنية مع التقدم في السن تشير هي الأخرى إلى أن نسبة 1.2 غراما لكل كيلوغرام تؤدي إلى نتائج أفضل مقارنة بنسبة 0.8 غراما لكل كيلوغرام".
ويضيف نَكولز أن احتياجات الرياضيين اليومية من البروتين أكبر، وتصل إلى نحو غرامين لكل كيلوغرام من كتلة الجسم لتحقيق أفضل نتائج ممكنة لأن "التمرينات الرياضية المكثفة من الممكن أن تتلف البروتينات الموجودة في العضلات، فضلا عن الحاجة إلى كمية إضافية من البروتين لبناء المزيد من أنسجة تلك العضلات".
متى ينبغي تناول البروتين؟
تشير بعض الدراسات إلى أن الطريقة المثلى للحصول على أقصى فائدة من البروتين هي تناوله عدة مرات خلال اليوم الواحد بدلا من تركيزه في وجبة واحدة. وتوصلت تلك الدراسات إلى أن تناول أطعمة غنية بالبروتين عدة مرات يوميا (على سبيل المثال، في الإفطار والغذاء والعشاء ومن خلال وجبات خفيفة) يعزز من إنتاج البروتين العضلي، وكذلك الشعور بالشبع.
وتشير الدراسات أيضا إلى أن تناول البروتين في غضون 30 دقيقة إلى ساعتين من ممارسة التمرينات الرياضية يعتبر ذا فائدة كبيرة في تعافي العضلات وإصلاح ما طرأ عليها من تلف، ويساعد في نموها.
ما هي مساحيق البروتين وهل تعتبر آمنة؟
تُصنّع تلك المساحيق بالأساس من مصدر للبروتين مثل "مصل اللبن الحليب" (السائل المتبقي بعد تخثر اللبن عند صناعة الجبن)، والغني بالأحماض الأمينية، أو "الكازين" وهو بروتين آخر موجود في اللبن، أو بروتينات نباتية مستخلصة من البازلاء أو الصويا أو الأرز أو القنب، وعادة ما يتم خلطها لتكوين مادة غنية بالأحماض الأمينية. ويضاف إلى الكثير من تلك المساحيق مكسبات طعم طبيعية أو اصطناعية وسكر أو محليات بديلة، وأحيانا يضاف إليها أيضا بعض الفيتامينات والمعادن والألياف وإنزيمات الهضم.
بشكل عام، يعتبر الخبراء الاستخدام المعتدل لمساحيق البروتين آمنا لغالبية البالغين، ولكن يجب التأكيد على أن آثار تناولها على المدى البعيد غير معروفة بدقة. وحذرت دراسات من أن الإفراط في استهلاكها لفترات طويلة قد يؤدي إلى الإضرار بالكليتين. كما ينبغي توخي الحذر واستشارة الطبيب في حالة الحمل أو إذا كان الشخص يعاني من مشكلات صحية.
وتجدر الإشارة كذلك إلى أن مساحيق البروتين قد تتسبب في مشكلات في الهضم للبعض، ولا سيما لمن يعانون من حساسية اللاكتوز. يضاف إلى ذلك احتواء بعضها على كميات عالية من السكر والسعرات الحرارية، وهو ما قد يؤدي إلى زيادة في الوزن وارتفاع مفاجئ وغير صحي في سكر الدم. كما أن المحليات الاصطناعية التي تحتوي عليها بعض المساحيق ربما تؤدي إلى مشكلات صحية، من بينها زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية، وفق بعض الدراسات.
هل هناك حاجة إلى مساحيق البروتين؟
استهلاك مساحيق البروتين لا يقتصر على الرياضيين المحترفين ولاعبي كمال الأجسام، بل يتخطاهم إلى الكثير من الأشخاص الذين يترددون على صالات الألعاب الرياضية ويمارسون مختلف التمرينات سعيا لبناء المزيد من العضلات. كما أن هناك من يتناولها (مذابة في الماء أو اللبن) كوجبة خفيفة أو بدلا من تناول إحدى الوجبات إذا لم يكن لديه الوقت الكافي لتناول الطعام. فضلا عن ذلك، بعض الأشخاص النباتيين يلجأون إليها عندما يشعرون بأنهم لا يحصلون على كميات كافية من البروتين من طعامهم.
يقول البروفيسور برادلي شونفيلد أستاذ علوم الرياضة بكلية ليمان بمدينة نيويورك، وهو بطل كمال أجسام سابق حائز على عدة ألقاب، إن تناول مساحيق البروتين "لا يأتي بنتيجة سحرية، كما أنها ليست أفضل قيمة من الأطعمة الكاملة. إذا كان الشخص يرغب في استهلاك البروتين من الأطعمة الكاملة، ولديه القدرة على ذلك، فإن المكملات الغذائية في هذه الحالة ليست ضرورية لتحقيق النتائج المرجوة من التمرينات الرياضية. أما إذا كان الشخص يجد صعوبة في الحصول على الكمية الكافية من البروتين التي يُنصح بتناولها يوميا من الطعام، فإن المكملات الغذائية من الممكن أن تساعده في الحصول على الكمية المطلوبة".
ويقول الباحث غريغ نَكولز إنه عادة ما "يساء فهم" مساحيق البروتين: " بعض الأشخاص يرون أنها أقل جودة من البروتين الذي يحصلون عليه من الأطعمة الكاملة، في حين يرى البعض الآخر أن لها فوائد خاصة، وأنها ستساعدهم على تنمية المزيد من العضلات مقارنة بغيرها من مصادر البروتين. لكن في واقع الأمر، البروتين الموجود في تلك المساحيق هو بروتين عادي، ليس أفضل ولا أسوأ من أي نوع آخر نحصل عليه من أي مصدر أخرى".
ولكنه يضيف أنه نظرا لأن مساحيق البروتين لها فترة صلاحية طويلة، فإنه " قد يكون من المفيد الاحتفاظ بعلبة منها في البيت.. كمصدر متاح للبروتين تستخدمه في المرات التي لا تستطيع فيها الحصول على ما يكفيك. شخصيا، أحصل على احتياجاتي من الطعام، لكني احتفظ بعلبة من مسحوق البروتين على الرف في خزانة مطبخي ألجأ إليها عندما لا يكون في منزلي أطعمة غنية بالبروتين".
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

