
برّاك للحزب: روق يا نعيم
لكن سكرة الممانعة اصطدمت سريعًا بالتطورات التي فتحت مسارًا لإنقاذ السويداء ومعها سوريا من آتون الانهيار. ولا بد هنا من لفت الانتباه الى التدخل الأميركي الذي أعاد للسلطة المركزية في دمشق القدرة على الإمساك بزمام الأمن مجدّدًا. ولم يكتم الرئيس السوري أحمد الشرع نفسه شعوره حيال هذا التدخل قائلا: "نشكر ونثمن الدور الكبير الذي قامت به الولايات المتحدة الأميركية في تأكيدها الوقوف إلى جانب سوريا في هذه الظروف الصعبة".
وأتى موقف الشرع من التدخل الأميركي ليكمل صورة لم يكن يتمنى "حزب الله" وكل الجماعة التي ينتمي إليها أن تطلّ سريعًا بعدما ظنّ قاسم وصحبه أنّها توارت خلف الصراع الذي انفجر في جبل العرب. وقد سبق كلام الشرع إعلان المبعوث الأميركي إلى سوريا وسفير واشنطن في تركيا، توماس براك، عن اتفاق لوقف إطلاق النار بين سوريا وإسرائيل. وقال براك في منشور على منصة "إكس" إن الطرفين السوري والإسرائيلي، بدعم من الولايات المتحدة، اتفقا على وقف إطلاق نار تبنته تركيا والأردن وجيرانهما. ودعا براك "الدروز والبدو والسنّة إلى إلقاء أسلحتهم، والعمل مع الأقليات الأخرى على بناء هوية سورية جديدة وموحدة، في سلام وازدهار مع جيرانها".
أصاب توم براك من دون أن يقصد ذلك نعيم قاسم. وكان الأخير قبل ساعات من البشرى السورية التي زفها الموفد الرئاسي الأميركي الى لبنان، أي براك نفسه، يتهم هذا الموفد بأنه "يحرّض الجيش اللبناني والدولة اللبنانية" على الحزب. ووصف الأمين العام للحزب مواقف براك بأنها "تحريض على الفتنة، تهديد للبنان بالانقراض، إلحاقه بقوى إقليمية، على الأقل إلحاقه مرحليًا بالشام."
يكمن الإحراج الذي أصاب قاسم وسائر جماعته في أنهم استعجلوا قطاف ثمار فتنة السويداء. وسيبلغ هذا الإحراج ذروته بدءًا من غد الاثنين عندما يصل مجددًا موفد الرئيس دونالد ترامب الى لبنان ليستمع الى جواب المسؤولين على الورقة التي اودعهم إياها في زيارته الأخيرة قبل نحو أسبوعين. وتكمن معضلة قاسم وجماعته في أن براك آت بعدما دعا متحاربي السويداء الى "إلقاء السلاح". فهل يظن "حزب الله" وكل محوره أن الولايات المتحدة الأميركية ستكتفي عبر براك بـ"إلقاء التحية" ومغادرة لبنان بخفيّ حنين؟
ما زاد في الطين بلّة قبل عودة موفد ترامب، المعلومات التي كشفتها صحيفة "وول ستريت جورنال" يوم الجمعة المنصرم وفيها أنّ "إيران تعيد بناء وجودها في بلاد الشام بإرسال صواريخ إلى "حزب الله" وأسلحة من العراق إلى سوريا". ووفقًا لمصدر مطلع حسب الصحيفة فإنّ "حزب الله" يُنتج طائرات بدون طيّار وصواريخ متوسطة المدى، كما أعاد هيكلة شبكات التهريب الخاصة به إلى حدّ ما، وتمكّن من تهريب بعض صواريخ «كورنيت» وغيرها من الأسلحة المتطورة". فهل يتصوّر قاسم أن هذه المعلومات ستمرّ مرور الكرام؟
يصاب المرء بحيرة وهو يقرأ أن "حزب الله" الذي يصيح بأعلى صوته طالبًا تدخل الدولة لإطلاق مسار إعمار ما تهدّم في الحرب الأخيرة، يسعى الى تهريب مواد الدمار (او ليست هذه هي نتيجة الأسلحة بيده؟) بدلًا من السعي بما اؤتي لادخال مواد البناء ولو تهريبًا الى لبنان لكي يعيد إعمار ما تيسّر مما تهدّم. علمًا، أنه لا بد من التذكير من الإعفاءات الممنوحة للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى باستيراد مواد البناء والتي هي بموجب القانون معفاة من الرسوم الجمركية.
