
شظايا إسرائيل وإيران تهدّد مصر... انحباس الغاز وهبوط الجنيه ينذران بموجات تضخم جديدة
أثرت الضربات المتبادلة بين
إسرائيل وإيران
على الاقتصاد المصري سريعاً، إذ تعطلت مصانع الأسمدة والبتروكيماويات، بعدما أوقفت الشركة القابضة للغاز الإمدادات، عقب انحباس الغاز الإسرائيلي إثر وقف الإنتاج من حقلَي "ليفياثان" و"تمار" الإسرائيليَين في أعقاب اندلاع العدوان على إيران.
وتراجع الجنيه المصري أمام الدولار، بمعدل 50 قرشاً رسمياً، وجنيه واحد في السوق الموازية، وارتفعت خدمة فوائد الديون السيادية، وخيّمت مخاوف من تعطل حركة السفن وشحن الواردات، ما ينذر بزيادة أسعار السلع ومستلزمات الإنتاج. وفوجئ الشارع المصري بانقطاع الغاز الإسرائيلي عن الشبكة الوطنية للغاز، يوم الجمعة الماضي، بما أحدث ارتباكاً لدى وزارة البترول التي لجأت إلى تخفيض أحمال الغاز المتّجه إلى مصانع الأسمدة، وتعطيلها عن العمل لمدة 72 ساعة على الأقل، مع مطالبة المصانع المستهلكة للمحروقات والطاقة بتخفيف معدلات التشغيل، وتوجيه شركات إنتاج الكهرباء للعمل بالماوزت.
وعبّر أعضاء في غرفة التجارة عن خشيتهم من امتداد أمد الصراع بين إسرائيل وايران، ودخول المنطقة في حالة من الفوضى، تؤثر على مرور سفن الشحن في مضيقَي هرمز وباب المندب، بما ينعكس سلباً على حركة التجارة الدولية المارة في البحر الأحمر وقناة السويس، التي فقدت بالأساس 60% من إيراداتها خلال العدوان الإسرائيلي على غزة خلال عام 2024،
وأشارت شعبة اللوجستيات في الغرفة التجارية إلى الإنذار الذي وجّهته اليونان وبريطانيا، نهاية الأسبوع، لسفن الشحن التجارية، التابعة للدولتَين بتجنّب الإبحار عبر خليج عدن وباب المندب، وتتبع جميع الرحلات المارة في مضيق هرمز عن كثب، واتخاذ الحيطة وأعلى درجات الأمن وتخفيض أفراد الطاقم على سطح السفن أثناء العبور في تلك المناطق، خشية تعرضها لضربات مفاجئة.
ويتوقع اقتصاديون أن تدفع زيادة أسعار النفط والغاز والواردات، معدلات التضخم إلى المستويات القياسية التي بلغتها عام 2023، والتي فاقت 34% على أساس سنوي، بعد تراجعها إلى متوسطات مستهدفة عند 20% في نهاية العام الجاري 2025.
طاقة
التحديثات الحية
مصر تخفف أحمال الغاز بمصانع الأسمدة لمواجهة نقص الإمدادات الإسرائيلي
أعرب خبير التمويل والاستثمار، وائل النحاس، عن مخاوفه من تزايد ضغوط تأثيرات حالة الاضطراب الجيو سياسي وأجواء الحرب الواسعة في المنطقة، على الجنيه المصري الذي فقد نحو 50 قرشاً في نهاية تعاملات الأسبوع، مع أولى ساعات الحرب بين إسرائيل وإيران، وتراجعه في العقود الآجلة بنحو 127 قرشاً للجنيه، ليصل إلى 60.29 جنيهاً مقابل 58.62 جنيهاً صباح الخميس الماضي، لافتاً إلى إمكانية تزايد هذه الهوة، في حالة خروج الأموال الساخنة من سوق السندات وأدوات الدين المحلية، التي يعول البنك المركزي عليها في زيادة الغطاء النقدي من الدولار.
وارتفعت تكلفة التأمين على الديون السيادية المصرية لأجل خمس سنوات، بنسبة 0.71%، منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على إيران، لتسجل 5.71%، في ظاهرة مثيرة للقلق في ظل تراجع معدلات الفائدة على السندات بالدولار في الأسواق الدولية إلى مستويات أقل من 4.25%.
