
واشنطن تعلن دمج مكتب الشؤون الفلسطينية بالسفارة الأميركية في القدس
جامعة إسطنبول تحذف شهادة إمام أوغلو... وأوروبا تستبعد عودة المفاوضات مع تركيا
في خطوة انتظرتها تركيا طويلاً، دعا البرلمان الأوروبي دول الاتحاد الأوروبي إلى زيادة عدد تأشيرات «شنغن» للمواطنين الأتراك، متمسكاً في الوقت ذاته بعدم إمكانية العودة لمفاوضات انضمامها إلى التكتل بسبب سجل حقوق الإنسان والديمقراطية وسيادة القانون.
وبالتزامن، أعلنت المعارضة التركية أنها ستواصل تجمعاتها للاحتجاجات على اعتقال رئيس بلدية إسطنبول، المنافس الأبرز للرئيس رجب طيب إردوغان على الرئاسة، ولن تعبأ بأي تهديدات تتعرض لها. وأكّدت وثيقة أعدّها مقرر تركيا في البرلمان الأوروبي، ناتشو سانشيز أمور، بناء على التقرير السنوي للمفوضية الأوروبية بشأن تقدم أوروبا في مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد، أن هناك إصراراً سياسياً على تحسين فرص الحصول على التأشيرات للأتراك.
مناقشات حول «شنغن»
ويناقش البرلمان الأوروبي، في اجتماعه الذي انطلق في ستراسبورغ، الثلاثاء، ولمدة يومين، الوثيقة المكونة من 27 صفحة، ويُجري تصويتاً عليها. وتدعو الوثيقة كلا الجانبين (تركيا والاتحاد الأوروبي) إلى بذل جهود مكثفة لمعالجة العقبات الفنية والإدارية المتبقية. ويدعم البرلمان تدابير تسهيل الحصول على التأشيرة، وبشكل خاص الأنشطة التجارية وبرنامج التبادل الطلابي (إيراسموس).
مقرر تركيا بالبرلمان الأوروبي ناتشو يانشيز أمور (من حسابه في «إكس»)
وتحثّ الوثيقة الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي على زيادة الموارد المخصصة لهذه القضية، بينما تعرب عن أسف البرلمان لعدم اتخاذ تركيا أي خطوة لاستيفاء 6 معايير متبقية من أصل 72 معياراً للحصول على الإعفاء من التأشيرة لمواطنيها، بحسب ما تنصّ عليه اتفاقية الهجرة وإعادة قبول اللاجئين الموقعة بين أنقرة والاتحاد الأوروبي في مارس (آذار) 2016. وتتعلق هذه المعايير بتعديل قانون مكافحة الإرهاب، والتعاون في العمليات مع منظمة الشرطة الأوروبية (يوروبول)، وتنفيذ توصيات مجموعة الدول المناهضة للفساد، التابعة لمجلس أوروبا في مجال مكافحة الفساد، ومواءمة الأنظمة القانونية المتعلقة بالبيانات الشخصية مع المعايير الأوروبية، والتعاون مع جميع أعضاء الاتحاد الأوروبي بشأن القضايا المتعلقة بالجريمة، وتنفيذ اتفاقية إعادة القبول فيما يتعلق بالأشخاص الذين عبروا إلى دول الاتحاد الأوروبي بشكل غير نظامي عبر تركيا.
قلق من الاتحاد الأوروبي
ورفضت بعثة الاتحاد الأوروبي في تركيا، في بيان، أصدرته في 2 مايو (أيار) الحالي، ادعاءات بالتضييق على الأتراك، وأكّدت أن «قنصليات (شنغن) تعالج في الواقع عدداً قياسياً من طلبات التأشيرة، وهو ما يتجاوز بشكل كبير أرقام ما قبل وباء (كورونا)».
