logo
"النواب الأميركي" ينهي جلساته مبكراً وسط انقسامات جمهورية بشأن تحقيق إبستين

"النواب الأميركي" ينهي جلساته مبكراً وسط انقسامات جمهورية بشأن تحقيق إبستين

الشرق السعوديةمنذ يوم واحد
رفض رئيس مجلس النواب الأميركي، مايك جونسون، الاستجابة للضغوط المطالبة بالتحرك بشأن التحقيق في قضية جيفري إبستين، وبدلاً من ذلك قرر إنهاء جلسات المجلس مبكراً والدعوة إلى عطلة شهرية طويلة، بعد أن تسببت مطالب من أعضاء جمهوريين بالتصويت في تعطيل جدول الأعمال التشريعي هذا الأسبوع.
وقال جونسون، النائب الجمهوري عن ولاية لويزيانا، صباح الثلاثاء، إنه يريد أن يمنح البيت الأبيض "مساحة" لنشر معلومات إبستين من تلقاء نفسه، رغم الدفع التشريعي من الحزبين نحو قانون يُلزم بالإفراج عن مزيد من الوثائق المرتبطة بالقضية، وفقا لوكالة "أسوشيتد برس".
وأضاف جونسون خلال مؤتمره الصحافي الأسبوعي، وهو الأخير قبل مغادرة النواب لواشنطن، الأربعاء، لقضاء عطلتهم التقليدية في أغسطس: "لا فائدة من أن يدفع الكونجرس إدارة إلى القيام بشيء هي تقوم به بالفعل".
لكن موقف جونسون لم يُهدئ الاضطرابات المتصاعدة داخل الحزب الجمهوري في الكابيتول هيل، حيث يطالب العديد من مؤيدي الرئيس دونالد ترمب بأن تفي الإدارة الحالية بوعودها بالكشف العلني عن مجريات التحقيق الكامل في قضية الاتجار الجنسي المرتبطة بإبستين، الذي انتحر في زنزانته بنيويورك عام 2019 أثناء انتظاره للمحاكمة.
ويواجه النواب الجمهوريون ضغوطاً متزايدة من مؤثرين يمينيين على الإنترنت ومن ناخبيهم في الدوائر الانتخابية، ما دفع العديد منهم إلى المطالبة بتدخل مجلس النواب في القضية.
وقال النائب الجمهوري رالف نورمان من ولاية ساوث كارولاينا: "الرأي العام لن يسمح بدفن هذه القضية، وهذا من حقه تماماً".
تصاعد الضغوط
وحتى قبل تصريحات جونسون، الثلاثاء، كانت لجنة الرقابة في مجلس النواب تتحرك قدماً نحو إصدار مذكرة استدعاء للإدلاء بشهادة بحق جيسلين ماكسويل، صديقة جيفري إبستين السابقة، في إطار تحقيق متصاعد في القضية.
وقال رئيس اللجنة الجمهوري، النائب جيمس كومر من كنتاكي، إنه سيتم التفاوض مع محامي ماكسويل بشأن شروط الإدلاء بشهادتها، والتي قد تتم داخل السجن الذي تقضي فيه حكماً طويلاً بتهمة مساعدة إبستين في استغلال فتيات قاصرات جنسياً.
كما أفادت وزارة العدل الأميركية، الثلاثاء، بأنها تسعى بشكل منفصل إلى استجواب ماكسويل.
ورغم دعم الديمقراطيين في لجنة الرقابة لهذه الخطوة، حذر كبير الديمقراطيين في اللجنة، النائب روبرت جارسيا من ولاية كاليفورنيا، من أن شهادة ماكسويل يجب أن تُؤخذ بحذر.
وقال للصحافيين: "يجب أن نستمر في المطالبة بالكشف الكامل عن الملفات، من المهم أن يعرف الناس أنها كاذبة موثقة وشخص تسبب في أذى بالغ للفتيات والنساء".
تآكل سيطرة جونسون في مجلس النواب
جاء قرار جونسون بإنهاء أعمال مجلس النواب هذا الأسبوع في وقت يعاني فيه من تراجع قبضته على لجنة القواعد القوية، وهي المسؤولة عن تمرير مشاريع القوانين إلى التصويت.
ومساء الاثنين، توقفت أعمال اللجنة فجأة عندما علق الجمهوريون الجلسة، تجنباً لمزيد من الضغوط من الديمقراطيين لطرح ملفات إبستين.
