
تزايد العقبات أمام أحلام ترامب بفتح أسواق آسيا للسيارات الأميركية
منذ أوائل القرن الحالي تشكو الإدارات الأميركية المتعاقبة من غزو السيارات القادمة من الدول الآسيوية وبخاصة كوريا الجنوبية واليابان للسوق الأميركية، مقابل تعثر السيارات الأميركية في أسواق تلك الدول.
وذكرت صحيفة لوس انجليس تايمز في تقرير لها أنه في محاولة من جانب الحكومة الكورية الجنوبية لتهدئة الشكوى الأميركية قررت في أوائل القرن شراء نحو 100 سيارة أميركية طراز فورد تاورويز واستخدامها في دوريات الشرطة، لكن هذه الخطوة لم تنجح في الترويج للسيارات الأميركية في السوق الكورية, ففي حين اشترى الأميركيون حوالي 570 ألف سيارة كورية جنوبية عام 2000 لم يشتري الكوريون الجنوبيون أكثر من 2500 سيارة أميركية الصنع.
وحتى بعد توقيع اتفاقية التجارة الحرة بين واشنطن وسول عام 2012 وإلغاء الرسوم الجمركية المتبادلة على السيارات، لم يتغير الموقف كثيرا. وفي العام الماضي صدرت كوريا الجنوبية 1.5مليون إلى الولايات المتحدة بقيمة 37.4 مليار دولار، في حين استوردت كوريا الجنوبية حوالي 47 ألف سيارة بقيمة 2,1 مليار دولار خلال الفترة نفسها.
ومنذ عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني الماضي، وهو يتحدث عن ضرورة علاج هذا الخلل الكبير في ميزان تجارة السيارات بين بلاده والشركاء التجاريين الآخرين وبخاصة في آسيا، ضمن استراتيجية تستهدف علاج عجز الميزان التجاري للولايات المتحدة بشكل عام.
ويقول ترامب "ربما كان أسوأ شيء هو القيود غير النقدية التي تفرضها كوريا الجنوبية واليابان والكثير من الدول الأخرى" على السيارات الأميركية، عندما أعلن فرض رسوم على السيارات المستوردة من كل دول العالم بنسبة 25% في أبريل/نيسان الماضي.
لكن المحللين والمستهلكين يقدمون رواية مختلفة لهذه القضية حيث يؤكدون باستمرار أنهم "ببساطة ليسوا مولعين بالسيارات الأميركية - ولن تُغير الحملات الحكومية ولا فتح الاسواق أمامها هذا الوضع على الأرجح".
يقول ليون تشنج، خبير السيارات في شركة وا.سي.بي الاستشارية ومقرها سنغافورة: "المشكلة الأعمق تكمن في ملاءمة المنتج، وليس في الإجراءات الورقية"، مشيرا إلى ازدياد حجم السيارات الأميركية وارتفاع أسعارها واستهلاكها للوقود خلال العقود القليلة الماضية وهي عوامل تقلل جاذبيتها لدى المستهلكين الآسيويين.
للوهلة الأولى تبدو فيتنام سوقا آسيوية واعدة للسيارات الأميركية في ظل قواعد ترامب التجارية. فقد توصلت واشنطن وهانوي إلى اتفاق تجاري يسمح بخفض الرسوم الجمركية التي أعلنها ترامب على المنتجات الفيتنامية من 46% إلى 20% مقابل منح المنتجات الأميركية بما في ذلك السيارات ذات المحركات الكبيرة معاملة تفضيلية في السوق الفيتنامية.
وقال ترامب إن السيارات الرياضية متعددة الأغراض (إس.يو.في) أميركية الصنع "والتي تحقق أداءً جيدًا في الولايات المتحدة، ستكون إضافة رائعة لسوق السيارات في فيتنام".
