
نتنياهو وزامير: بين خطاب "احتلال غزة" وحقيقة الإبادة
ويأتي ذلك في ظل تسارع الأخبار والتسريبات حول نية الاحتلال استكمال السيطرة على قطاع غزة. فرغم التصريحات المتكررة من قادة الحكومة الإسرائيلية بشأن نيتهم 'احتلال' القطاع، فإن الواقع الميداني، وكذلك التحليلات الإسرائيلية ذاتها، تشير إلى عكس ذلك. ففي ذروة حرب الإبادة، وتحديدًا خلال اجتياح رفح وتدميرها بالكامل في أيار/مايو 2024، ظهرت مؤشرات واضحة على أن الجيش الإسرائيلي، المُنهك بعد شهور من المعارك، ليس في موقع يمكّنه من شن عملية برية واسعة مجددًا.
واليوم، يكرر مسؤولون في الجيش نفس الرواية: أن أي عملية واسعة لاجتياح غزة ستُكلّف خسائر فادحة، تشمل عشرات القتلى من الجنود، وعددًا كبيرًا من الجرحى، بالإضافة إلى تهديد حياة الأسرى.
هذا في ظل تصاعد الانقسام داخل القيادة الإسرائيلية، خصوصًا بين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ورئيس الأركان إيال زامير.
وبحسب صحيفة 'هآرتس'، يبدو أن الحديث عن 'الاحتلال الكامل' للقطاع لا يتجاوز كونه أداة سياسية، أكثر منه خطة عسكرية واقعية. يستخدم نتنياهو هذا الخطاب لإرضاء شركائه في اليمين المتطرف، وللضغط على حركة حماس في ملف الأسرى، إلى جانب محاولته الدائمة صرف الأنظار عن إخفاقات حكومته المتتالية. وبينما يُفترض نظريًا أن الجيش يخضع لقرارات المستوى السياسي، فإن الخلاف بين المؤسستين بات علنيًا، وانكشف في أكثر من محطة.
يرى اليمين الإسرائيلي المتطرف في استمرار الحرب فرصة نادرة لإعادة تشكيل غزة جذريًا، ليس فقط عبر السيطرة العسكرية، بل من خلال التدمير الممنهج للبنية التحتية، وتجريف الحياة اليومية. فالحاصل على الأرض هو حرب إبادة شاملة، تُمارَس بالقصف والتجويع والتدمير المتعمّد للبيئة الإنسانية، وتدفع السكان نحو نزوح قسري، في عملية تهجير 'ناعمة' لكنها فعالة، من دون الحاجة إلى إعلان 'احتلال رسمي'.
في هذا السياق، تثير تصريحات وزير المالية بتسلئيل سموترتش، حول تخصيص 3 مليارات شيكل لمشاريع مرتبطة بغزة، كثيرًا من التساؤلات. إذ لا تُخصص هذه الأموال لإغاثة السكان، بل لفرض إدارة إسرائيلية بديلة عن منظمات الإغاثة الدولية، في سياق يعكس رغبة في فرض الهيمنة وخلق وقائع جديدة على الأرض. وهي تصريحات تنسجم تمامًا مع رؤية اليمين الاستيطاني الساعي لإعادة احتلال القطاع، وإقامة مستوطنات فيه.
ما يتسرب من أروقة الحكومة لا يتوقف عند حدود 'القضاء على حماس' أو 'تحرير الأسرى'، بل يكشف عن مشروع أوسع: تفريغ غزة من سكانها، وتحويلها إلى منطقة عازلة تُدار أمنيًا من الخارج، وربما إعادة توطين المستوطنين فيها لاحقًا. وإن لم تُعلَن هذه الرؤية رسميًا، فإن تصريحات وزراء مثل سموترتش وبن غفير، ومجريات الواقع الميداني، تتقاطع بوضوح مع هذا التصور.
وعلى الجبهة الداخلية، تتصاعد الأزمة بين نتنياهو ورئيس الأركان زامير، وخرجت الخلافات إلى العلن. فقد اتهم يائير نتنياهو، نجل رئيس الحكومة، زامير بالتمرد، بينما اكتفى والده بوصف ابنه بأنه 'شخص مستقل'. لكن هذا المشهد يُقرأ كجزء من توزيع أدوار محسوب: تحريض من الخلف، وتنصّل من المسؤولية في العلن.
تسود مخاوف جدية داخل قطاع غزة من أن هذه المرحلة تمثل تنفيذًا مباشرًا لأجندة أمنية إسرائيلية طويلة الأمد، ثمنها الأكبر يُدفع من دماء الفلسطينيين ومصيرهم.
