logo
غزة والمجاعة في مرآة طلال أبوغزاله: عندما ينهار الخطاب الغربي وتسقط منظومة الأخلاق الدولية

غزة والمجاعة في مرآة طلال أبوغزاله: عندما ينهار الخطاب الغربي وتسقط منظومة الأخلاق الدولية

المغرب الآنمنذ 6 ساعات

في مقالٍ عاصف اللهجة، يرسم المفكر والاقتصادي الأردني
طلال أبوغزاله
صورة دامغة لانهيار المعايير الأخلاقية والقانونية التي تتغنى بها الدول الغربية، أمام مشهد المجاعة والدمار في
غزة
. بعيدًا عن لغة الدبلوماسية الباردة، يصرخ أبوغزاله من قلب الحدث الأخلاقي: 'غزة اليوم تغرق في كارثة إنسانية تفوق التصور'، متهمًا القوى الكبرى
بالتواطؤ العلني والصامت في آنٍ واحد
مع ما وصفه بالمجزرة المستمرة.
المقال، الذي لا يخلو من المرارة والسخرية السوداء، يضع العالم أمام مرآة قاسية، يتساءل من خلالها: هل لا تزال هناك جدوى من الحديث عن 'حقوق الإنسان' و'الكرامة' و'سيادة القانون' بينما يُدفن الأطفال تحت الأنقاض بأسلحة تحمل أختام الديمقراطيات العريقة؟ وهل يمكن لمن يموّل القاتل أن يدّعي الحياد؟
في قراءتنا لهذا المقال، نلمس نبرة
اتهام واضحة للغرب
، ليس فقط بالصمت، بل
بالمشاركة المباشرة
عبر الدعم العسكري والسياسي والمالي. يستخدم الكاتب تعبيرات لاذعة مثل:
'دعم علني ومخزٍ لكيان لا يكلّ عن القتل'
، في إشارة إلى ما يعتبره
انحيازًا فاضحًا للاحتلال الإسرائيلي
، يقابله خذلان تام لغزة وسكانها المحاصرين بالجوع والقصف.
وفي قلب هذه الصرخة، يثير أبوغزاله تساؤلات وجودية:
هل أصبح التعبير عن التعاطف مع غزة جريمة؟
هل تواطؤ المؤسسات الدولية جزء من صفقة صمت عالمي؟
ما الذي تبقى من المجتمع الدولي إن كانت المساعدات تُستخدم كسلاح لتجويع الناس؟
ولعل أخطر ما يتطرق إليه أبوغزاله هو ربطه بين
أدوات التمويل الغربي
ومنظمات المجتمع المدني، حيث يرى أن الممولين باتوا يفرضون قيودًا سياسية على التمويل، تصل إلى حد معاقبة من يتعاطف مع مقاومة الاحتلال أو يرفض إدانتها.
ثم يذهب أبعد من ذلك، حين يصف ما يحدث بأنه
فضيحة أخلاقية مكتملة المعالم
، و'لحظة سقوط جماعي لنظام يدعي حماية الحقوق بينما يسمح للقاتل أن يواصل فعله بكل وقاحة'، وهي لغة لا تقف عند حدود النقد، بل تُحمِّل العالم مسؤولية العار الجماعي.
في ما يلي، نص المقال الكامل لطلال أبوغزاله كما ورد:
غزة تواجه المجاعة والخذلان
الخطاب الغربي عن حقوق الإنسان ينهار عند أول حاجز عسكري لجيش الاحتلال في القطاع، وما ترفعه العواصم الغربية من شعارات رنانة ومبادئ مصقولة يصطدم بجدار الدم والرماد والحصار والدعم العلني والمخزي لكيان لا يكلّ عن القتل.
وبينما تتحدث الدول الكبرى عن الكرامة والعدالة وسيادة القانون، فهي تمضي في إرسال السلاح شحن تلو الأخرى إلى الكيان الصهيوني غير آبهين بالتقارير الميدانية التي ترصد بدقة سقوط الأطفال واختناقهم تحت أنقاض البيوت التي تمطرها طائرات الاحتلال بأسلحة محظورة.
غزة الجريحة تحولت إلى مدينة أشباح، الموت فيها مشهد يومي، والبنية التحتية تهدمت بالكامل، والمشافي خرجت عن الخدمة، والمدارس صارت خرائب، وأنابيب المياه انفجرت، والكهرباء غابت. وكل هذا يجري أمام عيون العالم الذي لا يكتفي بالصمت، بل يمد القتلة بالمبررات وبالدعم السياسي والمالي، متسائلًا بوقاحة عن أسباب الغضب الفلسطيني.
واشنطن استخدمت الفيتو عدة مرات لإسقاط قرارات تطالب فقط بوقف النار؛ فهل هذا دفاع عن النفس أم مشاركة موصوفة في المجزرة؟ وهل هناك في الأخلاق والسياسة ما يبرر هذا الانحياز الفاضح لمحتل يمعن في الفتك تحت غطاء الشرعية؟
في المقابل، تتعرض منظمات المجتمع المدني لضغوط خانقة من الممولين الغربيين الذين يفرضون عليها أن تصمت عن الكيان الصهيوني، بل وأن تدين أي مقاومة للاحتلال. ومن لا يلتزم بذلك يجد تمويله مجمداً ونشاطه مهدداً. وبينما يتم قمع الأصوات الغربية المتضامنة مع غزة تحت ذريعة معاداة السامية، أصبح التعبير عن الرفض جريمة، والإعجاب بمنشور إنساني سبباً للطرد أو الملاحقة.
غزة اليوم تغرق في كارثة إنسانية تفوق التصور. فتسعون بالمئة من السكان يعيشون بلا أمن غذائي، ومئات الآلاف على حافة المجاعة، والأطفال يموتون بصمت، والماء ملوث، والدواء ممنوع، والمعابر مغلقة، والمساعدات تُستخدم كسلاح إضافي لإخضاع الناس وتجويعهم، والهيئات الدولية لا تتجاوز حدود التنديد الروتيني، وكأنها غير معنية إلا بمظاهر الحياد البارد.
ما يجري ليس أزمة عابرة، بل فضيحة أخلاقية مكتملة المعالم، وامتحان لاختبارات العدالة الدولية التي لم تنجح يوماً في فلسطين. بل إنها لحظة سقوط جماعي لنظام يدّعي حماية الحقوق بينما يسمح للقاتل أن يواصل فعله بكل وقاحة.
من يصمت اليوم على ما يحدث في غزة، سيقف غداً في وجه مرآة الحقيقة ملوثاً بالعار، إذ لا تسويات تغسل الدم، ولا مصالح تبرر هذا الخراب الكامل.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