ورغم أن التفاصيل الدقيقة للاتفاق التجاري لم تحسم بعد، من المتوقع منح هذه السيارات الأميركية إعفاء كاملا من الرسوم الجمركية في فيتنام، مقابل حوالي 70% حاليا.
لكن تشنج يشكك في إمكانية نمو مبيعات سيارات الدفع الرباعي الأميركية في بلد تزدحم فيه الطرق بالدراجات النارية، ويبلغ متوسط الدخل الشهري حوالي 300 دولار فقط.
أساليب غير عادلة
أما في اليابان حيث التقدم ومستويات الدخل المرتفعة، فإن السيارات الأميركية تواجه حواجز أخرى. فرغم اتهام ترامب لليابان بممارسة أساليب غير عادلة في قطاع السيارات، فالواقع أن السيارات الأميركية معفاة من الرسوم الجمركية في اليابان منذ 1978 في حين تفرض الولايات المتحدة رسوما بنسبة 2.5% على السيارات اليابانية قبل أن يرفعها ترامب إلى 25%. لكن هناك العديد من القيود غير الجمركية مثل اختلاف معايير شحن السيارات الكهربائية التي تحد من انتشار السيارات الأميركية في اليابان. كما أن اليابان ترفض بيع السيارات غير المزودة بنظام مكافح آلي للعمل في حالات الطوارئ.
ويقول الخبراء إن المشكلة الأعمق تكمن في أن أذواق المستهلكين اليابانيين، الذين لطالما فضلوا السيارات المدمجة المناسبة للبيئات الحضرية الأكثر كثافة سكانية، وهو ما لا يتوافر كثيرا في السيارات الأميركية الصنع الأكبر حجما.
سيارات هواة
ويقول فيليبي مونوز، المحلل في شركة أبحاث السيارات جاتو دايناميكس "يقول الكثيرون إن (السيارات الأميركية) لا تتناسب مع مواقف السيارات أو يصعب التعامل معها على الطرق الضيقة ... غالبًا ما يُنظر إلى السيارات الأميركية على أنها سيارات هواة أو "سيارات لفئة محددة من الجمهور".
الأمر نفسه يتكرر في سوق كوريا الجنوبية، رغم أن العقبات أمام السيارات الأميركية فيها أقل من تلك الموجودة في السوق اليابانية.
يقول لي هانغ كو الباحث في معهد كوريا لتكنولوجيا السيارات "لم يتبقَّ الكثير من الحواجز التجارية - سواءً جمركية أو غير جمركية - للحديث عنها .. لكن شركات صناعة السيارات الأميركية لم تبذل جهدًا يُذكر في التسويق أو جذب المستهلكين الكوريين الجنوبيين. بل تُلقي باللوم على ممارسات تجارية غير عادلة".
والحقيقة أن اتفاقية التجارة الحرة التي وقعها الرئيس السابق جورج بوش الابن مع كوريا الجنوبية في عام 2007، ودخلت حيز التنفيذ بعد خمس سنوات، أبقت السيارات معفاة من الرسوم الجمركية لكلا الجانبين منذ عام 2016. وقد خففت عمليات إعادة التفاوض اللاحقة على تلك الاتفاقية غالبية الحواجز التنظيمية التي بقيت، مثل قواعد السلامة أو اختبار الانبعاثات.
وبموجب الشروط الأخيرة، التي أعيد التفاوض عليها خلال ولاية ترامب الأولى، يمكن استيراد ما يصل إلى 50 ألف مركبة أميركية الصنع إلى كوريا الجنوبية دون الخضوع لاختبارات سلامة محلية إضافية. وقد تم تطبيق هذه القواعد بسخاء، حيث وافقت الهيئات التنظيمية الكورية الجنوبية على السيارات الأميركية ذات أضواء الفرامل الحمراء على الرغم من الانتقادات بأنها مربكة للسائقين المحليين المعتادين على الأضواء الكهرمانية، والسماح ببعض طرازات تسلا على الطرق على الرغم من أنها لا تلبي المعايير المحلية لأنظمة الهروب في حالات الطوارئ.
