logo
رامز صلاح يكتب: صراع على المستقبل.. وكلاء الذكاء الاصطناعي.. منافسة قوية وتداعيات عميقة المصري اليوم منذ 10 ساعات

رامز صلاح يكتب: صراع على المستقبل.. وكلاء الذكاء الاصطناعي.. منافسة قوية وتداعيات عميقة المصري اليوم منذ 10 ساعات

المصري اليوممنذ 3 أيام
فى ضوء التنافس التكنولوجى المتصاعد بين القوى الكبرى على ريادة مستقبل الذكاء الاصطناعى، ظهرت مرحلة جديدة فى مسار هذا التطوّر؛ تمثّلت فى بروز ما يُعرف بـ«وكلاء الذكاء الاصطناعى» (AI Agents). هذه الأنظمة شبه المستقلة صُمّمت لأداء سلسلة من المهام المعقّدة ضمن بيئات تفاعلية ديناميكية، وبدرجة متزايدة من التخطيط والتنفيذ الذاتى؛ متجاوزةً بذلك القدرات التقليدية للنماذج اللغوية LLMs، التى لطالما اقتصرت على توليد النصوص والصور.
وقد كان الإعلان عن وكيل Manus AI، الذى أطلقته شركة Monica AI الصينية فى السادس من مارس ٢٠٢٥، إيذاناً بمرحلة نوعية فى هذا المسار؛ إذ لا يُنظر إلى «مانوس» كمجرد حلقة إضافية فى سلسلة تطورات الذكاء الاصطناعى، بل كتجسيد ملموس لطموح بكين الاستراتيجى فى إعادة تعريف حدود المنافسة على الذكاء الاصطناعى الوكيلى. فبينما تُهيمن الولايات المتحدة على إنتاج النماذج اللغوية المتقدمة، يبرز «مانوس» بمقاربة هجينة تدمج النماذج اللغوية كـ«عقل» مع الخوارزميات التنفيذية المستقلة كـ«يد»؛ ما يجعله نواةً لنموذج صينى أوسع يسعى إلى «التوطين المجتمعى» للذكاء الاصطناعى، من خلال الاعتماد على نماذج لغوية متوفرة كتطبيقات خارجية، مثل «كلود ٣،٥ سونِت» التابع لشركة أنثروبيك الأمريكية، و«كوين» التابع لشركة على بابا الصينية؛ حيث يُوظِّفها ضمن بنيته التحتية؛ فى تجسيدٍ عملى لمقاربته الهجينة.
وفى السياق نفسه، وبعد أقل من شهر، وتحديداً فى إبريل ٢٠٢٥، أطلقت شركة Genspark الأمريكية، ومقرّها بالو ألتو فى كاليفورنيا، وكيلها الذكى Genspark Agent، بوصفه «الوكيل الخارق» القادر على تنفيذ مهام متعددة عبر أدوات مختلفة ضمن بيئات تنفيذية موحدة. وقد جاء هذا الإطلاق استجابة مباشرة للطلب المتزايد فى السوق الأمريكية على وكلاء ذوى قدرات تنفيذية حقيقية، تتجاوز مجرّد تقديم المعرفة أو تنظيمها، نحو تنفيذ المهام والتحكم الديناميكى. ولم يمضِ وقت طويل حتى لحقت شركة MiniMax الصينية بركب هذا التحوّل؛ ففى يونيو ٢٠٢٥ أعلنت عن إصدار وكيلها الذكى مفتوح المصدر MiniMax-M١. فهذا الوكيل ثمرة استثمار مكثّف من كبرى الشركات الصينية مثل «على بابا»، إلى جانب دعم مالى من «تينسنت»، و«هونغ شان»، و«هيلهاوس كابيتال»؛ ما يعكس الرهان الاستراتيجى على هذا النمط الجديد من الذكاء الاصطناعى بوصفه أداة تنافسية ذات طابع وطنى واقتصادى فى آنٍ معاً.
وفى استجابة مباشرة لهذا الزخم المتصاعد، لا سيما فى ظل التحوّلات الصينية المتسارعة، أطلقت شركة «أوبن إيه آى»، التى تتخذ من سان فرانسيسكو مقراً لها، فى ١٧ يوليو ٢٠٢٥، وكيلها المتقدم ChatGPT Agent. وقد شكّل هذا الإعلان نقطة تحوّل فارقة فى مسار «تشات جى بى تى»؛ إذ انتقل من مجرد نموذج لغوى إلى وكيل ذكاء اصطناعى متكامل، يجمع بين قدرات الفهم والإبداع والتنفيذ.
