أزمة أخلاقية كشفها جنود إسرائيليون سابقون.. قادة جيش الاحتلال يستخدمون المدنيين الفلسطينيين دروعاً بشرية
بحسب الشهادات، فإن استخدام المدنيين الفلسطينيين -رجالاً ونساء- للتحقق من خلو المباني من المتفجرات أو المسلحين، لم يكن حالة فردية أو تصرفاً عشوائياً من بعض العناصر الميدانية، بل مورس بشكل "منهجي" وفق وصف شهود عيان وعسكريين سابقين. بل إن بعض الجنود أشاروا إلى استخدام مصطلحات داخليّة مثل "بروتوكول البعوض" و"الدبابير"، في محاولة لإضفاء طابع تقني على ممارسات يرى فيها الحقوقيون انتهاكًا صارخًا لقوانين الحرب واتفاقيات جنيف.
ويكشف إقرار الضباط بأن الأوامر صدرت من مستويات قيادية عليا في الجيش، عن غياب رقابة فعّالة على سلوك الوحدات القتالية، أو تساهل منهجي مع التكتيكات التي قد تحقق نتائج ميدانية آنية، على حساب الالتزام بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
قصص مثل قصة أيمن أبو حمدان، الذي أُجبر على ارتداء زي عسكري واقتحام منازل بحثًا عن أنفاق، تكشف عن الجانب الإنساني المهمل في الصراع. روايات مماثلة من مسعود أبو سعيد وهزار إستيتي تسلط الضوء على معاناة المدنيين الذين تحوّلوا إلى أدوات في معركة ليست معركتهم، في الوقت الذي تغيب فيه آليات المساءلة والعدالة، سواء على المستوى المحلي أو الدولي.
هذه الشهادات تقوّض السردية الرسمية الإسرائيلية، التي ما فتئت تنفي اللجوء إلى هذه الأساليب، وتؤكد أن تعليمات الجيش تحظر بشكل قاطع استخدام المدنيين في العمليات العسكرية. وهو ما يثير تساؤلات جوهرية حول مدى انفصال القيادة العليا عن الواقع الميداني، أو وجود نفاق استراتيجي بين الخطاب الرسمي والممارسات الفعلية.
على الساحة الدولية، من المتوقع أن تثير هذه الإفادات انتقادات واسعة من قبل منظمات حقوق الإنسان، وتُستخدم كأداة ضغط سياسي ضد إسرائيل في المحافل الأممية، بما في ذلك مجلس حقوق الإنسان والمحكمة الجنائية الدولية. كما قد تُوظف هذه الشهادات في تعزيز موقف الأطراف الفلسطينية في أي مفاوضات سياسية مقبلة، من خلال تصوير إسرائيل كقوة احتلال تنتهك القواعد الأخلاقية والقانونية للحرب.
في المقابل، قد تواجه هذه المعلومات بتكتيك الإنكار والتشكيك من قبل الحكومة الإسرائيلية، مع السعي لحصر الضرر داخل إطار الإعلام والتقارير الميدانية، دون السماح بتطور الموقف إلى أزمة دبلوماسية كاملة. غير أن استمرار التوثيق وتصاعد الأصوات داخل إسرائيل، كما هو حال منظمة "كسر الصمت"، يجعل من الصعب تجاهل هذه القضية.
ويبدو أن الحرب المستمرة منذ أكثر من 20 شهراً في غزة ، مع تعقيد المشهد السياسي الداخلي في إسرائيل وتنامي الانقسام في الرأي العام، قد دفعت القيادة العسكرية إلى اعتماد ممارسات غير تقليدية بهدف تحييد التهديدات بأقل خسائر ممكنة في صفوف الجنود. لكن هذا النهج، وإن بدا فعالاً ميدانياً، ينذر بانهيار الثقة الدولية ويعمّق عزلة إسرائيل على المدى الطويل، بل إن الرغبة في الحفاظ على التفوق التكتيكي، عبر وسائل غير تقليدية مثل "استخدام المدنيين ككواشف بشرية"، قد تؤدي إلى انفجار أوسع داخل إسرائيل نفسها، إذا ما تحول هذا الجدل إلى أزمة سياسية داخلية، خاصة مع تصاعد الجدل حول أخلاقية الحرب وتكلفتها.
