logo
كيف حدثت النكبة ومن المسؤول؟

كيف حدثت النكبة ومن المسؤول؟

وكالة خبرمنذ 5 أيام

قد يبدو هذا التساؤل مستغربا بعد 77 عام على نكبة 1848 حتى يعرف الجيل الجديد ما جرى بالفعل وردا على الذين يزعمون أن الفلسطينيين باعوا أراضيهم لليهود أو قصروا في الدفاع عن وطنهم، ولأن ما يجرى اليوم مع الفلسطينيين على يد الحكومات العربية غير منقطع الصلة بما جرى في الماضي.
ولنعد للبدايات .ففي رسالة وجهها الشريف حسين بن علي (شريف مكة)وزعيم العرب أنداك عام 1918 بعد محادثاته مع هنري مكماهون ممثل بريطانيا العظمى ،وافق على الرأي البريطاني بأن فلسطين ليست مشمولة بوعد بريطانيا له بإقامة دولة عربية، وهذا ما تأكد لاحقاً في الوثيقة أو الاتفاق بين الأمير فيصل ابن الشريف حسين مع الزعيم الصهيوني وايزمان على هامش مؤتمر باريس للسلام 1919، حيث وافق الأول على أن بعض المناطق العربية ومنها فلسطين لا تدخل ضمن الدولة العربية الموعودة للعرب، وقد وظف البريطانيون والحركة الصهيونية هاتين الوثيقتين في دعم جهودهم لتثبيت وعد بلفور في عصبة الأمم.
لم يقف تخاذل وتواطؤ الزعامات العربية عند هذا الحد، حيث واصلوا تواطؤهم حتى بعد أن خذلت بريطانيا العرب بتوقيعها اتفاق سايكس- بيكو 1916 حيث تفاهم البريطانيون والفرنسيون على تقاسم المنطقة العربية بينهم وهي الاتفاقية التي تم كشفها لاحقاً من طرف روسيا القيصرية.
فأثناء الإضراب الكبير الذي امتد لستة أشهر والثورة الشاملة التي تبعته 1936-1939 رفضا لهجرة اليهود واستمرار مشاريعهم الاستيطانية بدعم من جيش الانتداب البريطاني، وما أدت له من شلل في المرافق البريطانية العسكرية والمدنية وسقوط خسائر عند اليهود وفي الجيش البريطاني، وخوفاً من تداعيات هذه الثورة على الجماهير العربية وأن تنتفض دفاعاً عن فلسطين وخصوصاً أن كثيراً من المتطوعين العرب بدأوا بالتوافد على فلسطين تحت قيادة العراقي فوزي القاوقجي، تجنباً لذلك طلبت بريطانيا من الزعماء العرب الحاكمين في السعودية والعراق وشرق الأردن واليمن بالتدخل لدى القيادات الفلسطينية لوقف الثورة والإضراب، وللأسف بدلاً من الوقوف إلى جانب الثورة أرسلوا رسالة تطمين للفلسطينيين تطلب منهم: «الإخلاد إلى السكينة حقناً للدماء، معتمدين على حسن نوايا صديقتنا الحكومة البريطانية، ورغبتها المعلنة لتحقيق العدل، وثقوا بأننا سنواصل السعي في سبيل مساعدتكم'. وكان نتيجة هذا التدخل الذي تعاملت معه القيادات اليمينية التقليدية الفلسطينية أن تم إجهاض الثورة مما مكن اليهود من توسيع مجال هجرتهم ومشاريع استيطانهم ثم كانت الحرب العالمية الثانية التي وظفها الصهاينة باقتدار لصالحهم.
مع استمرار المواجهات بين الفلسطينيين والعصابات الصهيونية المدعومة عسكرياً وسياسياً من بريطانيا صدر القرار 181 عن الجمعية العامة في يوم 15 نوفمبر 1947 الذي يقضي بتقسيم فلسطين بين اليهود والعرب 55% لليهود و 44% للعرب ويتم وضع القدس تحت وصاية دولية، وفي 15 مايو 1948 أعلنت بريطانيا عن إنهاء انتدابها على فلسطين، وما بين قرار التقسيم وإعلان نهاية الانتداب البريطاني وإعلان اليهود عن استقلال دولتهم وبداية الحرب العربية الإسرائيلية تم نسج خيوط المؤامرة على فلسطين التي شاركت فيها الزعامات العربية كما فعلوا سابقاً.