آلام الأسنان: ما السبب وراء الألم عند تناول المثلجات والمشروبات الباردة؟
آلام الأسنان: ما السبب وراء الألم عند تناول المثلجات والمشروبات الباردة؟

الوسط

timeمنذ 17 ساعات

  • الوسط

آلام الأسنان: ما السبب وراء الألم عند تناول المثلجات والمشروبات الباردة؟

Getty Images توصل علماء إلى الأسباب وراء ألم الأسنان الناتج عن تناول الآيس كريم أو المشروبات الباردة. وحدد هؤلاء العلماء موقع الخلايا والإشارات في الأسنان الحساسة التي ترصد الانخفاض الحاد في درجة الحرارة، والتي تكون السبب وراء آلام الأسنان وصدمات الدماغ. ويعتبر من يعانون من تسوس الأسنان من أكثر الناس عرضة للإحساس بالألم أثناء تناول الآيس كريم أو المشروبات شديدة البرودة، وذلك لأن المسار إلى تلك الخلايا مكشوف. ويتم التعامل مع هذا النوع من آلام الأسنان باستخدام أنواع مختلفة من العلاج مثل معجون الأسنان، ولصقات الأسنان، والعلكة. وقالت كاثرينا زيمرمان، قائدة الفريق البحثي المعد لهذه الدراسة التي نشرت في دورية ساينس أدفانسيس العلمية المتخصصة: "بمجرد تحديد الجزيء الذي ينبغي استهدافه، تكون هناك إمكانية للعلاج". وقام فريق البحث بقيادة زيمرمان بجامعة فريدريش ألكسندر الألمانية بتتبع موقع الهدف (المسبب الأساسي لآلام الأسنان من هذا النوع)، الذي يسمى TRPC5، لمعرفة مدى قربه من خلايا من نوع محدد - هي الخلايا المنتجة للطبقة العاجية - التي تقع بين اللب الداخلي اللين والطبقة الخارجية الصلبة للأسنان. ومينا الأسنان غير مسؤولة عن أي إحساس على النقيض من العاج المتصل باللب الداخلي في عمق الأسنان حيث توجد الخلايا العصبية. وفي حالة انكشاف الطبقة العاجية من الأسنان بسبب التسوس أو أمراض اللثة، يتسبب أي محفز مؤلم مثل درجة الحرارة أو سوائل معينة في ألم الأسنان. وأجرى الباحثون تجارب على الفئران والبشر لفهم كيفية زيادة ألم الأسنان من خلال تسجيل ما يحدث في الخلايا والأعصاب. وقالت زيمرمان: "عثرنا على عدد من قنوات TRPC5 في أسنان البشر والحيوانات الأليفة التي تعاني من الحفر والتسوس، لذلك نرجح أن تصميم حاجز للـ TRPC5 يوضع على الأسنان في شكل أشرطة أو علكة ربما يساعد إلى حدٍ كبيرٍ في علاج ألم الأسنان أو الحساسية المفرطة للب الأسنان". وهناك علاج منزلي يشيع استخدامه في التخلص من آلام الأسنان، وهو زيت القرنفل الذي يحتوي على مادة اليوجينيل الكيميائية التي تعترض مسار الـ TRPC5. لكن العلماء لا ينصحون بطرق العلاج التي يعتمد فيها المريض على نفسه، لذلك يرون أنه ينبغي أن على أي شخص يشعر بألم مؤرق في الأسنان التوجه إلى الطبيب. وقال داميان وولمسلي، من جمعية طب الأسنان البريطانية، إن اعتراض طريق الألم قد يوفر تسكيناً مؤقتاً له، لكن من الضروري الحصول على علاج والتخلص من السبب الحقيقي. وأضاف وولمسلي: "بينما لا ننكر أن هذا البحث مثير للاهتمام، لا يمكن تجاهل الأسباب التي تقف وراء حساسية الأسنان ولا إدراك المرضى للألم. ويستطيع أطباء الأسنان إزالة التسوس والتوصية بأنواع من معجون الأسنان من شأنها معالجة حساسية الأسنان". وأشار إلى أن العناصر التي تسد مسارات جزيء TRPC5 المسبب لآلام الأسنان قد تضاف إلى معجون الأسنان في المستقبل للحد من الآلام الناتجة عن حساسية الأسنان. يُذكر أن زيمرمان لفريقها البحثي لم يتلقوا أي تمويل تجاري لما قاموا به من جهود بحثية، لكن مؤسسة الأبحاث الألمانية ومعهد هاورد هيوز في الولايات المتحدة كانا هما الممولان لهذه الدراسة. ويحدث تسوس الأسنان بسبب تآكل في طبقة المينا والعاج بفعل الأحماض التي تتكون عقب تناول المأكولات والمشروبات التي تحتوي على مواد سكرية، وفقاً لجمعية طب الأسنان البريطانية. وبمرور الوقت، تحدث هذه الأحماض تسوس (ثقوب) في الأسنان. ويزيد خطر الإصابة بتلف الأسنان حسب كمية الأطعمة السكرية والحمضية التي يتناولها الفرد لذا ينصح بأن يتم تناولها أثناء الوجبات فقط.

