
أخبار العالم : رسائل من الغُربة: سوريون بين كسر حاجز الخوف وفقدان الأمان
الاثنين 21 أبريل 2025 12:15 صباحاً
نافذة على العالم - صدر الصورة، Getty Images
Article information Author, سوزانا قسوس
Role, بي بي سي نيوز عربي
قبل 5 ساعة
مع مرور الوقت، تمر أيام ستُخلّد بالذاكرة بالنسبة للسوريين. فبعد سقوط نظام الأسد في ديسمبر كانون الأول من عام 2024، بدأت مرحلة يُكتب فيها الكثير من "الجديد"، فـ"رئيس جديد"، و"دستور جديد"، و"علاقات ثنائية جديدة" و"اجتماعات إقليمية جديدة" و"جديدٌ" يتبعه "جديد"، في تاريخٍ يُعاد تشكيله من "جديد"، لبلد مُتعَب من الحروب والأزمات.
لا أخفيكم، كتابة هذا التقرير لم تكن سهلة، فالعديد من القضايا لا تزال شائكة في سوريا. ولكن، ما لفتني هو التعلّق بأمل "جديد" و بغدٍ أفضل رغم كل التحديات والعقبات.
في هذا التقرير، أسأل بعض السوريين المُغتربين عن رؤيتهم للمشهد في بلادهم الآن وقد شهدت الساحة السورية تطوراتٍ بارزةً على الأصعدة الأمنية والاجتماعية والدبلوماسية والسياسية وحتى الجغرافية.
ببساطة، طلبتُ ممن تحدثت إليهم أن يكتبوا رسالةً لأنفسهم، فلنقل إنها رسالة من المستقبل، ماذا سيقولون؟ وماذا سيفعلون لو علِموا بأحداث اليوم في سوريا قبل أشهر، أو حتى سنوات؟
سوف تمرّون في هذا المقال على الكثير من الـ"لو كنت أعلم أن..."، فهذه أصوات بعض السوريين اليوم.
** تم استخدام أسماء مستعارة لضيوفي وإخفاء مواقعهم الجغرافية حين لزم، لأسباب أمنية.
صدر الصورة، Getty Images
منذ ذهابه إلى بلد في أوروبا بتأشيرة عمل في 2022، توجّه فادي إلى سوريا لفترة قصيرة "مكرهاً" كما يصف لي، لزيارة أهله.
"هذه المرة لوحدها كانت كافية كي تجعلني أشعر أنني فجأة كبرت 10 سنوات. على قدر ما كان الوضع سيئاً، صار أسوأ بمراحل".
بعد سقوط النظام، يقول فادي أن الفرحة غمرته لدرجة عدم تصديق ما حدث: "تحديداً بأول شهرين. صدقاً، أحسست بفائض من كل أنواع المشاعر. كنتُ أضحك دقيقة، أبكي دقيقة، أغضب دقيقة".
كان فادي من المشاركين في المظاهرات في 2011، ويقول مع أنه نجى من الاعتقال تلك الفترة، كُتب به تقريران لأجهزة الأمن الداخلي لمشاركته بمظاهرة معارضة لنظام الأسد.
يروي فادي قائلاً: "لأول مرة، الأمل بيرجعلي. مع كل هالمشاعر، كان عندي تفكير منطقي وواعي تجاه التحديات والمصاعب والوضع الشائك على الأرض. إرث كبير من الفوضى والمشاكل والدمار والكراهية و الحقد خلفهم الأسد وراه بشكل مباشر وغير مباشر. النظام كان يستعمل تقنية "تكنيس الوسخ تحت السجادة" لمدة 55 سنة حكم، لذلك، كان لدي وعي كافي عن صعوبة التحدي الذي سوف نواجهه و صعوبة التخلص من عقلية ورواسب البعث اللي تقريباً كل الأجيال السورية اللي حالياً على قيد الحياة ما عِرفت بحياتها شي تاني".
"منذ سقوط النظام كانت رسالتي كالآتي: "لازم نفعّل ثقافة الحوار و تقبل الآخر و لازم تتفعل عجلة العدالة الانتقالية بشكل جدي بهدف تحقيق العدالة ومنع الثأر وضبط الأمن و الأمان".
التعليق على الصورة،
أُرسلت لبي بي سي
"الدم السوري واحد"
يتحدث فادي عن الأحداث الأخيرة في الساحل التي أسفرت عن مقتل أكثر من 1,700 شخص، أغلبُهم من الطائفة العلوية، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومقرّه لندن.
يقول فادي: "أحداث الساحل كانت شيئاً مخيفاً ومروّعاً. صار فعل ورد فعل (والفعل هون طبعاً لا يبرر بأي شكل رد الفعل الهمجي)، مشاعر من الخوف مررنا بها للأسف، وهي ليست جديدة علينا، بل امتداد لسنين لم يعرف فيها الشعب السوري غير الخوف والإجرام. الدم السوري واحد، بغض النظر عن الدين والانتماء الطائفي، سيأتي يوم نعرف فيه كلنا هذا".
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، يوم الجمعة 11 أبريل/نيسان، بأن النيابة العامة الفرنسية تسلمت دعوى قضائية تقدم بها محامي فرنسي نيابة عن تجمع العلويين في فرنسا، ضد رئيس المرحلة الانتقالية السوري أحمد الشرع وعدد من وزرائه، بتهم تتعلق بـ"الإبادة الجماعية والتطهير العرقي" وارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وذلك على خلفية الأحداث الدامية في الساحل السوري في مارس آذار.
عقب أحداث الساحل، أصدر رئيس الفترة الانتقالية أحمد الشرع قراراً بتشكيل لجنة عليا للحفاظ على السلم الأهلي. وكلّف أعضاء اللجنة بالتواصل مع الأهالي في الساحل السوري للاستماع إليهم، وتقديم الدعم اللازم لهم بما يضمن حماية أمنهم واستقرارهم و العمل على تعزيز الوحدة الوطنية. كما ورد في البيان الرسمي.
"خلافاتي مع السلطة الحالية كانت منذ زمن وحتى الآن، هناك قضايا عدة لا تعجبني بالتأكيد.. لكن المهم بالنسبة لي أن الناس اليوم لديها هامش حرية لم تعشه بكل سنين حكم الأسدين والأهم أن الناس تستغل هذا الهامش وتُعلّي الصوت".
بالنسبة لفادي، الأولوية حالياً هي "ضبط الأمن والأمان ومنع الجرائم التي ترتكب على كامل الجغرافيا السورية وحماية السلم الأهلي وتأمين أساسيات الحياة".
"أي سلطة حاكمة لن تستمر بدون احترام كل المعتقدات وضمان حقوق كل المواطنين تحت القانون العادل، و الشعب الذي أسقط نظام البعث ليس عاجزاً عن إسقاط نظام آخر.".
