logo
ما الذي يعيد جمع دمشق وموسكو على الطاولة؟

ما الذي يعيد جمع دمشق وموسكو على الطاولة؟

الجزيرةمنذ 4 أيام
ركَّز الحراك الدبلوماسي للحكومة السورية الجديدة -منذ توليها إدارة شؤون البلاد أواخر 2024- على إصلاح العلاقات مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية، في ظل الحاجة إلى رفع العقوبات الغربية عن سوريا، وتحقيق تقدم في مسار توحيد البلاد.
وقد قابل هذا الحراك فتور في العلاقات مع روسيا على خلفية أحاديث عن مطالب أوروبية للإدارة السورية الجديدة، وذلك بإخراج القواعد الروسية من الأراضي السورية.
وفي 31 يوليو/تموز الماضي، توجه وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إلى موسكو برفقة وفد رفيع، وتبعه أيضا وزير الدفاع مرهف أبو قصرة ، في زيارة حملت مؤشرات على رغبة متبادلة بإعادة ترتيب العلاقات السورية الروسية.
ومن هذه المؤشرات الحفاوة التي تعامل بها الجانب الروسي مع الوفد السوري، حيث التقى الرئيس فلاديمير بوتين مع الشيباني في لقاء وصفته الخارجية السورية بـ"التاريخي" كما بحث أبو قصرة مع نظيره الروسي مسألة التعاون العسكري بين البلدين.
كما شهد لقاء الشيباني مع نظيره الروسي سيرجي لافروف اتفاقا على إعادة النظر في الاتفاقيات الثنائية التي تم توقيعها في عهد بشار الأسد ، والعمل على تطوير علاقات صحية بين الجانبين.
فما دلالة هذا الحراك في هذا التوقيت؟ وهل يمهد هذا التحرك المشترك لتأسيس شراكة إستراتيجية جديدة بين البلدين تعيد تعريف العلاقة بعيدا عن إرث المرحلة السابقة؟
وساطة روسية محتملة
جاءت زيارة الوفد السوري إلى موسكو في أعقاب أزمة السويداء التي شكلت منعطفا حرجا بعد أن قوبلت محاولة الحكومة بسط السيطرة على المحافظة الجنوبية بتصعيد إسرائيلي واسع تحت ذريعة "الدفاع عن الدروز".
وقبيل توجه الوفد السوري إلى روسيا، عقد الوزير الشيباني جولة مفاوضات مع حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في العاصمة الفرنسية -برعاية أميركية- من أجل مناقشة التصعيد الإسرائيلي ومصير الجنوب السوري.
ووفق المعلومات التي نشرتها وسائل إعلام إسرائيلية بعد اللقاء، فإن إسرائيل تمسكت بمطلب إبقاء الجنوب السوري منزوع السلاح، مع رفضها دخول قوات الجيش، على أن تتولى عناصر درزية محلية مهمة ضبط الأمن، مما يعني فعلياً تأسيس نموذج حكم محلي خارج عن سيطرة الإدارة السورية.
ومنذ 2018 حتى سقوط نظام الأسد أواخر 2024، لعبت روسيا دور الوسيط والضامن في الجنوب السوري، ونشرت بالتنسيق مع إسرائيل نقاطاً للشرطة العسكرية من أجل منع التصعيد جنوب سوريا بين مجموعات مرتبطة بإيران -كانت منتشرة جنوب سوريا- وبين إسرائيل.
ولهذا، من غير المستبعد أن تطلب دمشق مجدداً من موسكو القيام بدور الوساطة مع إسرائيل، خاصة وأن تقارير إسرائيلية تحدثت في أبريل/نيسان الماضي عن جهود تبذلها إسرائيل لإقناع الولايات المتحدة بإبقاء القواعد الروسية في سوريا من أجل موازنة النفوذ التركي، وهذا يشير إلى استمرار انفتاح إسرائيل على قيام روسيا بدور في سوريا.
وبالفعل، فقد أجرى بوتين اتصالاً هاتفياً في 4 أغسطس/آب الجاري مع نتنياهو، وأوضح بيان صادر عن الكرملين أن الرئيس أكد في المكالمة على وحدة الأراضي السورية، وبالتالي قد تستفيد الحكومة السورية من دور الوساطة والضمانة الروسية لإقناع إسرائيل بالتخلي عن فكرة إنشاء حيز أمني داخل الأراضي السورية.
