logo
د. ميرنا القاضي تكتب: السائح لا يعود محبًّا إلا إذا أحببناه نحن أولًا

د. ميرنا القاضي تكتب: السائح لا يعود محبًّا إلا إذا أحببناه نحن أولًا

أخبار السياحةمنذ 5 ساعات

د. ميرنا القاضي تكتب: السائح لا يعود محبًّا إلا إذا أحببناه نحن أولًا
بين الأهرامات التي تتحدى الزمن، والمعابد التي تروي الأساطير، والصحراء التي ما زالت تحفظ صدى القوافل القديمة… تقف مصر على خريطة العالم كواحدة من أغنى بلدان الأرض تراثًا وجاذبية.
لكن السؤال يظلّ معلقًا:
هل نُحسن تقديم ما نملكه؟
هل يرى الزائر فينا ما قرأه في الكتب؟
هل نحول التاريخ إلى تجربة، والزائر إلى عاشق، والوطن إلى ذاكرة حيّة تُحمل في القلب إلى الأبد؟
أحمد بدر يتحدث من الميدان عن السياحة المصرية: الفرص الضائعة والتجارب التي تصنع الانطباع
للإجابة، لا بد من النزول إلى الأرض، إلى من يعايش السياحة لا عبر الشاشات أو التقارير، بل في الحافلات والمواقع والوجوه.
ومن بين هؤلاء، يأتي صوت أحمد بدر، أحد الخبراء الميدانيين الذين امتهنوا صناعة الانطباع، واعتبروا أن السائح ليس 'عميلًا'، بل 'رسولًا' يحمل صورة مصر إلى العالم.
من معجزة الماضي إلى مأزق الحاضر
يرى بدر أن مصر ليست دولة سياحية فحسب، بل أول وجهة سياحية عرفها التاريخ.
'منذ أكثر من 3000 عام، كان الناس يأتون إلى مصر ليشاهدوا معجزات بشرية لا تُصدَّق. وبينما كانت بيوتهم من الطين لا ترتفع سوى سنتيمترات فوق الأرض، كانت أهراماتنا ومعابدنا تقف شامخة بألوانها وتصميمها الخارق للزمن.'
ورغم هذه الخلفية الفريدة، فإن الواقع – كما يراه بدر – لا يرقى لما تستحقه مصر، لا من حيث الأعداد ولا العوائد.
فالبلد الذي يملك كل شيء ليكون الأول، تعرقل مسيرته عوامل متشابكة، منها السياسي كعدم الاستقرار واستخدام ملف السياحة كورقة ضغط، ومنها الاقتصادي والإداري، خصوصًا ضعف البنية التحتية، وغياب الكوادر المدربة، وتدنّي الوعي العام بأهمية السياحة كركيزة اقتصادية وثقافية.
على الطريق… لكن بسيارة معطّلة
يؤكد بدر أن مصر تمضي فعلاً على الطريق الصحيح، لكنه طريق مليء بالمطبّات، وتُسلكه 'سيارة تحتاج لإصلاحات جذرية، بل أحيانًا نستبدل ما يعمل بما لا يعمل'.
ويشير إلى خطر آخر لا يقل أهمية: محاولات بعض الجهات الخارجية نسب حضارة مصر لنفسها، في وقت نملك فيه التوثيق الحقيقي والإرث الأصيل.
الحل، كما يراه، يبدأ من زرع الفخر والانتماء داخل المصريين أنفسهم. 'لن يحمي الحضارة إلا أهلها، ولن يُعجب بها الآخر إلا إذا رأى أبناءها يعتزون بها أولاً'.
بين كنز لا يُقدَّم، ودور لا يُتقَن
من أكثر النقاط إيلامًا في حديث بدر هي تلك التي تخص طريقة تقديم كنوز مصر.
فبرأيه، ما يزال كثير من العاملين في المجال السياحي، وخصوصًا المرشدين، يقدمون الحضارة كأنها مجرد 'معلومات محفوظة'، لا روح نابضة تنبض بالحياة والمعنى.
'في دول لا تملك 1% مما نملكه، نجد أن المرشدين يُعاملون كسفراء. يتدربون على الأمن القومي، والإتيكيت، وأساليب التواصل، قبل أن يُسمح لهم بالحديث عن التاريخ. أما هنا، فكثيرون يلقون الكلام كواجب لا روح فيه.'
التحديات كثيرة… لكن الفرص أكثر
ينظر بدر إلى المشهد بواقعية. فالتحديات – كما يقول – متنوعة: سياسية واقتصادية وبنيوية.
لكن ما يدهشه حقًا هو كمّ الفرص الضائعة.
'مصر تملك ما يُرضي جميع الأذواق: سياحة ثقافية، ترفيهية، استجمامية، مغامرات، سفاري، بل حتى سياحة الطعام التي أصبحت ركيزة كبرى في العالم – ونحن لم نستثمرها بعد.'
السائح لا يأتي فارغًا… بل حاملاً صورة مسبقة
بحكم تجربته، يدرك بدر جيدًا أن أغلب السائحين لا يأتون إلى مصر كزائرين عابرين، بل كـ'حالمين' انتظروا تلك اللحظة لسنوات، فمعظم مناهج العالم تدرّس التاريخ المصري، وتحفر صورة الأهرامات في أذهان الأطفال.
لكن هل نحسن استقبال هؤلاء الحالمين؟، هنا تكون الإجابة أكثر حسمًا.
'التجربة التي يعيشها السائح – من المطار حتى الفندق، من السائق حتى المرشد – هي ما يُحدد إذا ما كان سيعود سفيرًا لمصر… أم خيبة أمل.'
السياحة ليست تنظيم رحلات… بل خلق ذاكرة
أحمد بدر لا يتحدث كمجرد منظم جولات، بل كـ'صانع تجربة'، يقول: 'أنا لا أنظّم رحلات بلا روح. أنا أحب هذا البلد، وأسافر فيه مع ضيوفي من أقصى شماله إلى جنوبه. كل ما أريده أن يعيشوا تجربة لا تُنسى، ويعودوا ليقولوا: أحببنا مصر… من القلب.'
كلمة أخيرة
في زمن تتصارع فيه الدول على 'الهوية البصرية'، وتسعى لصنع لحظة انبهار تدوم في ذاكرة الزائر، تبدو شهادة من يعملون في الميدان هي الأصدق.
لأنهم لا يكتبون تقارير… بل يخطّون ذكريات.
ولا يصفون الصورة… بل يصنعونها.
ولعل أبرز ما يمكن أن نختم به كلمات أحمد بدر:
'السائح لا يعود محبًّا… إلا إذا أحببناه نحن أولًا.'