"الأمر غالباً يحتاج إلى وقت، ولن يحدث بين يوم وليلة، لكنه سيحدث حتماً. إن لم يتحقق مع هذه السلطة ببساطة سيتحقق مع غيرها. أكيد لدي رغبة لزيارة البلد بأقرب فرصة"، يكمل: "اللي كان ينزل على زمن بشار الأسد صراحة ما رح يخاف أكتر من حدا تاني".
وفي رسالته للسوريين، يقول فادي: "في النهاية، من الضروري أن يكون لدينا أمل جميعنا، ومن الضروري أن يظل صوتنا عالياً.. نحن بحاجة للكثير من الوعي. الصعوبات أمامنا كبيرة وإرث الأسد والبعث كبيرة، سواء على الصعيد النفسي المحسوس أو المادي الملموس. مع ذلك علينا أن لا نفقد الأمل".
"العودة يجب أن تكون مشروعاً واضحاً ومدروساً"
صدر الصورة، Getty Images
كمُغترب سوري، أصبح كريم "مقتنعاً تماماً" أن السوريين "تجاوزوا مرحلة الخوف للأبد".
"حاجز الخوف يلي كان متجذّر بداخل الناس اتكسر نهائياً، وما عاد في أي قوة بالعالم قادرة ترجّعه. السوريين اليوم عم يحكوا بصراحة ووضوح ومن دون مواربة، عم يعبّروا عن رأيهم بكل قوة وشجاعة".
يرى كريم أن الحكومة الجديدة، على الأقل حتى الآن، "تستجيب لمطالب الناس وتحترم حق التعبير، وتُعدّل قراراتِها بناءً على الضغط الشعبي، الشيء الذي كان يُعتبر مستحيلاً أيام الأسد والبعث الذين كانوا غارقين بالقمع والظلام".
ويشدد على أنه من الضروري جداً الاستمرار في زيادة الوعي السياسي وعدم نشر الفتنة والأخبار الكاذبة لزيادة الضغوط على الحكومة الجديدة التي لا تزال تتأقلم بدورها الجديد، بحسب كريم.
في هذا السياق، يعتقد كريم أن دور المغتربين السوريين مهم وأساسي، سواء بالمساهمة بإعادة الإعمار أو تحريك الاقتصاد، أو حتى بالضغط على الحكومات الغربية لتقديم الدعم للشعب بالداخل وتخفيف العقوبات. "السوريين بالخارج صاروا كتير واعيين لهالنقطة بنظري، وبيعرفوا إنو العودة لازم تكون مشروع واضح ومدروس، مو مجرد حنين للماضي و الذكريات".
"وأخيراً، أكبر عائق أمام آمال المغتربين السوريين انتهى، المشاكل الحالية هي نتيجة مباشرة لخمس وخمسين سنة من القمع والفساد والنهب وتدمير النسيج الاجتماعي الذي نفّذه نظام البعث بكل أنحاء سوريا"، يقول.
"من الضروري أن نبدأ بعدالة انتقالية حقيقية، ليست شكلية، تبدأ بمحاسبة النظام السابق، وتمتد لتشمل كل شخص تلطّخت يديه بالدم السوري أو سكت عن الحق والظلم اتجاه أي سوري. ويجب فتح ملفات الساحل، ونفهم بالضبط ما الذي حدث بآذار الماضي، لأن كرامة السوري واحدة ولا تتجزأ، ولا فرق بين دم سوري وآخر مهما كانت الطائفة أو المكان أو الوقت".
التعليق على الصورة،
أُرسلت لبي بي سي
شيماء تقول ما كان منتظر من بعد سقوط النظام هو الوصول للحرية، الوصول للديمقراطية، الوصول لدولة مساواة، دولة عدالة، "أعتقد أن هذه الأهداف التي خرجت الثورة من أجلها".
"تفاجأت عندما رأيت هيئة تحرير الشام تستلم الحكم في سوريا، مستحيل كنت أقبل أن أغير الأسد بهيئة تحرير الشام، أنا أتحدث بصراحة وبكل صدق.. أنا منزعجة جداً، ولا أستطيع تقبل الموضوع إلى الآن".
"أنا جداً مستغربة لأنه ما بعرف ليش حسيت أنه بطريقة ما تغيرت المفاهيم أو الثورة أو المطالب اللي كانت للحرية والمساواة ومجتمع مدني ومجتمع ما فيه فساد لأنه تكون حرب طائفية".
تقول شيماء أنها من الطائفة السنية، أي "تُعتبر من الأغلبية"، وهي غير راضية عن الحكم الحالي. "يهمني أن تكون الحكومة تكنوقراط ومؤهلة.. نريد حكومة تريد الخير للبلد - لا سنية ولا شيعية ولا أي طائفة، ولا من توجّه معيّن ولا من إثنية معينة ولا عرب ولا كرد ولا هاي التفاصيل".
"أعتقد أنه أصبح لدى الشعب بعض اليقظة، لكني شخصياً، أعتبر هذه الحكومة بدون شرعية. أنا أخلد للنوم وبداخلي عدم رضا عما يحدث في بلدي".
تتخوف شيماء من قضايا عديدة على المستوى الجيوبولوتيكي وإقامة علاقات "جديدة" مع الدول، وعلى رأس هذه القائمة موضوع إقامة معاهدة سلام مع إسرائيل، باسم الشعب السوري.
كانت شيماء تُعوّل على بعض المثقفين والتي تقول إنها "صُدمت بهم" بعد السقوط للنظام السابق ومن دعمهم للنظام الجديد "دون تفكير".
وتقول إن هناك رعب دائم من فقدان الأمن الاقتصادي للفرد بسبب "التعصب بأخذ القرارات بدون سياسة واضحة".
"كسورية أعيش في الخارج، لا أشعر بالأمان أن أعود، أصبحت خائفة على أهلي الموجودين بالداخل، كنت أتمهل في الفترة الماضية بأن أُخرجهم من البلاد، لكني الآن أفكر بقطع كل علاقتي بسوريا".
وكمغتربة، كانت شيماء تحب أن تبدأ مشاريع للمساهمة في الاقتصاد والاستثمار، إلا أنها رأت الوضع "غير مشجع" وخصوصاً بمشاريع دعم المرأة، وفق قولها.
لا تزال شيماء تتمسك بالأمل بإمكانية "إنقاذ البلاد" وترى أن هذه الحكومة "صعبة"، وسيكون من الصعب أن تُطوّر سوريا، بعيداً عن التقسيم الذي يراه السوريون في الأفق والهيمنة الغربية المتزايدة، بحسب كلماتها.
