logo
الفساد عدو التنمية

الفساد عدو التنمية

الوئاممنذ 7 أيام
د. تركي العيار
أستاذ الإعلام بجامعة الملك سعود
لا شك بأن الفساد يعد أحد أخطر التحديات التي تواجه الدول والمجتمعات على حدٍّ سواء، كونه يلتهم الموارد، ويعطّل المشاريع، ويقوّض ثقة المواطن في مؤسسات الدولة، ويؤثر سلبًا على مناخ الاستثمار والتنمية المستدامة. ولذلك، اتخذت أغلب الدول في السنوات الأخيرة موقفًا حازمًا لمكافحة الفساد بكل أشكاله، انطلاقًا من قناعة راسخة أن الفساد عدو التنمية.
بحسب تقرير منظمة الشفافية الدولية لعام 2024، فإن الفساد يكلف الاقتصاد العالمي أكثر من 2.6 تريليون دولار سنويًا، ويؤدي إلى فقدان ما يقارب 5% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، مما يشكّل نزيفًا مستمرًا يعيق خطط التنمية ويهدر مقدرات الشعوب. وفي الدول النامية، تشير تقارير البنك الدولي إلى أن الفساد يتسبب في فقدان 20% إلى 40% من المساعدات والمخصصات التنموية، مما يضعف فاعلية الجهود الدولية في محاربة الفقر والبطالة.
لا يمكن بأي حال من الأحوال لأي خطة تنموية أن تُكتب لها النجاح ما دام الفساد مستشريًا، إذ يتسبب في الاتي:
– تأخير المشاريع الكبرى أو تنفيذها بجودة متدنية.
– زيادة كلفة الإنشاء والتشغيل بسبب الرشاوى والمحسوبيات.
– تقليص ثقة المستثمرين المحليين والدوليين في البيئة الاستثمارية.
– هروب الكفاءات والنخب بسبب غياب العدالة وتكافؤ الفرص.
لقد تنبه المجتمع الدولي إلى خطورة الفساد على التنمية، فأُنشئت العديد من الهيئات والاتفاقيات، من أبرزها:
– اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد (UNCAC)، والتي صادقت عليها أكثر من 180 دولة.
– تأسيس هيئات وطنية مستقلة للرقابة المالية والإدارية.
– تفعيل أدوات الشفافية والحوكمة الإلكترونية.
– إطلاق منصات لتمكين المواطنين من التبليغ عن الفساد.
ففي المملكة العربية السعودية تحديدا، شكّل عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان يحفظهم الله ويرعاهم نقلة نوعية في مكافحة الفساد، من خلال رؤية واضحة لا تتهاون مع الفاسدين، مهما كانت مناصبهم.
ومن أبرز المحطات البارزة في هذا المسار:
– إنشاء اللجنة العليا لمكافحة الفساد برئاسة ولي العهد في عام 2017، والتي قامت خلال فترة وجيزة باستدعاء عشرات المسؤولين ورجال الأعمال والتحقيق معهم في قضايا فساد كبيرة.
فبحسب تصريحات رسمية، أدّت هذه الإجراءات إلى استرداد أكثر من 400 مليار ريال سعودي (حوالي 107 مليار دولار أمريكي) إلى خزينة الدولة، عبر تسويات مالية مع المتهمين. فهذه الأموال أعيد ضخّها في مشاريع تنموية ضخمة، مثل مشروع نيوم، وتطوير البنية التحتية، ودعم الإسكان، وتحسين الخدمات الصحية والتعليمية.
و تلعب هيئة الرقابة ومكافحة الفساد 'نزاهة' دورًا محوريًا في كشف حالات الفساد، وتحقيق العدالة، ومن أبرز إنجازاتها:
– استقبال آلاف البلاغات من المواطنين والمقيمين.
– إحالة مئات القضايا إلى النيابة العامة بعد التحقق منها.
– التعاون مع الجهات الرقابية الأخرى لتعزيز الشفافية.
– التوعية المجتمعية بثقافة النزاهة والوقاية من الفساد.
إن النجاحات السعودية في مكافحة الفساد تؤكد أن الفساد ليس قدرًا محتومًا، بل هو عدو يمكن القضاء عليه بإرادة سياسية صلبة، وتشريعات حازمة، وأجهزة رقابية مستقلة، وتعاون مجتمعي واعٍ. فقد أثبتت المملكة أن مواجهة الفساد ليست مجرد شعارات، بل سياسة دولة، ضمن رؤية السعودية 2030، التي جعلت من الحوكمة والشفافية ركيزتين أساسيتين للتنمية الشاملة.
ختاما، اقول إن بناء مستقبل مزدهر يتطلب بيئة نظيفة من الفساد، قائمة على الشفافية والنزاهة والمساءلة. وتجربة المملكة العربية السعودية في هذا المضمار تستحق أن تُدرس وتُحتذى، لأنها برهنت أن القضاء على الفساد هو أول خطوة على طريق التنمية الحقيقية، وأن ما يُسترد من أموال منهوبة، يمكن أن يتحول إلى مشاريع طموحة تعود بالنفع على الوطن والمواطن.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الذكرى الـ 35 للغزو العراقي للكويت تعرضت الكويت للابتزاز من عدة دول  رواتب السعودية
الذكرى الـ 35 للغزو العراقي للكويت تعرضت الكويت للابتزاز من عدة دول  رواتب السعودية

