
اشتباكات حدودية بين تايلاند وكمبوديا، وروايات متباينة لما حدث
أفادت السلطات التايلاندية بمقتل 12 شخصاً على الأقل، في اشتباكات بين القوات التايلاندية والكمبودية على الحدود المتنازع عليها بين البلدين.
يُمثل هذا القتال تصعيداً لنزاع بين الجارتين الواقعتين في جنوب شرق آسيا، والذي يعود تاريخه إلى أكثر من قرن.
وقال الجيش التايلاندي إن معظم الضحايا مدنيون من ثلاث مقاطعات تايلاندية، مشيرا إلى أن هناك أيضاً عدداً من الإصابات. ولم تؤكد كمبوديا بعد ما إذا كانت قد تكبدت أي خسائر بشرية.
وتبادل الجانبان إطلاق النار في وقت مبكر من صباح الخميس، حيث زعم كل منهما أن الآخر هو من أشعل فتيل الصراع. وتصاعدت الأمور بسرعة، حيث اتهمت تايلاند كمبوديا بإطلاق الصواريخ، بينما نفذت بانكوك غارات جوية على أهداف عسكرية كمبودية.
وأغلقت تايلاند حدودها مع كمبوديا، بينما خفضت كمبوديا علاقاتها مع تايلاند، متهمة جيشها باستخدام "القوة المفرطة".
وطلبت الدولتان من مواطنيهما الموجودين قرب الحدود مغادرة تلك المناطق، حيث أجلت تايلاند 40 ألف مدني إلى أماكن أكثر أماناً.
وقال سوتيان فيوتشان، أحد سكان منطقة "بان دان" في مقاطعة بوريرام التايلاندية القريبة من الحدود الكمبودية، لبي بي سي: "القتال خطير للغاية. نحن بصدد الإجلاء".
وأعلنت السلطات التايلاندية مقتل 11 مدنياً - بينهم طفلان في الثامنة من العمر وآخر في الخامسة عشرة من العمر - بالإضافة إلى عسكري واحد في مقاطعات سورين، أوبون، راتشاثاني، وسريساكيت.
وقدّمت تايلاند وكمبوديا روايات متباينة لما حدث.
وتزعم تايلاند أن الصراع بدأ بنشر الجيش الكمبودي طائرات بدون طيار، لمراقبة القوات التايلاندية قرب الحدود.
وتقول كمبوديا إن الجنود التايلانديين هم من بدأوا الصراع، عندما انتهكوا اتفاقاً سابقاً بالتقدم نحو معبد للخمير والهندوس قرب الحدود.
ويعود تاريخ النزاع إلى أكثر من مئة عام، عندما رُسمت حدود البلدين بعد الاحتلال الفرنسي لكمبوديا.
وتحولت الأمور رسمياً إلى عداء في عام 2008، عندما حاولت كمبوديا تسجيل معبد يعود للقرن الحادي عشر، يقع في المنطقة المتنازع عليها، كموقع للتراث العالمي لليونسكو، وهي الخطوة التي قوبلت باحتجاج شديد من تايلاند.
وشهدت المنطقة اشتباكات متقطعة على مر السنين، أسفرت عن مقتل جنود ومدنيين من الجانبين.
وتصاعدت التوترات الأخيرة في مايو/أيار الماضي بعد مقتل جندي كمبودي في اشتباك، مما أدى إلى تدهور العلاقات الثنائية إلى أدنى مستوياتها منذ أكثر من عقد من الزمان.
وخلال الشهرين الماضيين، فرضت الدولتان قيوداً حدودية على بعضهما البعض. وحظرت كمبوديا الواردات من تايلاند، مثل الفواكه والخضراوات، وأوقفت استيراد خدمات الكهرباء والإنترنت.
كما عززت الدولتان وجود قواتهما على طول الحدود في الأسابيع الأخيرة.
وصرح القائم بأعمال رئيس وزراء تايلاند، فومتام ويشاياتشاي، بأن نزاع تايلاند مع كمبوديا لا يزال "حساساً"، ويجب معالجته بعناية وبما يتماشى مع القانون الدولي.
وقال رئيس الوزراء الكمبودي، هون مانيت، إن بلاده ترغب في حل النزاع سلمياً، ومع ذلك فإنه "لا خيار" أمامها سوى "الرد بالقوة المسلحة على أي عدوان مسلح".
انحسر تبادل إطلاق النار الخطير بين البلدين بسرعة نسبية.