التعليق على الصورة،
أُرسلت لبي بي سي
"الرجعة للبلد ما لازم تكون مجرد حنين، لازم تكون مشروع"
سمير يحدثني من الولايات المتحدة وهو يراقب المشهد السوري بتمعّن. لديه تفاؤل حذر كما يقول، ويأمل بعودة المغتربين مثله.
لا يعتقد سمير أن هناك خوف حقيقي من العودة لسوريا، بل هناك تردد، خصوصاً بسبب الوضع الأمني والعقوبات، لكنه يقول إن الأمن والاقتصاد يمشيان على خط واحد، وإذا لم يتحسنا معاً، لن يتحرك شيء في الدولة.
"بهذه المعادلة، للمغتربين كلمة كبيرة، ودورهم أساسي بإعادة الإعمار والدفع بعجلة البلد وأيضاً بالضغط على الحكومات الغربية لمساعدة الشعب في الداخل ورفع العقوبات. السوريون في الخارج يعون هذه التطورات، ويعلمون أن العودة يجب أن تكون مشروعاً بذاتها، لا أن تكون مجرد شعور بالحنين".
"وبالآخر، أكبر مصيبة كانت واقفة بطريق آمال المغتربين السوريين راحت.. المشاكل اللي نحنا عايشينها اليوم هي نتيجة مباشرة لـ 55 سنة من القمع، والسرقة، و الفساد، وتدمير البنية الاجتماعية، اللي زرعها البعث بكل زاوية بسوريا".
"يجب أن نبدأ بعدالة انتقالية حقيقية. يجب البدء من الرأس. من رأس الأفعى، من جرائم حافظ و بشار الأسد وعائلته وشبيحته، ومن ثم النزول للأسفل، لتشمل كل مين تلوثت إيديه بدم السوريين، وكل من سكت عن الظلم. يجب فتح جراح الساحل".
"أنا كمغترب كل يوم أسأل نفسي: "أنا كيف سأساهم ببناء بلدي؟"، يُجيب بالقول: "قد تكون هذه الفرصة الوحيدة حتى نعيد سوريا لمكانها الصحيح في المنطقة و العالم. و حتى إن زادت المشاكل، سيظل الطريق أمامنا أفضل من ما كان قبل سقوط الأسد. لذلك، من المهم جداً أن نبقى متفائلين قدر الإمكان، ونعمل لنبني سوريا لكل السوريين".
التعليق على الصورة،
أُرسلت لبي بي سي
أما سلمى، فتحدثني قائلة: "للصراحة، من أول سقوط النظام صار عنا أمل كبير كتير بأنه اللي جاية أفضل وبلدنا رح يتحسن ويرجع بلد قوي ونقدر نرجع نزوره ونشوف أهالينا. أول شهرين لمسنا أنه الوضع عم يتحسن، وسوريا بلشت تتحسن علاقاتها مع أغلب البلدان وهاد بالطبع كتير شي فرحنا".
وبين ليلة وضاحا تقول: "أهلي عايشين بالساحل وحتى هم كانوا شايفين الوضع تمام، لحد يوم 6 آذار".
هنا روت سلمى أنه في هذه اللحظات "تبيّن سوء الوضع في سوريا وسوء نية الحكومة الجديدة": "بالطبع كان هناك أشخاص يستحقون العقاب، لكن أغلب من مات كان بريئاً". رأت عائلتي الموت في 6 و7 آذار، ونجوا بلطف الله. وللآن الوضع سيء، لا أمان ولا راحة. ولا أحد يخرج من بيته، هناك قلق وخوف".
الغربة تُرى كملاذ آمن للعديد من الناس. لكن سلمى ترى أنه حتى في الغربة، ستُضطر لإخفاء هُويتها لكونها من الطائفة العلوية.
"بالنسبة لي بألمانيا - طبعاً أنا كبنت من الساحل السوري - أتعرض لاتهامات عدة، أني مؤيدة للنظام السابق، وطبعاً هذا الشيء غير صحيح، لكن هذا تفكير الناس، وحتى هُنا في ألمانيا، دائماً ما توجّه لي اتهامات كهذه، فقطعت علاقاتي مع الجميع، وصرت أتحفّظ دائماً عن قول من أين أنا وأبعدت نفسي عن من يسألني أسئلة كهذه".
"حتى شعور الأمان ببلد كألمانيا صار بالنسبة لنا معدوماً بسبب وجود أشخاص مثلهم".
"للصراحة حالياً أصبح الأمل شبه معدوم بأن ترجع سوريا بلداً جميلاً متطوّراً ومنفتحاً. سوريا ترجع للوراء ونتمنى صدقاً أي أحد داخل سوريا أن تسنح له الفرصة ويتمكن من الخروج منها"، كما تقول سلمى.
التعليق على الصورة،
أُرسلت لبي بي سي
"بحس إني بلا وطن. حرفياً بلا وطن. مرعب الموضوع"
روان طالبة دكتوراه مغتربة تقول لي: "مجرد التفكير ببكرا صار مرعب. بعد ما كان الواحد عنده كتير طموحات وخطط بده يعملها. كل يوم الصبح بدك تتوقعي تسمعي أخبار سيئة".
"أنا وصلت مرحلة إني بحس إني بلا وطن. حرفياً بلا وطن. مرعب الموضوع".
وتضيف: "في البداية كنت أقول أنه مهما حدث، سأعود عند أهلي في بلدي من الغربة، لكن الآن، لن أتمكن من العودة".
فبمجرد طرح فكرة العودة، يزداد هم عائلتي، "نحنا بكفي حاملين هم حالنا بالوضع الحالي، لسا بدك تيجي أنت ويصير الهم أكبر؟ هاد إذا وصلت أصلاً.. ما حدا بيعرف. بحكم أنه أنا من الساحل ومحسوبة على طائفة معينة، يمكن أصلاً ما وصّل على بيت أهلي".
"ما عاد في أمان بالمجمل. صراحة كتير بشعة الفكرة أنه ما عاد في مصدر للأمان أبداً أبداً"، تقول، متحدثة عن بعض المشاحنات بينها وبين أبناء الجالية السورية في الغربة خلال إحدى الوقفات التضامنية مع أهالي الساحل.
التعليق على الصورة،
صورة أُرسلت لبي بي سي من وقفة تضامنية مع أهالي الساحل السوري
كأي طالب مغترب، كانت روان تحلم بالعودة لبلدها المنهك من الحرب للمساهمة بإعادة بنائه وإنعاش اقتصاده، إلا أن الظروف كانت أقوى من ذلك.
تقول روان: " في البداية، خططت للعودة إلى بلدي بعد إنهاء الدراسة وأن أعمل في الجامعة، لكني أعيش حالياً في حالة ضياع، لا أعلم ماذا سأفعل بعد إنهاء الدراسة، كل شيء مجهول".