كان قرار التقسيم الصادر عن الأمم المتحدة غير ملزم لأنه صادر عن الجمعية العامة، فكيف ستقوم دولة إسرائيل وآنذاك كان عدد سكان فلسطين 2.065.000 نسمة، منهم 1.415.000 نسمة من العرب و 650.000 نسمة من اليهود أي ما نسبته 31.5% من إجمالي السكان وما يحوزنهم من أراضي لا يتعدى 19% من أراضي فلسطين الانتدابية والفلسطينيون يواصلون قتالهم دفاعاً عن أرضهم كما أن المتطوعين العرب في جيش الإنقاذ وغيره يشكلون تهديداً وخطراً على اليهود والبريطانيين والزعامات العربية نفسها؟
كان لا بد من حرب كبيرة تؤدي لتغييرات جغرافية وسكانية يمكن من خلالها تهجير العدد الأكبر من الفلسطينيين وتمكين اليهود من مساحات شاسعة ليقيموا عليها دولتهم الموعودة، وهذا ما أكده عضو الكنيست السابق يشعياهو بن فورت عندما تطرق لأحداث تلك المرحلة بقوله: 'لا دولة يهودية بدون إخلاء العرب من فلسطين ومصادرة أراضيهم و تسييجها'.
وبدأت خيوط المؤامرة بتحريض بريطانيا الزعماء العرب على رفض قرار التقسيم وأشرفت على تشكيل الكتائب العربية التي ستخوض الحرب تحت عنوان رفض التقسيم ومنع قيام دولة اليهود، وتم وضع هذه الجيوش تحت قيادة الجنرال البريطاني غلوب باشا الذي كان قائداً للجيش الأردني كما كان أغلب قادة الفرق العسكرية من الضباط الإنجليز!!
ولم تتوقف المهزلة عند هذا الحد بل تجاوزت ذلك بالتحكم بعدد الجنود ونوعية سلاحهم وبمجريات المعركة.
حسب الوثائق الرسمية التي تم الإعلان عنها آنذاك، كان مجموع جنود الجيوش العربية السبعة التي خاضت الحرب في حدود 26 ألف جندي وزاد قليلاً بعد بدء المعارك، بدون خبرة قتالية وأسلحة متواضعة وبدون تنسيق مسبق بينها أو إرادة حقيقية للقتال عند أغلبهم، بينما دفعت الحركة الصهيونية لساحة القتال حوالي 100 ألف مقاتل مجهزين بأحدث الأسلحة وبتجربة قتالية اكتسبوها من خلال مشاركتهم في الحرب العالمية الثانية الى جانب الحلفاء.
كل ما سبق حقائق أكدها شهود عيان وممن شاركوا في الحرب كالقائد عبد الله التل وعارف العارف وفوزي القاوقجي وعزة دروزة، كما تطرق جمال عبد الناصر في مذكراته عن حرب فلسطين وما صاحبها من خيانات حيث يقول: ( لم يكن معقولاً أن تكون هذه حرباً … لا قوات تحتشد، لا استعدادات في الأسلحة والذخائر، لا خطط، لا استكشافات، ولا معلومات! ومع ذلك فهم هنا في ميدان قتال.. إذن فهي حرب سياسية.. هي إذن حرب ولا حرب؛ تقدم بلا نصر، ورجوع بلا هزيمة.. هي حرب سياسية فقط ….)
يجب ألا يستغرب البعض من هذه الوقائع لأنه بالعقل والمنطق لا يُعقل أن بريطانيا التي صنعت وعد بلفور ومدت الحركة الصهيونية بكل أشكال الدعم السياسي والعسكري حتى أنها تركت للصهاينة مطاراتها وموانئها في فلسطين، وهي التي في نفس الوقت تشرف على الجيوش العربية وتتحكم بتسليحها وتمويلها … لا يُعقل أن تسمح لضباطها بأن يقودوا حرباً على كيان صنعته وتعهدته حتى آخر لحظة إلا إذا كانت حرباً تكون نتيجتها مضمونة لصالح ربيبتها وصنيعتها دولة اليهود.