وأشار النحاس إلى قفزات فورية في أسعار النفط لتصل إلى 74 دولاراً للبرميل، مشيراً إلى أنه في حال استمرار زيادة أسعار النفط فسيؤدي ذلك إلى ارتفاع كبير في أسعار مستلزمات الإنتاج والتشغيل، خاصة في الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة التي تمثل المحروقات بها نحو 40% من قيمة تكلفة التشغيل، بما يرفع من مخاطر الاستثمار ويضغط على الجنيه والأسهم المتداولة في البورصة.
وكشفت مصادر مسؤولة في وزارة البترول لـ"العربي الجديد" عن تلاقي ثلاث مشاكل دفعة واحدة، لتشكل أكثر أزمة للقطاع، وهي توقف إمدادات الغاز من حقلَي "ليفياثان" و"تمار" الإسرائيليَين عن الشبكة الوطنية للغاز، التي تقدر ما بين 800 مليون إلى 850 مليون قدم مكعبة يومياً، بينما كان من المقرّر أن تصل إلى 1.2 مليار قدم مكعبة يومياً، اعتباراً من أول يونيو/حزيران الجاري، لمساعدة مصر على مواجهة تراجع معدلات ضخ الغاز خلال موسم ذروة الاستهلاك الصيفي الممتد من الشهر الجاري إلى أول سبتمبر/أيلول المقبل، في محطات توليد الكهرباء والمصانع والقطاعات التجارية والخدمة من الغاز والكهرباء.
وأشارت المصادر إلى أن المشكلة الثانية تتمثل في أن الوزارة فوجئت بخفض شركات إنتاج الغاز من الحقول المحلية المتراجع إلى مستويات متدنية قياسية بالأساس، إذ لا تزيد عن 3.7 مليارات قدم مكعبة يومياً، وذلك بسبب عدم سداد وزارة البترول ستة مليارات دولار مستحقات متأخرة لصالح المستثمرين الأجانب، الذين يرغبون في تصدير حصتهم من الإنتاج إلى الأسواق الدولية، بحثاً عن موارد فورية بالدولار، تساعدهم على تعويض الاستثمارات المدفوعة في حقول الغاز والصرف على مشروعات تنمية الحقول التي تضغط وزارة البترول لإتمامها، بهدف العودة بالإنتاج إلى مستويات تزيد عن ستة مليارات قدم مكعبة يومياً بحلول عام 2027.
والمشكلة الثالثة، وفقاً للمصادر في وزارة البترول، تتمثل في اتفاق وزارة البترول على تأمين العجز الكبير في مصادر الغاز عبر شراء حوالى 160 شحنة من الغاز المُسال من السوق الفورية الدولية، تكفي حتى نهاية العام، دون تهيئة الأوضاع اللوجستية في الموانئ المصرية لاستقبال تلك الشحنات التي أصبحت تمثل نحو 50% من احتياجات البلاد اليومية من الغاز الطبيعي، إذ وصلت ثلاث سفن "تغويز" (تحويل الغاز من صورته السائلة إلى طبيعي) بكلٍّ من محطة "تحيا مصر" في ميناء الإسكندرية على البحر المتوسط شمال البلاد، و"العين السخنة" في جنوب ميناء السويس (شرق)، دون أن تجهز بأنظمة الربط مع الشبكة القومية للغاز، والتي تحتاج إلى أيام عدّة لإتمام عملية الربط، بما يضم ضخ الغاز المستورد للشبكة الوطنية الموحدة، بدون مشاكل فنية، تظهر ضعف معدلات التوريد لمصانع الأسمدة.
أسواق
التحديثات الحية
المخاوف من التوترات السياسية تهبط بالأسهم المصرية
وأشارت المصادر إلى أنه رغم ارتفاع قيمة المخصّصات المالية الموجهة لاستيراد الغاز المُسال من ثلاثة مليارات دولار إلى ثمانية مليارات دولار خلال العام الجاري، والاتفاق المسبق على تلبية احتياجات البلاد كافة من الغاز، بما لا يعرض المستهلكين إلى انقطاع التيار الكهربائي أو تخفيض معدلات ضخ الغاز للمصانع، فإن المشاكل اللوجيستية، تتعلق بسرعة ربط محطات التغويز بالشبكة الوطنية للغاز، خاصة مع انتظار وصول ثلاث سفن تغويز أخرى من تركيا وأوروبا للعمل، ابتداء من يوليو/تموز المقبل إلى بداية عام 2026.
