logo
"التّفَرعُن" الإسرائيلي، هل يُطيح بالمسجد الأقصى!

"التّفَرعُن" الإسرائيلي، هل يُطيح بالمسجد الأقصى!

الميادينمنذ 2 أيام

من حُسن "حظ" المسلمين والعرب أنّ بن غفير وسموتيريتش لا يتقنان العربية، وعلى الأرجح أنهما يزدريانها كما يزدريان الناطقين بها. ومع ذلك لا تبدو العلة في أنّ الأمّة العربية لا تفهم العبرية، أو أنّ بن غفير وسمتيرتش لا يتقنان العربية، بل في كون لسانهما العبري الأرعن، المُفهوم عربياً، وأفعالهما الأكثر رعونة، ما عادت تَقُضّ للأمّة العربية "الميتة أصلاً" مضجعاً، أو تُحرّك فيها ساكناً!
والمؤكّد أنّ "ثنائي التوحّش"، ومن لفّ لفيفهما في المجتمع الإسرائيلي، أدركوا هذا الأمر مبكراً، مع بداية حربهم التدميرية على القطاع والضفة وغيرهما، فلم يعودوا يخشون المجاهرة بنيّاتهم أو يستترون من فظاعة أفعالهم، فظاهرهم سبق باطانهم في فضح سواد قلوبهم وسوء نيّاتهم.
وليت الأمة العربية وقفت عند حدّ "الموت السريري" لضميرها ونخوتها وعروبتها، بل إنّ بعض العرب "تَصهين" ضميره و"تَعَبرَن" قوله وفعله، فصار لسان حالٍ لبن غفير وسموتريتش، يقول بما يقولان ويطالب بما يطالبان من دون خجل أو وجل، ما فتح شهية اليمين الصهيوني على مزيد من التغوّل والتوحّش تجاه الأمة العربية والإسلامية ورموزها ومقدّساتها.
وليس مستغرباً، والحال هذه، أن وصل الأمر بأحد الصهاينة القول، ساخراً من العرب،: "قالوا لنا بأنّ صلاة يهـودي واحد في المسجد الأقصى ستُغضب العرب وستُشعل الشرق الأوسط، واليوم الآلاف من اليهـود صلّوا، رقصوا، غنّوا، ورفعوا الأعلام الإسرائيلية هناك، ولم يحدث شيء". وهو نفسه الذي قال قبل أيام، متبجّحاً أيضاً: "بتنا نَقتُل في غزة 100 فلسطيني في اليوم ولا أحد يبالي".
في أيلول/سبتمبر 2000، أقدم رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق "أرييل شارون" على اقتحام المسجد الأقصى، فقامت الدنيا ولم تقعد، واندلعت انتفاضة الأقصى وضجّت الأمة بالتظاهرات والمواقف السياسية المُندّدة.
أما اليوم، فهذا هو ثامن اقتحام استعراضي استفزازي لبن غفير للأقصى، ثاني أقدس مقدّسات المسلمين، منذ تولّيه وزارة "الأمن القومي الإسرائيلي"، يمرّ هادئاً سَلِساً كأنّ شيئاً لم يحدث، إذ يبدو أنّ العرب اعتادوا المشهد الذي درج بن غفير على فعله في المسجد الأقصى، الذي يسمّيه "جبل الهيكل"، أهم الأماكن بالنسبة إلى "شعب إسرائيل"؛ والتدرّج تعويد والتعويد مصمّمٌ للوصول إلى حيث تصبو "إسرائيل" وتحيك لهذا المكان الإسلامي المُقدّس.
وما "تفرعن فرعون إلّا بمَن فرعنوه"، حتى قال سموتريتش في كلمته أمام حائط البراق غربي المسجد الأقصى المبارك قبل أيام فيما يُدعى "احتفال إسرائيل بتوحيد القدس": "نحن نحرّر غزة، نستوطن غزة، وننتصر على العدو، وسنعمل على توسيع حدود إسرائيل وسنبني الهيكل مكان المسجد الأقصى وفي أيامنا، وبتمويلٍ من وزارتي".
ولو أنّ هذا الأرعن، بناء على طبائع الأشياء، ونواميس الكون، وجد أمّة حيّةً تعرف مصلحتها وتدافع عن أبنائها ومقدّساتها وتحميها، لوقف عند حدوده ولما تمادى في غيّه حتى فاخر علانيةً في نيّته هدم المسجد الأقصى، ولذلك قال بلسان الحال: "تفرعنت لأني لم أجد من يردعني ويقف في وجهي"، فقد فعل ما لم يفعله سابقوه من الصهاينة المجرمين، فجاوز الحدّ في القتل والدعوة إلى استمرار الإبادة والاحتلال وهدم المقدّسات.
29 أيار 10:56
29 أيار 08:41
والاستبداد كما يُخبر علماء النفس، يمثّل جنون العظمة والنرجسية، ولذلك وصَفَ القرآن فرعون بأنه "علا في الأرض" وهو تعبيرٌ عن تكبّره واعتقاده بأنه فوق الجميع.
