logo
انفجار كنيسة 'الدّويلعة': التّوقيت المريب

انفجار كنيسة 'الدّويلعة': التّوقيت المريب

أهمِلوا كلّ التعليقات التي تناولت الهجوم الإرهابي الذي استهدف كنيسة مار إلياس للروم الأرثوذكس في ضواحي دمشق، أكانت تصريحات روحيّة أم سياسية سوريّة أو لبنانية. فمعظمها، مع احترامنا لبعض من يقف خلفها، جاء إمّا تعبيراً عن أمنيات أو رغبات.
التعليق الوحيد الذي يجدر التوقّف عنده والتمعّن بكلماته، ثمّ حفظه عن ظهر قلب كي يكون مقياساً لقواعد التعامل مع الحالة السوريّة في الأيّام والسنوات المقبلة، هو تعليق المبعوث الأميركي الخاصّ إلى سوريا توم بارّاك عبر منشور له على حسابه في منصة 'إكس' قال فيه: 'هذه الأعمال الجبانة الرهيبة لا مكان لها في مجتمع التسامح والتعدّد الجديد الذي ينسجه السوريون. سنواصل دعم الحكومة السورية في نضالها ضدّ من يسعون إلى زرع عدم الاستقرار والخوف في بلدانهم والمنطقة برمّتها'.
بوضوح وضع بارّاك النقاط على حروف الجريمة الإرهابية التي وقعت في كنيسة مار إلياس في منطقة الدويلعة القريبة من دمشق. فجاءت نقاطه على الشكل التالي:
1- المجتمع السوري الجديد الذي يقوده أحمد الشرع هو مجتمع التسامح والتعدّد.
2- حكومة أحمد الشرع السوريّة تخوض معركة ضدّ الإرهاب.
3- الولايات المتّحدة ستواصل دعم القيادة والحكومة السوريّتين الجديدتين في معركتهما.
4- من يقف خلف الجريمة هم من يسعون إلى زرع عدم الاستقرار والخوف في بلدانهم والمنطقة برمّتها، ودعونا نضع خطّين بالأحمر العريض تحت عبارة 'المنطقة برمّتها'.
كان الأجدى بالقيادات الدينية والسياسية السوريّة واللبنانية، رسمية أو غير رسمية، قراءة تصريح المبعوث الأميركي توم بارّاك قبل التورّط في تصريحات، بعضها يشبه تصريحات موفّق طريف المرجع الروحي للطائفة الدرزية في إسرائيل الداعي إلى حماية إسرائيلية أو دوليّة للأقليّات.
توقيت مريب
التوقيت الذي حصل فيه الاعتداء الإرهابي على كنيسة الدويلعة لا يمكن فصله عن توقيت الضربة الأميركية للمنشآت النووية الإيرانية. لطالما كان 'داعش' وأخواته تنظيمات إرهابية 'غبّ الطلب' تتحرّك وفقاً لرغبات بعض الدول التي ترعاها وتؤوي قياداتها الهاربة. ما تحرّك يوماً 'داعش' وفقاً لأجندة خاصّة بالمشروع المتطرّف الديني الذي يدّعي تمثيله، فما سمعنا 'حِسَّها' خلال الحرب الإسرائيلية على غزّة وأهلها، ولم نسمع شيئاً عنها خلال الحرب الإسرائيلية العدوانية الأخيرة على لبنان.
على قاعدة 'يا محاسن الصدف' تحرّك 'داعش'، وفي سوريا تحديداً، عندما ضُربت إيران. وهنا نستذكر الخبر الذي نُقل عن قناة 'الجزيرة' عندما بدأت الضربات الإسرائيلية لإيران على لسان وزير الخارجية الإيراني عبّاس عراقجي أنّ 'كلّ ما يحصل اليوم من اعتداء على إيران سببه الحكم السوري الجديد'. تصريح ما لبث أن نفته الحكومة الإيرانية وسُحب لاحقاً من قناة 'الجزيرة' ومواقعها الافتراضية. إلّا أنّ إعلاميّاً سوريّاً كتب معلّقاً: 'الخبر صحيح أو غير صحيح، هو أصدق خبر يعبّر عمّا يدور في العقل الإيراني'.
استعجل البطريرك يوحنّا العاشر بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للروم الأرثوذكس في انتقاء العبارات التي تعبّر عن هول هذه الجريمة، عندما قال إنّه 'يُجري اتّصالاته المحلّية والإقليمية لنقل الصور السوداوية من دمشق إلى العالم أجمع'، داعياً إلى التحرّك لوقف هذه المذابح، محمّلاً السلطات القائمة المسؤوليّة الكاملة عمّا حصل ويحصل.
أصاب البطريرك بشكل عامّ في تصريحه. فالدولة هي من تتحمّل مسؤوليّة حماية أبنائها، لكنّ في تفاصيل المضمون بعض الملاحظات. فالتفجير الإرهابي هو انتهاك لحرمة سوريا، كلّ سوريا، وما هرولة السوريّات المحجّبات للتبرّع بالدم لمساعدة الجرحى المسيحيين إلّا تأكيد لذلك. فالمصاب هو مصاب سوري قبل أن يكون مصاباً أرثوذكسيّاً يحتاج إلى حماية دوليّة.
أمّا عن لبنان كان مستغرباً بيان رئيس الجمهورية العماد جوزف عون والذي توجّه فيه بالتعزية للكنيسة الأرثوذكسيّة وليس للرئيس السوري أو البطريرك يوحنا العاشر. التعزية تقدَّم من دولة إلى دولة، ومن رئيس إلى رئيس، ومن مرجع روحي إلى مرجع روحي. حسناً فعل الرئيس عون مستلحقاً ما حصل في اليوم التالي حيث أبرق إلى الرئيس السوري أحمد الشرع معزياً بضحايا التفجير الارهابي الذي استهدف كنيسة مار الياس. أمّا عن الأحقاد فكان على البعض أن يدرك أنّ العودة إلى نغمة حماية المسيحيين لم تعد تجدي، وأن يدرك آخرون أنّ إطلاق لقب 'هيئة تحرير الشام' على السلطات السورية الحاليّة صار من الماضي.
يبقى الثناء على ما قاله رئيس الحكومة نوّاف سلام، وهو تصريح رجل دولة، من أنّ 'التفجير يستهدف سوريا دولةً وشعباً ويهدف إلى زرع الفتنة والشرخ داخل النسيج الوطني السوريّ'، معرباً عن 'استعداد لبنان للتعاون والتنسيق في كلّ ما من شأنه تعزيز الأمن ومواجهة الإرهاب'. هو تصريح الناطق الرسمي باسم الحكومة اللبنانية، أي السلطة التنفيذية وفقاً لما يقوله دستور الطائف.
زياد عيتاني - اساس
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