ماذا إن عادت روان لبلدها؟ تجيب: "حتى إن عدتُ إلى البلد.. لو كانت الأمور تسمح بذلك. أظن إنني قد أكون انفصلت من عملي، خاصة أنني من الساحل، فهم يطردون الناس من وظائفها هناك، وأساساً هذه الطائفة التي تشهد اعتداءات، اعتمادُها الأساسي هو وظائفهم في الدولة ورواتبهم، وهي من سلبيات النظام السابق، لأنه حاول حصر هذه الطائفة في هذا المجال - أي في مؤسسات الدولة والجيش".
تكمل: "الناس ما عندها مصدر تاني أبداً. فكتير الموضوع سيء كظروف معيشية وبالمطلق، إذا رح إنزل، رح أكون عالة على أهلي".
التعليق على الصورة،
أُرسلت لبي بي سي
"ضمانات لعودة اللاجئين ضمن رؤية جديدة لسوريا"
صدر الصورة، Reuters
في أولى خطواتها بعد سقوط نظام بشار الأسد، أعلنت الحكومة السورية الانتقالية برئاسة أحمد الشرع عن حزمة من الضمانات والتدابير الاستثنائية لتشجيع عودة السوريين في الخارج، مؤكدة أن مرحلة ما بعد الصراع تتطلب مشاركة كل السوريين دون استثناء في بناء دولة قائمة على الحقوق والعدالة والمواطنة.
وجاء ذلك من خلال الإعلان الدستوري المؤقت الذي أصدرته الحكومة الجديدة، والذي نصّ على التزام واضح بحماية الحريات العامة، واستقلال القضاء، وضمان المساواة بين جميع المواطنين، كما أكدت الحكومة على احترامها للاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.
كما أعلنت الحكومة عن حلّ الأجهزة الأمنية التي ارتبطت بانتهاكات جسيمة خلال الحقبة السابقة، مع التأكيد على "إعادة هيكلة" القطاع الأمني بما يضمن "خضوعه للمساءلة القانونية واحترام الحقوق المدنية".
ضمن هذا التوجه، تعهّدت السلطات الانتقالية بتوفير تسهيلات شاملة للعائدين من الخارج، تتضمن تسوية الأوضاع القانونية والأمنية، وإصدار الوثائق الرسمية فور العودة، وإطلاق برامج اندماج مجتمعي واقتصادي تضمن مشاركة العائدين في عملية إعادة البناء. كما أعلنت الحكومة الجديدة بدء مشاريع واسعة لإعادة تأهيل البنية التحتية في المناطق المتضررة من النزاع، تمهيداً لعودة آمنة وكريمة للاجئين.
في خطابه العام الأول، دعا رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع إلى مصالحة وطنية شاملة، مؤكدًا أن "العودة إلى الوطن حق وواجب، وتمثل جوهر مشروع الدولة الجديدة." وأكد أن حكومته ستدير وضع اللاجئين من منظور إنساني ووطني، دون اعتبارات سياسية أو انتقامية.
وقد بدأت الدول المضيفة للاجئين السوريين بالفعل باتخاذ خطوات ملموسة لتسهيل العودة الطوعية، مع ضمان السلامة والكرامة لهم.
ففي الأردن، أعلنت المفوضية السامية للاجئين أن أكثر من 20,000 لاجئ سوري قد عادوا طوعاً منذ منتصف مرحلة الانتقال، كجزء من صفقة مع الحكومة الأردنية لتوفير ممرات آمنة ودعم لوجستي للعائدين.
أما في لبنان، فقد أوقفت الحكومة مؤقتاً عمليات الترحيل القسري لمدة ستة أشهر قابلة للتمديد، بالتنسيق مع منظمات حقوقية، للسماح للاجئين باتخاذ قراراتهم بحرية ولضمان عدم تعرضهم لأي تهديد بعد العودة.
كما عملت بعض الدول، مثل تركيا وألمانيا، على إعادة تقييم سياسات اللجوء، وتقديم خدمات المشورة القانونية والمساعدة في استعادة الوثائق الرسمية بالتعاون مع المفوضية السامية للاجئين، في حين سعت منظمات إنسانية إلى توعية السوريين بالمخاطر المحتملة في مناطق العودة، وتقديم تقارير ميدانية حول الوضع الأمني والخدمات الأساسية في الداخل السوري.
كل هذه التحركات تعكس التدرج "الجديد" لتغير مواقف الدول المضيفة مع زيادة النقاشات الداخلية والخارجية، حول السياسات الجديدة في سوريا.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


نافذة على العالم
منذ 9 ساعات
- نافذة على العالم
أخبار العالم : الحج 2025: السوريون يغادرون من دمشق لا المنافي بعد 12 عاماً من الشتات
الخميس 29 مايو 2025 05:00 صباحاً نافذة على العالم - صدر الصورة، Syrian Arab News Agency Article information Author, هشام الجرايشة Role, بي بي سي نيوز عربي قبل 9 ساعة "لم يكن ثمة شعورٍ يُضاهي ما اختلج في صدري وأنا أقترب من أطهر بقاع الأرض... فرحٌ لا تُحيط به الكلمات، وحُلمٌ طال انتظاره أصبح واقعاً" هكذا عبّر العقيد المتقاعد رياض الأسعد عن مشاعره خلال رحلته إلى مكة، ضمن بعثة الحج السورية لعام 2025. ويقول الأسعد، في مقطع مسجلٍ نشره عبر حسابه على منصة اكس (تويتر سابقاً) "هي المرة الأولى - منذ سنوات- التي لا يغادر فيها السوريون لأداء الحج من مطارات العالم، بل عادوا إلى الانطلاق من وطنهم". الأسعد، الذي انشقّ عن جيش النظام السوري في بدايات الثورة عام 2011، أعلن حينها تأسيس "الجيش السوري الحر"، الذي أصبح لاحقاً من أبرز التشكيلات العسكرية المعارضة. ولعب دوراً بارزاً في تحركات "الثورة المسلحة"، داعياً إلى توحيد الصفوف وإذابة الخلافات بين قوى المعارضة المختلفة وإقامة نظام ديمقراطي، قبل أن يُصاب إثر انفجار في منطقة دير الزور شمالي سوريا، نُقل على إثره إلى تركيا لتلقي العلاج. واليوم، بعد أكثر من عشر سنوات على لحظة انشقاقه، يعود الأسعد لأداء فريضة الحج، على متن أول رحلة حج سورية تنطلق من مطار دمشق الدولي منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024. صدر الصورة، Social Media التعليق على الصورة، أحد مؤسسي قوى الجيش السوري الحر يصل إلى مكة لأداء فريضة الحج بعد عقد من الغياب: تنظيم موحد للحج السوري