
الحزمة 17 من العقوبات الأوروبية ضد روسيا: فعالية محدودة وتحايل واسع
اعتمد الغرب استراتيجية العقوبات ضد روسيا عقب غزوها أوكرانيا في شباط/فبراير 2022، وفق خطة بعيدة المدى تهدف إلى إضعاف البنية الأساسية للاقتصاد الروسي وقطاعات الدفاع، وتقليص الاستثمارات، والحد من حضور موسكو بين الدول الصناعية الأخرى. وقد رافق ذلك، الأمل في أن تترك هذه العقوبات أثراً مباشراً يدفع الكرملين إلى وقف الحرب ضد كييف. غير أن الأمور لم تَسِرْ كما هو مرجو، إذ لم تحقق العقوبات أهدافها، رغم إقرار الأوروبيين مؤخراً الحزمة السابعة عشرة منها، في ظل إصرار الرئيس فلاديمير بوتين على المكابرة ورفضه الانصياع لأي خطة لوقف إطلاق النار أو القبول بهدنة دائمة، مع تزايد خطورة الأوضاع الأمنية والإنسانية.
فما أبرز الصعوبات التي تعيق فعالية العقوبات وتُعزّز اقتصاد الحرب الروسي؟
تحايل على العقوبات
في هذا السياق، كشفت تقارير، من بينها تحقيق لشبكتي "NDR" و"WDR"، استناداً إلى وثيقة داخلية "سرية" صادرة عن وزارة الخارجية الألمانية، تضمنت ملخصاً لاجتماع مجلس الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي الذي انعقد مؤخراً في بروكسل، أن التكتل حقق بعض النجاح في إعاقة تصدير السلع المرتبطة بالحرب عبر دول ثالثة مثل أرمينيا وأوزبكستان والهند. لكن ثمة مشاكل لا تزال قائمة مع بلدان أخرى، ككازاخستان وتركيا، استناداً إلى بيانات الاستيراد التي أفضت إلى استخلاص نتائج مختلفة.
كذلك، أفادت معلومات من بروكسل بأن مفوض العقوبات في الاتحاد الأوروبي دافيد أوسوليفان، ومدير مكتب تنسيق الاستخبارات في التكتل دانيال ماريك، أشارا خلال الاجتماع إلى أن الصين، ومعها هونغ كونغ، تتحملان مسؤولية 80% من حالات التحايل على العقوبات، رغم إنكارهما المتكرر لذلك. كما تم التطرق إلى تورط شركات من داخل الاتحاد الأوروبي نفسه في هذه العمليات، ما يضعف موقف المفوضية الأوروبية عند التفاوض مع دول ثالثة بشأن العقوبات.
في هذا السياق، طُرحت مقترحات تدعو إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد أسطول "النفط في الظل" الروسي بأكمله، مع بحث إمكان فرض تدابير عقابية ضد الموانئ التي تتكرر زيارات تلك السفن لها، بما في ذلك موانئ في الهند وماليزيا.
من جانب آخر، أفادت شبكة "ARD" الإخبارية بأن مدير جهاز الاستخبارات الخارجية الأوكراني أوليه إيفاشنكو أكد أن الصين تواصل تزويد مصانع الدفاع الروسية بالعديد من السلع المهمة، مشيراً إلى أن بكين تورد لنحو 20 شركة ومصنع سلاح روسياً أدوات ومنتجات كيميائية وأنواعاً من البارود وسلعاً أخرى ذات صلة.
انقطاع التنسيق مع الأميركيين
في خضم هذه التطورات، برزت معلومات تفيد بانقطاع جميع قنوات الاتصال والتعاون مع الجانب الأميركي في ما يخص تتبع الأطراف المتهربة من العقوبات، إذ لم يعد هناك أي تنسيق مشترك، بعدما كان الجانبان يتعاونان بانتظام لتحديد مواقع أصول روسية إضافية. وكانت وزارة العدل الأميركية، بعد وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، قد أقدمت على حل فريق العمل المعني بمكافحة التهرب من العقوبات، والذي تم تأسيسه في آذار/مارس 2022 بعد الغزو الروسي لأوكرانيا لتعقّب أصول الأوليغارشية الروسية، ما أدى سابقاً إلى مصادرة عقارات وطائرات ويخوت فاخرة. وبحسب مفوض العقوبات الأوروبي، فإن التعاون مع مجموعة السبع "فقد زخمه" أيضاً في هذا المجال.
