
حرب ترامب
"إيران لا يمكن أن تنتصر في هذه الحرب"، بهذه العبارة لخّص الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، موقف بلاده من الحرب الدائرة بين إسرائيل وإيران منذ نحو أسبوع. فرغم أن الولايات المتحدة لم تدخل رسمياً في هذه الحرب، وهو أمر بات قريباً جداً، إلا أن كل التصريحات التي يدلي بها الرئيس الأميركي تؤكّد أن هذه حربه نفسه قبل أن تكون حرب إسرائيل، وأن دولة الاحتلال ليست إلا ذراعاً لتنفيذ ما يريده، أو على الأقل هذا ما يريد الإيحاء به.
زاود ترامب على المسؤولين الإسرائيليين في التصريحات الخاصة بالحرب على إيران، ورفع سقف الأهداف الموضوعة لهذه المواجهة، التي قد لا تكون في بال إسرائيل. على سبيل المثال، لم يرد الحديث عن الاستسلام بشكل كامل وغير مشروط على لسان أي من المسؤولين في دولة الاحتلال، لكنه جاء على لسان ترامب في أكثر من مناسبة. والاستسلام هنا يعني تخلي إيران بشكل كامل عن برنامجيها النووي والصاروخي، أي تفكيك كل عناصر القوة التي تمتلكها، بعد إضعاف أذرعها العسكرية في كل من لبنان والعراق واليمن.
من غير الوارد أن توافق طهران على هذه الشروط، فـ"كأس السم" التي تجرّعها المرشد الإيراني آية الله الخميني في ثمانينيات القرن الماضي لوقف الحرب مع العراق لم تكن قاتلة، بل أعطت طهران فرصة لإعادة بناء قواها وتصدير ثورتها إلى أكثر من مكان في العالم العربي. الأمر اليوم مختلف بالكامل، فالانصياع للشروط الأميركية، وفي ظل التغييرات الاستراتيجية الحاصلة في المنطقة خلال العامين الماضيين، يعني إنهاء المبرّر الوجودي للجمهورية الإسلامية الإيرانية، خصوصاً أن قبول الإملاءات الأميركية سيكون مترافقاً مع وصاية أميركية ودولية كاملة على السياسة الداخلية الإيرانية.
ليس ترامب مجرّد داعم للحرب الإسرائيلية على إيران، بل منخرط بشكل كامل في التخطيط والتمويل والدعم اللوجستي، وهو ما يعترف به بنفسه، فالولايات المتحدة، وإن لم تدخل في الحرب بشكل مباشر بعد، إلا أنها متورّطة فيها بشكل غير مباشر حتى النخاع، فالرجل لا يتوقف عن التبجح بالإنجازات الإسرائيلية وينسبها للولايات المتحدة، فهو من خرج ليعلن السيطرة الكاملة على الأجواء الإيرانية، رغم أن القوات الأميركية غير منخرطة في هذه السيطرة، في حال صحّت. كذلك هو من خرج ليعلن أنه يعرف مكان المرشد الإيراني، علي خامنئي، لكنه لم يقرّر اغتياله بعد، وهو ما لم يعلنه أي من المسؤولين الإسرائيليين.
القرار اليوم لدى ترامب، وهذا ما أعلنه بصراحة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تعليقه على جدّية التدخل الأميركي في الحرب الإسرائيلية، خصوصاً بعد الضربة الصاروخية الموجعة التي وجهتها طهران إلى تل أبيب في الساعات الماضية.
وقد لا يكون قرار الدخول الأميركي المباشر في الحرب بعيداً، خصوصاً إذا ما نظرنا إلى ولع ترامب بالمهرجانات الإعلامية. هذا الولع، الآتي من مشاركة الرئيس الأميركي في كثير من عروض المصارعة الحرّة هو ما يدفع ترامب إلى الخروج بهذه التصريحات التي تتبنّى إنجازاتٍ لا دور مباشراً للولايات المتحدة فيها.