وهنا يُثار تساؤل جوهرى هو كيف تكشف نماذج الذكاء الاصطناعى الوكيلى، التى ظهرت مؤخراً، عن ملامح التنافس الدولى فى هذا المجال، وما أبرز التداعيات التى تترتب على اختلاف بنياتها وتقنياتها؟
منافسة قوية:
تُمثِّل بنية «مانوس إيه آى» ابتعاداً عن أنظمة الذكاء الاصطناعى التقليدية التى تعتمد على نماذج لغوية كبيرة LLM. فاسمه المشتق من العبارة اللاتينية Mens et Manus «العقل واليد» يعكس بنيته المزدوجة؛ فخوارزميات نماذج اللغة الكبيرة تعمل بمثابة «العقل» للتفكير والتخطيط، بينما الخوارزميات القطعية تمثل «اليد» لتنفيذ الإجراءات. ويُتيح هذا التصميم لـ«مانوس إيه آى» تنفيذ المهام بشكل مستقل، والتكامل مع الخدمات، ومعالجة البيانات، وإجراء العمليات بأدنى حد من التوجيه البشرى، وذلك بخلاف النماذج اللغوية السائدة فى السوق، سواء أكانت أمريكية، أوروبية، أم حتى يابانية، والتى تقتصر على توليد الاستجابات استناداً إلى هندسة أوامر معقدة متوالية، تُبنى خطوةً بعد أخرى بطريقة تراكمية. ومع ذلك، لا ينفصل «مانوس» كلياً عن علم وفن هندسة الأوامر، ولا يتخلى عنها بالكامل، بل يوظفها ضمن إطار تكاملى يُسهم فى تعزيز كفاءته وتحسين دقة مخرجاته.
كما تبرز ميزة بارزة فى «مانوس إيه آى»، وهى نافذة «كمبيوتر مانوس»، التى تسمح للمستخدمين بمراقبة إجراءات الوكيل فى الوقت الفعلى والتدخل عند الضرورة؛ مما يوفر شفافية غير مسبوقة فى عملية اتخاذ القرار للذكاء الاصطناعى. وقد شكّلت هذه الخاصية، عند إطلاقها، سابقة لافتة فى تصميم الوكلاء الأذكياء، مثل MiniMax-M١ وChatGPT Agent، اللذين سارعا لاحقاً إلى تبنّى نماذج مراقبة وتنفيذ تفاعلية مستوحاة جزئياً من تجربة «مانوس». هذا التبنّى يعكس ليس فقط فاعلية البنية التصميمية التى ابتكرتها «مونيكا»، بل يؤكّد أيضاً موقع «مانوس» كرائد فى إدخال بُعد الشفافية التشغيلية إلى قلب تجربة الذكاء الاصطناعى الوكيلى التفاعلى. وعندما اختبرت مجلة MIT Technology Review، «مانوس» فى مارس ٢٠٢٥، وصفته بأنه «شديد الفطنة» قادر على القيام بالمهام المنظمة المستندة إلى الويب المفتوح؛ لكنه لم يصل بعد إلى مستوى الاعتمادية اللازم للتعامل مع أعباء العمل الثقيلة أو البحث الأكاديمى واسع النطاق دون إشراف. إلى ذلك، أظهر «مانوس إيه آى» للعديد من المُقبلين عليه قدرات تتراوح من تجميع الأبحاث حول مواضيع محددة إلى تحليل بيانات سوق الأسهم، و«الفايب كودينغ»، وفحص السير الذاتية للوظائف، وإنشاء مواد تعليمية تفاعلية، والتخطيط للرحلات والحجز المسبق. وفى اختبارات GAIA التى تقيس الأداء التنفيذى والتخطيط الاستراتيجى للذكاء الاصطناعى، سجّل «مانوس» نتائج تفوقت على GPT-٤ وكذلك Claude-٣ فى المهام التى تشمل التنسيق بين عمليات متعددة، والتحليل المالى، وبناء خطط تنفيذية.
