logo
الموجة الثانية من «رسوم ترامب» الجمركية «أقل حدة»

الموجة الثانية من «رسوم ترامب» الجمركية «أقل حدة»

البيان٢٤-٠٣-٢٠٢٥

أكد مساعدون في البيت الأبيض، أن الموجة الثانية من التعريفات الجمركية التي سيفرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ستكون أكثر استهدافاً من الموجة التي هدد بها في السابق، ما يعكس بعض الارتياح المحتمل في الأسواق، التي شهدت قلقاً بشأن حرب تعريفات محتملة.
وتخطط إدارة الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب»، لاستثناء قطاعات بعينها من فرض الرسوم الجمركية، عند الإعلان عن التعريفات التبادلية المطبقة في الثاني من أبريل القادم، وفق ما ذكرت وكالة «رويترز».
أوضحت «رويترز» في تقرير، نقلاً عن «بلومبرغ» و«وول ستريت جورنال»، أن مسؤولاً في إدارة ترامب، أفاد بأنه من غير المرجح الإعلان عن فرض تعريفات على قطاعات بعينها في الثاني من أبريل. وذكر المصدر أن البيت الأبيض لا يزال يخطط للإعلان عن الرسوم التبادلية في الموعد المحدد، لكن المخطط ليس واضحاً بعد.
وأشارت «بلومبرغ» إلى أن الخطة قد لا تتضمن فرض رسوم جمركية على قطاعات محددة.
سبق أن أعلن «ترامب» في فبراير الماضي، عن فرض رسوم جمركية بنحو 25 % على السيارات، وأشباه الموصلات، والمنتجات الطبية، لكنه أرجأ تطبيق القرار على بعض واردات السيارات، بعد ضغوط من كبار المُصنعين المحليين، لاستثنائهم من هذا الإجراء.
رسوم السفن الصينية
ولعلّ أوضح مؤشر للفوضى التي تحاصر التجارة العالمية منذ دخول إدارة الرئيس دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، هو كومة من 16,000 طن متري من أنابيب الفولاذ، بحسب «بلومبرغ».
كان من المفترض أن يستعد العمال في ألمانيا لتحميل الدفعة الأولى منها على متن سفينة شحن متجهة إلى مشروع طاقة ضخم في ولاية لويزيانا. لكن بدلاً من ذلك، بقيت الشحنة في مستودع ألماني، بعد أن اقترحت واشنطن فرض رسوم بملايين الدولارات على السفن الصينية التي ترسو في موانئ الولايات المتحدة.
قال خوسيه سيفيرين مدير تطوير الأعمال في شركة «ميركوري غروب»، وهي الجهة المسؤولة عن الخدمات اللوجستية لصفقة الأنابيب، إن المفاوضات بشأن شروط الشحن، تم تعليقها حتى تتضح الأمور.
فبالنسبة لهذا الخط البحري عبر الأطلسي، تم بناء 80 % من سفن مالك السفينة في الصين، ما يعني أن الشحنة ستكون خاضعة لرسوم إضافية، تتراوح بين مليون و3 ملايين دولار. وبحسب طريقة تطبيق القرار، فكلفة الشحن من ألمانيا، قد تتضاعف مرتين أو ثلاث مرات.
كبح هيمنة الصين
تُعد هذه الصفقة، واحدة من عدد لا يُحصى من الصفقات التي عُلّقت، بسبب اقتراح قدمه مكتب الممثل التجاري الأمريكي، يهدف إلى الحد من هيمنة الصين على قطاعات بناء السفن والخدمات اللوجستية والصناعة البحرية.
وبحسب المكتب، فإن الصين تنتج الآن أكثر من نصف سفن الشحن في العالم من حيث الحمولة، بعد أن كانت حصتها 5 % فقط في عام 1999، بينما تشكل اليابان وكوريا الجنوبية القوى الأخرى في مجال بناء السفن.
في المقابل، لم تتجاوز حصة أحواض السفن الأمريكية العام الماضي نسبة 0.01 % فقط، ويأمل المكتب في إحياء صناعة السفن التجارية الأمريكية شبه الغائبة.
وقال المكتب التجاري الأمريكي في 21 فبراير، إن هيمنة الصين تمنحها «قوة سوقية على مستوى العرض العالمي والتسعير والوصول». ورداً على ذلك، وصفت شركة صناعة السفن الحكومية الصينية، صاحبة أكبر سجل طلبات في العالم، هذه الإجراءات، بأنها انتهاك لقواعد منظمة التجارة العالمية.
وسيكون هذا الموضوع محور جلسة استماع لمكتب الممثل التجاري الأمريكي، على مدار يومين وتنتهي اليوم، ويشارك فيها ممثلون عن سلسلة الإمداد الكاملة: من مزارعي فول الصويا إلى شركات الشحن وبناة السفن الصينيين.
وسيشرح العشرات من أصحاب الأعمال والمجموعات التجارية، سبب تخوفهم من أن تعطّل هذه المقترحات التجارة العالمية أكثر من نهج الرئيس دونالد ترمب تجاه الرسوم الجمركية.
تأثيرات كارثية