يبقى السؤال: هل تدرك حماس جدية الخطاب الإسرائيلي حول 'احتلال غزة'، وأنه ليس إلا ستارًا لسياسة أعمق تُنفَّذ على الأرض، تقوم على استكمال تدمير القطاع، وتهجير سكانه، وتحقيق حلم استيطاني قديم يرى غزة 'أرضًا بلا شعب'؟
أما الخلافات داخل المؤسسة الحاكمة في إسرائيل، فليست سوى جزء من صراع أكبر للسيطرة على مؤسسات الدولة، وإطالة أمد الحرب من أجل تنفيذ مشروع استعماري يعيد تشكيل غزة بالكامل.
وفي ظل كل ذلك، يبقى الصمت الدولي، أو التواطؤ الصامت، عنوانًا لهذه الحرب الإبادية. إذ لا يُمارس أي ضغط حقيقي على إسرائيل، ولا تُفرض عليها عقوبات لوقف جرائمها أو منع استكمال مخططها التوسعي في غزة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


معا الاخبارية
منذ 5 ساعات
- معا الاخبارية
سموتريتش يعترف: نسعى لتحويل 3 مليارات شيكل من ميزانية الأمن لتمويل مساعدات لغزة
تل أبيب- معا- في تحول مفاجئ، اعترف وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، اليوم الأربعاء، بأنه يسعى لتحويل 3 مليارات شيكل من ميزانية الأمن لتمويل المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، وذلك بعد أسابيع من النفي القاطع من قبله ومن وزارة المالية لأي تمويل إسرائيلي لتلك المساعدات. وخلال مؤتمر صحفي، صرّح سموتريتش: "أفضل سحب فرقة عسكرية واحدة واستخدام الأموال لتمويل الشركات التي تدير المساعدات، لو سيطرنا على توزيع المساعدات في غزة لكنا انتصرنا في الحرب منذ زمن". جاء هذا التصريح بعد أن كشفت وسائل إعلام عبرية أن سموتريتش طرح هذا المقترح خلال مناقشات فتح ميزانية عام 2025. وكانت الحكومة والكنيست قد حوّلت قبل أسابيع 700 مليون شيكل من ميزانية الأمن إلى جهة غير معروفة، الأمر الذي أثار شكوكا واسعة، رغم نفي وزارة المالية حينها أن تكون الدولة تموّل الشركات التي تعمل في مجال توزيع المساعدات في غزة. ورغم فشل تجربة توزيع المساعدات عبر شركات أجنبية، اضطرت إسرائيل مؤخرا إلى السماح بإدخال مساعدات غذائية عبر الإنزال الجوي والاستيراد المباشر، في ظل الانتقادات الدولية الحادة للوضع الإنساني في القطاع، وهو ما يتناقض مع تعهدات سابقة لسموتريتش بعدم السماح بدخول "ولو حبة قمح واحدة" إلى غزة. ويُشار إلى أن ميزانية الأمن الإسرائيلية من المتوقع أن ترتفع في عام 2025 بنحو 28 مليار شيكل، لتغطية نفقات الحرب الجارية والتجهيز للمواجهة مع إيران. كما تم الاتفاق بين وزارة المالية ومنظومة الأمن على إضافة نحو 14 مليار شيكل أخرى في عام 2026، مع احتمالية لمزيد من الزيادات مستقبلاً بناءً على توصيات لجنة "نغل". في سياق متصل، تطرق المؤتمر الصحفي إلى ملف "الانقلاب القضائي"، حيث تم التطرق لمحاولة الحكومة عزل المستشارة القضائية للحكومة غالي بهراف- ميارا، وهي خطوة تم تجميدها مؤقتاً بقرار من المحكمة العليا. من جهته، علّق محافظ بنك إسرائيل، البروفيسور أمير يرون، قائلاً: "استقلالية المؤسسات أمر حاسم لنمو الاقتصاد وثقة الأسواق، لا سيما في الفترات التي تواجه فيها الدولة تحديات كبيرة". أما سموتريتش، فهاجم رجال الأعمال الذين انتقدوا خطوات الحكومة ضد الجهاز القضائي، واصفًا إياهم بأنهم "قطيع" و"مجموعة من المزعجين الذين لا يفهمون شيئًا"، على حد تعبيره.


