
هل تقوّض واشنطن العقوبات الأوروبية على روسيا؟
فبينما يصر قادة أوروبا على تشديد الخناق الاقتصادي على موسكو لإجبار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على وقف القتال، يبدو أن ترامب يتبنى نهجًا مختلفًا تمامًا هذه المرة، يركز على المصالح الاقتصادية الأميركية أولاً وقبل كل شيء، وقد يميل إلى التوصل لاتفاق مع بوتين، حتى لو كان ذلك على حساب وحدة الموقف الغربي.
يمثل موقف ترامب، كما يرى العديد من المحللين، "لعبة مصالح" بحتة. فبالنسبة له، تُعد حرب أوكرانيا"رهانًا خاسرًا" للولايات المتحدة. ويسعى ترامب، بحسب رؤيته، إلى إعادة فتح الأبواب أمام الشركات الأميركية في السوق الروسية، خاصة في قطاعات حيوية مثل المعادن والطاقة.
هذا التوجه يتعارض بشكل مباشر مع خطط قادة أوروبا لتضييق الخناق على الاقتصاد الروسي.
تكبد العالم خسائر اقتصادية تجاوزت 3 تريليونات دولار بسبب الحرب الروسية الأوكرانية ، منها 1.5 تريليون دولار خسرها الاقتصاد الأوروبي ، ونحو تريليون دولار خسرها الاقتصاد الأوكراني.
أما الاقتصاد الروسي ، فقد تحمل تكلفة عمليات عسكرية قُدرت بنحو 355 مليار دولار، إضافة إلى فرض 21692 عقوبة طالت معظم قطاعاته الاقتصادية.
لإلقاء مزيد من الضوء على هذا الموقف، استضاف برنامج "بزنس مع لبنى" على شاشة سكاي نيوز عربية، من موسكو مدير مركز جي إس إم للأبحاث والدراسات الدكتور آصف ملحم، للحديث عن سر موقف دونالد ترامب الرافض للعقوبات على روسيا ، والذي أوضح أن أحد أهم العوامل التي أدت إلى هذا الموقف هو الاستثمارات المحتملة في روسيا وأوكرانيا.
واستطرد: "الاستثمارات في روسيا تتطلب رفع العقوبات القديمة وعدم فرض عقوبات جديدة لكي يتمكن المستثمرون من تحويل الأموال وما شابه ذلك"، مشددا على أن روسيا دولة غنية جدًا بالموارد كما نعلم جميعًا، وترامب لديه رغبة شديدة بالاستثمار في المعادن والطاقة والتكنولوجيا المتقدمة. هذه الاستثمارات تحدث عنها ترامب باستمرار. ولكن هناك نقطة جوهرية في هذا الموضوع يجب الانتباه إليها، أشار إليها الرئيس بوتين في حديثه: "إن عودة الشركات الأميركية إلى روسيا، إن لم تؤدِّ إلى منفعة مباشرة للاقتصاد الروسي، فلن نوافق عليها".
وبهذه الطريقة، يشير بوتين إلى نقطة هامة وهي أن الشركات التي أتت سابقًا إلى روسيا، دخلت في فترة التسعينيات عندما كان دخول الشركات ميسرًا والضرائب منخفضة. لكن القوانين والأنظمة الضريبية وكل أنظمة الاستثمار في روسيا تغيرت بشكل كبير. لذلك، فإن عودة هذه الشركات ليست سهلة الآن على الإطلاق. لكن ربما سيكون هناك بالتأكيد تسوية مع دونالد ترامب المحب للصفقات دومًا، وبالتأكيد ستكون هناك امتيازات للشركات الأميركية في السوق الروسية.