أوروبا وخاصة ألمانيا تشهد زيادة في أعداد طالبي اللجوء من الأتراك (وسائل إعلام تركية)
وبحسب آخر الإحصائيات التي نشرها الاتحاد الأوروبي العام الماضي، تم تقديم مليون و55 ألفاً و885 طلباً للحصول على تأشيرة «شنغن» من تركيا في عام 2023، وتم الردّ بشكل إيجابي على 876 ألفاً و646 طلباً، منها 612 ألفاً و841 طلباً لتأشيرات متعددة مرات الدخول، وهو ما يعني أنه تم رفض 16.1 في المائة من الطلبات. وتبدي دول الاتحاد الأوروبي قلقاً إزاء إساءة استخدام نظام «شنغن»، بسبب بعض البيانات، وهو ما ورد أيضاً في وثيقة مقرر تركيا بالبرلمان الأوروبي، حيث تقدم 103 آلاف مواطن تركي بطلبات لجوء بعد دخول دول الاتحاد الأوروبي بشكل قانوني بتأشيرة شنغن. ولا تعدّ قضية التأشيرة هي القضية الوحيدة التي تتم مناقشتها في البرلمان الأوروبي، لكن الوثيقة تتناول جميع التطورات في تركيا، في سياق عملية الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وبشكل خاص الانتقادات لسجل حقوق الإنسان والديمقراطية وسيادة القانون، وهي معايير مطلقة وغير قابلة للتفاوض.
وتشدد الوثيقة، كما جاء في تقرير المفوضية الأوروبية الصادر في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أنه لا يمكن العودة إلى المفاوضات مع تركيا في ظل الظروف الراهنة، وأنه لا توجد أي حجج لتجنب مناقشة المبادئ الديمقراطية التي تشكل جوهر عملية الانضمام. ومع ذلك، فمن المرغوب فيه مواصلة العمل لأجل شراكة أوثق وأكثر ديناميكية واستراتيجية.
المعارضة تواصل احتجاجاتها
في الوقت ذاته، أكّد زعيم المعارضة رئيس حزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزيل، أن حزبه لن يتراجع عن نضاله من أجل إطلاق سراح رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، والتوجه إلى انتخابات مبكرة.
أوزيل متحدثاً أمام نواب حزبه بالبرلمان الثلاثاء (حزب الشعب الجمهوري - إكس)
وقال أوزيل، الذي تعرض لاعتداء خلال مراسم لتشييع جنازة نائب حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد، في إسطنبول، الأحد الماضي، إن الردّ على هذا التهديد سيكون بعقد تجمع لطلاب الجامعات أمام جامعة إسطنبول في منطقة بايزيد، مساء الأربعاء، ثم في نهاية الأسبوع في ولاية «وان» شرق البلاد، وفي 19 مايو في إزمير (غرب). وكشف أوزيل، في كلمة أمام نواب حزبه بالبرلمان، الثلاثاء، عن أن الشخص الذي اعتدى عليه، ويدعى سلحوق تنجي أوغلو، سبق أن حضر إلى بلدية إسطنبول في يناير (كانون الثاني) الماضي، وتحدث إلى موظفي البلدية عن محاولة اغتيال لإمام أوغلو، وقال إن بعض المسجونين معه قبل الإفراج عنه عام 2020 وضعوا خطة الاغتيال، متسائلاً: «أين الرقابة التي تفرضها أجهزة الدولة على الاتصالات في السجون، بينما تراقب هواتف جميع السياسيين والصحافيين؟!». وقضت محكمة في إسطنبول، الثلاثاء، بتوقيف تنجي أوغلو، منفذ الاعتداء على أوزيل.
وفي الأثناء، أقام محامي إمام أوغلو دعوى قضائية للطعن على قرار جامعة إسطنبول، الصادر في 18 مارس (آذار) الماضي، بإلغاء شهادته الجامعية. وبالتزامن مع إقامة الدعوى، قامت جامعة إسطنبول بحذف بيانات شهادة إمام أوغلو التي حصل عليها قبل 31 عاماً، من قاعدة بياناتها. ورداً على سؤال لأوزيل أثناء خروجه من البرلمان، حول تعليقه على قيام جامعة إسطنبول بحذف شهادة إمام أوغلو من قاعدة البيانات، قال: «الردّ سيكون غداً في ميدان بايزيد».