وقف إطلاق النار تطور إيجابي ويجب الحفاظ عليه
وقف إطلاق النار تطور إيجابي ويجب الحفاظ عليه

بيروت نيوز

timeمنذ ساعة واحدة

  • بيروت نيوز

وقف إطلاق النار تطور إيجابي ويجب الحفاظ عليه

رحّب المستشار الألماني فريدريش ميرتس اليوم الثلاثاء بدعوة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران، وناشد الطرفين الالتزام به. وكتب ميرتس على منصة إكس 'إذا نجح وقف إطلاق النار هذا بعد الضربات العسكرية الأمريكية الحاسمة على المنشآت النووية الإيرانية، فسيكون تطورا إيجابيا للغاية'. وأكد المستشار الألماني أنه سيناقش سبل استقرار الوضع مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية على هامش قمة حلف شمال الأطلسي اليوم.

سوريا بين رسائل الدم ومشروع الإفراغ الصامت
سوريا بين رسائل الدم ومشروع الإفراغ الصامت

بيروت نيوز

timeمنذ ساعة واحدة

  • بيروت نيوز

سوريا بين رسائل الدم ومشروع الإفراغ الصامت

في بلد أنهكته حرب شاملة لسنوات طويلة، لا تزال التهديدات تتجدّد وإن بأشكال أكثر خفوتاً وأدوات أقلّ صخباً. فمع كل محاولة للانتقال نحو الاستقرار، يظهر من يعيد التذكير بأن مشروع استنزاف سوريا لم ينتهِ، بل تبدّلت وجوهه ووسائله. تفجير كنيسة 'مار إلياس' في حيّ الدويلعة الدمشقي، الذي أوقع عشرين قتيلاً وأكثر من خمسين جريحاً، لم يكن مجرد اعتداء إرهابي تبنّاه تنظيم متطرّف، بل جزء من مشهد أكثر تعقيداً يُراد له أن يرسّخ هشاشة اللحظة السورية الانتقالية، ويعيد خلط أوراق التوازن المجتمعي. فالعملية الإرهابية التي وقعت في أحد أكثر أحياء العاصمة تعبيراً عن التنوّع الأهلي، وفي وقتٍ تُبذل فيه جهود رسمية لاستعادة الثقة بالأمن، لم تستهدف مكاناً فقط، بل استهدفت فكرة العيش المشترك بحد ذاتها. وإن كانت هوية المنفّذ معلَنة، لكنّ التوقيت والمكان اللذين تمّ اختيارهما، يكشفان بلا شكّ عن رسائل مركّبة. إذ وفق مصادر أمنية مطّلعة، فإن هذا النوع من الاستهداف لا يُقاس فقط بعدد الضحايا، بل بحجم الضرر الرمزي والمعنوي الذي يصيب المكوّنات المجتمعية التي تشعر أنها تُركت من دون حماية، أو من دون أفق سياسي يُعيد الاعتبار لدورها في مستقبل البلاد. تُظهر نماذج السنوات الأخيرة أن استهداف المسيحيين العرب في المشرق، ليس فعلاً طارئاً أو محدوداً، بل يجري ضمن نمط مدروس من الضغط المتراكم. إذ لا يقتصر التهديد على التفجيرات، بل يشمل الإقصاء البطيء وتآكل الضمانات وتراجع الاهتمام الدولي، ما يجعل البقاء مسألة مقاومة يومية. ومن هذا المنظور، يُقرأ الهجوم