logo
ما هو مصير المفاوضات الأمريكية-الإيرانية؟

ما هو مصير المفاوضات الأمريكية-الإيرانية؟

الوئاممنذ 3 ساعات

الدكتور فيصل الشمري – كاتب ومحلل سياسي مختص بالشأن الأمريكي
ترمب يريد سياسة أمريكية جديدة مع إيران لكنه يريد سياسة واقعية، لن يُعطَى فيها إيران أموالًا طائلة كما فعل الرئيس باراك أوباما. هو أيضًا يريد اتفاقًا منفردًا مع إيران، اتفاقًا بعكس اتفاق المجموعة السداسية مع طهران الذي وُقِّع في عام 2015.
السبب هو أن ترمب يريد أن تكون إيران مسؤولة فقط أمام أمريكا، وألّا تساعد دول أخرى إيران حتى لو كانت حليفة للولايات المتحدة مثل بريطانيا العظمى. ترمب يعتبر هذا السلوك تساهلًا مع إيران بشأن برنامجها النووي.
كانت هناك تعهدات أخذتها إيران على نفسها عندما وقعت اتفاق عام 2015، لكن ترمب لم يكن راضيًا عنها، ولذا فقد انسحبت أمريكا من هذا الاتفاق بعد ثلاث سنوات من توقيعه.
ترمب قلقٌ من أنشطة إيران النووية. ترمب لا يثق في إيران كثيرًا. لكنه يرى أنه لو كانت علاقات أمريكا مع إيران خاضعة بصرامة لاتفاق يحدد ويحد من طموحات إيران النووية، فإن هذا أفضل حل في ظل الظروف الحالية لكبح جماح إيران النووي، ومنعها من امتلاك قنبلة ذرية أو سلاح نووي.
لكن لماذا يقر الرئيس ترمب بحق إيران في تخصيب اليورانيوم؟ السبب هو أن إيران قطعت شوطًا طويلًا في هذا المجال، وأنها لو قامت بهذا بنفسها تحت مراقبة دولية، لكان هذا أقل خطورة من أن تُكلِّف إيران دولة أجنبية بمساعدتها على امتلاك قدرات ومكونات الطاقة الذرية، وربما أيضًا السلاح النووي. كانت هذه تجربة باكستان عندما اعتمدت على الصين في جعلها قوة نووية تمتلك سلاحًا نوويًّا. بمعنى آخر أكثر دقة، أن الرئيس ترمب لا يريد أن تصبح إيران باكستان أخرى.
سوف يستمر ترمب في التفاوض مع إيران لأن المفاوضات معها غير مباشرة، وتتم بمساعي والجهود الحميدة لدول كثيرة. كما أن هناك احتمالًا أن تقوم إسرائيل بقصف المفاعلات والإنشاءات النووية الإيرانية. يدرك ترمب أنه في حال قصف إسرائيل المفاعلات الإيرانية النووية، فإن هذا سوف يؤدي إلى أزمات إقليمية كبيرة.
وقد تهدد تلك الأزمات المصالح الأمريكية في منطقة الخليج على وجه الخصوص أو الشرق الأوسط بصفة عامة. يريد ترمب سياسة خارجية نشطة مع إيران لأنه يرى أن بايدن وأوباما تجاهلَا تصرفات إيران، وهذا ما أدى إلى تصاعد نفوذها في كل من العالم العربي والعالم الإسلامي. يحسب ترمب بأن أي اتفاق نووي ما بين إيران والولايات المتحدة سوف يجعل الجمهورية الإسلامية أكثر مسؤولية وأقل طموحًا في علاقاتها مع العديد من دول العالم، والتي أتت بسياسات وخيمة على تلك الدول التي تعاونت مع إيران.
يحاول ترمب أن يحقق إجماعًا داخل الكونغرس يتفق عليه الجمهوريون والديمقراطيون على سياسة جادة وموحدة وحازمة مع إيران تكون واقعية وتوقف إيران عند حدها، وأن تحرم إيران من أن تحاول نشر نفوذها في الدول القريبة أو البعيدة عنها. ومن ثم يمكن القول بأن لدى الرئيس دونالد ترمب استراتيجية واقعية واضحة وشاملة تجاه الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
يريد ترمب أن يجعل من أمريكا دولة عظيمة مرة أخرى. لذا فإن زيادة التوتر مع إيران قد يعطي صورة سلبية لإدارته، كما أنه يهدد بشبح الحرب في الشرق الأوسط مرة ثانية. وهذا هو الأمر الذي انتقده ترمب مرات عديدة عندما كان مرشحًا لرئاسة الجمهورية، مذكرًا الشعب الأمريكي بأن حروب الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط في عقد واحد كلفت أمريكا ٨ تريليونات دولار.
ربما ينظر ترمب إلى قدرات إيران النووية في تخصيب معدن اليورانيوم على أنها متذبذبة، فمرة تقوم إيران بمعدل تخصيبٍ عالٍ، ومرة أخرى يتعثر هذا التخصيب، وتارة يكون التخصيب بمعدلٍ قليلٍ، وهكذا. ومن المرجح أن يكون لأمريكا مصادر معلوماتٍ مفصلة ودقيقة عن قدرات إيران العلمية والتكنولوجية في تخصيب معدن اليورانيوم.