من داخل البلاد وإذا كان العقيد رياض الأسعد قد عبّر عن مشاعره الجيّاشة لحظة اقترابه من مكة، فإن الانطلاق من مطار دمشق لم يكن أقل تأثيراً بالنسبة لكثير من الحجاج السوريين، فقد حملت هذه اللحظة رمزية عاطفية خاصة بعد سنوات من الشتات. يقول الحاج عبيدة الكاطع: "حين وصلنا إلى المطار، غمرنا شعور بالعزة والفخر، وأحسسنا حقيقةً أننا مواطنون يُحترمون، هناك من يسأل عنا ويهتم بشؤوننا ويرعانا". تعد رحلة هذا الموسم انعطافة هامة في تنظيم شؤون الحجاج السوريين، حيث إن الرحلات عادت لتنطلق، وفق ترتيبات جديدة، بشكل مباشر من دمشق، بعد أكثر من عقد من غياب التنسيق مع الجانب الرسمي في سوريا. جاء هذا التغيّر في سياق التحوّلات السياسية التي شهدتها البلاد أواخر عام 2024، مع تشكيل حكومة انتقالية تولّت إدارة شؤون الداخل، من بينها ملف الحج الذي ظلّ لسنوات طويلة خاضعاً لترتيبات استثنائية وغير مستقرة منذ عام 2011. وزير الأوقاف السورية محمد الخير أبو شكري قال خلال لقائه حجاجاً سوريين إن هذا الحج "هو الأول بعد تحرير سوريا من النظام البائد"، وأضاف: "أكرمني الله أن أكون في خدمة حجاج بيت الله، وهم يغادرون من مطار دمشق الدولي في أول رحلة إلى بيت الله الحرام نقوم فيها بوداعهم وخدمتهم". منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011، خرج ملف الحج من أيدي المؤسسات الرسمية في دمشق، إذ توقفت السلطات السعودية عن اعتماد وزارة الأوقاف السورية جهةً مسؤولةً عن تنظيم شؤون الحجاج، لترد الأخيرة - حينها - باتهام السعودية "بمنع الحجاج السوريين من أداء فريضة الحج في سابقة لم يشهد لها التاريخ الإسلامي مثيلاً". وبدلاً من ذلك، تم تسليم المهمة إلى "لجنة الحج العليا" التابعة للائتلاف السوري المعارض، والتي أدارت الملف لأكثر من 12 موسماً متتالياً. جرى التنسيق بين اللجنة والسلطات السعودية لتنظيم سفر السوريين إلى الحج من عدة دول، أبرزها تركيا، الأردن، لبنان، كما سُمح في بعض المواسم لسوريين داخل البلاد بأداء الفريضة بعد الحصول على تأشيرات خاصة من سفارات أجنبية. ويقول الكاطع وهو رئيس لمجموعة تنظّم عمل الحجاج "في فترة التهجير، افتتحت لجنة الحج مكاتب في شمال سوريا، في معبري باب الهوى وباب السلامة، كما أسّست 3 مكاتب في تركيا، ومكاتب أخرى في لبنان، الأردن، مصر، الكويت، الإمارات، وقطر، لتخدم الجاليات السورية الكبيرة هناك". ويبين في حديثه لبي بي سي أن "إصدار التأشيرات في تلك الفترة أمر بالغ الصعوبة، بسبب تباين الإجراءات بين الدول المُعتمدَة لإصدار التأشيرات منها". خلال تلك السنوات، لم يكن هناك رقم موحد أو دائم لعدد الحجاج السوريين، إلا أن متوسط الأعداد تراوح بين 12,000 و19,000 حاج سنوياً بحسب بيانات لجنة الحج العليا والسلطات السعودية. وشهدت تلك الأرقام تقلبات تبعاً للظروف الأمنية، وسياسات الاستقبال في دول الجوار، وإمكانية وصول السوريين إلى نقاط السفر. وغالباً ما كانت أولوية الاختيار تُمنح للمقيمين في الخارج، ما ترك كثيرين في الداخل السوري، لا سيما في المناطق المحاصرة أو الخارجة عن السيطرة الرسمية، بلا فرصة واضحة لأداء الفريضة. فيزا إلكترونية ونظام تدرجي واختيار بالقرعة ومن بين أبرز الترتيبات الجديدة التي رافقت هذا التحوّل، وفق الهيئة السورية للحج والعمرة، اعتماد نظام قرعة إلكترونية متكامل، شمل السوريين في الداخل والخارج، حيث خصص 7 في المئة من المقاعد للحجاج الذين تجاوزوا سن السبعين، فيما جرى توزيع باقي المقاعد على فئات عمرية محددة. ويقول أحمد عبد الهادي طويل، وهو رئيس مجموعة تابعة للجنة تنظيم الحج "بدأنا العمل مع لجنة تنظيم الحج منذ عام 2013، ومنذ ذلك الحين نشهد تطوراً ملحوظاً في الترتيبات عاماً بعد عام، والحمد لله، الانطباعات دائماً إيجابية". ويضيف لبي بي سي : "في السابق، كانت تأشيرات الحج تُستخرج من أربع دول فقط: لبنان، الأردن، مصر، وتركيا، أما هذا العام، ولأول مرة، أصبح بإمكان الحجاج استخراج التأشيرات من داخل سوريا، حتى عبر نظام التأشيرة الإلكترونية، وهو تطور مهم يسهل الإجراءات ويعزز الاستقلالية". ويقارن الكاطع بين الإجراءات السابقة والحالية إذ يقول"سابقاً، كانت كل مجموعة حجيج تعمل بشكل منفصل، وتسكن في مدارس أو أماكن غير مرخّصة، في ظروف عشوائية، لكن بعد أن تسلّمت لجنة الحج المهمة تغير الوضع بشكل جذري". وأكد أنه "أصبح هناك انتظام وتواصل واضح بين المجموعات، وتحسّن مستوى السكن بشكل كبير، إذ باتت جميع الإقامات في فنادق مصرح بها من وزارة الحج السعودية". ويضيف"حتى في المدينة المنورة، يقيم جميع الحجاج السوريين في فنادق خمس نجوم، دون تمييز بين فئة وأخرى. كما أصبحت كلفة الحج موحّدة، ليس فقط للسوريين داخل البلاد، بل أيضاً لأولئك المقيمين في الخارج." ووفق البيانات الرسمية، بلغ عدد المتقدّمين 43,215 شخصاً، جرى اختيار 22,500 منهم عبر قرعة إلكترونية معلنة. وبلغ عدد الحجاج المختارين من فئة من تجاوزوا السبعين عاماً 1,575 حاجاً، يرافقهم 1,360 مرافقاً، يشمل السوريين داخل البلاد وخارجها، وذلك عبر منصات إلكترونية ومراكز ميدانية أنشأتها وزارة الأوقاف الجديدة في عدد من المحافظات. "لم يُعامل الحجاج على أساس مناطقي، بل كمواطنين سوريين متساوين في الحق والفرصة" خلال عهد النظام السابق، اضطرّ كثير من الحجاج السوريين إلى السفر