ورغم ذلك تواجه شركات السيارات الأميركية صعوبة في الاستفادة من هذا الإعفاء. ففي العام الماضي، باعت حوالي 40 ألف سيارة في كوريا الجنوبية أي حوالي 15% من إجمالي سوق السيارات الأجنبية في البلاد، وفقًا لبيانات جمعية مستوردي وموزعي السيارات الكورية.
معايير الانبعاثات
في حين اشتكى ممثلو الشركات الأميركية من معايير الانبعاثات الأوسع نطاقًا في كوريا الجنوبية، والتي تُعدّ أشد صرامة من تلك المعمول بها في الولايات المتحدة، يُشير لي هانج كو إلى أن هذه التنازلات ليست سهلة: فقد خلص حكم للمحكمة الدستورية العام الماضي إلى أن أهداف كوريا الجنوبية الحالية المتعلقة بالمناخ غير كافية، مما يعني أن معايير الانبعاثات ستكون على الأرجح أقل مرونة في المستقبل.
في الوقت نفسه فإن تركيز المستهلكين الكوريين الجنوبيين على أسعار الوقود المرتفعة في البلاد، يجعل انخفاض استهلاك الوقود أحد العوامل الحاسمة في قرار شراء السيارات، حتى لو كانوا يشعرون بميل عام تجاه السيارات الأميركية.
مع ذلك، هناك بعض قصص النجاح التي قد تُقدم إشارات إلى كيفية بقاء شركات صناعة السيارات الأميركية، التي خسرت معركة الاقتصاد في استهلاك الوقود أمام المنافسين المحليين وسوق السيارات الفاخرة أمام الشركات الأوروبية، في آسيا.
ففي اليابان، كان السبب هو الشعبية المتزايدة للسيارة جيب، التي أُشيد بتكيفها مع المواصفات المحلية من خلال خيارات القيادة من جهة اليمين وتعديلات الحجم. في فيتنام، كما سيطرت فورد رانغر على قطاع الشاحنات الخفيفة (بيك آب)، وعلى الرغم من تصنيعها في تايلاند، إلا أنها دليل على أن التصميمات الأميركية لا تزال قادرة على الوصول إلى السوق المناسبة.
في كوريا الجنوبية، حققت فورد توروس نجاحًا متواضعًا في أعقاب الحملة الترويجية الحكومية في أوائل القرن الحادي والعشرين. لكن لي هانج كو يُشير إلى سيارة أميركية أخرى حققت نجاحا غير متوقع في السوق الكورية وهي بي تي كروزر من شركة كرايسلر التي سخر منها كثيرون في البداية ثم اكتسبت شعبية كبيرة غير متوقعة في كوريا الجنوبية.