إنّ كشف الجنود الإسرائيليين عن استخدام المدنيين الفلسطينيين كدروع بشرية لا يمثل فقط خرقًا لحقوق الإنسان، بل يُعد إشارة خطيرة إلى التحول في قواعد الاشتباك العسكري الإسرائيلي، ودليلًا على أزمة أخلاقية داخلية لم تعد تُخفى خلف خطاب أمني أو دبلوماسي.
وإذا لم تتم معالجة هذا الواقع من خلال تحقيقات مستقلة ومحاسبة واضحة للمسؤولين، فإن إسرائيل تخاطر بفقدان شرعيتها الأخلاقية أمام العالم، وتفتح الباب أمام موجات جديدة من العنف والتطرف، سواء داخل الأراضي المحتلة أو في الساحة الدولية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

سعورس
منذ 8 ساعات
- سعورس
أزمة أخلاقية كشفها جنود إسرائيليون سابقون.. قادة جيش الاحتلال يستخدمون المدنيين الفلسطينيين دروعاً بشرية
بحسب الشهادات، فإن استخدام المدنيين الفلسطينيين -رجالاً ونساء- للتحقق من خلو المباني من المتفجرات أو المسلحين، لم يكن حالة فردية أو تصرفاً عشوائياً من بعض العناصر الميدانية، بل مورس بشكل "منهجي" وفق وصف شهود عيان وعسكريين سابقين. بل إن بعض الجنود أشاروا إلى استخدام مصطلحات داخليّة مثل "بروتوكول البعوض" و"الدبابير"، في محاولة لإضفاء طابع تقني على ممارسات يرى فيها الحقوقيون انتهاكًا صارخًا لقوانين الحرب واتفاقيات جنيف. ويكشف إقرار الضباط بأن الأوامر صدرت من مستويات قيادية عليا في الجيش، عن غياب رقابة فعّالة على سلوك الوحدات القتالية، أو تساهل منهجي مع التكتيكات التي قد تحقق نتائج ميدانية آنية، على حساب الالتزام بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان. قصص مثل قصة أيمن أبو حمدان، الذي أُجبر على ارتداء زي عسكري واقتحام منازل بحثًا عن أنفاق، تكشف عن الجانب الإنساني المهمل في الصراع. روايات مماثلة من مسعود أبو سعيد وهزار إستيتي تسلط الضوء على معاناة المدنيين الذين تحوّلوا إلى أدوات في معركة ليست معركتهم، في الوقت الذي تغيب فيه آليات المساءلة والعدالة، سواء على المستوى المحلي أو الدولي. هذه الشهادات تقوّض السردية الرسمية الإسرائيلية، التي ما فتئت تنفي اللجوء إلى هذه الأساليب، وتؤكد أن تعليمات الجيش تحظر بشكل قاطع استخدام المدنيين في العمليات العسكرية. وهو ما يثير تساؤلات جوهرية حول مدى انفصال القيادة العليا عن الواقع الميداني، أو وجود نفاق استراتيجي بين الخطاب الرسمي والممارسات الفعلية. على الساحة الدولية، من المتوقع أن تثير هذه الإفادات انتقادات واسعة من قبل منظمات حقوق الإنسان، وتُستخدم كأداة ضغط سياسي ضد إسرائيل في المحافل الأممية، بما في ذلك مجلس حقوق الإنسان والمحكمة الجنائية الدولية. كما قد تُوظف هذه الشهادات في تعزيز موقف الأطراف الفلسطينية في أي مفاوضات سياسية مقبلة، من خلال تصوير إسرائيل كقوة احتلال تنتهك القواعد الأخلاقية والقانونية للحرب. في المقابل، قد تواجه هذه المعلومات بتكتيك الإنكار والتشكيك من قبل الحكومة الإسرائيلية، مع السعي لحصر الضرر داخل إطار الإعلام والتقارير الميدانية، دون السماح بتطور الموقف إلى أزمة دبلوماسية كاملة. غير أن استمرار التوثيق