وكان الجمهوريون يخططون للتصويت على حزمة من القوانين، منها تشديد العقوبات على المهاجرين غير النظاميين، وتسهيل تراخيص مشاريع البنية التحتية المائية، والتراجع عن عدد من اللوائح التي أُقرت في عهد الرئيس الأميركي السابق جو بايدن. إلا أن جميع هذه المشاريع تم تجميدها إلى ما بعد "عطلة أغسطس" (عطلة مجلسي النواب والشيوخ الأميركيين).
وتصاعدت حالة الإحباط داخل المجلس منذ الأسبوع الماضي، بعد أن ألمح قادة الجمهوريين إلى إمكانية التصويت على ملفات إبستين أثناء تمريرهم حزمة تخفيضات إنفاقية بقيمة 9 مليارات دولار.
وقدّم زعيم الجمهوريين مشروع قرار غير ملزم يدعو وزارة العدل إلى الكشف عن مزيد من الوثائق، في حين طلب الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، من وزيرة العدل بام بوندي السعي للكشف عن شهادات هيئة المحلفين الكبرى، رغم أن هذا المسعى قد لا يسفر عن معلومات جديدة.
وفي حين تبنى جونسون موقف ترمب، قائلاً إنه أيضاً يدعم الإفراج عن الوثائق، شدد على أهمية نشر "الملفات الموثوقة فقط".
وأضاف: "لدينا مسؤولية أخلاقية لفضح شر إبستين وكل من تورط في ذلك، وهذا أمر مؤكد، لكن لدينا أيضاً مسؤولية أخلاقية لحماية الأبرياء، وهذه معادلة دقيقة للغاية".
وفي مجلس الشيوخ، قال زعيم الأغلبية الجمهورية، جون ثيون من ولاية ساوث داكوتا، إنه يثق بأن ترمب ووزيرة العدل بام بوندي "سيتخذان القرارات الصحيحة" بشأن الملفات، لكنه لم يستبعد أن تفتح لجان الكونجرس تحقيقاً في المسألة.
أزمة سياسية حادة داخل الحزب الجمهوري
رغم بدء العطلة البرلمانية لشهر كامل، من غير المرجّح أن تتلاشى الضغوط على جونسون، فالنائب الجمهوري توماس ماسي، المعروف بمواقفه المعارضة للقيادة، يعمل على حشد الدعم لخطوة تشريعية من شأنها أن تجبر على طرح مشروع قانون بدعم من الحزبين للتصويت دون الحاجة لموافقة قيادة المجلس.
وقال ماسي للصحافيين مساء الاثنين: "الكثير هنا في المستنقع يظنون أنه إذا قضينا 5 أسابيع في عطلة، فإن الضغط سيتلاشى. لا أعتقد أن ذلك سيحدث".
أما الديمقراطيون، فقد استغلوا هذه الانقسامات لتأجيج الخلاف داخل الحزب الجمهوري، من خلال مطالبهم المتكررة بالكشف عن المعلومات المتعلقة بتحقيق إبستين، معتبرين أن القضية تمثل اختباراً للشفافية والثقة في الحكومة.
وقال النائب الديمقراطي رو خانا، الذي شارك ماسي في تقديم التشريع: "الأمر يتعلق بالشفافية في الحكم. هل أنت في صف الأغنياء والنافذين وحماية الرجال؟ أم في صف الفتيات الصغيرات وأطفال أميركا؟".
وتشير السلطات إلى أن إبستين اعتدى جنسياً على مئات الفتيات القاصرات على مدار أكثر من عقد، مستغلاً فتيات لا تتجاوز أعمارهن 14 عاماً، ويقول الادعاء إنه لم يكن ليتمكن من ذلك دون مساعدة جيسلين ماكسويل.
وختم ماسي بالقول إن هذه القضية ستكون لها تداعيات سياسية واسعة: "هذه المسألة ستلاحق الجمهوريين خلال الانتخابات النصفية، وستلاحق كل نائب على حدة. هل وقفت مع العدالة والشفافية؟ أم أنك وصلت إلى هنا، وانتخبت، ثم غرقت في المستنقع؟".
وأضاف: "أعتقد أن هذه لحظة فاصلة لرئيس مجلس النواب وللرئيس أيضاً".
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