مباشرة عند دخول الجيوش العربية لفلسطين سقطت مدينتي اللد والرملة بيد الصهاينة وكان الجيش الأردني مسؤولاً عن الدفاع عن هاتين المدينتين المهمتين، ففي مذكرات عبد الله التل قائد جبهة القدس في حرب 48 يقول: ' إن أحد القادة العرب قدّم اقتراحًا للملك الأردني عبد الله ابن الحسين بتبديل قيادة الجيش البريطانية والاستغناء تمامًا عن الفريق غلوب (المعروف باسم غلوب باشا)، والضباط الإنجليز الذين كانوا معه، لأنّهم ودون شكّ يعملون على تمكين القوات الصهيونية من تجاوز حدود التقسيم' لكنّ الملك، وبرأي التلّ، لم يكن يستطيع أن يوافق على مقترح كهذا، لأنّه يعلم أنّ بريطانيا لن تقبل فكرة الاستغناء عن غلوب.
ووسط الحرب وبعد أن حقق اليهود انتصارات كبيرة وتجاوزوا حدود التقسيم وباتوا يستولون على 78% من مساحة فلسطين وشردوا غالبية الفلسطينيين حوالي ثمانون ألف فلسطيني وتدمير 500 قرية تحرك حلفاء الحركة الصهيونية ولجأوا لمجلس الأمن ليصدر قرارا بوقف المعارك وفرض هدنة على الطرفين، وجاء قرار مجلس الأمن بفرض الهدنة الثانية تكريساً للنصر اليهودي على الجيوش العربية ونجحت القوات الصهيونية، من طرد كل القوات العسكرية العربية من فلسطين، باستثناء الجيش الأردني الذي احتفظ بالضفة الغربية ومصر التي استمر تواجدها العسكري في قطاع غزة، وبذلك تم القضاء على مشروع الأمم المتحدة للتقسيم.
يتحدث عبدالله التل عن تداعيات الحرب وحالة الغضب الشعبي العربي مما جرى فيقول: ' ما جرى دفع جامعة الدول العربية المشاركة في الحرب المصطنعة وحتى تخفي تواطؤها أن تطلب من الملك عبدالله، بعد الهزيمة، الاستغناء عن الضباط الإنكليز وعلى رأسهم كلوب باشا، أو إبعادهم عن قيادة الجيش العربي الأردني على الأقل، باعتبارهم المسؤولين العسكريين عن الهزيمة، طبعاً لخلق مشجب يعلقون عليه أمام شعوبهم جريمتهم المفضوحة، ويخرجوا ببعض ماء الوجه، ويبرّئون أنفسهم أمام شعوبهم من الاشتراك بالجريمة / الهزيمة، رفض الملك عبدالله ذلك، مع أن طلبهم يمكن أن يكون صك براءة له ولهم، لو تم استخدامه، وهندسته كما تم هندسة حرب الهزيمة، وبنفس الخبث والمكر والخديعة، وكان جواب الملك عبدالله، في جلسة عامة بقصر (رغدان): 'أنا لا أستطيع تغيير سرجي في المعركة باعتبار أن معركته لم تنته، فقد بقي منها الفصل الأخير، وهو فصل وضم وإلحاق (الضفة الغربية) بعرشه الهاشمي، وهذا الفصل الأخير هو عاجز لوحده عن تنفيذه، فلا بد والحالة هذه من الحفاظ على سرجه وخيوله، حتى لو كانت تشرب من دماء الشعب الأردني والفلسطيني على حد سواء'.
ويستطرد عبد الله التل قائلا:' الحقيقة التي لا تقبل الشك، أن جنود وضباط الجيش الأردني، دخلوا فلسطين صادقين لتحريرها، وتسليمها لأهلها ولأصحابها، وخاضوا المعارك الدفاعية بشرف، وقدموا استناداً إلى بيانات قيادة الجيش، (363) شهيداً منهم (11) ضابطاً، والباقي من رتب عسكرية مختلفة'.