وتصاعد الأصوات داخل إسرائيل، كما هو حال منظمة "كسر الصمت"، يجعل من الصعب تجاهل هذه القضية. ويبدو أن الحرب المستمرة منذ أكثر من 20 شهراً في غزة ، مع تعقيد المشهد السياسي الداخلي في إسرائيل وتنامي الانقسام في الرأي العام، قد دفعت القيادة العسكرية إلى اعتماد ممارسات غير تقليدية بهدف تحييد التهديدات بأقل خسائر ممكنة في صفوف الجنود. لكن هذا النهج، وإن بدا فعالاً ميدانياً، ينذر بانهيار الثقة الدولية ويعمّق عزلة إسرائيل على المدى الطويل، بل إن الرغبة في الحفاظ على التفوق التكتيكي، عبر وسائل غير تقليدية مثل "استخدام المدنيين ككواشف بشرية"، قد تؤدي إلى انفجار أوسع داخل إسرائيل نفسها، إذا ما تحول هذا الجدل إلى أزمة سياسية داخلية، خاصة مع تصاعد الجدل حول أخلاقية الحرب وتكلفتها. إنّ كشف الجنود الإسرائيليين عن استخدام المدنيين الفلسطينيين كدروع بشرية لا يمثل فقط خرقًا لحقوق الإنسان، بل يُعد إشارة خطيرة إلى التحول في قواعد الاشتباك العسكري الإسرائيلي، ودليلًا على أزمة أخلاقية داخلية لم تعد تُخفى خلف خطاب أمني أو دبلوماسي. وإذا لم تتم معالجة هذا الواقع من خلال تحقيقات مستقلة ومحاسبة واضحة للمسؤولين، فإن إسرائيل تخاطر بفقدان شرعيتها الأخلاقية أمام العالم، وتفتح الباب أمام موجات جديدة من العنف والتطرف، سواء داخل الأراضي المحتلة أو في الساحة الدولية.


Independent عربية
منذ 5 أيام
- Independent عربية
خطة ترمب لترحيل الغزيين إلى ليبيا غبية بقدر ما هي شريرة
أفادت التقارير بأن الخطة الأخيرة المنسوبة لدونالد ترمب لإنهاء الكارثة الجارية في غزة تتمثل في محاولة ترحيل مليون من سكان غزة البالغ عددهم 2.5 مليون نسمة إلى ليبيا، في مقابل الإفراج عن 30 مليار دولار من الأصول الليبية المجمدة. هذه الفكرة عبثية بقدر ما هي لا أخلاقية. يبدو أن هذا الطرح لا ينفصل عن حملة يقودها البيت الأبيض لتكريس الحملة الإسرائيلية كأمر طبيعي ومشروع، التي تقوم باستخدام القنابل والرصاص والتجويع والتدمير الجماعي للمنازل واستهداف المستشفيات والطواقم الطبية، لجعل غزة غير صالحة للعيش. وفي هذا السياق، وصفت الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية بأن ما يقوم به رئيس الوزراء الإسرائيلي وجيشه لا يقل عن كونه إبادة جماعية أو جريمة حرب أو جريمة ضد الإنسانية، وهنا لا يحتاج المرء إلى نقاش قانوني حول المصطلحات لمعرفة ما يحدث فعلاً هناك. يعتبر النقاد بأنها حملة تدعمها بريطانيا من خلال قيامها بتصدير مكونات الأسلحة إلى إسرائيل وتنظيم رحلات لطائرات تجسس تحلق فوق غزة بالتنسيق مع سلاح الجو الإسرائيلي. باختصار، المملكة المتحدة متواطئة في ارتكاب إسرائيل فظائع ضد المدنيين. وسيحاسب التاريخ رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر وحكومته على هذا التواطؤ، كما سيفعل الشعب البريطاني أيضاً. هناك ازدواجية في المعايير بين دعم أوكرانيا بذريعة أخلاقية في مواجهة فلاديمير بوتين القاتل، ودعم حملة نتنياهو، على نحو خاطئ، ضد المسلمين ذوي البشرة الداكنة. كثيرون سيتهمون المملكة المتحدة