قال جوناثان غولد نائب رئيس سياسات سلاسل التوريد والجمارك في الاتحاد الوطني للبيع بالتجزئة: «يرون أن هذا المقترح يمثل تهديداً أكبر من الرسوم الجمركية، بسبب التأثير الذي سيتركه على سلسلة التوريد».
وأضاف: «شركات الشحن قالت إنها لن تمرر فقط التكلفة إلى العملاء، بل ستتوقف عن المرور بموانئ صغيرة، مثل أوكلاند، وربما تشارلستون، وديلاوير، وفيلادلفيا. وجميعها ستتضرر نتيجة لذلك».
وفي رسائل موجهة إلى مكتب الممثل التجاري الأمريكي، ومقابلات مع «بلومبرغ»، عبّر أصحاب أعمال ومسؤولون في القطاع، عن قناعتهم بأن المقترحات لا تحقق هدف إحياء صناعة السفن المحلية، بل قد تسبب ضرراً بالغاً للاقتصاد الأمريكي.
وقالوا إنها قد تجعل البضائع الأمريكية مرتفعة الثمن على الصعيد العالمي، وتحول مسارات التجارة بعيداً عن الموانئ الإقليمية الأمريكية، نحو كندا والمكسيك، وتُربك الموانئ الكبرى، وتفاقم تكاليف الشحن والتضخم.
العائدات المحتملة
قد تُدر هذه الرسوم نظرياً ما بين 40 إلى 52 مليار دولار للخزينة الأمريكية، وفقاً لتحليل شركة «كلاركسون للأبحاث»، التابعة لأكبر شركة وساطة شحن في العالم. لكن، في ظل حالة من التوتر والقلق المتزايد في السوق، بسبب الرسوم الحالية على البضائع الصينية، والفولاذ.
والألمنيوم، ومع ترقّب جولة جديدة من الإجراءات المتبادلة في 2 أبريل، تشعر العديد من الشركات الأمريكية والفاعلين في السوق بالقلق.
وقال جو كراميك المدير التنفيذي لمجلس الشحن العالمي، الذي من المقرر أن يدلي بشهادته: «ما اقترحه مكتب الممثل التجاري، وهو فرض رسوم قيمتها ملايين الدولارات على كل ميناء بأثر رجعي، لن ينجح. بل سيعاقب المستهلكين والشركات والمزارعين الأمريكيين، ويرفع الأسعار، ويهدد الوظائف».
وصف جون ماكاون، المخضرم في قطاع النقل البحري، ومؤلف كتاب عن تاريخ الشحن، الوضع بشكل أكثر حدة قائلاً: «إذا أردت أن تضرب التجارة بمطرقة ثقيلة، فهذا ما ستفعله. كل هذه الإجراءات مجتمعة تشبه نهاية العالم بالنسبة للتجارة».
تعديلات في المقترحات
يعتقد عدد من التنفيذيين في القطاع، أن المقترح سيتعرض لتعديلات لتقليل تأثيره في التجارة العالمية، وقد تُعدّل الرسوم والمتطلبات، أو حتى تُلغى، بالنظر إلى الطبيعة المتقلبة لبعض قرارات الإدارة الجديدة. إلا أن جماعات الضغط تؤكد أن هناك أسباباً قوية للاعتقاد بأن بعض بنود الخطة ستُطبق.
لقد جذب مفهوم إعادة إحياء صناعة بناء السفن الأمريكية انتباه ترامب، ويتماشى مع دعواته لاستعادة أمجاد الصناعة الأمريكية. وقد أنشأ بالفعل مكتباً جديداً للشؤون البحرية، ضمن مجلس الأمن القومي.
وفي أروقة واشنطن، بات يُنظر إلى القطاع البحري باعتباره ركيزة أساسية للأمن القومي، وهي فكرة تزداد زخماً.
ويتقاطع تحقيق الممثل التجاري مع مشروع قانون من الحزبين، طُرح في ديسمبر، لمعالجة نقص البحّارة التجاريين عبر برامج تدريب موسعة، وحوافز ضريبية للمستثمرين في الصناعة. كما أن المقترح يشبه مسودة أمر تنفيذي اطّلعت عليها «بلومبرغ»، تنص على تخصيص عائدات الرسوم لدعم بناء السفن المحلي.
وتقترح المسودة المعنونة: «لنجعل بناء السفن عظيماً مجدداً»، أن تضغط الولايات المتحدة على الدول الأخرى للانضمام إلى جهودها في مواجهة هيمنة الصين، وإلا ستواجه ردوداً عقابية. ولم يردّ البيت الأبيض على طلب للتعليق حول المسودة.
تداعيات على الموانئ الصغيرة
قالت شركات الشحن الكبرى، إنها قد تتكيف مع الرسوم من خلال تجنّب الموانئ الأمريكية الصغيرة، ما قد يُلحق الضرر باقتصادات محلية وصناعات تعتمد على تلك الموانئ. أما شركات شحن الحاويات التي تفرغ حمولتها في ميناء واحد، فقد تتمكن من توزيع التكلفة على آلاف الحاويات.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الرئيس التنفيذي لشركة فيرتيغلوب لـ «الاتحاد»: زيادة إنتاج الأمونيا منخفضة الكربون بأبوظبي إلى 7.6 مليون طن سنوياً
الرئيس التنفيذي لشركة فيرتيغلوب لـ «الاتحاد»: زيادة إنتاج الأمونيا منخفضة الكربون بأبوظبي إلى 7.6 مليون طن سنوياً

