
ما حجم الخسائر التي لحقت بالمنشآت النووية الإيرانية جراء الضربات الإسرائيلية؟
شنت إسرائيل فجر الجمعة سلسلة ضربات جوية استهدفت مواقع متعددة في إيران، بينها منشآت نووية استراتيجية. ومع تصاعد التوترات بين البلدين، يبقى السؤال الملح: ما حجم الخسائر التي منيت بها المنشآت النووية الإيرانية نتيجة هذه الهجمات؟
لم تُعلن بعد تفاصيل دقيقة حول حجم الأضرار، لكن المؤكد أن العمليات دخلت مرحلة تصعيد نوعي في الصراع الممتد بين البلدين.
تُظهر التقارير أن الضربات الإسرائيلية دمّرت منشأة لإنتاج الوقود النووي تقع فوق الأرض، بالإضافة إلى مراكز تغذية كهربائية في منشأة نطنز، أكبر موقع لتخصيب اليورانيوم في إيران.
ويُعد مجمع نطنز النووي الشاسع المنشأة الرئيسية لتخصيب اليورانيوم في البلاد، ويضم موقعا تحت الأرض وآخر فوق الأرض.
وقال جيفري لويس، خبير حظر الانتشار النووي في "معهد ميدلبري للدراسات الدولية"، إن الأضرار التي لحقت بمنشأة نطنز كانت "متوسطة"، مشيراً إلى أن إسرائيل دمرت منشأة تجريبية لتخصيب الوقود وبعض المباني الداعمة المرتبطة بإمدادات الطاقة.
وأضاف أن الضربات أصابت مبنى دعم قرب منشأتين تحت الأرض لتخصيب اليورانيوم، دون أن تظهر أي أضرار على المنشآت تحت الأرض أو المنشأة الجبلية المجاورة.
بدورها، أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن محطة التخصيب فوق الأرض في موقع نطنز دُمرت، وأنه لم يتم تسجيل أي زيادة في مستويات الإشعاع.
ورغم شن أكثر من 200 مقاتلة إسرائيلية، إلى جانب أسراب من الصواريخ والطائرات المسيّرة، هجمات متعددة، فإن المرحلة الأولى من القصف لم تستهدف على ما يبدو المخزون المحتمل من الوقود النووي الإيراني، والذي يُعتقد أنه مخزّن في مجمع كبير بالقرب من مدينة أصفهان.
وتُعتبر أصفهان واحدة من أكبر المواقع النووية في إيران، ومن أبرز مراكز الأبحاث السرية المرتبطة بتطوير الأسلحة، وفقاً لتقديرات استخباراتية غربية. ووصف خبراء هذا القرار بأنه ربما يكون "متعمداً"، بحسب صحيفة التايمز البريطانية.
وأفاد المتحدث باسم هيئة الطاقة الذرية الإيرانية بهروز كمالوندي، السبت، بأن أضراراً محدودة لحقت بموقع مفاعل "فوردو" النووي قرب مدينة قم، بالإضافة إلى منشآت أخرى تشمل مبنى لإنتاج اليورانيوم المعدني، وبنية تحتية لتحويل اليورانيوم المخصب، ومختبرات.
وأوضح أن بعض الأضرار الطفيفة لحقت بموقع فوردو، لكنها ليست خطيرة من الناحية الفنية، مؤكداً أن الإجراءات الوقائية المتخذة سابقاً حالت دون وقوع خسائر كبيرة أو بشرية.
كما أشار إلى أن الهجمات في أصفهان تسببت في اندلاع حرائق، دون وقوع أضرار مباشرة في المنشآت الحساسة.
قال كمالوندي إن المعدات والمعلومات الحساسة تم إجلاؤها من المحطات النووية قبل تنفيذ الهجمات، مشيراً إلى عدم وجود أي خطر من تلوث إشعاعي أو تهديد للصحة العامة.
وأكد أن عمليات الترميم بدأت بالفعل، وسيتم إعادة بناء المتضرر بجودة أعلى من السابق، مع الاستفادة من القدرات العلمية والفنية المحلية.