ربما تكون معلومات أمريكا متفقة بأن إيران لا تُجرِي عمليات تخصيب اليورانيوم بدقةٍ، وبطريقةٍ سلسةٍ، وبطريقةٍ آمنة. ويعني هذا أن هناك تسريبات لإشعاعات نووية عندما تقوم إيران بتخصيب عنصر اليورانيوم. ومن الأكيد أيضًا أن الرئيس ترمب لديه رغبة شخصية في أن يعرف المواقع النووية السرية لإيران. ولعله سوف يدمج هذا المطلب في مفاوضات حكومته مع إيران. ومن المحتمل أن يكلف الرئيس ترمب أجهزة المخابرات الأمريكية بتكثيف أنشطتها لمعرفة برامج إيران النووية وأين تخفي المحطات الذرية المخبأة وأجهزتها. وقد تكون هناك صور التقطتها الأقمار الصناعية الأمريكية والغربية للمواقع النووية السرية وما بداخلها من مولدات للطاقة الذرية.
يريد ترمب أن تخصب إيران اليورانيوم باستخدام أجهزة غير متقدمة تكنولوجيًّا ولهذا يكون معدل إيران في تخصيب اليورانيوم بطيئًا وحثيثًا. وقد يكون هناك احتمال آخر بأنه حتى لو امتلكت إيران كميات كبيرة من اليورانيوم وأن أجهزة الطرد المركزي متقدمة، فإن إيران لا تستطيع تخصيب اليورانيوم بدرجة مرتفعة جدًا لأن تلك العملية قد تكون أكثر تعقيدًا من أن تكون إيران قادرة على تحمل واستيعاب نتائجها التكنولوجية. هناك وسائل عديدة لتخصيب اليورانيوم، مثل استخدام أشعة الليزر. لكن في معظم الحالات لا تملك إيران القدرة على استخدام الليزر في عملية تخصيب اليورانيوم. كل هذه النقاط مطروحة أمام المكتب البيضاوي بالتأكيد.
ترمب قلقٌ ويخشى إيران، وهو دائمًا يتصور بأن إيران خطر على السلام الإقليمي والدولي. وهو على دراية بأن إيران النووية التي تملك سلاحًا نوويًّا وهي معزولةٌ، أكثر خطورة بكثير لو تملكت إيران قدرات نووية مراقبة من عدة دول. لكن لن يقول الرئيس ترمب بأن المفاوضات مع إيران كانت مضيعة للوقت، لأنه يريد أن يعرف الجميع بأن إيران هي الدولة الوحيدة المسؤولة عن فشل هذه المفاوضات.
ولو حدث هذا، فإن الرئيس الأمريكي يريد أن يعرف أيضًا من هو المسؤول في الحكومة الإيرانية وفي أجهزة الحكم داخل الجمهورية الإسلامية الذي أفشل المفاوضات النووية مع أمريكا. يرغب ترمب في أن تكون مفاوضات بلاده مع إيران تحديًا للجمهورية الإسلامية، بمعنى أنه يملك الشرعية والسلطة الدولية التي تُرغم إيران على أن يكون سلوكها خاضعًا للقوانين الدولية، والمعايير المتفق عليها فيما بين دول العالم. ترمب جعل قضية التفاوض مع إيران ليست موضوع أن تتفاوض أمريكا أو لا تتفاوض، بل حوّلها إلى مقياس ومعيار دولي خاص بالسياسة الخارجية الأمريكية، بألّا تترك دولة ما تُخل بمعطيات السياسة الدولية دون تغيير سلوكها، ومحاسبتها، وإعادتها إلى رشدها.
لذا لن تعرقل تصريحات مرشد الثورة الإسلامية آية الله علي خامنئي الأخيرة حول عدم وجود أي قوة في العالم تمنع إيران من تخصيب اليورانيوم في مفاعلاتها الذرية، المفاوضاتِ الجارية حاليًا.
إن إدارة ترمب ودول الاتحاد الأوروبي توافق على حق إيران في تخصيب معدن اليورانيوم. على عكس أوباما، يريد ترمب أن يعرف العالم كله خطورة البرنامج النووي الإيراني. وهو يريد أن يجعل من تصريحات آية الله خامنئي دليلًا على ممارسة إيران للعناد السياسي البغيض الذي جلب المشاكل على إيران منذ قيام الثورة الإسلامية. سوف يستمر ترمب في التفاوض مع إيران لأن التوقعات الخاصة بتلك المفاوضات لم تكن كبيرة وواضحة في الأصل.
هناك الآمال المعقودة بأن التغير الداخلي في إيران قد يحدث تدريجيًا. ربما يكون الاتفاق النووي مع أمريكا مدخلًا لهذا الإصلاح الداخلي. واجه ترمب إيران في هذه المفاوضات ليس ليقترب منها أو يحسن العلاقات معها، بل ليحجم دورها ويقلل من طموحاتها، وينتقص من قدراتها العسكرية والسياسية والاقتصادية والاستراتيجية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ترمب: لم نتوصل لاتفاق حتى الآن مع إيران والعواقب ستكون وخيمة عليها
ترمب: لم نتوصل لاتفاق حتى الآن مع إيران والعواقب ستكون وخيمة عليها