يقول لي هانج كو إن بي.تي كروز "كانت سيارة غريبة الشكل، ذات هيكل خارجي متين، لكنها كانت واسعة من الداخل، ولم يكن هناك منافس لها في كوريا الجنوبية ضمن فئتها .. بطريقة ما كانت هذه السيارة ناجحة".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البلاد البحرينية
منذ 9 ساعات
- البلاد البحرينية
جسر الملك حمد شريان استراتيجي للتكامل الاقتصادي الخليجي
يمثّل مشروع جسر الملك حمد محطة مفصلية في مسار التكامل الاقتصادي والبنى التحتية بين مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية، ودول الخليج عامة. فالمشروع الذي يُتوقع افتتاحه في العام 2030، يُعد مكملا حيويا لجسر الملك فهد، وركيزة أساسية لمشروع سكة الحديد الخليجية. يمتد الجسر على طول 25 كيلومترا، ويتضمن أربعة مسارات للمركبات ومسارين للقطارات، ليربط بين محطة الملك حمد الدولية في البحرين ومحطة الدمام في السعودية بطول 57 كيلومترا. ويهدف المشروع لتخفيف الضغط على جسر الملك فهد، وتسهيل حركة المسافرين والبضائع؛ ما يعزز الانسيابية الاقتصادية بين البلدين. ومن الناحية الاقتصادية، يعزّز المشروع تدفقات التجارة الثنائية، ويُعد رافعة للقطاع اللوجستي في البحرين عبر الربط المباشر مع الموانئ، وتوفير شبكة متكاملة تدعم إعادة التصدير والتوزيع إلى عموم دول الخليج. كما يفتح المجال أمام استثمارات ضخمة في البنية التحتية ومحطات الجمارك والخدمات المرتبطة؛ ما يوفر آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة. نقلة نوعية وفي هذا السياق، أكد الأمين العام لاتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي صالح الشرقي، أن مشروع جسر الملك حمد الرابط بين المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين، يمثل خطوة استراتيجية نحو تحقيق تكامل اقتصادي ولوجستي أعمق بين دول الخليج، مشددا على أنه سيُسهم في تعزيز انسيابية حركة التجارة البينية، ورفع القدرة التنافسية لاقتصادات المنطقة. وأوضح الشرقي في تصريح لـ 'البلاد'، أن الجسر لا يعد مجرد مشروع بنية تحتية، بل هو تجسيد عملي لرؤية التكامل الخليجي المنشودة، ويؤسس لمرحلة جديدة من الربط البري والسككي بين مراكز الإنتاج والخدمات في دول المجلس، بما يعزز كفاءة سلاسل الإمداد والتوزيع. وأضاف أن المشروع من شأنه أن يدعم القطاع الخاص الخليجي عبر تسهيل وصوله إلى الأسواق الإقليمية بسرعة ومرونة، كما يفتح آفاقا واسعة للاستثمار في مجالات النقل المتكامل والخدمات اللوجستية، التي باتت من أهم دعائم النمو الاقتصادي المستدام. وأشار إلى أن اتحاد الغرف الخليجية يولي اهتماما كبيرا بمثل هذه المشروعات التنموية؛ لما تمثله من رافعة مهمة للناتج المحلي الخليجي، وأداة فعالة لتحفيز التنمية الاقتصادية وتعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص. وختم الشرقي تصريحه بتأكيد أن مشروع جسر الملك حمد، إلى جانب شبكة السكك الحديدية الخليجية، يمثلان تحولا استراتيجيا في بيئة الأعمال الخليجية، ويوفران أدوات عملية للارتقاء بالتبادل التجاري والصناعي بين دول الخليج، بما يواكب مستهدفات الرؤى الوطنية والتنمية الشاملة في المنطقة. ويرتبط المشروع ارتباطا وثيقا بخطط سكة الحديد الخليجية التي ستمتد من الكويت حتى سلطنة عمان، بطول 2177 كيلومترا، وبتكلفة تقارب 15 