logo
الحلقة المفقودة في تاريخ العلم التجريبي العربي

الحلقة المفقودة في تاريخ العلم التجريبي العربي

الوطن١٦-٠٧-٢٠٢٥
عندما نقرأ تاريخ العلم-التجريبي عبر التاريخ، نلاحظ أن هناك تجاهلًا للتاريخ العلمي عند العرب. نجد قفزة من اليونان إلى عصر النهضة دون أي ذكر لتحولات العلم-التجريبي في التاريخ العلمي عند العرب. في هذا المقام، عندما نذكر مصطلح «العلم» نقصد بهِ المعرفة القائمة على التجربة بالاعتماد على الدليل المادي القابل للاختبار والملاحظة، ولا نقصد بهِ مجالات المعرفة بشكل عام.
عندما اكتشفت المنهج التجريبي عند ابن الهيثم -الذي يطابق لحد كبير المنهجية النظرية للعلم التجريبي المعاصر- شعرت أن هناك «حلقة مفقودة» في تاريخ العلم تتمثل في الحقبة الأوسطية للتاريخ، في ما يسمى «العصر الذهبي الإسلامي». فليس من المعقول أن يكون ابن الهيثم وحده مارس العلم التجريبي بشكل منهجي صارم دون أن يكون هناك محيط علمي في الحضارة العربية التي ينتمي إليها. ليس من المنطقي أن ينبع ابن الهيثم من اللا شيء ويأتي بمنهج علمي-تجريبي متكامل الأركان وفلسفة علم معتبرة، دون أن يكون هناك إرثٌ تفاعل معه وبنى عليه إبداعاته.
ما زلت أفكر في سؤال: هل ابن الهيثم أبدع مشروعه العلمي على الإرث اليوناني فقط؟ يتوارى لي أن الإجابة: «لا». حتى وإن كان الإرث اليوناني هو الأكثر تأثيرًا في ابن الهيثم، وفي الفلسفة العربية بشكل عام؛ إلا أنه لا يمكن أن يكون ابن الهيثم اكتفى بالإرث اليوناني في إنتاج مشروعه العلمي المتطور. لا بد أن تكون هناك إرهاصات فلسفية-علمية عربية سابقة مهدت لمشروع ابن الهيثم العظيم في فلسفة العلم ومنهج البحث العلمي.
عندما أبدع فرانسيس بيكون -خلال عصر النهضة- فلسفة المنهج العلمي-التجريبي، كانت هناك إرهاصات سبقته في ممارسة التجربة وتأثر بها، مثل: روجر بيكون، الذي أكد ضرورة التجربة والملاحظة، وقال: لا يمكن الوصول لمعرفة أكيدة دونهما. وكذلك: اندرياس فيزاليوس، الذي خالف منهج جالينوس في التشريح واعتمد على التجربة والملاحظة المباشرة. وغيرهم من علماء عصر النهضة الذين مارسوا التجربة العلمية مثل: غاليليو غاليلي.
نلاحظ هنا كيف أن فرانسيس بيكون لم يخرج من العدم، بل كان هناك محيط علمي-تجريبي يسبقه ومعاصر له، يمارس التجربة، ويعتمد الملاحظة الحسية المباشرة كدليل مادي موثوق للمعرفة السليمة، سواء كان ذلك بشكل متكامل أو جزئي. ما يهمنا هنا وجود محيط علمي-تجريبي هيأ لبزوغ منهج فرانسيس بيكون، والذي يعتبره كثير من مؤرخي العلم بداية العلم-التجريبي المعاصر. رغم أن البداية، من وجهة نظري، كانت مع ابن الهيثم كما فصلنا ذلك في بحثنا في مجلة مقابسات.
بناءً على ما سبق، يترآى لي أن ابن الهيثم كذلك لا يمكن أن يكون قد ظهر بالمنهج العلمي-التجريبي الصارم من العدم. لا بد أن يكون هناك محيط علمي-تجريبي معاصر له، وإرهاصات سابقة تأثر بها، وتفاعل معها من الإرث اليوناني والعربي.
بعد هذا التمهيد يطرأ لنا السؤال الأهم والمحير: هل هناك إرثٌ عربيٌ مفقود في منهجية العلم-التجريبي؟ يبدو لي أن الإجابة: «نعم». حيث إن هناك بعض العلماء العرب قد مارسوا التجربة والملاحظة المباشرة، واعتمدوا على الدليل المادي الملموس أكثر من القياس والنظر العقلي المجرد. على سبيل المثال لا الحصر: جابر ابن حيان، مارس التجربة بشكل صارم، وكان معروفًا بأنه متطرف في التجريب؛ حيث يرفض البدء بالفرضيات ثم التحقق، بل بالتجريب المباشر أولًا. بعكس ابن الهيثم -الذي يشابه المنهج الحديث- إذ كان يبدأ بالفرضيات ثم التحقق التجريبي.
لذلك يبدو لي أن السؤال يحتاج إلى الكثير من البحث والتحقيق في الإرث العلمي-التجريبي في التاريخ العربي-الإسلامي، وخصوصًا المخطوطات الكثيرة التي لم تحقق حتى الآن لعلماء-تجريبيين في الحضارة العربية.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الحلقة المفقودة في تاريخ العلم التجريبي العربي
الحلقة المفقودة في تاريخ العلم التجريبي العربي