سعورس

timeمنذ 32 دقائق

  • سعورس

ترمب: لم نتوصل لاتفاق حتى الآن مع إيران والعواقب ستكون وخيمة عليها

ووصف ترامب طهران بأنها مفاوض صعب المراس، مؤكدا أن عملية تخصيب اليورانيوم هي العائق الرئيسي أمام إبرام اتفاق بين الجانبين. وقال ترامب خلال حدث اقتصادي في البيت الأبيض: "نقوم بالكثير من العمل بشأن إيران في الوقت الراهن.. الأمر ليس سهلا". وأضاف ترامب: "يطلبون أشياء لا يمكن تنفيذها. لا يريدون التخلي عما يجب أن يتخلوا عنه. يسعون إلى التخصيب. لا يمكن القبول بالتخصيب فنحن نريد عكس ذلك تماما. وحتى الآن لم يغيروا موقفهم". وفي حين تعتزم طهران تقديم مقترح بشأن اتفاق نووي مخالف للمقترح الأميركي، قال ترامب: "لقد طرحوا علينا أفكارهم بشأن الاتفاق. وقلت لهم، كما تعلمون، هذا غير مقبول تماما، ولم نتوصل لاتفاق حتى الآن مع إيران والعواقب ستكون وخيمة عليها ". وكشف ترامب أنه بحث مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال اتصال هاتفي الملف الإيراني وموضوعات أخرى. وأكد أن الاتصال سار على نحو جيد للغاية. من جهة أخرى، أعلن الرئيس الأميركي أن إدارته تبلي بلاء حسنا، وأنه يتلقى تقارير إيجابية في الوقت الذي يجري فيه مسؤولون أميركيون محادثات تجارية مع الصين في لندن. وعندما سُئل عن رفع ضوابط التصدير، قال ترامب للصحفيين في البيت الأبيض: "سننظر في الأمر". كما أعلن ترامب أنه سينشر قوات إضافية من الحرس الوطني في ولاية كاليفورنيا إذا لزم الأمر، وذلك بعد ساعات فقط من تعبيره عن دعمه لاعتقال حاكم الولاية غافين نيوسوم. ويتمحور الصراع المتصاعد بين ترامب والحاكم الديمقراطي حول احتجاجات الهجرة التي هزت لوس أنجلوس خلال مطلع الأسبوع.