رواتب السعودية

timeمنذ 14 دقائق

  • رواتب السعودية

الذكرى الـ 35 للغزو العراقي للكويت تعرضت الكويت للابتزاز من عدة دول رواتب السعودية

نشر في: 3 أغسطس، 2025 - بواسطة: خالد العلي 2 أغسطس | الذكرى الـ 35 للغزو العراقي للكويت 🇮🇶🇰🇼 تعرضت الكويت للابتزاز من عدة دول عربية.. أحد الدول العربية طلبت اسقاط 43 مليار دولار من ديونها مقابل موقفها السياسي! .. الخسائر المالية: 620 مليار دولار .. الخسائر البشرية: أكثر من 100 ألف قتيل ــــ الحرب بدأت في 2 أغسطس 1990م و انتهت في 26 فبراير 1991م (7 شهور, منها 43 يوم حرب عسكرية) عملية ..عاصفة الصحراء.. بدأت متأخرة في 17 يناير 1991م لأسباب لوجستية و سياسية.. شارك فيها تحالف دولي بقيادة السعودية و أمريكا. أمريكا شاركت بـ 516 ألف جندي, و أخذت من الحلفاء 47 مليار دولار كتعويضات. الوفيات: .. العراق: 100 ألف قتيل (10,000 منهم مدني) .. أمريكا: 294 قتيل(منهم 114 في المعركة). .. المملكة المتحدة: 47 قتيل . .. السعودية: 18 شهيد. .. القوات العراقية أحرقت أكثر من 600 بئر نفطية في الكويت. .. العراق عوضت الكويت بـ 52.4 مليار دولار بضغط من الأمم المتحدة (تم دفعها كاملة) أمريكا أخذت تعويضات من الحلفاء: 1.. السعودية: 16.839 مليار دولار 2.. الكويت: 16 مليار دولار 3.. اليابان: 10.740 مليار دولار 4.. ألمانيا: 6.572 مليار دولار 5.. الإمارات: 3 مليار دولار 6.. كوريا الجنوبية: 0.385 مليار دولار ــ نسأل الله أن يحفظ الكويت و دول الخليج و الدول العربية 🙏 المصدر :عبد الله الخميس | منصة x

صعدة: اللواء الركن محمد العجابي يشهد تخرج دفعة تميز ذخائر
صعدة: اللواء الركن محمد العجابي يشهد تخرج دفعة تميز ذخائر