شبكة أنباء شفا
منذ 5 ساعات
- شبكة أنباء شفا
سموتريتش يدعو إلى تخصيص 3 مليارات شيكل للمساعدات الإنسانية لسكان غزة
شفا – يسعى وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش إلى تخصيص 3 مليارات شيكل إضافية من موازنة 'الدولة' لعام 2025، لتوفير مساعدات إنسانية عاجلة لسكان قطاع غزة، في خطوة مثيرة للجدل داخل الأوساط السياسية والأمنية. وذكرت قناة 'كان' العبرية، أن ذلك جاء خلال نقاشات جرت في وزارة المالية حول إمكانية تجاوز الموازنة الحالية، حيث طالب سموتريتش أن تشمل الزيادة 3 مليارات شيكل مخصصة خصيصا للأغراض الإنسانية في غزة. ولم يتضح بعد ما إذا كانت الأموال ستُستخدم لإقامة ما وصفه الوزير بـ'المدينة الإنسانية' داخل القطاع، أو دعم آليات وقنوات إيصال المساعدات الإنسانية، وهو أمر مرتبط بموافقة الكابينيت على ضرورة استمرار العمليات داخل غزة. وقد أفادت تقارير أن جزءا من هذه المليارات قد يتم توفيره عبر تخفيضات في ميزانيات وزارات حكومية أخرى، بينما يُرجّح أن الأموال ستُوجه إلى ما وصف بـ'آليات الدعم' دون تحديد واضح للجهة المستفيدة أو نوعية البرامج المُمولة. وقد أثار هذا التحرك انتقادات من سياسيين في المعارضة، حيث صرح أفيغدور ليبرمان، رئيس حزب 'إسرائيل بيتنا': 'في وقت تُقلّص فيه أعداد المنح للجندي الاحتياطي الذي يضحي بحياته من أجل الدولة، يطالب وزير المالية بتحويل 3 مليارات شيكل إضافية لتمويل سكان غزة. حكومة 7 أكتوبر تموّل إرهابيين وتتجاهل الجنود'. وأشارت 'كان'، إلى أن هذه الخطوة تثير مخاوف ترتبط بخطة أوسع لتوسيع العمليات العسكرية في القطاع، لا سيما نحو المخيمات المركزية ومدينة غزة، وهي محل تساؤل حول احتمال وجود محتجزين في تلك المناطق، مما يجعل أي ضربات عسكرية في غاية الحساسية والنقاش. وأشارت التقارير إلى أن سموتريتش سبق وأن أقرَّ بتمرير 700 مليون شيكل من ميزانية الدولة خلال الشهرين الماضيين لصالح دعم إنساني في قطاع غزة، عبر آليات يتناولها النقاش بشكل غامض تحت بند 'لأغراض أمنية'. واعتبر بعض المطلعين أن الإعلان عن هذه الميزانيات تمّت 'بسرعة وبشكل سرّي'، دون إدراجها في جدول أعمال الحكومة، وأن الوزير استخدم عبارة 'ضرورة أمنية عاجلة' لتبرير طرح المبلغ أمام الوزراء داخل الجلسة.


فلسطين أون لاين
منذ 6 ساعات
- فلسطين أون لاين
هل ينوي نتنياهو فعلاً احتلال قطاع غزة؟ قراءة في الأبعاد العسكرية والسياسية
متابعة/ فلسطين أون لاين في ظل تصاعد التوترات الأمنية والسياسية في إسرائيل، تصدر حديث كثير من وسائل الإعلام الإسرائيلية والأجنبية عن نية رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لشن عملية احتلال شامل على قطاع غزة، وهو ما أثار جدلاً واسعاً في الساحة السياسية الإسرائيلية وفي الأوساط الدولية. رغم ما تروج له بعض التقارير عن توجه نتنياهو نحو احتلال كامل لقطاع غزة، تشير مصادر حكومية في إسرائيل، كما نقلت صحيفة "هآرتس"، إلى تشكك حقيقي في أن يكون هذا التوجه فعلياً نية حقيقية أو خطة تنفيذية، بل ترى أن التلويح بالاحتلال قد يكون مجرد مناورة تكتيكية لزيادة الضغط على حركة حماس في مفاوضات الأسرى ووقف إطلاق النار. وبحسب تقديرات الصحيفة، فإن نتنياهو يسعى إلى الموازنة بين مطالب جناحه اليميني المتطرف وبين الضغوط السياسية الداخلية، لذلك من المرجح ألا يلجأ إلى إقالة رئيس الأركان إيال زامير، بل التوصل إلى "خطوة عسكرية محدودة" تفرض موقفاً حازماً دون الانجرار إلى احتلال شامل يعقد المشهد. وأوضح المحلل العسكري الإسرائيلي عاموس هرئيل في مقال بصحيفة "هآرتس"، أن لا مؤشرات جدّية على وجود نية