لكن بينما يبدو أن القتال الدائر حالياً لن يتحول إلى حرب شاملة، فإن كلا البلدين يفتقران حالياً إلى قيادة تتمتع بالقوة والثقة الكافيتين للتراجع عن هذه المواجهة.
لا يزال هون مانيت، ابن زعيم سابق، يفتقر إلى سلطته الخاصة، ويبدو أن والده، هون سين، مستعد لدفع هذا الصراع إلى أبعد من ذلك لتعزيز مكانته القومية.
وفي تايلاند، توجد حكومة ائتلافية هشة يدعمها زعيم سابق آخر، هو تاكسين شيناواترا.
كان تاكسين يعتقد أنه يتمتع بعلاقة شخصية وثيقة مع هون سين وعائلته، ويشعر بالخيانة بسبب قرار الأخير تسريب محادثة خاصة أدت إلى تعليق عمل ابنته، بايتونغتارن شيناواترا، كرئيسة لوزراء تايلاند.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الوسط
منذ 19 ساعات
- الوسط
جيفري إبستين: لقاء مسؤول من وزارة العدل الأمريكية وغيلين ماكسويل يشعل الجدل بشأن القضية
Getty Images صورة تجمع جيفري إبستين وغيلين ماكسويل اجتمع مسؤول بارز في وزارة العدل الأمريكية، يوم الخميس، مع غيلين ماكسويل، شريكة جيفري إبستين، في ظل تصاعد الضغوط على إدارة ترامب للإفراج عن ملفات ذات صلة بشبكة اتخذت الاتجار في الجنس نشاطاً لها، كان يديرها إبستين الممول المثير للجدل. نُظم الاجتماع في مدينة تالاهاسي بولاية فلوريدا، حيث تقضي ماكسويل عقوبة السجن لمدة عشرين عاماً على خلفية إدانتها في قضايا الاتجار في الجنس. وأفاد ديفيد ماركوس، محامي غيلين ماكسويل، لشبكة سي بي إس نيوز، الشريك الأمريكي لبي بي سي، بأنه لن يدلي بأي تعليق بشأن "جوهر" النقاشات التي جرت في الاجتماع، بيد أنه صرّح بأن "الأسئلة كانت كثيرة، وقد استغرق اللقاء اليوم بأكمله". وأضاف: "أجابت (غيلين) عن كل سؤال وُجّه إليها. لم ترفض الإجابة عن أي منها، ولم تمتنع مطلقاً". وقال نائب المدعي العام، تود بلانش، في وقت سابق من الأسبوع الجاري، بأنه يعتزم التحدث إلى ماكسويل بشأن أي معلومات قد تعرفها عن أفراد آخرين يُحتمل أن يكون إبستين قد ساعدهم في ارتكاب اعتداءات جنسية على فتيات. كما أعرب ماركوس للصحفيين عن "امتنانه" لحضور بلانش من أجل استجواب ماكسويل وطرح الأسئلة عليها. وقال: "إنها المرة الأولى التي تُقْدم فيها الحكومة على هذا الأمر، لذا فقد كان يوماً إيجابياً". تأتي هذه المستجدات في ظل تجدد الاهتمام بغيلين ماكسويل، البالغة من العمر 63 عاماً، والمدانة بالاتجار في الجنس وتقضي عقوبة السجن لمساعدتها جيفري إبستين في الاعتداء على فتيات قاصرات. وتزايدت مطالبات الرأي العام، من بينهم أنصار الرئيس الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، وأعضاء من الكونغرس، بضرورة إفراج وزارة العدل عن الملفات المرتبطة بقضية إبستين. وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال، يوم الأربعاء، أن المدعية العامة، بام بوندي، أخطرت ترامب، خلال إفادة جرت في شهر مايو/أيار، بأن اسمه ذُكر في مستندات تابعة لوزارة العدل مرتبطة بقضية إبستين. ونفى البيت الأبيض صحة تلك الأنباء ووصفها بأنها "أخبار كاذبة". ولا يعد وجود اسم ترامب في الوثائق دليلاً على ارتكاب أي عمل جنائي، ولم يُوجه إليه أي اتهام فيما يتعلق بقضية إبستين. وكان ترامب قد تعهد، خلال حملته الرئاسية في العام الماضي، بالإفراج عن مثل هذه الملفات المتعلقة بإبستين المعروف بعلاقاته الواسعة. بيد أن مؤيديه أبدوا استياءهم