وبالرغم من الإمكانات اللافتة التى أظهرها «مانوس إيه آى» فى أعين العديد من المراقبين؛ فإنه يواجه قيوداً تقنية تُعوق أداءه واستقراره؛ إذ يُبلّغ المستخدمون عن أعطال متكررة وضعف فى استقرار النظام، خصوصاً مع الاستخدام المطول، بالإضافة إلى صعوبات فى الوصول إلى المحتوى المحجوب وتجاوز رموز التحقق Captchas التى تتطلب إثبات هوية المستخدم كبشرى. كما أن إصدار «مانوس» عند إطلاقه كان محدوداً جداً؛ إذ وصل إلى أقل من ١٪ فقط من المستخدمين عبر قائمة الانتظار؛ ما يعكس حذراً واضحاً فى طرحه للسوق. وفى ضوء هذا الإطلاق الحذر، أعلنت الشركة عن خطط اشتراك مدفوعة تبدأ بسعر ٣٩ دولاراً شهرياً، تمنح المستخدمين ٣٩٠٠ نقطة مع إمكانية تنفيذ مهمتين فى وقت واحد، وتتصاعد إلى خطة عُليا بقيمة ١٩٩ دولاراً شهرياً توفر ١٩٩٠٠ نقطة؛ وهو ما يجعلها تنافس خطط الاشتراك المميزة، مثل تلك الخاصة بـ«تشات جى بى تى». بيدَ أن التطور الأبرز جاء منتصف مايو ٢٠٢٥، عندما قررت الشركة منح المستخدمين الجدد ١٠٠٠ نقطة مبدئية، مع تجديد يومى لـ٣٠٠ نقطة مجاناً؛ فى خطوة استراتيجية تهدف إلى استقطاب قاعدة أوسع من المستخدمين، وتمكينهم من اختبار جدوى الخدمة؛ تمهيداً لترسيخ موقعها فى سوق الذكاء الاصطناعى الوكيلى.
كما تعكس نماذج التسعير التى اعتمدتها «مونيكا» فى طرح «مانوس إيه آى» انخراطاً متزايداً فى نمط اقتصادى بات يُعرف بـ«رأسمالية الاشتراك»؛ حيث تُحوَّل الخدمات المعرفية إلى سلع رقمية تُباع ضمن أنظمة دورية مغلقة، يتم فيها تأطير الوصول إلى الذكاء الاصطناعى عبر أنظمة نقاط، وخطط شهرية، وقيود متدرجة على عدد المهام المسموح بتنفيذها. ورغم أن هذه الآلية ليست حصرية لـ«مانوس»، بل تُعد سمةً شائعة فى معظم النماذج اللغوية والوكلاء الذكيين السائدين؛ فإن حالة «مانوس» تُجسّد بوضوح أكثر الأثر الهيكلى لهذا النموذج على إعادة توزيع فرص الوصول والمعرفة. وفى هذا السياق، لا يبدو «مانوس» مجرد منتج تقنى، بل يُمثِّل لحظة تكثيف لعلاقات القوة الجديدة التى تُعيد تعريف المعرفة كامتياز رأسمالى، لا كحق عام. ومع أن الشركة حاولت لاحقاً إدخال خطة مجانية يومية بـ٣٠٠ نقطة، فإن هذه الخطوة لا تُخفى الطابع الطبقى المتأصل فى منطق الخدمة؛ حيث من يدفع أكثر، يُنجز أكثر، ويُتاح له تنفيذ مهام أكثر تعقيداً وعمقاً.
إلى ذلك، وبرغم هذه الخطوات؛ تبرز هذه التحديات الفنية لتسلط الضوء على الفجوة الكبيرة القائمة بين الوكلاء الذكيين الحاليين وأنظمة الذكاء الاصطناعى العام الذى لا يزال مفهوماً نظرياً قيد التبلور، ويتجاوز القدرة على أداء مهام محددة إلى تعميم المعرفة عبر مجالات متعددة، والانخراط فى تعلم مفتوح يتجاوز المهام المحددة، فضلاً عن التفكير السببى وفهم المدخلات الحسية للعالم المادى. كذلك يفتقر «مانوس» إلى الذكاء الاجتماعى وفهم المعايير الثقافية التى تمثل جانباً أساسياً من الذكاء العام. وفى هذا الإطار، يؤكد هارفى بى نيوكويست، مؤلف كتاب The Brain Makers، أنه «لا يمكننا الافتراض بأننا قريبون من الذكاء الاصطناعى العام AGI؛ لأننا فى الواقع لا نفهم الذكاء الاصطناعى الحالى، والذى يختلف اختلافاً جذرياً عن ذلك الذكاء العام الذى نطمح إليه».
تداعيات عميقة:
