
'لفتيت يدافع عن الشركات الجهوية: الأسعار ثابتة، والخدمة مضمونة… فهل تكفي التصريحات لطمأنة المغاربة؟'
في خضم النقاش البرلماني حول إصلاح منظومة توزيع الماء والكهرباء، خرج وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت مدافعًا بقوة عن تجربة الشركات الجهوية متعددة الخدمات، التي انطلقت مؤخرًا بأربع جهات كمرحلة أولى، في أفق تعميمها على باقي التراب الوطني. الوزير نفى بشكل قاطع أي زيادة في الأسعار، مشددًا على أن عقود التدبير تلزم الشركات باعتماد نفس التسعيرة السابقة. لكن، هل تطمئن هذه التوضيحات المغاربة الذين اشتكوا من فواتير مفاجئة وخدمات غير منتظمة؟
تصريحات رسمية… وواقع ميداني مغاير؟
لفتيت اعتبر أن ما أثير من جدل بخصوص غلاء الأسعار 'منافٍ للواقع'، مرجعًا جل الشكايات المسجلة إلى أخطاء في قراءة العدادات أو اعتماد التقدير بدل الاستهلاك الحقيقي في فترات سابقة. لكن هذا الطرح يطرح سؤالًا مشروعًا: لماذا تتكرر هذه الشكايات في أكثر من جهة، لا سيما سوس ماسة، بعد أسابيع فقط من دخول الشركات الجهوية حيز التنفيذ؟
الوزير أقرّ ضمنيًا بوجود اختلالات موروثة عن الموزعين السابقين، سواء بسبب ضعف تغطية القراءة الشهرية أو اعتماد أعوان غير نظاميين في المناطق القروية. غير أن المواطن لا يعنيه من أين جاءت الفوضى، بقدر ما يهمه ضمان الشفافية والدقة في الفوترة، خاصة في ظرفية اجتماعية حساسة وغلاء معمم في المعيشة.
إصلاح هيكلي أم خصخصة مقنّعة؟
تتبنّى الدولة خطابًا إصلاحيًا طموحًا، يتجه نحو الجهوية المتقدمة والنجاعة في التدبير، لكن هذا الورش يفتح الباب أمام قراءة موازية: هل نحن أمام إصلاح حقيقي لمنظومة الماء والكهرباء، أم مجرّد إعادة صياغة لتفويت هذا القطاع الحيوي لشركات بصيغة جديدة؟
من المهم التذكير بأن الشركات الجهوية متعددة الخدمات للتوزيع تمثل شركات تنمية محلية (Sociétés de Développement Local) وهي صيغة قانونية تسمح بشراكات بين الدولة والقطاع الخاص، وهيمنتها في مشاريع بنية تحتية يثير مخاوف عدد من الفاعلين من غياب الرقابة الشعبية والبرلمانية على الأسعار والجودة.
أرقام واعدة… لكن التنفيذ يطرح تحديات
الوزير كشف عن برنامج استثماري ضخم بقيمة 253 مليار درهم، ستنجز 32% منه خلال الخمس سنوات الأولى، أي حوالي 81 مليار درهم، منها 13 مليار درهم في سنة 2025 فقط. هذه الأرقام تضعنا أمام مفارقة: كيف يمكن لمؤسسات بالكاد بدأت تدبيرها أن تفي بكل هذا الطموح الاستثماري في وقت وجيز، بينما البنية التحتية الحالية تُوصف بـ'الهشة' في العديد من المناطق، كما أشارت تقارير المجلس الأعلى للحسابات في تقييمه لمرافق التوزيع سابقًا؟
الحكامة والعدالة المجالية… بين القول والفعل
تؤكد وزارة الداخلية أنها واكبت الانتقال التدبيري بطريقة سلسة، وضمنت حقوق المستخدمين والمرتفقين، بل واحتفظت بنفس التعريفة السابقة. غير أن عدداً من النواب البرلمانيين، لا سيما من المعارضة، أثاروا معطيات ميدانية مثيرة للقلق: ضعف الصبيب، غياب التواصل مع الوكالات، غموض صفقات التدبير المفوض، وغياب آليات تقييم صارمة للأداء.
في هذا السياق، يبرز سؤال الحكامة كعنصر محوري في مستقبل هذه الشركات: من يراقب؟ من يحاسب؟ وما هي الضمانات لكي لا يتحوّل هذا الورش الإصلاحي إلى عبء جديد على المواطن والجهات الفقيرة؟
في الانتظار… المواطن يراقب الفاتورة
رغم تطمينات الوزير لفتيت، فإن الشارع المغربي لم يطمئن بعد. التجربة لا تزال في بدايتها، والآثار الفعلية على جيب المواطن لم تتضح بعد. لذلك يبقى من الحيوي، في هذه المرحلة، فتح نقاش وطني موسع حول هذا الإصلاح، بمشاركة الفاعلين المحليين والمجتمع المدني، من أجل بلورة منظومة شفافة، عادلة، ومستدامة.
فالإصلاح الحقيقي لا يُقاس فقط بنبرة التصريحات تحت قبة البرلمان، بل بمدى التحسن الملموس في حياة الناس… وعلى المدى القريب، الفاتورة ستكون أوضح مؤشر للحكم.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