من تعامل الإدارة مع القضية، لا سيما تقاعسها عن تقديم ما يعرف باسم "قائمة عملاء" إبستين. ووفقاً لمذكرة صدرت في بداية الشهر الجاري، أعلنت وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفيدرالي عدم وجود مثل هذه القائمة. وتوفي إبستين في زنزانته في نيويورك عام 2019 أثناء انتظار محاكمته بتهمة الاتجار في الجنس، بعد إدانته سابقاً بمحاولة استغلال قاصر للدعارة، واعتُبر موته بمثابة انتحار. ومنذ ذلك الوقت، راجت نظريات المؤامرة بشأن تفاصيل جرائمه وظروف وفاته. وفي يوم الأربعاء، صوتت لجنة فرعية بمجلس النواب الأمريكي على استدعاء وزارة العدل للحصول على تلك الملفات، على أن يصدّق رئيس اللجنة على ذلك. كما أصدر الجمهوريون في لجنة الرقابة بمجلس النواب أمر استدعاء لغيلين ماكسويل للإدلاء بشهادتها عن بُعد من السجن في الحادي عشر من أغسطس/آب. وحذّر رئيس مجلس النواب، مايك جونسون، من عدم إمكانية الثقة بشهادة ماكسويل، التي ساعدت إبستين لسنوات في استغلال الفتيات جنسياً، وعدم اعتبارها دقيقةً وموثوقاً بها. وقال محاميها، ديفيد ماركوس، لبي بي سي إن المخاوف المثارة "لا تستند إلى أساس"، وأنها إذا قررت الإدلاء بشهادتها بدلاً من تفعيل حقها الدستوري في عدم الإدلاء بأي تصريح، "فستقدم شهادة صادقة، كما أكدت دائماً على ذلك". وفي الأسبوع الماضي، طالبت وزارة العدل قاضياً فيدرالياً بالإفراج عن شهادات لجنة المحلفين الكبرى التي تعود لسنوات مضت والمتعلقة بتحقيق جرى عام 2006 في فلوريدا بشأن إبستين، إلا أن قاضياً في الولاية رفض يوم الأربعاء نشر هذه الوثائق للعامة.


الوسط
منذ يوم واحد
- الوسط
اشتباكات حدودية بين تايلاند وكمبوديا، وروايات متباينة لما حدث
AFP أفادت السلطات التايلاندية بمقتل 12 شخصاً على الأقل، في اشتباكات بين القوات التايلاندية والكمبودية على الحدود المتنازع عليها بين البلدين. يُمثل هذا القتال تصعيداً لنزاع بين الجارتين الواقعتين في جنوب شرق آسيا، والذي يعود تاريخه إلى أكثر من قرن. وقال الجيش التايلاندي إن معظم الضحايا مدنيون من ثلاث مقاطعات تايلاندية، مشيرا إلى أن هناك أيضاً عدداً من الإصابات. ولم تؤكد كمبوديا بعد ما إذا كانت قد تكبدت أي خسائر بشرية. وتبادل الجانبان إطلاق النار في وقت مبكر من صباح الخميس، حيث زعم كل منهما أن الآخر هو من أشعل فتيل الصراع. وتصاعدت الأمور بسرعة، حيث اتهمت تايلاند كمبوديا بإطلاق الصواريخ، بينما نفذت بانكوك غارات جوية على أهداف عسكرية كمبودية. وأغلقت تايلاند حدودها مع كمبوديا، بينما خفضت كمبوديا علاقاتها مع تايلاند، متهمة جيشها باستخدام "القوة المفرطة". وطلبت الدولتان من مواطنيهما الموجودين قرب الحدود مغادرة تلك المناطق، حيث أجلت تايلاند 40 ألف مدني إلى أماكن أكثر أماناً. وقال سوتيان فيوتشان، أحد سكان منطقة "بان دان" في مقاطعة بوريرام التايلاندية القريبة من الحدود الكمبودية، لبي بي سي: "القتال خطير للغاية. نحن بصدد الإجلاء". وأعلنت السلطات التايلاندية مقتل 11 مدنياً - بينهم طفلان في الثامنة من العمر وآخر في الخامسة عشرة من العمر - بالإضافة إلى عسكري واحد في مقاطعات سورين، أوبون، راتشاثاني، وسريساكيت. وقدّمت تايلاند وكمبوديا روايات متباينة لما حدث. وتزعم تايلاند أن الصراع بدأ بنشر الجيش الكمبودي طائرات بدون طيار، لمراقبة القوات التايلاندية