الوطن

time١٦-٠٧-٢٠٢٥

  • الوطن

الحلقة المفقودة في تاريخ العلم التجريبي العربي

عندما نقرأ تاريخ العلم-التجريبي عبر التاريخ، نلاحظ أن هناك تجاهلًا للتاريخ العلمي عند العرب. نجد قفزة من اليونان إلى عصر النهضة دون أي ذكر لتحولات العلم-التجريبي في التاريخ العلمي عند العرب. في هذا المقام، عندما نذكر مصطلح «العلم» نقصد بهِ المعرفة القائمة على التجربة بالاعتماد على الدليل المادي القابل للاختبار والملاحظة، ولا نقصد بهِ مجالات المعرفة بشكل عام. عندما اكتشفت المنهج التجريبي عند ابن الهيثم -الذي يطابق لحد كبير المنهجية النظرية للعلم التجريبي المعاصر- شعرت أن هناك «حلقة مفقودة» في تاريخ العلم تتمثل في الحقبة الأوسطية للتاريخ، في ما يسمى «العصر الذهبي الإسلامي». فليس من المعقول أن يكون ابن الهيثم وحده مارس العلم التجريبي بشكل منهجي صارم دون أن يكون هناك محيط علمي في الحضارة العربية التي ينتمي إليها. ليس من المنطقي أن ينبع ابن الهيثم من اللا شيء ويأتي بمنهج علمي-تجريبي متكامل الأركان وفلسفة علم معتبرة، دون أن يكون هناك إرثٌ تفاعل معه وبنى عليه إبداعاته. ما زلت أفكر في سؤال: هل ابن الهيثم أبدع مشروعه العلمي على الإرث اليوناني فقط؟ يتوارى لي أن الإجابة: «لا». حتى وإن كان الإرث اليوناني هو الأكثر تأثيرًا في ابن الهيثم، وفي الفلسفة العربية بشكل عام؛ إلا أنه لا يمكن أن يكون ابن الهيثم اكتفى بالإرث اليوناني في إنتاج مشروعه العلمي المتطور. لا بد أن تكون هناك إرهاصات فلسفية-علمية عربية سابقة مهدت لمشروع ابن الهيثم العظيم في فلسفة العلم ومنهج البحث العلمي. عندما أبدع فرانسيس بيكون -خلال عصر النهضة- فلسفة المنهج العلمي-التجريبي، كانت هناك إرهاصات سبقته في ممارسة التجربة وتأثر بها، مثل: روجر بيكون، الذي أكد ضرورة التجربة والملاحظة، وقال: لا يمكن الوصول لمعرفة أكيدة دونهما. وكذلك: اندرياس فيزاليوس، الذي خالف منهج جالينوس في التشريح واعتمد على التجربة والملاحظة المباشرة. وغيرهم من علماء عصر النهضة الذين مارسوا التجربة العلمية مثل: غاليليو غاليلي. نلاحظ هنا كيف أن فرانسيس بيكون لم يخرج من العدم، بل كان هناك محيط علمي-تجريبي يسبقه ومعاصر له، يمارس التجربة، ويعتمد الملاحظة الحسية المباشرة كدليل مادي موثوق للمعرفة السليمة، سواء كان ذلك بشكل متكامل أو جزئي. ما يهمنا هنا وجود محيط علمي-تجريبي هيأ لبزوغ منهج فرانسيس بيكون، والذي يعتبره كثير من مؤرخي العلم بداية العلم-التجريبي المعاصر. رغم أن البداية، من وجهة نظري، كانت مع ابن الهيثم كما فصلنا ذلك في بحثنا في مجلة مقابسات. بناءً على ما سبق، يترآى لي أن ابن الهيثم كذلك لا يمكن أن يكون قد ظهر بالمنهج العلمي-التجريبي الصارم من العدم. لا بد أن يكون هناك محيط علمي-تجريبي معاصر له، وإرهاصات سابقة تأثر بها، وتفاعل معها من الإرث اليوناني والعربي. بعد هذا التمهيد يطرأ لنا السؤال الأهم والمحير: هل هناك إرثٌ عربيٌ مفقود في منهجية العلم-التجريبي؟ يبدو لي أن الإجابة: «نعم». حيث إن هناك بعض العلماء العرب قد مارسوا التجربة والملاحظة المباشرة، واعتمدوا على الدليل المادي الملموس أكثر من القياس والنظر العقلي المجرد. على سبيل المثال لا الحصر: جابر ابن حيان، مارس التجربة بشكل صارم، وكان معروفًا بأنه متطرف في التجريب؛ حيث يرفض البدء بالفرضيات ثم التحقق، بل بالتجريب المباشر أولًا. بعكس ابن الهيثم -الذي يشابه المنهج الحديث- إذ كان يبدأ بالفرضيات ثم التحقق التجريبي. لذلك يبدو لي أن السؤال يحتاج إلى الكثير من البحث والتحقيق في الإرث العلمي-التجريبي في التاريخ العربي-الإسلامي، وخصوصًا المخطوطات الكثيرة التي لم تحقق حتى الآن لعلماء-تجريبيين في الحضارة العربية.

الفلسفة في ظل التحولات قصة إعمار وإلهام وطنية
الفلسفة في ظل التحولات قصة إعمار وإلهام وطنية