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

د. ميرنا القاضي تكتب: السائح لا يعود محبًّا إلا إذا أحببناه نحن أولًا
د. ميرنا القاضي تكتب: السائح لا يعود محبًّا إلا إذا أحببناه نحن أولًا

أخبار السياحة

timeمنذ 5 ساعات

  • أخبار السياحة

د. ميرنا القاضي تكتب: السائح لا يعود محبًّا إلا إذا أحببناه نحن أولًا

د. ميرنا القاضي تكتب: السائح لا يعود محبًّا إلا إذا أحببناه نحن أولًا بين الأهرامات التي تتحدى الزمن، والمعابد التي تروي الأساطير، والصحراء التي ما زالت تحفظ صدى القوافل القديمة… تقف مصر على خريطة العالم كواحدة من أغنى بلدان الأرض تراثًا وجاذبية. لكن السؤال يظلّ معلقًا: هل نُحسن تقديم ما نملكه؟ هل يرى الزائر فينا ما قرأه في الكتب؟ هل نحول التاريخ إلى تجربة، والزائر إلى عاشق، والوطن إلى ذاكرة حيّة تُحمل في القلب إلى الأبد؟ أحمد بدر يتحدث من الميدان عن السياحة المصرية: الفرص الضائعة والتجارب التي تصنع الانطباع للإجابة، لا بد من النزول إلى الأرض، إلى من يعايش السياحة لا عبر الشاشات أو التقارير، بل في الحافلات والمواقع والوجوه. ومن بين هؤلاء، يأتي صوت أحمد بدر، أحد الخبراء الميدانيين الذين امتهنوا صناعة الانطباع، واعتبروا أن السائح ليس 'عميلًا'، بل 'رسولًا' يحمل صورة مصر إلى العالم. من معجزة الماضي إلى مأزق الحاضر يرى بدر أن مصر ليست دولة سياحية فحسب، بل أول وجهة سياحية عرفها التاريخ. 'منذ أكثر من 3000 عام، كان الناس يأتون إلى مصر ليشاهدوا معجزات بشرية لا تُصدَّق. وبينما كانت بيوتهم من الطين لا ترتفع سوى سنتيمترات فوق الأرض، كانت أهراماتنا ومعابدنا تقف شامخة بألوانها وتصميمها الخارق للزمن.' ورغم هذه الخلفية الفريدة، فإن الواقع – كما يراه بدر – لا يرقى لما تستحقه مصر، لا من حيث الأعداد ولا العوائد. فالبلد الذي يملك كل شيء ليكون الأول، تعرقل مسيرته عوامل متشابكة، منها السياسي كعدم الاستقرار واستخدام ملف السياحة كورقة ضغط، ومنها الاقتصادي والإداري، خصوصًا ضعف البنية التحتية، وغياب الكوادر المدربة، وتدنّي الوعي العام بأهمية السياحة كركيزة اقتصادية وثقافية. على الطريق… لكن بسيارة معطّلة يؤكد بدر أن مصر تمضي فعلاً على الطريق الصحيح، لكنه طريق مليء بالمطبّات، وتُسلكه 'سيارة تحتاج لإصلاحات جذرية، بل أحيانًا نستبدل ما يعمل بما لا يعمل'. ويشير إلى خطر آخر لا يقل أهمية: محاولات بعض الجهات الخارجية نسب حضارة مصر لنفسها، في وقت نملك فيه التوثيق الحقيقي والإرث الأصيل. الحل، كما يراه، يبدأ من زرع الفخر والانتماء داخل المصريين أنفسهم. 