مرونة روسيا في مواجهة العقوبات
وأضاف ملحم أنه لا توجد شركة لا يمكن استبدالها. فما تصنعه الولايات المتحدة الأميركية، قد تصنعه دولة أخرى، قد تصنعه الصين وقد تصنعه روسيا أيضًا.. مثال بسيط على ذلك: كانت روسيا تعتمد بشكل أساسي في مجال المحركات التوربينية الغازية على شركتي "سيمنز" و"جنرال إلكتريك". هذه الشركات، بعد فرض العقوبات على روسيا، تخلت عن هذه السوق بشكل كامل، فبدأت روسيا تطور هي نفسها هذه الصناعات وبدأت تعتمد أيضًا على الصين في هذا الموضوع.
وتابع: القضية لا يمكن فهمها في سياق واحد فقط.. بالتأكيد، وجود شركات أميركية في روسيا شيء مشجع لروسيا، لكن الشروط، وفق تقديري، لن تكون ميسرة كما كان الأمر عليه سابقًا.
وحول حجم التأثير الاقتصادي للعقوبات الأوروبية والأميركية على روسيا، وهل تقويضها من قبل واشنطن "قد يمنح موسكو متنفسًا اقتصاديًا؟" أوضح ملحم:
فيما يتعلق بالجانب الأوروبي تحديدًا، حجم تأثير العقوبات الأوروبية ضعيف للغاية.. الولايات المتحدة الأميركية، باعتبار أن الدولار يسيطر على السوق العالمية وعلى التجارة كلها تقريبًا، فبالتأكيد حجم التأثير أكبر بكثير.
سابقًا كان هناك فريق عمل لدى الولايات المتحدة الأميركية على المستوى الفيدرالي، وكانت مهمته مراقبة تطبيق العقوبات وما شابه ذلك. الآن، قامت الولايات المتحدة الأميركية بإلغاء هذا الفريق ونقلت جميع موظفيه إلى مؤسسات أخرى، والآن أصبحت رقابة هذه العقوبات بحد ذاتها عملية معقدة وصعبة.
الأوروبيون رفعوا الصوت كثيرًا الآن ويريدون إنزال عقوبات شديدة بروسيا وما شابه ذلك.. هذا الموضوع تعني معادلته العامة أن الأثر قصير إلى متوسط المدى، لأن روسيا لن تجلس مكتوفة الأيدي، كما أن هناك دولًا أخرى بدأت تدخل في هذه العقوبات (..)
رهان ترامب على الصفقات
وبسؤاله عن وجود خطط لدى الرئيس الأميركي دونالد ترامب لعقد صفقات اقتصادية مع روسيا مثل الغاز والصناعات الثقيلة، لتطبيع العلاقات بين البلدين، قال ملحم: نعم، ترامب قال بشكل مباشر إن إمكانيات روسيا كبيرة جدًا ويجب أن ندعم هذه الاستثمارات بشكل عام. لكن هنا يجب أن نتوقف عند طبيعة هذه الاستثمارات وماذا تحتاج روسيا تحديدًا من الولايات المتحدة الأميركية. القطاعات الحيوية التي يمكن أن تستثمر فيها روسيا تحديدًا، أنا وفق تقديري، قد يكون قطاع الفضاء، لأن روسيا حتى هذه اللحظة تقدم المحركات الصاروخية للولايات المتحدة الأميركية التي تقوم بإطلاق المركبات الفضائية للفضاء. كما أن هناك قطاع النفط والغاز بالتأكيد، وهذا قطاع جيد جدًا لكن مع العقوبات المفروضة على روسيا لا يمكن للولايات المتحدة الأميركية الاستثمار نهائيًا.
وحول انعكاسات هذا التقارب الاقتصادي الأميركي الروسي على التحالفات التجارية الأميركية، خاصة مع أوروبا وآسيا، قال الدكتور ملحم: أصبح الشرخ بين أوروبا والولايات المتحدة الأميركية أكثر وضوحًا مما كان عليه الأمر سابقًا.
وتابع:
ترامب كان يريد إعادة تشغيل السيل الشمالي ولكن باستثمار أميركي.. الآن، العقوبات، الحزمة الثامنة عشرة من العقوبات تحديدا، تتحدث أوروبا الآن عن إمكانية فرضها ومنع إمكانية تشغيل هذا الممر النفطي نهائيًا.