يمر ملف شمال شرق سوريا بحالة مراوحة في المكان، فرغم توقيع اتفاق 10 مارس/آذار 2025 بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والحكومة السورية، تشير التصريحات المتكررة الصادرة عن قيادات "قسد" إلى أن الاتفاق كان عبارة عن خطوط عامة، وتريد فتح المفاوضات حول آليات تطبيقه.
وقد تصاعدت هذه التصريحات بعد أحداث السويداء، وبات المتحدثون باسم "قسد" يؤكدون على التمسك بالسلاح لحين التوافق على "حكومة سورية تشاركية".
ولا تزال روسيا تحتفظ بقاعدة جوية لها في مدينة القامشلي ضمن محافظة الحسكة، ولديها اتصالات مع "قسد". وبالتالي فإن استمرار تجاهل حكومة دمشق للمصالح الروسية في سوريا قد يدفع موسكو لتعزيز التواصل معها، على غرار ما حصل مطلع عام 2016 عندما دعم الطيران الروسي "قسد" في عمليات عسكرية ضد المعارضة السورية آنذاك شمال حلب قرب الحدود التركية، على إثر التوتر بين موسكو وأنقرة بعد إسقاط تركيا طائرة حربية روسية في سوريا.
وبالمجمل، لم تكن علاقة روسيا مع "قسد" إستراتيجية، بل استخدمتها لتوفير نفوذ في مناطق إستراتيجية للجانب التركي، وهي لم تمانع الانسحاب لصالح تركيا قبيل تنفيذ الأخيرة عملية غصن الزيتون في منطقة عفرين عام 2018، كما أن موسكو تتلاقى مع دمشق -سواء في زمن نظام الأسد أو بعد مغادرته- على رؤية وحدة الأراضي السورية.
وبعد أيام من زيارة الوفد السوري إلى موسكو، سيرت روسيا دورية عسكرية في محافظة الحسكة للمرة الأولى بعد سقوط نظام الأسد.
ومن غير المستبعد أن تتعاون موسكو لاحقاً مع القوات الحكومية السورية لتطبيق "تفاهم سوتشي" الذي وقعته موسكو مع أنقرة عام 2019، وينص على التزام الجانب الروسي مع القوات السورية بإبعاد العناصر "الإرهابية" عن الشريط الحدودي، في إشارة إلى قوات "قسد". وبالتالي تمتلك الحكومة السورية ورقة ضغط إضافية على "قسد" قد تشكل في نهاية المطاف أرضية لوساطة روسية بين الطرفين.
الاستقرار في الساحل السوري
تحتفظ روسيا إلى يومنا هذا بتأثير على القيادات السابقة في نظام الأسد، فهي تستضيف بشار وشقيقه ماهر، إلى جانب اللواء سهيل الحسن قائد الفرقة 25، ورئيس المخابرات العامة السابق اللواء حسام لوقا.
وبعد التحرك الذي نفذته فلول نظام الأسد في الساحل خلال مارس/آذار الماضي، وتصدي الحكومة السورية له، لجأ العديد من ضباط النظام السابق مع عائلاتهم وعائلات أخرى من محافظتي اللاذقية وطرطوس إلى قاعدة حميميم الروسية في اللاذقية، لكن موسكو طلبت لاحقاً من العوائل المغادرة.
ومع حلول أغسطس/آب الجاري، تقلص أعداد الموجودين في القاعدة من 10 آلاف إلى مئات فقط، بموجب البيانات الصادرة عن مديرية منطقة جبلة بريف اللاذقية، حيث تتم عملية إخراج العوائل بالتنسيق بين الجانبين الروسي والسوري.
بالنظر للتعاون الروسي مع الحكومة السورية على تسهيل عودة العوائل التي لجأت إلى حميميم وعدم اتجاه موسكو للتصعيد سياسياً في هذا الملف، يفتح الباب أمام تعاون مستمر لضمان الاستقرار لاحقاً بالساحل السوري بعد المباحثات الإيجابية بين دمشق وموسكو.
ثقل روسيا بمجلس الأمن والتسليح
تمتلك روسيا حق النقض (فيتو) لأنها من ضمن الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، وهذا يمنحها ثقلا سياسيا على الساحة الدولية.