يرى ترامب أن هذه الحرب هي حربه، هو من بدأها في ولايته الأولى التي سلط فيها كل أنواع العقوبات على الجمهورية الإسلامية، والتي كادت تؤدّي إلى انهيار النظام. وهو اليوم لا يمكن أن يترك لإسرائيل قطف ثمار ما بدأه، سواء بإعلان إيران الاستسلام أو سقوط النظام. فحتى ولو كانت الولايات المتحدة داعمة إسرائيل في حربها، لوجستياً واستخبارياً، إلا أن ذلك لن يعطي لترامب الفضل الذي يريده في تحقيق هدف احتواء إيران. وهو فضلٌ لا يمكن أن يتحقق إلا بدور أميركي مباشر، بات قريباً جداً.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 29 دقائق
- العربي الجديد
النفط يواصل حصد المكاسب... الذهب صاعد والأسهم هابطة
واصل النفط حصد المكاسب اليوم الخميس، منهياً التعاملات على صعود نسبته 2.8%، كذلك صعدت أونصة الذهب ، فيما هبطت مؤشرات الأسهم. وفي التفاصيل، صعد سعر برميل العقود الآجلة لخام برنت 2.15 دولار أو 2.8% إلى 78.85 دولاراً عند التسوية الخميس، مع ترقب المتعاملين لقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن انخراط بلاده مباشرة في الحرب الدائرة بين إسرائيل وإيران. وقبل التسوية، ارتفع سعر خام غرب تكساس الوسيط، وهو الخام القياسي للنفط الأميركي ، بنحو 3% إلى 77 دولاراً اليوم الخميس، ليواصل الارتفاع لليوم الثاني على التوالي. وارتفعت الأسعار بدرجة ملحوظة مقارنة بمستواها قبل نشوب الحرب يوم الجمعة الماضي، مع استمرار تذبذبها، بسحب أسوشييتد برس. ونقلت رويترز عن المحلل في شركة تي.دي سيكيورتيز، دانييل غالي، قوله إن "السوق حقًا على حافة الهاوية في نهاية هذا الأسبوع، وينصب التركيز على ما إذا كانت الولايات المتحدة ستشارك في الحرب، وما هو شكل هذه المشاركة وما هي عواقبها". وحذر الرئيس التنفيذي لشركة النفط الأنغلوهولندية العملاقة شل، ويل سوان، اليوم، من "تأثير هائل" في سوق النفط العالمية إذا أدى الصراع إلى غلق مضيق هرمز الواقع بين إيران وسلطنة عمان الذي يمر من خلاله حوالى خمس إمدادات النفط في العالم. وقال سوان خلال مشاركته في قمة ومعرض الطاقة بالعاصمة اليابانية طوكيو إن شركته تمتلك خطط طوارئ للتعامل مع أي تطورات. اقتصاد دولي التحديثات الحية الحرب مع إيران تكلف الاقتصاد الإسرائيلي 28 مليار دولار وحتى الآن لا توجد أي مؤشرات على رغبة إيران في عرقلة الملاحة في المضيق. ويرى المحللون والتجار في سوق النفط حالياً أنه وُضع حوالى 8 دولارات كمعامل مخاطر على أسعار النفط الخام في الأسواق، ويستعدون لارتفاع هذا الرقم إذا هاجمت الولايات المتحدة إيران. وفي سوق الأسهم، انخفضت المؤشرات الأوروبية إلى أدنى مستوياتها في أكثر من شهر اليوم الخميس، وتراجع المؤشر ستوكس 600 الأوروبي لليوم الثالث على التوالي بانخفاضه 0.8% إلى أدنى مستوى منذ التاسع من مايو/أيار. وكانت التعاملات ضعيفة خلال الجلسة مع إغلاق الأسواق الأميركية بمناسبة عطلة رسمية. وتأمل الأسواق إجراء محادثات بين الولايات المتحدة وإيران، وتتطلع إلى المحادثات بين الاتحاد الأوروبي وطهران غداً الجمعة أملاً في تهدئة محتملة للتوتر. وتركز معظم التوتر بالأسواق في الآونة الأخيرة على صدمات إمدادات الخام التي أثارها التوتر في الشرق الأوسط الغني بالنفط. وإلى جانب قطاع الطاقة حقق قطاعا الرعاية الصحية والمرافق مكاسب بنهاية الجلسة، بينما تراجعت جميع القطاعات الأخرى. وعلى النقيض من ذلك، تكبد قطاع السفر والترفيه الخسائر الأكبر، وأغلق على انخفاض يعادل 2.3% متأثراً بارتفاع أسعار النفط. وفي هذا السياق، قالت رئيسة قسم تخصيص الأصول لدى (كوتس) ليليان تشوفين: "عندما تكون أسعار الطاقة هي العامل الرئيسي، نشهد بعض العزوف عن المخاطرة، وهذا ما نراه في الأسهم الأوروبية، وهو ما يفسر الأداء الضعيف"، في إشارة إلى التوتر في الشرق الأوسط. وأبقى بنك إنكلترا أسعار الفائدة ثابتة كما كان متوقعاً، لكنه أشار إلى مخاطر ضعف سوق العمل وارتفاع أسعار الطاقة. وانخفض المؤشر فايننشال تايمز 100 البريطاني، الذي يضم شركات طاقة عملاقة مثل بي.