يحمل ظهور وكلاء الذكاء الاصطناعى ضمن النظام التكنولوجى الاستراتيجى للذكاء الاصطناعى فى الصين تداعيات عميقة لقيادة التكنولوجيا العالمية والعلاقات الدولية، وتتجاوز أهميته الجوانب التقنية لتشمل أبعاداً استراتيجية متعددة، ويمكن تفصيلها كالتالى:
١- التفرّد الصينى فى الذكاء الاصطناعى: عقب إثبات «ديب سيك» منذ ظهوره اللافِت فى يناير ٢٠٢٥ أن الشركات الصينية يمكنها إنشاء نماذج لغوية قوية بتكاليف أقل بكثير من نظيراتها الأمريكية، يُشير «مانوس إيه آى» إلى أن الصين تكتسب زخماً – أو بالأحرى تتفرد– فى جبهة جديدة ومهمة هى تطوير وكلاء الذكاء الاصطناعى المستقلين عبر «مانوس»، الذى يُمثّل باكورة استثنائية لهذا التفرّد. ويأتى هذا التفرّد فى سياق الخطة الصينية المعلنة منذ ٢٠١٧، والتى تهدف إلى جعل الصين مركزاً عالمياً للابتكار فى الذكاء الاصطناعى بحلول عام ٢٠٣٠.
٢- إعادة توزيع النفوذ التكنولوجى: يُسرّع التفرّد الصينى وتيرة إعادة توزيع النفوذ التكنولوجى عالمياً، فمع تزايُد أهمية الذكاء الاصطناعى كعنصر محدد للقوة الوطنية فى القرن الحادى والعشرين، سيؤثر أى تحوّل فى موازين القوى بهذا المجال فى التنافسية الاقتصادية والميزة العسكرية للدول. ونتيجة لذلك، تواجه الدول الغربية، وخاصة الولايات المتحدة، ضغطاً متزايداً لتسريع مبادراتها الخاصة بالتوازى. هذا الوضع يؤدى إلى تكثيف ما يصفه بعض المراقبين بأنه «سباق تسلح فى مجال الذكاء الاصطناعى»، وذلك فى ظل مشهدٍ تتغير معالمه يومياً بفعل الابتكارات المتلاحقة؛ ما يعكس دينامية غير مسبوقة فى صناعة الذكاء الاصطناعى وتحوّلاتها الهيكلية المستمرة.
٣- تحوّل بوصلة التنافس نحو الذكاء الاصطناعى الوكيلى والعام: بالنسبة لصناعة التكنولوجيا العالمية، يُشير «مانوس إيه آى» إلى أن الجبهة التنافسية التالية قد تتمثل فى الإدراك المتزايد بأننا نعيش «لحظة الذكاء الاصطناعى الوكيلى»، بدلاً من الاكتفاء بتطوير نماذج لغوية أقوى من فترة لأخرى، مثل «تشات جى بى تى» المعروف بقدراته المتقدمة، أو «ديب سيك» الذى أثبت كفاءة عالية، أو «جروك» التابع لشركة «إكس إيه آى»، أو «جوجل جيميناى»، أو حتى «كلود سونِت». فهذا التحوّل فى الإدراك قد يدفع الشركات الغربية إلى إعادة النظر فى استراتيجياتها للذكاء الاصطناعى، والدفع نحو تطوير أنظمة أكثر استقلالية؛ مما يؤدى إلى تسارُع عالمى فى تطوير وكلاء الذكاء الاصطناعى، وربما حتى تجاوز هذه المرحلة نحو السعى لتحقيق الذكاء الاصطناعى العام الكامل. فبينما يتوقع بعض قادة الصناعة، مثل سام ألتمان، الوصول إلى الذكاء الاصطناعى العام (AGI) فى المستقبل القريب، تشير دراسات أخرى إلى أن تحقيقه قد يستغرق وقتاً أطول. على سبيل المثال، قدّرت دراسة نُشِرت عام ٢٠٢٣ احتمال تحقيق (AGI) بحلول عام ٢٠٤٣ بأقل من ١٪. وعلى النقيض، أظهرت دراسة استقصائية شملت ،٧٧٨ باحثاً فى الذكاء الاصطناعى فى العام نفسه، أن هناك احتمالاً بنسبة ٥٠٪ بتحقيقه بحلول عام ٢٠٤٧، و١٠٪ بحلول عام ٢٠٢٧؛ الأمر الذى يعكس التباين الكبير بين التقديرات التقنية المتحفظة والتفاؤل الصناعى.