استهداف قطاعَي الطاقة والبنوك
وفي ما يتعلّق بما تحقق حتى الآن من العقوبات المفروضة، ووسط غياب الفعالية المطلوبة، ومع استمرار موسكو في تجاهل عروض السلام وتكثيف هجماتها بالطائرات المسيّرة والصواريخ على أوكرانيا في الأيام الأخيرة، أشار الباحث السياسي والاقتصادي يان مولر لـ"النهار" إلى وجود ترجيحات بأن العقوبات المقبلة ستستهدف بشكل صارم قطاعَي الطاقة والبنوك في روسيا. وكشف، استناداً إلى مصادر مطّلعة، أن الحكومة الروسية خلقت بيئة مصرفية تشجع على إقراض الشركات المرتبطة بقطاع الدفاع، ضمن ما يُعرف بـ"القروض السامة"، وذلك بسبب انعدام فرص الائتمان في الأسواق المحلية. وذكّر بأن أرباح روسيا من صادرات النفط تراجعت بنسبة 6% في نيسان/أبريل مقارنة بشهر آذار/مارس، كما تراجع اعتمادها على أسطول الظل لنقل النفط.
في المقابل، رأى متابعون أن بعض العقوبات كان لها تأثير واضح على الاقتصاد الروسي، الذي يرزح تحت ضغوط متزايدة دفعت إلى تقليص الاستثمارات. وأشاروا إلى ما أوردته صحيفة "كوميرسانت" المقرّبة من الكرملين، من أن قطاعَي الطيران والإنتاج الصناعي باتا أضعف بفعل العقوبات الغربية، مع انخفاض الدعم الحكومي الذي كلّف خزينة الدولة مليارات الروبلات. كما أظهرت بيانات وكالة الإحصاء الروسية تراجعاً في نمو الاقتصاد الروسي، نتيجة عوامل متعددة منها انخفاض أسعار النفط، والعقوبات الغربية، والتضخم.
مشروع عقوبات أميركية جديدة
تجدر الإشارة إلى أن نحو 80 عضواً في مجلس الشيوخ الأميركي، من الحزبين الجمهوري والديموقراطي، أعدوا مشروع قانون يتضمن حزمة عقوبات أميركية جديدة ضد موسكو، من المفترض أن تنال دعم غالبية أعضاء المجلس، على اعتبار أن روسيا دولة معتدية يجب وضع حد لحربها المستمرة منذ عام 2022.
كذلك، أعلن ترامب، الأسبوع الماضي، عن نيّته فرض عقوبات جديدة على روسيا، معبّراً عن خيبة أمله من بوتين، في ظل استمرار الهجمات على أوكرانيا.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


المركزية
منذ 41 دقائق
- المركزية
البيت الأبيض يحذر إيران من "عواقب وخيمة" في حال رفضت مقترح ويتكوف
حذر البيت الأبيض، إيران، الثلاثاء، من مواجهة "عواقب وخيمة إذا رفضت مقترح" المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، بهدف التوصل إلى اتفاق بشأن برنامجها النووي. وقال البيت الأبيض إن "ويتكوف أرسل مقترحا شاملا إلى إيران، وعليها الموافقة عليه". وإلى ذلك، قالت كارولاين ليفيت المتحدثة باسم البيت الأبيض، الثلاثاء، إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يعتزم حضور قمة حلف شمال الأطلسي (ناتو)، المقرر عقدها في وقت لاحق من الشهر الجاري. وفي ملف النووي الإيراني، اعتبرت 10 مصادر مطلعة على أنشطة إيران الذرية، من بينهم مسؤولون ودبلوماسيون ومحللون، أن نجاح أي اتفاق مرهون بمعالجة نقاط الغموض تلك بالنسبة للوكالة الدولية للطاقة الذرية. وتظهر التقارير الفصلية للوكالة الدولية للطاقة الذرية أن نقاط الغموض الرئيسية تتمثل في عدم معرفة عدد أجهزة الطرد المركزي التي تمتلكها إيران أو مكان إنتاج وتخزين هذه الأجهزة وأجزائها. ولم يكن بمقدور الوكالة أيضاً إجراء عمليات تفتيش مفاجئة في مواقع لم تعلن عنها إيران. واجه مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة المكلفون بمراقبة موقع فوردو النووي الإيراني فجوة كبيرة في معلوماتهم بشأنه العام الماضي عندما شاهدوا شاحنات تحمل أجهزة طرد مركزي متطورة لتخصيب اليورانيوم تدخل إلى المنشأة المقامة داخل جبل جنوب طهران. وقال مسؤول مطلع على أعمال المراقبة التي تقوم بها الوكالة لرويترز، مع اشتراط عدم الكشف عن هويته، إن إيران كانت قد أخطرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأنه سيتم تركيب المئات من أجهزة الطرد المركزي الإضافية من طراز آي.آر-6 في منشأة فوردو، لكن المفتشين لم تكن لديهم أي فكرة عن مصدر تلك الأجهزة المتطورة. وسلطت هذه الواقعة الضوء على حجم الفجوة والغموض في متابعة الوكالة لمسار بعض العناصر الحاسمة في أنشطة إيران النووية منذ أن أعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، عن انسحاب الولايات المتحدة من اتفاق عام 2015 الذي فرض قيودا صارمة وإشرافا دقيقا من الوكالة الدولية للطاقة الذرية على أنشطة إيران. وبدأت الولايات المتحدة محادثات جديدة مع إيران بهدف فرض قيود نووية جديدة على طهران.