في المقابل قال خبير هندسة البترول والطاقة، جمال القليوبي، إن وزارة البترول اتخذت إجراءات احترازية لمواجهة النقص في واردات الغاز من إسرائيل، منذ أسبوعَين، حينما أبلغت الشركات الإسرائيلية وزارة البترول، بأنها ترغب في خفض كميات الغاز، لعمل صيانة لخطوط الربط بين شبكة الغاز الوطنية والحقول الإسرائيلية، وهو الأمر الذي عجّل بطلب شحنات كبيرة من الغاز المُسال، وتوفير أربع سفن للتغويز، مؤكداً أن الغاز المُسال المستورد سيجري تحويله للشبكة الموحدة من محطة ميناء الإسكندرية والسويس بعيداً عن مناطق الاضطراب العسكري.
وأشار القليوبي، في اتصال مع "العربي الجديد"، إلى احتفاظ وزارة البترول باحتياطيِّ كميات كبيرة من المحروقات التي تشمل الغاز والبنزين والسولار والمازوت، تكفي احتياجات البلاد لمدة 45 يوماً، بما يمنح مصر القدرة على تحمل الاضطرابات التي قد تشهدها المنطقة وأسواق الطاقة، بسبب الحرب الإسرائيلية، مشدداً على قدرة الحكومة على مواجهة اضطراب حركة الشحن الدولي للغاز، في حال استمرار الحرب، لتنوّع مناطق وصول الشحنات بين الموانئ في غرب وشرق وجنوب البلاد، بما يضمن تدفق المحروقات وتشغيل محطات التوليد كافّة.
وفي السياق، قال خبير اقتصاديات البترول ومستشار مجلس الوزراء محمد فؤاد، إن توقف تشغيل الآبار الإسرائيلية، إجراء احترازي قد يستمر ما بين يومين إلى ثلاثة أيام أسوة بغلق المطارات والأجواء في الأراضي المحتلة، مبيناً أن تراجع كميات الغاز التي تحتاجها الشبكة بنحو 850 مليون قدم مكعبة يومياً، يضطر وزارة البترول إلى العودة لسيناريوهات تخفيف الأحمال بشبكات الغاز، بما يعادل نفس الكمية المتراجعة، من إسرائيل، والتي تبدأ عادة بوقف تشغيل مصانع الأسمدة والبتروكيماويات وتخفيف الضخ للمناطق الصناعية الكبرى، مع زيادة اعتماد محطات توليد الكهرباء على الماوزت والغاز المُسال القادم من الخارج بكفاءة خلال الفترة المقبلة، بغض النظر عن دوام حالة الحرب من عدمها.
وأضاف فؤاد في تصريح لـ"العربي الجديد" أن أزمة الإمدادات الإسرائيلية تأتي مع ذروة استهلاك الكهرباء بسبب ارتفاع درجات الحرارة، وزيادة الاعتماد على أجهزة التكييف، بما يتطلبت الإسراع في تعزيز قدرات قطاع البترول في إعادة تغويز الغاز المُسال من خلال وحدات عائمة جديدة.
أسواق
التحديثات الحية
النفط يقفز بأكبر وتيرة منذ 3 سنوات وأسواق المال تهتز
وكانت مصادر مطلعة في قطاع الطاقة قد كشفت أنّ مصر أبرمت اتفاقيات خلال الأسابيع الأربعة الماضية، مع عدد من شركات الطاقة العالمية، من بينها "أرامكو" السعودية و"ترافيغورا" سنغافورة و"فيتول" هولندا، لشراء ما بين 150 و160 شحنة من الغاز الطبيعي المُسال بقيمة تتجاوز ثمانية مليارات دولار، لتأمين احتياجاتها من الكهرباء حتى نهاية عام 2026.
جاء التحرك في إطار توجه استراتيجي يهدف إلى تأمين إمدادات مستقرّة من الغاز وتقليل الاعتماد على السوق الفورية، في ظل انخفاض الإنتاج المحلي وتزايد الضغط على الشبكة الوطنية للطاقة.
وأدى تراجع الإنتاج من الحقول المحلية، بالتزامن مع تزايد عدد السكان وارتفاع درجات الحرارة، إلى زيادة الطلب محلياً، ما جعل مصر مستورداً رئيسياً. وسيُستخدم ما بين 50 و60 شحنة من المتفق عليها لتغطية الطلب خلال الصيف هذا العام، والباقي حتى 2026، ويأتي ذلك بالإضافة إلى 75 شحنة اشترتها القاهرة بالفعل هذا العام. وسيبلغ إجمالي الشحنات 235 شحنة للعامَين الحالي والمقبل. وجاء سعر الشحنات بعلاوة تتراوح بين 0.70 و0.75 دولار عن سعر الغاز القياسي الأوروبي في مركز "تي.تي.إف" الهولندي، مع إمكان تأجيل الدفع تسعة أشهر.