دخلت سوريا تجربة جديدة غير مسبوقة في أحداث السويداء المرعبة. لكن هذه التجربة ووفق ما تبيّن بالأمس أنها قابلة للعلاج. ويتبيّن من خلال ما حدث أن هناك مشروع قيام دولة فعلية في سوريا يلقى مؤازرة من القوى الدولية والإقليمية النافذة وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية.
وفي المقابل، دخل لبنان منذ 27 تشرين الثاني الماضي حقل تجارب يتمحور حول تنفيذ قرار وقف اطلاق النار. وعلى الرغم من مؤازرة القوى الدولية والإقليمية نفسها التي تؤازر الشرع والتي تؤازر رئيس الجمهورية جوزاف عون، فإن لبنان ما زال عالقًا بين أيدي نعيم قاسم وجماعته الذين يتشبثون بالسلاح الذي هو ذاته السلاح الذي يدعو توم براك الى القائه في السويداء. غير أن ما صرّح به رئيس الحكومة نواف سلام في مقابلته التلفزيونية الأخيرة يشير الى ان هناك تطوّرًا قد حصل في الموقف الرسمي للتعاطي هذه المرة بإيجابية متقدمة مع الطرح الأميركي لتنفيذ قرار وقف النار.
تميّز براك بلطف ديبلوماسي لم يفارقه يومًا. ومن المتوقع انطلاقًا من شخصيته هذه أن يبعث الى قاسم برسالة عبر وسطاء تدعوه الى "الرواق" بعد هيجان التوقعات لديه بعد أحداث السويداء. لكن هذا اللطف لن يغفل هذه المرة حقيقة انجلت في سوريا ولو بعد تجربة دموية أن حبل تحليلات جماعة الممانعة لأحداث سوريا قد تبيّن فعلًا أنه قصير جدًّا.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 29 دقائق
- الشرق الأوسط
انتهاكات بحق المدنيين كشف عنها إجلاء البدو المحتجزين لدى فصائل السويداء
أعلن محافظ درعا، أنور طه الزعبي، الاثنين، وصول نحو 200 عائلة بدوية كانت محتجزةً في محافظة السويداء إلى محافظة درعا، على متن 13 حافلة، وتم توزيعها على مراكز الإيواء المجهزة بالخدمات الأساسية. وذكرت وسائل إعلام رسمية وشهود أن مئات المدنيين من أفراد العشائر البدوية تم إجلاؤهم من مدينة السويداء ذات الأغلبية الدرزية في سوريا، في إطار وقف إطلاق نار تدعمه الولايات المتحدة، ويهدف إلى إنهاء اشتباكات بين البدو والدروز أودت بحياة المئات. وأشار الزعبي إلى استقبال سابق لـ3250 عائلة موزعة على مراكز مزوّدة بمواد غذائية وطبية وعيادات متنقلة، وأن بعض العائلات انتقلت إلى مناطق أقاربها، فيما توجهت أخرى إلى دمشق بعد تلقي الدعم. وقال إن نحو 800 عائلة تمت استضافتها من قبل أهالٍ في درعا، فيما باشرت فرق الهلال الأحمر والدفاع المدني العمل إلى جانب فرق تطوعية نسائية لإحصاء العائلات. عائلة سورية تُرافقها قوات الأمن خارج مدينة السويداء ضمن إجلاء السلطات السورية للمدنيين في 21 يوليو (أ.ف.ب) عملية إجلاء عائلات عشائر كانوا محاصرين داخل مدينة السويداء كشفتْ عن انتهاكات مروعة ارتكبت بحق المدنيين، وأظهرت تقارير مصورة للخارجين من الاحتجاز تعرض الأطفال والنساء والشيوخ لاعتداءات جسيمة، في الوقت التي لا تزال صور جثث القتلى في الشوارع والوضع الإنساني الكارثي تتوارد من داخل مدينة السويداء. وحمّل القيادي في «حركة رجال الكرامة» الدرزية ما سماه «الطرف الآخر»، في إشارة للشيخ حكمت الهجري المسؤولية عما حصل في السويداء. وطالب ليث البلعوس، الحليف للحكومة السورية، بتنفيذ القانون و«محاسبة كل يد امتدت على الأبرياء أياً كانت الجهة التي تنتمي إليه»، في تصريح نقلته وكالة الأنباء الرسمية (سانا)، اتهم فيه «الطرف الآخر» بـ«التعنت والانفراد بقرار الطائفة الدرزية واختيار السلاح لتنفيذ أجندات خارجية ما فجَّر الأوضاع في السويداء». وأشار البلعوس إلى الحرص والصدق الذي لمسه لدى أطراف دولية على «منع الانزلاق للفوضى بالسويداء»، معبراً عن الأمل بأن تتخذ «الأطراف الدولية خطوات بمجلس الأمن عبر قرارات تردع الساعين إلى تقسيم سوريا». وانتقد الزعيم الدرزي الحليف للحكومة السورية «صمت المجتمع الدولي عن اتخاذ إجراءات فاعلة» باعتباره يشجع الفوضى والانقسام في سوريا. وما زال الهدوء الحذر المشوب بالتوتر يسود محافظة السويداء وفق مصادر أهلية، مع استمرار