المفاوضات النووية الأميركية - الإيرانية: الخلفيات، والعقبات، والآفاق
عقدت الولايات المتحدة الأميركية وإيران ثلاث جولات تفاوضية بوساطة عُمانية، تسعى من خلالها واشنطن لتقييد البرنامج النووي الإيراني، في حين تسعى طهران لرفع العقوبات الاقتصادية عنها. وقد انطلقت المفاوضات، في 12 نيسان/ أبريل 2025 في مسقط، تلتها جولة ثانية بإيطاليا في روما، وثالثة في مسقط مرة أخرى؛ في 19 و26 من الشهر نفسه على التوالي. وأجرى الوفدان المفاوضات في غرفتين منفصلتين في كلٍ من مسقط وروما، في حين ذكرت واشنطن أن المفاوضات كانت غير مباشرة، ومباشرة أيضاً، في إشارة إلى لقاء قصير جمع بين رئيسَي الوفدين المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، ووزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، في الجولة الأولى.
أولاً: خلفية المفاوضات
خلال لقاء جمع بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض، في 7 نيسان/ أبريل، أعلن ترامب عن "محادثات مباشرة"، تجري بين واشنطن وطهران "على أعلى مستوى"، لكن طهران نفت الخبر حينها. وأكد ترامب، منذ بدء ولايته الرئاسية الثانية أنه يريد إبرام اتفاق نووي جديد مع إيران، وهدد بأن البديل هو شن هجوم عسكري عليها إن لم توقف برنامجها لتخصيب اليورانيوم. وكان الاتفاق النووي لعام 2015 قد حدد نسبة تخصيب اليورانيوم المسموح بها لإيران بـ 3.76 في المئة، كافية لتشغيل برنامج مدني. إلا أن طهران ضاعفت، بدءاً من عام 2019، من معدلات التخصيب، بعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي، لتصل إلى نسبة نقاء مقدارها 60 في المئة. وبعث ترامب، في آذار/ مارس 2025، رسالة إلى المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، علي خامنئي، يحضّه فيها على الجلوس إلى طاولة المفاوضات، وحذّره من مواجهة مزيد من العقوبات وضربات عسكرية واسعة النطاق، منها ما يستهدف المنشآت الإيرانية النووية. وعلى الرغم من أن الردَّ الأوّلي لخامنئي كان رفض التفاوض تحت التهديد، فإنه عدل عن موقفه ووافق على إجراء مفاوضات غير مباشرة مع الولايات المتحدة، عبر الوسيط العُماني.
تعمل الولايات المتحدة، منذ أسابيع، على تعزيز قدراتها العسكرية في المنطقة في سياق الحرب التي تشنها ضد جماعة أنصار الله (الحوثيين) في اليمن، والتصعيد المحتمل ضد إيران. وفي مطلع نيسان/ أبريل، نشرت واشنطن طائرات قاذفة من طراز "بي-2" في المحيط الهندي، في رسالة تحذيرية لإيران من أجل دفعها إلى التفاوض حول برنامجها النووي. ويمكن أن تحمل قاذفات "بي-2" قنابلَ خارقة للتحصينات تستهدف المنشآت النووية الإيرانية في أعماق الجبال. وبعد الجولة الأولى من المفاوضات، نشرت واشنطن حاملة الطائرات "يو إس إس كارل فينسون" ومجموعتها المقاتلة في بحر العرب، لتنضم إلى حاملة الطائرات "يو إس إس هاري إس. ترومان"، لممارسة مزيد من الضغط على طهران. وتواجه إيران أيضاً عقوبات اقتصادية صارمة، من جرّاء سياسة "الضغط الأقصى" التي اتبعها ترامب ضدها منذ عام 2018، والتي شملت حظر شراء الدول الأخرى للنفط منها؛ ما أدى إلى انخفاض صادرات النفط الإيرانية، ومغادرة الشركات الأجنبية أراضيها، وانهيار عملتها التي فقدت قرابة 90 في المئة من قيمتها مقابل الدولار الأميركي، فضلاً عن مواجهة البلاد أزمة في الوقود والكهرباء في شتاء 2024-2025.