غزة والمجاعة في مرآة طلال أبوغزاله: عندما ينهار الخطاب الغربي وتسقط منظومة الأخلاق الدولية
غزة والمجاعة في مرآة طلال أبوغزاله: عندما ينهار الخطاب الغربي وتسقط منظومة الأخلاق الدولية

المغرب الآن

timeمنذ 6 ساعات

  • المغرب الآن

غزة والمجاعة في مرآة طلال أبوغزاله: عندما ينهار الخطاب الغربي وتسقط منظومة الأخلاق الدولية

في مقالٍ عاصف اللهجة، يرسم المفكر والاقتصادي الأردني طلال أبوغزاله صورة دامغة لانهيار المعايير الأخلاقية والقانونية التي تتغنى بها الدول الغربية، أمام مشهد المجاعة والدمار في غزة . بعيدًا عن لغة الدبلوماسية الباردة، يصرخ أبوغزاله من قلب الحدث الأخلاقي: 'غزة اليوم تغرق في كارثة إنسانية تفوق التصور'، متهمًا القوى الكبرى بالتواطؤ العلني والصامت في آنٍ واحد مع ما وصفه بالمجزرة المستمرة. المقال، الذي لا يخلو من المرارة والسخرية السوداء، يضع العالم أمام مرآة قاسية، يتساءل من خلالها: هل لا تزال هناك جدوى من الحديث عن 'حقوق الإنسان' و'الكرامة' و'سيادة القانون' بينما يُدفن الأطفال تحت الأنقاض بأسلحة تحمل أختام الديمقراطيات العريقة؟ وهل يمكن لمن يموّل القاتل أن يدّعي الحياد؟ في قراءتنا لهذا المقال، نلمس نبرة اتهام واضحة للغرب ، ليس فقط بالصمت، بل بالمشاركة المباشرة عبر الدعم العسكري والسياسي والمالي. يستخدم الكاتب تعبيرات لاذعة مثل: 'دعم علني ومخزٍ لكيان لا يكلّ عن القتل' ، في إشارة إلى ما يعتبره انحيازًا فاضحًا للاحتلال الإسرائيلي ، يقابله خذلان تام لغزة وسكانها المحاصرين بالجوع والقصف. وفي قلب هذه الصرخة، يثير أبوغزاله تساؤلات وجودية: هل أصبح التعبير عن التعاطف مع غزة جريمة؟ هل تواطؤ المؤسسات الدولية جزء من صفقة صمت عالمي؟ ما الذي تبقى من المجتمع الدولي إن كانت المساعدات تُستخدم كسلاح لتجويع الناس؟ ولعل أخطر ما يتطرق إليه أبوغزاله هو ربطه بين أدوات التمويل الغربي ومنظمات المجتمع المدني، حيث يرى أن الممولين باتوا يفرضون قيودًا سياسية على التمويل، تصل إلى حد معاقبة من يتعاطف مع مقاومة الاحتلال أو يرفض إدانتها. ثم يذهب أبعد من ذلك، حين يصف ما يحدث بأنه فضيحة أخلاقية مكتملة المعالم ، و'لحظة سقوط جماعي لنظام يدعي حماية الحقوق بينما يسمح للقاتل أن يواصل فعله بكل وقاحة'، وهي لغة لا تقف عند حدود النقد، بل تُحمِّل العالم مسؤولية العار الجماعي. في ما يلي، نص المقال الكامل لطلال أبوغزاله كما ورد: غزة تواجه المجاعة