نستخلص من كل ما جرى عدم صحة ما يزعمه البعض من الموتورين من غير الفلسطينيين بأن الفلسطينيين باعوا أرضهم وأن العرب خاضوا عدة حروب وسقط لهم الآلاف دفاعاً عن فلسطين والفلسطينيين، والحقيقة أن تدخل الأنظمة العربية كان وبالاً على الشعب الفلسطيني ولو لم يتدخلوا ما كانت النكبة أولا ثم النكسة ثانياً ثم التطبيع أخيراً، ولكان 15 مليون فلسطيني حتى الآن يقاتلون الصهاينة على أرض فلسطين بدلا من 7 مليون المتواجدين حاليا وما كانت الهجرة والشتات.
نُذَكِر دوما أن الفلسطينيين يدفعون ثمن هزيمة سبع جيوش عربية في حرب 1948 حيث أدت الهزيمة لفقدان ثلثي أرض فلسطين ثم دفعوا مرة أخرى ثمن هزيمة العرب في حرب 1967 حيث فقدوا بقية فلسطين ،حتى الانقسام الذي حدث في يونيو 2007 ما كان أن يكون لولا تآمر إسرائيلي أمريكي مع أطراف عربية وإسلامية في سياق ما يسمى الشرق الأوسط الجديد ، دون أن نسقط من الحسبان أخطاء الفلسطينيين أنفسهم وهي ليس في فداحة الأخطاء العربية.
إن تجاوز النكبة والهزيمة لن يكون إلا من خلال مراجعة جذرية لخطاب النكبة تؤسس لفهم جديد لها بكل مراحلها. صحيح ان نكبتنا متواصلة طوال 77 عاما ولكن صحيح أيضا أن العدو الصهيوني لم يتمكن طوال هذه السنوات بالرغم من كل ممارساته الإرهابية أن بلغي وجود الشعب الفلسطيني على ارضه ولا يلغي انتماء نصف الشعب الفلسطيني الذي يعيش في الشتات لأرضه، ولم يتمكن من التأثير على عدالة القضية الفلسطينية حيث درجة التأييد العالمي الشعبي والرسمي يتزايد.
صحيح أن الانقسام الداخلي والتآمر المتواصل على قضيتنا والإرهاب الصهيوني المتواصل يصعب من حياتنا ويهدد مشروعنا الوطني ويزيد من احساسنا بالنكبة، إلا أن كل ذلك يزيد من إحساسنا بالانتماء للوطن، لأن الانتماء للوطن حالة تتجاوز الجغرافيا والأحزاب والنخب المأزومة وتتجاوز حسابات من يختزلون الوطن بحكومة أو سلطة أو أيديولوجيا مزعومة.
ليس هذا الكلام مجرد تعزية للذات أو رفع للمعنويات أو الهروب من واقع الاعتراف بالتحديات الكبيرة التي تواجه المشروع الوطني التحرري.
قد يكون في قولنا بعض مما سبق ولكنه في مجمله كلام مبني على تجارب الشعوب ومسار التاريخ البشري وعلى التحليل والفهم العلمي للعلاقات الدولية والنظام الدولي وموازين القوى، فالتاريخ يُعلمنا بأن في حياة الأمم مراحل مد وجزر وانتصارات وهزائم، كما يُعلمنا بأن موازين القوى غير ثابتة، وأن مناط الحكم على الشعوب وقضاياها الوطنية لا يكون من خلال لحظة انتكاسة في مسار صراعها مع العدو الخارجي أو فشل في تدبير أمورها الداخلية أو انفضاض الحلفاء من حولها، بل من خلال مدى استمرار تمسك الشعب بحقوقه وثوابته الوطنية ومدى استعداده للنضال من أجلها، أيضا قدرة الشعب الفلسطيني على تغيير واقعه الداخلي قبل مطالبة العرب وغيرهم بالالتفاف حول قضيته العادلة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