مليار دولار. وسيكون جسر الملك حمد بمثابة الحلقة المحورية لهذه الشبكة؛ ما يسهم في تقليص تكاليف النقل، وتسريع حركة البضائع، ودعم الصناعات الخليجية. وقد خُصّصت مناقصات لتطوير الخطة التشغيلية للمشروع عبر الأمانة العامة لمجلس التعاون، في خطوة تؤكد جدية التنفيذ والشراكة بين القطاعين العام والخاص. وقد بدأ التفكير بالمشروع في العام 2014، وتم توقيع اتفاقية رسمية في 2016، مع تكليف شركات متخصصة لدراسة الجدوى والتمويل ضمن نموذج شراكة بين القطاعين العام والخاص. وفي 2021، تم تحديد المسار النهائي للجسر، واستكمال أعمال تعويض الأراضي على الجانب البحريني، تلتها في 2024 اجتماعات وزارية مشتركة لتنسيق إجراءات البنية التحتية والمناقصات بين البلدين. ويُعد المشروع خطوة متكاملة مع رؤية البحرين الاقتصادية 2030 ورؤية السعودية 2030، عبر دعم التنويع الاقتصادي وتوسيع الفرص اللوجستية والسياحية، إلى جانب تحسين مرونة سلاسل الإمداد، وتعزيز التبادل التجاري. الجسر سيُسهم أيضا في إنعاش قطاع السياحة عبر خلق بديل مروري أكثر كفاءة، وتحفيز الحركة السياحية القصيرة المدى، خصوصا من السعودية إلى البحرين. كما سيضيف طاقة استيعابية للنقل البري عبر أربعة مسارات إضافية، وسيمكن من نقل أكثر من 600 ألف حاوية و13 مليون طن من المواد الخام سنويا. وتم تعيين استشاري المرحلة الانتقالية للمشروع في نوفمبر 2019، ويضم التحالف شركات 'KPMG' (الاستشاري المالي)، و 'AECOM' (الاستشاري الفني)، و 'CMS' (الاستشاري القانوني)، ضمن إطار متكامل للتنفيذ وفق أفضل الممارسات العالمية. وبذلك، لا يُعد جسر الملك حمد مجرد مشروع نقل، بل بوابة استراتيجية نحو تكامل اقتصادي خليجي أكثر ترابطا واستدامة، يُعزز قدرة دول المجلس على بناء شبكة نقل ولوجستيات موحدة تدعم التنافسية والنمو الإقليمي الشامل.


البلاد البحرينية
منذ 9 ساعات
- البلاد البحرينية
صراعات ميانمار تحجب أفق الاقتصاد
الصراعات ليست طارئة على جسد ميانمار، بل ظلٌّ يكسو خريطة تزدحم بتناقضات مستعصية، حيث تتشابك معالم الجغرافيا بندوب التاريخ، فتبدو البلاد كمرآة قاتمة، غبار النزاعات يحجب عن الأنظار ملامح الاقتصاد، غير أن الحقيقة تبدو أكثر انكشافًا لمن يمتلك بصيرة تخترق الضباب. فخلف صدى القصف وعويل العقوبات، يتحرك اقتصاد مكبوت، ينهض من بين أنقاض الأزمات، لمن يدرك أن الفرص تنبت أحيانًا وسط الفوضى. هذه الدولة، الواقعة في جنوب شرق آسيا، لا تُقاس قيمتها بحجمها، بل بموقعها الفاصل بين ثلاثة عمالقة، الصين، الهند، وتايلاند. موقع تحوّل من جغرافيا خاملة إلى عقدة لوجستية في معادلات التجارة والطاقة. ميناء كياوكبيو المشروع الصيني العملاق على بحر أندمان، ليس مجرد مرفأ، إنه شريان بديل يحرر الصين من اختناق مضيق ملقا، ويحوّل ميانمار إلى بوابة استراتيجية نحو جنوب وغرب آسيا. وعلى رغم العواصف السياسية، تشير تقديرات البنك الدولي إلى نمو متوقع بـ 2.8 % في العام 2025. رقم يبدو هزيلا على الورق، لكنه يخفي خلفه ثروات كامنة: صادرات الغاز الطبيعي بقيمة (3.5 مليار دولار) سنويًا، واحتياطي عالمي هائل من الحجر الكريم (اليشم) بقيمة 31 مليار دولار حسب منظمة 'غلوبال ويتنيس'، فضلًا عن الذهب، والنيكل، والقصدير، والزراعة التي ما تزال العمود الفقري لـ 60 % من السكان. لكن ميانمار لا