الوطن

time٠٤-٠٣-٢٠٢٥

  • الوطن

الفلسفة في ظل التحولات قصة إعمار وإلهام وطنية

لطالما شكلت الفلسفة جسراً بين الماضي المستقبل، وحلقة وصل بين الفكر الإنساني وتطلعاته. وإذا كان العالم العربي قد شهد فترات من الجمود الفكري أُهملت فيها الفلسفة لصالح نمط تقليدي من التفكير، فإن المملكة تشهد اليوم تحولاً ثقافياً غير مسبوق، تتصدر فيه الدعوات إلى إحياء الفلسفة وترسيخ العقل النقدي كأداة لمواكبة التطورات المتسارعة. تشهد المؤسسات الفلسفية الحديثة اهتمامًا متزايدًا في المملكة، سواء على مستوى المؤسسات التعليمية أو المراكز الفكرية الحرة. يجدر بنا ابتداء معرفة الأسباب الكامنة وراء هذا الإقبال المتجدد على الفلسفة، وتكاثر الدعوات لإعادة إحيائها؟ وكيف يمكن للعقل الفلسفي أن يصبح ركيزة أساسية لدعم مسيرة رؤية 2030 والانطلاق مع متطلبات التحول الثقافي الجديد؟ فما الذي أعاد للفلسفة بريقها في سياق يُبنى على أسس «رؤية 2030»؟ وكيف تسهم النهضة الثقافية في المملكة في تحويل الفلسفة من ترف فكري إلى ضرورة إستراتيجية؟ واجهت الفلسفة العربية تحديات عديدة، كان أبرزها سيطرة العقل التقليدي الجامد الذي رأى في التساؤلات الفلسفية تهديداً للثوابت، بدلاً من اعتبارها أداة لتطويرها. لكن هذا المشهد بدأ يتغير جذرياً في مملكتنا، حيث تعيد الرؤية الوطنية صياغة العلاقة بين التراث والحداثة، وتجعل من «التنوير الفكري» ركيزة لبناء مجتمع حيوي قادر على استيعاب التحولات العالمية. فالفلسفة اليوم لم تعد حكراً على النخب الأكاديمية، بل أصبحت جزءاً من الخطاب العام، إذ تدرك المملكة أن تطوير العقل الفلسفي شرط أساسي لخلق أجيال قادرة على الابتكار، ومواكبة الثورة التكنولوجية، وإدارة التنوع في عصر العولمة. لقد أدركت القيادة أن بناء اقتصاد معرفي قائم على الريادة العالمية – كما تؤكد رؤية 2030 – يحتاج إلى ثقافة تحترم التساؤل، وتُعلي من شأن الحوار العقلاني، وتستوعب التعددية الفكرية. وهذا ما يفسر الدعم الكبير للمبادرات الثقافية، مثل تأسيس هيئة الثقافة، وإطلاق المشاريع الثقافية و«منتدى الرياض للفلسفة»، الذي يستضيف مفكرين عالميين لمناقشة قضايا مثل الأخلاق الرقمية والهوية في عصر الذكاء الاصطناعي. كل هذه الخطوات ترسخ فكرة أن الفلسفة ليست ترفاً، بل منهجاً لبناء عقل جماعي قادر على قيادة التغيير. التراث الفلسفي العربي زاخر وإرث يُعاد اكتشافه، حيث لا يمكن فصل الدعوات الحالية لإحياء الفلسفة