بي وشل، بما يعادل 0.6%. طاقة التحديثات الحية صدمة كبرى محتملة في سوق النفط بسبب الحرب.. كم سيبلغ سعر البرميل؟ وفي سوق المعادن الثمينة، ارتفعت أسعار الذهب اليوم الخميس، وسجل البلاتين أعلى مستوى في أكثر من 10 سنوات وسط توقعات بنقص الإمدادات. وبحلول الساعة 05:26 بتوقيت غرينتش، ارتفع سعر أونصة الذهب في المعاملات الفورية 0.1% إلى 3371.15 دولاراً، فيما انخفضت العقود الأميركية الآجلة 0.6% إلى 3388.6 دولاراً. وفي هذا الصدد، نقلت رويترز عن كبير محللي السوق في كيه.سي.إم ترايد، تيم ووترر، قوله إن "الذهب حقق انتعاشاً متواضعاً مع ترقبنا للخطوات التالية في الصراع الإسرائيلي الإيراني. إذا قررت الولايات المتحدة التدخل مباشرةً في الصراع، فقد يزيد ذلك من المخاطر الجيوسياسية". وغالباً ما يُستخدم الذهب ملاذاً آمناً لحفظ القيمة في أوقات الضبابية الجيوسياسية والمالية. وظل التوتر الجيوسياسي متصاعداً مع إحجام الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس الأربعاء، عن تأكيد ما إذا كانت الولايات المتحدة ستنضم إلى إسرائيل في قصف المواقع النووية والصاروخية الإيرانية الذي دفع سكان طهران إلى النزوح من العاصمة. وأبقى مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) أسعار الفائدة الأميركية دون تغيير أمس. ويتوقع صناع السياسة النقدية خفض أسعار الفائدة بنصف نقطة مئوية هذا العام، لكنهم أبطأوا وتيرة الخفض مستقبلاً. ومع ذلك، حذر رئيس مجلس الاحتياطي جيروم باول من التعويل بقوة على هذه التوقعات، مشيراً إلى التضخم "الكبير" المتوقع مع اقتراب فرض رسوم جمركية أعلى على الواردات. وبالنسبة إلى بقية المعادن الثمينة، ارتفع البلاتين 1% إلى 1336.08 دولاراً. وفي وقت سابق من الجلسة، سجل 1348.72 دولاراً، وهو أعلى مستوى له منذ سبتمبر/أيلول 2014. وزاد البلاديوم 1.1% إلى 1059.96 دولاراً، واستقرت الفضة عند 36.72 دولاراً.


العربي الجديد
منذ 31 دقائق
- العربي الجديد
الهجوم الإسرائيلي على إيران... كيف واجهته دول الخليج؟
بعد سنوات من العمل على احتواء التوترات مع إيران، وجدت دول الخليج نفسها فجأة أمام واقع جديد تتّسم فيه التطورات بالسرعة والخطورة. بعض العواصم الخليجية كانت تراهن على مسارات تهدئة مع طهران، تضمّنت عروضاً بالاستثمار في الاقتصاد الإيراني بهدف تشجيع الأخيرة على الدخول في تسوية نووية. إلّا أن هذه الرهانات اصطدمت بتطورات ميدانية متسارعة، دفعت دول الخليج لمواجهة تداعيات محتملة لصراع طويل، قد يستهدف منشآتها الحيوية ويقوّض طموحاتها التنموية، خاصّة في ظل شراكاتها العسكرية الوثيقة مع الولايات المتحدة، التي قد تجعلها عرضة لتبعات غير مباشرة. وفي توقيت حساس، جاء اللقاء الذي جمع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بنظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان في النرويج، ليعكس رغبة في تخفيف حدّة التوتر، لكن بعد مرور 48 ساعة فقط على اللقاء، نفّذت إسرائيل ضربات داخل الأراضي الإيرانية، ما أدى إلى انهيار المفاوضات مع واشنطن، ووضع المنطقة على حافة صراع واسع يُنذر بتقويض الاستقرار الإقليمي. حسابات خاطئة وتقديرات مبالغ فيها جاء الهجوم الإسرائيلي أثناء استمرار المحادثات بين طهران وواشنطن، وهو ما شكل مفاجأة للدول العربية التي كانت تُعوّل على استمرار