٤- تعقد المشهد التنظيمى للذكاء الاصطناعى: من المرجح أن يشهد المشهد التنظيمى العالمى تحوّلات متسارعة استجابةً لهذه القفزات النوعية. فمع تزايد استقلالية وكلاء الذكاء الاصطناعى، كما تُجسّده أنظمة مثل «مانوس إيه آى»، تزداد حدة التساؤلات حول المساءلة القانونية، والشفافية الخوارزمية، وآليات التحكم البشرى (Human-in-the-loop). وقد بدأت بعض الحكومات والمنظمات بالفعل فى مراجعة أطر الحوكمة الحالية، كما يظهر فى لائحة الاتحاد الأوروبى للذكاء الاصطناعى (AI Act)، ومبادرات إدارة المخاطر التى تقودها الولايات المتحدة.
٥- تحوّلات العلاقة بين الإنسان والآلة: بالنسبة للمستخدمين الأفراد والمؤسسات على حد سواء، يُشير بروز وكلاء الذكاء الاصطناعى إلى تحوّل جذرى فى طبيعة التفاعل مع هذه الأنظمة. فبدلاً من كون الذكاء الاصطناعى مجرد أداة للاستجابة أو المساعدة، بات يُنظر إليه كمشارك نشط فى العمليات الإبداعية والتنظيمية. هذا التحوّل يحمل وعوداً بإنتاجية أعلى وكفاءة محسّنة؛ لكنه يثير فى الوقت ذاته تساؤلات أخلاقية ومعرفية عميقة حول الإرادة البشرية، خصوصية القرارات، وتغير طبيعة العمل. كما يستدعى إعادة التفكير فى حدود الاستقلالية التى يمكن أن تتمتع بها هذه الأنظمة دون المساس بالرقابة البشرية.
ختاماً، يشير إطلاق «مانوس إيه آى» إلى أن الصين لم تَعُدْ تكتفى بملاحقة التطورات الغربية فى مجال الذكاء الاصطناعى، بل باتت تُسهم فى إعادة تعريف ساحات المنافسة ذاتها. فبصفته وكيلاً ذكياً يجمع بين الكفاءة التنفيذية والاستقلالية التشغيلية، ومقاربة هجينة تستفيد من بنى تحتية متنوعة، يُجسّد «مانوس» بوضوح استراتيجية بكين الرامية إلى تحقيق «التوطين المجتمعى» للذكاء الاصطناعى. هذا التحوّل يعنى أن المعيار الحاسم للهيمنة التكنولوجية لم يَعُد يقتصر على التفوق التقنى للنماذج اللغوية الخام فحسب، بل يمتد إلى مدى قدرة الدول على دمج أنظمة الذكاء الاصطناعى هذه (بما فيها الوكلاء الأذكياء) بعمق فى كيانها ومجتمعها. وبينما يتأرجح الغرب بين تطوير النماذج اللغوية العملاقة التى تركز على توليد المحتوى وقلق الحوكمة، تُرسّخ الصين موقعها عبر هذه الأدوات التكنولوجية الهجينة المتمثلة فى الوكلاء. ومع أن «مانوس» شأنه شأن غيره من الوكلاء الحاليين، لا يُمثّل بعد الذكاء الاصطناعى العام (AGI)؛ فإنه يُمهّد لجيل جديد من الأنظمة القادرة على التفاعل النشط والتنفيذ المتعدد، بما قد يُسرع تحوّلات المشهد التكنولوجى العالمى. وعليه، فإن المستقبل القريب قد لا يُقاس فقط بحجم النموذج أو قدرته على توليد النصوص، بل بمدى ما يُتيحه الوكيل من استقلالية فى الفعل، وتكامل فى الوظائف، وانخراط فى القرار. يُضاف إلى ذلك، أن دخول ChatGPT Agent بقوة إلى هذه الجبهة الحديثة من الوكلاء الأذكياء، يؤكد احتدام المنافسة وتعقيدها، فى عالم تزداد فيه الأسئلة حول آليات التنظيم والسباق بين هذه الأنظمة المتقدمة.
* باحث متخصص فى القضايا الدولية
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