في المقابل، تواجه الولايات المتحدة تحديات إن قررت المضي في الخيار العسكري - مثلما تطالب إسرائيل - ضد البرنامج النووي الإيراني. فمن ناحية، تقوم مقاربة ترمب في السياسة الخارجية على تجنّب الحروب غير الضرورية، والتي لا ترتبط مباشرة بالأمن القومي الأميركي. ومن ناحية أخرى، تكتنف الشكوك قدرة أي عمل عسكري أميركي أو إسرائيلي، أو مشترك بينهما، على تدمير البرنامج النووي الإيراني كلياً. فقد يعطّل الهجوم البرنامج مؤقتاً، ويؤخّر "زمن الاختراق" لصنع قنبلة نووية. وقد يدفع أيّ عمل عسكري ضد إيران إلى طرد المفتشين التابعين للأمم المتحدة، والإسراع في تحوّلها إلى دولة مسلّحة نووياً.
ثانياً: جولات المفاوضات الثلاث
ركزت الجولة الأولى من المفاوضات في مسقط على تحديد مسار المحادثات وصيغتها، بينما ركّزت الجولة الثانية في روما على وضع إطار عمل لكيفية سير المفاوضات. وبحسب عراقجي، فإن الطرفين اتفقا على البدء في وضع إطار عمل لاتفاق نووي محتمل، ووصف مسؤول أميركي بأن المفاوضات حققت "تقدماً جيداً للغاية". وفي 23 نيسان/ أبريل، عُقد لقاء في مسقط بين البلدين على مستوى الخبراء، وصفه مسؤول إيراني بأنه كان "صعباً ومعقّداً وجاداً". وفي 26 نيسان/ أبريل، عُقدت الجولة الثالثة في مسقط مجدداً تبادل فيها الطرفان، بحسب عراقجي، نقاطاً مكتوبة، ودخلت في "مناقشات أعمق وأكثر تفصيلًا"، ووصفها مسؤول كبير في الإدارة الأميركية بأنها كانت "إيجابية وبنّاءة".
وعلى الرغم من أن الطرفين اتفقا على عقد جولة رابعة من المفاوضات في روما في 3 أيار/ مايو 2025، فإنها تأجلت لأسباب لوجستية، بحسب وزير الخارجية العُماني، على أن يُحدّد موعدها لاحقاً. ويبدو أن التأجيل كان بسبب عقوبات جديدة أعلنتها في 30 نيسان/ أبريل وزارة الخارجية الأميركية ضد شركات تقول إنها على صلة بطهران، متورطة في التجارة غير المشروعة للنفط والبتروكيماويات الإيرانية. وفي اليوم التالي، أي قبل يوم واحد من الجولة الرابعة من المفاوضات، وجّه وزير الدفاع الأميركي، بيت هيغسيث، تهديدات إلى إيران بذريعة دعمها الحوثيين في اليمن. ومع ذلك، فإنه من غير المرجّح أن يؤدي هذا التأجيل والتصعيد إلى انهيار المحادثات؛ إذ يسعى كلاهما لتجنب الانزلاق نحو الحرب.