الاتحاد

timeمنذ ساعة واحدة

  • الاتحاد

الرئيس التنفيذي لشركة فيرتيغلوب لـ «الاتحاد»: زيادة إنتاج الأمونيا منخفضة الكربون بأبوظبي إلى 7.6 مليون طن سنوياً

رشا طبيلة (أبوظبي) كشف أحمد الحوشي، الرئيس التنفيذي لشركة «فيرتيغلوب»، عن التوسع في إنتاج الأمونيا منخفضة الكربون، من خلال مشروع الشركة في مصنع الرويس بأبوظبي، عن طريق إنتاج مليون طن من الأمونيا منخفضة الكربون في السنة، حيث يتم حالياً إنتاج 6.6 مليون طن من الأمونيا واليوريا، وسيتم رفعها إلى 7.6 مليون طن سنوياً بحلول عام 2027 عند إنجاز المشروع والبدء بالإنتاج. وقال الحوشي في حوار مع «الاتحاد»، إن الشركة تستهدف، ضمن استراتيجيتها الجديدة، زيادة الأرباح قبل الفائدة والضرائب والإهلاك والإطفاء من 630 مليون دولار العام الماضي إلى أكثر من مليار دولار بحلول عام 2030. وحول توسعات الشركة وأعمالها بين الحوشي: نصدّر إلى أكثر من 50 دولة عالمياً، حيث لدينا مصانع في مصر والجزائر وأبوظبي، فإلى جانب توسعاتنا في مشروع الرويس، نقوم بدراسة مشروع لإنتاج الأمونيا المتجددة في مصر، ومن المتوقع البدء بإنتاج الأمونيا فيه عام 2028. وقال: يوجد مشروع آخر في ولاية تكساس في أميركا، وهو مشروع مشترك بين أدنوك وشركة أميركية، ومن المتوقع البدء بالإنتاج في المشروع عام 2029 وحول الاستراتيجية التي أطلقتها الشركة مؤخراً، قال: إن الاستراتيجية الجديدة لشركة فيرتيغلوب تهدف إلى زيادة الأرباح قبل خصم الفوائد والضرائب والاستهلاك والإطفاء من 630 مليون دولار العام الماضي إلى مليار دولار في 2030. وأكد أن الاستراتيجية الجديدة مبنية على نقاط قوة الشركة بأنها أكبر مصدر أمونيا ويوريا على مستوى العالم. وقال: ترتكز الاستراتيجية على 4 ركائز، أولها التميز التشغيلي حيث لدينا أحدث المصانع، ولدينا المقدرة على تحقيق طموحاتنا في الكفاءة التشغيلية والتكاليف، أما الركيزة الثانية فتتمثل في القرب من العملاء والمستخدمين. وأضاف: أما الركيزة الثالثة فتتمثل في التوسع في إنتاجنا من المواد النيتروجينية، حيث لدينا قوة في إنتاج الأمونيا واليوريا، وندرس باستمرار إنتاج مواد جديدة مثل آخر منتج تم الإعلان عنه وهو «الديزل إكزوست فلوويد»، وهو عبارة عن يوريا مع الماء، حيث نعد الشركة الوحيدة في الإمارات التي تنتج اليوريا، وندخل في مجال جديد وهو الديزل إكزوست» لاستخدامه في قطاع السيارات. وأشار الحوشي: إلى أن رابع ركيزة، فتتمثل في إنتاج الأمونيا منخفضة الكربون، تماشياً مع الطلب. وقال: نسعى لتحقيق أهدافنا وطموحاتنا، عبر هذه الاستراتيجية الجديدة، بدعم من شركة «أدنوك»، التي هي المساهم الأكبر في الشركة بنسبة 86%. وأشار الحوشي إلى النتائج التي تم تحقيقها في الربع الأول من العام، وهي أفضل أرباح تم تحقيقها منذ أكثر من عام مدفوعة بالقرار الاستراتيجي لتأجيل الشحنات من الربع الأخير من عام 2024. وأعلنت شركة «فيرتيغلوب»، المدرجة في سوق أبوظبي للأوراق المالية، مؤخراً، بلوغ صافي الربح المعدل العائد للمساهمين في الربع الأول من العام 2025، نحو 268 مليون درهم (71 مليون دولار)، بارتفاع 74% على أساس ربع سنوي. نمو قوي وفقاً لنتائج الشركة للربع الأول من العام 2025، ارتفعت الإيرادات إلى 2.55 مليار درهم، بنمو 26% على أساس سنوي و49% على أساس ربع سنوي، مقارنةً بالربع الأخير من عام 2024، فيما وصلت الأرباح المعدلة قبل خصم الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك إلى نحو 940 مليون درهم، بزيادة 45% على أساس سنوي و65% على أساس ربع سنوي. وحققت فيرتيغلوب نمواً قوياً مدفوعاً بارتفاع ملحوظ في أحجام المبيعات، بدعم من تحسينات الكفاءة التشغيلية، وقرار تأجيل بعض الشحنات الاستراتيجية التي كانت مجدولة للربع الأخير من عام 2024 وارتفاع أسعار اليوريا. وحول الدعم من شركة «أدنوك»، أشار الحوشي: تعد أدنوك أكبر مساهم لنا بـ 86% من أسهم الشركة، فهي تقدم لنا الدعم بطرق كثيرة، أبرزها أنها تقلل من التكاليف الثابتة على الشركة بواقع 15 إلى 21 مليون دولار في السنة، ما يمثل 7 إلى 10% من صافي أرباح الشركة. وأضاف: «أدنوك ساهمت في تقليل الفوائد بواقع 10 ملايين دولار، أي ما يمثل 6% من صافي أرباح الشركة». وأكد الحوشي: بالتالي يتم تحقيق بين 13 إلى 16 % نمواً في صافي أرباح الشركة بسبب هذه التخفيضات في التكاليف والفوائد، ما يدعم تحقيق طموحاتنا ضمن استراتيجيتنا الجديدة.

رئيسة المفوضية الأوروبية: نحتاج حتى 9 يوليو للتوصل لاتفاق تجاري جيد مع أمريكا
رئيسة المفوضية الأوروبية: نحتاج حتى 9 يوليو للتوصل لاتفاق تجاري جيد مع أمريكا

البوابة

timeمنذ 3 ساعات

  • البوابة

رئيسة المفوضية الأوروبية: نحتاج حتى 9 يوليو للتوصل لاتفاق تجاري جيد مع أمريكا

قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، الأحد، إن الاتحاد الأوروبي مستعد للتحرك سريعا في المحادثات التجارية مع الولايات المتحدة، لكنه سيحتاج حتى التاسع من يوليو تموز، وهو الموعد النهائي الأصلي للمحادثات، "للتوصل إلى اتفاق جيد". وأضافت في منشور على إكس أنها أجرت مكالمة هاتفية "جيدة" مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وتأتي هذه المكالمة بعد أن قال ترامب يوم الجمعة إنه غير راض عن وتيرة المحادثات التجارية مع الاتحاد الأوروبي وهدد بفرض رسوم جمركية 50 بالمئة على جميع سلع الاتحاد من أول يونيو حزيران. وفي أوائل أبريل، حدد ترامب مهلة 90 يوما للمحادثات التجارية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والتي من المقرر أن تنتهي في التاسع من يوليو تموز. وأوضحت على إكس "مكالمة جيدة مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.. أوروبا مستعدة للمضي قدما في المحادثات بسرعة وحسم. وللتوصل إلى اتفاق جيد، سنحتاج إلى وقت حتى التاسع من يوليو تموز".