العقوبات الأوروبية أيضًا تأثيرها فقط على الشركات الأوروبية التي تريد العودة إلى السوق الروسية.
تأثير الاقتصاد الروسي خاصة أنه يعتمد على النفط، هذا الأثر قصير إلى متوسط المدى.. فعندما تم تحديد سعر النفط بـ 60 دولارًا على سبيل المثال، فقدت روسيا حوالي 30% ""بالمئة من إيراداتها، لكنها عوضت هذا الفقد فورًا لأنها قامت بشراء 110 ناقلات نفط من الصين التي تنتج تقريبًا أكثر من نصف إنتاج العالم من ناقلات النفط.
أوروبا نفسها غير قادرة على فرض العقوبات. لأنه ليس عندها الإمكانيات اللوجستية ولا العملية لمراقبة ما يسمى "ناقلات الظل".. الأمر يحتاج إلى جهد لوجستي كبير جدًا لمراقبة جميع الممرات المائية، كقناتي السويس وبنما وغيرهما. الأمر معقد وصعب للغاية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


سكاي نيوز عربية
منذ 32 دقائق
- سكاي نيوز عربية
السفير الأميركي لدى تركيا يتولى دور المبعوث الخاص إلى سوريا
وقال باراك ، في منشور على منصة "إكس" إنه سيدعم وزير الخارجية ماركو روبيو في رفع العقوبات الأميركية عن سوريا بعد أن أصدر الرئيس دونالد ترامب إعلانا تاريخيا هذا الشهر قال فيه إن واشنطن سترفع هذه العقوبات. وأضاف باراك: "بصفتي ممثلا للرئيس ترامب في تركيا، أشعر بالفخر لتولي دور المبعوث الخاص إلى سوريا ودعم الوزير روبيو في تحقيق رؤية الرئيس". باراك هو مسؤول تنفيذي في شركة للاستثمار المباشر ويعمل مستشارا لترامب منذ فترة طويلة ورأس لجنته الرئاسية الافتتاحية عام 2016. وكانت رويترز ذكرت قبل أيام أن الولايات المتحدة تعتزم تعيينه مبعوثا خاصا. والتقى ترامب بالرئيس السوري أحمد الشرع في السعودية في 14 مايو. وحضر باراك اجتماعا نظمته الولايات المتحدة وتركيا في واشنطن يوم الثلاثاء لبحث الوضع في سوريا، حيث نوقش تخفيف العقوبات وجهود مكافحة الإرهاب. ومن شأن رفع العقوبات الأميركية تمهيد الطريق أمام مشاركة أكبر للمنظمات الإنسانية العاملة في سوريا، وتسهيل التجارة والاستثمار الأجنبي في ظل سعي البلاد لإعادة الإعمار. وكتب باراك في منشوره على منصة "إكس": "رفع العقوبات عن سوريا سيحافظ على هدفنا الأساسي المتمثل في هزيمة تنظيم داعش نهائيا، وسيمنح الشعب السوري فرصة لمستقبل أفضل".