أميركا وترمب: نهج «الأنا والآخر»
أميركا وترمب: نهج «الأنا والآخر»

الشرق الأوسط

timeمنذ 22 دقائق

  • الشرق الأوسط

أميركا وترمب: نهج «الأنا والآخر»

عندما كتب الأميركي صاموئيل هنتنغتون كتابه «أميركا: الأنا والآخر»، كان يطرح سؤالاً مهماً مضمونه «من نحن؟»، وهو الجدل الكبير في أميركا حول الهوية الأميركية، الأمر الذي ظهر هاجساً كبيراً في عهد الرئيس دونالد ترمب الأول، وبعد هزيمته أمام بايدن، وظهور أنصاره أمام «الكابيتول»، بل اقتحامه. الجدل حول الهوية، وتمركزه حول مفهوم «الأنا والآخر»، انعكس سلباً على ملف الهجرة والمهاجرين وناصَبهم العداء؛ خشية من «الكوبنة» Cubanization وحتى «المكسكة» Mexicanization، وهو ما أطلق عليه صاموئيل هنتنغتون الغزو الديمغرافي لمناطقَ كانت قد احتلها الأميركيون، بل طال الأمر حتى المولودين في أميركا، وصعود واضح للهويات الوطنية الفرعية كردّ فعل واضح، رغم أن أميركا في أصل تكوينها كدولة حديثة هي خليط من الإثنيات والمهاجرين وأقلية من الهنود الحمر الذين تعرّضوا لأبشع إبادة في التاريخ. الخلاف على الهوية الأميركية تسبَّب في الاعتراض حتى على استخدام اللغة الإنجليزية، ولعلّ مجاهرة حاكم ولاية فلوريدا بوب مارتينيز حين قال: «لا نختار للأميركيين ديانتهم ولا عِرقهم، فلِم نختار للأميركيين لغتهم؟!»، كأنه يعترض على اختيار اللغة الإنجليزية، والتي حاول الرئيس ترمب أن يَسخر، من خلالها، من بعض الرؤساء الأفارقة، وهم ضيوفٌ على طاولته، مِن كون أحدهم يجيد اللغة، والباقين لا، في مشهدٍ كرَّر مفهوم «الأنا والآخر»، كما شرحه أحد كبار مفكري أميركا صاموئيل هنتنغتون. الضيوف الأفارقة الخمسة تعرّضوا لإحراجِ وسخرية ترمب، لدرجة أنه طلب من أحد الرؤساء: «فقط قل لنا اسمك وبلدك»، بينما الرئيس الأفريقي كان منهمكاً في التعريف باقتصاد بلاده، ورغم أن الرؤساء الأفارقة الخمسة كان اجتماعهم مع ترمب بسبب أن بلدانهم شريك مهم في إنتاج المعادن، بينما الرئيس ترمب تجاهل السبب من الاجتماع، وكان يجهل أن ليبيريا ناطقة بالإنجليزية وهي لغتها الرسمية، ولكن أيضاً لا يقع اللوم فحسب على عقدة «الأنا والآخر» عند ترمب، بل حتى بعض الضيوف كانوا الأفضل لو تحدثوا بلغتهم الوطنية وتركوا الإحراج للمترجمين، بدلاً من الحديث بلسان أعجمي لا يُحسنون نطقه، مما جعلهم محل إحراجات الرئيس ترمب. المحرَجون الأفارقة ليسوا أول ولا آخِر المحرَجين في ضيافة الرئيس ترمب، فقد سبقهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والذي تعرَّض للحرج الأشبه بالتوبيخ اللاذع من ترمب ومن صحافة البيت الأبيض، حيث طالت السخرية حتى من ملابسه. مفهوم «الأنا والآخر» كان واضحاً من خلال دبلوماسية إحراجات دونالد ترمب للرؤساء والضيوف، والتي لا تنتهي، لكن هل ستكون هناك نهاية للترمبية السياسية في الشارع الأميركي والحالة الشعبوية التي عززها ترمب؟ لا أظن ذلك في القريب المنظور، خاصة في ظل حالة انقسام مجتمعي وليس سياسياً انتخابياً ينتهي بليلة إعلان النتائج، ويعود كل شخص إلى بيته فرحاً بفوز أو حزيناً بخسارة مرشحه. إذ يَسخر البعض بأنه لا فرق بين الجمهوري والديمقراطي إلا كالفرق بين البيبسي والكوكا الكولا، ويتكهن البعض بانهيار الإمبراطورية الأميركية من الداخل بسبب الهوية الأميركية، كما يروّج إعلام «حزب الله» وإيران. أزمة الهوية وصراع «الأنا والآخر»، وشعبوية ترمب السياسية، كثيراً ما انقلبت عليه بعد أن تجسدت في تضامن شعبي، فعداوة ترمب للأجانب والمهاجرين ليست جديدة، حيث أسقط القضاء الأميركي ومنع تنفيذ قرارات رئاسية كثيرة في هذا الملف، مما يعكس حالة استقطاب شديد داخل المجتمع الأميركي. على العكس من شعبوية ترمب، فإن السياسة الأميركية، خاصة الخارجية، تخضع لاستراتجية مرسومة لسنوات، وليست رهينة لأشخاص وإن كانت تأثرت بالحالة الترمبية، إلا أن مسارها ثابت، أياً كان ساكن البيت الأبيض، فترتيب المصلحة والأولويات سيختلف بحكم المصلحة الأميركية، فأميركا خطها السياسي براغماتي بالمطلق. لكن يبقى السؤال: هل سيستطيع ترمب أن يلمّ الشمل، ويوحّد الأمة المنقسمة، في ظل حالة انقسام شعبوي حادّ غير مسبوق في الأمة الأميركية، وهل سيتمكن من السيطرة على ملفات معقدة كثيرة؛ منها حل الدولتين بين فلسطين وإسرائيل، والملفات النووية في إيران وكوريا الشمالية، والصراع بين الهند وباكستان، والحرب الروسية على أوكرانيا، وجميعها ملفات ملتهبة لا يمكن تسويتها من خلال مفهوم «الأنا والآخر»؟ المنهج الذي يستخدمه ترمب حالياً، وهو ما قد يتسبب في خسائر أميركية كبيرة. فليس كل من جاء إلى أميركا والبيت الأبيض يُعد من المتسولين، بل هناك شركاء حقيقيون يمكن أن يحققوا مصالح ونفعاً لأميركا وأصدقائها.