وكانت مصر حتى عام 2022 من بين الدول المصدّرة للغاز المُسال في المنطقة، مدعومة بحقول ضخمة مثل "ظهر" في البحر المتوسط، غير أن تراجع الإنتاج منذ النصف الثاني من عام 2023 إلى متوسط 4.4 مليارات قدم مكعبة يومياً، مقارنة باحتياجات داخلية تتجاوز 6.2 مليارات قدم مكعبة، دفع البلاد إلى سدّ فجوة استهلاك يومية تقدّر بـ1.8 مليار قدم مكعبة من خلال الواردات.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 4 ساعات
- العربي الجديد
صدمة في البورصة المصرية تفقدها 6.2% من مؤشرها وارتفاع الدولار وترقب في الأسواق
تعرضت البورصة المصرية، أمس الأحد، لصدمة كبرى فقدت على إثرها نحو 6.2% من مؤشرها، أي ما يعادل 2500 نقطة، بقيمة قدرتها تقديرات الخبراء بنحو 180 مليار جنيه من رأسمالها السوقي. في حين، شهدت جلسات البورصة هبوطاً حاداً مع بداية الأسبوع، متأثرة بموجة ذعر سادت الأسواق الإقليمية والعالمية عقب العدوان الإسرائيلي على إيران والمستمر منذ ثلاثة أيام، ما أثار مخاوف واسعة من انزلاق المنطقة إلى مواجهات عسكرية أوسع قد تخلخل الاستقرارين الاقتصادي والسياسي في الشرق الأوسط. وأرجع باسم عادل، مدير مبيعات الأفراد في الأهلي فاروس لتداول الأوراق المالية، التراجع الكبير إلى صدمة الحرب وآثارها المتوقعة، مؤكداً أن الهبوط القوي لمؤشر البورصة من مستوى 32,511 نقطة إلى 30,474 نقطة شهد بعض التماسك في الجلسة المسائية، مما أوقف نزيف الخسائر التي هبطت إلى مستوى قياسي محقق منذ عام بنسبة 7.7%، ليعاود المؤشر الارتفاع مجدداً بما قلل من حجم الخسائر نسبياً. وأكد خبير في سوق المال أن التخوف سيظل قائماً طالما استمرت الحرب وأجواؤها المشتعلة في المنطقة، موضحاً أن خروج المستثمرين الأجانب كان من بين العوامل التي زادت من حدة الهبوط، كما تسبب في الضغط على طلب الدولار الذي ارتفع في البنوك، نتيجة زيادة الطلب وخروج الأموال الساخنة من الاستثمار في أدوات الدين المحلية ومن الأسواق الناشئة بحثاً عن ملاذات آمنة. في المقابل، شهد المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية EGX30 موجة بيع جماعية شملت مختلف القطاعات، خاصة الأسهم القيادية في قطاعات العقارات والبنوك والطاقة. ويأتي هذا التراجع متزامناً مع انخفاضات مماثلة شهدتها بورصات خليجية كالسعودية ودبي وقطر، بفعل المخاوف من تداعيات العمليات العسكرية بين طهران وتل أبيب، واحتمال اتساع نطاق الحرب في المنطقة. في هذا السياق، رصد "العربي الجديد" تراجعاً في قيمة الجنيه أمام الدولار في البنوك بمتوسط 80 قرشاً، إذ بلغ الحد الأدنى لسعر الشراء بالبنوك الرسمية 55.65 جنيهاً، وللبيع بلغ الحد الأعلى نحو 55.88 جنيهاً، بزيادة جنيه كامل عن الأسعار السائدة نهاية الأسبوع الماضي، بينما ظل سعر الدولار في البنك المركزي عند 49.71 جنيهاً للشراء و49.85 جنيهاً للبيع، فيما بلغ في السوق الموازية نحو 52.30 جنيهاً. ويعكس استمرار الطلب المرتفع على العملة الصعبة، خاصة مع قلق المستثمرين من تأثير الصراع على موارد النقد الأجنبي ، لا سيما من السياحة والاستثمار الأجنبي. وذكر محلل مالي لـ"العربي الجديد" أن تراجع الجنيه المصري أمام الدولار يرجع إلى هشاشة الاقتصاد وارتفاع الطلب الحكومي على الدولار لتدبير احتياجات البلاد الأساسية، خصوصاً