حضرموت نت

timeمنذ 14 دقائق

  • حضرموت نت

صعدة: اللواء الركن محمد العجابي يشهد تخرج دفعة تميز ذخائر

شهد اللواء الركن محمد العجابي، اليوم، السبت، تخرج دفعة تميز ذخائر، من المركز التدريبي للواء الثالث عاصفة، في جبهة الملاحيط محافظة صعدة وفي كلمته، أمام خريجي الدورة قال: اللواء الركن 'محمد العجابي' نحتفي اليوم، بتخرج كوكبة من أبطال اللواء الثالث عاصفة، دورة تميز ذخائر ونبارك لهم هذا الانجاز المشرف والذي لم يكن ليتحقق لولاء عزيمتكم واصراركم وتفانيكم في التاهيل والتدريب لما لتدريب والتاهيل من أهمية بالغة في حياتنا. وأشاد العجابي باهمية التدريب والتاهيل تماشياً مع توجيهات القيادة السياسية والعسكرية بما يعمل على رفع مستوى التدريب والتاهيل لدى ضباط وجنود القوات المسلحة البواسل، الذين حملوا على عاتقهم شرف المسؤولية والامانة والدفاع عن الجمهورية وعن الثورة وثوابتهما الوطنية. ووجه العجابي: رسالة الى كافة ابناء الشعب اليمني العظيم بأن النصر سوف يتحقق وأن مليشيا الحوثي الى الزوال، مؤكداً بأن من يقتل ويسلب حقوق الشعب ويدمر مساجده ومدارسه وبيوته، لن ينصر غزة. واضاف العجابي بان لاخيار أمام الشعب اليمني الا مقاومة المد الفارسي على مجتمعنا وستعادة مؤسسات الدولة والتوحد تحت راية الجمهورية وشرعيتها والعبور بالوطن الى بر الامان. ودعا العجابي كل المكونات السياسية الى التوحد وعدم التمزق ونبذ الحزبية وعلى كافة الشعب اليمني ان تجمعه قضية واحدة وهدف واحد وهو مواجهة المليشيا الحوثية. وقدم العجابي: الشكر والتقدير لركن وشعبة تدريب اللواء الذين كان لهم دور ملموس في تدريب وتاهيل منتسبي اللواء في هذه المرحلة الراهنة من تاريخ اليمن. كما قدم العجابي الشكر والتقدير والافتخار الى القيادة السياسية والعسكرية ممثلة بالاخ رئيس مجلس القيادة الرئاسي القائد الاعلى للقوات المسلحة والامن الدكتور ،'رشاد العليمي' وكافة أعضاء مجلس القيادة، والى الاخ معالي وزير الدفاع ورئيس هيئة الاركان العامة. كما قدم العجابي الشكر والعرفان لقيادة اللمملكة العربية السعودية، مثمناً جهود التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية على دعمها الكبير والسخي لاشقائهم في اليمن بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله وولي عهده الامير محمد بن سلمان ووزير الدفاع الامير خالد بن سلمان وقيادة القوات المشتركة في سبيل الدفاع عن الشعب اليمني وعروبته.

صحيفة دولية : نساء اليمن يواجهن جميع أشكال التمييز تحت سلطة الحوثي
صحيفة دولية : نساء اليمن يواجهن جميع أشكال التمييز تحت سلطة الحوثي