بالعنصرية. قد نتفهم بأن إسرائيل شعرت بغضب عارم وألم شديد نتيجة لهجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 الذي نفذته "حماس" ومؤيدوها، إذ تعمدت "حماس" ارتكاب الفظائع بهدف استدراج رد فعل غير متكافئ، وحصلت على ما أرادت. أما اليمين المتطرف في إسرائيل، فاستغل الحملة الجارية في غزة ليؤكد أن الهدف بعيد المدى، مع تصعيد القوات البرية لعملياتها مجدداً، هو "غزو" القطاع، وصرح نتنياهو بأنه يريد أن يرى "إجلاء طوعياً" لسكانه. القوات البرية الإسرائيلية ستبقى في قطاع غزة إلى أجل غير مسمى، إذ قال: "لن يدخلوها ثم يخرجون منها". الأمر سيئ من الناحية الأخلاقية بقدر ما هو سيئ بالنسبة إلى إسرائيل التي فقدت حقها في الادعاء بأنها "الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط"، إذ عمدت إلى الاستيلاء على مساحات شاسعة من الضفة الغربية لصالح مستوطنات مخصصة للإسرائيليين وحسب، وفرضت نظام فصل عنصري ضد الفلسطينيين، فضلاً عن تقييد حقوق الشعب الفلسطيني الأصلي في سائر الأراضي. في عام 2021، صرحت منظمة "بتسيلم"، وهي أبرز منظمات حقوق الإنسان في إسرائيل، بما يلي "يطبق النظام الإسرائيلي نظام فصل عنصري (أبارتهايد) في جميع الأراضي التي يسيطر عليها (المناطق الخاضعة لسيادة إسرائيل والقدس الشرقية والضفة الغربية، وقطاع غزة). ويرتكز هذا النظام على مبدأ تنظيمي واحد يشكل أساس مجموعة واسعة من السياسات الإسرائيلية: تعزيز وترسيخ سيادة فئة واحدة - اليهود - على فئة أخرى - الفلسطينيين". واتهمت المنظمة حكومة بلدها بارتكاب "التطهير العرقي" في غزة. عامي أيلون هو الرئيس السابق لجهاز الشاباك (الأمن الداخلي) الإسرائيلي وتقوم الوكالة بالتجسس على الفلسطينيين، وتسهم في تصفية قوائم "الإرهابيين" المزعومين، وأحياناً تقتلهم بنفسها. وصرح متحدثاً عن الحرب الإسرائيلية في غزة قائلاً بأن الحرب "ليست حرباً عادلة"، وإن استمرارها يهدد بانهيار إسرائيل كدولة يهودية ديمقراطية. "نحن نعرض أمننا للخطر إذا لم نوقف هذه الحرب". في مقابل ذلك، لا يمكن لكير ستارمر ووزراءه القول إنهم لا يعرفون ما يحدث. وبالتالي، عليهم أن يصرحوا جهاراً وبصريح العبارة أن ذلك يجب أن يتوقف فوراً، وكذلك عليهم إنهاء أي دور تلعبه المملكة المتحدة في هذا السياق. يكتفي ستارمر بوصف منع إسرائيل للمساعدات عن غزة بأنه "غير مقبول"، متجاهلاً تدمير 80 في المئة من البنية التحتية في القطاع ومقتل ما يزيد على 52 ألف شخص، أكثر من نصفهم من النساء والأطفال. في المقلب الآخر، يرزح بوتين فعلاً تحت عقوبات دولية، ولا تستطيع بلاده استيراد أي شيء من أوروبا أو المملكة المتحدة أو أميركا من شأنه أن يسهم في حربه في أوكرانيا. فقد أقدم القتلة الذين يقودهم بوتين على قتل عدد أقل بكثير من المدنيين (12,500 في الأقل) مقارنة بما ارتكبته قوات الدفاع الإسرائيلية. حالياً، لا يدور أي حديث عن فرض عقوبات على إسرائيل بسبب ما يحدث في غزة، وفي هذا السياق تساءل توم فليتشر الدبلوماسي البريطاني السابق ووكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، أمام