مثل هذا السلوك ينشأ من إحساس داخلي بالأمان والاطمئنان وعدم الخوف من العواقب فيتجرّأ "الطاغية" على طلب المزيد، ولا يَلزَمُه إلا شعورٌ بضعف من حوله من العرب ممن يجعلونه قدراً وينفخون فيه الشعور بالعظمة، فيتماهى مع هذا الدور وتمتلئ نفسه غروراً وتفوّقاً وعلوّاً عليهم وعلى كلّ ما يمثّلهم مهما كانت درجة قداسته، فيراهم أذلة حُقراء وتافهين، فلا يقيم وزناً لحياتهم ولا لمقدّساتهم.
زد على ذلك، أنّ التمرُّدَ على صفاء الفطرة البشرية، والسعي للسطو على آدمية الآخرين عبر الأفكار الاستعلائية، أو من خلال السلوك الذي ينتقص من قَدْرهم ويجرح كرامتهم ومشاعرهم، هما ما يحكم علاقة "إسرائيل" بمحيطها العربي أصلاً.
لكنّ مجاراة هذا السلوك والنسج على منواله، من جانب العرب، رسميين وشعبيين، هما مؤشّرٌ ينذر بالسوء وبمزيد من إشاعة التغوّل الإسرائيلي في الأرض الفلسطينية المحتلة، وخارج حدودها، كما بتنا نشهد اليوم.
إنّ ما يهمّنا هنا هو أن نفهم خطورة تعاطي العرب والمسلمين إيجاباً في تعزيز هذه "النرجسية" الإسرائيلية المقيتة وتضخيمها، إذ إنّ استمرار شعور الإسرائيلي بهذا الاستعلاء "السيادي" مبنيّ، بالإضافة إلى منابع التربية الدينية الاستعلائية، على مدى تساوق العرب مع تلك النظرة.
ولعل شواهد التصريحات والسلوك الإسرائيلي الحالي المُنفلت من كلّ ضابط، هي خير دليلٍ على أنه ما كان للإسرائيلي أن يتفوّه بهذه الخُزعبلات، فضلاً عن الانحدار إلى مستوى التنظير لها وطرحها علانيةً، لولا أنه اختبر العرب فاعتدى وبطش وقتل وحرق، ووجد ساحةً فارغةً إلّا من بعض الجعجعة والشجب والاستنكار، ولم يجد من العرب والمسلمين، على السواء، من يُعيدُه إلى سياق مكانته المُفترضة.
لم يكتفِ بن غفير، على وقع صيحات "الموت للعرب" و"محمد مات"، بالمشاركة في رفع أعلام الاحتلال وأداء طقوس تلمودية عند المنطقة الشرقية من المسجد الأقصى المبارك في مسيرة الأعلام التي جرت قبل أيام، بل ألقى خطبة سياسية بامتياز تتجاوز المناسبة والشعائر الدينية اليهودية، فحَرّضَ على احتلال قطاع غزة أسوة بالقدس، واستنكر السماح بإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزّة، مذكّراً رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بأنّ "أعداءنا لا يستحقون سوى طلقة في الرأس".
فيما ألقى زميله في الحكومة وشريكه في التطرّف والفاشية، وزير المالية بتسلئيل سموتريتش خطبة استفزازية أمام حائط البراق كرّر خلالها أحلامه الإجرامية ببناء الهيكل مكان المسجد الأقصى في حياته وبتمويل من وزارته، وذكّر بأنّ الكيان الصهيوني لا يخاف من كلمة احتلال وسوف يحرّر غزة ويستوطن فيها.
هذه التصريحات الهستيرية ليست غريبة عن سموتريتش، الذي اعتبر في السابق أنّ حدود القدس يجب أن تمتد حتى العاصمة السورية دمشق، وأنّ واجب "دولة" الاحتلال بسط سيطرتها على شرق الأردن. فهل بقي لدى العرب شكّ في نيّات هؤلاء وحدود ما يمكن أن يقودهم شعور الغطرسة والاستعلاء إلى قوله وفعله!
إنّ كلّ تَحَدٍ جديد تمارسه وتفرضه "إسرائيل" ويمينها المتطرّف الذي يحكمها اليوم، يُقابل عربياً بالامتثال لمطالبها بمواقف مُستجيبة ضعيفة، تكون نتيجته مَنحَها ومستوطنيها مكافأةً مجانية للمضي في سحق ما تبقّى من لحمنا وعظمنا ومقدّساتنا، فهل يصمد الأقصى للعام المقبل أمام معاول الهدم الإسرائيلية التلمودية التي تُهدّد صراحة بإزالته وبناء "الهيكل" مكانه، فيما تكتفي أمة المليار، في كناية فاضحة عن العجز المُستفحل، بالدعاء على نتنياهو وبن غفير وسموتريتش بأن يجعل الله تدميرهم في تدبيرهم!