محنة غزة وانتقائية «الضمير العالمي»!
محنة غزة وانتقائية «الضمير العالمي»!

الشرق الأوسط

timeمنذ 22 دقائق

  • الشرق الأوسط

محنة غزة وانتقائية «الضمير العالمي»!

الكارثة الإنسانية في غزة لا تفضح مواقف القوى الكبرى التي تدعي تمثيل «القيم الإنسانية» فحسب، بل تجعل المرء يتساءل عن ماهية «الضمير العالمي» وجدواه. الضمير العالمي ليس فكرة مجردة، بل يفترض أن يكون تعبيراً عن الإحساس الجمعي بالمسؤولية الأخلاقية، وتجاه المبادئ الأساسية للعدالة والكرامة وحقوق الإنسان. لكنه أمام ما يحدث في غزة، يظهر كضمير انتقائي يخضع لمصالح وحسابات مَن يملك القوة، مما يعري عيوب النظام الدولي القائم، ويؤكد مجدداً أنه يحتاج إلى إصلاح يعيد إليه التوازن. إسرائيل ما كانت لتجرؤ على كل هذه العربدة لولا الدعم الأميركي المطلق، والسند الغربي عموماً، ما جعلها لا تكترث للقرارات الدولية إن صدرت، ولا تمتثل للمطالبات بوقف جرائمها في غزة، وعدوانها المتواصل عبر الحدود. الإدارات الأميركية المتعاقبة وفّرت غطاءً شاملاً عسكرياً ودبلوماسياً لإسرائيل منحها حصانة ضد أي مساءلة دولية، وشجعها على العربدة كما تشاء. ها هو الرئيس الأميركي دونالد ترمب يعلن انسحاب أميركا من منظمة اليونيسكو بزعم أنها منحازة ضد إسرائيل، ليعطي تل أبيب دفعة دبلوماسية في مواجهة الانتقادات الدولية المتزايدة بسبب جرائمها في غزة والكارثة الإنسانية غير المسبوقة التي أحدثتها في القطاع. كذلك خرج السفير الأميركي لدى إسرائيل مايك هاكابي ليهاجم 25 دولة من بينها عدد من دول الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى بريطانيا وكندا وأستراليا واليابان، لأنها أصدرت بياناً ينتقد بشدة إسرائيل وممارساتها في غزة، بما في ذلك سياسة التجويع المتعمد، ويدعو لإنهاء الحرب فوراً. بل وصل الأمر بالسفير هاكابي أن وصف موقف هذه الدول بـ«المقزز»، وهو تعبير لم تستخدمه حتى «الخارجية» الإسرائيلية في رفضها للبيان. الحقيقة أن العالم كله، باستثناءات قليلة، يدين ما تقوم به إسرائيل في غزة من إبادة وتهجير وتجويع، وهو ما عبّرت عنه أكثر من 100 من المنظمات غير الحكومية العاملة في مجالات المساعدات الإنسانية في بيانها الصادر أمس، محذرة من تداعيات المجاعة المتفشية والكارثة الإنسانية التي تحدث على مرأى ومسمع العالم كله. مع ذلك لا بد من القول إن ردود الفعل الدولية لم ترتفع إلى مستوى الحدث، فالإدانات التي جاء كثير منها متأخراً، لا تحقق شيئاً لأهل غزة. المطلوب هو الفعل، لا البيانات، والفعل معروف لو توفرت الإرادة الدولية. إسرائيل بصفتها قوة احتلال، ملزمة وفقاً للقوانين الدولية بحماية