المحروقات، بعد توقف إمداد إسرائيل بالغاز الطبيعي إلى الشبكة الوطنية. أسواق التحديثات الحية المخاوف من التوترات السياسية تهبط بالأسهم المصرية ارتفاع أسعار الذهب وسط تخوفات من انهيارات مالية أما سوق الذهب، فقد استجاب بدوره لتطورات المشهد الجيوسياسي، فقد شهدت الأسعار المحلية ارتفاعاً ملحوظاً، تماشياً مع ارتفاع السعر العالمي للأونصة. وبلغ سعر الذهب عيار 21 نحو 4895 جنيهاً للغرام، فيما وصل سعر أونصة الذهب في السوق المحلي إلى نحو 174 ألف جنيه. ويُعزى هذا الارتفاع إلى لجوء المستثمرين إلى الذهب ملاذاً آمناً في أوقات الأزمات وعدم اليقين، وسط تخوفات من انهيارات مالية إذا استمر التصعيد العسكري في المنطقة. ومن جانبهم، يرى محللون أن هذه المؤشرات تعكس حساسية الاقتصاد المصري الشديدة تجاه التوترات الإقليمية، لا سيما في ظل ارتباطه الوثيق بأسواق الطاقة والتجارة الدولية، بالإضافة إلى اعتماده على تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية والسياحة. كما أن أي اتساع محتمل للصراع في الخليج أو مضيق هرمز سيهدد بإرباك سلاسل الإمداد ورفع كلفة الاستيراد، ما قد ينعكس سريعاً على التضخم وسعر الصرف. وينتظر المستثمرون في مصر ما ستسفر عنه التطورات السياسية والعسكرية في الأيام المقبلة، وكذلك مدى تدخل البنك المركزي المصري لضبط سوق الصرف والحفاظ على الاستقرار النقدي. كما تتصاعد التوقعات بأن يتجه "المركزي" إلى تشديد السياسة النقدية مجدداً إذا استمر الضغط على الجنيه وتفاقم التوتر الجيوسياسي. وفي سياق متصل، قال رئيس لجنة التجارة الداخلية بشعبة المستوردين باتحاد الغرف التجارية متى بشاي، إن تداعيات الحرب الإسرائيلية – الإيرانية تلقي بظلالها على الاقتصاد العالمي، مشيراً إلى أن الدولة المصرية تتحرك بثبات لحماية أسواقها وتعزيز أمنها الغذائي. وفيما يخص تأثير الحرب، أوضح بشاي أن تداعياتها لن تظهر فوراً، لكنها قد تمتد على المدى الطويل إذا استمر الصراع، مؤكداً أن مصر تتحرك بخطى واثقة لتعزيز مخزونها من السلع الغذائية، في خطوة تعكس وعياً استراتيجياً بتأمين احتياجات المواطنين في أوقات الأزمات. وأوضح بشاي، في تصريح صحافي، أن الحكومة اتخذت خطوات استباقية لتأمين مخزون استراتيجي من السلع الأساسية يكفي لتغطية احتياجات المواطنين لأكثر من ستة أشهر، تنفيذاً لتوجيهات القيادة السياسية. وأشار إلى أن وزير التموين والتجارة الداخلية، شريف فاروق، أكد أن مدد الكفاية الاستراتيجية للسلع الأساسية تتجاوز حاجز الستة أشهر، وهو ما يعكس الجاهزية العالية للدولة وقدرتها على التعامل مع أي مستجدات دون التأثير على استقرار الأسواق أو توافر السلع. وبيّن أن احتياطي القمح يكفي لأكثر من ستة أشهر، والسكر والأرز لـ12 شهراً، والزيوت النباتية لأربعة أشهر، بينما تمتد الكفاية الاستراتيجية للحوم والدواجن إلى 12 شهراً أيضاً، ما يمنح السوق المحلي حالة من الثبات والطمأنينة. وأضاف أن الحكومة توفر السلع عبر المنافذ المدعومة مثل "سوق اليوم الواحد" ومبادرة "كلنا واحد"، لتقليل الأعباء على المستهلكين وضمان توازن السوق. كما أشار إلى أن السلع الاستهلاكية غير الغذائية متوفرة بكثرة لدى التجار والمستوردين، سواء في الأدوات الكهربائية أو المنزلية والصحية، إلى جانب الملابس والأحذية وغيرها.