مكتب الموازنة: قانون ترمب الضريبي يضيف 2.4 تريليون دولار إلى العجز
مكتب الموازنة: قانون ترمب الضريبي يضيف 2.4 تريليون دولار إلى العجز

الشرق الأوسط

timeمنذ 39 دقائق

  • الشرق الأوسط

مكتب الموازنة: قانون ترمب الضريبي يضيف 2.4 تريليون دولار إلى العجز

من المتوقع أن يُطلق مشروع القانون الضخم الذي طرحه الرئيس دونالد ترمب في الكونغرس تريليونات الدولارات من التخفيضات الضريبية وخفض الإنفاق، لكنه في الوقت ذاته سيزيد العجز بمقدار 2.4 تريليون دولار على مدار العقد المقبل، ويترك نحو 10.9 مليون شخص من دون تأمين صحي، مما يعزز المخاطر السياسية على الأولوية المحلية الأبرز للحزب الجمهوري. ولم يُدل قادة الجمهوريين في الكونغرس، الذين يصرون على المضي قدماً في الحزمة الشاملة، بأي تصريحات تذكر عقب صدور التحليل من مكتب الموازنة في الكونغرس، الجهة غير الحزبية المكلفة بتقييم التشريعات. وقال زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، جون ثون من ولاية ساوث داكوتا، بعد ذلك: «نحن ملتزمون بسن قانون من شأنه أن يحسّن حياة الشعب الأميركي»، وتعهد «بإنجاز ذلك بطريقة أو بأخرى»، وفقاً لـ«وكالة أسوشييتد برس». في المقابل، كثّف الديمقراطيون معارضتهم الشديدة لمحاولة تمرير مشروع قانون «واحد كبير وجميل»، المسمى على اسم شعار الرئيس نفسه. وقال النائب بريندان بويل من بنسلفانيا، وهو من الأعضاء البارزين في لجنة الموازنة بمجلس النواب، معقباً: «على حد تعبير إيلون ماسك، هذا القانون (عمل مقزز)»، مجدداً انتقادات الملياردير ومساعد ترمب السابق للحزمة. مايك جونسون يتحدث لصحافيين حول مشروع قانون تخفيضات الضرائب والإنفاق للرئيس ترمب في واشنطن 4 يونيو 2025 (أ.ب) ويأتي هذا التحليل في لحظة حاسمة، حيث يضغط ترمب على الكونغرس الذي يهيمن عليه الجمهوريون لإرسال النسخة النهائية من المشروع إلى مكتبه ليصبح قانوناً بحلول الرابع من يوليو (تموز). وقد أقر مجلس النواب مشروع القانون الشهر الماضي بتصويت واحد، لكنه يواجه الآن صعوبات في مجلس الشيوخ، حيث يرغب الجمهوريون في إدخال عدة تغييرات مهمة، بما في ذلك تلك التي نوقشت مع ترمب. وفي ظل تصاعد حدة التوترات السياسية، فاجأ إيلون ماسك الكونغرس هذا الأسبوع بهجوم شامل على مشروع القانون، ما دفع رئيس مجلس النواب مايك جونسون إلى التحرك السريع لاحتواء الأضرار. وأكد رئيس الحزب الجمهوري تواصله مع ماسك لمناقشة الانتقادات، لكنه لم يتلق أي رد. وفي خطوة تصعيدية، هدّد ماسك باستخدام نفوذه السياسي لمهاجمة الجمهوريين في انتخابات التجديد النصفي. وقال جونسون، وهو جمهوري من لويزيانا، للصحافيين: «آمل أن يغير رأيه». وبعد ساعات، ناشد ماسك، الذي قد تتأثر مصالحه التجارية بتراجعات الدعم للطاقة الخضراء في مشروع القانون، الناخبين الاتصال بممثليهم وأعضاء مجلس الشيوخ، وكتب على وسائل التواصل الاجتماعي: «إفلاس أميركا غير مقبول!»