سكان غزة والضفة، وهي مسؤولية لا تسقط حتى في حال وجود نزاع مسلح أو مقاومة، لأن القانون الدولي الإنساني صُمم لحماية المدنيين حتى في أسوأ الظروف. من هذا المنطلق فإنها مطالبة بضمان دخول المساعدات من غذاء ودواء، ويحظر عليها تماماً فرض عقاب جماعي على المدنيين، بل إن تجويع السكان يعد جريمة ضد الإنسانية، واستهدافهم يُصنف جريمة حرب. الآليات القانونية موجودة للضغط على إسرائيل وإدانتها، بل وإلزامها بإدخال المساعدات، لكن المفقود هو الإرادة الحقيقية لتفعيل هذه الآليات. فأكثر الدول الغربية تكتفي بالبيانات والخطوات المحدودة غير الفعالة، في حين أن بعضها جمّد تمويل «الأونروا»، الجهة الوحيدة التي كانت تقدم مساعدات عاجلة للمدنيين في غزة. الإعلام الغربي، رغم المجازر اليومية والانتهاكات الموثقة، يتخاذل أيضاً في انتقاد إسرائيل، وفي أكثر الأحيان يتبنى روايتها ورؤيتها للأحداث، أو يتبنى لغة «متوازنة» لا تصف الواقع بدقة، أو تساوي بين القاتل والضحية. في المقابل تتعرض الرواية الفلسطينية للتشويه أو الحجب من قبل أكثرية هذا الإعلام، ما يسهم في تقليل الضغط الشعبي على الحكومات لاتخاذ مواقف وسياسات تجبر إسرائيل وتضغط على أميركا لوقف المأساة الجارية في غزة، وإنهاء سياسات التهجير القسري، والإبادة الجماعية، واستخدام الجوع سلاحاً ضد المدنيين، وكلها أمور محظورة بالقوانين الدولية. ما يثير الحزن والغضب ليس فقط سقوط الضمير العالمي، بل ازدواجية المعايير الفاضحة. ففي حين هبّ العالم سريعاً للوقوف إلى جانب أوكرانيا مثلاً، لم تحظَ غزة بالقدر ذاته من التضامن الأخلاقي والإنساني في دهاليز السياسة الدولية، بل عانت ما بين الصمت أحياناً، والتبرير أحياناً أخرى، والإدانات التي لا ترقى إلى مستوى الفعل لوقف ما يوصف بأنه ضمن أسوأ الكوارث الإنسانية، وأكثر الجرائم قسوة منذ عقود. صحيح أن هناك دولاً قليلة تبنت مواقف شجاعة، وهناك آلاف المظاهرات التي خرجت حول العالم، بينما عمدت بعض الجامعات والنقابات إلى إعادة النظر في علاقاتها بالمؤسسات المرتبطة بالاحتلال الإسرائيلي، لكنها لم تكن كافية لفرض التحول المطلوب لأن أكثر الدول لا تريد اتخاذ خطوات جدية لمعاقبة إسرائيل وعزلها، وإلزامها بإدخال المساعدات الإنسانية، وفقاً للقوانين الدولية، بل إنه في أميركا قامت إدارة ترمب بملاحقة الجامعات وحتى الطلاب لقمع المظاهرات والاحتجاجات ضد إسرائيل. إن ما يجري في غزة لا يختبر فقط حدود القانون الدولي، بل يختبر الإنسانية ذاتها. فإذا كان «الضمير العالمي» لا يُفعّل إلا عندما تتطابق الضحية مع هوى القوى الكبرى، فكيف يمكننا الوثوق به كمبدأ جامع للبشرية؟