العربي الجديد
منذ 4 ساعات
- العربي الجديد
روسيا المستفيد الخفي من حرب إيران وإسرائيل
يهدد التصعيد الإيراني - الإسرائيلي بإغلاق مضائق النفط الحيوية، محوِّلًا سوق الطاقة العالمية إلى رهان جيوسياسي تتربح منه روسيا، مع احتمالية صعود سعر البرميل إلى 130 دولاراً. بالإضافة إلى ذلك، فإن تعطيل إمدادات الخليج يهدد حلفاء الكرملين الاستراتيجيين، بينما تسرّع الأزمة تحول الغرب عن النفط الروسي. وفي هذا السياق، صرّح عضو مجلس الاتحاد الروسي أليكسي بوشكوف عبر قناته على "تلغرام"، بأن التصعيد العسكري الأخير بين إيران وإسرائيل يحمل تداعيات خطيرة على الاقتصاد العالمي، ولا سيما أسواق النفط، مشيراً إلى احتمال تسبب هذا الصراع في ارتفاع حاد بأسعار النفط. وحذّر بوشكوف، في منشور، يوم السبت، من أن إيران قد تلجأ إلى إغلاق مضيق هرمز، الرابط بين الخليج العربي والمحيط الهندي، وهو ما قد يتزامن مع إقدام جماعة الحوثيين في اليمن على إغلاق مضيق باب المندب المؤدي إلى البحر الأحمر وقناة السويس. وأوضح أن حصول مثل هذا السيناريو سيشكّل ضربة لاستقرار السوق النفطية العالمية، وسيدفع الأسعار للصعود بشكل كبير، متوقعاً أن أي اضطرابات، ولو جزئية، في إمدادات النفط القادمة عبر الخليج العربي، ستؤدي إلى ارتفاع الأسعار لتتراوح بين 110 و130 دولاراً للبرميل في ظل ظروف الحرب الراهنة. وكانت تقارير سابقة من أوكرانيا قد نبّهت إلى أن تفاقم الوضع في الشرق الأوسط سينعكس سلباً على الاقتصاد العالمي، مع ارتفاع أسعار النفط، الأمر الذي سيعود بمنافع على الاقتصاد الروسي. من جهتها، قالت الباحثة الاقتصادية الروسية فيكتوريا كالينوفا لـ"العربي الجديد" إن التصعيد الأخير بين إيران وإسرائيل يضع روسيا أمام فرصة استراتيجية نادرة، وارتفاع أسعار النفط سيعزز عائداتنا الهيدروكربونية، خاصة مع تحول أوروبا نحو النفط الروسي عبر وسطاء آسيويين بعد العقوبات. هذا سيمكن موسكو من تعزيز احتياطيات النقد الأجنبي، وتمويل برامج التنمية في قطاعات التصنيع والتكنولوجيا، وتعويض خسائر العقوبات الغربية بشكل كبير. وأضافت كالينوفا أن أي انقطاع فعلي لإمدادات النفط عبر مضيق هرمز سيضر بشدة بالحلفاء الرئيسيين مثل الصين والهند، والذين يعتمدون على نفط الخليج. الأهم هو أن التضخم العالمي الناتج قد يدفع البنوك المركزية لرفع الفائدة، مما يعقّد جهود روسيا لإعادة هيكلة الديون الخارجية. وأوضحت أن الحل الأمثل لموسكو يكمن في الوساطة بين إيران وإسرائيل، وأشارت إلى أنه يجب التركيز على ضمان استمرار تدفق النفط عبر الممرات البحرية، مقابل ضمانات أمنية لإيران، ونجاح روسيا في هذه الوساطة سيرفع مكانتها بصفتها ضامناً لأمن الطاقة العالمي. اقتصاد دولي التحديثات الحية روسيا تسعى لتعزيز التجارة مع الدول العربية والإسلامية وفي إطار متصل، أجرى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اتصالاً هاتفياً بنظيره الإيراني عباس عراقجي، يوم السبت، أعرب خلاله عن إدانة موسكو لاستخدام إسرائيل القوة ضد إيران، مؤكداً استعداد بلاده للمساعدة في تهدئة الأوضاع بالمنطقة. ونقل بيان لوزارة الخارجية الروسية، أوردته وكالة "رويترز"، تقديم لافروف التعازي للضحايا الإيرانيين الذين سقطوا في الضربات الإسرائيلية، مع إعلانه استمرار روسيا في جهودها لحل القضايا العالقة حول البرنامج النووي الإيراني . وجاءت المكالمة ردّاً