المسار الدبلوماسي. ووفقاً لمطّلعين، فإنّ بعض هذه الدول ربما بالغت في رهانها على قدرة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الصورة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ولد دونالد ترامب في 14 حزيران/ يونيو 1946 في مدينة نيويورك، لأبوين من أصول ألمانية واسكتلندية، تلقى تعليمه الأولي في مدرسة كيو فورست بمنطقة كوينز في مدينة نيويورك. التحق بالأكاديمية العسكرية في المدينة نفسها، وحصل عام 1964 على درجة الشرف منها، ثم انضم إلى جامعة فوردهام بنيويورك لمدة عامين، ثم التحق بجامعة بنسلفانيا، وحصل على بكالوريوس الاقتصاد 1968 على ضبط اندفاع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. ومع اقتراب الولايات المتحدة من اتخاذ خطوات عسكرية ضد إيران، تعيد دول الخليج تقييم سيناريو سقوط النظام الإيراني، في مشهد يذكّرها بالفوضى التي اجتاحت المنطقة عقب انهيار أنظمة في العراق وسورية وليبيا بعد العام 2011، وفقاً لوكالة "بلومبيرغ". وبحسب تقديرات عدد من الخبراء في الشأن الأميركي-الإيراني، فإنّ ما يحدث اليوم يعيد إلى السطح المخاوف القديمة التي لطالما حاولت دول الخليج تفاديها. فهذه الدول تقع جغرافياً على خط المواجهة، ما يجعلها مهدّدة على نحوٍ مباشر أو غير مباشر بتداعيات اقتصادية وأمنية واسعة. وفقاً لما ذكرته "بلومبيرغ" عن مساعدة وزير الخارجية الأميركي السابقة لشؤون الشرق الأدنى في إدارة جو بايدن، والمستشارة السياسية الدولية لدى شركة الاستشارات القانونية "آرنولد آند بورتر"، باربرا ليف، فإن هذا ما كانت دول الخليج تخشى حدوثه وتسعى لتجنّبه على مدى إدارات متعاقبة، إذ إنها على خط المواجهة وقد تُستهدف مباشرة أو تتعرض لأضرار جانبية اقتصادية. اقتصاد عربي التحديثات الحية الحرب المتصاعدة تهدد التجارة الخليجية الإيرانية جهود دبلوماسية مكثفة... وتعقيدات أميركية على الرغم من أنّ الارتفاع الأخير في أسعار النفط ، بنسبة تقارب 10% ليصل إلى نحو 77 دولاراً للبرميل، قد يحقق فائدة مالية مرحلية لاقتصادات الخليج، إلّا أن هذه المكاسب جاءت وسط غموض سياسي متصاعد، فالرئيس الأميركي دونالد ترامب لم يقدّم موقفاً حاسماً بشأن نية بلاده مهاجمة إيران، مكتفياً بتصريحات ملتبسة قال فيها: "قد أفعل ذلك، وقد لا أفعل، لا أحد يعرف ما سأقوم به". وفي مواجهة هذا التصعيد، تحركت العواصم الخليجية الكبرى، خصوصاً الرياض وأبوظبي والدوحة، في محاولة لاحتواء الأزمة، مستفيدة من ثقلها الاقتصادي ونفوذها السياسي وعلاقاتها المتشابكة مع كل من واشنطن وطهران. وتجلّت هذه التحركات في سلسلة من الاتصالات والمشاورات الدبلوماسية، بعضها جرى عبر اللقاءات المباشرة وأخرى من خلال قنوات خلفية، وأفاد إسفنديار باتمانغليدج، مدير مؤسّسة بحثية مقرها لندن لوكالة "بلومبيرغ" أنه يرى وقف التصعيد سيمكّن دول الخليج من لعب دور أكبر وأكثر تأثيراً في المستقبل، سواء في حفظ ماء وجه طهران أو في صياغة التوازنات الإقليمية الجديدة. لكن رغم ذلك، يبقى الموقف الأميركي، وبخاصة شروط الرئيس ترامب، عائقاً أساسياً أمام الحلول؛ فالبيت الأبيض يربط أي تسوية بضرورة تفكيك البرنامج النووي الإيراني بالكامل، وهو ما لم تُبدِ طهران استعداداً للقبول به حتى الآن، رغم إشاراتها إلى رغبتها في العودة إلى المفاوضات إذا توقفت الهجمات الإسرائيلية. وتُعقد اليوم الجمعة في جنيف لقاءات بين وزراء خارجية بريطانيا وفرنسا وألمانيا ونظيرهم الإيراني، في محاولة أوروبية جديدة لاحتواء الأزمة. مضيق هرمز... نقطة الخطر الدائمة تشكل منطقة الخليج العربي بُعداً استراتيجياً بالغ الأهمية في الأمن العالمي، ليس بسبب مواردها النفطية فحسب، بل