بجوازات غير سورية، أو استخراج وثائق مرور مؤقتة، أو الالتحاق بحملات حج لا تتبع لبلادهم. وقد جعل ذلك أداء الفريضة، في كثير من الأحيان، مرهوناً بالعلاقات الشخصية أو الإمكانات المالية، بدلاً من أن يكون ضمن مسار رسمي متاح لجميع السوريين. السفر هذا العام يتم لأول مرة منذ نحو عقد مباشرة من مطار دمشق الدولي، وهو ما أتاح للحجاج من المحافظات المختلفة الوصول إلى مكة دون المرور بدول الجوار. في المقابل، لا تزال بعض الأصوات التي استمعت إليها بي بي سي وفضّلت عدم الافصاح عن هويتها، ترى أن فرص الوصول للحج لم تتساوَ بشكل كامل، إذ أن بعض المناطق التي تعيش أوضاعاً خاصة، سواء كانت جغرافية أو إدارية أو سياسية، لا تزال تواجه صعوبات في ضمان تسجيل الراغبين فيها، أو في توفر مكاتب معتمدة تغطي حاجاتهم. لكن يؤكد كل من أحمد طويل والكاطع أن "اختيار الحجاج هذا العام شمل جميع المناطق السورية دون استثناء، بما في ذلك الحسكة، دير الزور، الرقة، اللاذقية، وحتى المناطق القريبة من خطوط التماس". ويشددان على أن "التعامل مع الحجاج لم يُبنَ على أسس مناطقية أو سياسية، بل تم باعتبارهم مواطنين سوريين متساوين في الحق والفرصة، ومن مختلف الأطياف." وقد حددت الوزارة كلفة الحج لهذا العام بـ4,900 دولار أمريكي، تشمل الإقامة والمواصلات داخل الأراضي المقدسة والخدمات الصحية والإدارية. ويقول أحمد طويل إن التكلفة "تُعد من بين الأقل مقارنة بالدول الإسلامية الأخرى، وهي قريبة من أسعار السنوات الماضية" مضيفاً "في العام الماضي كانت التكلفة نحو 4700 دولار، وقد تم هذا العام تقديم خدمات إضافية للحجاج". ويشير هنا أيضاً إلى أن غياب ناقل وطني رسمي "أثر على التكلفة بعض الشيء، لكنه لم يمنع من الحفاظ على مستوى جيد من الخدمات والسعر". فيما يوضح الكاطع أن الكلف الحالية تشمل الترتيبات الحالية المتعلقة بـ "التنقّلات الجماعية ووجبات الإفطار اليومية والموائد المفتوحة، وهدايا من وزارة الأوقاف السورية، إضافة إلى الخدمات المقدّمة من المملكة العربية السعودية". "خروجنا من مطار جدّة لم يستغرق نصف ساعة" ويشير أحمد طويل إلى أن الدخول إلى السعودية كان منظماً وسلساً، قائلاً: "البعثة دخلت عبر مطار جدة، واستغرقت إجراءات الخروج من المطار قرابة نصف ساعة فقط، وهو وقت يُعد ممتازاً بالنظر إلى حجم البعثة وطبيعة الترتيبات". من الناحية التنظيمية، جرى إرسال بعثات طبية وإدارية سورية إلى السعودية لمرافقة الحجاج وتوفير الدعم الميداني، كما تم توقيع اتفاقات خدمية مباشرة مع مؤسسات سعودية معنية بالحج، بما في ذلك شركات النقل والإعاشة والإيواء. وبحسب وزير الأوقاف أبو شكري، فقد جرى توزيع الحجاج على المخيمات بطريقة "تعتمد معيار العدد والمنطقة الجغرافية دون اعتبارات إضافية"، في محاولة لتفادي ما وُصف سابقًا بالتفاوت في الخدمة. وبينما تستمر هذه الترتيبات الجديدة، يُنظر إلى موسم الحج لعام 2025 بوصفه مرحلة انتقالية اختبارية لملف ظل طوال 12 عاماً معقّداً ومتداخلاً بين أبعاد عدّة.


نافذة على العالم
منذ 9 ساعات
- نافذة على العالم
أخبار العالم : طلبة يقولون لبي بي سي: "نادمون" على التقديم لجامعات أمريكية بعد خطط إدارة ترامب بتعليق طلبات تأشيراتهم
الخميس 29 مايو 2025 05:00 صباحاً نافذة على العالم - صدر الصورة، Bloomberg via Getty Images التعليق على الصورة، شن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حملة واسعة النطاق على بعض الجامعات الأكثر نخبوية في الولايات المتحدة بينهما جامعة هارفارد Article information Author, نادين يوسف و كوه إيوي Role, بي بي سي نيوز قبل 51 دقيقة عبر طلبة من مختلف أنحاء العالم عن قلقهم وحيرتهم، في ظل خطط إدارة الرئيس دونالد ترامب، بالتوقف عن جدولة مقابلات لمنح تأشيرات للطلاب مؤقتاً. واطلعت شبكة سي بي إس، شريكة بي بي سي في الولايات المتحدة على مذكرة رسمية بهذا الشأن، بينما تستعد وزارة الخارجية لتعزيز التدقيق في حسابات الطلبة على مواقع التواصل الاجتماعي لمقدمي طلبات تأشيرات الطلاب والتبادل الثقافي. يأتي ذلك، ضمن حملة واسعة يقودها، ترامب، تستهدف بعضاً من أكثر الجامعات الأمريكية نخبوية، والتي يرى أنها ليبرالية بشكل مفرط. وبالنسبة للطلبة، جلبت هذه التغييرات حالة من عدم اليقين على نطاق واسع، إذ أصبحت مواعيد الحصول على التأشيرات في السفارات الأمريكية غير متاحة الآن، وما يترتب من تأخير قد يترك منحاً دراسية معلقة. وقال طلبة لبي بي سي، إن حالة الارتباك هذه دفعتهم لتمني لو أنهم تقدموا بطلبات التحاق إلى جامعات خارج الولايات المتحدة. وقال طالب في مرحلة الماجستير يبلغ 22 عاماً من شنغهاي، لم يرغب بالكشف عن اسمه خوفاً من تعريض تأشيرته للدراسة في جامعة بنسلفانيا للخطر، "أنا نادم بالفعل". وعبر الطالب عن شعوره أنه محظوظ لأن طلبه للدارسة حظي بالموافقة، لكن هذا لم يخفف من حالة الغموض التي يعيشها. "حتى لو درست في الولايات المتحدة، قد أجبر على العودة إلى الصين قبل أن أحصل على شهادتي. هذا أمر مخيف للغاية"، على حد تعبيره. صدر الصورة، Getty Images التعليق على الصورة، خريجون رفقة عائلاتهم وأعضاء هيئة التدريس في ساحة في جامعة هارفارد وعندما سُئلت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، تامي بروس، عن قرار إيقاف جميع مواعيد تأشيرات الطلبة، قالت