سكاي نيوز عربية
منذ ساعة واحدة
- سكاي نيوز عربية
اقتراح أوكراني لأوروبا.."تمويل مباشر" لحماية القارة من روسيا
وقال مارشينكو في بيان حكومي، نشره على تطبيق تليغرام، الجمعة: إن " الجيش الأوكراني يضمن اليوم حماية أوروبا بأكملها، وليس أوكرانيا فحسب". وأشار مارشينكو، إلى أن نفقات القوات المسلحة الأوكرانية لن تشكل سوى جزءا ضئيلا من الناتج الاقتصادي للاتحاد الأوروبي. وتابع "بالإضافة إلى ذلك، فإن هذه النفقات الدفاعية يمكن أن تضاف إلى النفقات الإلزامية للدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي". وأكد مارشينكو، على ضرورة استمرار تلقي الجيش الأوكراني للتمويل من الخارج حتى بعد التوصل إلى اتفاق سلام مع روسيا. وشدد وزير المالية الأوكراني، على أن "الخطر الرئيسي على الأمن الأوروبي من روسيا لا يزال قائما، حتى لو تم التوصل إلى سلام دائم"، مضيفا أن "دعم أوكرانيا هو استثمار في استقرار أوروبا". وتتضمن الميزانية الأوكرانية لعام 2025 نحو 28 مليار دولار أميركي للدفاع، بيد أن أعضاء البرلمان الأوكراني أشاروا إلى أن النفقات الفعلية ستكون أعلى بكثير بحلول نهاية السنة. جدير بالذكر أن الجهات المانحة الأجنبية، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي وألمانيا ودول الاتحاد الأوروبي الأخرى، تموّل أكثر من نصف ميزانية الدولة الأوكرانية.

سكاي نيوز عربية
منذ ساعة واحدة
- سكاي نيوز عربية
"هارفارد" تقاضي إدارة ترامب بعد منعها من قبول الطلاب الأجانب
ووصفت هارفارد في شكوى قدمتها إلى المحكمة الاتحادية في بوسطن هذا الإجراء بأنه "انتهاك صارخ" للتعديل الأول لدستور الولايات المتحدة والقوانين الاتحادية الأخرى. وأشارت إلى أن قرار ترامب كان له "تأثير فوري ووخيم" على الجامعة وأكثر من 7 آلاف من حاملي التأشيرات. وأعلنت وزارة الأمن الداخلي الأميركية، الخميس، أن إدارة ترامب سدت الطريق أمام قبول جامعة هارفارد للطلاب الأجانب، وأنها تفرض على الطلاب الحاليين الانتقال إلى جامعات أخرى أو فقدان وضعهم القانوني. وجاء في بيان للوزارة أن الوزيرة كريستي نويم أصدرت أمرا بإنهاء اعتماد برنامج جامعة هارفارد للطلاب وتبادل الزوار. واتهمت نويم الجامعة "بتأجيج العنف ومعاداة السامية والتنسيق مع الحزب الشيوعي الصيني". وقالت الوزارة إن هذه الخطوة جاءت بعد أن رفضت هارفارد تقديم معلومات كانت نويم قد طلبتها عن بعض حاملي التأشيرات من الطلاب الأجانب الذين يدرسون فيها. وأضافت نويم في بيان "هذا امتياز، وليس حقا، للجامعات أن تقبل الطلاب الأجانب وأن تستفيد من مدفوعاتهم الدراسية الأعلى للمساعدة في تعزيز تبرعاتها التي تبلغ مليارات الدولارات". ورفضت هارفارد هذه الادعاءات وتعهدت بدعم الطلاب الأجانب. وذكرت الجامعة في بيان أن "خطوة الحكومة غير قانونية. هذا الإجراء الانتقامي يُهدد بإلحاق ضرر جسيم بمجتمع هارفارد وببلدنا، ويُقوّض رسالة هارفارد الأكاديمية والبحثية". وسجّلت هارفارد ما يقرب من 6800 من الطلاب الأجانب في العام الدراسي 2024-2025، أي ما يُعادل 27 بالمئة من إجمالي عدد الطلاب المسجلين، وفقا لإحصاءات الجامعة. وبذل ترامب، المنتمي للحزب الجمهوري، جهودا استثنائية لإصلاح الكليات والمدارس الخاصة في جميع أنحاء الولايات المتحدة، والتي يقول إنها "تُعزز الفكر المعادي للولايات المتحدة والمؤيد للماركسية و"اليسار الراديكالي". وانتقد جامعة هارفارد تحديدا لتوظيفها شخصيات ديمقراطية بارزة في مناصب التدريس أو القيادة.