الأمناء

timeمنذ ساعة واحدة

  • الأمناء

صحيفة دولية : نساء اليمن يواجهن جميع أشكال التمييز تحت سلطة الحوثي

ابتدع الحوثيون محرّمات جديدة على المرأة اليمنية بذرائع الدين والأخلاق والعادات الاجتماعية، وقرروا منع النساء والفتيات من اقتناء الهواتف الذكية بشكل قاطع، وفرض غرامة مالية على رب العائلة أو مقدم الخدمة الذي يتهاون بهذا القرار، في مصادرة مهينة لأبسط حقوق المرأة وانتهاك لإنسانيتها والتشكيك بأخلاقها. وكشفت وثيقة أصدرتها قيادات حوثية وشخصيات اجتماعية ونافذة موالية للجماعة في 25 يوليو 2025 عن مجموعة من القيود على النساء في منطقة العسادي بمديرية وصاب التابعة لمحافظة ذمار (جنوب العاصمة صنعاء)، تحت مبرر الحفاظ على الأخلاق والقيم. وتمنع الوثيقة استخدام الهواتف الذكية بشكل عام على النساء والأطفال، وتلزم العائلات بعدم إدخال الإنترنت، عبر خدمة شبكات الهاتف الأرضي، إلى المنازل أو تشغيل شبكات الواي فاي أو استقبال خدمات الشبكات التجارية في الأحياء داخل البيوت، ومنحت زعماء القبائل في المنطقة صلاحية مصادرة معدات أيّ شبكة واي فاي بالكامل. وأقرّت الوثيقة التي أشرف قادة حوثيون على صياغة بنودها تغريم أيّ شخص، من أفراد عائلة المرأة المخالفة، أو بائعي الجوالات ومقدّمي خدماتها قرابة 1900 دولار (مليون ريال حيث تفرض الجماعة الحوثية سعراً ثابتاً للدولار بـ535 ريالا) في حالة المساعدة لها في امتلاك هاتف ذكي أو استخدامه. كما مُنع الأطفال من امتلاك الهواتف النقالة، ويجري تغريم أي طفل يخالف ذلك، أو عائلته، قرابة 380 دولاراً (200 ألف ريال). وتوسعت الوثيقة في فرض قيودها على الحريات العامة بإقرار حظر تشغيل الأغاني والموسيقى في المناسبات، مثل حفلات الزفاف أو الخطوبة، بما في ذلك منع مكبرات الصوت، ومعاقبة رب العائلة المخالفة بالغرامة نفسها. وشملت حرية الحركة والتنقل للنساء، بحظر سفرهن من الريف إلى المدينة أو إلى مناطق بعيدة دون مرافقة ما يعرف بـ'المحرم' من الأقارب الذكور مهما كانت الظروف، وقضت بمعاقبة العائلة التي تخالف هذا البند بالغرامة المالية نفسها مع عقوبات أخرى تصل إلى مصادرة الممتلكات والطرد من المنطقة. ويعاقب أيّ سائق سيارة يساعد امرأة في التنقل من دون محرم بغرامة تزيد على 900 دولار (500 ألف ريال). وامتدّت القيود إلى الحياة الاجتماعية، حيث نصّت الوثيقة على تنظيم الأعراس والمناسبات بتفصيل دقيق، يشمل تحديد مبلغ المهر لكل من العروس البكر (التي تتزوج لأول مرة) والثيب (المُتَزَوِّجة سابقًا)، في تدخل مباشر في الشؤون الخاصة للأسر. كما منع استخدام مكبرات الصوت في الأعراس، وحُرّمت الأغاني والموسيقى، ما أثار استياءً واسعًا بين الأهالي الذين يرون في هذه العادات جزءًا من التراث اليمني ويرفض غالبية أهالي العسادي الوثيقة التي يرون أنها فُرِضت بالتفاهم بين قيادات حوثية ومشايخ وأعيان المنطقة الموالين للجماعة، دون أن يكون للسكان أيّ رأي فيها، إلا أنهم تلقوا تهديدات بفرض غرامات وعقوبات تصل إلى الاعتقال والطرد لمجرد الاعتراض على الوثيقة، في ظل أوضاع معيشية صعبة يواجهونها، وفقاً لمصادر محلية. وتصف الناشطة وداد عبده هذه الوثيقة بالعقاب الجماعي غير المبرر على نساء المنطقة، وهو أمر يشبه الاعتقال أو السجن إلى حد كبير حسب تعبيرها، مشيرة إلى أن مثل هذه الإجراءات تحرم النساء من حقوقهن في الحركة والتنقل والمعرفة والتواصل. هذه الوثيقة ليست الأولى من نوعها، ولن تكون الأخيرة، فقد سبق أن أصدرت الجماعة تعليمات مشابهة في مناطق أخرى، مستغلة خصوصية القبائل اليمنية، لتمرير أفكارها الرجعية. وفرضت الجماعة هذه القيود على النساء في صنعاء قبل أشهر قليلة معتبرة أن الهواتف الذكية مؤامرة أميركية – إسرائيلية على النساء في قرية حمل مستدلة بآيات قرآنية والتي تخول الميليشيا الحوثية بتجريم استخدام الهواتف وفرض غرامات تصل إلى 20 ألف ريال ومصادرة الأجهزة الهاتفية. وبحسب مصادر قبلية فإن اغلب أبناء القرية رفضوا القرار