ثالثاً: غموض المقاربة الأميركية
يتجنّب الهدف الاستراتيجي العام، الذي يكرره ترامب دائماً، الإجابة عما إن كانت الولايات المتحدة تقبل بالتعايش مع واقع تكون فيه إيران قادرة على تخصيب اليورانيوم، بغض النظر عن نسبة التخصيب، وهو ما يجعلها مؤهلة لإنتاج سلاح نووي متى قررت ذلك. حضر هذا السيناريو في الاتفاق النووي مع إيران عام 2015، ثم حينما انسحب ترامب منه، فالاتفاق سمح لها بالحفاظ على بنيتها ومنشآتها النووية، وكذلك أجهزة الطرد المركزي. ومن هذا المنطلق، يجادل بعض المسؤولين في إدارة ترامب بأنه لا بد من تفكيك البرنامج النووي الإيراني كلياً؛ وهو ما يطالب به نتنياهو كذلك، الذي يصر على أن الاتفاق الوحيد الذي تقبل به إسرائيل هو تفكيك البرنامج على غرار ما جرى في ليبيا عام 2003، "بإشرافٍ وتنفيذٍ أميركيَين"، وإن لم يحصل ذلك يكون اللجوء إلى "الخيار العسكري". في المقابل، ثمة في إدارة ترامب من يرى أن هذا الخيار غير واقعي وأن إيران لا يمكن أن تقبل به، وإن أصرّت واشنطن على هذا الشرط، فإن ترامب سيضطر إلى خوض حرب مع إيران كما هدد غير مرة. ومن المعلوم أن النقاشات داخل إدارة ترمب بشأن إيران ما زالت مستمرة.
يضمّ المعسكر الأول الذي يؤمن بأولوية الحل الدبلوماسي، حتى لو تضمّن ذلك الحفاظ على بنية نووية إيرانية محدودة وخاضعة للرقابة المشددة، كلاً من نائب الرئيس جي دي فانس، ووزير الدفاع هيغسيث، وويتكوف. وأبلغ الأخير مسؤولي إدارة ترامب أن الإصرار على التفكيك الكامل للبرنامج النووي الإيراني سيعني عدم التوصل إلى اتفاق، ومن ثم فإن الخيار البديل هو ضرب المنشآت النووية الإيرانية، مع ما يعنيه ذلك من تداعيات أمنية وسياسية واقتصادية على المصالح الأميركية.
يضم المعسكر الثاني، الذي يطالب بتفكيك البرنامج النووي الإيراني كلياً، كلاً من وزير الخارجية ماركو روبيو، ومستشار الأمن القومي مايك والتز (أقاله ترمب مؤخراً)، وعضو مجلس الشيوخ المقرب من ترامب ليندسي غراهام. ويرى هذا الفريق أن الإبقاء على البرنامج والمنشآت النووية الإيرانية سيعرّض ترامب لانتقادات كبيرة؛ إذ إنه "يكرر خطأ" إدارة باراك أوباما، الذي سبق أن وصفه ترامب بأنه "كارثة". ويقول هذا الفريق أيضاً إن إيران أضعف من أي وقت مضى؛ بسبب الضرر الذي ألحقته إسرائيل بقدرات حلفائها (خاصة حزب الله اللبناني) وسقوط نظام بشار الأسد في سوريا، فضلاً عن الضربات التي يتعرّض لها الحوثيون في اليمن. ويرى هؤلاء أن إيران اليوم أكثر هشاشة من ذي قبل، من جرّاء العقوبات الاقتصادية الأميركية الصارمة المسلّطة عليها، وتعزيز الوجود العسكري الأميركي في المنطقة، فضلًا عن نجاح إسرائيل في تشرين الأول/ أكتوبر 2024 في تدمير دفاعات جوية استراتيجية لطهران خلال الهجوم عليها؛ ما يعني انكشافاً كبيراً في مواقعها النووية والعسكرية الحساسة، أمام أي هجمات في المستقبل.
وما يدلّ على الخلاف داخل إدارة ترامب في هذا الملف أن ويتكوف كان قد صرّح، في 14 نيسان/ أبريل، بعد الجولة الأولى من المفاوضات، بأنه لا يستبعد أن يُسمح لإيران بمواصلة تخصيب اليورانيوم عند مستوى 3.67 في المئة اللازم لبرنامج الطاقة النووية السلمي، على أن يجري التأكد من أنها لا تصنع صواريخ باليستية يمكنها حمل سلاح نووي أو تصنع مشغلات يمكنها تفجير قنابل نووية. غير أنه تراجع عن تصريحه بعد يوم واحد، مؤكداً أن "إيران يجب أن توقف وتقضي على برنامجها للتخصيب والتسليح النووي"؛ وهو ما ترفضه إيران قطعياً. بل إن روبيو يذهب أبعد من ذلك، بتشديده على أن إيران ينبغي لها أن توقف تخصيب اليورانيوم، بموجب أي اتفاق مع الولايات المتحدة، وأنه لن يُسمح لها إلا بـ "استيراد ما تحتاجه لبرنامج نووي مدني".