قفزة تاريخية لبورصة مسقط
قفزة تاريخية لبورصة مسقط

فيتو

timeمنذ 20 ساعات

  • فيتو

قفزة تاريخية لبورصة مسقط

سجل المؤشر الرئيسي لبورصة مسقط الأسبوع الماضي، أعلى مستوياته منذ 29 شهرًا، مدفوعًا بموجة شراء قوية من الصناديق والمؤسسات الاستثمارية والمستثمرين المحليين، ليغلق عند 4849 نقطة، ويرتفع بـ68 نقطة عن مستواه السابق، وهو الأعلى منذ 30 مارس 2023. ووفقًا لبيانات البورصة، شهدت المؤشرات القطاعية أداء إيجابيا، حيث قاد قطاع الصناعة المكاسب بصعود قدره 150 نقطة، تلاه قطاع الخدمات بارتفاع 28 نقطة، والقطاع المالي بـ18 نقطة، فيما ارتفع المؤشر الشرعي 3 نقاط ليغلق عند 469 نقطة. ارتفاع قيمة التداول جاء هذا الأداء بدعم من الطلب القوي على الأسهم القيادية، لترتفع قيمة التداول إلى 129.8 مليون ريال (337.5 مليون دولار)، بزيادة 31.3% عن الأسبوع السابق، فيما ارتفع عدد الصفقات المنفذة 3% إلى أكثر من 10700 صفقة. القيمة السوقية للأوراق المالية وصعدت القيمة السوقية للأوراق المالية المدرجة بـ269 مليون ريال، لتبلغ 29 مليارًا و401.6 مليون ريال عُماني، وارتفعت أسعار 42 ورقة مالية مقابل تراجع 21 ورقة واستقرار 29 ورقة. بينما تصدرت سندات المتحدة للتمويل قائمة الرابحين بارتفاع 11.1% لتغلق عند 80 بيسة، وسهم عُمان للمرطبات بالنسبة نفسها ليغلق عند ريال واحد، فيما ارتفع سهم الجزيرة للمنتجات الحديدية 9.4% إلى 475 بيسة. وعلى الجانب الآخر، قاد سهم «مسقط للتأمين» الخسائر متراجعًا 18.9% ليغلق عند 708 بيسات، تلاه سهم «العمانية للتغليف» بانخفاض 3.5% إلى 136 بيسة. الأسهم الأكثر تداولا وتصدر بنك «مسقط» قائمة الشركات الأكثر تداولًا من حيث قيمة التداول بـ 35.2 مليون ريال، تلاه أوكيو للصناعات الأساسية بـ 29.8 مليون ريال، ثم بنك صحار الدولي بـ 16.8 مليون ريال، وأوكيو لشبكات الغاز بـ 16.1 مليون ريال، وأوكيو للاستكشاف والإنتاج بـ 11.3 مليون ريال. وفي أخبار الشركات، أعلنت «عمانتل» و«أوريدو» في إفصاحين منفصلين أن هيئة تنظيم الاتصالات قررت توحيد نسبة الإتاوة على خدمات الاتصالات المتنقلة والثابتة لتصبح 10% من الإيرادات، اعتبارا من السنة المالية 2025. وأكدت «عمانتل» أن هذا القرار سيؤثر إيجابيًا على أرباحها للنصف الأول من العام الجاري بنحو 1.7 مليون ريال بعد الضريبة، فيما توقعت أوريدو تحقيق أثر إيجابي بقيمة 2.5 مليون ريال بعد الضريبة خلال العام الحالي. ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