بدورها، أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن محطة بوشهر النووية على الساحل الإيراني في الخليج الفارسي "لم تُستهدف"، وأنه "لم يتم تسجيل أي زيادة في مستويات الإشعاع في موقع نطنز".
وقال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي لمجلس الأمن، أمس الجمعة، إن إيران أبلغت عن هجمات على منشأتي فوردو وأصفهان، إلى جانب تدمير محطة التخصيب فوق الأرض في موقع نطنز.
ويأتي استهداف عدد من كبار العلماء النوويين الإيرانيين ضمن حملة إسرائيلية مستمرة تهدف إلى تصفية الكفاءات اللازمة لتطوير قنبلة نووية.
ونقلت وكالة "رويترز" عن الخبير النووي ديفيد ألبرايت، من معهد العلوم والأمن الدولي، قوله: "كان اليوم الأول يستهدف أموراً يمكن تحقيقها من خلال المفاجأة؛ اغتيال القيادات، وملاحقة العلماء النوويين، وأنظمة الدفاع الجوي، والقدرة على الرد".
وأضاف: "لا يمكننا رؤية أي أضرار ظاهرة على منشأتي فوردو أو أصفهان. وهناك أضرار في نطنز. لا يوجد دليل على تدمير الموقع الموجود تحت الأرض".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


يورو نيوز
منذ 9 ساعات
- يورو نيوز
بزشكيان ونتنياهو يتبادلان التهديدات بالتصعيد.. ولا مفاوضات الأحد
تسببت الضربات الإسرائيلية المتواصلة منذ الجمعة على مواقع عسكرية ونووية إيرانية في نسف المساعي الدبلوماسية لإحياء المفاوضات النووية، وسط تبادل الاتهامات بين إيران والولايات المتحدة، وتكثيف الاتصالات الإقليمية والدولية لاحتواء الأزمة. أكد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في اتصال مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، أن إيران لن تدخل أي مفاوضات نووية في ظل استمرار الهجمات الإسرائيلية، مشدداً على أن طهران "لن تقبل طلبات غير عقلانية تحت الضغط". وفي المقابل، دعا ماكرون عبر منصة "إكس" إلى استئناف سريع للمفاوضات. ونقل موقع "أكسيوس" عن مسؤولين قولهم أن "وزير خارجية إيران أبلغ نظراء له أن طهران ستكون مستعدة لاستئناف التفاوض بعد الرد على إسرائيل". وكان وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي قد كتب في منشور على منصة إكس أن الجولة المرتقبة من المباحثات لن تُعقد، مؤكداً رغم ذلك أن "الدبلوماسية والحوار يظلان السبيل الوحيد نحو سلام دائم". وقد انطلقت هذه المحادثات في أبريل/نيسان الماضي، وسط خلافات حادة بشأن مستوى تخصيب اليورانيوم. وصرّح المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي أن "المشاركة في حوار مع طرف يدعم المعتدي لا معنى لها"، مشيراً إلى أن استمرار الهجمات الإسرائيلية يقوّض أي أمل بمفاوضات مثمرة. اتهم الرئيس الإيراني بزشكيان الولايات المتحدة بـ"عدم النزاهة"، قائلاً إن تنسيق الهجمات مع إسرائيل في وقت تجري فيه مباحثات نووية، يثبت عدم موثوقية واشنطن. كما توعد برد "أشد وأقوى" إذا تواصل "العدوان الإسرائيلي"، بحسب ما جاء في اتصال مع رئيس وزراء باكستان شهباز شريف. من جانبه، أكد مسؤول أميركي -رفض الكشف عن اسمه- أن واشنطن لا تزال متمسكة بالحوار مع إيران، رغم تأجيل المحادثات. رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال إن الضربات على إيران تحظى بدعم صريح من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مضيفاً: "عدونا هو عدوكم... وانتصارنا سيكون انتصاركم". وخلال مقطع مصوّر، قال نتنياهو: "ننفذ ما نقوم به بدعم كامل من الولايات المتحدة وكثيرين حول