تعاني فقط نقص الاستقرار، إنها تعاني نقص الكهرباء أيضًا. تقرير البنك الآسيوي للتنمية للعام 2024 يحذر من فجوة طاقة تتطلب إضافة 4 جيجاوات بحلول 2030. هنا، تُفتح أمام رؤوس الأموال الخليجية أبواب استثمارية ضخمة في الطاقة المتجددة، من الشمس والرياح إلى الهيدروجين الأخضر، في سوق تكاد تخلو من المنافسة الغربية. الفراغ الذي خلّفه انسحاب الشركات الأمريكية والأوروبية لم يبقَ طويلًا؛ الصين وتايلاند وسنغافورة والهند سارعت لملئه. ومع ذلك، ما تزال هناك فجوات حادة في البنية التحتية، والخدمات اللوجستية، والصناعات الغذائية، لاسيما في قطاع الأغذية الحلال، الذي يخدم الأسواق المحلية والإقليمية من بنغلاديش إلى ماليزيا. كلما انسحب الغرب مدفوعًا بأخلاقياته السياسية، اتسعت المساحة أمام من يفكر بعقلية السوق لا بشعارات العقوبات. رأس المال الخليجي، في سعيه نحو تنويع ذكي، أمام فرصة نادرة لدخول سوق ترتبط بشبكات التجارة الصينية والهندية، وتتموضع خارج خطوط النار الجيوسياسية التقليدية. ميانمار ليست هامشًا مهملًا في دفتر آسيا، بل مرآة تعكس معادلة صلبة، فحين تحجب الصراعات أفق السياسة، يظل الاقتصاد يبحث عن ممرات ضوء خلف الجدران المتصدعة. وما يراه البعض مقامرة محفوفة بالمخاطر، قد يكون في الحقيقة استراتيجية استباقية لمن يفهم أن الاقتصاد مثل الماء لا يعترف بالحواجز، بل يبحث عن أي ثغرة لينساب منها.


البلاد البحرينية
منذ 15 ساعات
- البلاد البحرينية
ترامب: فرصة التوصل لاتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي 50%
قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب اليوم الجمعة إن هناك فرصة 50% لتوصل الولايات المتحدة إلى اتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي، مشيرا بذلك لوجود احتمال مماثل لعدم تحقق ذلك. وأدلى ترامب بتلك التصريحات للصحافيين لدى مغادرته البيت الأبيض متجها إلى اسكتلندا لقضاء عدة أيام في ممارسة رياضة الجولف وعقد اجتماعات ثنائية، وفقًا لـ "رويترز". يقترب الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة من التوصل إلى اتفاق تجاري جديد، يُحدد بموجبه فرض تعرفة جمركية موحدة بنسبة 15% على معظم الواردات الأوروبية، بما يشمل قطاع السيارات، حسب ما ذكرته مصادر مطلعة. ويتضمن الاتفاق المرتقب أيضاً فرض رسوم أعلى بنسبة 50% على واردات الصلب والألمنيوم التي تتجاوز حصصاً محددة، وفقاً للمصادر. وكشف دبلوماسي أوروبي لقناة العربية، الخميس، عن الاتفاق على ملامح مشروع اتفاق تجاري مع أميركا وفي انتظار رد الرئيس الأميركي دونالد ترامب. ووفق المصادر الأوروبية، فإن مشروع الاتفاق التجاري مع أميركا سيمهد لمواجهة تدفق منتجات الصين. ويهدف الاتفاق إلى تجنّب تصعيد حرب تجارية بعد تهديدات ترامب بفرض رسوم تصل إلى 30% على السلع الأوروبية إذا لم يُبرم الاتفاق بحلول 1 أغسطس. بدوره، يستعد الاتحاد الأوروبي لاتخاذ إجراءات انتقامية في حال فشل المحادثات، تشمل فرض رسوم بنسبة 30% على واردات أميركية تتجاوز قيمتها 90 مليار يورو وتفعيل ما يعرف بـ "أداة مكافحة الإكراه" أو "ACI" لمنع الشركات الأميركية من دخول الأسواق الأوروبية، وفرض ضرائب محتملة على شركات التكنولوجيا. ورغم هذه التحركات، تبقى أولوية الاتحاد مواصلة التفاوض للتوصل إلى اتفاق مع ترامب.