والخذلان الخطاب الغربي عن حقوق الإنسان ينهار عند أول حاجز عسكري لجيش الاحتلال في القطاع، وما ترفعه العواصم الغربية من شعارات رنانة ومبادئ مصقولة يصطدم بجدار الدم والرماد والحصار والدعم العلني والمخزي لكيان لا يكلّ عن القتل. وبينما تتحدث الدول الكبرى عن الكرامة والعدالة وسيادة القانون، فهي تمضي في إرسال السلاح شحن تلو الأخرى إلى الكيان الصهيوني غير آبهين بالتقارير الميدانية التي ترصد بدقة سقوط الأطفال واختناقهم تحت أنقاض البيوت التي تمطرها طائرات الاحتلال بأسلحة محظورة. غزة الجريحة تحولت إلى مدينة أشباح، الموت فيها مشهد يومي، والبنية التحتية تهدمت بالكامل، والمشافي خرجت عن الخدمة، والمدارس صارت خرائب، وأنابيب المياه انفجرت، والكهرباء غابت. وكل هذا يجري أمام عيون العالم الذي لا يكتفي بالصمت، بل يمد القتلة بالمبررات وبالدعم السياسي والمالي، متسائلًا بوقاحة عن أسباب الغضب الفلسطيني. واشنطن استخدمت الفيتو عدة مرات لإسقاط قرارات تطالب فقط بوقف النار؛ فهل هذا دفاع عن النفس أم مشاركة موصوفة في المجزرة؟ وهل هناك في الأخلاق والسياسة ما يبرر هذا الانحياز الفاضح لمحتل يمعن في الفتك تحت غطاء الشرعية؟ في المقابل، تتعرض منظمات المجتمع المدني لضغوط خانقة من الممولين الغربيين الذين يفرضون عليها أن تصمت عن الكيان الصهيوني، بل وأن تدين أي مقاومة للاحتلال. ومن لا يلتزم بذلك يجد تمويله مجمداً ونشاطه مهدداً. وبينما يتم قمع الأصوات الغربية المتضامنة مع غزة تحت ذريعة معاداة السامية، أصبح التعبير عن الرفض جريمة، والإعجاب بمنشور إنساني سبباً للطرد أو الملاحقة. غزة اليوم تغرق في كارثة إنسانية تفوق التصور. فتسعون بالمئة من السكان يعيشون بلا أمن غذائي، ومئات الآلاف على حافة المجاعة، والأطفال يموتون بصمت، والماء ملوث، والدواء ممنوع، والمعابر مغلقة، والمساعدات تُستخدم كسلاح إضافي لإخضاع الناس وتجويعهم، والهيئات الدولية لا تتجاوز حدود التنديد الروتيني، وكأنها غير معنية إلا بمظاهر الحياد البارد. ما يجري ليس أزمة عابرة، بل فضيحة أخلاقية مكتملة المعالم، وامتحان لاختبارات العدالة الدولية التي لم تنجح يوماً في فلسطين. بل إنها لحظة سقوط جماعي لنظام يدّعي حماية الحقوق بينما يسمح للقاتل أن يواصل فعله بكل وقاحة. من يصمت اليوم على ما يحدث في غزة، سيقف غداً في وجه مرآة الحقيقة ملوثاً بالعار، إذ لا تسويات تغسل الدم، ولا مصالح تبرر هذا الخراب الكامل.