هل نحتاج إلى مساحيق البروتين لبناء عضلات أقوى وجسم سليم؟
هل نحتاج إلى مساحيق البروتين لبناء عضلات أقوى وجسم سليم؟

الوسط

timeمنذ 2 أيام

  • الوسط

هل نحتاج إلى مساحيق البروتين لبناء عضلات أقوى وجسم سليم؟

Getty Images خلال فصل الصيف واعتدال الطقس، يُقبل المزيد من الناس على ممارسة الأنشطة الرياضية ويسعون إلى تحسين عاداتهم الغذائية. وتذخر منصات التواصل الاجتماعي بمقاطع مصورة تتحدث عن أفضل الطرق لبناء جسم سليم وتقوية العضلات، ويتحدث كثير من "المؤثرين" في هذا المجال عن كون مساحيق البروتين التي يتناولونها بعد خلطها بالماء أو اللبن الحليب ("البروتين شيك") جزءا من روتينهم اليومي لتحقيق تلك الغاية. وقد شهدت سوق مكملات البروتين العالمية نموا كبيرا في الأعوام الماضية، وتراوحت قيمتها خلال عام 2024 وفق بعض التقديرات ما بين 24 و28 مليار دولار أمريكي، ويُتوقع أن تتضاعف بحلول عام 2034، إذ أصبح تقبل عليها شرائح مختلفة من الناس فضلا عن الرياضيين. فمم تتكون تلك المساحيق، وهل تعتبر آمنة؟ وهل تتفوق على البروتين الذي نحصل عليه من طعامنا المعتاد، أم من الأفضل الحصول على البروتين من الغذاء الطبيعي؟ قبل الإجابة على هذه الأسئلة، ربما كان من المهم أولا أن نتعرف على أهمية البروتين ومصادره المختلفة، والكمية التي ينبغي أن نتناولها. أداة بناء وإصلاح البروتين في غاية الأهمية لصحة الإنسان، إذ إن له وظائف حيوية عديدة داخل أجسامنا. ويتكون البروتين من الأحماض الأمينية، وهي بمثابة حجر البناء للخلايا والأنسجة والإنزيمات وغيرها من المركبات الضرورية لاستمرار الحياة. ومن بين الوظائف المهمة للبروتين: -بناء الأنسجة وإصلاح ما تتعرض له من تلف: يشكل البروتين أهمية كبيرة لنمو وإصلاح العضلات والجلد والأعضاء. -إنتاج الإنزيمات: العديد من الإنزيمات التي تعلب دور المحفز في التفاعلات البيوكيميائية التي تحدث في الجسم تتكون من البروتين – على سبيل المثال إنزيمات الهضم التي تحلل الطعام وتحوله إلى عناصر غذائية قابلة للامتصاص. -تنظيم الهرمونات: تلعب البروتينات دورا في إنتاج الهرمونات التي تنظم عمليات الجسم، على سبيل المثال هرمون الإنسولين الذي ينظم مستويات السكر في الدم. -وظيفة مناعية: الأجسام المضادة التي تحارب العدوى هي عبارة عن بروتينات. -النقل والتخزين: تساعد البروتينات في نقل الجزيئات عبر الجسم – على سبيل المثال الهيموغلوبين هو بروتين في خلايا الدم الحمراء ينقل الأكسجين من الرئة إلى الأنسجة. -كما أن البروتين يعتبر مصدرا للطاقة يستخدم عندما لا تكون الكربوهيدرات والدهون كافية في الجسم. ويشكل البروتين أهمية خاصة في مراحل النمو عند الأطفال والحمل والتقدم في العمر (إذ يمنع فقدان العضلات المرتبط بالشيخوخة)، ويعزز الصحة العامة والتعافي من الأمراض. مصادر البروتين يمكن الحصول على البروتين من المصادر الحيوانية مثل اللحوم الحمراء والبيضاء والسمك والبيض والألبان، أو مصادر نباتية مثل البقوليات كالفول والعدس والفاصوليا، والتوفو والمسكرات والبذور والحبوب الكاملة. وتشير بعض الدراسات إلى أن البروتين الحيواني أفضل من النباتي لأنه يعتبر بروتينا كاملا، إذ يحتوي على الأحماض الأمينية التسعة الأساسية بكميات كافية، في حين أن غالبية مصادر البروتين النباتية عادة ما تفتقر إلى واحد أو اثنين من تلك الأحماض – ومن ثم يُنصح النباتيون بتناول أنواع مختلفة من الأطعمة النباتية التي تحتوي على بروتين. كما أن البروتينات الحيوانية يسهل هضمها واستخدامها بكفاءة عالية من قبل الجسم مقارنة بالبروتينات النباتية، فضلا عن أن البروتينات الحيوانية عادة ما تحتوي على عناصر غذائية مهمة أخرى مثل الحديد وفيتامين ب-12 وأحماض