في السعودية عن الوعي المتجدد بأهمية التراث الفلسفي، الذي لطالما مثَّل جسراً بين الشرق والغرب. فمن الكندي إلى ابن رشد، كان الفلاسفة العرب روَّاداً في الجمع بين العقل والنقل، ووضعوا أُسساً لفلسفة تزاوج بين الأصالة والابتكار. فابن رشد، مثلاً، لم يكن مجرَّد شارحٍ لأرسطو، بل قدَّم قراءة نقدية أعادت تشكيل الفلسفة الأوروبية في عصر النهضة. وهذا الإرث يُعاد اكتشافه اليوم في السعودية، ليس كتراث ماضوي، بل كإلهام لمستقبل يُبنى على الحكمة والتجديد. لقد أظهرت المملكة اهتماماً لافتاً بإبراز هذا الإرث عبر مشاريع عدة، تُعيد نشر المخطوطات الفلسفية العربية مع شروحات معاصرة لا تكتف بالشروحات فحسب بل في تجديدها ونقدها، ومراكز الأبحاث كـ«مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية»، الذي يُنظِّم ندوات حول دور الفلسفة في مواجهة التطرُّف الفكري. هذه الجهود تُبرز أن إحياء الفلسفة ليس قطيعة مع الماضي، بل استئناف لمسار تأخَّر قروناً بسبب هيمنة النمطية الفكرية. لا شك بأن الرؤية الوطنية 2030 أكثر من مجرَّد خطة اقتصادية أو اجتماعية؛ إنها مشروع ثقافي يعيد تعريف دور السعودية كحاضنة للفكر والإبداع. وفي هذا الإطار، تُبرِز الوثيقة الرسمية للرؤية أهمية «تعزيز القيم الإيجابية، وبناء شخصية المواطن السعودي»، وهو ما يتطلب تبني فلسفة تربوية تعتمد على تنمية التفكير النقدي، بدلاً من الحفظ الآلي. ففي عام 2021، أعلنت وزارة التعليم عن إدخال مادة «المهارات الحياتية» إلى المناهج، التي تتضمَّن مفاهيم فلسفية مبسّطة لتعليم الطلاب فن الحوار وإدارة الاختلاف. كما أطلقت جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية «كاوست» برامج ماجستير في الدراسات الإنسانية، تدمج بين الفلسفة والعلوم التطبيقية. بل إن المشاريع العملاقة مثل «نيوم» و«ذا لاين» لا تُبنى على التكنولوجيا فحسب، بل على رؤية فلسفية تُعيد تصوُّر مفهوم المدن الذكية، حيث تُصمَّم البيئات الحضرية لتعزيز التفاعل الإنساني والاستدامة. وهذا يوضح أن الفلسفة لم تعد مجرَّد تنظير، بل أداة لتشكيل الواقع. التحديات القديمة والفرص الجديدة: كسر قيود العقل الجامد صحيح أن العقلية التقليدية الجامدة ما تزال تُشكل عائقاً أمام انتشار الفلسفة في بعض الأوساط، إلا أن الحملات المضادة لها اليوم ليست سوى صدىً لصراعات تاريخية تجاوزتها السعودية بخطوات جريئة. ففي القرن الثاني عشر، تعرَّض ابن رشد لاضطهاد بسبب