
الدولار في مهب الريح والجنيه المصري يحلق.. نصف قرن من الانتظار يكتب أسوأ فصول العملة الأمريكية
هذا الهبوط لم يشهده العالم منذ عام 1973، العام الذي انهار فيه نظام "بريتون وودز" وبدأت العملات تتداول بحرية في الأسواق.
ومع أن العملة الأمريكية لطالما كانت رمز القوة الاقتصادية العالمية، إلا أن المؤشرات الحالية توحي بأن الطريق أمامها بات محفوفًا بالتحديات، وربما أمام مرحلة ممتدة من الضعف.
هبوط غير مسبوق يثير تساؤلات المستثمرين
خلال العقد الأخير، شهد الدولار فترات ضعف متفرقة، لكنها لم تكن بهذا العمق أو الحدة.
هذه المرة، يعتقد محللون في "وول ستريت" أن التراجع قد يكون بداية مسار طويل من الهبوط، لا مجرد تصحيح عابر. التوقعات التي كانت في السابق تميل لعودة الدولار إلى الصعود، انقلبت لتصبح أكثر حذرًا، بل إن بعض الخبراء يرون أن المشهد الحالي يفتح صفحة جديدة في تاريخ العملة الأمريكية.
عوامل ضغط متشابكة: الفائدة، التحوط، والسياسة
يشير خبراء الاقتصاد إلى أن عدة عوامل تتآمر على الدولار في الوقت نفسه. أبرزها التوقعات القوية بقيام الاحتياطي الفيدرالي بتخفيض أسعار الفائدة في الأشهر المقبلة، وهو ما يضعف جاذبية العملة الأمريكية أمام المستثمرين الباحثين عن عوائد أعلى.
كما أن سياسات التحوط التي يتبناها المستثمرون الدوليون، خصوصًا بعد أداء قوي للأسهم العالمية، تضع ضغطًا إضافيًا على العملة.
ولا يمكن إغفال ما يصفه البعض بـ"السياسة الضمنية لضعف الدولار" التي تنتهجها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بهدف دعم الصادرات وجعل المنتجات الأمريكية أكثر تنافسية.
التحوط الأجنبي.. من الحذر إلى الاستنزاف
بعد الأزمة المالية عام 2008، اندفع المستثمرون حول العالم نحو الأسواق الأمريكية، ما رفع الطلب على الدولار وأدى لسنوات من القوة المستمرة.
لكن مع تغير الظروف، بدأ هؤلاء في إعادة النظر، خاصة مع ارتفاع عوائد الأسواق العالمية الأخرى وتزايد الضبابية بشأن سياسات واشنطن التجارية.
يقول أحد الاستراتيجيين الماليين: "المستثمرون الأجانب الذين لديهم تعرض كبير للدولار سيواصلون التحوط، لكن هذا سيصبح عملية استنزاف مستمرة".
وعلى الرغم من أن عمليات البيع الجماعي للأصول الأمريكية لم تحدث بعد، إلا أن علامات الحذر تتزايد، كما أظهرت مزادات الخزانة الأخيرة وتقارير وزارة الخزانة الأمريكية.
تخفيضات الفائدة تلوح في الأفق
في وقت سابق من هذا العام، كان التوقع السائد أن رسوم ترامب الجمركية قد تثير موجة تضخم جديدة، لكن البيانات لم تُظهر ذلك بعد.
ومع استمرار تباطؤ التضخم وسوق العمل، يترقب المتداولون خطوة من الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة، ربما في سبتمبر المقبل، وهو ما سيشكل ضغطًا إضافيًا على الدولار، ويعزز توجه المستثمرين نحو عملات وأصول أخرى.
إدارة ترامب وسياسة الدولار الضعيف
رغم أن إدارة ترامب لم تصدر إعلانًا رسميًا عن تبني سياسة إضعاف الدولار، إلا أن تصريحات مسؤولين في آسيا، مثل اليابان وكوريا الجنوبية، تكشف أن مسألة العملة كانت حاضرة في محادثاتهم مع البيت الأبيض.
ضعف الدولار قد يمنح ميزة للصادرات الأمريكية ويعزز أرباح الشركات الكبرى، خاصة تلك التي تحقق جزءًا كبيرًا من إيراداتها خارج الولايات المتحدة.
استراتيجيون في "مورغان ستانلي" أكدوا أن "ضعف الدولار يمثل دافعًا غير مقدر لأرباح الأسهم الأمريكية"، مشيرين إلى أن الشركات ذات القيمة السوقية الكبيرة قد تكون المستفيد الأكبر من هذا التوجه.
الدولار… لا يزال سيد العملات
رغم التراجع، يبقى الدولار العملة الاحتياطية الأهم في العالم، بفضل مزيج من الشفافية والسيولة والبيئة السياسية المستقرة في الولايات المتحدة.