استمرار الاحتجاجات على اعتقال إمام أوغلو للشهر الثاني (رويترز)
وأظهر استطلاعان للرأي، أجرتهما مؤسستا «متروبول» و«كوندا» التركيتين البارزتان، في أبريل (نيسان) الماضي، استمرار تقدم إمام أوغلو، المعتقل منذ 19 مارس، على إردوغان بهامش مريح في أي انتخابات يتنافسان فيها.
وأظهر استطلاع «متروبول» تأييد 46.7 في المائة لإمام أوغلو، مقابل 39.3 في المائة لإردوغان، وأن إمام أوغلو سيحسم الانتخابات في الجولة الثانية من التصويت، بفارق 7 نقاط عن إردوغان. وأوضح استطلاع «كوندا» زيادة التأييد لإمام أوغلو ، في أبريل الماضي إلى أكثر من 40 في المائة، متفوقاً بفارق كبير على إردوغان، نتيجة تراجع عدد الناخبين المترددين بشكل حادّ في أبريل، مقارنة بشهر مارس.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق السعودية
منذ 20 دقائق
- الشرق السعودية
ترمب يبلغ قادة أوروبا في "مكالمة خاصة" أن بوتين غير مستعد لإنهاء حرب أوكرانيا
أبلغ الرئيس الأميركي دونالد ترمب القادة الأوروبيين في "مكالمة خاصة" الاثنين، بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين غير مستعد لإنهاء الحرب في أوكرانيا، لأنه يعتقد أنه يحقق انتصارات، وذلك عقب مكالمته مع الرئيس الروسي، حسبما نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن ثلاثة أشخاص مطلعين على المناقشة. وذكرت الصحيفة الأميركية، أن هذا الإقرار "شكّل تأكيداً لما كان القادة الأوروبيون يعتقدونه منذ فترة طويلة بشأن بوتين"، لكنها كانت المرة الأولى التي يسمعونه فيها من ترمب، كما أنه يتناقض مع ما كان الرئيس الأميركي يقوله في العلن بشكل متكرر، وهو اعتقاده بأن "بوتين يريد السلام بصدق". ورفض البيت الأبيض التعليق على التقارير بشأن المحادثة، وأشار إلى منشور ترمب على مواقع التواصل الاجتماعي الاثنين، بشأن محادثته مع بوتين، إذ قال: "كانت نبرة وروح المحادثة ممتازتين. لو لم تكن كذلك لقلت ذلك الآن بدلاً من قوله لاحقاً". وقالت "وول ستريت جورنال"، إنه رغم أن ترمب بدأ يقتنع بأن بوتين غير مستعد للسلام، إلا أن ذلك لم يدفعه إلى القيام بما كان الأوروبيون والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يطالبون به وهو "تكثيف الضغط على روسيا". من العقوبات إلى المحادثات وأجرى ترمب مكالمة هاتفية سابقة مع القادة الأوروبيين الأحد، أي قبل يوم من محادثته التي استمرت ساعتين مع بوتين. وأشار حينها إلى أنه قد يفرض عقوبات إذا رفض بوتين وقف إطلاق النار، وفقاً لأشخاص مطلعين على المحادثة. لكن بحلول الاثنين، تغير موقفه مرة أخرى. فقد عبّر عن عدم استعداده لفرض العقوبات على موسكو. وبدلاً من ذلك، قال ترمب إنه يريد المضي قدماً بسرعة في محادثات على مستوى أدنى بين روسيا وأوكرانيا تُعقد في الفاتيكان. وشملت المكالمة كلاً من زيلينسكي، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني فريدريش ميرتس، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين. وشكلت هذه المكالمة "تتويجاً جزئياً" لجهود دبلوماسية أوروبية بدأت قبل نحو عشرة أيام، بهدف