الصراع الصهيوـ إيراني بين الحقيقة والإيهام
الصراع الصهيوـ إيراني بين الحقيقة والإيهام

وجدة سيتي

timeمنذ يوم واحد

  • وجدة سيتي

الصراع الصهيوـ إيراني بين الحقيقة والإيهام

الصراع الصهيوـ إيراني بين الحقيقة والإيهام من المعلوم أن الحيز الجغرافي العربي في منطقة الشرق الأوسط هو حيز أسال ولا زال يسيل لعاب جهات متعددة نظرا لثرواته ومقدراته وخيراته، والتي على رأسها الذهب الأسود، فضلا عن غيره من الخيرات والمقدرات ، إلى جانب أهميته الاستراتيجية نظرا لوقوعه في نقطة التقاء ثلاث قارات. ويكفي أن يتابع الإنسان أخبار العالم التي تبثها مختلف وسائل الإعلام العالمية خصوصا الغربية منها منذ عقود ليلاحظ أن التركيز منصب على أحداث منطقة الشرق الأوسط وتحديدا الحيز الجغرافي العربي أكثر من أي حيز آخر في العالم ، بينما تبدو أخبار باقي دول العالم بعيدة عن التداول، بل كثير منها ما لا يرد ذكره إلا عند وقوع كوارث طبيعية أو حوادث طيران ، أو تظاهرات رياضية . ولقد ساد الظن بعد جلاء جيوش الاستعمار الغربي من الحيز الجغرافي العربي خلال القرن التاسع عشر بعد تطبيق ما سمي بمعاهدة » سايكس بيكو » السرية بين فرنسا وبريطانيا في مايو سنة 1916 ، وبتزكية ومصادقة من الروس والطليان ، وهي عبارة مؤامرة مكشوفة بموجبها تم اقتسام تركية الدولة العثمانية في منطقة الهلال الخصيب أنها لن تعود محط أطماع من احتلوها إلا أن ما حدث هو أن هذه الأطماع فيها ازدادت بعد ذلك بشكل كبير ، ولا زالت كذلك إلى يوم الناس هذا . وما رحلت الجيوش الفرنسية والبريطانية، وغيرها من الجيوش الغربية عن المنطقة العربية إلا بعد جلب الكيان الصهيوني إليها و استنباته وتوطينه بالقوة في فلسطين بموجب ما سمي » وعد وزير الخارجية البريطاني » أرتر جيمس بلفور » الصادر في الثاني من شهر نوفمبر سنة 1917 بعد سنة واحدة من مؤامرة » سايكس بيكو » الخبيثة ، وهو عبارة عن رسالة وجهها إلى اليهودي اللورد » ليونيل والتر دي روتشيلد » يعبر فيها عن تأييد الحكومة البريطانية إنشاء وطن قومي لليهود فوق أرض فلسطين . وكان هذا التوطين للكيان الصهيوني بمثابة تعويض عن جلاء الجيوش المحتلة، وقد اتضح هذا الأمر بكل جلاء حينما كانت الجيوش الغربية الفرنسية والبريطانية والأمريكية تخوض باستمرار كل الحروب العربية الصهيونية التي وقعت في المنطقة إلى جانب الكيان الصهيوني كما كان الحال سنة 1948 ،وسنة 1965 ، وسنة 1967 ، وسنة 1973 . ولا زالت لحد الآن تلك الجيوش تحارب إلى جانب هذا الكيان بشكل أو بآخر بما في ذلك المشاركة المباشرة في الحروب أو من خلال تزويده بالآلة الحربية المتطورة ، وبالوسائل الاستخباراتية ، فضلا عن الدعم الدبلوماسي في المحافل الدولية خصوصا في مجلس الأمن ، وذلك من خلال استعمال الفيتو لنقض كل القرارات التي تصدر ضده ، وكذلك من خلال تعطيل ما تصدره