وحتى مع تزايد الدعوات لتنويع الاحتياطيات نحو اليورو أو اليوان أو الذهب، يرى المحللون أن الأمر لا يتعدى كونه تنويعًا نسبيًا، لا استغناءً كاملاً عن "الدولرة".
تتفوق سوق السندات الأمريكية من حيث الحجم والعمق على نظيراتها العالمية، ما يجعلها الخيار الأول للمستثمرين الباحثين عن أمان وعوائد مجزية، وهي ميزة لا تزال عصية على المنافسة.
تحولات قد تعيد رسم الخريطة المالية العالمية
أكد الدكتور هاني الشامي، عميد كلية إدارة الأعمال بجامعة المستقبل، أن هذا الانخفاض القياسي يعكس اضطرابًا مزدوجًا في الاقتصادين الأمريكي والعالمي.
ويرى أن مزيجًا من السياسات النقدية المتقلبة، وضغوط التضخم، وتباطؤ النمو الاقتصادي، إلى جانب بحث الأسواق عن بدائل أكثر أمانًا، كلها عوامل تضافرت لدفع الدولار نحو هذا المصير.
ويحذر الشامي من أن استمرار هذا المسار سيجعل البنوك المركزية والمستثمرين حول العالم يعيدون التفكير في اعتمادهم على الدولار كعملة احتياطية رئيسية، ما قد يمنح اليورو أو اليوان الصيني مساحة أكبر للهيمنة على المشهد المالي العالمي.
جرس إنذار لصناع القرار في واشنطن
يشدد الشامي على أن هذا التراجع الحاد يجب أن يدفع واشنطن لإعادة تقييم سياساتها النقدية والمالية، ووضع استراتيجيات أكثر توازنًا لحماية قوة العملة والحفاظ على ثقة الأسواق.
كما يرى أن هذه الأزمة قد تفتح الباب أمام تحولات هيكلية في النظام النقدي العالمي، حيث يمكن أن نشهد توجهًا متزايدًا نحو تنويع الاحتياطيات الدولية، وتقليل الاعتماد المفرط على الدولار، بل وحتى بروز تكتلات نقدية إقليمية لمواجهة التقلبات.
منذ عقود، كان الدولار رمزًا للهيمنة الاقتصادية الأمريكية، وأداة أساسية لتأثير واشنطن على الاقتصاد العالمي. اليوم، ورغم أنه ما زال يحتفظ بمكانته، إلا أن التحديات التي يواجهها تفرض على الولايات المتحدة إعادة التفكير في سياساتها، ليس فقط لحماية العملة، بل للحفاظ على موقعها في قلب النظام المالي الدولي.
قد لا يكون هذا الانخفاض نهاية حقبة الدولار، لكنه بلا شك بداية فصل جديد، سيحدد ما إذا كانت هذه العملة ستبقى القائد بلا منازع، أم ستشاركها الساحة قوى نقدية أخرى صاعدة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صدى البلد
منذ 21 دقائق
- صدى البلد
أسعار صرف العملات الأجنبية والعربية مقابل الجنيه المصري
رصد برنامج "صباح البلد"، المذاع على قناة صدى البلد، في حلقته صباح اليوم، أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الجنيه المصري، وذلك في إطار تغطيته اليومية لحركة الاقتصاد المحلي وتطورات سوق الصرف. الدولار يسجل 48.35 جنيها.. أسعار العملات اليوم الجمعة سعر العملات الأجنبية والعربية أمام الجنيه اليوم الجمعة 15-8-2025 وفيما يلي أسعار الشراء والبيع لأبرز العملات الأجنبية وفقاً لما تم عرضه: الدولار الأمريكي سعر الشراء: 48.25 جنيه سعر البيع: 48.35 جنيه اليورو الأوروبي سعر الشراء: 56.39 جنيه سعر البيع: 56.51 جنيه الجنيه الإسترليني سعر الشراء: 65.48 جنيه سعر البيع: 65.66 جنيه الريال السعودي سعر الشراء: 12.86 جنيه سعر البيع: 12.88 جنيه الدينار الكويتي سعر الشراء: 158.00 جنيه سعر البيع: 158.38 جنيه وتأتي هذه الأسعار في ظل تقلبات تشهدها أسواق العملات العالمية، مع ترقب من جانب المستثمرين والمواطنين لأي تغيرات محتملة في سعر الصرف خلال الفترة المقبلة.