العالم". وتابع: "الطائرات الإسرائيلية ستُشاهَد قريباً في أجواء طهران، تضرب كل موقع وهدف تابع لإيران". أعلن الكرملين أن الرئيسين فلاديمير بوتين ودونالد ترامب ناقشا في اتصال هاتفي التطورات في الشرق الأوسط، مؤكداً أن موسكو مستعدة للتوسط بين إيران وإسرائيل. وأشار البيان إلى أن الطرفين لم يستبعدا إعادة إحياء المفاوضات النووية لاحقاً. كما تناول الاتصال الملف الأوكراني، حيث عبّر ترامب عن رغبته بـ"حل سريع" للنزاع، بينما أكد بوتين استعداد بلاده لاستئناف التفاوض مع كييف بعد 22 يونيو. اتهم وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إسرائيل بدفع المنطقة إلى "دوامة عنف خطرة"، مشدداً خلال اتصالات مع نظيريه الروسي سيرغي لافروف والصيني وانغ يي على أن "الرد الإيراني سيستمر بحزم"، مؤكداً أن الهجمات جاءت في وقت حساس من مسار المفاوضات. قال الجيش الإسرائيلي إن عمليته التي بدأت الجمعة أسفرت عن مقتل أكثر من 20 قائداً في أجهزة الأمن الإيرانية، بينهم رئيس هيئة الأركان المشتركة محمد حسين باقري، إلى جانب كبار قادة من الحرس الثوري. وشملت الهجمات مواقع نووية ومصانع أسلحة ومنشآت عسكرية، فيما أعلنت طهران أن الأضرار لحقت أيضاً بمنشآت مدنية. أعلنت إيران السبت أن هجوماً بطائرة مسيّرة إسرائيلية استهدف مصفاة رئيسية في بوشهر، مما أدى إلى انفجار قوي وحريق واسع، في تطور يعكس اتساع نطاق الهجمات. في المقابل، أفادت وسائل الإعلام الإيرانية بأن طهران تستعد لهجمات "عنيفة ومدمّرة" على إسرائيل في الساعات المقبلة، بينما تواصل الأخيرة تنفيذ ضرباتها الجوية على الأراضي الإيرانية. بات واضحاً أن الهجوم الإسرائيلي لا يستهدف فقط البرنامج النووي الإيراني، بل يضرب عمق البنية العسكرية والسياسية لطهران، في حين تتجه إيران نحو إعادة تقييم استراتيجية الرد والتموضع الإقليمي. في ظل هذا التصعيد، تبدو المنطقة على حافة مواجهة شاملة، بينما تحاول الأطراف الدولية تفادي اندلاع حرب إقليمية واسعة قد تغيّر ملامح الشرق الأوسط لسنوات مقبلة.


يورو نيوز
منذ 9 ساعات
- يورو نيوز
هل تتجه إسرائيل وإيران إلى حرب شاملة قد تُغير خريطة الشرق الأوسط؟
في تصعيد دراماتيكي وغير مسبوق للعلاقات بين إسرائيل وإيران، نفذت القوات الجوية الإسرائيلية فجر الجمعة عملية عسكرية واسعة النطاق استهدفت مواقع إيرانية استراتيجية تحت اسم "عملية الأسد الصاعد". شملت العملية ضرب أكثر من 100 موقع في أنحاء متفرقة من إيران، تركزت على المنشآت النووية، ومراكز القيادة العسكرية، وأنظمة الدفاع الجوي. وتُعد هذه الحملة الجوية واحدة من أكثر العمليات دقةً وشمولاً التي تشهدها المنطقة في السنوات الأخيرة. التصعيد يضع إسرائيل وإيران، إحدى أقوى القوتين العسكريتين في الشرق الأوسط، وجهاً لوجه في مسار تصادمي مباشر، مما يثير مخاوف دولية من اندلاع صراع واسع النطاق قد يهدد الاستقرار الإقليمي والدولي. وتشير التحليلات إلى أن أي مواجهة كبرى بين البلدين لن تكون محلية التأثير فقط، بل ستترتب عليها عواقب وخيمة على الاقتصاد العالمي والأمن الدولي، نظراً للقدرات العسكرية الكبيرة التي يمتلكها كل طرف. فبينما تعتمد إيران على تفوّقها العددي في القوات البرية والعتاد العسكري الكبير من دبابات ومدفعية، تبقى إسرائيل متقدمة بفضل تفوّقها التكنولوجي، وقدراتها الجوية المتفوقة، بالإضافة إلى امتلاكها بعض أنظمة الدفاع الصاروخي الأكثر تطوراً في العالم. كما أظهر كل من البلدين خلال السنوات الماضية خبرة كبيرة في الحروب الحديثة، خاصةً في مجال استخدام الطائرات المُسيّرة والصواريخ الباليستية، ويمتلكان تجربة قتالية طويلة في معارك كثيفة ومتعددة الأبعاد. في عملية عسكرية واسعة شنّتها الليلة الماضية، نفّذ سلاح الجو الإسرائيلي هجوماً استعرضت فيه قوته العسكرية الكاملة، باعتباره أحد أخطر التصعيدات بين البلدين منذ سنوات. شارك في العملية أكثر من 200 طائرة حربية، أسقطت خلالها أكثر من 330 صاروخاً دقيقاً، في ضربات مُنسقة استهدفت أبرز المواقع الإيرانية الحساسة، بما في ذلك منشآت تصنيع الصواريخ، ومنازل ومكاتب العلماء النوويين، بالإضافة إلى مراكز قيادة تابعة للحرس الثوري الإسلامي. من بين الأهداف الرئيسية التي تعرضت للقصف مجمع نطنز لتخصيب اليورانيوم في محافظة أصفهان، وهو عمود فقري لبرنامج إيران النووي، إضافة إلى مواقع متعددة في العاصمة طهران. أفادت التقارير الأولية من داخل إيران عن وقوع خسائر بشرية كبيرة جرّاء القصف، من بينها مقتل كل من اللواء محمد باقري، رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، والدكتور فريدون عباسي، الرئيس السابق لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية. كما أصيب علي شمخاني، المستشار الأمني البارز للمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، بجروح خطيرة. من جانبه، أعلن الجيش الإسرائيلي أن الضربات استهدفت "أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية بشكل شامل"، مشيراً إلى تدمير عشرات المنشآت الرادارية ومنصات إطلاق صواريخ أرض-جو. يعكس هذا التحرك من قبل إسرائيل تصميمها على تحييد أي تهديد محتمل من الجانب الإيراني، وتطهير البنية الدفاعية الإيرانية تحسباً لأي رد فعل قد تشهده الساعات أو الأيام المقبلة. وردت إيران بشكل سريع على الهجوم الإسرائيلي، بإطلاق أكثر من 100 طائرة مُسيّرة باتجاه مواقع في الأراضي الإسرائيلية، لكن أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية نجحت في اعتراض الغالبية العظمى منها، ما حدّ من حجم الضرر. ورغم هذا الرد الانتقامي الذي جاء محدوداً نسبياً من حيث التأثير، فإن القدرات العسكرية الإيرانية الكاملة لا تزال تمثل تهديداً استراتيجياً قائماً يواجه إسرائيل على المدى الطويل. لقد استثمرت إيران بكثافة في بناء ترسانة صاروخية متقدمة تضم صواريخ باليستية يصل مداها إلى أكثر من 3000 كيلومتر، بالإضافة إلى أسلحة تفوق سرعتها سرعة الصوت، مما يتيح لها استهداف خصوم إقليميين وحتى القواعد الأمريكية المنتشرة في المنطقة، وهو ما شكّل حتى الآن عاملاً رادعاً قوياً. كما تُعد إيران من الدول الرائدة إقليمياً في مجال الطائرات المُسيّرة، حيث تمتلك أسطولاً متنوعاً من هذه المنظومات تُستخدم في عمليات الاستطلاع والضربات المباشرة. وقد ذهب بعيداً في تصدير هذه التكنولوجيا إلى حلفائها، فضلاً عن إنشاء مرافق لإنتاج الطائرات بدون طيار في الخارج لدعم شركاء استراتيجيين مثل روسيا. وعلى الصعيد البري، تمتلك إيران جيشاً نظامياً كبيراً إلى جانب قوات احتياطية هائلة، وتتقن في الوقت ذاته أساليب الحرب غير المتكافئة عبر الوكلاء والمليشيات المتحالفة معها، إضافة إلى استخدام الهجمات الإلكترونية والتكتيكات غير التقليدية في العمليات العسكرية والاستخبارية. من جهتها إسرائيل تُعد واحدة من أكثر الدول في العالم تقدماً من الناحية العسكرية والتكنولوجية، حيث بنت بدعم كبير من الولايات المتحدة