قرب الحدود. وتقول كمبوديا إن الجنود التايلانديين هم من بدأوا الصراع، عندما انتهكوا اتفاقاً سابقاً بالتقدم نحو معبد للخمير والهندوس قرب الحدود. ويعود تاريخ النزاع إلى أكثر من مئة عام، عندما رُسمت حدود البلدين بعد الاحتلال الفرنسي لكمبوديا. وتحولت الأمور رسمياً إلى عداء في عام 2008، عندما حاولت كمبوديا تسجيل معبد يعود للقرن الحادي عشر، يقع في المنطقة المتنازع عليها، كموقع للتراث العالمي لليونسكو، وهي الخطوة التي قوبلت باحتجاج شديد من تايلاند. وشهدت المنطقة اشتباكات متقطعة على مر السنين، أسفرت عن مقتل جنود ومدنيين من الجانبين. وتصاعدت التوترات الأخيرة في مايو/أيار الماضي بعد مقتل جندي كمبودي في اشتباك، مما أدى إلى تدهور العلاقات الثنائية إلى أدنى مستوياتها منذ أكثر من عقد من الزمان. وخلال الشهرين الماضيين، فرضت الدولتان قيوداً حدودية على بعضهما البعض. وحظرت كمبوديا الواردات من تايلاند، مثل الفواكه والخضراوات، وأوقفت استيراد خدمات الكهرباء والإنترنت. كما عززت الدولتان وجود قواتهما على طول الحدود في الأسابيع الأخيرة. وصرح القائم بأعمال رئيس وزراء تايلاند، فومتام ويشاياتشاي، بأن نزاع تايلاند مع كمبوديا لا يزال "حساساً"، ويجب معالجته بعناية وبما يتماشى مع القانون الدولي. وقال رئيس الوزراء الكمبودي، هون مانيت، إن بلاده ترغب في حل النزاع سلمياً، ومع ذلك فإنه "لا خيار" أمامها سوى "الرد بالقوة المسلحة على أي عدوان مسلح". انحسر تبادل إطلاق النار الخطير بين البلدين بسرعة نسبية. لكن بينما يبدو أن القتال الدائر حالياً لن يتحول إلى حرب شاملة، فإن كلا البلدين يفتقران حالياً إلى قيادة تتمتع بالقوة والثقة الكافيتين للتراجع عن هذه المواجهة. لا يزال هون مانيت، ابن زعيم سابق، يفتقر إلى سلطته الخاصة، ويبدو أن والده، هون سين، مستعد لدفع هذا الصراع إلى أبعد من ذلك لتعزيز مكانته القومية. وفي تايلاند، توجد حكومة ائتلافية هشة يدعمها زعيم سابق آخر، هو تاكسين شيناواترا. كان تاكسين يعتقد أنه يتمتع بعلاقة شخصية وثيقة مع هون سين وعائلته، ويشعر بالخيانة بسبب قرار الأخير تسريب محادثة خاصة أدت إلى تعليق عمل ابنته، بايتونغتارن شيناواترا، كرئيسة لوزراء تايلاند.


الوسط
منذ 2 أيام
- الوسط
قرار تاريخي: العدل الدولية تعطي الضوء الأخضر للدول لمقاضاة بعضها بسبب أضرار تغيّر المناخ
Getty Images العواصف وارتفاعات المد والجزر المرتبطة بتغير المناخ تسبب دماراً في دول من بينها جزر مارشال أصدرت محكمة العدل الدولية، أعلى هيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة، قراراً تاريخياً يمهّد الطريق أمام الدول لرفع دعاوى قضائية على بعضها البعض بشأن تغيّر المناخ، بما في ذلك انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري. بيد أن القاضي في المحكمة في مدينة لاهاي في هولندا قال، يوم الأربعاء، إن فكّ التعقيدات المتعلقة بتحديد المسؤولية عن كل جزء من تغيّر المناخ قد يكون أمراً بالغ الصعوبة. ويعد حكم المحكمة غير مُلزم، إلا أن خبراء القانون يشيرون إلى أنه قد تترتب عليه آثار واسعة النطاق. ويعد هذا الحكم بمثابة انتصار للدول الأكثر عرضة لتأثيرات تغيّر المناخ، والتي لجأت إلى المحكمة بعدما أصابها إحباط جراء بطء التقدم العالمي في التصدي لهذه الأزمة. والقضية غير المسبوقة التي تنظرها