أيضاً لموقعها الجغرافي الحساس. ففي الوقت الذي تتموضع فيه دول الخليج الست على الضفة الغربية من الخليج العربي، تقع إيران مباشرة على الضفة الشرقية. وبين الضفّتَين، يبرز مضيق هرمز ، أحد أهم الممرات البحرية في العالم، إذ لا يتجاوز عرضه 21 ميلاً في أضيق نقطة، ويمر عبره نحو 20 مليون برميل نفط يومياً، أي ما يعادل خُمس الاستهلاك العالمي للسوائل البترولية. وأي تهديد بإغلاق المضيق من الجانب الإيراني قد يؤدي إلى ارتفاع حاد في أسعار النفط العالمية، وسط تقديرات تشير إلى إمكانية تجاوز سعر البرميل حاجز 130 دولاراً، وفقاً لتقديرات "بلومبرغ إيكونوميكس". وتزداد حساسية هذه النقطة في ظل الحضور العسكري الأميركي الكثيف في المنطقة، إذ ينتشر أكثر من 45 ألف جندي في 19 قاعدة، من بينها أكبر قاعدة أميركية في قطر، ومقر الأسطول الخامس في البحرين، إضافة إلى وجود عسكري كبير في الكويت والسعودية والإمارات. أسواق التحديثات الحية قفزة حادة في أسعار شحن الوقود من الخليج العربي إلى آسيا وأوروبا تداعيات اقتصادية معقّدة في ظل هذا التوتر، تحذّر مؤسّسات دولية من تصاعد المخاطر الاقتصادية في دول الخليج، لا سيّما في ما يتعلق باستقرار الأسواق، وتدفقات الاستثمار، وثقة المستهلكين. وتشير تقارير إلى إمكانية حدوث اضطرابات في حركة الشحن البحري، وارتفاع نفقات الدفاع، وتراجع في قطاعي السياحة والخدمات المالية، كما تثير احتمالات استهداف منشآت نووية إيرانية، خاصة محطة "بوشهر"، مخاوف بيئية واقتصادية، نظراً لاعتماد دول الخليج على محطات التحلية القريبة من الموقع في توفير مياه الشرب والصناعات. وفي اجتماع طارئ، قرّر مجلس التعاون الخليجي تفعيل مركز إدارة الطوارئ لمراقبة الإشعاعات وتعزيز التنسيق الإقليمي، كما دعا إلى وقف التصعيد، محملاً إسرائيل مسؤولية زعزعة الجهود الدبلوماسية، ولا تنسى دول الخليج تجربة عام 2019، عندما استُهدفت منشآت نفطية سعودية بهجمات نُسبت إلى الحوثيين المدعومين من إيران. وتشير المعطيات إلى احتمال لجوء طهران مجدداً إلى هذه الجماعات، لا سيّما في ظل تصعيدهم السابق ضد الملاحة في البحر الأحمر. تاريخياً، أظهرت الهجمات على البنية التحتية للطاقة في الخليج مدى هشاشة الأمن الإقليمي، وتخشى دول الخليج من تكرار سيناريو مشابه لما حدث عام 2019، حين أعلن الحوثيون المدعومون من إيران مسؤوليتهم عن هجوم على منشآت نفطية سعودية حساسة. تخوّف من سقوط النظام الإيراني على جانب آخر، يترقب قادة الخليج بقلق بالغ ما إذا كانت الهجمات المتصاعدة قد تدفع إيران نحو انهيار داخلي، وبرأي مصادر مطلعة، فإنّ انهيار النظام الديني الإيراني سيخلق فراغاً سياسياً خطيراً في دولة تضم أكثر من 90 مليون نسمة، ما قد يؤدي إلى فوضى تتجاوز حدودها وتطاول المنطقة برمتها. وفي حين ترى بعض الدول الخليجية أن ضرب البرنامج النووي الإيراني يخدم استقرار المنطقة، فإنها تتخوف من أن يؤدي تغيير النظام إلى نتائج غير محسوبة، شبيهة بما حصل في العراق عقب سقوط صدام حسين أو في سورية بعد تفكّك مؤسسات الدولة. ورغم تباين العلاقات بين دول الخليج وإيران، بين من يعتمد نهجاً متحفظاً كالسعودية والبحرين والإمارات، ومن يحتفظ بعلاقات منفتحة كقطر وسلطنة عُمان، إلّا أن الجميع يتفق اليوم على ضرورة تفادي الحرب الشاملة. تعيش المنطقة لحظة مصيرية يُحتمل أن تعيد رسم ملامح العلاقة بين إيران وجيرانها العرب؛ فالصدام الحالي، الذي قد يتطوّر ليصبح المواجهة الأوسع على الإطلاق بين إيران وإسرائيل، ستكون له تداعيات عميقة على مستقبل التوازنات الإقليمية، وسط خشية من أن يتحول الخليج إلى ساحة مواجهة مفتوحة بدلاً من أن يكون شريكاً في الاستقرار والتنمية.