حقيقية لدى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لاستكمال السيطرة الكاملة على قطاع غزة، رغم التصريحات المتكررة حول أهداف العملية العسكرية. وأشار هرئيل إلى أن السيطرة على كامل القطاع تتطلب تعزيزات عسكرية ضخمة ومناورة معقدة وسط مليوني فلسطيني، وهو ما يبدو أن الجيش غير مهيأ له حاليًا، خاصة مع إخراج أعداد كبيرة من القوات النظامية في الفترة الأخيرة لمنحها استراحة. وأكد أن الجيش يواجه أزمة التزام غير مسبوقة في صفوف قوات الاحتياط والوحدات النظامية، ما يدفع إلى الحديث عن حملة تجنيد جديدة، على خلاف ما تصر عليه التصريحات الرسمية. صراع حول استراتيجية التصعيد ويرى أن أزمة العلنية بين نتنياهو ورئيس الأركان تعكس خلافاً جوهرياً حول مستقبل العملية العسكرية في غزة، ونتنياهو يستخدم هذه المواجهة لتأكيد جديته أمام حلفائه اليمينيين، وللضغط على حركة حماس في ظل تعثر صفقة تبادل الأسرى. في المقابل، يتخوف زامير من تكاليف العملية العسكرية، ويميل إلى "خطة تطويق" تكتيكية محدودة، تهدف إلى تعزيز الضغط على حماس من دون توسيع نطاق الحرب، خصوصاً أن الجيش في وضع ركود نسبي في غزة، ويحتاج إلى استدعاء احتياطيات وتعزيزات، وهو ما قد يستغرق وقتاً يصل إلى أسابيع. تحديات الاحتلال العسكري وبحسب تقديرات المؤسسة العسكرية، فإن "تطهير" ما تبقى من القطاع قد يستغرق ما بين سنة إلى سنتين، ما يزيد من الشكوك حول جدّية نية القيادة السياسية بتنفيذ ذلك، خاصة في ظل التباطؤ والتأخير في التحرك الميداني. وأشار أستاذ الاقتصاد في الجامعة العبرية إستيبان كلور إلى أن احتلال غزة سيكلف إسرائيل حوالي 10 مليارات دولار سنوياً فقط لتغطية رواتب الجنود والخدمات المدنية، ما يمثل نحو 2% من الناتج المحلي الإسرائيلي، فضلاً عن تكلفة إعادة إعمار البنية التحتية المتضررة في القطاع. أما عن المسؤولية المدنية والأمنية، بحسب كلور إلى أن الاحتلال يعني تولي إسرائيل مسؤولية الحياة اليومية لملايين الفلسطينيين في غزة، من غذاء وتعليم ورعاية صحية، وسط بيئة معادية بشدة، مما يفرض تحديات أمنية وإنسانية غير مسبوقة. وحذر أسرى سابقون من أن حماس تستخدم تقنيات مراقبة متطورة لحماية أماكن احتجاز الأسرى، وأن أي تحرك عسكري واسع قد يعرض حياة الأسرى للخطر، وهو ما يزيد من تعقيد أي عملية عسكرية شاملة. فيما يرى بعض المحللين أن الاحتلال العسكري قد يعزز مقاومة حماس، إذ سيكسبها زخماً شعبياً ويجبرها على مواصلة حرب العصابات من داخل القطاع، مما قد يؤدي إلى استنزاف طويل الأمد لقوات الاحتلال. ويتزايد العزلة الدولية لإسرائيل بسبب استمرار الحرب، ويدعو معظم العالم إلى وقف فوري للأعمال العسكرية. احتلال غزة سيُثير إدانات دولية واسعة، وقد يزيد من الضغوط على تل أبيب، ويقود إلى تدهور صورة إسرائيل على الصعيد العالمي. يبدو أن إسرائيل أمام خيار صعب يتطلب موازنة بين الضغط العسكري على حماس، والحفاظ على استقرار داخلي وشرعية دولية، وسط مطالب متزايدة بوقف النار وإطلاق الأسرى. ومن المقرر أن يعقد المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية (الكابينت) جلسة غدًا الخميس، لمناقشة خطة احتلال مدينة غزة والمعسكرات الوسطى. وتأتي هذه التطورات بعد انسحاب إسرائيل، نهاية يوليو/تموز الماضي، من مفاوضات غير مباشرة مع حركة حماس كانت تجري في الدوحة، بسبب خلافات تتعلق بانسحاب الاحتلال وإنهاء الحرب والإفراج عن الأسرى. وبحسب استطلاع حديث أجراه معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، فإن 52% من الإسرائيليين يحمّلون حكومة نتنياهو مسؤولية الفشل في التوصل إلى اتفاق مع حماس.