ومنذ مطلع أغسطس/آب الجاري، يبحث مجلس الأمن مشروع بيان رئاسي -أعدته الدانمارك بخصوص سوريا- يدعو السلطات السورية إلى إجراء تحقيقات "شاملة وشفافة" حول أحداث السويداء، ومحاسبة مرتكبيها، مع إدانة استهداف المدنيين وحصول أعمال قتل جماعي في سوريا.
وتعطي إعادة هيكلة العلاقات السورية الروسية -على قاعدة المصالح المتبادلة- دمشقَ إمكانية الاعتماد على أكثر من طرف داخل مجلس الأمن لمنع صدور قرارات تضر بعملية الانتقال السياسي، خاصة وأن الولايات المتحدة والدول الغربية عادة ما تكون أقرب لمصالح إسرائيل في مواجهة دول المنطقة.
وقد سبق أن استخدمت روسيا حق النقض في مجلس الأمن ضد قرار غربي في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، وكان هذا التدخل لصالح الجيش السوداني لأن القرار يساوي بينه وبين قوات التمرد (الدعم السريع).
واللافت أن موقف روسيا أتى بعد أن قام الجيش السوداني أيضاً بإصلاح العلاقات مع موسكو التي كانت أقرب إلى المتمردين، ووفرت لهم الدعم عن طريق مرتزقة فاغنر، قبل أن يتم تطبيع العلاقات بين موسكو والخرطوم.
وقد تضمنت الاجتماعات السورية الروسية لقاء على مستوى وزيري دفاع البلدين، مع الإشارة إلى تطوير التعاون العسكري.
ولسنوات طويلة سابقة، اعتمدت سوريا على السلاح الروسي، وبعد سقوط نظام الأسد استحوذ الجيش السوري الحالي على المئات من المدرعات وقطع المدفعية الروسية، بالإضافة إلى بعض الطائرات، وغالب هذا العتاد يحتاج إلى قطع تبديل وصيانة.
وقد توفر العلاقة على المستوى العسكري لسوريا خيارات من أجل تحسين سلاح الجيش في ظل عدم وجود بوادر لموافقة دول غربية على إجراء صفقات سلاح مع دمشق، خاصة وأن موسكو لا تلتفت كثيراً إلى العقوبات وقرارات حظر الأسلحة، فهي مستمرة في توفير الدعم لقوات شرق ليبيا التي يقودها خليفة حفتر رغم قرار حظر التسليح للأطراف الليبية.
المكاسب الروسية من التطبيع مع دمشق
بالتوازي مع ذلك، فإن تطبيع العلاقات بين دمشق وموسكو سيحقق مكاسب للجانب الروسي، أولها إمكانية الاحتفاظ بنقاط ارتكاز عسكرية، على الأقل قاعدة طرطوس البحرية، وهي القاعدة الروسية الوحيدة بالبحر المتوسط، مما يتيح للأسطول الروسي عمليات الصيانة.
ومن جهة أخرى، تعتبر سوريا ممراً محتملاً للطاقة باتجاه أوروبا. وكما كافحت روسيا للحفاظ على نفوذها في ليبيا التي تعتبر هي الأخرى بوابة عبور الطاقة لأوروبا، فمن المتوقع أيضاً أن تسعى للحفاظ على تأثيرها بالساحة السورية في سياق السعي للضغط على أوروبا في ظل تصاعد التوتر بين الجانبين بعد الحرب الأوكرانية.
ويسود اعتقاد بأن منطقة شرق حوض المتوسط تحتوي على احتياطيات كبيرة من الغاز لم يتم استكشافها، ومن المتوقع أن يزداد التنافس الدولي على الاستثمار في التنقيب عن الغاز قبالة السواحل السورية مستقبلاً.
كما أن عودة روسيا إلى دور الوساطة مع إسرائيل -في الملف السوري الحساس بالنسبة لإسرائيل- ستوفر لموسكو قناة اتصال مهمة مؤثرة في الأوساط الغربية، ويمكن استخدامها مجدداً لمحادثات حول خفض التوتر بين الطرفين، والتفاوض حول مستقبل الحرب في أوكرانيا والعقوبات على روسيا.
إذن، ثمة فرص ومصالح متبادلة دفعت كلاً من موسكو ودمشق إلى إعطاء فرصة جديدة للعلاقات بين الجانبين، في محاولة لتجاوز الحقبة الماضية التي دعمت فيها روسيا بشار ضد المعارضة السورية الشعبية والمسلحة، وإن نجاح هذه المحاولة مرتبط بعوامل كثيرة أولها مدى قدرة دمشق على الموازنة في العلاقة بين موسكو والغرب.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