وعلى مدى عقود، جيشاً يعتمد على الابتكار والكفاءة التشغيلية كركائز أساسية. من بين أبرز مكونات القوة الإسرائيلية أنظمة الدفاع الصاروخي المتقدمة مثل "القبة الحديدية"، و"مقلاع داوود"، و"السهم"، التي تُعتبر من الأنظمة الأكثر فاعلية في اعتراض الصواريخ الباليستية والمجنحة، ما يجعلها عاملاً حاسماً في حماية المدنيين والبنية التحتية الحيوية. إلى جانب ذلك، تمتلك إسرائيل واحدة من أقوى القدرات السيبرانية في العالم، وتستخدم هذه الأدوات بشكل استراتيجي في الدفاع الوطني والعمليات الهجومية. كما تلعب أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، وعلى رأسها الموساد والشين بيت، دوراً محورياً في رصد وتحييد التهديدات قبل أن تنفجر إلى أعمال عدائية. رغم أن عدد الجنود النظاميين في الجيش الإسرائيلي يقدر بنحو 170 ألفاً، فإن العمق الاستراتيجي الحقيقي يكمن في قوات الاحتياط المنظمة والخبيرة، والتي يمكن تعبئتها سريعاً لتصل إلى ما يقارب نصف مليون مقاتل خلال أيام قليلة. وتُعد القوات الجوية الإسرائيلية من أفضل القوات الجوية في العالم، ومزودة بطائرات حديثة ومتطورة مثل المقاتلات من طراز F-35 ومعدات توجيه دقيقة، مما يجعلها عنصراً فعالاً في أي مواجهة إقليمية أو استراتيجية. وترتكز العقيدة العسكرية للدولة العبرية على السرعة في التعبئة، والمرونة في التعامل مع التهديدات المتعددة، والتفوق النوعي عبر التكنولوجيا المتطورة، وهي سمات تشكلت واستمدت قوتها من خبرة تمتد لعقود من الصراعات المستمرة في المنطقة. وتهدد الحرب الشاملة بين إسرائيل وإيران بإشعال فتيل صراع إقليمي واسع النطاق، مع احتمال امتداد الاشتباكات إلى دول الجوار والكيانات المتحالفة مع الطرفين. ولا يعرف حتى الآن ماذا كان "حزب الله"، الوكيل الرئيسي لإيران في لبنان، سيصبح أحد أبرز الأطراف المنجرّة إلى الصراع. وقد شنّ الجيش الإسرائيلي عملية برية محدودة في جنوب لبنان في أكتوبر الماضي، نجح خلالها في تحييد جزء كبير من قدرات الحزب، قبل دخول وقف مؤقت لإطلاق النار حيز التنفيذ نهاية نوفمبر. ومع تصاعد التوتر، قد تتجدد الاشتباكات على الحدود اللبنانية بشكل أكثر حدة. إلى جانب ذلك، هناك خطر امتداد القتال إلى سوريا والعراق ومنطقة الخليج العربي، حيث تم بالفعل الإبلاغ عن إجلاء موظفين أمريكيين من بغداد قبل يومين، في مؤشر على القلق المتزايد بشأن سلامة المصالح الأمريكية في المنطقة. ويضم ما يُعرف بـ"محور المقاومة" الإيراني تحالفاً غير رسمي يشمل حزب الله والميليشيات الشيعية في العراق والحوثيين في اليمن ومؤيدو النظام السابق في سوريا، ويمنح هذا المحور إيران قدرة على ممارسة الضغط العسكري والسياسي خارج حدودها، حتى في ظل ضعف القدرة التقليدية لقواتها النظامية. ولا تتوقف التداعيات عند حدود المواجهات المسلحة، بل تمتد لتهدد الأمن الدولي الأوسع. فمن المحتمل أن تجد الولايات المتحدة نفسها متورطة، سواء عن طريق تصعيد مباشر يستهدف منشآتها ومصالحها، أو عبر ضغوط غير مباشرة من حلفاء إيران. وقد تتأثر أوروبا بشكل كبير نتيجة لهذا التصعيد، سواء من خلال الهجمات الإلكترونية، أو تعطل تدفق النفط والغاز، أو اضطراب خطوط الملاحة البحرية الحيوية التي تمر عبر خليج عدن. ومن بين النتائج المحتملة أيضاً: اندلاع أزمات لاجئين جديدة، وتراجع الاستقرار الاقتصادي العالمي، وارتفاع حاد في أسعار الطاقة، كلها عواقب قد تطال الدول الأوروبية إذا ما تفاقم الوضع في الشرق الأوسط.