رابعاً: الموقف الإيراني
تشدّد إيران على حقها في تخصيب اليورانيوم، لكنها تبدي استعداداً لقبول قيود معيّنة على ذلك. وحددت المبادئ التي تريدها في الاتفاق النووي في النقاط التالية:
1. يجب أن يتضمن الاتفاق رفع العقوبات المفروضة على إيران.
2. الحصول على ضمانات موثوقة من ترامب بأنه لن ينسحب من الاتفاق النووي مجدداً، كما فعل عام 2018.
3. أن لا يتضمن الاتفاق التفكيك الكامل للبنية التحتية النووية الإيرانية، بما في ذلك أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم، أو وقف التخصيب تماماً، أو خفض مخزونها من اليورانيوم المخصّب إلى ما دون المستويات المتفق عليها في اتفاق عام 2015.
4. أن لا تشمل المفاوضات البرنامج الصاروخي الإيراني، الذي تعتبره طهران خارج نطاق أي اتفاق نووي.
5. أن تضغط الولايات المتحدة على إسرائيل خلال المحادثات للامتناع عن التهديد بمهاجمة إيران.
وبحسب مسؤول إيراني، فإن إيران لمست خلال "المحادثات غير المباشرة في عُمان أن واشنطن لا تريد أن توقف إيران جميع أنشطتها النووية، ويمكن أن يشكّل هذا أرضية مشتركة لبدء مفاوضات عادلة". وفي المقابل، طرحت إيران إمكانية إقامة مشروع مشترك لإدارة منشآتها للتخصيب النووي، وهو خيار من شأنه أن يسمح لإدارة ترمب بأن تعلن أنها أبرمت اتفاقاً مختلفاً عن اتفاق إدارة أوباما. ودعا وزير الخارجية الإيراني الولايات المتحدة إلى الاستثمار في برنامج بلاده النووي، والمساعدة في بناء 19 مفاعلاً نووياً في إطار إجراء أمني إضافي. وصرّح مسؤول إيراني كبير أيضاً بأن بلاده منفتحة على نقل مخزونها من اليورانيوم المخصّب إلى روسيا أو دولة أخرى، تماماً كما فعلت في أوائل عام 2016 مع دخول الاتفاق النووي في عهد أوباما حيّز التنفيذ.