المحاكم الدولية ضده من أحكام . وبهذا يقوم الكيان الصهيوني بدور عرّاب الغرب في منطقة الشرق الأوسط ،يشعل فيها الحروب المتتالية نيابة عن صُنّاع » مؤامرة سياكس بيكو » من الأوروبيين إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية التي صارت أكبر شريك له في العدوان باعتبار حجم مصالحها وأطماعها في مقدرات وخيرات المنطقة ، مع محاولة إخفاء تلك المشاركة الفعلية ، والتمويه عنها خصوصا وأن صناع القرار فيها عبارة عن لوبي صهيوني واسع النفوذ . ولنعد بعد هذا التقديم للوضع الحالي في الحيز العربي من منطقة الشرق الأوس، وتحديدا إلى الصراع الصهيوـ إيراني الذي اندلع يوم الجمعة الماضي في وقت كان الرئيس الأمريكي ترامب لا زال يراهن على الحل الدبلوماسي بخصوص مشروع إيراني النووي الذي يتوجس منه الكيان الصهيوني ، وكان على موعد مع جولة جديدة أو أخيرة من المحادثات مع الإيرانيين في سلطنة عمان يوم الأحد، وفي نفس الوقت كان يموه على الهجوم الصهيوني الوشيك على إيران ، ويصرح بعدم مشاركة قواته فيه ، وهو ما روجه أيضا رئيس الوزراء الصهيوني في سياق التفاخر خلال أول هجوم له على إيران بأنه ليس فيه مشاركة الطرف الأمريكي ، وهو تصريح مثير للسخرية خصوصا وأن الأسلحة التي استخدمها في هجومه كلها أمريكية الصنع إلى جانب أجهزة التجسس المتطورة ، و إلى جانب التقارير الاستخباراتية الأمريكية والأوروبية ، وهو ما أكد أنه قد حصل بالفعل على الضوء الأخضر من الرئيس الأمريكي قبل أن يقدم على ما أقدم عليه من مباغتة إيران بالهجوم . ولقد جرت العادة أن الكيان الصهيوني يفاخر دائما بأنه يقوم بعدوانه في فلسطين، وما جوارها من البلاد العربية لوحده ، وبمبادرة منه متناسيا عملية توطينه سنة 1948 في أرض فلسطين ، ومحاولة طمس حقيقة هذا التوطين التي سجلها التاريخ ، وهو الذي لو لم يكن عرّابا مدفوعا بالقوى الغربية ومدعوما منها فيما يشعله من حروب ممولة غربيا في المنطقة، لكان أمره منتهيا منذ مدة طويلة وفي خبر كان ، ولعاد كل اليهود الموطنين في فلسطين إلى وضع الشتات الذي كانوا يعيشونه في كل ربوع العالم عبر التاريخ ، كما كان شأنهم منذ أن وجدوا . وما وقع بالأمس من هجوم الصهاينة على إيران ،ورد هذه الأخيرة عليهم بالمثل، أثار العديد من التساؤلات في أوساط المراقبين والمحللين، وهي تساؤلات ركزت على فرضيتن : واحدة ترى أنه صراع حقيقي ، وآخرى ترى أنه صراع مفتعل ، ولن تتأكد أحداهما إلا بعد انجلاء ما يحيط من غبش بهذا الصراع المسلح ، وهذا ما جعل الخوض في الفرضيتين مجرد تخمينات تتساوى فيها درجة الإصابة مع درجة الخطأ . وقبل الخوض في موضوع هذه التخمينات ، لا بد من التذكير بما يمكن نعته بالقواسم المشتركة بين الكيانين الصهيوني والإيراني ، وأهم تلك القواسم هي رغبتهما المشتركة في بسط هيمنتهما على منطقة الشرق الأوسط خصوصا الحيز