صدى البلد
منذ 22 دقائق
- صدى البلد
لتطوير مشاريع الغاز في ألاسكا.. أمريكا تدرس استخدام كاسحة جليد روسية
أجرت الولايات المتحدة مناقشات داخلية بشأن استخدام سفن كاسحة جليد روسية تعمل بالطاقة النووية لدعم تطوير مشاريع الغاز والغاز الطبيعي المسال في ألاسكا، كإحدى الصفقات المحتملة التي يُتوقع إبرامها خلال لقاء قمة ألاسكا بين الرئيس دونالد ترامب بفلاديمير بوتين وصل ترامب إلى ألاسكا يوم الجمعة لحضور ما وصفه بقمة "عالية المخاطر" مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لمناقشة اتفاق لوقف إطلاق النار في أوكرانيا وإنهاء أعنف حرب في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، وفق رويترز. ويسعى الرئيسان الأميركي والروسي، اللذان اجتمعا في قاعدة جوية تعود إلى حقبة الحرب الباردة في أكبر مدن ألاسكا، إلى تحقيق مكاسب من أول محادثات مباشرة لهما منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض. وبحسب رويترز، نوقشت فكرة كاسحة الجليد بين مسؤولي البيت الأبيض كإحدى الصفقات المحتملة التي سيتم السعي لإبرامها مع روسيا خلال قمة ألاسكا. تشغل روسيا الأسطول الوحيد في العالم من كاسحات الجليد التي تعمل بالطاقة النووية، والتي تلعب دوراً محورياً في الحفاظ على وصول الشحن على مدار العام على طول طريق البحر الشمالي، وهو مسار استراتيجي لتدفقات الطاقة والتجارة العالمية، وتسعى إدارة ترامب جاهدةً لنقل الغاز من شمال ألاسكا النائي إلى العملاء الآسيويين. وشملت المحادثات الجارية بين الولايات المتحدة وروسيا بشأن أوكرانيا مناقشات حول صفقات تجارية، ويخطط البيت الأبيض لمواصلة هذا النهج في القمة وطرح ترامب مشروع ألاسكا للغاز الطبيعي المسال، وهو مشروع مقترح بقيمة 44 مليار دولار لشحن الغاز الطبيعي المسال عبر خط أنابيب بطول 800 ميل من ألاسكا، على المشترين الآسيويين كوسيلة لتقليل اعتمادهم على الغاز الطبيعي المسال الروسي. ولا تملك شركة ألاسكا للغاز الطبيعي المسال احتياجات محددة لكاسحات جليد روسية. كما يمكن لكاسحات الجليد النووية تسهيل نقل مواد البناء والمعدات إلى المناطق النائية في ألاسكا، حيث البنية التحتية محدودة والظروف الجوية قاسية. وهناك مشروع آخر، يستهدف الأسواق الآسيوية بالمثل، وهو مشروع كيلاك للغاز الطبيعي المسال، الذي يستهدف 4 ملايين طن سنوياً من الغاز الطبيعي المسال، قال ميد تريدويل، أحد مؤسسي شركة كيلاك للغاز الطبيعي المسال، إنه من الطبيعي أن يعتمد مشروع أميركي للغاز الطبيعي المسال على كاسحات جليد من أي دولة تسمح بها الحكومة الأميركية، وأضاف: لكننا لم نطلب ذلك تحديداً.


لبنان اليوم
منذ 2 ساعات
- لبنان اليوم
سعر صرف الدولار في سوريا اليوم.. والمصرف المركزي يسهّل تقديم الشكاوى النقدية
تنويه مهم: الأسعار المعروضة لسعر صرف الدولار في الجدول يتم تحديثها بشكل لحظي بناءً على أحدث البيانات المتوفرة. أسعار العملات في سوريا آخر تحديث 15/08/2025 9:00 AM الدولار شراء مبيع 10675 10725 اليورو الليرة التركية 12445 12508 260 263 نشرة الصرف / المركزي السوري الدولار السعر الوسطي 12166 12229 11055 اليورو الليرة التركية 12872.80 13000.92 269.77 272.47 مشاهدة جميع العملات » جميع العملات لمعرفة أحدث أسعار صرف العملات الأجنبية والعربية مقابل الليرة السورية إضغط هنا مصرف سوريا المركزي يسهّل تقديم الشكاوى النقدية ويحدد مهلة للبت فيها دعا مصرف سوريا المركزي جميع المتعاملين مع البنوك إلى تقديم شكاوى في حال عدم تمكنهم من السحب النقدي من الحسابات الجارية أو الودائع لأجل، المودعة نقدًا، بعد تاريخ 7 مايو/أيار 2025، مؤكدًا أن هذه الشكاوى ستُعالج ويُبت فيها خلال خمسة أيام من تاريخ تقديمها، وفق ما نقلت وكالة الأنباء السورية 'سانا'. وأوضح المركزي في بيان رسمي أن أي شكوى لم يتم البت فيها خلال يومين من قبل المصرف المعني، يمكن للمتعامل رفعها مباشرة إلى ديوان مصرف سوريا المركزي، ليتم معالجتها وفق أحكام التعميم الصادر في 7 مايو/أيار والمتعلق بالسحب النقدي من الحسابات الجارية والودائع لأجل. وأشار البيان إلى أن هذه الإجراءات تهدف إلى تسهيل تقديم الشكاوى وضمان سرعة الاستجابة لمتطلبات المتعاملين، بما يعكس حرص المصرف على حماية حقوق المواطنين وضمان استقرار النظام المصرفي المحلي.