مجلس الأمن قائلاً: "هل ستتحركون بصرامة لمنع الإبادة الجماعية في غزة وضمان احترام القانون الإنساني الدولي؟". لم يأت الجواب من المملكة المتحدة، بل من السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون، الذي وصف سؤال فليتشر بأنه "تصريح غير مسؤول ومتحيز وينسف أي مفهوم بالحياد". يصادف أنني أكتب هذه السطور من منطقة البحيرات العظمى في أفريقيا، إذ شهدت رواندا، قبل 31 عاماً أسرع وأشد مذبحة جماعية في التاريخ منذ محرقة الهولوكوست. وقتل الناس بمعدل نحو 10 آلاف شخص يومياً، في محاولة متعمدة من ميليشيات "الهوتو" المتطرفة للقضاء على أقلية التوتسي في البلاد. حينها، رفضت بريطانيا والولايات المتحدة استخدام مصطلح "إبادة جماعية" لما كان يحدث حتى لا تضطر إلى التدخل لوقف المذبحة في ظل القانون الدولي، بقي العالم صامتاً ولم يحرك ساكناً حتى نجح جيش التوتسي المتمرد في وقف عمليات القتل في رواندا. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) بيد أن المذبحة لم تتوقف على رغم ذلك، بل امتدت إلى زائير المجاورة، المعروفة الآن بجمهورية الكونغو الديمقراطية. وساد هوس بالقتل أو التعرض للقتل في معظم أنحاء البلاد الشاسعة. وأسهم ذلك في جر الدول المجاورة إلى حرب ضروس أودت بحياة نحو 5 ملايين شخص، ولا تزال مستعرة حتى اليوم. كان من السهل نسبياً التدخل لإيقاف الإبادة الجماعية عام 1994، لكن التعامل مع الأهوال التي أعقبتها كان شبه مستحيل. الدرس المستخلص من غزة هو أن الفشل في وقف المجازر الجماعية هناك، ستكون له تبعات كارثية وطويلة الأمد وعنيفة. لن ينسى الفلسطينيون خطط ترمب لنفيهم إلى دول أخرى كالأردن أو مصر أو كليهما ونقل سكان غزة الذين شرذمتهم الحرب إلى مناطق أخرى، حتى يتمكن من تحويل الأرض التي خلفوها وراءهم إلى منتجع ساحلي. واليوم، وبحسب ما أفادت به قناة "أن بي سي نيوز" NBC News، يقترح ترمب أن يتاجر بسكان غزة كما لو كانوا جمالاً، مع ليبيا. وذلك عبر رشوة الدولة المنهكة بضخ 30 مليار دولار من أموالها المجمدة، في مقابل أن تستقبل ملايين الفلسطينيين المشردين. الفكرة مجنونة إلى حد يجعل الإشارة إلى استحالة تنفيذها أمراً يكاد يكون غير ضروري، فحكومة ليبيا لن تقبل بها، والدول الأوروبية ستسقطها فوراً لأنها تعني نقل ملايين الأشخاص إلى نقطة انطلاق للهجرة غير الشرعية إلى أراضيها. أما وكالات الاستخبارات، فستستشيط غضباً، إذ يعني ذلك إرسال الحشود الدامية من ضحايا إسرائيل مباشرة إلى أحضان تنظيم القاعدة. لكن هذه الطروحات تخدم حكومة نتنياهو، لأنها توحي بأن أشخاصاً جادين، من داخل الحكومات، باتوا يطرحون السؤال: "إذا لم تكن مصر، وإذا لم تكن الأردن، وإذا لم تكن ليبيا، فأين إذاً؟". ويجب أن يكون جواب بريطانيا "لا مكان سوى غزة"، وأن تطالب بصوت عال بإنهاء القتل الجماعي، وعمليات التهجير القسري، والاستيلاء غير القانوني على أراضي الضفة الغربية. قد يكون التحرك الآن متأخراً جداً بالنسبة إلى عدد كبير من سكان غزة، لكنه قد يساعدهم، وربما يساعد إسرائيل أيضاً، على المدى الطويل.