جيش الاحتلال يزعم إدخال 93 شاحنة مساعدات إلى قطاع غزة
جيش الاحتلال يزعم إدخال 93 شاحنة مساعدات إلى قطاع غزة

وكالة خبر

timeمنذ 8 ساعات

  • وكالة خبر

جيش الاحتلال يزعم إدخال 93 شاحنة مساعدات إلى قطاع غزة

زعم جيش الاحتلال الإسرائيلي إن 93 شاحنة مساعدات تابعة للأمم المتحدة دخلت إلى قطاع غزة اليوم. وذلك بعد يوم من إعلان الأمم المتحدة حصولها على الموافقة لإرسال الإمدادات لأول مرة منذ فرض إسرائيل حصارًا شاملًا في 2 مارس/آذار. وأعلن مكتب تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهو الهيئة التابعة لوزارة الدفاع الإسرائيلية والمشرفة على الشؤون المدنية في الأراضي الفلسطينية، أن "93 شاحنة تابعة للأمم المتحدة محملة بمساعدات إنسانية، بما في ذلك دقيق للمخابز، وأغذية للأطفال، ومعدات طبية، وأدوية، نُقلت اليوم (الثلاثاء) عبر معبر كرم أبو سالم إلى قطاع غزة". وكان أعلن المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، يانس لايركه، أن المنظمة الدولية حصلت على إذن من الاحتلال الإسرائيلي لإدخال نحو 100 شاحنة مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة، دون تحديد موعد دقيق لدخولها. وأكد لايركه، خلال مؤتمر صحفي عقده في جنيف، أن تسع شاحنات فقط تحمل مساعدات تابعة للأمم المتحدة سُمح لها بالدخول عبر معبر كرم أبو سالم، الإثنين، وجرى تسلمها فعليًا الثلاثاء، في خطوة وصفها مسؤولو الأمم المتحدة بأنها "مجرد قطرة في محيط" بعد 11 أسبوعًا من الحصار الخانق المفروض على القطاع. وأوضح لايركه أن الخطوة التالية تتضمن تسلم المساعدات من قبل فرق الأمم المتحدة ثم توزيعها من خلال النظام المعتمد حاليًا، والذي "أثبت كفاءته"، وفق تعبيره. وأشار إلى أن برنامج الأغذية العالمي سيتولى توزيع أربع من الشاحنات، فيما ستتولى يونيسف توزيع واحدة منها. وأضاف أن الأمم المتحدة قدمت طلبًا لإدخال مزيد من الشاحنات الثلاثاء، وقد حصلت على الموافقة، معربًا عن أمله في أن يتمكن عدد كبير منها من العبور إلى غزة قريبًا. في غضون ذلك، تتصاعد التحذيرات الأممية من تفاقم الكارثة الإنسانية في القطاع، في ظل استمرار الحصار ونقص المواد الغذائية. وكان تقرير "التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي" الصادر في 12 أيار قد أشار إلى أن سكان قطاع غزة يواجهون "خطر المجاعة الحرج"، بينما قال مدير منظمة الصحة العالمية، الإثنين، إن "مليوني شخص يعانون من الجوع"، رغم وجود "أطنان من الطعام عالقة على الحدود". وتحت ضغط دولي متزايد، أعلنت سلطات الاحتلال الأحد أنها ستسمح بدخول كمية محدودة من المساعدات، إلا أنها في المقابل كثفت من هجماتها الجوية والبرية على القطاع، ما تسبب في سقوط عشرات الشهداء والجرحى يوميًا. وفي السياق ذاته، قالت المتحدثة باسم وكالة أونروا، لويز ووتريدج، عبر مؤتمر صحفي من العاصمة الأردنية عمّان، إن قطاع غزة "تحت الحصار منذ 11 أسبوعًا"، مضيفة: "كل ما نقوم به اليوم هو محاولة إصلاح الضرر الذي لحق بأعداد كبيرة من الناس، لكن الأوان فات بالنسبة لعدد كبير منهم". وشددت منظمات الإغاثة الدولية على أن إدخال عشرات الشاحنات لا يلبي بأي حال من الأحوال الاحتياجات الهائلة للسكان، داعية إلى تسهيل وصول المساعدات بشكل فوري وآمن ومنتظم.