خاتمة
يصعب الجزم بقدرة واشنطن وطهران على التوصل إلى اتفاق نووي جديد، في ظرف يتّسم بالخلافات والتوقعات بينهما حول الاتفاق وشروطه. غير أنه يمكن القول إن ثمَّة نبرة توحي بالتفاؤل الحذر عند الطرفين؛ وأساسه رغبتهما في تجنّب الحرب. ويبدو أن العقدة الأبرز في المفاوضات تتمثل فيما إن كان سيُسمح لإيران بالاحتفاظ بمنشآتها النووية وإمكانية تخصيب اليورانيوم، ولو بالمستويات المطلوبة لإنتاج الطاقة المدنية؛ أي بنسبة 3.67 في المئة. ويتعرض ترمب لضغوط من داخل إدارته ومن إسرائيل، حتى لا يعود إلى اتفاق شبيه بالاتفاق الذي أبرمته إدارة أوباما. إلا أن ثمَّة من يطرح تدابير إضافية لتحسين ذلك الاتفاق، قد تشمل مراقبة أكثر صرامة للأنشطة النووية الإيرانية، ومشاريع مشتركة لإدارة المنشآت النووية، وجعل ضمانات إيران دائمة. في المقابل، تجد إيران نفسها في وضع أكثر انكشافاً مما كانت عليه قبل تشرين الأول/ أكتوبر 2023، يضاف إلى ذلك السخط الشعبي المتزايد من التأثير البالغ للعقوبات الاقتصادية في المستوى المعيشي للإيرانيين. ومن ثم، فهي أكثر حرصاً على التوصل إلى اتفاق نووي، لا يمس بخطوطها الحمراء. يبقى العامل الإسرائيلي، وإصرار نتنياهو على ضرورة أن يتناول أي اتفاق مع إيران تفكيك منشآتها ونقل معداتها النووية خارج البلاد، ومنعها منعاً باتاً من التخصيب. ويصرّ نتنياهو أيضاً على وضع حدّ لبرنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية، وتوقّف إيران عن دعم حزب الله والحوثيين وحركات المقاومة الفلسطينية، وهو ما ترفضه طهران. وتتسرب معلومات عن ضغط الحكومة الإسرائيلية على واشنطن، من أجل أن تسمح لها بالقيام بعمل عسكري ضد المنشآت النووية الإيرانية، حتى إن كان محدوداً، إلا أن إدارة ترمب ترفض ذلك ما دام ثمّة احتمال للتوصل إلى اتفاق.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الميادين
منذ 32 دقائق
- الميادين
أوروبا الشرقية ضائعة.. من المتهم؟
خلال احتفالات عيد النصر في التاسع من أيار/ مايو، احتفلت روسيا بالذكرى الثمانين ليوم النصر على ألمانيا النازية بمشاركة 29 من رؤساء وزعماء الدول حول العالم، عدا عن مشاركة وفود من عشرات الدول الأخرى. وكان اللافت في الأمر هو مقاطعة زعماء الدول الغربية وعلى رأسها الدول الأوروبية لهذه الاحتفالات، على الرغم من أنه بنتيجة يوم النصر فإن الاتحاد السوفياتي حرّر أوروبا من شر النازية. وقد وصل الحد بالدول الأوروبية إلى أنها أغلقت أجواءها أمام طائرات رؤساء الدول لعرقلة وصولهم إلى موسكو والمشاركة في يوم النصر. على الرغم من ذلك فقد كان لافتاً حضور رئيسي وزراء سلوفاكيا وهنغاريا الاحتفالات، في خرق للمقاطعة الأوروبية للاحتفالات في موسكو. وقد شكل هذا دليلاً جديداً على اتباع سلطات البلدين مساراً مستقلاً في السياسة الخارجية من منطلق ما تعتبران أنه يصب في خدمة مصالح مواطنيها، وذلك على الرغم من الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على حكومتي البلدين. والجدير ذكره أن رئيسي هاتين الدولتين يناهضان السياسات المعادية لموسكو التي تنتهجها واشنطن وبروكسل، ويعارضان