استنفار الفصائل المسلحة المحلية في الريف الشمالي الغربي، بعد إجلاء أبناء العشائر البدوية المحاصرين. وبثت القناة «الإخبارية السورية» الرسمية تقريراً عن إجلاء أول دفعة من عائلات عشائر البدو المحتجزة في السويداء نحو درعا، وكانت محافظة درعا أعلنت في وقت سابق إجلاء 300 شخص من أبناء البدو في السويداء. وحسب مصادر في العشائر، فإن أبناء حي المقوس ومن قرى أخرى أخرجتهم فصائل الهجري من منازلهم عنوةً خلال الأيام الماضية، واقتيدوا إلى مبنى حكومي واحتجزوا هناك، وقد تعرضوا خلال الاحتجاز لانتهاكات. أفراد من البدو يستقلون شاحنةً تتوقف عند نقطة تفتيش أمنية في بلدة الطارة بمحافظة السويداء جنوب سوريا، في طريقهم إلى درعا (أ.ف.ب) ويتركز البدو في محافظة السويداء في حي المقوس والعديد من قرى الريف الغربي، وتعمل الحكومة السورية على إجلاء نحو 1500 شخص من عشائر البدو يرغبون بمغادرة المحافظة بسبب الأوضاع الأمنية، حسب قائد الأمن الداخلي في محافظة السويداء، أحمد الدالاتي، المشرف على عملية إجلاء المدنيين، فجر الاثنين، موضحاً أن إجلاء أبناء العشائر البدوية المحاصرين في السويداء جاء بعد جهود حثيثة بذلتها وزارة الداخلية و«التوصّل إلى اتفاق يقضي بإخراج جميع المدنيين الراغبين في مغادرة محافظة السويداء بسبب الظروف الراهنة، وإلى حين تأمينهم وضمان عودتهم الآمنة إلى ديارهم». عناصر من القوات الحكومية السورية في نقطة حراسة قرب السويداء (أ.ف.ب) كما أكد الدالاتي أنه تم تبليغ أبناء العشائر العربية الذين فزعوا لنجدة المحاصرين في السويداء بأن القيادة السورية اتخذت قرارها بوقف العمليات القتالية، وأن مسؤولية الدولة ومؤسساتها معالجة التداعيات، وضُرب طوق أمني حول محافظة السويداء، وأغلقت الطرق التي تؤدي إلى المحافظة لمنع استقدام أي مجموعات أو تعزيزات جديدة، وتم إخراج العوائل التي كانت محاصرة، وجرى الاتفاق على آلية واضحة وسلسة ومرنة. قافلة تابعة للهلال الأحمر السوري تحمل مساعدات إنسانية تعبر مدينة بصرى الشام متجهةً إلى مدينة السويداء (أ.ف.ب) وانتشرت قوات الأمن الداخلي السوري على الحدود الإدارية بين محافظتي درعا والسويداء وعلى الطرق الرئيسية لتأمين عبور القافلة التي تقل الخارجين من السويداء باتجاه بلدة بصر الحرير في ريف درعا الشرقي، حيث تم تجهيز مراكز إيواء لاستقبال العائلات وتوفير الحماية لها. وأظهرت مقاطع فيديو للمدنيين الذين تم إجلاؤهم، الاثنين، نساءً وأطفالاً وشيوخاً، قالوا إنهم تعرضوا لأعمال عنف شديد، وقد ظهرت آثار كدمات على وجوههم، بالإضافة إلى مصابين خلال الاشتباكات. وحسب شهادات الخارجين من السويداء، فإنه تم إخراجهم من بيوتهم عنوةً واحتجازهم في مبانٍ عامة قبل أن يتم الإفراج عنهم وتسليمهم للحكومة السورية، وأكدوا وقوع جرائم قتل جماعي شملت مسنين وأطفالاً. أفراد من البدو فوق شاحنة عند نقطة تفتيش أمنية في بلدة الطارة بمحافظة السويداء، جنوب سوريا، في طريقهم إلى درعا الاثنين (أ.ف.ب) وخلال أسبوع من الاشتباكات في السويداء، نزح أكثر من 128 ألف شخص وفق ما أفادت به المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة لوكالة الصحافة الفرنسية، وأن أكثر من 43 ألف شخص نزحوا في يوم واحد. كما وثّقت «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» مقتل ما لا يقل عن 558 شخصاً وإصابة أكثر من 783 آخرين، بجروح متفاوتة الخطورة، بين 13 و21 من يوليو (تموز) الحالي. وتشمل حصيلة الضحايا 17 سيدة و11 طفلاً، إضافة إلى 6 من الطواقم الطبية بينهم 3 سيدات و2 من الطواقم الإعلامية، إضافة لمقاتلين من مجموعات عشائرية مسلحة من البدو، وأخرى محلية خارجة عن سيطرة الدولة من أبناء المحافظة، إلى جانب عناصر من قوى الأمن الداخلي ووزارة الدفاع التابعة للحكومة الانتقالية السورية، وفق تقرير الشبكة. كانت وزارة الصحة السورية قد استقبلت 1698 حالة إصابة نتيجة أحداث السويداء، تراوحت شدتها بين الخفيفة والمتوسطة، منها 425 حالة حرجة.