يورو نيوز
منذ 18 ساعات
- يورو نيوز
خبير إسرائيلي: طهران تفاجآت والعملية لم تكن لتتم دون تنسيق مسبق مع واشنطن
يتواصل تصاعد التوتر في منطقة الشرق الأوسط، مع دخول المواجهة المباشرة بين إسرائيل وإيران على خط الأزمات المتفاقمة في غزة والبحر الأحمر ولبنان. فبعد سنوات من الحرب المستترة التي اتسمت بالهجمات الإلكترونية والعمليات السرية والضربات المحدودة، يتحول الصراع بين الجانبين إلى مواجهة علنية متسارعة، في ظل تصاعد المخاوف الدولية من البرنامج النووي الإيراني الذي بات يشكّل مصدر تهديد حقيقي في نظر العديد من الدول. وتشير تقديرات خبراء إلى أن إيران أصبحت قاب قوسين من امتلاك سلاح نووي، إذ تمتلك مواد كافية لإنتاج عشرات الرؤوس النووية باستخدام اليورانيوم المخصب بنسبة 60%. ومع تعثر المفاوضات النووية وفشل الجهود الدبلوماسية في كبح جماح طموحات طهران، أطلقت الأمم المتحدة هذا الأسبوع تحذيراً شديد اللهجة بشأن برنامج إيران النووي، ولوّحت بفرض عقوبات جديدة على النظام الإيراني. وقد بلغ التوتر ذروته يوم الجمعة، حين نفذت إسرائيل ضربات جوية ضد مواقع نووية وعسكرية داخل الأراضي الإيرانية، وفق ما أعلنت عنه تل أبيب. وردّت طهران بهجوم عبر طائرات مسيّرة وصواريخ أحدثت أضرارا بالغة فيما تقول تل أبيب إنها اعترضتها بنجاح. وبذلك تدخل المنطقة مرحلة دقيقة من التصعيد، يُخشى أن تنزلق إلى نزاع واسع النطاق تتداخل فيه الجبهات وتتبدد فيه حدود الاشتباك. وفي هذا السياق، تحدثت قناة "يورونيوز" إلى الباحث السياسي إيلي كرمون، المتخصص في شؤون الإرهاب والعنف السياسي والأمن الدولي، والذي يشغل حالياً منصب باحث أول في المعهد الدولي لمكافحة الإرهاب وأستاذ في معهد السياسات والاستراتيجية بجامعة ريخمان في هرتسليا، إسرائيل. يقدّم كرمون تحليلاً معمقاً للهجوم الإسرائيلي على إيران، مشيراً إلى أنّ نجاح العملية يعود إلى تحضير استخباراتي طويل الأمد نفذته أجهزة الأمن الإسرائيلية، ولا سيّما الموساد، وإلى عنصر المفاجأة الذي أربك طهران، التي لم تكن تتوقع ضربة بهذا الحجم قبل بعض اللقاءات الدبلوماسية المقررة. ورغم أن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو حرص على إبعاد نفسه عن الهجوم، يؤكد كرمون أنّ العملية لم تكن لتتم دون تنسيق مسبق مع الإدارة الأميركية، موضحاً أن واشنطن وعدت بتزويد إسرائيل بالسلاح إذا طال أمد المواجهة واستُنزفت مخازن الذخيرة. ومع اتساع رقعة الاشتباك الإسرائيلي -الذي يشمل جبهات مع حماس في غزة، والحوثيين في اليمن، وحزب الله في لبنان- تُبدي تل أبيب قلقاً من استدامة النزاعات، على الرغم من توافر الإمدادات العسكرية حالياً. ويشير كرمون إلى أن