الحرب بالوكالة، والتي يشنها الغرب على روسيا من خلال أوكرانيا، ويدعوان إلى حل سريع للأزمة الأوكرانية وإعادة التواصل مع موسكو. ورغم اتهامات الولايات المتحدة ودول أوروبية أخرى لرئيس الوزراء الهنغاري ف. أوربان ورئيس الوزرء السلوفاكي ر. فيكو بالانحياز الى روسيا، إلا أن موقف رئيسي الحكومتين ينبع من منطلق مستقل يبغي تحقيق المصالح السلوفاكية والهنغارية. فسلوفاكيا وهنغاريا، كما هي حال معظم الدول الأوروبية، تعتمدان على موارد الطاقة الروسية الرخيصة الثمن. كذلك فإن حكومتي البلدين تراهنان على شراكة مع روسيا تضمن تنمية اقتصاديهما الوطني بما يؤمن مستوى معيشياً لائقاً لشعبيهما. هذا جعل حكومتي البلدين عرضة للضغوط والتهديدات الغربية وهو ما اعترف به خبراء غربيون مستقلون، إذ أشارت الخبيرة في العلاقات الدولية بجامعة كاليفورنيا، س. تايلور، إلى أن "هنغاريا وسلوفاكيا، في دفاعهما عن أمنهما في مجال الطاقة، يجب أن تكونا مستعدتين للمخاطر والعواقب المحتملة للتعاون مع روسيا". وقد ترجمت هذه التهديدات بمحاولة اغتيال رئيس وزراء سلوفاكيا، ر. فيكو، والتي نجا منها بأعجوبة. اليوم 11:04 22 أيار 13:35 ويتعرض قادة البلدين لضغوط شديدة من شركائهما الأوروبيين الذين لجأوا إلى إجراءات جذرية عقابية ضد سلوفاكيا وهنغاريا لتطويع رئيسي حكومتيهما، حيث لجأت كييف إلى منع عبور الغاز الروسي عبر أوكرانيا باتجاه هنغاريا في ما اعتبره مراقبون أنه معاقبة لبودابست "لانحرافها عن السياسات الأميركية المملاة على الدول الأوروبية لجهة اعتماد سياسة عدائية تجاه روسيا." إضافة إلى ذلك، تواصل بروكسل الضغط على هنغاريا، ما يحد من حقها في إدارة سياسة الهجرة الخاصة بها، كما صرّح وزير الخارجية ب. سيارتو مرارًا وتكرارًا. هذا الموقف من قيادة الاتحاد الأوروبي بات يعرّض الرفاه الاقتصادي والاجتماعي لبودابست للخطر، ما يحد من حقها في تطبيق الجمارك السيادية ومراقبة نقاط التفتيش الحدودية الخاصة بها. وتُظهر هذه الإجراءات بوضوح سياسة واشنطن "الإمبريالية" تجاه الدول الأعضاء "الأقل امتيازًا" في الاتحاد الأوروبي، والتي لا تأخذ في الاعتبار عواقب القرارات التي تفرضها السلطات الأميركية. كل هذا يؤكد أن واشنطن وبروكسل مستعدتان للتضحية باقتصاد "حلفائهما" من أجل تحقيق أغراضهما السياسية القاضية بمنع إقامة علاقات طيبة بين دول أوروبية وروسيا. إلا أن الحكومتين الهنغارية والسلوفاكية لديهما موقف ثابت لجهة التعاون مع موسكو. فبالنسبة إلى هنغاريا وسلوفاكيا، لا يوجد بديل عن روسيا كشريك تجاري، إذ إن الاستغناء عن موارد الطاقة الروسية سيؤدي إلى زيادة في تكاليف الطاقة في البلدين في حال شراء النفط والغاز من الأسواق العالمية. وهذا سيتطلب إعادة هيكلة البنية التحتية للطاقة بالكامل، بما قد يؤدي إلى أزمة عميقة في البلدين، على غرار ما يحصل في دول أوروبية أخرى. في مقابل رفض سلوفاكيا وهنغاريا الانصياع لسياسات واشنطن وبروكسل، فإن خضوع رومانيا وبولندا للإملاءات هذه أدى إلى تفجر أزمة عميقة فيهما. فبالنسبة إلى بولندا، فإن دعم حكومتها للحرب في أوكرانيا ضد روسيا جعلها تفقد مصادر