على كنيسة 'مار إلياس' كرسالة منظّمة، تضع السلطة الجديدة أمام امتحان فعلي، وتضع المجتمع أمام خيارين؛ إمّا التكيّف مع الخوف، أو النزوح تحت وطأة اللاجدوى. وفي الوقت الذي تتابع فيه الجماعات المتطرّفة دورها كمنفّذ مباشر، تبقى الجهات المستفيدة من هذا المسار أوسع من دائرة التنفيذ. فكلّ ضربة تصيب عمق التنوّع، تعزّز سرديات التقسيم والانغلاق، وتُفرغ المدن من روحها، وتحوّل الرموز الدينية إلى أهداف مباحة. وما يزيد المشهد خطورة، غياب الموقف الإعلامي والسياسي على المستوى الدولي، إذ تجاهلت كبرى وسائل الإعلام العالمية مواكبة الحدث، أو اكتفت بتقارير مقتضبة لا ترتقي إلى مستوى الجريمة، ما يعكس تقصيراً فادحاً أو ربما قبولاً ضمنياً بمنطق التعوّد على هذا النوع من النزيف، حين لا يصيب مصالح مباشرة. في هذا الإطار، تتقاطع مصالح أكثر من جهة. لكنّ إسرائيل، التي لطالما عبّرت عن خشيتها من أي شكل من أشكال الوحدة الوطنية في محيطها، تُعدّ من أبرز المستفيدين من تفكّك المجتمعات المتنوعة وانحسار التوازن السكاني الديني في المنطقة. وهو ما يفسّر، وفق مصادر دبلوماسية، غياب أي ردّ فعل دولي جدّي تجاه الاعتداء الأخير في دمشق، كما يفسّر التهميش الإعلامي الغربي المريب، إذ بدا أن الانفجار لم يُعامل كجريمة تستهدف نسيجاً مجتمعياً هشّاً، بل كخبر عابر لا يحرّك سياقاً ولا يستحقّ التوقف عنده. لكن أهمية التنوع، ووجود المسيحيين في قلب المجتمعات العربية، لا تكمن فقط في الرمزية أو التاريخ. فالمكوّن المسيحي العربي لم يكن يوماً على هامش المشهد، بل شريكاً في تأسيس الفكرة العربية ذاتها وفي بناء الدولة وصياغة الوعي الجماعي الحديث، إذ شكّل المسيحيون في الشرق جزءاً أساسياً من نهضته وثقافته ومشروعه التحرري في وجه الاستعمار والتقسيم. وبالتالي، فإن تهديد هذا الحضور ليس مسألة دينية أو ثقافية فحسب، بل هو ضرب للاستقرار، وتقويض لإمكانية بناء مجتمعات قادرة على مقاومة مشاريع العزل والتفتيت. وبالتالي، فإنّ الدولة التي تفقد تنوّعها، تفقد بالضرورة توازنها الداخلي وتُفتح أمامها أبواب التبعية والانقسام. إن ما جرى في كنيسة 'مار إلياس' لا يُختزل بخسائر بشرية أو حدث أمني، بل يُفهم في سياقه كمؤشّر على معركة أعمق تُخاض في الخفاء، معركة ضد الذاكرة والحق في البقاء على الأرض كشركاء متساوين. فكل تفجير هو أيضاً محاولة لتمزيق ما بقي من صيغة العيش المشترك، وتفريغ المشرق من عناصر توازنه. وهذه المعركة، إن لم تُقابل بسياسات واضحة ومواقف حاسمة، ستتقدّم بلا عوائق وبلا حاجة لصخب.