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

القوات المسلحة اليمنية: استهداف مطار "بن غوريون" بصاروخ "ذو الفقار" الباليستي
القوات المسلحة اليمنية: استهداف مطار "بن غوريون" بصاروخ "ذو الفقار" الباليستي

النشرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • النشرة

القوات المسلحة اليمنية: استهداف مطار "بن غوريون" بصاروخ "ذو الفقار" الباليستي

أعلنت ​ القوات المسلحة اليمنية ​، أنه "انتصارا لمظلومية الشعب الفلسطيني ومجاهديه، وردا على جرائم الإبادة والتجويع في ​ غزة ​ وانتهاكات المجرمين الصهاينة بتدنيس المسجد الأقصى نفذت القوة الصاروخية عملية عسكرية استهدفت مطار اللد في منطقة يافا المحتلة وذلك بصاروخ باليستي نوع "ذو الفقار" وقد حققت العملية هدفها بنجاح بفضل الله، وأجبرت أربعة ملايين صهيوني على الهروب إلى الملاجئ ووقف حركة الملاحة في المطار". ولفتت القوات، الى أنها "تتابع القوات تطورات المعركة في غزة، وتقف إجلالا واحتراما لتضحيات أبنائها الأحرار الصامدين، وتوجه التحية العسكرية الجهادية العربية الإسلامية لكتائب ​ القسام ​ وسرايا القدس، ولكافة المجاهدين الأبطال في كافة الفصائل من يدافعون عن الأمة حين تخلى الجميع عنهم". وأكدت أن "اليمن الحر العزيز المستقل معكم لن يخذلكم ولو خذلكم كل العالم، ومعكم حتى وقف العدوان عليكم ورفع الحصار عنكم".

مستوطنون يقتحمون الأقصى في 'عيد نزول التوارة' ومحاولات لإدخال الخمر والدماء داخل قبة الصخرة
مستوطنون يقتحمون الأقصى في 'عيد نزول التوارة' ومحاولات لإدخال الخمر والدماء داخل قبة الصخرة

الشرق الجزائرية

timeمنذ 2 ساعات

  • الشرق الجزائرية

مستوطنون يقتحمون الأقصى في 'عيد نزول التوارة' ومحاولات لإدخال الخمر والدماء داخل قبة الصخرة