الجغرافي العربي الذي يوجد ضمن الهلال الخصيب كما سمته معاهدة » سايكس بيكو » وعلى امتداد الوطن العربي من خليجه إلى محيطه ، وبث الصراعات فيه. وإذا كان الصهاينة يبررون ما يدعون أنه حقهم في إنشاء وطن قومي فوق أرض فلسطين يمتد من البحر إلى النهر بأساطير تلمودية تزعم أنه هبة لهم السماء ، فإن الإيرانيين أيضا يبررون أطماعهم في الوطن العربي باعتماد أساطير شيعية تزعم أن إمامتهم هي الوريثة الشرعية للنبوة في المنطقة . وهكذا ينادي الصهاينة بما يدعون أنه حق استرجاع ملك النبي سليمان عليه السلام في بيت المقدس وما حوله ، بينما يدعي شيعية إيران حق استعادة الإمامة العلوية وريثة النبوة بأم القرى وما حولها. والملاحظ بالنسبة للكيانين معا هو اعتمادهما المبررالديني أو العقدي لبسط نفوذهما في الحيز الجغرافي العربي من محيطه إلى خليجه . ومعلوم أن هذا المبرر يخفي وراءه الأطماع الحقيقية للطرفين معا في مقدرات وخيرات المنطقة مع ما بينهما من فرق ، ذلك أن الكيان الصهيوني يلعب دور عرّاب بالنسبة للغرب الطامع الأكبر في خيرات ومقدرات المنطقة ، بينما يلعب دور العرّاب بالنسبة للكيان الإيراني المكون العربي الشيعي أو المتشيع في كل من العراق، ولبنان ،وسوريا ، واليمن والذي هو بمثابة قواعده المتقدمة والملتفة حول الهلال الخصيب . ومن القواسم المشتركة أيضا بين الصهاينة والإيرانيين التقائهم في عدائهم للمكون السني في المنطقة العربية ، وهو مكون منقسم على نفسه ذلك أن طرفا منه يحاول الاحتماء بالغرب بشكل صريح ، وبالكيان الصهيوني بشكل ضمني مما يعتبره خطرا إيرانيا يهدد وجوده ، وطرف آخر يستعين بالكيان الإيراني على الخطر الصهيوني المهدد لوجوده في وطنه ، وهو الطرف الفلسطيني . وهكذا يدير الكيان الصهيوني ومن ورائه الكيانات الغربية حربه مع الكيان الإيراني في بؤرة التوتر حول الرقعة الفلسطينية . ولنعد مرة أخرى إلى الحديث عن تجاذب فرضيتي الحقيقة والإيهام في الحرب الصهيوـ إيرانية المندلعة اليوم بالوقوف عند مؤشرات مقوية لكل واحدة منهما. فإذا كانت فرضية حقيقة الحرب الدائرة بينهما يكفي كدليل عليها مؤشر الصدام المسلح الحالي ، فإن فرضية الإيهام التي مفاد ها وجود صفقة سرية ما بين الكيانين الصهيوني ومن ورائه الكيانات الغربية من جهة ، وبين الكيان الإيراني من جهة أخرى ،هو ما يستدعي تساؤلات بخصوص بعض المؤشرات المرجحة لهذه لفرضية الإيهام ، ومنها غرابة كيفية تصفية الكيان الصهيوني فوق التراب الإيراني لقيادات عسكرية عليا وازنة ، ولكفاءات علمية نووية وازنة أيضا، وكان من المفروض أن تكون تلك القيادات وتلك الكفاءات بمنأى عن خطر التصقية خصوصا مع تزايد التهديدات الصهيونية بقصف المنشآت النووية الإيرانية إلا أن العكس هو ما حدث حيث شوهدت الآثار المادية لاستهدافها في شكل ثقوب أحدثها القصف في جدران البنايات التي كانت توجد بداخلها ، تماما كما كان الحال في عملية اغتيال قائد حركة حماس إسماعيل هنية ، فهل كان ذلك مرده إلى العمل الاستخباراتي الصهيوـ غربي خصوصا الأمريكي المتوغل في إيران أم مرده إلى خيانة إيرانية ؟ ومما يقوي احتمال هذه الخيانة هو مجموع التصفيات والاغتيالات السابقة ، والتي طالت قيادات إيرانية عليا، وعلى رأسها الرئيس السابق إبراهيم رئيسي التي انفجرت به المروحية التي كانت نقله أو فُجِّرت به إما على يد الصهاينة في بلد لهم معه علاقة دبلوماسية وتغلغل استخباراتي ، وإما بسبب خيانة إيرانية أيضا . ومن تلك التصفيات كذلك تصفية القائد العسكري البارز قاسم سليماني الذي كان يخوض حرب البراميل الحارقة إلى جانب النظام السوري المنهار ضد ثورة الشعب السوري عليه ، فهل تصفية هذا القائد كانت على يد الصهاينة أم كانت خيانة إيرانية أيضا . ومن تلك التصفيات أيضا تصفية زعيم حزب الله حسن نصر الله ، وقادته العسكريين المقربين منه بشكل دراماتيكي مثير للدهشة ، فهل كانت التصفية بالفعل عملا صهيونيا كما يفاخر بذلك الصهاينة أم كان خيانة إيرانية أيضا ؟ وقد يتساءل البعض ومن حقهم أن يتساءلوا ، لماذا هذا الميل إلى كون تلك التصفيات عبارة عن خيانة إيرانية ؟ والجواب عن ذلك هو ربما يكون قد حصل اتفاق سري بين القيادة الإيرانية وبين الغرب خصوصا الولايات المتحدة الأمريكية يتم بموجبها تقاسم المصالح في منطقة الشرق الأوسط كي يعود الوضع كما كان زمن الشاه . ولا يستغرب أن يتم هذا الاتفاق لأن الولايات المتحدة وحلفاؤها بمن فيهم الصهيانة قد هاجموا الرئيس صدام حسين الذي كان يهدد مصالحهم في المنطقة ، ووضعوا حدا لنظامه ، وسلموا العراق على طبق من ذهب للإيرانيين الذي قاموا بتطهيرعرقي للمكون السني فيه، وهو تطهير امتد أيضا إلى نفس المكون في سوريا أيضا . وإذا صحت فرضية هذا الاتفاق السري المحتمل بين الطرفيبن ، لا يستغرب أن يكون كل من تم اغتيالهم من قيادات عسكرية وكفاءات علمية ، في إيران وخارجها بما في ذلك الرئيس إبراهيم رئيسي، وحسن نصر الله سببه صفقة محتملة كان لا بد أن يقدم هؤلاء الضحايا بين يديها قربانا ربما لأنهم كانوا يعارضونها ، أويقفون حجر عثرة دونها . ولعل الأيام القليلة القادمة ستكشف عن سر تلك الاغتيالات والتصفيات ،وعن احتمال وجود صفقة سرية محتلمة ، وذلك من خلال ما سيتمخض عن هذا الصدام الحالي بين العَرَّاب الصهيوني والطرف الإيراني ، خصوصا وقد أبدى الغرب بزعامة الولايات المتحدة رغبة ملحة لوقفه في أسرع وقت ممكن اعتبار لأنه يمثل تهديدا خطيرا للاقتصاد العالمي الذي هو في حقيقة الأمر اقتصاد العالم الغربي ، والمتسبب في كل مآسي منطقة الهلال الخصيب ، وعلى رأسها مأساة الشعب الفلسطيني الضحية الأكبر ، ومعه الشعوب العربية المنهوبة مقدراتها ، والتي يعيش معظمها في فقر وحرمان ، وتحت وطأة الاستبداد السياسي .