، و«ألغوا مشروع القانون». وتتضمن الحزمة إعفاءات ضريبية، لكنها ترافقها تخفيضات في الرعاية الصحية أيضاً. ويخضع عمل مكتب الموازنة في الكونغرس، الذي يعد المسجل الرسمي للتشريعات لعقود، لمراقبة دقيقة من قبل المشرعين وغيرهم ممن يسعون إلى فهم الآثار المالية لهذه الحزمة الضخمة التي تتجاوز ألف صفحة. ترمب ورئيس مجلس النواب مايك جونسون ورئيسة مؤتمر الجمهوريين ليزا ماكلين يتحدثون مع الإعلام خلال اجتماع جمهوري مغلق في الكابيتول مايو 2025 (رويترز) ويشمل مشروع القانون نحو 3.75 تريليون دولار من التخفيضات الضريبية، حيث يمدد الإعفاءات الضريبية على الدخل الفردي التي انتهت صلاحيتها عام 2017، ويضيف مؤقتاً إعفاءات جديدة اعتمد عليها ترمب في حملته الانتخابية، مثل عدم فرض ضرائب على الإكراميات. وسيتم تعويض جزء من خسارة الإيرادات بنحو 1.3 تريليون دولار عبر تقليص الإنفاق الفيدرالي في مجالات أخرى، وبالأخص من خلال برنامج «ميديكيد» والمساعدات الغذائية. ونتيجة لذلك، سيفقد نحو 7.8 مليون شخص تأمينهم الصحي جراء تغييرات برنامج «ميديكيد»، منها 5.2 مليون بسبب متطلبات العمل الجديدة المقترحة للبالغين غير المعاقين حتى سن 65 عاماً، مع بعض الاستثناءات، وفقاً للتحليل. كما سيفقد نحو 1.4 مليون شخص يقيمون في الولايات المتحدة دون وضع قانوني تغطيتهم التأمينية في برامج صحية ممولة من الولاية. أيضاً، سيخسر نحو 400 ألف شخص التغطية التأمينية بسبب إلغاء ضريبة مقدمي الخدمات الطبية، التي يرغب بعض الجمهوريين البارزين، بمن فيهم السيناتور جوش هاولي من ميسوري، في الإبقاء عليها لضمان استمرار المستشفيات الريفية في سداد فواتيرها. ويجادل الجمهوريون بأن مقترحاتهم تهدف إلى تعزيز برنامج «ميديكيد» وغيره من البرامج من خلال القضاء على الهدر والاحتيال وإساءة الاستخدام، ويريدون توجيه التمويل الفيدرالي إلى من هم في أمسّ الحاجة إلى الرعاية الصحية والخدمات، مشيرين إلى النساء والأطفال. لكن زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، قال إن هذه الادعاءات زائفة، وإنها جزء من جهود الحزب الجمهوري طويلة الأمد لإلغاء واستبدال قانون الرعاية الصحية الميسرة، أو «أوباما كير»، الذي وسّع بموجبه معظم الولايات برنامج «ميديكيد» لخدمة مزيد من الناس. وقال شومر: «هم يريدون فقط خنق الرعاية الصحية». بالإضافة إلى ذلك، قدّر مكتب الموازنة في الكونغرس سابقاً أن عدد المستفيدين من قسائم الطعام شهرياً سيقل بنحو 4 ملايين شخص بسبب التعديلات المقترحة على برنامج المساعدة الغذائية التكميلية المعروف بـ«سناب»، بما في ذلك متطلبات عمل جديدة لبعض الأميركيين الأكبر سناً وأولياء أمور أطفالهم في سن الدراسة. وأشار المكتب إلى أن البعض سيشهد انخفاضاً في استحقاقاتهم بنحو 15 دولاراً بحلول عام 2034. وانتقد الجمهوريون مكتب الموازنة في الكونغرس، إذ شن البيت الأبيض وقادة الجمهوريين حملة استباقية قبل صدور التقرير، تهدف إلى التشكيك في نتائجه. وقال جون ثون إن مكتب الموازنة كان «مخطئاً تماماً» لأنه قلل من تقدير نمو الإيرادات المحتمل من الجولة الأولى من إعفاءات ترمب الضريبية في عام 2017، وأشار إلى أن الإيرادات الفعلية في العام الماضي بلغت 1.5 تريليون دولار، أي أعلى