للصحفيين يوم الثلاثاء، "نحن نأخذ عملية فحص كل من يدخل البلاد على محمل الجدّ، وسنستمر في القيام بذلك". وكجزء من حملته الأوسع على التعليم العالي، قرر ترامب حظر قبول الطلبة الأجانب في جامعة هارفارد، متهماً إياها بعدم بذل جهود كافية لمكافحة معاداة السامية في الحرم الجامعي. ورداً على ذلك، رفعت جامعة هارفارد، دعوى قضائية، وأوقف قاضٍ قرار حظر ترامب في الوقت الحالي، ومن المقرر عقد جلسة استماع بشأن هذه المسألة في 29 مايو/أيار. وقال طالب من مدينة قوانغتشو، يدير مجموعة استشارية للطلاب الصينيين الراغبين في الدراسة في الولايات المتحدة، إنه ليس متأكداً من كيفية إسداء النصيحة للمتقدمين لأن الأنظمة تتغير باستمرار. وأضاف هذا الطالب، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن عدد الطلبة الذين يرون في الولايات المتحدة خياراً ممكناً للتعليم سينخفض. صدر الصورة، Ainul Hussein والتحق أكثر من 1.1 مليون طالب من أكثر من 210 دول بالجامعات الأمريكية في العام الدراسي 2023-2024، وفق "أوبن دورز"، المنظمة التي تجمع بيانات عن الطلبة الأجانب. وغالباً ما تفرض الجامعات على هؤلاء الطلبة رسوماً دراسية أعلى، وهو جزء أساسي من ميزانياتها التشغيلية. بالنسبة لعينول حسين، 24 عاماً، من الهند، فإن الآثار المترتبة على التأشيرة مالية وشخصية. قال حسين إنه كان متحمساً لبدء فصل جديد من حياته في نيوجيرسي، حيث التحق ببرنامج ماجستير العلوم في الإدارة. وتلقى وثيقة I-20 من الجامعة - وهي ورقة أساسية تسمح له بالتقدم للحصول على تأشيرة طالب أمريكية. لكن التأخير الأخير في إصدار التأشيرة جعله "قلقاً للغاية" على حد وصفه، مع تأجيل المواعيد في القنصليات أو أصبحت غير متاحة. ويتعين على الطلبة الأجانب الذين يرغبون في الدراسة في الولايات المتحدة، عادة، تحديد موعد لإجراء مقابلات في السفارة الأمريكية في بلادهم، قبل الحصول على الموافقة. قال حسين إنه قد يضطر لحجز تذاكر سفر إلى الولايات المتحدة، رغم عدم وضوح الوضع. كما أنه يواجه خطر فقدان منحته الدراسية إذا اضطر لتأجيل دراسته. صدر الصورة، Oliver Cropley التعليق على الصورة، أوليفر كروبلي، من المملكة المتحدة، يشعر بالقلق بشأن تأشيرة دراسته كما يتأثر الطلبة البريطانيين كذلك. وقال أوليفر كروبلي، البالغ 27 عاماً من نورويتش، إنه كان من المقرر أن يدرس في الخارج لمدة عام في ولاية كانساس الأمريكية، لكن هذه الخطة أصبحت في خطر الآن. وقال كروبلي: "لا أملك حالياً تأشيرة طالب، على الرغم من أنني أنفقت 300 جنيه إسترليني على عملية التقديم". والأخبار عن وقف طلبات التأشيرات في الولايات المتحدة "خيبة أمل كبيرة"، على حد تعبيره. ويواجه، كروبلي، خطر فقدان منحته الدراسية إذا لم يتمكن من إكمال دراسته في الولايات المتحدة، وقد يضطر إلى البحث عن سكن في اللحظات الأخيرة والتنسيق مع الجامعة لضمان عدم تأخُّره أكاديمياً. قال ألفريد ويليامسون، من ويلز، لوكالة رويترز، إنه كان متحمساً للسفر بعد عامه الأول في جامعة هارفارد، وكان يتطلع للعودة إليها، لكن الآن، لم تصله أي أخبار بشأن تأشيرته، مشيراً إلى أن الأمر "غير إنساني".


نافذة على العالم
منذ 9 ساعات
- نافذة على العالم
أخبار العالم : من سعد آباد إلى مسقط: محطات استضافة مفاوضات إيران النووية
الخميس 29 مايو 2025 05:00 صباحاً نافذة على العالم - صدر الصورة، Getty Images قبل 8 ساعة منذ ثمانينيات القرن الماضي، ظلّ البرنامج النووي لجمهورية إيران الإسلامية محوراً رئيسياً في علاقاتها الخارجية، اتسم غالباً بالتوتر والقلق الدولي. ومنذ الكشف عن منشآت نطنز وآراك في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وحتى تصعيد العقوبات الدولية، تحوّل الملف النووي الإيراني تدريجياً إلى قضية محورية في دبلوماسيتها. وبينما بدأت المفاوضات الرسمية مع ثلاث دول أوروبية عام 2003، فإن جذور التوتر النووي والتدقيق تعود إلى ما هو أبعد من ذلك. عقد الوفدان الإيراني والأمريكي جولة خامسة من المفاوضات في روما الأسبوع الماضي. ورغم ظهور بوادر تقدم محدود، إلا أن هناك العديد من نقاط الخلاف التي يصعب تجاوزها، لا سيما مسألة تخصيب اليورانيوم الإيراني. فيما يلي، نلقي نظرةً على المدن الرئيسية التي استضافت هذه المفاوضات النووية على مدى العقدين الماضيين، حيث لعبت كل منها دوراً فريداً في المشهد المتطور للدبلوماسية النووية. طهران: بداية المحادثات الرسمية (2003) في عام 2003، زار وزراء خارجية المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا، طهران، ووقعوا ما عُرف لاحقاً بإعلان سعد آباد مع المسؤولين الإيرانيين. في ذلك الوقت، علّقت إيران طواعيةً تخصيب اليورانيوم، بينما تعهّدت الأطراف الأوروبية بعدم إحالة ملف إيران إلى مجلس الأمن الدولي. خلال رئاسة محمود أحمدي نجاد، استضافت طهران أيضاً مبادرة دبلوماسية مشتركة ضمّت إيران والبرازيل وتركيا. وأفضى هذا الجهد إلى اتفاق محدود لم يُخفّف العقوبات الدولية في نهاية المطاف. صدر الصورة، Getty Images التعليق على الصورة، في عام 2003، وفي خطوة غير مسبوقة، سافر وزراء خارجية بريطانيا وفرنسا وألمانيا إلى إيران بهدف حل النزاعات النووية المتنامية مع إيران، ووضع الأساس للمفاوضات النووية. بروكسل: تعليق تصنيع أجهزة الطرد المركزي (2004) عُقدت هذه الجولة من