أوميغا-3 الدهنية وفيتامين د، والتي يندر وجودها في المصادر النباتية. لكن المصادر النباتية للبروتين عادة ما تحتوي على عناصر غذائية إضافية مفيدة مثل الألياف ومضادات الأكسدة والفيتامينات والمعادن التي تعزز الصحة العامة. كما ينبغي الأخذ في الاعتبار أن بعض الدراسات أشارت إلى أن استهلاك كميات كبيرة من البروتينات الحيوانية، لا سيما اللحوم الحمراء والمعالجة، قد يرتبط بزيادة خطر الإصابة ببعض الأمراض، وخاصة أمراض القلب. وكثيرا ما يُعزى ذلك إلى وجود الدهون المشبعة والكولسترول في اللحوم المعالجة. وينصح موقع كلية الطب بجامعة هارفارد باتباع نظام غذائي متنوع يجمع بين البروتينات النباتية والحيوانية، واستهلاك مصادر البروتين التي تحتوي على كميات صغيرة من الدهون المشبعة والكربوهيدرات المعالجة وعلى كميات كبيرة من العناصر الغذائية المختلفة. Getty Images ينصح الخبراء باتباع نظام غذائي متنوع يجمع بين مصادر البروتينات الحيوانية والنباتية ما كمية البروتين التي تحتاجها أجسامنا؟ توصي السلطات الطبية في الولايات المتحدة بأن كمية البروتين التي ينبغي أن يتناولها الأفراد البالغون يوميا هي 0.8 غراما من البروتين لكل كيلوغرام من وزن الفرد. على سبيل المثال، شخص بالغ وزنه 70 كيلوغراما يحتاج إلى حوالي 56 غراما من البروتين يوميا. أما الأطفال والمراهقون فيحتاجون إلى كميات أكبر من البروتين، وتتفاوت تلك الكميات وفق المرحلة العمرية. وقد أشار العديد من الدراسات إلى أن النساء الحوامل واللاتي يرضعن يحتجن إلى كمية إضافية من البروتين. كما أكدت دراسات أخرى الحاجة إلى استهلاك المزيد من البروتين مع التقدم في العمر لتفادي فقدان كتلة العضلات ووظائفها وضعف الجسم. ويحتاج الرياضيون إلى كميات أكبر من البروتينات لتحسين أدائهم ومساعدتهم على تنمية عضلاتهم وتقويتها. لكن هناك بعض الدراسات التي أشارت إلى قصور في الطريقة التي تم من خلالها تحديد الكمية التي ينبغي تناولها من البروتين والمعروفة بطريقة "توازن النيتروجين" وإلى أننا ربما يتعين علينا استهلاك كمية أكبر من الموصى بها. يقول غريغ نَكولز، الباحث الأكاديمي في علوم الرياضة والتمثيل الغذائي (الأيض) لـ بي بي سي عربي إنه "باستخدام طريقة جديدة تختبر أكسدة الأحماض الأمينية، وجد الباحثون أن الكمية التي على الأرجح يحتاج 95 في المئة من السكان إلى تناولها للوفاء باحتياجاتهم اليومية أقرب إلى 1.2 غراما لكل كيلوغرام من كتلة الجسم. كما أن أبحاثا أخرى ركزت على عوامل كتنظيم الشهية والتحكم في الوزن ومنع فقدان القوة البدنية مع التقدم في السن تشير هي الأخرى إلى أن نسبة 1.2 غراما لكل كيلوغرام تؤدي إلى نتائج أفضل مقارنة بنسبة 0.8 غراما لكل كيلوغرام". ويضيف نَكولز أن احتياجات الرياضيين اليومية من البروتين أكبر، وتصل إلى نحو غرامين لكل كيلوغرام من كتلة الجسم لتحقيق أفضل نتائج ممكنة لأن "التمرينات الرياضية المكثفة من الممكن أن تتلف البروتينات الموجودة في العضلات، فضلا عن الحاجة إلى كمية إضافية من البروتين لبناء المزيد من أنسجة تلك العضلات". متى ينبغي تناول البروتين؟ تشير بعض الدراسات إلى أن الطريقة المثلى للحصول على أقصى فائدة من البروتين هي تناوله عدة مرات خلال اليوم الواحد بدلا من تركيزه في وجبة واحدة. وتوصلت تلك الدراسات إلى أن تناول أطعمة غنية بالبروتين عدة مرات يوميا (على سبيل المثال، في الإفطار والغذاء والعشاء ومن خلال وجبات خفيفة) يعزز من إنتاج البروتين العضلي، وكذلك الشعور بالشبع. وتشير الدراسات أيضا إلى أن تناول البروتين في غضون 30 دقيقة إلى ساعتين من ممارسة التمرينات الرياضية يعتبر ذا فائدة كبيرة في تعافي العضلات وإصلاح ما طرأ عليها من تلف، ويساعد في نموها. ما هي مساحيق البروتين وهل تعتبر آمنة؟ تُصنّع تلك المساحيق بالأساس من مصدر للبروتين مثل "مصل اللبن الحليب" (السائل المتبقي بعد تخثر اللبن عند صناعة الجبن)، والغني بالأحماض الأمينية، أو "الكازين" وهو بروتين آخر موجود في اللبن، أو بروتينات نباتية مستخلصة من البازلاء أو الصويا أو الأرز أو القنب، وعادة ما يتم خلطها لتكوين مادة غنية بالأحماض الأمينية. ويضاف إلى الكثير من تلك المساحيق مكسبات طعم طبيعية أو اصطناعية وسكر أو محليات بديلة، وأحيانا يضاف إليها أيضا بعض الفيتامينات والمعادن والألياف وإنزيمات الهضم. بشكل عام، يعتبر الخبراء الاستخدام المعتدل لمساحيق البروتين آمنا لغالبية البالغين، ولكن يجب التأكيد على أن آثار تناولها على المدى البعيد غير معروفة بدقة. وحذرت دراسات من أن الإفراط في استهلاكها لفترات طويلة قد يؤدي إلى الإضرار بالكليتين. كما ينبغي توخي الحذر واستشارة الطبيب في حالة الحمل أو إذا كان الشخص يعاني من مشكلات صحية. وتجدر الإشارة كذلك إلى أن مساحيق البروتين قد تتسبب في مشكلات في الهضم للبعض، ولا سيما لمن يعانون من حساسية اللاكتوز. يضاف إلى ذلك احتواء بعضها على كميات عالية من السكر والسعرات الحرارية، وهو ما قد يؤدي إلى زيادة في الوزن وارتفاع مفاجئ وغير صحي في سكر الدم. كما أن المحليات الاصطناعية التي تحتوي عليها بعض المساحيق ربما تؤدي إلى مشكلات صحية، من بينها زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية، وفق بعض الدراسات. هل هناك حاجة إلى مساحيق البروتين؟ استهلاك مساحيق البروتين لا يقتصر على الرياضيين المحترفين ولاعبي كمال الأجسام، بل يتخطاهم إلى الكثير من الأشخاص الذين يترددون على صالات الألعاب الرياضية ويمارسون مختلف التمرينات سعيا لبناء المزيد من العضلات. كما أن هناك من يتناولها (مذابة في الماء أو اللبن) كوجبة خفيفة أو بدلا من تناول إحدى الوجبات إذا لم يكن لديه الوقت الكافي لتناول الطعام. فضلا عن ذلك، بعض الأشخاص النباتيين يلجأون إليها عندما يشعرون بأنهم لا يحصلون على كميات كافية من البروتين من طعامهم. يقول البروفيسور برادلي شونفيلد أستاذ علوم الرياضة بكلية ليمان بمدينة نيويورك، وهو بطل كمال أجسام سابق حائز على عدة ألقاب، إن تناول مساحيق البروتين "لا يأتي بنتيجة سحرية، كما أنها ليست أفضل قيمة من الأطعمة الكاملة. إذا كان الشخص يرغب في استهلاك البروتين من الأطعمة الكاملة، ولديه القدرة على ذلك، فإن المكملات الغذائية في هذه الحالة ليست ضرورية لتحقيق النتائج المرجوة من التمرينات الرياضية. أما إذا كان الشخص يجد صعوبة في الحصول على الكمية الكافية من البروتين التي يُنصح بتناولها يوميا من الطعام، فإن المكملات الغذائية من الممكن أن تساعده في الحصول على الكمية المطلوبة". ويقول الباحث غريغ نَكولز إنه عادة ما "يساء فهم" مساحيق البروتين: " بعض الأشخاص يرون أنها أقل جودة من البروتين الذي يحصلون عليه من الأطعمة الكاملة، في حين يرى البعض الآخر أن لها فوائد خاصة، وأنها ستساعدهم على تنمية المزيد من العضلات مقارنة بغيرها من مصادر البروتين. لكن في واقع الأمر، البروتين الموجود في تلك المساحيق هو بروتين عادي، ليس أفضل ولا أسوأ من أي نوع آخر نحصل عليه من أي مصدر أخرى". ولكنه يضيف أنه نظرا لأن مساحيق البروتين لها فترة صلاحية طويلة، فإنه " قد يكون من المفيد الاحتفاظ بعلبة منها في البيت.. كمصدر متاح للبروتين تستخدمه في المرات التي لا تستطيع فيها الحصول على ما يكفيك. شخصيا، أحصل على احتياجاتي من الطعام، لكني احتفظ بعلبة من مسحوق البروتين على الرف في خزانة مطبخي ألجأ إليها عندما لا يكون في منزلي أطعمة غنية بالبروتين".