دفع ترمب للضغط على بوتين. ورغم أن الضغوط الأوروبية لم تنجح في نهاية المطاف في دفع ترمب إلى اتخاذ تلك الخطوة من خلال فرض عقوبات إضافية على موسكو، إلا أن الأوروبيين رأوا جانباً إيجابياً في النتائج، إذ ساعدت العملية في توضيح الموقف للجميع، بما في ذلك ترمب، وهو أن بوتين غير مستعد لوقف الحرب في هذه المرحلة. وبالنسبة للأوروبيين، فقد ساعد ذلك على التأكيد بأن مسؤولية دعم أوكرانيا تقع الآن إلى حد كبير على عاتقهم. وقال الأشخاص المطلعون إن الأوروبيين لا يعتقدون أن إدارة ترمب ستوقف صادرات الأسلحة الأميركية، طالما أن أوروبا أو أوكرانيا هي من تدفع ثمنها. وذكر ترمب للصحافيين الاثنين، بعد مكالمته مع بوتين أن "هذه ليست حربي. لقد تورطنا في أمر ما كان ينبغي لنا التورط فيه". اعتراض على مصطلح "غير مشروط" وأشار ترمب في مكالمة هاتفية مع القادة الأوروبيين الأحد، ومن بينهم ماكرون، وميرتس، وميلوني، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، إلى أنه سيرسل وزير الخارجية ماركو روبيو والمبعوث الخاص كيث كيلوج إلى المحادثات المتوقع إجراؤها في الفاتيكان، ولكن الكرملين قال الأربعاء، إن مكان المحادثات لم يتحدد بعد، كما أنه لم يحدد موعداً لها. وذكرت "وول ستريت جورنال" نقلاً عن أشخاص مطلعين أن ترمب بدا الاثنين، غير ملتزم بدور أميركي في هذه المحادثات. وأصر بعض الأوروبيين المشاركين في مكالمة الاثنين، على أن نتيجة أي محادثات في الفاتيكان يجب أن تكون وقف إطلاق نار "غير مشروط". لكن ترمب اعترض مجدداً، قائلاً إنه لا يحب مصطلح "غير مشروط". وقال ترمب للقادة الأوروبيين إنه لم يستخدم هذا المصطلح قط، على الرغم من أنه استخدمه عندما دعا إلى وقف إطلاق النار لمدة 30 يوماً في منشور على منصته "تروث سوشيال" في 8 مايو الجاري. وفي النهاية وافق الأوروبيون على إسقاط المصطلح. في العاشر من مايو، قام ميرتس وماكرون وستارمر ورئيس الوزراء البولندي دونالد توسك بزيارة مفاجئة إلى زيلينسكي في كييف. وذكرت "وول ستريت جورنال" أن القادة الأوروبيين حثوا زيلينسكي خلال زياتهم إلى كييف على الموافقة على ما يريده ترمب، ثم استخدموا هاتف ماكرون للاتصال بترمب من مقر إقامته الرسمي، وأبلغوه أن أوروبا وأوكرانيا تدعمان دعوته لوقف إطلاق النار لمدة 30 يوماً. كما هدّد الأوروبيون علناً بفرض عقوبات جديدة على بوتين إذا لم يقبل وقف إطلاق النار. واستجاب بوتين للضغوط المتزايدة من أوروبا وواشنطن باقتراحه عقد أول مفاوضات مباشرة مع أوكرانيا منذ ثلاث سنوات. وانتهز ترمب العرض، وألمح في إحدى المرات إلى إمكانية زيارته تركيا للانضمام إلى المحادثات. وعُقد اجتماع في إسطنبول خلال أيام، لكن بوتين لم يحضر، وأرسل ممثلين من مستوى أدنى كرروا مطالب تعتبرها أوكرانيا "غير مقبولة". وبعد غياب بوتين عن إسطنبول، ضغط الأوروبيون مجدداً على ترمب للنظر في ممارسة المزيد من الضغط على الزعيم الروسي. وأعلن ترمب أنه رتب لاتصال هاتفي مع بوتين، قائلاً إن آفاق السلام لا يمكن أن تتقدم إلا إذا تحدث الزعيمان الأميركي والروسي. مدح المستشار