'لن يحمي الحضارة إلا أهلها، ولن يُعجب بها الآخر إلا إذا رأى أبناءها يعتزون بها أولاً'. بين كنز لا يُقدَّم، ودور لا يُتقَن من أكثر النقاط إيلامًا في حديث بدر هي تلك التي تخص طريقة تقديم كنوز مصر. فبرأيه، ما يزال كثير من العاملين في المجال السياحي، وخصوصًا المرشدين، يقدمون الحضارة كأنها مجرد 'معلومات محفوظة'، لا روح نابضة تنبض بالحياة والمعنى. 'في دول لا تملك 1% مما نملكه، نجد أن المرشدين يُعاملون كسفراء. يتدربون على الأمن القومي، والإتيكيت، وأساليب التواصل، قبل أن يُسمح لهم بالحديث عن التاريخ. أما هنا، فكثيرون يلقون الكلام كواجب لا روح فيه.' التحديات كثيرة… لكن الفرص أكثر ينظر بدر إلى المشهد بواقعية. فالتحديات – كما يقول – متنوعة: سياسية واقتصادية وبنيوية. لكن ما يدهشه حقًا هو كمّ الفرص الضائعة. 'مصر تملك ما يُرضي جميع الأذواق: سياحة ثقافية، ترفيهية، استجمامية، مغامرات، سفاري، بل حتى سياحة الطعام التي أصبحت ركيزة كبرى في العالم – ونحن لم نستثمرها بعد.' السائح لا يأتي فارغًا… بل حاملاً صورة مسبقة بحكم تجربته، يدرك بدر جيدًا أن أغلب السائحين لا يأتون إلى مصر كزائرين عابرين، بل كـ'حالمين' انتظروا تلك اللحظة لسنوات، فمعظم مناهج العالم تدرّس التاريخ المصري، وتحفر صورة الأهرامات في أذهان الأطفال. لكن هل نحسن استقبال هؤلاء الحالمين؟، هنا تكون الإجابة أكثر حسمًا. 'التجربة التي يعيشها السائح – من المطار حتى الفندق، من السائق حتى المرشد – هي ما يُحدد إذا ما كان سيعود سفيرًا لمصر… أم خيبة أمل.' السياحة ليست تنظيم رحلات… بل خلق ذاكرة أحمد بدر لا يتحدث كمجرد منظم جولات، بل كـ'صانع تجربة'، يقول: 'أنا لا أنظّم رحلات بلا روح. أنا أحب هذا البلد، وأسافر فيه مع ضيوفي من أقصى شماله إلى جنوبه. كل ما أريده أن يعيشوا تجربة لا تُنسى، ويعودوا ليقولوا: أحببنا مصر… من القلب.' كلمة أخيرة في زمن تتصارع فيه الدول على 'الهوية البصرية'، وتسعى لصنع لحظة انبهار تدوم في ذاكرة الزائر، تبدو شهادة من يعملون في الميدان هي الأصدق. لأنهم لا يكتبون تقارير… بل يخطّون ذكريات. ولا يصفون الصورة… بل يصنعونها. ولعل أبرز ما يمكن أن نختم به كلمات أحمد بدر: 'السائح لا يعود محبًّا… إلا إذا أحببناه نحن أولًا.'