دفاعه عن العقل، لكن اليوم تُكرِّم المملكة هذا الإرث عبر إحيائه في مؤسساتها الفكرية، وإدراج فلسفته في مناهج التعليم العالي. كما أن هيئة الأدب والترجمة ممثلة بشركائها و«نادي الكتاب السعودي» تُشجع الشباب على تبني أسئلة وجودية وفكرية كانت تُعتبر محظورة في السابق. ويظهر التحول جلياً في دعم الدولة للحوارات المفتوحة حول قضايا مثل المرأة والهوية، حيث أصبحت آراء الكاتبات السعوديات – اللاتي يُعبِّرن عن فلسفة وجودية معاصرة – جزءاً من المشهد الثقافي. وهذا يؤكد أن الفلسفة لم تعد حبيسة الكتب، بل خياراً مجتمعياً لمواجهة التعصب الفكري. الفلسفة السعودية الجديدة: نحو نموذج عالمي، لا تقتصر جهود إحياء الفلسفة في السعودية على استعادة الماضي، بل تسعى لبناء نموذج فريد يزاوج بين الخصوصية الثقافية والانفتاح على العالم. فالمملكة، التي تحتضن أقدس المقدسات الإسلامية، تدرك أن الفلسفة ليست نقيضاً للقيم، بل ضمانة لفهمها بعمق أكبر. وقد بدأ هذا يتجلى في مشاريع مثل «منتدى الحوار العالمي» الذي يستضيف ممثلي الأديان والثقافات لمناقشة قضايا العدالة والأخلاق، مستلهماً مقولات فلاسفة مثل الفارابي الذي دعا إلى «مدينة الفضيلة». كما تُبرز السعودية التزامها بالفلسفة العملية عبر دعم الابتكار في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي، حيث تُطبَّق مفاهيم أخلاقيات التكنولوجيا – التي تناقشها اليوم جامعات الغرب – في سياسات التوظيف والاستثمار. وهذا يجعل الفلسفة السعودية جزءاً من حركة عالمية لإعادة تعريف دور الإنسان في عصر الآلة. الفلسفة كفعل فكري محض: إن الدعوات المتزايدة لإحياء الفلسفة في السعودية ليست موضة ثقافية عابرة، بل تعبير عن رغبة عميقة في صناعة مستقبل لا يخضع لمنطق القطعية أو الجمود. فكما كانت الفلسفة العربية في العصور الوسطى جسراً لنقل المعرفة إلى العالم، فإن السعودية اليوم تضع نفسها في قلب المشهد الفكري الجديد، حيث تُعيد الفلسفة تعريف دورها كقوة ناعمة تعكس طموح وطن يضرب أطنابه في التاريخ والفكر. في ظل رؤية 2030، أصبحت الفلسفة ضرورة إستراتيجية لمواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين: من تغير المناخ إلى الأخلاق الرقمية، ومن صراع الهويات إلى إدارة التعددية. والسؤال الآن ليس عن سبب إحياء الفلسفة، بل عن كيفية تحويلها إلى ثقافة يومية تشكل وعي الأفراد، وتعيد إحياء الإرث الفلسفي في صيغة تليق بوطن يخطو بثبات نحو المستقبل.