موقع أميركي: ترمب يشعر بالإحباط من استمرار نتنياهو بالحرب على غزة
موقع أميركي: ترمب يشعر بالإحباط من استمرار نتنياهو بالحرب على غزة

وكالة خبر

timeمنذ 13 ساعات

  • وكالة خبر

موقع أميركي: ترمب يشعر بالإحباط من استمرار نتنياهو بالحرب على غزة

- ذكر موقع أكسيوس الأميركي، مساء اليوم الثلاثاء، أن الرئيس دونالد ترمب يشعر بالإحباط من الحرب الدائرة غزة، كما أنه يشعر بالانزعاج من صور معاناة الأطفال الفلسطينيين. وبحسب الموقع، فإن ترمب طلب من مساعديه إبلاغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو برغبته في إنهاء الحرب، كما نقل ذلك عن مسؤولين في البيت الأبيض. وأقرت مصادر أميركية وإسرائيلية بوجود خلافات سياسية متزايدة بين ترمب ونتنياهو بشأن الحرب على غزة. وقال مسؤول في البيت الأبيض: "الرئيس محبط مما يحدث في غزة. يريد إنهاء الحرب، ويريد عودة الرهائن إلى ديارهم، ويريد دخول المساعدات، ويريد البدء في إعادة إعمار غزة". فيما قال مسؤول إسرائيلي، إن نتنياهو لا يشعر حاليًا بضغط كبير من ترمب. وأضاف المسؤول: "إذا أراد الرئيس اتفاقًا لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة، فعليه ممارسة ضغط أكبر بكثير على الجانبين". ويحاول زعماء دول أخرى الضغط، حيث أصدر قادة المملكة المتحدة وفرنسا وكندا بيانًا يوم الاثنين هددوا فيه باتخاذ خطوات ضد إسرائيل بسبب الحرب في غزة. وقالوا: "لن نقف مكتوفي الأيدي بينما تواصل حكومة نتنياهو هذه الأعمال الفظيعة. إذا لم توقف إسرائيل هجومها العسكري المتجدد وترفع قيودها على المساعدات الإنسانية، فسنتخذ المزيد من الإجراءات الملموسة ردًا على ذلك". وبسبب الوضع الإنساني الراهن بغزة، قال مسؤول أميركي لموقع أكسيوس: الرئيس منزعج من صور الأطفال والرضع الذين يعانون في غزة، وضغط على الإسرائيليين لإعادة فتح المعابر. ويوم الأحد، وافق الكابنيت الإسرائيلي على استئناف إيصال المساعدات إلى غزة. وقال مسؤول في البيت الأبيض: لا بد من بذل المزيد من الجهود وإدخال المزيد من المساعدات. وحذرت الأمم المتحدة من أن آلاف الأطفال معرضون لخطر المجاعة إذا لم تُزاد المساعدات بشكل كبير. ووفقًا لمسؤول أميركي: بينما شعر ترمب بنجاح رحلته إلى الشرق الأوسط، إلا أنه يعتقد أن الحرب في غزة تُعيق خططه للمنطقة. وأضاف: "يرى الرئيس فرصة حقيقية للسلام والازدهار في المنطقة، لكن الحرب في غزة هي آخر بؤرة ساخنة، ويريد أن تنتهي". ووصف مسؤول البيت الأبيض الثاني الحرب بأنها تشتت الانتباه عن أمور أخرى يريد ترمب القيام بها. "هناك إحباط كبير من استمرار هذه الأزمة". كما أضاف. ويقول المسؤول: إن قرار ترمب بالتحرك بشكل أحادي لتأمين إطلاق سراح الرهينة الأميركي الإسرائيلي عيدان ألكسندر، بدلًا من انتظار موافقة إسرائيل على اتفاق أوسع، كان نتيجة لهذا الإحباط.