الطاقة الروسية، ما دفعها للجوء إلى الأسواق العالمية، وهو ما رفع كلفة المحروقات والطاقة بشكل عام، في ظل أزمة اقتصادية عميقة تشهدها البلاد. وما فاقم من الأزمة هو وجود مليوني لاجئ أوكراني على الأراضي البولندية، ما يزيد من الأعباء الاقتصادية على وارسو. والجدير ذكره أن البولنديين وجدوا أنفسهم ضحية الوعود الكاذبة التي أطلقتها حكومات الدول الأوروبية المقرّرة في الاتحاد الاوروبي، كألمانيا وفرنسا، اللتين مارستا ضغوطاًُ على وارسو لإغلاق الحدود أمام اللاجئين الأوكرانيين وإبقائهم في بولندا، حتى لا ينتقلوا إلى ألمانيا وفرنسا. وعلى الرغم من الوعود بدفع مساعدات لوارسو، إلا أن هذه الوعود لم تتحقق، ما ألقى بعبء إيواء النازحين الأوكرانيين على عاتق الحكومة البولندية. هذا حوّل موضوع اللاجئين إلى مادة السجال الأولى في الانتخابات البولندية التي تُجرى خلال شهر أيار/ مايو، في ظل نقمة شعبية بولندية على بروكسيل، لعرقلتها حل الأزمة الأوكرانية بما يسمح بإعادة اللاجئين الأوكرانيين إلى بلادهم. الأمر نفسه حصل في رومانيا التي وجدت نفسها تتكبد أكلافاً كبيرة على شراء النفط والغاز من الأسواق العالمية، بأضعاف الأسعار التي كانت تدفعها لقاء شراء النفط والغاز الروسيين، ما أدى إلى تفجّر أزمة اقتصادية فيها، أسهمت في صعود تيار اليمين الرافض للإملاءات الأوروبية الغربية والأميركية. وقد ترافق ذلك مع معاناة رومانيا من أزمة لجوء أوكراني، ولو بدرجة أقل من معاناة البولنديين من اللجوء الأوكراني. وكادت بوخارست تحذو حذو بودابست بإيصال رئيس مستقل عن إملاءات بروكسيل وواشنطن، لولا تدخل هاتين الأخيرتين وممارستهما ضغوطاً لإلغاء الدورة الأولى من الانتخابات التي فاز فيها مرشح يدعو إلى علاقات طيبة مع موسكو، وإيصال آخر يقبل بالسياسات الأميركية والأوروبية المعادية لموسكو.


الميادين
منذ ساعة واحدة
- الميادين
"مايكروسوفت" تطرد موظفاً جديداً احتج على دعمها لـ"إسرائيل" في إبادة أهل غزة
طردت شركة "مايكروسوفت" موظفاً أميركياً بعد احتجاجه بشكلٍ علني على تعاون الشركة مع "الجيش" الإسرائيلي بشأن تقنيات الذكاء الاصطناعي، في ظلّ استمرار العدوان على قطاع غزة، وفق "أسوشيتد برس" الأميركية. وخلال مؤتمر "بيلد" السنوي للمطوّرين الذي أقيم، يوم الاثنين الماضي، في مدينة سياتل في الولايات المتحدة الأميركية، قاطع مهندس البرمجيات، جو لوبيز خطاباً للرئيس التنفيذي، ساتيا ناديلا، وصرخ في وجهه احتجاجاً على دور "مايكروسوفت" في تزويد "الجيش" الإسرائيلي بتقنيات "Azure" للحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي. وخلال الدقائق الأولى من الكلمة الافتتاحية، سُمع صوت لوبيز وهو يحتجّ بصوت مرتفع، قبل أن يتمّ طرده من القاعة. لاحقاً، بعث برسالة بريد إلكتروني جماعية إلى زملائه فنّد فيها مزاعم الشركة بشأن كيفية استخدام منصة "Azure" في غزّة. A post shared by No Azure for Apartheid (@noazureforapartheid) اليوم 09:57 22 أيار لم يكن احتجاج لوبيز الحدث الوحيد. إذ توالت التحرّكات المؤيّدة لفلسطين خلال المؤتمر، وجرى تعطيل ما لا يقلّ عن 3 جلسات