بنسبة 5.6 في المائة من المتوقع، ويعزى ذلك جزئياً إلى «انفجار التضخم المرتفع» خلال جائحة «كوفيد - 19» عام 2021. من جانبه، قال مدير موازنة البيت الأبيض روس فوت إن تعديل «السياسة الحالية» - وهو عدم احتساب نحو 4.5 تريليون دولار من الإعفاءات الضريبية القائمة التي سيتم تمديدها للعقد المقبل - يجعل الحزمة الإجمالية لا تضيف إلى العجز. وجادل بأن تخفيضات الإنفاق وحدها تساعد في خفض العجز بنحو 1.4 تريليون دولار خلال العقد. لكنّ الديمقراطيين وبعض الجمهوريين يصفون هذه الخطوة المحاسبية بــ«الحيلة»، وهي الطريقة التي يعتزم الجمهوريون في مجلس الشيوخ استخدامها لإظهار أن الحزمة لا تضيف إلى عجز الدولة. وأكد فوت أن مكتب الموازنة في الكونغرس هو من يستخدم «حيلة» بحصر تكاليف استمرار الإعفاءات الضريبية التي كان من المفترض أن تنتهي. وكتب جونسون، رئيس مجلس النواب، على وسائل التواصل الاجتماعي: «روس محق. مشروع قانوننا الكبير والجميل سيخفض العجز مع الوفاء بالتكليف الذي منحه لنا الشعب الأميركي». وأشارت كارولين ليفيت، السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض، إلى أن موظفي مكتب الموازنة في الكونغرس متحيزون، رغم أن بعض موظفي المكتب يلتزمون بقواعد أخلاقية صارمة تشمل قيوداً على التبرعات للحملات والنشاط السياسي لضمان الموضوعية والنزاهة. وستنتهي الإعفاءات الضريبية على الدخل الفردي التي أُقرت خلال فترة ترمب الأولى في البيت الأبيض بحلول ديسمبر (كانون الأول) المقبل إذا لم يتخذ الكونغرس أي إجراء، فيما يحذر الجمهوريون من أن ذلك سيشكل زيادة ضريبية كبيرة على كثير من الأسر الأميركية. وخلال اجتماع في البيت الأبيض، حث ترمب أعضاء مجلس الشيوخ على أولوياته - الإعفاءات الضريبية الجديدة على الإكراميات وأجور العمل الإضافي وغير ذلك - بينما دفع بعض أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين الأكثر محافظة إلى تخفيضات أكبر في الإنفاق للحد من العجز، وسخروا من ماسك. وقال أعضاء مجلس الشيوخ إن ترمب ذكر ماسك بإيجاز، ووصف السيناتور الجمهوري روجر مارشال الأمر بأنه «محادثة طريفة استمرت 30 ثانية». وتتضمن الحزمة أيضاً زيادة ضخمة قدرها 350 مليار دولار لأمن الحدود والترحيل والأمن القومي، وهي من الأولويات الأساسية للحزب الجمهوري، بالإضافة إلى رفع حد الدين الوطني بمقدار 4 تريليونات دولار، في ظل الدين الوطني البالغ 36 تريليون دولار، الذي تقول وزارة الخزانة إنه ضروري سداده بحلول الصيف المقبل. ويهدف مكتب الموازنة في الكونغرس إلى الحفاظ على الحياد. وقد تأسس قبل أكثر من 50 عاماً بموجب قانون أقره الكونغرس لتعزيز سيطرته على عملية وضع الموازنة، كما هو منصوص عليه في الدستور. ويضم المكتب نحو 275 اقتصادياً ومحللاً وموظفاً، ويعمل على تزويد الكونغرس بمعلومات موضوعية ونزيهة حول القضايا المتعلقة بالموازنة والاقتصاد. وقد أعيد تعيين مديره الحالي، فيليب سواغل، وهو مسؤول سابق في وزارة الخزانة بإدارة الرئيس الجمهوري جورج دبليو بوش، لفترة ولاية جديدة مدتها أربع سنوات في عام 2023.