ما الذي يدور في ذهن طفلك عند بلوغه سن السادسة، وكيف يتغير دماغه؟
ما الذي يدور في ذهن طفلك عند بلوغه سن السادسة، وكيف يتغير دماغه؟

الوسط

timeمنذ 3 أيام

  • الوسط

ما الذي يدور في ذهن طفلك عند بلوغه سن السادسة، وكيف يتغير دماغه؟

لطالما أغفل العلم ما يعرف بمرحلة "الطفولة المتوسطة"، بين سن السادسة والثانية عشرة، وهي فترة تحول عميقة تُهيئ الأطفال للنمو. إليكم ما يدور في أذهانهم خلال هذه الفترة المضطربة، وكيفية التعامل معها؟ بدأت أول تمرداتي الصغيرة عندما كنت في السادسة من عمري تقريباً. كنت قد حضرت للتو حفلة عيد ميلاد في قاعة القرية المحلية، مع مجموعة من الأطفال الذين بالكاد أعرفهم. وصلوا جميعاً مع أصدقائهم، وشعرت بالخجل والعزلة. عندما عدت إلى المنزل، كنت في حالة مزاجية سيئة للغاية. لا أتذكر ما طلبته مني أمي، لكنني أتذكر بوضوح أن ردي عليها كان حاداً للغاية. ثم انصرفتُ غاضباً، تاركاً إياها عاجزة عن الكلام. ماذا حدث لابنها الصغير المبتهج؟ ربما كانت والدتي لتتفاجأ بدرجة أقل، لو كنا نعيش في بلد ناطق بالألمانية. ففي اللغة الألمانية هناك مصطلح شائع هو Wackelzahnpubertät، الذي يعني حرفياً "بلوغ مرحلة الأسنان المتذبذبة (المتخلخلة)"، ويصف كيف يبدأ الأطفال في سن السادسة بإظهار المزاج السيئ، الذي يشبه إلى حد كبير مرحلة المراهقة. "السلوك العدواني، والنشاط المتمرد، والحزن العميق هي سمات مميزة لبلوغ مرحلة الأسنان المتخلخلة"، هكذا وصفتها مجلة Wunderkind الألمانية. (تابع القراءة حتى نهاية المقال للاطلاع على نصائح عملية تساعد الوالدين على التعامل مع هذه التغيرات السلوكية). وعلى عكس "البلوغ الحقيقي"، فإن بلوغ الأسنان المتخلخلة لا تحركه التغيرات الهرمونية، بل يتزامن مع بداية ما يُعرف بـ"الطفولة الوسطى"، وهي مرحلة من التحول النفسي العميق، حيث يبدأ الدماغ بوضع الأسس التي تقوم عليها الأفكار والمشاعر الأكثر نضجاً. تقول إيفلين أنتوني، طالبة الدكتوراه في علم النفس بجامعة دورهام بالمملكة المتحدة: "إنها مرحلة حاسمة حقاً، حيث يبني الطفل هويته، ويحاول تحديد هويته في علاقته بالآخرين". وتضيف: "كما أن عالمه العاطفي يتوسع أيضاً". في حين أن مرحلتي الرضاعة والمراهقة مفهومتان جيداً الآن، إلا أن مرحلة الطفولة المتوسطة - التي تمتد من سن السادسة إلى الثانية عشرة - لا تزال نسية في كثير من الدراسات العلمية. ويذهب بعض علماء النفس إلى حد وصفها بـ"سنواتنا المنسية". تقول أنتوني: "تركز الكثير من الأبحاث على السنوات الأولى، عندما يتحدث الأطفال ويمشون، ثم في مرحلة المراهقة عندما يكون هناك قدر أكبر من التمرد. لكن ما نعرفه عن مرحلة الطفولة الوسطى أقل". يتغير هذا الوضع الآن، مع وجود أبحاث جديدة تحدد الخصائص الأساسية للتحول العقلي لدى الأطفال. يتضمن هذا التحول قدرة أكبر على التفكير في مشاعرهم وتعديلها عند الحاجة، إلى جانب "نظرية عقلية متقدمة" تسمح لهم بالتفكير بشكل أكثر تعقيداً في سلوكيات الآخرين والاستجابة بشكل مناسب. يبدأون أيضاً بإتقان أساسيات التفكير العقلاني والاستنتاج المنطقي، ما يُمكّنهم من تحمّل مسؤولية أكبر عن أفعالهم، ولهذا السبب يُعرف هذا المصطلح في فرنسا باسم "سن العقل". كما يُوضّح مفهوم "بلوغ الأسنان المتخلخلة"، قد يصاحب بداية مرحلة الطفولة الوسطى بعض آلام النمو، لكن الفهم الأعمق للتغيرات العصبية والنفسية المصاحبة يُقدّم رؤى جديدة، حول أفضل السبل لدعم الطفل طوال هذه الرحلة. Getty Images مع بداية مرحلة الطفولة الوسطى، يكون معظم الأطفال قد أحرزوا تقدماً هائلاً في قدرتهم على التحكم في مشاعرهم لنبدأ بالتنظيم العاطفي. مع بداية مرحلة الطفولة الوسطى، يكون معظم الأطفال قد أحرزوا تقدماً هائلاً في قدرتهم على التحكم في مشاعرهم. ففي مرحلة الرضاعة كانوا يعتمدون كلياً على البالغين من حولهم لتهدئة مشاعر القلق، والتي غالباً ما تكون ناجمة عن ضغوطات جسدية، مثل الجوع أو التعب أو المغص. خلال السنوات القليلة التالية، يطورون مجموعة أكثر تنوعاً من المشاعر التي تشمل الفرح والغضب والخوف، لكنهم لا يعرفون كيفية التحكم بها، مما يؤدي إلى نوبات الغضب الشهيرة الصاخبة. لكن مع بداية تطور اللغة عند الطفل، تبدأ بعض العواصف العاطفية بالانحسار. ويرجع ذلك جزئياً إلى أنها تسمح للطفل بالتعبير عن احتياجاته بدقة أكبر، مما يسمح للآخرين بالاستجابة بشكل مناسب قبل أن يتفاقم الإحباط. فلا داعي للصراخ عندما تريد المزيد من الطعام، إذا كان بإمكانك ببساطة قول: "أنا جائع"، وسيستجيب شخص بالغ حنون. والأهم من ذلك، أن استخدام الكلمات لتسمية المشاعر قد يحمل أثراً فورياً أعمق: فمجرد تسمية الشعور تغير الطريقة التي يتفاعل بها الدماغ معه، حيث يتم