«التعاون الخليجي» يحتفي بـ 44 عاماً من العمل المشترك
«التعاون الخليجي» يحتفي بـ 44 عاماً من العمل المشترك

الاتحاد

timeمنذ 4 ساعات

  • الاتحاد

«التعاون الخليجي» يحتفي بـ 44 عاماً من العمل المشترك

أبوظبي (الاتحاد) من عاصمة الرؤى، أبوظبي، حيث عُقد مهد القمم وانبثق فجر الوحدة الخليجية قبل أربعة وأربعين عاماً، تتجدد اليوم ذكرى تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية. هذه المناسبة ليست مجرد تاريخ يُحتفى به، بل هي شاهد على مسيرة استثنائية من التلاحم والتكامل، انطلقت شرارتها الأولى في الخامس والعشرين من مايو 1981، حين أعلنت أبوظبي رسمياً عن ميلاد هذا الصرح الإقليمي، واضعة اللبنة الأولى في بنيان يهدف إلى تحقيق التنسيق والتكامل والترابط، وصولاً إلى الوحدة المنشودة. لم يكن تأسيس المجلس مجرد استجابة لظروف راهنة، بل كان تجسيداً لإدراك عميق من قادة دول الخليج «رحمهم الله وأمد في أعمار الحاضرين منهم»، بما يجمع شعوبهم من روابط الدين والتاريخ والمصير المشترك، ورغبة صادقة في تحويل حلم الأجيال إلى واقع ملموس، وتشييد حصن منيع يعزز الهوية الخليجية، ويواكب تطلعات المستقبل. وعلى مدار أربعة وأربعين عاماً، وبفضل حكمة وتوجيهات أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس، تحول الحلم إلى مؤسسة شامخة، ضاربة جذورها في عمق التاريخ والجغرافيا، تستلهم من إرث الأخوة وقوة الروابط، لتصبح نموذجاً يُحتذى به للتكامل الإقليمي؛ مسيرة حافلة بالإنجازات، من السوق الخليجية المشتركة والاتحاد الجمركي، مروراً بالربط الكهربائي وتنسيق الاستراتيجيات الدفاعية والبترولية، وصولاً إلى تعزيز حرية تنقل المواطنين وتنمية التجارة البينية التي تجاوزت 131 مليار دولار في عام 2023، فيما ناهز حجم التجارة الخارجية 1.5 تريليون دولار، مما يعكس الدور المحوري لدول المجلس كقوة اقتصادية عالمية مؤثرة تمتلك نحو 4.4 تريليون دولار كأصول في صناديقها السيادية. واليوم، إذ يحتفي المجلس بعامه الرابع والأربعين، فإنه يقف كأنجح تجربة تكاملية في المنطقة، وركيزة أساسية للأمن والاستقرار، وصوت للحكمة والاتزان. وتأتي هذه الذكرى والمواطن الخليجي ينعم بثمار هذه المسيرة أمنا ورخاء، ويشعر بالفخر بانتمائه، بينما تتواصل الجهود نحو آفاق أرحب، مسترشدة بمقترح الانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، تأكيداً على حيوية المجلس وقدرته على التطور ومواكبة الطموحات. إن مسيرة مجلس التعاون، التي انطلقت من أبوظبي، هي قصة نجاح تُروى، وإلهام للأجيال القادمة، ودليل ساطع على أن الإرادة المشتركة والرؤية الثاقبة قادرتان على صنع مستقبل أكثر إشراقاً وازدهاراً لشعوب المنطقة والعالم. ورفع معالي جاسم محمد البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، في كلمة، خلال حفل أقامته الأمانة العامة لمجلس التعاون، بمقرها في مدينة الرياض، بهذه المناسبة، التهنئة إلى أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية «حفظهم الله». وأكد البديوي أنه رغم كل التحديات والمتغيرات الإقليمية والدولية، ظلت مسيرة مجلس التعاون مثالاً يُحتذى به في وحدة الصف، والتكامل الفاعل، والتعاون البنّاء، حتى غدت نموذجاً رائداً على المستويين الإقليمي والدولي، وعلى جميع الأصعدة ومختلف المجالات. وأضاف: لقد شهدت المسيرة المباركة لمجلس التعاون، بفضل الله، محطات مضيئة وإنجازات نوعية أسهمت في ترسيخ التكامل الخليجي في شتى المجالات، حتى غدت دول المجلس نموذجاً يُحتذى به في العمل الجماعي، وشريكاً يُعتمد عليه إقليمياً ودولياً.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store