سباق تعزيز المواقف بين كييف وموسكو قبل قمة بوتين وترامب
سباق تعزيز المواقف بين كييف وموسكو قبل قمة بوتين وترامب

الجزيرة

timeمنذ 10 ساعات

  • الجزيرة

سباق تعزيز المواقف بين كييف وموسكو قبل قمة بوتين وترامب

تخوض كل من روسيا وأوكرانيا سباقا لتعزيز موقفيهما قبل قمة ألاسكا يوم الجمعة المقبل التي تجمع الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين ، الذي تسعى واشنطن لجمعه بنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وسط مناشدات أوروبية بمشاركته في المفاوضات. ولليوم الثالث على التوالي، أجرى الرئيسان الأوكراني والروسي اتصالات هاتفية مع حلفائهما وشركائهما اليوم الأحد، قبل أيام من القمة المرتقبة بين بوتين وترامب الجمعة في ولاية ألاسكا الأميركية. وتحدث زيلينسكي هاتفيا مع 13 زعيما أجنبيا خلال الأيام الثلاثة الماضية، من بينهم داعموه الأوروبيون الرئيسيون، المملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا. كما اتصل باثنين من شركاء روسيا التقليديين، هما رئيسا كازاخستان وأذربيجان. وقال زيلينسكي، على تليغرام بعد اتصاله بنظيره الأذربيجاني إلهام علييف ، إن "من المهم أن تُجبر الجهود المشتركة للعالم أجمع روسيا في النهاية على إنهاء عدوانها". من جانبه، تحدث بوتين مع 9 رؤساء دول أجنبية منذ يوم الجمعة الماضي، من بينهم الشركاء الأكثر قربا، الصيني شي جين بينغ والهندي ناريندرا مودي والبرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا. كما اتصل برؤساء عدد من جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق التي تربطها علاقات جيدة بموسكو ، أي بيلاروسيا وأوزبكستان وكازاخستان وطاجيكستان وقرغيزستان. المشاركة وبينما تتواصل اتصالات كل طرف بحلفائه، قال جيه.دي فانس نائب الرئيس الأميركي إن بلاده تعمل على تحديد موعد لإجراء محادثات بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأوكراني فولوديمير زيلينسكي. وأضاف، في مقابلة مع قناة فوكس نيوز اليوم الأحد، أنه لا يعتقد بأنه سيكون من المثمر أن يجلس بوتين مع زيلينسكي قبل اللقاء مع ترامب. إعلان ونقلت وكالة أسوشيتد برس عن مسؤول في البيت الأبيض رفض ذكر اسمه قوله "إن ترامب لا يزال منفتحًا على عقد قمة ثلاثية مع الزعيمين الروسي والأوكراني، لكنه سيعقد في الوقت الحالي اجتماعا ثنائيا بناءً على طلب بوتين". من جهته، أعرب المستشار الألماني فريدريش ميرتس عن اعتقاده بأن زيلينسكي سيشارك في قمة ترامب وبوتين الجمعة المقبل. وقال ميرتس، في مقابلة مع التلفزيون الرسمي الألماني، "نأمل ونعتقد أن الرئيس زيلينسكي سيشارك في هذا