الخارجية الأميركية تحقق في مشاركة جامعة هارفارد ببرنامج تبادل الزوار
الخارجية الأميركية تحقق في مشاركة جامعة هارفارد ببرنامج تبادل الزوار

الشرق السعودية

timeمنذ ساعة واحدة

  • الشرق السعودية

الخارجية الأميركية تحقق في مشاركة جامعة هارفارد ببرنامج تبادل الزوار

قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، الأربعاء، إن الوزارة فتحت تحقيقاً في أهلية جامعة هارفارد كراعٍ في برنامج تبادل الزوار، في الوقت الذي تستهدف فيه إدارة الرئيس دونالد ترمب أقدم وأغنى جامعة في الولايات المتحدة. وأضاف روبيو: "للحفاظ على ميزة رعاية برنامج تبادل الزوار، على الرعاة الامتثال لكل اللوائح، بما في ذلك تنفيذ برامجهم بطريقة لا تُقوّض أهداف السياسة الخارجية أو تعرض مصالح الأمن القومي الأميركي للخطر". وتابع: "سيضمن التحقيق ألا تتعارض برامج وزارة الخارجية مع مصالح أمتنا". وصارت جامعة هارفارد محوراً رئيسياً في حملة الإدارة الأميركية واسعة النطاق الرامية إلى استغلال التمويل الاتحادي في فرض تغيير على الجامعات الأميركية التي يقول ترمب إن معتقدات معادية للسامية "ويسارية متطرفة" تسيطر عليها. ومن ضمن أولى الإجراءات التي اتخذتها الإدارة الأميركية ضد الجامعة إلغاء مئات المنح المقدمة للباحثين على أساس أن الجامعة لم تبذل الجهد الكافي للتصدي لمضايقة الطلاب اليهود في حرمها الجامعي. "معايير الاعتماد" وفي 10 يوليو الجاري صعدت إدارة ترمب خلافها مع جامعة هارفارد، وأعلنت أن الجامعة ربما لم تعد تلتزم بمعايير الاعتماد، وذكرت أنها ستستدعيها لتقديم سجلات طلابها الدوليين. وذكرت وزارة التعليم ووزارة الصحة والخدمات الإنسانية أنهما أخطرتا رسمياً (لجنة نيو إنجلاند للتعليم العالي) المُصدرة لاعتماد هارفارد بأن الجامعة انتهكت قانون مكافحة التمييز الاتحادي من خلال إخفاقها في حماية الطلاب اليهود والإسرائيليين في الحرم الجامعي. وأضافتا أن هناك "أدلة قوية تشير إلى أن الجامعة ربما لم تعد تلتزم بمعايير الاعتماد التي وضعتها اللجنة". ومن غير المقرر أن تجري اللجنة، وهي جهة اعتماد غير ربحية، تقييماً شاملاً لجامعة هارفارد مجدداً قبل منتصف عام 2027. وأكدت اللجنة تسلمها خطاب الوزراتين لكنها قالت إن الحكومة الاتحادية لا يمكنها توجيهها لإلغاء اعتماد أي جامعة، وأن الجامعة التي يثبت انتهاكها لمعاييرها قد تُمنح مهلة تصل إلى 4 سنوات للامتثال. وقالت جامعة هارفارد في بيان حينها إنها "ستظل ماضية في جهودها لحماية مجتمعها ومبادئها الأساسية ضد الانتقام غير المبرر من قبل الحكومة الاتحادية".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store