على الهجوم الإسرائيلي الواسع الذي استهدف المواقع النووية والعسكرية الإيرانية فجر الجمعة، والرد الإيراني اللاحق. كما أعلن الكرملين، يوم الجمعة، عن اتصال الرئيس فلاديمير بوتين برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إذ أبلغه استعداد موسكو للتوسط بين إسرائيل وإيران. وحذّر بوتين من خطورة التصعيد، مؤكداً ضرورة حل الملف النووي عبر الدبلوماسية، وعرض شخصياً الوساطة لمنع موجة تصعيد جديدة، محذراً من "تداعيات مدمّرة على المنطقة بأسرها". كما تواصل بوتين هاتفياً مع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، ونقل التلفزيون الإيراني تصريح بزشكيان بأن "الكيان الصهيوني سيتلقى رداً مناسباً"، معتبراً الاعتداء الإسرائيلي مخالفاً للقانون الدولي. من جانبه، أدان بوتين الهجمات على الأراضي الإيرانية، وقدم تعازيه في ضحاياها من المدنيين والعسكريين والعلماء، مؤكداً تضامن روسيا مع إيران، وكشف أنه نقل لإسرائيل قلقه من هذه "الانتهاكات الصارخة للقانون الدولي". بدوره، أكد الرئيس الإيراني مجدداً أن بلاده لا تسعى لامتلاك سلاح نووي، مع استعدادها لتقديم ضمانات للجهات الدولية المختصة.


العربي الجديد
منذ 9 ساعات
- العربي الجديد
الإيرانيون يخزنون السلع... ومخاوف إسرائيلية من استنزاف طويل
تسيطر المخاوف على الأسواق الإيرانية والمستهلكين من اندلاع حرب واسعة مع إسرائيل، حيث شهدت محطات الوقود والمخابز في بعض المناطق إقبالاً متزايداً، أمس، لتخرج وزارة الزراعة وتعلن توفر السلع في المتاجر ومنافذ التوزيع، مشيرة إلى أن المخزونات الاستراتيجية كافية، في محاولة لتهدئة الخائفين من مقبل الأيام. ولم تظهر تداعيات الهجمات الإسرائيلية، التي بدأت فجر الجمعة الماضي، فوراً في الأسواق الإيرانية، نظراً لأن الأسواق كانت مغلقة وهو يوم عطلة رسمية، إلا أنه مع بدء السوق الموازي للعملات نشاطه الجزئي، أمس السبت، رغم أنه عطلة أيضاً، بدأت تظهر تدريجياً الآثار الاقتصادية للمواجهة العسكرية، إذ ارتفع سعر صرف الدولار، وازدادت أسعار الذهب، وسط توقعات بأن استمرار التصعيد من شأنه أن يزيد من تعقيد الأوضاع المعيشية ويزعزع استقرار الأسواق أكثر. وقال المتعامل في سوق الصرف غلام رضا، لـ"العربي الجديد"، إن سعر الدولار سجل قفزات، أمس، إلى 960 ألف ريال (96 ألف تومان)، بزيادة قدرها 130 ألف ريال مقارنة بيوم الخميس الماضي. وأشار رضا إلى أن أسعار الذهب سجلت ارتفاعاً أيضاً متأثرةً بصعود الدولار، إذ يلجأ المواطنون عادة في مثل هذه الظروف إلى شراء المعدن النفيس كونه خياراً آمناً للحفاظ على قيمة مدخراتهم. في المقابل، أكد وزير الجهاد الزراعي الإيراني، غلامرضا نوري قزلجه، في تصريحات، أمس، أن تأمين السلع الأساسية في البلاد "مستمر بوتيرته الاعتيادية، ولا توجد أي مشكلة في هذا الجانب"، مشيراً إلى أن إنتاج المحاصيل وتوفير السلع الرئيسية يسيران كما في السابق. وأضاف الوزير، وفقاً لوكالة تسنيم المحافظة، أنه "بالنظر إلى الظروف الراهنة، تم تكثيف الجهود والتعاون بين المنتجين والمورّدين، وجميع الفاعلين في سوق المواد الغذائية والسلع الأساسية يعملون بكل جدية لتنظيم السوق"، مشدداً على أن السلع الضرورية متوافرة بكثرة في الأسواق والمتاجر ومراكز التوزيع، وأن المخزونات الاستراتيجية كافية. وأوضح أن الحكومة ووزارة الجهاد الزراعي تتابعان عن كثب أوضاع