اللقاء". وأوضح ميرتس أن برلين "تعمل على نحو وثيق مع واشنطن للسعي إلى ضمان مشاركة زيلينسكي في المحادثات، ولا يمكننا القبول بأن تُناقش أو تُقرر مسائل إقليمية بين روسيا والولايات المتحدة على حساب الأوروبيين والأوكرانيين وأفترض أن الحكومة الأميركية ترى الأمور على النحو نفسه". يذكر أن بوتين، وهو ضابط سابق في جهاز الاستخبارات وممسك بالسلطة في روسيا منذ أكثر من 25 عاما، استبعد إجراء محادثات مع زيلينسكي في هذه المرحلة. ويشدّد على أن غزو أوكرانيا كان ضروريا لحماية الناطقين بالروسية في أوكرانيا وكذلك لأمن روسيا. مخاوف أوروبية وفي قالت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس اليوم "إن أي اتفاق بين واشنطن وموسكو لإنهاء الحرب في أوكرانيا يجب أن يشمل أوكرانيا والاتحاد الأوروبي"، مضيفة أنها ستعقد اجتماعا لوزراء الخارجية الأوروبيين غدا الاثنين لمناقشة الخطوات التالية. وقالت كالاس " الولايات المتحدة لديها القدرة على إجبار روسيا على التفاوض بجدية. وأي اتفاق بين الولايات المتحدة وروسيا يجب أن يشمل أوكرانيا والاتحاد الأوروبي، لأن الأمر يتعلق بأمن أوكرانيا وأوروبا بأكملها". وأضافت "بينما نعمل من أجل سلام مستدام وعادل، فإن القانون الدولي واضح، وجميع الأراضي المحتلة مؤقتا تابعة لأوكرانيا ويجب ألا يوفر الاتفاق نقطة انطلاق لمزيد من العدوان الروسي على أوكرانيا و حلف شمال الأطلسي (الناتو) وأوروبا". وأثار الإعلان عن قمة ترامب-بوتين التي يغيب عنها من حيث المبدأ زيلينسكي، مخاوف حلفاء كييف من احتمال إبرام صفقة دون أوكرانيا، تُجبرها على التنازل عن أجزاء من أراضيها لروسيا. ومنذ ذلك الحين، يؤكد الرئيس الأوكراني ضرورة مشاركة بلاده وحلفائها الأوروبيين في هذه العملية. وتضامنت الدول الأوروبية مع أوكرانيا، مؤكدةً أن السلام في الدولة التي مزقتها الحرب لا يمكن تحقيقه دون كييف. وأكد بيان وقّعه أمس السبت رئيس الاتحاد الأوروبي وقادة فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبولندا وفنلندا والمملكة المتحدة، على الحاجة إلى "سلام عادل ودائم" لكييف، بما في ذلك ضمانات أمنية "قوية وموثوقة". وجاء في البيان: "لأوكرانيا حرية اختيار مصيرها. ولا يمكن إجراء مفاوضات جادة إلا في سياق وقف إطلاق النار أو خفض الأعمال العدائية". وأضاف الأوروبيون "لا يمكن تحديد مسار السلام في أوكرانيا دون أوكرانيا. ونظل ملتزمين بمبدأ عدم تغيير الحدود الدولية بالقوة". ردا على ذلك، شكر زيلينسكي الحلفاء الأوروبيين في منشور على موقع إكس ، وكتب اليوم يقول "يجب أن تكون نهاية الحرب عادلة، وأنا ممتن لكل من يقف إلى جانب أوكرانيا وشعبنا".