المحادثات في مقرّ الاتحاد الأوروبي في بروكسل. كانت نتيجتها الرئيسية اتفاقاً على وقف تصنيع واختبار أجهزة الطرد المركزي المتطورة. باريس: وقف أنشطة البلوتونيوم (2004) في اتفاق بين إيران والدول الأوروبية الثلاث، وافقت إيران على تعليق الأنشطة المتعلقة بفصل البلوتونيوم. في المقابل، تعهد الاتحاد الأوروبي بدعم انضمام إيران إلى منظمة التجارة العالمية. جنيف: اتفاق مؤقت لتخفيف العقوبات (2013) في نوفمبر/تشرين الثاني 2013، توصلت إيران ودول مجموعة 5+1 إلى اتفاق مؤقت أوقفت بموجبه إيران تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المئة، وأُفرج عن بعض أصولها المجمدة. شكل هذا الاتفاق خطوةً نحو الاتفاق النووي النهائي المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة. بون: التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية (2005) في الأشهر الأخيرة من رئاسة محمد خاتمي، استضافت مدينة بون الألمانية محادثات ركزت على معالجة مخاوف الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن الأنشطة النووية الإيرانية المشتبه بها. لندن: إعلان نهاية المحادثات (2005) في الجولة الأخيرة من المفاوضات في عهد الرئيس خاتمي، استضافت لندن محادثات أعلنت خلالها إيران عزمها استئناف تخصيب اليورانيوم. شكّل هذا الموقف بداية مرحلة جديدة من المواجهة مع الغرب. مدريد ولشبونة: جولات عقيمة استضافت عاصمتا إسبانيا والبرتغال جولات من المحادثات في مراحل مختلفة، إلا أن هذه الاجتماعات اختتمت دون أي نتائج ملموسة أو اتفاقات نهائية. صدر الصورة، Getty Images التعليق على الصورة، كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين سعيد جليلي ومسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون يحضران اجتماعاً بشأن البرنامج النووي الإيراني بعد وصولهما إلى القنصلية الإيرانية في إسطنبول. إسطنبول: محاولات فاشلة (2011 و2012) على الرغم من جولات المفاوضات المتعددة بين إيران ومجموعة 5+1، فشلت محادثات إسطنبول في تحقيق نتائج بسبب الخلافات العميقة حول تخصيب اليورانيوم ورفع العقوبات. بغداد: التركيز على التخصيب بنسبة 20 في المئة (2012) وسط التوترات الإقليمية، استضافت بغداد مفاوضات ركزت على أنشطة تخصيب اليورانيوم الإيرانية بنسبة 20 في المئة والمخاوف الدولية ذات الصلة. ثم نُقلت المحادثات إلى موسكو. موسكو: دعوة لإغلاق فوردو (2012) خلال المحادثات في موسكو، طالب مفاوضو مجموعة 5+1 بإغلاق منشأة فوردو الإيرانية لتخصيب اليورانيوم ووقف تخصيبها بنسبة 20 في المئة. مع ذلك، لم يتم التوصل إلى اتفاق. ألماتي: اقتراح لتخفيف العقوبات (2013) في ألماتي، كازاخستان، عرضت مجموعة 5+1 تخفيضاً للعقوبات مقابل وقف إيران تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المئة. اعتبرت إيران العرض غير كافٍ، وانتهت المفاوضات دون نتائج. مسقط: من المحادثات السرية إلى المفاوضات الرسمية (2013-2014) قبل الاتفاق النهائي، استضافت عُمان، بوساطة السلطان قابوس، مفاوضات سرية بين إيران والولايات المتحدة. مهّدَت هذه الاجتماعات الطريق لمحادثات رسمية بين إيران ومجموعة 5+1. صدر الصورة، Getty Images التعليق على الصورة، محمد جواد ظريف وجون كيري وكاثرين أشتون يجتمعون في نيويورك نيويورك: اجتماع تاريخي لوزراء الخارجية (2013) على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، التقى وزير الخارجية الإيراني آنذاك، محمد جواد ظريف، ووزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، علناً لأول مرة منذ ثورة 1979. لوزان: الإطار السياسي قبل خطة العمل الشاملة المشتركة (2015) في آذار/مارس 2015، توصلت إيران ومجموعة 5+1 إلى تفاهم سياسي في لوزان حول الشروط الأساسية للاتفاق النهائي. شكّل هذا التفاهم الأساس القانوني والفني لخطة العمل الشاملة المشتركة. صدر الصورة، Getty Images التعليق على الصورة، في تموز/يوليو 2015، فيينا، توصلت جولتان من المحادثات إلى اتفاق فيينا: محادثات توقيع خطة العمل الشاملة المشتركة وإحيائها (2015-2022) في تموز/يوليو 2015، وُقّع الاتفاق النووي الشامل المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة في فيينا. بعد انسحاب الولايات المتحدة عام 2018، بُذلت معظم الجهود لإحياء الاتفاق في هذه المدينة أيضاً. الدوحة: المفاوضات غير المباشرة (2022-2023) خلال فترة انقطاع المحادثات المباشرة بين إيران والولايات المتحدة، تولّت قطر دور الوسيط، حيث نقل ممثلو الاتحاد الأوروبي المقترحات بين الجانبين. صدر الصورة، Getty Images التعليق على الصورة، وزير الخارجية الأمريكي آنذاك جون كيري (يمين) يصافح وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي في مسقط في 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2014 هل تؤثر المدينة المضيّفة على نتائج المحادثات النووية؟ يكشف استعراض المدن التي استضافت المفاوضات النووية الإيرانية على مدى العقدين الماضيين عن رحلة دبلوماسية اتسمت بالاختراقات والتعثرات والحوارات المبدئية. تمثل كل مدينة مرحلة مميزة في علاقة إيران المعقّدة بالقوى العالمية - من طهران إلى مسقط، إذ أسفر بعضها عن اتفاقات مؤقتة، بينما انتهى بعضها الآخر إلى طريق مسدود، واكتفى بعضها الآخر بإبقاء القنوات الدبلوماسية مفتوحة.