للمديرين التنفيذيين، وقطعت الشركة البثّ الصوتي لإحدى الفعّاليات مؤقتاً. وفي الخارج، تجمّع المتظاهرون أمام مركز المؤتمرات تنديداً باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في العمليات العسكرية الإسرائيلية. وأقرّت مايكروسوفت، الأسبوع الماضي، بتقديم خدمات الذكاء الاصطناعي لـ"الجيش" الإسرائيلي خلال العدوان على غزة. لكنّها ادّعت في بيانٍ رسمي أنّها لم تجد أيّ دليل على أنّ "Azure" أو تقنياتها استُخدمت لاستهداف أو إيذاء المدنيين في القطاع.ووفق مجموعة "No Azure for Apartheid"، التي تضمّ موظفين حاليين وسابقين في الشركة، فإنّ لوبيز تلقّى رسالة إنهاء خدمة بعد احتجاجه، لكنّه لم يتمكّن من فتحها. كما اتهمت المجموعة الشركة بـحجب رسائل البريد الإلكتروني التي تحتوي كلمات مثل "فلسطين" و"غزة" من نظامها الداخلي. نقل موقع "dropsitenews" الاستقصائي أنّ شركة "مايكروسوفت"، نفّذت بهدوء سياسة تحظر رسائل البريد الإلكتروني الداخلية التي تحتوي على كلمات مثل "#فلسطين"، "غزة"، أو "إبادة جماعية" على خوادم "Exchange" الخاصة بها، وفقاً لمجموعة "لا لأزور للفصل العنصري"، وهي مجموعة من موظفي "مايكروسوفت"… هذه المرّة الأولى التي تطرد فيها الشركة موظفين بسبب مواقفهم من سياستها في دعم "إسرائيل" ففي نيسان/أبريل الماضي، طردت "مايكروسوفت" مهندستين، هما: ابتهال أبو السعد وفانيا أغراوال بعد احتجاجهما على تزويد الشركة لـ "إسرائيل" بأنظمة ذكاء اصطناعي تُستخدم في إبادة الفلسطينيين بقطاع غزّة.


بيروت نيوز
منذ ساعة واحدة
- بيروت نيوز
بعد الدعوة إلى وقف الهجوم العسكري… نتنياهو يتهم قادة فرنسا وبريطانيا وكندا بـ 'تشجيع حماس'
اتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نظيره البريطاني كير ستارمر بـ 'تشجيع حماس'، بعدما انضم ستارمر إلى قائدي فرنسا وكندا في الدعوة إلى وقف الهجوم العسكري الإسرائيلي وإنهاء القيود على المساعدات الإنسانية، حسبما ذكرت وكالة الأنباء البريطانية (بي أيه ميديا) اليوم الجمعة. وأدان ستارمر والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الكندي مارك كارني في وقت سابق من الأسبوع الجاري الإجراءات 'الشنيعة' للحكومة الإسرائيلية في غزة، محذرين من أن المملكة المتحدة وحلفاءها سيتخذون 'إجراءات ملموسة' ما لم يغير نتنياهو مساره. وقال نتنياهو في منشور عبر منصة إكس مساء الخميس إن حركة حماس ترغب في 'تدمير الدولة اليهودية' و'القضاء على الشعب اليهودي'. وذكر نتنياهو: 'لا يمكنني فهم كيف تغيب هذه الحقيقة البسيطة عن قادة فرنسا وبريطانيا وكندا وغيرهم'. وأضاف: 'أقول للرئيس ماكرون ورئيس الوزراء كارني ورئيس الوزراء ستارمر، عندما يشكركم القتلة والمغتصبون وقاتلو الأطفال والخاطفون، فأنتم على الجانب الخطأ من العدالة'. وتابع قائلا: 'هؤلاء القادة الثلاثة يقولون عمليا إنهم يرغبون في بقاء حماس في السلطة، لأنهم يصدرون مطلبهم الزاخر بالتهديدات بفرض عقوبات ضد إسرائيل، ضد إسرائيل وليس حماس'. وأشار نتنياهو إلى أن إجراءات القادة لا 'تدفع السلام قدما'، بل 'تشجع حماس على مواصلة الحرب للأبد'.