هوس القوة وفتنة السلاح
هوس القوة وفتنة السلاح

وكالة خبر

timeمنذ 2 أيام

  • وكالة خبر

هوس القوة وفتنة السلاح

بالنظر إلى تاريخنا المعاصر، وتحديدا فيما يتعلق بالصراع العربي الصهيوني، سنجد أنّ ثقافتنا اعتمدت بشكل كبير على مقولة «ما أُخذ بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة». وبتفكيك المقولة، سنجد أولاً أنّ إسرائيل لم تعتمد على عنصر القوة فقط، رغم أهميته، إلا أنها اعتمدت على عناصر أخرى قد تفوقها أهمية، أبقت على حياتها، بل جعلتها تتفوق على سائر الإقليم؛ مثل اهتمامها بالعِلم وإقامة الجامعات والمعاهد المتخصصة واهتمامها بالتكنولوجيا، والصناعات الدقيقة، إضافة إلى أنها دولة مؤسسات تتميز بالتنظيم، والإدارة الناجعة، وتعتمد على مراكز الأبحاث، ولديها قضاء مستقل (عنصري)، وصحافة جريئة ناقدة (في الشأن الداخلي)، ونظام ديمقراطي (ديمقراطية إثنية عنصرية) قائم على الانتخابات والتداول السلمي للسلطة.. تلك حقائق ينبغي إدراكها قبل فتح جبهة الصراع معها. أما ثانيا، فقد اعتمد العرب (أو قامت ثقافتهم وتخطيطهم) على عنصر القوة فقط، وبالمفهوم العسكري والأمني، دون إدراك حقيقي بأن القوة مفهوم أوسع وأشمل من السلاح.. والمصيبة أنهم لم يمتلكوا القدرة العسكرية اللازمة لردم الفجوة وتعديل موازين القوى، بحيث يكونون مؤهلين لخوض صراع عسكري يمكّنهم من إحراز النصر! ولدينا أمثلة لا حصر لها لتوضيح الفكرة؛ مصر عبد الناصر، ليبيا القذافي، عراق صدام، نظام الأسد، الجزائر.. إلخ، حيث الاهتمام البالغ ببناء قوة عسكرية، واستيراد الأسلحة والطائرات الحربية تحت شعارات التحرير وتحقيق التوازن الإستراتيجي. والنتيجة التي لا تحتاج شواهد (لكثرتها) أننا نواصل الهبوط من قاع إلى قاع. على سبيل المثال، أنفق نظام صدام خلال عقد الثمانينيات نحو مائة مليار دولار على الإنفاق العسكري، لو أنفق نصفها على تطوير التعليم وتوطين التكنولوجيا وتحديث الصناعة والزراعة بالاعتماد فقط على الموارد والعقول العراقية.. لصار العراق يابان الشرق الأوسط، ولما قُتل مواطن واحد في صراعات طائفية بغيضة وللدفاع عن شعارات أيديولوجية متخلفة. وبحسب مراكز متخصصة، بلغ إنفاق الدول العربية على التسليح للعام 2024 نحو 165 مليار دولار، احتلت السعودية المرتبة الأولى بإنفاق بلغ 74 مليار، تلتها الجزائر (25 مليار)، ثم المغرب (13)، قطر (9)، عُمان (8)، العراق (8)، الكويت (7)، مصر (6)، الأردن (2.5). أما عن السنوات السابقة، بحسب بيانات البنك الدولي، بلغ إجمالي الإنفاق العسكري للدول العربية خلال الأعوام العشرين الماضية (1999-2018) نحو 2028 مليار دولار. وبلغت حصة الدول العربية 7.4% من حجم الإنفاق العسكري عالميا، في حين أنها أسهمت مجتمعة بـ 3.2% فقط من حجم الاقتصاد العالمي! في الحرب التي خاضتها السعودية ضد اليمن، قدرت الأمم المتحدة خسائر اليمن، خلال ست سنوات من الحرب بنحو 126 مليار دولار، فيما خسرت السعودية بحسب تقرير «فورين بوليسي» نحو 725 مليار، ودون حسم الحرب! أما في السودان، فقد بلغ حجم الخسائر في البنية التحتية للبلاد خلال سنة واحدة نحو 60 مليار دولار، وتراجع الناتج المحلي بنحو 20%، وكل هذا قبل أن تتوقّـف الحرب! لن نتحدث هنا عن الخسائر البشرية والنفسية، فهذا شأن آخر، ولن أتعبكم بإحصاءات وخسائر