زنقة 20
منذ ساعة واحدة
- زنقة 20
حكومة أخنوش تضع استراتيجية لتعميم خدمة 5G بحلول 2030
زنقة 20 | الرباط أعلنت الحكومة قرب قرب إطلاق خدمات الاتصالات من الجيل الخامس في المملكة. وقالت الوزيرة المنتدبة المكلفة بالانتقال الرقمي أمل الفلاح السغروشني، أمس الثلاثاء، في كلمة لها خلال اجتماع للجنة القطاعات الإنتاجية في البرلمان، أن الحكومة تهدف لتغطية 25 في المائة من مساحة البلاد في 2026، وامتداد التغطية إلى 70 في المائة بحلول عام 2030. وشددت أنه سيتم العمل على تغطية كاملة للمدن التي ستستضيف مباريات كأس العالم 2030 بشكل مشترك مع إسبانيا والبرتغال. وأكدت أن المملكة تواصل جذب كبرى شركات التكنولوجيا من أجل توفير البنية التحتية الأساسية لدعم هذا القطاع. وأوضحت أن المغرب يهدف إلى مساهمة الاقتصاد الرقمي ب100 مليار درهم (10 مليارات دولار) في الناتج المحلي عام 2030. وفي شتنبر الماضي أطلقت الحكومة استراتيجية وطنية للتحول الرقمي بميزانية تبلغ 1.1 مليار دولار، بهدف رقمنة الخدمات الحكومية للمواطنين والشركات من جهة، وجلب استثمارات وتنمية الاقتصاد من جهة ثانية. وفي فبراير 2024، أعلن المغرب تأسيس أول مدرستين متخصصتين في الذكاء الاصطناعي والرقمنة، في مدينتي تارودانت وبركان، في خطوة غير مسبوقة تعكس التوجه نحو بناء بنية معرفية وتكوينية في هذا المجال.


زنقة 20
منذ ساعة واحدة
- زنقة 20
بين الماكيط و الحلة النهائية.. جماعة الدارالبيضاء ترفض تسلم مشروع كورنيش عين السبع
زنقة 20 | الرباط رفضت جماعة الدارالبيضاء تسلم مشروع إعادة تأهيل كورنيش عين السبع. و بحسب مصادر، فإن مجلس الجماعة غير راض عن المشروع المنجز ، والذي خلق جدلا واسعا بالدارالبيضاء. و أشارت الى أن والي الجهة قرر عقد اجتماع طارئ، وأمر الشركات المعنية بتصحيح أوجه القصور المسجلة في المشروع قبل تسليمه. أحمد أفيلال، نائب عمدة الدار البيضاء، أكد أن المجلس رفض بالفعل استلامه باعتباره مالكة المشروع، وشركة الدارالبيضاء التهيئة هي التي تشرف عليه. و بلغت نسبة الاشغال في المشروع 95%، إلا أنه يعاني من عدة نواقص و اختلالات و أصبح مادة سخرية لدى المهتمين بالشأن المحلي الذين كانوا ينتظرون أن يتحول إلى منطقة سياحية تضاهي عين الدياب ودار بوعزة. و اشارت مصادر إلى أن الاشغال الناقصة تهم بالخصوص ملعب لكرة القدم و تشطيبات نهائية بالإضافة الى انعدام الخدمات الأمنية و الحراسة. يذكر أن مشروع تطوير كورنيش عين السبع يمتد على مسافة 3.4 كيلومتر، من ساحة ميموزا إلى حدود عين حرودة. وقد أُطلق عام 2023، بميزانية إجمالية قدرها 100 مليون درهم، ممول بالكامل من قبل مجلس الجماعة.


زنقة 20
منذ ساعة واحدة
- زنقة 20
نارسا تحذر من عمليات نصب وتحدد أسعار الحصول على البيرمي
زنقة 20 ا الرباط كشف بلاغ للوكالة الوطنية للسلامة الطرقية 'نارسا' عن التعريفة المرجعية التي حددتها الوكالة لتكوين المترشحين لنيل رخص السياقة، سواء بالنسبة للتكوين النظري أو التطبيقي، 'وذلك في إطار جهودها لتنظيم القطاع والرفع من جودة التكوين، وكذا تكريس المنافسة الشريفة'. وأوضحت 'نارسا' أن هذه الأسعار تهم مؤسسات تعليم السياقة فقط، ولا تشمل مصاريف الملفات، محذّرة من وجود مؤسسات تروّج لتعريفات غير مطابقة للتعريفة الرسمية، عبر إعلانات اعتبرتها مضللة تهدف إلى جذب الزبائن بطرق غير قانونية، وهو ما يؤثر سلباً على جودة التكوين ويخلق حالة من الفوضى داخل القطاع. ووفق نفس المصدر، فقد حددت الأسعار المرجعية لحصص التكوين النظري والتطبيقي بحسب أصناف رخص السياقة كما يلي (دون احتساب مصاريف الملف): الصنف Aو A1 : 2100 درهم، وتشمل 20 ساعة من التكوين النظري و20 ساعة تطبيقية. الصنف b وE(B) :2250 درهم الصنف C وD: 4150 درهم وأكدت الوكالة على ضرورة التزام مؤسسات تعليم السياقة بالتعريفة المرجعية وبنموذج عقد التكوين الإجباري، ملوّحة باتخاذ إجراءات قانونية في حق المخالفين. كما دعت المواطنين الراغبين في اجتياز امتحانات رخص السياقة إلى اختيار المؤسسات المعتمدة، والاطلاع على التعريفة الرسمية من خلال بوابة Perminou أو عبر الموقع الرسمي للوكالة. وتندرج هذه الخطوة، وفق البلاغ، ضمن استراتيجية 'نارسا' لتعزيز السلامة الطرقية، وحماية حقوق كل من المترشحين ومؤسسات التكوين، من خلال تأطير هذا القطاع الحيوي وفق مقاربة منظمة وشفافة.