ليبانون 24
منذ ساعة واحدة
- ليبانون 24
هل كان ترامب على علم مسبق بهجمات أوكرانيا على روسيا؟
جاء ذلك على لسان المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولاين ليفيت، الثلاثاء. وأطلقت أوكرانيا، يوم الأحد ، 117 طائرة مسيرة، في عملية أطلقت عليها اسم "شبكة العنكبوت" لمهاجمة قاذفات روسية ذات قدرات نووية بمطارات في سيبيريا وأقصى شمال البلاد. ومن جانبه، أفاد مسؤول دفاعي أميركي كبير لشبكة CNN، بأن هجوم أوكرانيا أظهر مستوى من التطور لم تشهده البلاد من قبل. وأضاف المسؤول الدفاعي أن وزير الدفاع الأميركي، بيت هيغسيث تلقى تحديثات دورية أثناء سفره إلى قاعدة أندروز الجوية المشتركة، الأحد، لكنه لم يتحدث بعد إلى نظرائه الأوكرانيين. وتأتي هذه الهجمات في الوقت الذي تستعد فيه روسيا وأوكرانيا للعودة إلى مفاوضات السلام، الاثنين. وقد خيمت على المحادثات، التي ستُعقد في إسطنبول بتركيا، حالة عدم اليقين.


الشرق الجزائرية
منذ ساعة واحدة
- الشرق الجزائرية
إعلام إسرائيلي: قلق من إطاحة ترامب بمسؤولين يدعمون تل أبيب
تحدثت صحيفة 'يديعوت أحرونوت' العبرية، مساء الاثنين، عن وجود حالة من القلق في إسرائيل، بعد نقل مسؤولين 'شديدي الدعم' لتل أبيب بشكل مفاجئ من مواقعهم في البيت الأبيض ومجلس الأمن القومي. وأشارت إلى أن ذلك 'يأتي ذلك على خلفية الخلافات بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن هجوم محتمل على إيران، وكذلك فيما يتعلق باستمرار الحرب في قطاع غزة'. وعبرت إسرائيل مرارا عن رفضها للمفاوضات الجارية بين واشنطن وطهران للتوصل إلى اتفاق بشأن برنامج الأخيرة النووي، ولوحت بشن هجوم على إيران بكل منفرد. وأضافت: 'اثنان من المُقالين هما ميراف سيرين، مواطنة أميركية إسرائيلية عُيّنت مؤخرًا كرئيسة قسم إيران وإسرائيل في مجلس الأمن القومي، وإريك ترايغر، رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا'. وكلا من سيرين وترابغر عُينوا من قبل مستشار الأمن القومي السابق مايك وولتز، الذي يُعتبر هو الآخر من 'أشد المؤيدين لإسرائيل'، وقد أقاله الرئيس ترامب مؤخرًا من منصبه، بحسب المصدر ذاته. وأشارت الصحيفة إلى أن من يقف وراء إقالة سيرين وترايغر هو وزير الخارجية ماركو روبيو، الذي خلف وولتز. وتابعت: 'بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن تغادر مورغان أورتاغوس، نائبة المبعوث ستيف ويتكوف والمسؤولة عن الملف اللبناني في الإدارة الأميركية، منصبها قريبا، وليس بمبادرة منها'. وبحسب 'يديعوت أحرونوت'، فإن 'أورتاغوس، التي اعتنقت اليهودية وتضع قلادة عليها نجمة داوود حول عنقها، تُعد من أبرز المؤيدات لإسرائيل داخل الإدارة.'وقد قامت بعمل ممتاز في جهود التهدئة بين إسرائيل ولبنان، وكذلك في إقناع الحكومة في بيروت باتخاذ موقف حازم تجاه حزب الله، وبضرورة نزع سلاح مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في البلاد'، وفق ذات المصدر. وأشارت إلى أن 'قرار نقل أورتاغوس من منصبها قريبا أثار صدمة في الأوساط المعنية بالإدارة الأمريكية في إسرائيل، كونها بلا شك تُعتبر من أكثر الشخصيات تعاطفا وقربا من إسرائيل'. ونقلت الصحيفة عن مصادر إسرائيلية مطلعة على العلاقات مع الولايات المتحدة لم تسمها إنها تقدّر أن إقالة الثلاثة تمت في إطار أجندة 'أميركا أولًا' التي يتبناها الرئيس ترامب، وليس بالضرورة كخطوة موجهة ضد إسرائيل تحديدًا، 'بل في سياق تقليص نفوذ أي دولة أجنبية داخل دوائر صنع القرار الأميركية'.