رافضين التشكيك في سمعة النساء في المنطقة والذي تحاول الميليشيا الحوثية تطبيقه في القرى ثم تعميمه في جميع مناطق سيطرتها بعد عجزها عن إلقاء القبض على المحتفلات بذكرى ثورة 26 سبتمبر خوفا من ردة فعل المجتمع اليمني. كما أجبرت الجماعة الحوثية طالبات مدارس في العاصمة على ارتداء الزي النساء الإيراني المعروف بـ'الشادور' بدلاً من الحجاب التقليدي المصاحب للزي المدرسي، بمبرر الحفاظ على 'الهوية الإيمانية'. وأصدرت قيادات في الجماعة الحوثية تدير قطاع التعليم تعليمات تحضُّ مديرات المدارس على إلزام طالبات المراحل الابتدائية والأساسية بشراء وارتداء الزي الإيراني، وتوعد هؤلاء القادة مسؤولات المدارس والطالبات المخالفات لهذه التعليمات باتخاذ عقوبات بحقهن، تتضمن النقل إلى مدارس أخرى خارج العاصمة، والحرمان من دخول الامتحانات الشهرية. وأدى هذا التوجه إلى حالة من الغليان والسخط والرفض المطلق في أوساط شريحة واسعة من السكان والتربويين خصوصاً، حيث أبدوا رفضهم لهذه الممارسات، التي تشكل، بحسب قولهم، إضافة جديدة إلى سجل الجماعة الحوثية الحافل بالانتهاكات المرتكبة في حق التعليم ومنتسبيه. وبينما لا يزال الحوثيون يرفضون فتح الطرقات بين المحافظات، اتهمتهم منظمة 'هيومن رايتس ووتش' الدولية بأنهم يواصلون فرض القيود المشددة على تنقل النساء وعملهن، ويستهدفون بشكل مباشر العاملات في المنظمات الإنسانية، وهي القيود التي أثرت على حياتهن وأعاقت قدرتهن على الحصول على الرعاية الصحية والتعليم والعمل، وحتى زيارة أسرهن. وأفادت المنظمة بأن سلطات الحوثيين وسَّعت نطاق القيود المفروضة على حركة المرأة في مناطق سيطرتها، طوال السنوات التسع الماضية. كما ذكرت أن هناك قيوداً على حركة المرأة في مختلف مناطق النزاع، بما فيها مناطق سيطرة الحكومة اليمنية. وقالت نيكو جافارنيا، الباحثة في 'هيومن رايتس ووتش' إنه بدلاً من تركيز الجهود على ضمان حصول الناس في اليمن على المياه النظيفة والغذاء الكافي والمساعدات 'تنفق الأطراف المتحاربة طاقتها في زيادة الحواجز أمام حرية حركة المرأة.' وذكرت أن لهذه القيود 'تأثيراً رهيباً'، على حياة النساء، وتعيق قدرتهن على الحصول على الرعاية الصحية والتعليم والعمل، وحتى زيارة أسرهن. وحصلت المنظمة على شهادات 21 امرأة، معظمهن ناشطات أو نساء يعملن مع منظمات غير حكومية، حول القيود المفروضة على الحركة التي واجهنها، وتأثير ذلك على حياتهن؛ بالإضافة إلى شهادة رجلين يعملان سائقين خاصين لنقل الأشخاص بين المحافظات، إلى جانب القوانين واللوائح اليمنية، فضلاً عن توجيهات الحوثيين الأخيرة لشركات السيارات ووكالات السفر التي تقيد حركة المرأة. وخلصت إلى أن هذه القيود أثرت على حركة النساء في جميع قطاعات المجتمع اليمني. ونُقل عن كثير من الأشخاص الذين تمت مقابلتهم أن بعض مسؤولي نقاط التفتيش استهدفوا على وجه التحديد النساء العاملات مع المنظمات غير الحكومية، والعاملين في المجال الإنساني. واستدل أيضاً بتقرير لجنة خبراء الأمم المتحدة المعنية باليمن لعام 2023، والذي أكدت فيه أنها تلقت تقارير عن منع النساء من السفر في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون. وفي ديسمبر 2022، أفاد خبراء حقوق الإنسان التابعون للأمم المتحدة، بأن هيئة تنظيم النقل البري التابعة للحوثيين أصدرت توجيها شفهياً في أغسطس 2022، يطلب من النساء اللاتي يسافرن إلى أيّ مكان داخل المناطق التي يسيطرون عليها أو خارج البلاد، أن يرافقهن أحد أقاربهن الذكور من الدرجة الأولى. ونقل التقرير عن امرأتين أنهما قررتا مغادرة صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون، والانتقال إلى عدن التي تتخذها الحكومة عاصمة مؤقتة للبلاد، بسبب القيود المتزايدة على النساء والمنظمات غير الحكومية التي فرضها الحوثيون على مدى السنوات القليلة الماضية. ووصفت ناشطة سياسية يمنية تعيش في تعز التحديات التي تواجهها شقيقتها التي تعيش في صنعاء عند السفر، وتقول إنها في الخمسينات من العمر، ومع هذا أُجبرت على الحصول على موافقة ابنها الذي كان يبلغ من العمر (14 عاماً) للسفر. 