علوم الأجداد وابتكارات الأحفاد
علوم الأجداد وابتكارات الأحفاد

سعورس

time٠٣-٠٣-٢٠٢٥

  • سعورس

علوم الأجداد وابتكارات الأحفاد

ومن العلماء العظام أيضا ابن الهيثم، عالم البصريات العظيم، أسس لعلم الضوء والبصريات الحديث. واليوم، نرى أحفاده يطورون تقنيات الليزر والألياف البصرية التي غيرت وجه الاتصالات العالمية. كما قال إسحاق نيوتن: «إذا رأيت بعيداً، فذلك لأنني وقفت على أكتاف العمالقة»، معترفاً بفضل العلماء السابقين. في عصر الثورة الرقمية، نرى كيف أن اكتشافات علماء الرياضيات والفيزياء القدماء تشكل الأساس للذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية. يقول سقراط الفيلسوف اليوناني: «العلم ليس سوى الضوء الذي يكشف لنا جهلنا»، مؤكداً أن كل اكتشاف يفتح آفاقاً جديدة للبحث والتطوير. لم تكن ابتكارات الأحفاد ممكنة لولا الأسس العلمية التي وضعها الأجداد وهذا ما يعرف بالتكامل بين الماضي والحاضر. فعلم الكيمياء الحديث يدين بالكثير لجابر بن حيان الذي يعرف ب«أبو الكيمياء» لأنه أسّس عديدا من المبادئ الأساسية في هذا العلم، والطب المعاصر يستند إلى أعمال العالمين الجليلين ابن سينا والرازي كليهما قدما إسهامات كبيره في تطوير الطب والعلوم. يقول جابر بن حيان: «العلم كنز والتجربة مفتاحه»، مؤكداً أهمية الربط بين النظرية والتطبيق. على الأجيال الحالية مسؤولية كبيرة في الحفاظ على هذا الإرث العلمي وتطويره. يقول العالم أحمد زويل الحائز على جائزه نوبل للكيمياء: «العلم هو السبيل الوحيد للتقدم والنهضة»، داعياً الشباب إلى مواصلة مسيرة البحث والابتكار. مع تسارع التطور التكنولوجي، تزداد أهمية فهم الأسس العلمية التي وضعها الأجداد. فالتقدم الحقيقي لا يكون بالقفز فوق الماضي، بل بالبناء عليه بشكل مدروس ومتكامل. كما يقول ستيفن هوكينج، «المستقبل ينتمي لأولئك الذين يستعدون له اليوم». في الختام، العلاقة بين علوم الأجداد وابتكارات الأحفاد علاقة تكاملية لا يمكن فصلها. فكل اختراع جديد وكل اكتشاف معاصر يقف على أكتاف إنجازات العلماء السابقين. وكما قال الفيلسوف الصيني لاو تزو: «رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة»، فإن مسيرة العلم والمعرفة مستمرة، يتوارثها الأجيال جيلاً بعد جيل، لتزداد ثراءً وعمقاً مع كل إضافة جديدة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store