محكمة العدل الدولية هي ثمرة أفكار مجموعة من طلاب الحقوق من جزر المحيط الهادئ، والواقعة في الخطوط الأمامية لمواجهة تغيّر المناخ، وكانوا قد طرحوا هذه الفكرة عام 2019. وكان من بين الحاضرين في لاهي لسماع قرار المحكمة أحد هؤلاء الطلاب، ويدعى سيوسوا فيكوني من تونغا. وقال لبي بي سي: "أعجز عن التعبير، إنها لحظة في غاية الأهمية، تغمرنا مشاعر جياشة، إنه انتصار نحمله بفخر إلى أوطاننا ومجتمعاتنا". وقالت فلورا فانو، من دولة فانواتو الواقعة في المحيط الهادئ، والتي تُعد واحدة من أكثر الدول عرضة للظواهر الجوية القصوى في العالم: "سأنام الليلة بطمأنينة أكبر، بعد أن اعترفت محكمة العدل الدولية بما عشناه، اعترفت بمعاناتنا، بصمودنا، وبحقنا في مستقبلنا". وأضافت: "إنه انتصار ليس لنا وحدنا، بل لكل مجتمع على الخطوط الأمامية يكافح من أجل أن يُسمَع صوته". وتُعدّ محكمة العدل الدولية أعلى هيئة قضائية في العالم، وتتمتع بسلطة قضائية عالمية، وقد أفاد محامون لبي بي سي بأن الرأي الصادر منها يمكن نفاذه اعتباراً من الأسبوع المقبل، بما في ذلك أمام المحاكم الوطنية خارج نطاق المحكمة. ويأمل ناشطون ومحامو المناخ أن يمهّد هذا القرار التاريخي الطريق للحصول على تعويضات من الدول التي كانت الأكثر استخداماً للوقود الأحفوري، وبالتالي الأكثر مسؤولية عن ظاهرة الاحتباس الحراري. وكانت العديد من الدول الفقيرة قد أعربت عن دعمها لهذه القضية انطلاقاً من شعورها بالإحباط، متهمة الدول المتقدمة بعدم الوفاء بالتزاماتها القائمة لمواجهة المشكلة. بيد أن الدول المتقدمة، بما فيها المملكة المتحدة، احتجت بأن الاتفاقيات المناخية القائمة، ومنها اتفاقية باريس التاريخية لعام 2015، تكفي، ولا ينبغي فرض أي التزامات قانونية إضافية. ورفضت المحكمة تلك الحجّة، وقال القاضي إيواساوا يوجي أيضاً إن عدم وضع الدول لخطط طموحة تهدف إلى مكافحة تغيّر المناخ يعد خرقاً لالتزاماتها بموجب اتفاق باريس. وأضاف أن القانون الدولي الأوسع نطاقاً يُطبَّق كذلك، ما يعني أن الدول غير الموقعة على اتفاقية باريس، أو التي ترغب في الانسحاب منه، مثل الولايات المتحدة، لا تزال مُلزمة بحماية البيئة، بما في ذلك نظام المناخ. ويعد رأي المحكمة استشارياً، بيد أن قرارات سابقة لمحكمة العدل الدولية نُفّذت من جانب حكومات، من بينها عندما وافقت المملكة المتحدة على إعادة جزر تشاغوس إلى موريشيوس العام الماضي. وقالت جوي شودري، المحامية البارزة في مركز القانون الدولي للبيئة: "هذا الحكم يمثل لحظة فاصلة في القانون". وأوضحت: "بحكمها التاريخي والسلطوي اليوم، كسرت محكمة العدل الدولية نهج الأعمال المعتادة، وقدمت تأكيداً تاريخياً بأن المتضررين من آثار دمار المناخ لهم حق في الحصول على تعويضات، بما في ذلك التعويض المالي". وقال متحدث باسم وزارة الخارجية والكومنولث والتنمية في المملكة المتحدة إنهم "يأخذون الوقت الكافي" لدراسة الرأي قبل الإدلاء بتعليقات مفصّلة، مضيفاً: "مواجهة تغيّر المناخ تُشكل أولوية قصوى لكل من المملكة المتحدة والعالم، وستظل كذلك. وموقفنا يظل قائماً على أن تحقيق ذلك يجري عبر الالتزام الدولي بالاتفاقيات والآليات المناخية القائمة التابعة للأمم المتحدة". وأصدرت المحكمة حكماً يقضي بأن للدول النامية الحق في المطالبة بتعويضات عن أضرار تغيّر المناخ مثل المباني