الألماني وعندما تحدث ترمب الأحد مع القادة الأوروبيين، قبل مكالمة بوتين، أشار إلى أن الولايات المتحدة قد تنضم إلى أوروبا في فرض عقوبات على صادرات الطاقة الروسية والمعاملات المصرفية. وصرح السيناتور ليندسي جراهام (جمهوري، ساوث كارولاينا)، الحليف المقرب لترمب، الأربعاء بأنه حصل على تأييدات لدعم مشروع قانون من شأنه أن يشدد بشكل كبير عقوبات الطاقة وغيرها على موسكو. وذكرت "وول ستريت جورنال" أن مكالمة الأحد، تميزت بأسلوب ترمب العفوي المميز، إذ مزج بين المديح والنقد للقادة الأوروبيين. وأشاد ترمب بفصاحة ميرتس في اللغة الإنجليزية. وقال، وفقاً لشخص كان حاضراً خلال المكالمة: "أحب لهجتك الألمانية أكثر". وفي نقطة أخرى، انحرف ترمب إلى هجوم لاذع على سياسات الهجرة الأوروبية. وقال ترمب إن الهجرة الخارجة عن السيطرة تدفع بلدانهم إلى "حافة الانهيار". فيما طلب ماكرون منه التوقف. وقال الرئيس الفرنسي، وفقاً للشخص الذي شارك في المكالمة: "لا يمكنك إهانة دولنا يا دونالد".


الشرق السعودية
منذ 7 ساعات
- الشرق السعودية
غزة تُحرك أوروبا.. تصعيد دبلوماسي ضد إسرائيل وتلويح بمراجعة الشراكة
تشهد المواقف الأوروبية تحوّلاً لافتاً تجاه إسرائيل بسبب الحرب على غزة، إذ تجاوز التعاطف الشعبي حدود الشارع ليبلغ دوائر القرار الرسمية والحكومية، والتي أصدرت مواقف وتصريحات غير مسبوقة تهدد باتخاذ "إجراءات ملموسة" ضد تل أبيب في حال استمرار العمليات العسكرية وتجاهل القانون الدولي. وأعلنت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس، الثلاثاء، مراجعة اتفاقية الشراكة بين التكتل وإسرائيل، في ضوء تصاعد الانتهاكات في غزة، ووصفت الوضع الإنساني هناك بأنه "كارثي". وقال وزير الخارجية الدنماركي لارس لوك راسموسن في تصريح خاص لـ"الشرق"، إن 22 دولة أوروبية، بينها بلاده، تستعد لاتخاذ خطوات عقابية ضد الحكومة الإسرائيلية، مؤكداً عزم هذه الدول توجيه رسائل سياسية "قوية وواضحة" إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وبدأت بريطانيا بالفعل اتخاذ خطوات تصعيدية غير مسبوقة، شملت تعليق المفاوضات التجارية مع إسرائيل، وفرض عقوبات على مستوطنين في الضفة الغربية. كما استدعت لندن السفيرة الإسرائيلية تسيبي حوتوفيلي احتجاجاً على استمرار العمليات العسكرية في غزة، وأعمال العنف في الضفة الغربية المحتلة. والأربعاء، عبّرت دول أوروبية عدة عن استنكارها لإطلاق قوات إسرائيلية النار تجاه وفد ضم دبلوماسيين أوروبيين وعرب، خلال جولة ميدانية في جنين بالضفة الغربية المحتلة، وأعلنت قرارها استدعاء سفراء إسرائيل للاحتجاج. معاقبة المستوطنين وأكدت كالاس أن الاتحاد الأوروبي أعدّ عقوبات ضد مستوطنين إسرائيليين متورطين في أعمال عنف، لكن تمريرها ما زال معطلاً بسبب معارضة "دولة عضو واحدة". وكشف مصدر أوروبي لـ"الشرق" أن هذه الدولة هي التشيك. وفي مؤتمر صحافي عقدته في بروكسل، الأربعاء، وحضرته "الشرق"، أعلنت كالاس أن اتفاقية التجارة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل تخضع حالياً للمراجعة، ووصفت