تنشيط مناطق في قشرة الفص الجبهي المسؤولة عن التفكير المجرد، بينما تهدأ اللوزة الدماغية، وهي الجزء المسؤول عن الاستجابة العاطفية الفطرية. لكن مع بلوغ الطفل سن الخامسة أو السادسة، يواجه تحديات جديدة تضع فهمه العاطفي على المحك، كما تقول أنتوني وباحثون آخرون. وبدلاً من الاعتماد على البالغين لتوجيه كل تصرفاتهم، يُتوقع منهم أن يتمتعوا باستقلالية أكبر، مما يخلق حالة من عدم اليقين والغموض قد تُولّد الإحباط. فيجب عليهم تكوين صداقات بأنفسهم، والتوافق مع من لا يحبونهم، وطاعة قواعد البالغين. وكما توضح أنتوني، فإنهم يُطورون أيضاً شعوراً أقوى بالذات، مع الحاجة إلى تحديد هويتهم في مواجهة الآخرين. هذا التحول قد يدفع قدرة الطفل على تنظيم مشاعره إلى أقصى حدودها، وقد يؤدي إلى تقلبات مزاجية مرتبطة بما يُسمى بـ"بلوغ الأسنان المتخلخلة"، فيصبح الطفل أحياناً حزيناً ومتعلقاً بأهله، وأحياناً ينفجر غضباً بلا مقدمات. لحسن الحظ، تواكب أدمغة الأطفال بسرعة المتطلبات الجديدة. عادةً ما تتضمن هذه العملية تطوير مفردات أوسع لوصف وفهم ما يشعرون به، بما في ذلك مفهوم المشاعر المُختلطة. (بحلول سن التاسعة، يستطيع معظم الأطفال إدراك أن النهاية المُرّة والحلوة لفيلم ديزني "حورية البحر الصغيرة" تجمع بين الفرح والحزن، على سبيل المثال). كما يتعلمون استراتيجيات جديدة لتنظيم مشاعرهم بأنفسهم، دون الاعتماد على أحد الوالدين أو البالغين لتهدئتهم. خلال مرحلة الطفولة المتوسطة، يصبح الأطفال أكثر مهارة في استخدام "إعادة التقييم المعرفي"، أي تغيير الطريقة التي ينظرون بها إلى حدث ما لتخفيف تأثيره العاطفي. فعندما يواجه الطفل صعوبة في أداء مهمة مدرسية، على سبيل المثال، فقد يبدأ بالتفكير "لا أستطيع فعل هذا" أو "أنا غبي" أو قد يدرك أن إحباطه يحفزه على تبني استراتيجية جديدة، من المرجح أن تهدئ غضبه وتعزز مثابرته. وجدير بالذكر أن جزءاً كبيراً من هذا النضج العاطفي يأتي من مراقبة الكبار المحيطين بالطفل. تقول أنتوني: "الأطفال يتعلمون من الطريقة التي يتعامل بها آباؤهم مع الخلافات والمشاكل المختلفة التي تواجههم في حياتهم اليومية". البحث عن الصداقة Getty Images يجب على الأطفال في مرحلة الطفولة المتوسطة تكوين صداقات بأنفسهم يتغير العالم الاجتماعي للطفل أيضاً. توضح سيمون دوبيلار، باحثة ما بعد الدكتوراه في علم النفس التنموي والتربوي بجامعة لايدن في هولندا، قائلةً: "مرحلة الطفولة الوسطى هي الفترة التي تبدأ فيها الصداقات المتبادلة بالتطور". بمعنى آخر، يبدأ الأطفال بفهم مبدأ الأخذ والعطاء في العلاقات، الذي يُصبح محوراً رئيسياً في حياتهم. و"يبدأ الأطفال بقضاء المزيد من الوقت مع أقرانهم داخل وخارج المدرسة". خلال مرحلة الطفولة الوسطى، يبني الأطفال على هذه المهارات الاجتماعية والرؤى العقلية لتتبع أفكار ومشاعر الكثيرين. اختبار "سالي وآني" بحلول سن الخامسة، يمتلك معظم الأطفال ما يُعرف بـ"نظرية العقل"، وهي القدرة على إدراك أن لكل شخص حالة ذهنية فريدة، وأن الآخر قد يعرف شيئاً لا تعرفه، أو يجهل شيئاً تعرفه أنت. ويُقاس هذا عادةً من خلال اختبار "سالي وآني" الشهير: يُطلب من الطفل مشاهدة رسوم كرتونية تُظهر فتاة تُدعى "آني" تحرّك كرة زجاجية (ماربل) من سلة صديقتها "سالي" إلى صندوق، بينما كانت سالي خارج الغرفة. ثم يُسأل الطفل: "أين ستبحث سالي عن كرتها؟". الكثير من الأطفال الصغار يجيبون بـ"الصندوق"، لأنهم يعرفون أن الكرة قد نُقلت، ويفترضون أن سالي تعرف ذلك أيضاً. لكن بحلول الخامسة تقريياً، يتمكن معظم الأطفال من فهم أن سالي لا تعلم ما حدث، وأنها ستبحث في السلة. مثال توضيحي: تخيل قصة عن طفل يُدعى "نيك"، يريد الانضمام إلى فريق كرة القدم، لكنه لا يعتقد أنه سينجح في الانضمام. المدرب يعلم أن نيك متردد، لكنه يرغب فعلاً في ضمه للفريق. بعد اتخاذ القرار، يُطرح السؤال: "هل يعرف المدرب أن نيك لا يعلم أنه تم اختياره للفريق؟" (الإجابة الصحيحة: نعم). للإجابة على هذا السؤال، يحتاج الطفل إلى تقييم ما يعرفه المدرب عن معرفة نيك برأي المدرب، وهي عملية عقلية تُعرف بـ"التفكير التكراري" (recursive thinking)، أي تفكير ضمن تفكير. هذا النوع من التفكير ضروري لتفهم: - من يعرف السر؟ - كيف ينتشر القيل والقال في ساحة المدرسة؟ - من يحاول خداعنا في لعبة عبر "خدعة مزدوجة"؟ ومع ذلك، لم يكن واضحاً للعلماء حتى وقت قريب متى يبدأ الأطفال في تطوير هذا النوع من التفكير. في دراسة حديثة، قام كل من كريستوفر أوسترهوس (جامعة فشتا) وسوزان كوربر (جامعة فرايبورغ) بمتابعة 161 طفلاً من عمر خمس سنوات، لقياس تطور "نظرية العقل" لديهم خلال خمس سنوات لاحقة. أظهرت البيانات ارتفاعاً حاداً في قدرات الأطفال ما بين سن الخامسة والسابعة، قبل أن يبدأ الأداء في الاستقرار. يقول أوسترهوس: "لو كان الأمر مجرد تحسّن تدريجي في مواجهة تعقيد المهام، لكانت الزيادة أكثر اتساقاً. لكن ما نراه هو قفزة مفاهيمية واضحة". نتائج اجتماعية إيجابية تشير الأبحاث إلى أن لهذه القفزة العقلية آثاراً إيجابية فورية على الحياة الاجتماعية للأطفال ورفاههم. يقول أوسترهاوس: "وجدنا أنه كلما ارتفع مستوى تفكيرهم الاجتماعي، انخفض شعورهم بالوحدة. ربما يجدون سهولة أكبر في تكوين صداقات أو الانخراط في صداقات أعمق". على هذا المنوال، تشير أبحاث دوبيلار إلى أن زيادة الحساسية ترتبط بسلوك اجتماعي أكثر إيجابية، مثل التصرف بلطف شديد مع شخص يشعر بالاستبعاد. لدراسة هذا، أجرت تجربة تحاكي نوع التنمر البسيط الشائع جداً للأسف في العديد من الملاعب. لاختبار هذا، أعدّت دوبيلار تجربة قائمة على لعبة فيديو بسيطة تُدعى Cyberball، حيث يتبادل أربعة لاعبين الكرة فيما بينهم. لكن ما لا يعرفه المشاركون أن ثلاثة من اللاعبين عبارة عن شخصيات افتراضية يتحكم فيها الحاسوب، واثنان منهم يمكن برمجتهما لتجاهل اللاعب الرابع وعدم تمرير الكرة إليه. لاحظت دوبيلار أن الأطفال الأصغر سناً أبدوا حساسية أقل تجاه الظلم. لكن مع التقدم في مرحلة الطفولة الوسطى، بدأ العديد من الأطفال باستخدام دورهم في اللعب لتمرير الكرة إلى "اللاعب المُهمّش"، في إشارة بسيطة إلى التعاطف والتضامن. باستخدام فحوصات الرنين المغناطيسي الوظيفي لأدمغة الأطفال، وجدت دوبيلار وزملاؤها أن هذا يرتبط ببعض التغيرات المميزة في النشاط العصبي، مما يشير إلى انخفاض التركيز على أنفسهم، وربما زيادة التركيز على الآخرين. وتقول: "قد يكون ذلك بسبب زيادة مهارات تقبل وجهات النظر"، حيث أصبحت أدمغة الأطفال النامية قادرة على مراعاة مشاعر "الروبوت المُتنمر عليه". Getty Images يمكن للبالغين في حياة الطفل تسهيل تطوير التنظيم العاطفي، من خلال محادثات منتظمة يمكن أن تمنع نوبات الغضب بداية الشك الذاتي رغم الفوائد الكبيرة لتطور التفكير الاجتماعي لدى الأطفال، فإن له جانباً آخر أكثر تعقيداً: زيادة الوعي بالذات، وما يصاحبه من شكوك في الذات. لننظر إلى دراسة حول "فجوة الإعجاب"، التي تصف ميلنا إلى التقليل من قدر مدى إعجاب شخص آخر بنا، مقارنةً بمدى إعجابنا به. وجدت دراسة حديثة أجراها ووتر وولف، الذي يعمل حالياً في جامعة أوتريخت، أن فجوة الإعجاب تظهر لأول مرة في سن الخامسة وتزداد باطراد خلال مرحلة الطفولة الوسطى. فكلما زادت قدرة الطفل على استيعاب الحياة النفسية للآخرين، زاد قلقه من أن نظرتهم إليه قد لا تكون إيجابية كما يأمل. أعتقد أن هذا قد يفسر مزاجي السيئ في الحفلة (المشار إليه في بداية المقال)، كانت تلك أول تجربة لي مع الشعور بالوعي الذاتي والوحدة، ولم أكن أملك بعد الكلمات للتعبير عن سبب شعوري بالحزن والغضب، أو المهارات اللازمة للتغلب على فجوة الإعجاب وبناء صداقات جديدة مع أشخاص لم أكن أعرفهم جيداً. قوة الحوار يمكن للبالغين في حياة الطفل تسهيل تطوير هذه المهارات من خلال المحادثات المنتظمة. على سبيل المثال، تشير أنتوني إلى بحث يُظهر قوة "التدريب العاطفي". يتضمن هذا الاستماع إلى الطفل دون إصدار أحكام، والتحقق من صحة ما يشعر به، ثم اقتراح طرق للمضي قدماً بإيجابية. تقول: "لا يتعلق الأمر بمحاولة البالغ إصلاح كل شيء بالنسبة للطفل، بل بتوجيهه خلال عملية إدارة مشاعره". قد يُشجع البالغ الطفل على إعادة التقييم المعرفي، على سبيل المثال، من خلال توضيح كيفية تفسير حدث مزعج في البداية بطرق مختلفة. قد يُطبق الطفل هذا بعد ذلك عندما يكون منزعجاً في المرة اللاحقة، مما يُسلحه ضد الضغوط المستقبلية. يمكن للوالد أو المعلم أيضاً التحدث عن المعضلات الاجتماعية، سواء في الحياة الواقعية أو في الخيال. يقول أوسترهاوس: "قد تسألهم: لماذا تصرف هذا الشخص بهذه الطريقة؟ لماذا قال كذا؟". ويضيف أن هذا يساعدهم على التفكير ملياً في الحالات النفسية للآخرين، مما يُشجع على تطوير نظرية العقل لديهم. أحياناً، يتقارب النهجان بشكل طبيعي. إذا تعرض طفل للصدمة بسبب وقاحة صديقه المقرب، فقد يشجعه على التساؤل عن الأسباب المحتملة لهذا السلوك السيئ. ربما كان متعباً أو يمر بيوم عصيب؛ ربما لم يكن الأمر شخصياً، ويمكن التعامل معه بتعاطف لا بغضب. ومثل أي مهارات تستحق التعلم، تحتاج هذه القدرات إلى ممارسة مستمرة. ومع ذلك، خلال العديد من هذه اللحظات، سيكون الطفل مستعداً جيداً لفهم عقله وعقول الآخرين، ما يُرشده بشكل جيد إلى ما بعد مرحلة "بلوغ الأسنان المتخلخلة" إلى مغامرات مرحلة المراهقة وما بعدها.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store