Independent عربية
١٤-٠٥-٢٠٢٥
- Independent عربية
خبراء أمميون يدينون العنف الجنسي "الممنهج" في السودان
قال خبراء من الأمم المتحدة اليوم الأربعاء إن النساء والفتيات في السودان، الذي دمرته الحرب، يواجهن انتهاكات واسعة النطاق ومنهجية لحقوقهن، تشمل الاغتصاب الجماعي والاستعباد الجنسي والقتل، خصوصاً من جانب مقاتلي قوات "الدعم السريع". ويشهد السودان منذ أبريل (نيسان) 2023 حرباً دامية بين الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان، وقوات "الدعم السريع" بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو، تسببت في مقتل عشرات آلاف المدنيين ونزوح 13 مليوناً، وأزمة إنسانية تعتبرها الأمم المتحدة من الأسوأ في هذا البلد الذي يبلغ تعداده نحو 50 مليون نسمة. وقسمت الحرب البلاد إلى مناطق نفوذ، إذ يسيطر الجيش على وسط السودان وشماله وشرقه، بينما تسيطر "الدعم السريع" وحلفاؤها على معظم إقليم دارفور في الغرب وأجزاء من الجنوب. وفي هذا السياق من العنف، تواجه النساء والفتيات خصوصاً خطراً متزايداً للتعرض للاغتصاب الجماعي والاستعباد الجنسي والزواج القسري، كما حذرت مجموعة من تسعة خبراء مستقلين من الأمم المتحدة. وقالوا في بيان "نشعر بقلق بالغ إزاء التقارير المروعة عن حالات عنف جنسي واختطاف وقتل تستهدف النساء والأطفال، بما في ذلك داخل مخيمات النزوح، مما يكشف عن حملة ممنهجة ووحشية ضد الفئات الأكثر ضعفاً في المجتمع السوداني"، وأضافوا أن "العنف الجنسي لا يزال يستخدم بصورة منهجية كسلاح حرب في السودان". وقال الخبراء، ومن بينهم المقررون الخاصون المعنيون بالعنف ضد النساء والفتيات والتعذيب وأشكال العبودية المعاصرة، إنه جرى توثيق ما لا يقل عن 330 حالة عنف جنسي مرتبطة بالحرب منذ مطلع العام. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وأشار الخبراء على أن الرقم الحقيقي على الأرجح أعلى من ذلك بكثير، مضيفين أنه يعتقد أن عدداً من الضحايا اللاتي تعرضن للصدمة انتحرن، وتابعوا أن "الناجيات يفكرن بصورة متزايدة في الانتحار كوسيلة للهرب من أهوال الصراع المستمر". وأكد هؤلاء الخبراء، المكلفون من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لكنهم لا يتحدثون باسم المنظمة، أن هذه "الشهادات المروعة توضح حجم أزمة الصحة العقلية التي تعانيها النساء والفتيات". وتحدث الخبراء أيضاً عن "انعدام فرص الحصول على الرعاية والدعم، فضلاً عن الإفلات من العقاب الذي يتمتع به الجناة، خصوصاً في المناطق التي انهارت فيها أنظمة المساعدة تماماً"، كذلك أشاروا إلى ارتفاع كبير في التقارير حول حالات الاختفاء القسري في المناطق التي تسيطر عليها قوات "الدعم السريع"، إذ يعتقد أن "عدداً من النساء والفتيات اختطفن لأغراض الاستعباد الجنسي والاستغلال". وأوضحوا في البيان أن "الضحايا يختطفن من مخيمات نازحين أو أسواق أو ملاجئ، في سياق انهيار أنظمة الحماية"، وقالوا إن "النطاق المروع للعنف الذي لا تزال النساء والفتيات يعانينه، يشكل شهادة مقلقة على تآكل آليات الحماية خلال النزاعات"، وأضافوا "يجب على المجتمع الدولي أن يتحرك بصورة عاجلة لوقف هذه الدوامة".