بقية الحروب البينية أو الأهلية التي خاضتها الدول العربية، ربما لاستحالة الحصول على بيانات دقيقة، لكن المؤكد أن الأنظمة العربية أنفقت تريليونات الدولارات على الحروب وصفقات الأسلحة، فقط لحماية عروشها ومصالحها.. ولو أنفقت ربعها على البناء والتنمية والتطلع نحو المستقبل، لقضت على الفقر والبطالة والتخلف، وغادرنا العالم الثالث نهائيا.. والأخطر من ذلك أن الشعوب العربية (وتنظيماتها) كانت منقادة وراضية، ومفتونة بوهم القوة، وبسحر السلاح. هل لدينا إحصاءات عن حجم إنفاق التنظيمات الجهادية والميليشيات المسلحة وحروبها العبثية في العراق ولبنان وسورية وسيناء وليبيا والصومال وغيرها؟ حتى المواطن لا يفكر بذلك، وربما كان مؤيدا لبعضها، وغارقا في أوحال الطائفية والمذهبية. هل نعلم حقيقةً حجم إنفاق «حماس» على حفر 500 كم من الأنفاق بعمق عشرات الأمتار؟ على سبيل المثال احتجتُ نحو 200 دولار لعمل شق ترابي بعمق 40 سم وطول 4 متر لتمديد ماسورة بلاستيكية قطرها 4 إنش! فما بالك بما يُسمى مترو غزة بحسب وصف الراحل إسماعيل هنية نفسه! علما أن فيتنام (التي اخترعت حرب العصابات والأنفاق السرية) مساحتها تفوق مساحة قطاع غزة بِـ 92 ضعفا، حفرت أنفاقا بطول 250 كم فقط، على مدى عشرين سنة! هم كسبوا الحرب، ونحن خسرنا غزة كاملة، وفقدنا نحو 200 ألف إنسان بين قتيل وجريح ومفقود وأسير! يبدو أن العقل العربي لم يستوعب بالقدر الكافي أن القوة الناعمة بكل عناصرها (العلم، التكنولوجيا، الإعلام.. إلخ) أهم بكثير من القوة العسكرية، وهي وحدها القادرة على تحقيق الانتصارات وبناء الدول المحترمة. ولو تخلصنا من قدسية الشعارات ونجونا من وهم الأهداف المخادعة والتضليل الإعلامي سندرك أنَّ بناء المؤسسات والتخطيط والاهتمام بالمواطن واحترام إنسانيته وحقوقه أهم من خوض الحروب.. وأنّ فعالية النضال الجماهيري والسياسي والإعلامي والدبلوماسي والحقوقي أكبر وأهم وأخطر من القوة العسكرية.. بل إن القوة العسكرية هي التي يتوجب تجنبها (أو ممارستها بحذر)، ببساطة لأن إسرائيل هي المتفوقة كليا في هذا المضمار، وهي ساحتها المفضلة التي تنتصر فيها دوما، خلافا لساحات النضال الأخرى التي يتم فيها تجريد إسرائيل من ترسانتها العسكرية وتحييد أسلحتها الفتاكة. هكذا تقتضي الحكمة، وهذه هي المسؤولية الوطنية الحريصة على الشعب وعلى حياته ومقدراته ومستقبله وقضيته أكثر من حرصها على بقائها وحكمها، أو إيلام العدو بضربة عسكرية موجعة، ثم لا تجد طريقة لمواصلتها، بل ترتد نتائجها السياسية سلبيا. أنظر لنماذج الدول الناجحة والمتطورة والقوية فعلا حول العالم: اليابان، ألمانيا، الصين، كوريا الجنوبية.. سأكتفي بهذه الأمثلة لأن ما يجمعها أنها تعرضت لهزائم عسكرية ساحقة، وأُجبرت على توقيع معاهدات مذلة، وتدمرت بنيتها التحتية مع حلول النصف الثاني من القرن الماضي.. ما فعلته بعدها أنها تجاوزت ذهنية الهزيمة، وتخلت عن الإنفاق العسكري، ولم تخض حربا طوال السبعين سنة الماضية، وفهمت معنى القوة الحقيقية، وركزت عليها بتصميم وثبات، حتى صارت أقوى وأهم دول العالم. بماذا نختلف نحن العرب عن بقية العالم المتطور؟ الإجابة في مقطع من معلقة عمرو بن كلثوم الشهيرة، وملخصها «ونجهل فوق جهل الجاهلينا».

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store