الولايات المتحدة تبقى ملتزمة بدعم إسرائيل، وخصوصاً إذا واجهت صعوبات ميدانية في مواجهة تصعيد متعدد الجبهات. ويتوقع كرمون ألا تبقى المواجهة في إطار محدود، مرجّحاً رداً إيرانياً قوياً رغم إصابة مراكز القرار العسكري في طهران بضرر كبير. ويرجّح أن تختار طهران الرد غير المباشر عبر الميليشيات الحليفة لها، كحزب الله أو الحوثيين، بما يوسع رقعة المواجهة الإقليمية. أما على المستوى الدولي، فيرى كرمون أنّ التصعيد الأخير قد يؤدي إلى تغييرات على رقعة التحالفات الجيوسياسية. فروسيا التي تربطها علاقات عسكرية واستراتيجية مع إيران -والتي استخدمت المسيّرات الإيرانية في حربها بأوكرانيا- قد تجد نفسها مضطرة إلى تحديد موقف أكثر وضوحاً، فيما تتابع الصين التطورات بحذر، خاصة بعد أن لعبت مؤخراً دور الوسيط بين طهران والرياض. وتزداد احتمالية التبلور الحاد لمحورين متقابلين: أحدهما يضم إيران وروسيا والصين، والثاني يشمل الولايات المتحدة وإسرائيل. ويختتم كرمون بالإشارة إلى أن تهديد السلاح النووي الإيراني هو العامل الحاسم الذي دفع إسرائيل إلى تنفيذ العملية، معرباً عن أمله في ألا تقدم طهران على استكمال تطوير السلاح النووي، لأن ذلك قد يعني دخول المنطقة مرحلة أكثر خطورة، قد تشمل محاولات تفجيرية لتدمير المشروع العسكري الإيراني قبل استكماله. يشير كرمون إلى أن استهداف مخزون اليورانيوم المخصب في إيران قد ينطوي على مخاطر إشعاعية محلية، مع ما قد يترتب على ذلك من آثار صحية ونفسية على السكان المدنيين. ويرى الخبير الإسرائيلي أن الضربة الأخيرة لتل أبيب قد تسرّع من تفكك الجبهة الداخلية في إيران، خاصة في ظل وجود معارضة متنامية بين فئة الشباب، وتوترات متصاعدة في المحافظات ذات الغالبية من الأقليات القومية، فضلاً عن تفاقم الضغوط الاقتصادية التي تعاني منها البلاد بفعل العقوبات المستمرة. وبحسب كرمون فإن هذه الضغوط الداخلية، المترتبة على الضربة، قد تُضعف الحكومة الإيرانية وتزيد من احتمالات اندلاع احتجاجات شعبية، ما يُشكّل تحدياً إضافياً للنظام السياسي. في المقابل، أعرب الخبير عن قلقه من أن تؤدي الضربة إلى نتيجة معاكسة لما تطمح إليه إسرائيل، عبر دفع إيران لتسريع تطوير برنامجها النووي بذريعة "الدفاع عن النفس" وضرورة امتلاك قدرة ردعية تمنع أي هجوم مماثل في المستقبل. وحول سبل احتواء التصعيد، يوضح كرمون أن بلاده تشترط تفكيك المكوّن العسكري للبرنامج النووي الإيراني كحدّ أدنى لأي تسوية، مشيراً إلى أن الدخول في مفاوضات جدية بوساطة دولية يُعد أمراً ضرورياً لتجنّب انزلاق الوضع إلى صراع إقليمي شامل، قد يجرّ أطرافاً متعددة ويغير معادلات الأمن في الشرق الأوسط لعقود قادمة.