أفشل حراس المسجد الأقصى محاولة مجموعات المستوطنين المتطرفين إدخال 'قربان' إلى المسجد الأقصى المبارك. وبحسب مصادر مقدسية، فقد حاول 3 مستوطنين التحرك تجاه مصلى قبة الصخرة وبحوزتهم قطع من لحم الماعز 'القربان' تقطر منه الدماء، إلا أنّ حراس المسجد الأقصى تمكنوا من إغلاق الباب قبل وصولهم إليها. وتزامنت هذه المحاولة الفاشلة مع اقتحام مئات المستوطنين وأدائهم طقوساً توراتية في المسجد الأقصى المبارك تزامنًا مع 'عيد الأسابيع' العبري الذي يعد من مواسم العدوان على المسجد الأقصى. في انتهاك صارخ لقدسية المسجد الأقصى، حمل المقتحمون الصخرة كيسًا يحتوي على كأس خمر، وخبز رطب، وقطعة قماش عليها دماء، وذلك في إطار ما يسمى بـ'عيد نزول التوراة اليهودي'. ووفقًا لمصادر في دائرة الأوقاف الإسلامية وشهود عيان فقد كان المستوطنون الثلاثة ضمن مجموعة اقتحمت المسجد عبر باب المغاربة، وخلال المسار المعتاد للاقتحام، وعند وصولهم إلى الجهة الشمالية من المسجد، اندفع ثلاثة منهم نحو مسجد قبة الصخرة حاملين الكيس المذكور، في محاولة لأداء طقوس دينية علنية في الموقع. وقد تصدى حراس المسجد لهم على الفور، وأوقفوهم ومنعوهم من التقدم باتجاه قبة الصخرة، في مشهد أثار استياء المصلين والمتواجدين في المكان. وفي وقت لاحق، قالت مصادر خاصة إن مستوطنات اقتحمن صحن قبة الصخرة المشرفة، ونثرن قرب قبة السلسلة خبزا مغمسا بالخمر، ثم سكبن الماء على أرجلهن في المكان، وذلك تنفيذا لأحد طقوس عيد الأسابيع اليهودي (شوفوعوت) الذي وافق يوم الإثنين. وأشارت دائرة الأوقاف الإسلامية إلى أن 830 مستوطنًا متطرفًا اقتحموا الأقصى صباح اليوم، على شكل مجموعات متتالية، تحت حماية مشددة من شرطة الاحتلال.

صاروخ من اليمن نحو كيان الاحتلال.. ودوي صفارات الإنذار في القدس والوسط
صاروخ من اليمن نحو كيان الاحتلال.. ودوي صفارات الإنذار في القدس والوسط

الميادين

timeمنذ 2 ساعات

  • الميادين

صاروخ من اليمن نحو كيان الاحتلال.. ودوي صفارات الإنذار في القدس والوسط

أعلن "جيش" الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الإثنين، إطلاق صاروخ بالستي من اليمن في اتجاه "إسرائيل"، قائلاً إنّه يعمل على التصدي للصاروخ وإسقاطه. وعلى إثر ذلك، دوّت صفارات الإنذار في مناطق واسعة، شملت منطقة "الوسط"، ومنطقة القدس، والمستوطنات جنوبي الضفة الغربية، إلى جانب بعض مناطق الجنوب، وفق ما أفادت به وسائل إعلام إسرائيلية. اليوم 17:25 اليوم 01:29 ويأتي هذا الهجوم ضمن سلسلة تصعيدات مستمرة من اليمن، إذ أشار "جيش" الاحتلال إلى إطلاق اليمنيين 44 صاروخاً بالستياً، وما لا يقل عن 10 طائرات مسيرة في اتجاه "إسرائيل"، منذ 18 آذار/مارس الماضي، أي تاريخ استئناف العدوان على غزة. وقبل أيام، أعلنت القوات المسلحة اليمنية، تنفيذ عملية عسكرية استهدفت مطار اللد، المسمّى إسرائيلياً "مطار بن غوريون" في منطقة يافا المحتلة، وذلك بصاروخ بالستي فرط صوتي. وأكّدت القوات المسلحة اليمنية الاستمرار في حظر حركة الملاحة الجوية الإسرائيلية من وإلى مطار اللد، ومواجهة أي عدوان إسرائيلي على اليمن بالمزيد من العمليات الإسنادية للشعب الفلسطيني المظلوم.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store