خيارات الحكومة السورية بعد مؤتمر "قسد" المفاجئ
خيارات الحكومة السورية بعد مؤتمر "قسد" المفاجئ

الجزيرة

timeمنذ 12 ساعات

  • الجزيرة

خيارات الحكومة السورية بعد مؤتمر "قسد" المفاجئ

يثير المؤتمر الذي رتبه على عجل قادة "قوات سوريا الديمقراطية" "قسد"، العديد من التساؤلات حول توقيته، والغاية منه، والرسائل التي يريدون توجيهها للحكومة السورية وللعالم. حيث إن المؤتمر لم تقتصر أهدافه، حسبما كان معلنا، على توحيد موقف المكونات في المناطق التي تسيطر عليها "قسد" في الجزيرة السورية، بل تعداه إلى إشراك طرفين مناوئين للحكومة السورية، هما الزعيم الروحي لطائفة الموحدين الدروز حكمت الهجري، ورئيس المجلس العلوي الأعلى في سوريا غزال غزال، الأمر الذي أثار حفيظة الحكومة السورية، واعتبرته "تصعيدا خطيرا"، ويشكل ضربة للعملية التفاوضية الجارية معها. لذلك قررت عدم المشاركة في اجتماعات مقررة في باريس، وعدم الجلوس "على طاولة التفاوض مع أي طرف يسعى لإحياء عهد النظام المخلوع تحت أي مسمى أو غطاء". وبالتالي فإن جولة المفاوضات التي كانت مقررة في باريس أضحت في مهب الريح، في ظل عدم وجود طرح جدي لتنفيذ اتفاق 10 مارس/آذار الماضي، الذي وقعه الرئيس السوري أحمد الشرع، وقائد "قسد" مظلوم عبدي، ونص على وقف إطلاق النار في جميع أنحاء الأراضي السورية، مع الاعتراف بالمجتمع الكردي كجزء لا يتجزأ من الدولة، وضمان حقوقه المواطنية والدستورية، كما نص على دمج "قسد" ومكونات الإدارة الذاتية ومؤسساتها ضمن الدولة السورية. لم تنسق "قسد" مع القوى السياسية القريبة منها، مثل المجلس الوطني الكردي الذي رفض الدعوة التي وُجهت إليه للمشاركة. كما أن العديد من العشائر العربية في مناطق سيطرتها قررت مقاطعة المؤتمر، واعتبرته محاولة لجعلها تتبنى مشاريع وأجندات "قسد" التي لا تنسجم مع موقفها. ويبدو أن قادة "قسد" أرادوا من خلال عقد المؤتمر دفع حكومة دمشق إلى تقديم تنازلات حيال مطالبهم، لكن هذا التكتيك يفتقد إلى الحنكة السياسية، كونه يخطئ الحسابات، ويتبع مقاربة لن تثمر إلا في زيادة توجس الحكومة منهم، وتدفع بالمزيد من السوريين إلى الالتفاف حولها. لقد أظهر قادة "قسد" من خلال مؤتمر أو "كونفرانس" الحسكة تحديهم السافر لسلطة دمشق، من خلال التحالف مع قوى مناوئة لها، ومحاولة تعميم تجربة "الإدارة الذاتية" التي تتحكم بإدارة مناطق سيطرتها، وتشمل أجزاء من محافظات: الحسكة، والرقة، وحلب، و‌دير الزور في شمال شرقي سوريا، بوصفها تجربة ناجحة وديمقراطية، ينبغي تعميمها على سائر المناطق السورية، والتي وجدت صداها في السويداء، وجرى تأطيرها من خلال "اللجنة القانونية العليا" التي شكلها الهجري لإدارة المدينة، التي شكلت بدورها مكتبا تنفيذيا مؤقتا لإدارة الشؤون الخدمية، إلى جانب تعيين قيادات جديدة لجهاز الأمن الداخلي، في ظل غياب سلطة الدولة المركزية عن المحافظة. تمحور الهدف الأبرز للمؤتمر في الدعوة إلى تبني اللامركزية، بصيغتها الضيقة ذات الطابع الإثني والطائفي، والتي تجنح نحو الانفصال الفعلي عن الجسد السوري، واعتبارها الخيار الأمثل في كل المناطق في سوريا، وذلك بالتضاد مع مسعى الحكومة السورية إلى بناء دولة مركزية، في ظل الصراع على مستقبل سوريا وطبيعة الحكم فيها، حيث تحظى المركزية بتاريخ بدأ منذ نشأة سوريا الحديثة، وباتت تملك شرعية في الوعي السياسي في سوريا وسائر منطقة الشرق الأوسط. ظهرت اللامركزية التي يتبناها قادة "قسد"، ليس بوصفها قضية نقاش عام بين السوريين، بل في صيغة خطاب أيديولوجي أحادي، وخاصة لدى أولئك المنخرطين في وحدات حماية الشعب الكردية، الجناح العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي، الذي يهيمن عليه أعضاء من حزب العمال الكردستاني التركي. وعليه يصر هؤلاء على المحافظة على هيكلية قوات سوريا الديمقراطية كجسم أو كيان مستقل في أي عملية دمج مع الجيش السوري، مع المحافظة كذلك على هيكلية الإدارة الذاتية ومؤسساتها، فضلا عن عدم التخلي عن المكتسبات التي حققوها خلال السنوات السابقة، الأمر الذي يفسر الاحتفاظ بكل الملفات التي من المفترض أن تتولى إدارتها الحكومة السورية حسب اتفاق 10 مارس/آذار الماضي، وخاصة المعابر الحدودية مع العراق، والسجون التي يقبع فيها الآلاف من عناصر تنظيم الدولة، والمخيمات التي تؤوي عوائلهم. كما أن القوى المسيطرة على مناطق شمال شرقي سوريا تستحوذ على الثروات الطبيعية في مناطق سيطرتها، حيث يتواجد فيها معظم الاحتياطي النفطي السوري، والبالغ 2.5 مليار برميل، بحسب إحصاءات إدارة معلومات الطاقة الأميركية. كما أنها تضم أكبر الحقول، كحقل السويدية، وحقل الرميلان، وحقول دير الزور، كحقل العمر، إضافة إلى العديد من حقول الغاز السوري. وتُنتج تلك المناطق قرابة نصف إنتاج سوريا الزراعي، الذي يقدر بأكثر من 1.76 مليون طن، وفق إحصائيات 2011. إضافة إلى أنها تحوي أهم ثلاثة سدود مائية في البلاد، وهي: "الطبقة" و"البعث" بريف الرقة، وكذلك "سد تشرين" في ريف حلب الشمالي. خيارات الحكومة لم تجد سلطة دمشق سوى الإقرار بحق المواطنين في التجمع السلمي والحوار البناء، سواء على مستوى مناطقهم أو على المستوى الوطني، "شريطة أن يكون في إطار المشروع الوطني الجامع الذي يلتف حول وحدة سوريا أرضا وشعبا وسيادة". واعتبرت أن شكل الدولة لا يُحسم عبر تفاهمات فئوية، بل عبر دستور دائم يُقر بالاستفتاء الشعبي، بما يضمن مشاركة جميع المواطنين على قدم المساواة، ويحق لأي مواطن طرح رؤاه حول الدولة، على أن يتم عبر الحوار العام وصناديق الاقتراع، لا عبر التهديد أو القوة المسلحة. وبالنظر إلى عدم وجود خيارات كثيرة أمام حكومة دمشق لاعتبارات عديدة، داخلية وخارجية، فإنه لا مفر من استمرار الحوار الذي بدأته مع قادة "قسد"، لذلك جددت دعوتها إلى الانخراط الجاد في تنفيذ اتفاق 10 مارس/آذار، وطالبت الوسطاء الدوليين بنقل جميع المفاوضات إلى دمشق، باعتبارها العنوان الشرعي والوطني للحوار بين السوريين. لا شك في أن مسألة دمج "قسد" في الجسم السوري، ليست مسألة سورية فقط، بل دولية أيضا، حيث تلعب كل من الولايات المتحدة، وتركيا، وفرنسا أدوارا في ترتيبات المشهد السوري الجديد. وهناك إجماع دولي على استقرار سوريا ضمن دولة واحدة، وبالتالي ستدفع هذه الدول باتجاه فتح نافذة جديدة للحوار بين الحكومة و"قسد"، الأمر الذي يعني الابتعاد عن الخيارات المكلفة. المطلوب سوريًّا بعيدا عن التجييش المذهبي والإثني، واتهامات التخوين، وخطاب الكراهية، فإن المطلوب هو توسيع الحوار المجتمعي والسياسي، وعدم الركون إلى محاورة جهة بعينها. ولعل الأجدى للحكومة السورية الالتفات إلى القوى المدنية والسياسية في كافة المناطق السورية، ففي الجزيرة السورية ينبغي عدم الاكتفاء بمحاورة "قسد"، لأن هناك قوى سياسية واجتماعية عديدة في مناطق شمال شرقي سوريا، يجب إشراكها في الحوار لضمان قاعدة أوسع لأي اتفاق يبرم بين الحكومة وبين تلك الفعاليات المجتمعية والسياسية والعسكرية. والأمر ينسحب كذلك على كافة المناطق السورية، وخاصة السويداء، التي يتواجد فيها نقابات ومنظمات وقوى مجتمع مدني وفاعلون اجتماعيون، الأمر الذي يوجب إشراكهم في الحوار الوطني. تقتضي العملية السياسية الانتقالية البحث عن مبادرات جديدة، وأفكار تطرح خارج الفهم الضيق والقوالب الجاهزة، وعدم التمسك بها على الدوام. ولعلها تتيح التفكير في نظام مركزي مرن في سوريا، يراعي خصوصية المناطق، ليس على أسس إثنية أو طائفية، ولا يعتمد المحاصصة، إنما يمنح الأقاليم الجغرافية نوعا من اللامركزية الإدارية، كي يتمكن أبناء المناطق من إدارة شؤونهم ضمن الدولة الواحدة، ووفق المقتضيات الوطنية السورية. وبالتالي تأتي ضرورة فتح حوار وطني جامع حول المرحلة الانتقالية، يبحث في كيفية إشراك جميع القوى والفعاليات السياسية والاجتماعية في رسم ملامحها، وذلك كي تنتفي المخاوف والتوجسات من تفرّد الفصائل العسكرية بمفاصل صنع القرار، ومن قيامها بإقصاء باقي المكونات السياسية والمدنية. وكي يشعر السوريون أن مستقبل بلدهم بات بين أيديهم، لذلك يتوجب عليهم تحمل المسؤولية، وعدم الارتهان أو الرضوخ إلى الحسابات الخاطئة والمصالح الضيقة.