الوضع في قطاع غزة بـ"الكارثي". وأضافت أن "أغلبية قوية" من وزراء خارجية الاتحاد أبدوا دعمهم لإعادة النظر في اتفاقية الشراكة مع إسرائيل، في ظل استمرار التصعيد العسكري في غزة. وفي السياق ذاته، رحّب وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، خلال مداخلة في البرلمان، بدعم الاتحاد الأوروبي لهذه الخطوة، مشيراً إلى أن 17 من أصل 27 دولة عضواً أيدت المراجعة. وكان رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا بايرو، أكد أن باريس بدأت فعلياً إجراءات للاعتراف بدولة فلسطين، بالتنسيق مع بريطانيا وكندا، في خطوة تتماشى مع إعلان إسبانيا وإيرلندا والنرويج، الاعتراف الرسمي في مايو 2024، رغم الغضب الإسرائيلي. "كارثة إنسانية في غزة" ووصف وزير الخارجية الدنماركي، لارس لوكه راسموسن، في تصريحات لـ"الشرق" من بروكسل، ما يجري في غزة بأنه "كارثة إنسانية"، واتهم إسرائيل بعدم احترام التزاماتها الدولية وتجاهلها للقانون الدولي. وأضاف راسموسن أن على الاتحاد الأوروبي "التحرك بوضوح" في حال واصلت حكومة نتنياهو تجاهل المطالب الأوروبية، بوقف العمليات العسكرية واحترام القانون الدولي. وتابع راسموسن: "علينا أن نكون مباشرين وألا نتراجع عن اتخاذ الإجراءات الضرورية، بما في ذلك إعادة النظر في اتفاقية الشراكة، إذا لم تستجب إسرائيل للمطالب المحددة التي قدمتها 22 دولة". وأشار إلى أن هذه الدول تدرس اتخاذ خطوات عقابية، وتوجيه رسائل قوية إلى نتنياهو، في ظل استمرار التصعيد الإسرائيلي في غزة وتجاهل النداءات الدولية. من جهته، عبّر رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا، السبت الماضي، عن صدمته من تدهور الوضع الإنساني في غزة، وكتب عبر منصة "إكس": "مدنيون يتضورون جوعاً، والمستشفيات تقصف مجدداً، يجب أن يتوقف هذا العنف". ووصف كوستا ما يحدث في غزة بأنه "مأساة إنسانية"، مشدداً على أن "شعباً بأكمله يتعرض لقوة عسكرية ساحقة وغير متناسبة، في انتهاك منهجي للقانون الدولي"، داعياً إلى "وقف إطلاق نار دائم، والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المحتجزين، باعتبارهما أولويتين ملحتين". استقبال رسمي للسفيرة الفلسطينية وفي سابقة تُعد تحولاً لافتاً في الموقف الأوروبي تجاه التمثيل الفلسطيني، استقبل رئيس المجلس الأوروبي، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، السفيرة الفلسطينية أمل جادو شكعة خلال تقديم أوراق اعتمادها، لتصبح أول سفير فلسطيني يُستقبل بهذا المستوى الرفيع داخل مؤسسات الاتحاد الأوروبي. وتُعد هذه المرة الأولى التي تُقدَّم فيها أوراق اعتماد سفير فلسطيني إلى قيادات الصف الأول في الاتحاد، بعدما كان ذلك يقتصر سابقاً على مسؤولين من درجات أدنى. وحضر مراسم الاعتماد عدد من كبار مسؤولي المجلس الأوروبي والمفوضية، ما أضفى طابعاً رسمياً ورسالة سياسية واضحة، تعكس تطوراً في موقف الاتحاد من القضية الفلسطينية، خاصة في ظل تصاعد التوترات في المنطقة. شكّل الاستقبال الرسمي للسفيرة الفلسطينية لدى الاتحاد الأوروبي، حدثاً بارزاً