BBC عربية
منذ 2 ساعات
- BBC عربية
ما فرص نجاح الدبلوماسية في نزع فتيل الحرب بين إسرائيل وإيران؟
ساعات بعد هجوم صاروخي إيراني كاسح على أهداف إسرائيلية يوم الخميس خلف أكثر من 271 جريحا، ودمارا واضحا في مستشفى سوروكا في بئر السبع ومناطق أخرى، أعلن البيت الأبيض أن الرئيس دونالد ترامب سيتخذ خلال أسبوعين قرارا بشأن مهاجمة إيران. جاء ذلك بعد اجتماع الرئيس مع فريقه للأمن القومي، كررت على إثره المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت تصريحات سابقة لترامب، قال فيها إن الإيرانيين مهتمون بالقدوم إلى البيت الأبيض وأن هناك فرصة كبيرة لإجراء مفاوضات. لكن عقدها يظل غير مؤكد. وطبقا لمحللين فإن إرجاء اتخاذ قرار أمريكي بضرب إيران في غضون أسبوعين وربطه بإمهال طهران تلك الفترة لاتخاذ قرار بشأن العودة إلى التفاوض من عدمه ربما جاء ليغطي على المعارضة التي يواجهها ضلوع الولايات المتحدة في أي حرب ضد إيران، إضافة إلى الخلاف القائم بين جناحين داخل مجلس الأمن القومي الأمريكي. جناح أول يطالب بالتريث ومنح فرصة للدبلوماسية وعدم خوض حرب غير محسوبة العواقب ضد إيران. وجناح ثان يرى أن الفرصة مواتية لتجريد إيران من برنامجها النووي والمضي في تدمير البنى التحتية العسكرية والنووية الإيرانية التي عجزت القدرات التسليحية الإسرائيلية عن الوصول إليها. إضافة إلى ذلك الخلاف، يعزو مراقبون تغير موقف ترامب من الخيار العسكري، الذي أعلن عنه بداية الأسبوع إلى الدبلوماسي، إلى اعتقاده أن قوة وقدرات إيران على القتال وهنت عما كانت عليه قبل أسبوع بعد الضربات القاصمة التي تلقتها في اليوم الأول من الحرب. ولربما يأمل الرئيس أن تذعن إيران وتستسلم في نهاية المطاف تحت الضربات الإسرائيلية المتواصلة. وستفسح المهلة الأمريكية، في الوقت نفسه، المجال لفرص التفاوض، حيث يجتمع وزراء خارجية ألمانيا وفرنسا وبريطانيا مع نظيرهم الإيراني عباس عراقجي في جنيف اليوم الجمعة لإجراء محادثات. برأيكم، نناقش معكم هذه المحاور وغيرها في حلقة الجمعة 20 يونيو/حزيران. خطوط الاتصال تُفتح قبل نصف ساعة من موعد البرنامج على الرقم 00442038752989. إن كنتم تريدون المشاركة بالصوت والصورة عبر تقنية زووم، أو برسالة نصية، يرجى التواصل عبر رقم البرنامج على وتساب: 00447590001533 يمكنكم أيضا إرسال أرقام الهواتف إلى صفحتنا على الفيسبوك من خلال رسالة خاصة Message كما يمكنكم المشاركة بالرأي في الحوارات المنشورة على نفس الصفحة، وعنوانها: أو عبر منصة إكس على الوسم @Nuqtat_Hewar يمكنكم مشاهدة حلقات البرنامج من خلال هذا الرابط على موقع يوتيوب هنا.