زيادة قياسية في عدد السائحين بالمغرب خلال 5 أشهر
زيادة قياسية في عدد السائحين بالمغرب خلال 5 أشهر

أخبار السياحة

timeمنذ 15 ساعات

  • أخبار السياحة

زيادة قياسية في عدد السائحين بالمغرب خلال 5 أشهر

قالت وزارة السياحة المغربية، إن المغرب استقبل 7.2 مليون سائح حتى نهاية شهر مايو الماضي بزيادة 22% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. وأوضحت الوزارة، في بيان، أن 'هذا الإقبال يترجم إلى 1.3 مليون سائح إضافي، ويمثل نموًا استثنائيًا بنسبة 68% مقارنة بعام 2019 قبل جائحة كورونا التي أدخلت القطاع السياحي المغربي والعالمي في ركود'. وأضافت الوزارة، التي تطمح إلى استقبال 26 مليون سائح بحلول عام 2030، أن الأرقام 'تعكس التطوير المستمر الذي يشهده القطاع السياحي المغربي منذ عام 2024″، وفق وكالة 'رويترز'. واستقبل المغرب عددًا قياسيًا من السائحين بلغ 17.4 مليون سائح في عام 2024، بزيادة 20% مقارنة بالعام السابق. كما وضع المغرب خطة لتطوير السياحة، بعد فترة جائحة كورونا، عن طريق تقديم الدعم المادي للقطاع السياحي، وفتح خطوط جوية جديدة على أسواق جديدة، وتجديد الفنادق، كما فتح المجال للخطوط الجوية منخفضة التكلفة. ويعول المغرب على تنظيم كأس أفريقيا 2025 لكرة القدم، وكأس العالم لكرة القدم 2030 بالاشتراك مع أسبانيا والبرتغال لاستقطاب مزيد من السياح.

مصر للطيران تسير غدًا 13 رحلة جوية لعودة حجاج بيت الله الحرام
مصر للطيران تسير غدًا 13 رحلة جوية لعودة حجاج بيت الله الحرام

أخبار السياحة

timeمنذ 2 أيام

  • أخبار السياحة

مصر للطيران تسير غدًا 13 رحلة جوية لعودة حجاج بيت الله الحرام

تواصل مصرللطيران، الناقل الوطني المصري جسرها الجوي لعودة حجاج بيت الله الحرام، ومن المقرر أن تسير الشركة غداً الخميس 19 يوليو 2025 عدد 13 رحلة جوية بواقع: 7 رحلات جدة – القاهرة 1 رحلة جدة – باماكو 5 رحلات المدينة المنورة – القاهرة ويأتي ذلك لعودة حجاج بعثة الداخلية والتضامن والسياحة وحجاج قرعة الجيزة وكفر الشيخ والفيوم والإسماعيلية ودمياط وبنى سويف، وحجاج دولة مالي وحج الأفراد والأجانب والسياحة والترانزيت والعمل والإقامة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store