يحمل دلالات سياسية عميقة، في ظل تنامي الاهتمام الأوروبي بالأوضاع في الأراضي الفلسطينية. وينظر إلى هذه الخطوة كإشارة واضحة إلى تحوّل محتمل في مقاربة الاتحاد الأوروبي والدول الغربية تجاه القضية الفلسطينية، خاصة مع تصاعد الانتهاكات الإسرائيلية في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة. ويرى مراقبون أن اعتماد هذا التمثيل الرفيع يعكس تغيراً في المزاج السياسي داخل أوروبا، ويمثل تعبيراً عن توجّه جديد في التعامل مع الواقع الفلسطيني المتأزم. اعتراف ضمني بالتمثيل الفلسطيني قالت السفيرة الفلسطينية لدى الاتحاد الأوروبي أمل جادو شكعة، في تصريح لـ"الشرق"، إن الاستقبال الرسمي الذي حظيت به يُعد "اعترافاً ضمنياً بالتمثيل الرسمي الفلسطيني لدى الاتحاد، في انتظار الاعتراف الكامل، في حال قررت الدول الأعضاء الاعتراف بدولة فلسطين". وأشارت إلى أن تقديم أوراق اعتمادها الموقّعة من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، تزامن مع مناقشة وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي "ضرورة إجراء مراجعة لمدى التزام دولة الاحتلال بالمادة الثانية في اتفاقية الشراكة بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي، وهي المتعلقة بالتزام إسرائيل بحقوق الإنسان". واعتبرت شكعة الخطوة "إيجابية"، تعكس توجهاً أوروبياً لاتخاذ "موقف واضح من حرب الإبادة الجماعية، والتجويع والحصار في غزة، إلى جانب الاستيطان، وإرهاب المستوطنين في الضفة الغربية". كما شددت على أن هذه الخطوة تحمل "أهمية رمزية كبيرة"، لافتة إلى أن "الشارع الأوروبي يعيش حالة احتقان وتعاطف واسع مع الشعب الفلسطيني". وأشارت إلى التظاهرات الحاشدة التي شهدتها عواصم أوروبية، مثل لندن وبروكسل ولاهاي وباريس، دعماً للفلسطينيين. وترى شكعة، أن التحركات الشعبية في أوروبا شكّلت ضغطاً على الحكومات، مشيرة إلى أن الدبلوماسية الفلسطينية كثّفت خلال الأشهر الماضية جهودها في التواصل وتقديم المعلومات حول ما يجري في الأراضي الفلسطينية، إلى جانب تبادل الأفكار حول آليات التحرك. وقال مصدر أوروبي رفيع لـ"الشرق"، إن رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا أصرّ على اعتماد شكعة كممثلة رسمية للفلسطينيين في بروكسل "على غرار باقي الدول، رغم الاعتراضات التي قدمتها بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على هذا الإجراء". وأشار المصدر إلى أن كوستا أجرى "حوارات معمقة ومهمة" مع تلك الدول لإقناعها بأهمية الخطوة، مشيراً إلى أنها تعبّر عن التزام بمبدأ المساواة في التمثيل الدبلوماسي داخل مؤسسات الاتحاد. يُذكر أن كوستا، رئيس الوزراء البرتغالي الأسبق، يتزعم الحزب الاشتراكي المعروف بمواقفه المؤيدة لحقوق الإنسان والعدالة الدولية. عواقب الضغوط الأوروبية على إسرائيل تواجه إسرائيل ضغوطاً غربية غير مسبوقة، في ظل تلويح الاتحاد الأوروبي بإلغاء اتفاقية الشراكة الموقعة معها، وهي خطوة من شأنها أن تتسبب بتداعيات اقتصادية وتجارية سلبية على تل أبيب. ووفق تقديرات اقتصادية، فإن إلغاء