"الجبهة المسيحية": دماء المسيحيين تصرخ في وجه الفكر الإرهابي والأنظمة القاتلة
"الجبهة المسيحية": دماء المسيحيين تصرخ في وجه الفكر الإرهابي والأنظمة القاتلة

MTV

timeمنذ ساعة واحدة

  • MTV

"الجبهة المسيحية": دماء المسيحيين تصرخ في وجه الفكر الإرهابي والأنظمة القاتلة

عقدت "الجبهة المسيحية" إجتماعها الدوري في مقرّها في الأشرفية - بيروت، وتداولت في الإعتداء الإرهابي الذي استهدف كنيسة مار إلياس في حيّ الدويلعة - دمشق، وخلُصت إلى إصدار البيان التالي: تدين "الجبهة المسيحية" بأشد العبارات، الجريمة الإرهابية البشعة التي طالت كنيسة مار إلياس، معتبرةً هذا الإعتداء حلقة جديدة من مسلسلٍ دموي ممنهَج يهدف إلى بثّ الرعب بين المسيحيين، وتهجيرهم من أرضهم التاريخية، وضرب التنوّع والعيش المشترك في الصميم. إنّ الفكر الإرهابي التكفيري، بمختلف ألوانه ومسمَّياته، هو العدو الأول للسلام والتعايش، ويجب إجتثاثه من الجذور، جنباً إلى جنب مع كل الأنظمة القمعية والدكتاتورية والدينية المتطرفة التي تغذّيه وتحميه وتُعيد إنتاجه، سواء في سوريا أو إيران أو العراق وغيرها من دول المنطقة. وتؤكّد الجبهة أن استمرار هذه الأنظمة الفاسدة هو الخطر الأكبر على الشعوب وتحديداً على الأقليات، لا سيما المسيحيين الذين يدفعون منذ عقود ثمن السياسات الدموية، وأكاذيب المقاومة الزائفة، والأنظمة المؤلَّهة على حساب الإنسان وحقوقه. إنّنا في "الجبهة المسيحية": نطالب المجتمع الدولي، ومعه كل القوى الحيّة، بوقفة ضميرٍ فعلية، تترجَم إلى: فرض حلول سياسية عادلة تُنهي الأنظمة الدكتاتورية والدينية المتطرفة. إعتماد نظام فدرالي أو حكم ذاتي لكل قومية وأقلية لضمان حقوقها الكاملة. تمكين المسيحيين من حماية قراهم ومناطقهم بسواعدهم وبتنسيق رسمي مع أي جهة شرعية. طرد جميع المقاتلين الأجانب المتطرفين من ضمن التشكيلات القائمة داخل الجيش السوري الحالي، والذين شاركوا في عمليات القتل والتهجير والتطهير الطائفي. تحميل الحكومة السورية كامل المسؤولية عن عدم محاسبة الإعتداءات التي طالت المسيحيين، والتي جرى التغطية عليها واعتبارها "أعمالًا فردية"، ما شجّع على تكرارها واستفحالها دون أي رادع. تأييد الضربات ضد المفاعلات النووية الإيرانية كخطوة نحو تفكيك منظومة الملالي التي نشرت سمومها في عموم الشرق الأوسط. والدعوة إلى تغيير النظام الإيراني وسائر الأنظمة التي تشبهه في تطرفها، قمعها وعدائها للحرية. كفى تضحيات! كفى سكوتاً على الظلم! كفى اضطهاداً ممنهجاً! إنّ صوت المسيحيين لن يُخنق بالدخان والدمار… وصوتنا سيبقى عالياً للحفاظ على كرامتنا وحريتنا وحقوقنا الكاملة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store