السوق، وتديران عمليات التوريد وتنظيم السوق من خلال اجتماعات تنسيقية لمواكبة التطورات والبحث عن الحلول المناسبة. كما أشار إلى اتخاذ قرارات لتسريع عملية الإفراج عن السلع من الجمارك والموانئ، وتسهيل تسجيل الطلبات وتوفير العملة للموردين وتسوية مستحقاتهم المالية، موضحاً أن صرف مستحقات المزارعين ومنتجي القمح وتوزيع السلع يتم تحت إشراف تام من الوزارة والجهات الرقابية، "ولا توجد أية معوقات في هذا الشأن". أسواق التحديثات الحية النفط يقفز بأكبر وتيرة منذ 3 سنوات وأسواق المال تهتز ودعا وزير الجهاد الزراعي الإيراني المواطنين إلى عدم القلق بشأن وفرة السلع الأساسية، قائلاً: "لحسن الحظ نحن في موسم الإنتاج الزراعي والمنتجون والمورّدون يبذلون جهوداً كبيرة، لذلك ليست هناك حاجة لتخزين أو شراء السلع بشكل مسبق". وفي رسالة إلى الشعب الإيراني، دعا الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، أول من أمس الجمعة، إلى الحفاظ على وحدة وتماسك الصف الوطني، وتجنب الانجرار وراء "الشائعات والأخبار غير الصحيحة التي سيعمل العدو على بثها ضمن حربه النفسية، والثقة بالمسؤولين والتعاون معهم لتخطي هذه المرحلة بقوة أكبر". كما طمأن المواطنين بأن "الحكومة الإيرانية ستواصل تقديم الخدمات للشعب بكامل إمكاناتها ولن يُسمح بحدوث أي خلل في سير الحياة اليومية". وكان الاحتلال الإسرائيلي قد شنّ فجر الجمعة عدواناً واسعاً استهدف مواقع نووية وعسكرية وأحياء سكنية في إيران، ما أدى إلى مقتل عدد من كبار القادة العسكريين ونحو 80 مواطناً إيرانياً، فيما ردت إيران مساء الجمعة بهجمات صاروخية واسعة على إسرائيل. مخاوف إسرائيلية من استنزاف طويل الأمد في الجهة المقابلة، ذكرت صحيفة كالكاليست الإسرائيلية في تقرير لها أن الحرب مع إيران تحمل واحداً من سيناريوهين لإسرائيل: إما انتعاش جميع المؤشرات في حال نجاح الضربات الإسرائيلية في إزالة التهديد الإيراني أو حرب استنزاف من شأنها أن تزيد من الإنفاق الأمني وتدفع إسرائيل إلى نقطة انهيار خطيرة. وأشارت الصحيفة الإسرائيلية إلى أن السيناريو الأول هو السيناريو المتفائل، في ضوء أداء الجيش الإسرائيلي والموساد، ودعم الولايات المتحدة، والموافقة الضمنية من معظم الدول الغربية على ضرب إيران، لافتة إلى أنه إذا زال التهديد الإيراني، فسيبدأ عهد جديد يُنعش جميع المؤشرات الاقتصادية الكلية الرئيسية للاقتصاد الإسرائيلي، وعلى رأسها النمو من خلال الاستثمارات وتوقعات انخفاض العجز والدين، وتحسين شبه فوري في التصنيف الائتماني لإسرائيل، خاصة أن زوال هذا التهديد يأتي بعد زوال تهديدات حماس في غزة وحزب الله اللبناني ونظام الأسد في سورية. لكنها حذرت من سيناريو آخر، يتمثل في حرب استنزاف طويلة الأمد أشبه بالحرب الإيرانية العراقية، وتتطلب إنفاقاً عسكرياً طويل الأمد، وفي مثل هذا السيناريو، لن تنخفض علاوة المخاطر، ولن ينخفض العجز والدين، بل ستتعقد قدرة إسرائيل على الاقتراض من الأسواق الدولية، وسيتطلب خفضاً أكبر في الإنفاق المدني، وهو ما يُشكل تهديداً حقيقياً على المدى الطويل، خاصةً أن مستوى الإنفاق المدني في إسرائيل أقل بالفعل من متوسط دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بنسبة تتراوح بين 3% و4%، وأشارت إلى أن زيادة الإنفاق على الحرب ستقود إلى زيادات ضريبية، وقد يدفع هذا الاقتصاد إلى نقطة هشة وخطيرة.