نتنياهو يلوح باغتيال خامنئي ويصدم 'إيه بي سي': هذا ما سينهي الحرب مع إيران
نتنياهو يلوح باغتيال خامنئي ويصدم 'إيه بي سي': هذا ما سينهي الحرب مع إيران

أكادير 24

timeمنذ يوم واحد

  • أكادير 24

نتنياهو يلوح باغتيال خامنئي ويصدم 'إيه بي سي': هذا ما سينهي الحرب مع إيران

agadir24 – أكادير24/وكالات فتح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مساء الأحد 16 يونيو 2025، الباب أمام خيار اغتيال المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، معتبرا أن هذا الاستهداف من شأنه إنهاء الصراع الدائر بين إسرائيل وإيران، لا تصعيده. وفي مقابلة مع شبكة 'إيه بي سي نيوز'، قال نتنياهو: 'اغتيال خامنئي لن يُشعل حرباً، بل سيضع حداً لنصف قرن من العدوان الإيراني'، مضيفاً أن نظام طهران 'ينشر الإرهاب ويقصف منشآت النفط ويقود الشرق الأوسط نحو الهاوية'. ولدى سؤاله عن تقارير تفيد باستخدام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حق النقض (الفيتو) لإحباط خطة إسرائيلية لاغتيال خامنئي، أكد نتنياهو أن إسرائيل 'ستقوم بما يتوجب عليها فعله'، ملمحاً إلى أن كل الخيارات مطروحة على الطاولة. وشدد رئيس الوزراء الإسرائيلي على أن ما وصفه بـ'قوى الشر' لا يمكن مواجهتها إلا بحزم، مشيراً إلى أن إيران تسعى لحرب لا تنتهي، وتقود العالم نحو شبح المواجهة النووية. يُذكر أن وكالة 'رويترز' كانت قد كشفت، يوم أمس، أن ترامب استخدم الفيتو خلال الأيام الأخيرة لوقف خطة إسرائيلية تستهدف المرشد الأعلى الإيراني، تفادياً لتصعيد أوسع في الشرق الأوسط.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store