حول التقارب المصري- الإيراني أخيرا
حول التقارب المصري- الإيراني أخيرا

Independent عربية

timeمنذ ساعة واحدة

  • Independent عربية

حول التقارب المصري- الإيراني أخيرا

كان هناك تطور إعلامي حول العلاقات بين مصر وإيران في الأيام الماضية، إذ زار وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي القاهرة الإثنين الماضي، والتقى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ونظيره بدر عبدالعاطي. عقد الوزيران مؤتمراً صحافياً بعد ذلك أعلنا فيه عن رغبة الطرفين بالتنسيق في شتى القضايا واستئناف الرحلات الجوية المباشرة بين طهران والقاهرة، وتطلعهما لتقوية العلاقات بينهما، مما قد يقود لاستئناف العلاقات الدبلوماسية التي قطعتها إيران ومصر عام 1980 بسبب استقبال الرئيس المصري آنذاك الشاه المخلوع ودفنه بالقاهرة بعد وفاته. ضجت وسائل إعلامية مختلفة حول هذا التقارب، بعضها تفسر أسبابه، وبعضها تحذر منه، وأخرى تخوف منه، ورابعة فرحة به. التفسير: فسر البعض دعوة الوزير الإيراني كنوع من الانتقام من زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لثلاث دول خليجية وتجاهل مصر في هذه الزيارة، وحصوله على اتفاقات ووعود ومذكرات تفاهم تصل تقديراتها إلى تريليونات الدولارات. هذا التفسير قاصر، فلو أن التقارب كان بين الصين ومصر، لصح القول إن مصر تتوجه نحو الصين المنافس الأقوى اقتصادياً للولايات المتحدة الأميركية وثاني أكبر اقتصاد بالعالم. أما إيران فهي مفلسة اقتصادياً وتعاني عقوبات اقتصادية شديدة وعزلة دولية خانقة، لذا من غير المنطقي القول إن مصر توجهت للعلاقة مع إيران لأسباب اقتصادية. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وأن الزيارة أيضاً ليست الأولى للوزير عراقجي، فقد زار القاهرة في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي وأكل الكشري فيها، هذه المرة أكل في مطعم "نجيب محفوظ" وصلى بالحسين. الانتقام من دول الخليج: توجهت مصر لإحياء العلاقة مع إيران انتقاماً من دول الخليج التي "أعطت" ترمب تريليونات الدولارات ولم تعطِ مصر شيئاً، ولأن زيارة ترمب لم تشمل القاهرة. وهذا القول مجاف للحقيقة، لأن دول الخليج تقيم علاقات مع إيران وتنادي ليل نهار بالتعاون معها على أسس من المصالح وحسن الجوار، فكيف تنتقم مصر من الخليج بإقامة علاقة معها ودول الخليج تسبقها بالعلاقة مع طهران؟ كما لم تقصر دول الخليج يوماً بواجبها تجاه مصر، بلا منة، وبشهادة الرئيس عبدالفتاح السيسي نفسه، ومصر ليست بالجاحدة ولا بالمتخلية عن التزاماتها. أما جدول ومحطات زيارات ترمب فلا تحددها دول الخليج ولا غيرها. تحذير وتخويف: راح البعض يوجه التحذيرات لمصر ويخوفها من التقارب مع إيران: ستعمل على تشييع مصر على الطريقة الولائية، وسوف تحول المقامات الدينية في مصر إلى "ملطمة" شبيهة بتلك التي عملتها بسوريا والعراق، وستثير النعرات الطائفية فيها، وتعمل جاهدة على تخريبها مثلما دمرت وخربت العراق وسوريا ولبنان واليمن، وهكذا. لقد أغفل هؤلاء أن مصر رصدت وترصد السياسة الإيرانية في المنطقة، وليست بغافلة عن تاريخ تدخلاتها بالمنطقة العربية، ومن ثم فعليهم توفير نصائحهم، فهل من المعقول أن يغيب عن مصر أن الخطاب الإيراني الداخلي لا يزال يعبئ الأنصار لتصدير الثورة؟ فلدى مصر مراكز للتحليل والمعلومات ترصد الأنشطة الإيرانية التخريبية في المنطقة، ولن تكون مصر بتاريخها لقمة سائغة للمخططات الإيرانية كما يظن هؤلاء. ويزيد هذا الفريق، أن إيران لن تفيد مصر أو تساعدها في تجاوز صعوباتها الاقتصادية، فإيران نفسها تعاني صعوبات اقتصادية أشد بكثير مما تواجهه مصر. لكن العلاقات بين الدول لا تقوم بالضرورة على الفوائد المادية وحسب، فقد يكون هناك تبادل لخبرات تعليمية وثقافية وصناعية وتكنولوجية. مصر وإيران دولتان كبيرتان في المنطقة، ونتمنى أن تعزز عودة العلاقات بينهما الاستقرار بالمنطقة. العلاقات بين البلدين شأن يخصهما ولا شأن لأحد آخر بذلك. من حق المراقب والمتابع أن يسجل ملاحظاته ويقول رأيه ويحلل وينظر كما يحلو له، لكن للمعترضين على تطور علاقاتهما، فإن لسان حال الدولة المصرية والشعب المصري يقول باللهجة المصرية الفصحى: "وأنت مالك؟"، وترجمتها بالخليجي "وأنت شكو؟".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store