والبنية التحتية المدمرة. Getty Images أدلى ممثلو دول جزر المحيط الهادئ بشهاداتهم في المحكمة وأضافت المحكمة أنه في حال تعذّر استعادة جزء من أراضي دولة، فقد ترغب حكومتها في المطالبة بالتعويض. ويمكن أن يكون ذلك مرتبطاً بحدث مناخي متطرف ومحدد إذا ثبت أن تغيّر المناخ هو المسبب له، بيد أن القاضي أوضح أن هذا الأمر يجب أن يُدرس ويُقرر لكل حالة على حدة. ووصفت المحامية ستيفاني روبنسون، من مجلس دوغي ستريت، التي مثلت جزر مارشال، القرار بأنه "انتصار عظيم للدول المعرضة بشدة لتغيّر المناخ. انتصار كبير لفانواتو التي تصدرت هذه القضية، والتي ستُحدث تحولاً في مجال الدفاع عن المناخ". وليس من الواضح ما هو مقدار التعويض الذي قد تضطر دولة واحدة إلى دفعه في حال نجاح أي مطالبة. بيد أن تحليلاً سابقاً نُشر في مجلة "نيتشر" قدّر أن الخسائر الناتجة عن تغيّر المناخ بين عامي 2000 و2019 بلغت 2.8 تريليون دولار، أي ما يعادل 16 مليون دولار في الساعة. وخلال جلسات الاستماع في ديسمبر/كانون الأول، استمعت المحكمة إلى شهادات عشرات من سكان جزر المحيط الهادئ الذين اضطروا إلى الهجرة نتيجة ارتفاع منسوب سطح البحر بسبب تغيّر المناخ. وقالت جزر مارشال إن تكلفة تكيّف جزيرتهم مع تغيّر المناخ تبلغ 9 مليارات دولار. وأضافت روبنسون: "هذا المبلغ، 9 مليارات دولار، لا تملكه جزر مارشال. تغيّر المناخ مشكلة لم تتسبب فيها، لكنها تُجبرهم على التفكير في نقل عاصمتهم". Getty Images أدى إعصار ضرب فانواتو عام 2015 إلى تدمير 276 ألف منزل والإضرار بثلثي الناتج المحلي الإجمالي وبالإضافة إلى التعويضات، قضت المحكمة بأن الحكومات تتحمل مسؤولية الأثر المناخي الناتج عن الشركات التي تعمل داخل دولها. وذكرت المحكمة تحديداً أن دعم صناعة الوقود الأحفوري أو الموافقة على تراخيص جديدة للبترول والغاز قد يُعد خرقاً لالتزامات الدولة. وبدأت الدول النامية بالفعل، وفقا لمحامين تحدثوا لبي بي سي، في دراسة رفع دعاوى قضائية جديدة تطالب بتعويضات ضد الدول الغنية صاحبة الانبعاثات العالية عن مساهماتها التاريخية في تغيّر المناخ، مستندة إلى رأي محكمة العدل الدولية. وإذا رغبت دولة في رفع دعوى أمام محكمة العدل الدولية للحصول على حكم بالتعويض، فيمكنها ذلك فقط ضد الدول التي وافقت على اختصاص المحكمة، والتي تشمل الدول مثل المملكة المتحدة، لكنها لا تشمل الولايات المتحدة أو الصين. ويمكن رفع دعوى في أي محكمة حول العالم، سواء كانت محكمة وطنية أو دولية، مستندين إلى رأي محكمة العدل الدولية، حسبما أوضحت جوي شودري من مركز القانون الدولي للبيئة. وبناء عليه قد تختار دولة رفع قضيتها أمام محكمة أخرى غير محكمة العدل الدولية، حيث تكون تلك الدول ملتزمة بالأحكام القضائية هناك، مثل المحاكم الفيدرالية في الولايات المتحدة. ويبقى سؤال: هل ستحترم الدول رأي محكمة العدل الدولية؟ يقول هارج نارولا، محام متخصص في قضايا المناخ بمجلس دوغي ستريت، والذي مثل جزر سليمان: "محكمة العدل الدولية مؤسسة تتأثر بالجغرافيا السياسية، وتعتمد على التزام الدول بأحكامها، فهي لا تمتلك قوة الشرطة". وقال متحدث باسم البيت الأبيض، ردا على استفسار بشأن القرار، لبي بي سي: ""كما هو الحال دائماً، يلتزم الرئيس ترامب والإدارة بأكملها بوضع أمريكا في المقام الأول وإعطاء الأولوية لمصالح الأمريكيين".