المستشار الألماني يدافع عن قراره وقف تصدير أسلحة لإسرائيل
المستشار الألماني يدافع عن قراره وقف تصدير أسلحة لإسرائيل

الجزيرة

timeمنذ 13 ساعات

  • الجزيرة

المستشار الألماني يدافع عن قراره وقف تصدير أسلحة لإسرائيل

دافع المستشار الألماني فريدريش ميرتس ، اليوم الأحد، عن وقف تسليم إسرائيل شحنات أسلحة، مع تزايد انتقادات كوادر في حزبه لهذه الخطوة. وقال ميرتس، في تصريح لقناة تلفزيونية ألمانية رسمية، "تقف جمهورية ألمانيا الاتحادية إلى جانب إسرائيل منذ 80 عاما. ولن يتغير شيء من ذلك وسنواصل مساعدتها في الدفاع عن نفسها". وشدد على أن تضامن ألمانيا مع إسرائيل لا يعني "أنه يتعين علينا اعتبار أن كل قرار تتوصّل إليه الحكومة هو قرار جيد وندعمه إلى حد تقديم المساعدة العسكرية بما في ذلك الأسلحة". وكان ميرتس قال الجمعة إن ألمانيا ستوقف صادراتها إلى إسرائيل من المعدات العسكرية التي يمكن استخدامها في قطاع غزة ردا على خطة الدولة العبرية للسيطرة على مدينة غزة. وُجّهت انتقادات علنية في صفوف "الاتحاد الديمقراطي المسيحي" الذي يتزعّمه ميرتس لحظر الأسلحة الجزئي الذي فرضه المستشار، بما في ذلك في المنظمة الشبابية للحزب التي اعتبرت أن الخطوة تتعارض مع المبادئ الأساسية الحزبية والألمانية. وقال المستشار الألماني إنه طمأن رئيس إسرائيل في وقت سابق اليوم الأحد إلى أن ألمانيا ليست بصدد التخلي عن صداقتها التقليدية مع إسرائيل، لافتا إلى أن هناك نقطة خلافية واحدة تتعلق بالعمل العسكري الإسرائيلي في قطاع غزة، وهذا الأمر يمكن للصداقة أن تتحمّله. وقبل الخطوة الألمانية الأخيرة، كانت إسرائيل تحظى بدعم واسع النطاق من مختلف الأطياف السياسية في ألمانيا، الدولة التي لا تزال تسعى للتكفير عن قتل النظام النازي الذي كان يحكمها أكثر من 6 ملايين يهودي إبان الحرب العالمية الثانية. وخلافا لفرنسا وبريطانيا وكندا، لا تعتزم ألمانيا الاعتراف بدولة فلسطين في سبتمبر/أيلول المقبل معتبرة أن الخطوة يمكن أن تحصل بعد مفاوضات إسرائيلية-فلسطينية. لكن نبرة ميرتس حيال إسرائيل تشهد تشددا منذ أشهر مع تدهور الأوضاع الإنسانية في غزة، حيث يحذر خبراء الأمم المتحدة من مجاعة تهدد القطاع الفلسطيني المدمّر من جراء الحرب المستمرة منذ نحو عامين.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store