الاتفاق قد يترتب عليه فرض رسوم جمركية على صادرات إسرائيلية حيوية إلى السوق الأوروبية، تشمل قطاعات التكنولوجيا المتقدمة والمعدات الطبية والمنتجات الزراعية، مما سيؤثر سلباً على القدرة التنافسية للصادرات الإسرائيلية، ويؤدي إلى تراجع ملحوظ في حجم التصدير. ولا تقتصر التداعيات على الجانب التجاري فقط، إذ يُتوقع أن تطال أيضاً اتفاقية "السماء المفتوحة" التي كانت وراء انتعاش كبير في حركة الطيران بين إسرائيل ودول الاتحاد، من خلال خفض أسعار التذاكر وتعزيز الرحلات الجوية. وتشير التوقعات إلى أن إلغاء الاتفاق قد يؤدي إلى تقليص عدد الرحلات وارتفاع أسعار التذاكر، ما يهدد بتراجع السياحة. كما قد يتأثر قطاع البحث العلمي، حيث تُعد إسرائيل من المستفيدين الكبار من برامج البحث الأوروبية. ووفق بيانات رسمية، تلقت جهات إسرائيلية تمويلاً يزيد على 1.1 مليار يورو من برنامج "هورايزن" الأوروبي بين عامي 2021 و2024. وفي ظل هذه التهديدات، تجد إسرائيل نفسها أمام منعطف حرج، وسط تزايد العزلة في الساحة الأوروبية بسبب التصعيد العسكري وتعثر المساعي الدبلوماسية لاحتواء الأزمة.


عكاظ
منذ 8 ساعات
- عكاظ
تغيّر المزاج الأوروبي ضد إسرائيل
تابعوا عكاظ على على خلفية حرب الإبادة في غزة، يبدو أن الأيام القادمة ستشهد مزيداً من التوتر في العلاقات بين إسرائيل ودول الاتحاد الأوروبي. فقد تجاوزت أوروبا بيانات الشجب والإدانة، إلى التهديد بـ«إجراءات ملموسة» قد تشمل مراجعة اتفاقات الشراكة مع إسرائيل، ما يفتح الباب مستقبلاً أمام إمكانية فرض عقوبات سياسية أو اقتصادية في حال استمرار ما وصفوه بـ«الأفعال الفاضحة» في غزة. ما يحدث شكّل، في تقدير خبراء ومراقبين، نقطة تحوّل فارقة في علاقات الطرفين، ستكون لها تداعيات على مستقبل التعاون بينهما، وهو ما شرعت فيه بعض الدول بالفعل مثل بريطانيا التي سارعت إلى تعليق محادثات التجارة، وفرض عقوبات على مستوطنين، واستدعاء دبلوماسي، فيما أعلنت فرنسا ودول أخرى، أنها ستعترف بالدولة الفلسطينية. ولا شك أن هذه الإجراءات وغيرها، خصوصاً موافقة عدد كبير من الدول الأوروبية على تعليق اتفاقية الشراكة مع تل أبيب، يشي بوجود تغيّر في المزاج الأوروبي ضد إسرائيل، وهو ما سيقود في القريب العاجل إلى مزيد من توتر العلاقات بين تل أبيب وأوروبا، خصوصاً بعد إدانة ثلاثة من أقوى شركائها الإستراتيجيين، وتهديدهم بعقوبات محتملة، ما يعكس عمق الاستياء الأوروبي. ومن ثم، فإن الخطوات القادمة قد تصل إلى فرض قيود على تصدير السلاح، ومراجعة الامتيازات الجمركية، وربما تعليق برامج التعاون الأمنية، إذا لم تطرأ تغييرات سريعة باتجاه وقف حرب التقتيل في غزة. أخبار ذات صلة /*.article-main .article-entry > figure img {object-fit: cover !important;}*/ .articleImage .ratio{ padding-bottom:0 !important;height:auto;} .articleImage .ratio div{ position:relative;} .articleImage .ratio div img{ position:relative !important;width:100%;} .articleImage .ratio img{background-color: transparent !important;}