أمريكا تعتزم إدراج عملاقي الرهن العقاري «فاني ماي» و«فريدي ماك» خلال 2025
أمريكا تعتزم إدراج عملاقي الرهن العقاري «فاني ماي» و«فريدي ماك» خلال 2025

البورصة

timeمنذ يوم واحد

  • البورصة

أمريكا تعتزم إدراج عملاقي الرهن العقاري «فاني ماي» و«فريدي ماك» خلال 2025

قال مسؤول أمريكي كبير، إن الإدارة الأمريكية قد تبدأ، في وقت لاحق من هذا العام، طرح أسهم شركتي فاني ماي وفريدي ماك للاكتتاب العام الأولي، في خطوة تمثل علامة فارقة في تاريخ عملاقي تمويل الرهن العقاري الخاضعين لسيطرة الحكومة منذ سنوات. وأوضح المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته لوكالة رويترز، أن مبيعات الأسهم قد تُقدّر قيمة الشركتين معًا بنحو 500 مليار دولار. وستشكل هذه الخطوة نقطة تحول مهمة بالنسبة للشركتين اللتين تخضعان للوصاية الاتحادية منذ عام 2008. وقال مصدر مطلع، إن الإدارة الأمريكية تجري محادثات مع بنوك بشأن البيع المحتمل للأسهم، لكنها لم تعيّن بعد أي بنك رسميًا لقيادة العملية. وكان الكونجرس قد أنشأ «فاني ماي» و«فريدي ماك» لدعم سوق الإسكان من خلال ضمان تمويل الرهن العقاري بأسعار معقولة، لكنهما انهارتا بعد تعرضهما لصدمات حادة خلال الأزمة المالية العالمية. وتسنّى إنقاذ الشركتين بأموال دافعي الضرائب، مقابل حصول وزارة الخزانة على أسهم ممتازة، مع دفع مليارات الدولارات كأرباح على مر السنين. وتواصلت الجهود لإعادة الشركتين إلى سيطرة القطاع الخاص في فترات سابقة، منها ولاية الرئيس السابق دونالد ترامب الأولى، لكنها لم تحظَ بالزخم الكافي. وكانت صحيفة «وول ستريت جورنال» أول من نشر خبر خطط الإدارة الأمريكية الأخيرة بهذا الشأن. : الاقتصاد الأمريكىالولايات المتحدة الأمريكيةوول ستريت

الحكومة الأمريكية تعتمد أوبن إيه آي وجوجل وأنثروبيك كموردي ذكاء اصطناعي
الحكومة الأمريكية تعتمد أوبن إيه آي وجوجل وأنثروبيك كموردي ذكاء اصطناعي

المشهد العربي

timeمنذ 2 أيام

  • المشهد العربي

الحكومة الأمريكية تعتمد أوبن إيه آي وجوجل وأنثروبيك كموردي ذكاء اصطناعي

اعتمدت إدارة الخدمات العامة الأمريكية شركات "أوبن إيه آي" و"جوجل" و"أنثروبيك" كموردين لتقنيات الذكاء الاصطناعي، مما يمهد الطريق لتبني واسع النطاق لهذه الأدوات عبر الوكالات الفيدرالية المدنية. ويعني القرار أن نماذج الذكاء الاصطناعي مثل "شات جي بي تي" من "أوبن إيه آي"، و"جيميناي" من "جوجل"، و"كلود" من "أنثروبيك"، ستُدرج ضمن منصة التعاقدات الفيدرالية التابعة للحكومة. وقالت الإدارة إن النماذج الثلاثة خضعت لتقييمات دقيقة للأداء والأمان، لكنها لم تفصح عن تفاصيل الأسعار أو شروط العقود. ويسمح إدراج هذه الشركات في منصة التعاقدات الفيدرالية باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في المهام الحكومية اليومية بشكل أوسع، بدلًا من اقتصارها على المشاريع التجريبية أو الاستخدامات الأمنية. وذكرت إدارة الخدمات العامة أن عدة وكالات أبدت اهتمامها باستخدام المنصة، ومنها وزارة الخزانة ومكتب إدارة شؤون الموظفين، للاستفادة من الذكاء الاصطناعي في مهام مثل مراجعة طلبات براءات الاختراع، واكتشاف الاحتيال الضريبي، وتحرير البيانات الصحفية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store