'وهذا يعني أن الحوثيين لا يعترفون بالمرأة كمواطنة كاملة الحقوق.' وكانت الأمم المتحدة قد أفادت بأن هذه القيود على الحركة أجبرت كثيراً من النساء اليمنيات على ترك وظائفهن في المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية ووكالات الأمم المتحدة؛ لأنهن ليس لديهن قريب يمكنه مرافقتهن في رحلة عملهن الحاسمة، ما يفقدهن الدخل الذي تشتد الحاجة إليه. وبيّن التقرير أن القيود أثّرت أيضاً على قدرة المرأة على الوصول إلى التعليم العالي، وأنه في بعض الحالات رفض السائقون اصطحاب النساء إلى الحرم الجامعي؛ لأنهم يعرفون ما سيواجهونه عند نقاط التفتيش، بما في ذلك مناطق سيطرة الحكومة. وجزمت 'هيومن رايتس ووتش' في تقريرها بأن القيود التي تفرض على حركة النساء تنتهك التزامات اليمن بموجب اتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والميثاق العربي، المتعلق بحقوق الإنسان، وتتعارض مع الدستور اليمني الذي يضمن هذه الحقوق أيضاً. وأكدت المنظمة في تقريرها أن 'آثار هذه القيود على حياة المرأة كارثية؛ ليس فقط بالنسبة إلى النساء؛ بل إلى المجتمع اليمني بأكمله.' وقالت إنه يجب على جميع السلطات الحاكمة أن توقف فوراً السياسات المعمول بها لتقييد حركة المرأة، وأن تضمن تدريب ضباط نقاط التفتيش على حماية الحقوق الأساسية لجميع المقيمين. وقال الائتلاف الوطني للنساء المستقلات، في تقرير حقوقي أصدره مؤخرًا، إن المرأة اليمنية باتت تتحمل أعباء إضافية تتمثل في مسؤولية إعالة الأسرة وحمايتها في ظل غياب المعيلين. وطبقًا لتقديرات أممية، فإن عدد الأسر التي تعيلها النساء في اليمن عام 2022 بلغ 417 ألف أسرة، مشيرة إلى أن الرقم مرشح للارتفاع مع استمرار النزاع وتدهور الأوضاع الاقتصادية. فيما أشارت تقارير أخرى إلى أن أعداد النساء العاملات في اليمن يزداد سنوياً، ليس بحثاً عن تحقيق الذات، بل كوسيلة وحيدة للبقاء على قيد الحياة. ورغم دورها المحوري في تضميد جراح الحرب، إلا أن المرأة اليمنية برزت كضحيّة مباشرة للحرب والعنف الممنهج. وبحسب منظمة 'هيومن رايتس وتش' فإن العنف ضد المرأة في اليمن ازداد بشكل كبير، حيث تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن 3 ملايين امرأة وفتاة تقريبًا معرضات لخطر العنف. ومنذ عام 2015 حتى نهاية 2020، قالت منظمة سام للحقوق والحريات (غير حكومية مقرها جنيف)، إنها رصدت أكثر من 4 آلاف انتهاك تعرضت لها المرأة اليمنية بعضها 'يرقى إلى مستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.' وشملت هذه الانتهاكات، طبقًا لمنظمة سام، 'القتل، والإصابات الجسدية، والاعتقال التعسفي، والإخفاء القسري، والتعذيب، ومنع التنقل،' إضافة إلى 'نزوح أكثر من 900 ألف امرأة في مخيمات مأرب (ِشرق) لوحدها.' وأوضحت أن 'جماعة الحوثي جاءت في مقدمة الأطراف المنتهكة لحقوق المرأة بنسبة 70 في المئة.' بدورها، قالت اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان (حكومية)، في تقرير سابق لها، إن 'النساء اليمنيات يعشن أوضاعًا أقل ما توصف به أنها لاإنسانية.' وأضافت اللجنة الحقوقية الوطنية، أنها وثقت مقتل وإصابة 2617 امرأة وطفلة خلال الفترة من 2015 وحتى نهاية العام 2020، إثر القصف العشوائي الذي استهدف الأحياء السكنية بعدد من المحافظات اليمنية. وفي ظل الأوضاع القاسية، تعاني المرأة اليمنية من ضعف التدخلات الحقوقية والإغاثية والإنسانية من قبل المنظمات الأممية والوكالات الدولية، بما فيها البرامج المخصصة لتنمية المرأة ومساعدتها على الصمود. ورغم الأنشطة المحدودة لبعض المنظمات بتوفير فرص تدريبية للنساء لمساعدتهن على اكتساب مهارات جديدة، كالخياطة والتطريز وصناعة المشغولات اليدوية، إلا أنها تظل مبادرات متواضعة للغاية مقارنة بحجم الاحتياج.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store