الشرق الأوسط
منذ 29 دقائق
- الشرق الأوسط
حراك برلماني بشأن نزع أسلحة «الكردستاني» في تركيا
تصاعد الحراك في أنقرة من أجل تسريع تشكيل لجنة برلمانية تتولى وضع الأساس القانوني لعملية حل «حزب العمال الكردستاني» ونزع أسلحته، استجابة لنداء زعيمه التاريخي عبد الله أوجلان. وفي الوقت ذاته، دعت تركيا جارتها اليونان إلى الابتعاد عن الإجراءات أحادية الجانب، بعدما أعلنت الأخيرة عن إنشاء متنزهين في محميتين جديدتين في البحر الأيوني وفي أرخبيل سيكلاديز في بحر إيجه. وبدأ رئيس المخابرات التركية، إبراهيم كالين، جولة على الأحزاب الممثلة في البرلمان التركي تستهدف اطلاعها على معلومات بشأن خطوات عملية نزع أسلحة «حزب العمال الكردستاني»، التي تطلق عليها الحكومة مشروع «تركيا خالية من الإرهاب»، بينما سَمّاها أوجلان «عملية السلام والمجتمع الديمقراطي». وأكد الرئيس رجب طيب إردوغان أن عملية نزع أسلحة «حزب العمال الكردستاني» ستشهد قريباً تقدماً في البرلمان، لافتاً إلى أن «إيمرالي»؛ في إشارة إلى أوجلان، الذي يمضي عقوبة بالسجن المؤيد المشدد منذ 26 عاماً في سجن منعزل بجزيرة إيمرالي في جنوب بحر مرمرة غرب تركيا منذ عام 1999؛ قدم وسيواصل تقديم جميع أنواع الدعم خلال هذه العملية. الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (الرئاسة التركية) وأضاف إردوغان، خلال تصريحات لصحافيين رافقوه خلال عودته من زيارة لشمال قبرص نشرت الاثنين: «نواصل اتخاذ خطوات لتحقيق هدفنا في (تركيا خالية من الإرهاب). يستمر التقدم نحو هذا الهدف النهائي، ونحرص كل الحرص على عدم تأثر العملية بأي استفزازات، ونحذر من أي أعمال تخريب أو هياكل من شأنها أن تعيق هدفنا». وأشار إردوغان إلى العملية الرمزية، التي قام خلالها 30 من مسلحي «العمال الكردستاني» بإلقاء وإحراق أسلحتهم في السليمانية في شمال العراق في 11 يوليو (تموز) الحالي، قائلاً: «بدأت عملية نزع السلاح، ويتابع زملاؤنا المعنيون الأمر ويجرون، وعلى حد علمي، المناقشات المتعلقة باللجنة البرلمانية التي وصلت إلى مرحلتها النهائية، وستشاهدون قريباً تقدماً في قاعة البرلمان». وأردف الرئيس التركي: «نحن عازمون على بناء مستقبل خالٍ من الإرهاب، ونعلم جيداً ما سنفعله لتحقيق هدفنا، وكيف سنفعله، وإلى أين سنصل في النهاية، وتؤكد الأحداث الجارية في منطقتنا مجدداً صحة هذه الخطوة التي اتخذناها». مجموعة من عناصر «العمال الكردستاني» ألقوا أسلحتهم في السليمانية في بادرة رمزية على حل الحزب استجابة لدعوة أوجلان (رويترز) وحول ما إذا كانت العملية الجارية بشأن «العمال الكردستاني» ستزيل بعض العقبات في عملية مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، قال إردوغان: «ينبغي إحياء المفاوضات ودفعها قدماً دون انتظار أي خطوات جديدة». وأضاف: «نتوقع من دول الاتحاد الأوروبي الحفاظ على علاقات عادلة ومنصفة، وأن يُدركوا أن تطوير العلاقات أمر مستحيل في ظل هذا الموقف المتردد الذي شهدناه مراراً وتكراراً، وبالنظر إلى التطورات في أوروبا والمنطقة المحيطة بها والخلافات داخل الاتحاد الأوروبي تتضح حاجة الاتحاد إلى عضو ديناميكي يركز على الحلول مثل تركيا». وشهد البرلمان التركي، الاثنين، حركة كثيفة على صعيد تشكيل اللجنة المعنية بوضع الأطر والأساس القانوني لعملية نزع أسلحة «العمال الكردستاني». رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش خلال لقائه بهشلي (حزب الحركة القومية - إكس) وزار رئيس البرلمان نعمان كورتولموش رئيس حزب الحركة القومية شريك حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في «تحالف الشعب»، دولت بهشلي، الذي بدأ هذه العملية من خلال إطلاق مبادرة «تركيا خالية من الإرهاب» في 22 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بدفع من إردوغان، دعا من خلالها أوجلان إلى دعوة «العمال الكردستاني» لحل نفسه وإلقاء أسلحته. وأطلق أوجلان نداء بعنوان: «دعوة للسلام والمجتمع الديمقراطي» في 27 فبراير (شباط) الماضي، استجاب لها حزب «العمال الكردستاني»، بإعلان قرار حل نفسه وإلقاء أسلحته في 12 مايو (أيار). وألقت مجموعة من الحزب تطلق على نفسها «مجموعة السلام والمجتمع الديمقراطي أسلحتها في 11 يوليو، في بادرة رمزية لتأكيد المضي في تنفيذ دعوة أوجلان، الذي يتمسك الحزب بإعطائه حريته من أجل المضي في عملية نزع السلاح». وعقد رئيس المخابرات التركية إبراهيم كالين، الاثنين، 3 اجتماعات أولها مع بهشلي، ثم المجموعة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية الحاكم ونائب رئيس الحزب، إفكان آلا. كالين خلال لقاء رئيسي حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب ونائبي رئيسي المجموعة البرلمانية (حساب الحزب في إكس) وبعد ذلك التقى كالين بالرئيسين المشاركين لحزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد، تولاي حاتم أوغولاري وتونجر باكيرهان، ونائبي رئيسي المجموعة البرلمانية، غولستان كيليتش كوتشيغيت وسزائي تملي. كما سيواصل كالين لقاءاته خلال هذا الأسبوع مع رؤساء المجموعات البرلمانية لأحزاب «الشعب الجمهوري»، و«الجيد»، و«الطريق الجديد»، الذي يضم تحت مظلته أحزاب «الديمقراطية والتقدم، والسعادة والمستقبل». ويقدم كالين، معلومات حول تطورات عملية نزع أسلحة العمال الكردستاني، التي تشرف عليها المخابرات، والاتصالات التي جرت خلال الفترة الماضية، حتى إجراء أول عملية رمزية لنزع الأسلحة، والخطوات التي ستعقبها، وفي مقدمتها تشكيل اللجنة البرلمانية. على صعيد آخر، دعت تركيا جارتها وحليفتها في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، اليونان، إلى تجنب «الإجراءات أحادية الجانب» في البحار المغلقة أو شبه المغلقة، بعدما أعلنت عن إقامة متنزهين في منطقتين محميتين في البحر الأيوني وبحر إيجه. وقالت الخارجية التركية، في بيان، إن اليونان تستغل القيم العالمية، مثل القضايا البيئية، وأن المتنزهين لن يكون لهما أي تأثير قانوني على النزاعات بين الجارتين في بحر إيجه والبحر المتوسط وأن تركيا ستعلن عن مشاريعها الخاصة لحماية الحياة البحرية في الأيام المقبلة. رئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس (رويترز) وأعلنت اليونان، الاثنين، حدود المتنزهين البحريين اللذين قال رئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس إنهما سيكونان الأكبر في منطقة البحر المتوسط. وتسعى أثينا لإنشائهما خلال العام الحالي لحماية الثدييات البحرية والسلاحف في البحر الأيوني والطيور البحرية والثدييات البحرية في بحر إيجه. وقال ميتسوتاكيس إن المشروع سيساعد البلاد على الوفاء بالتزامها العالمي بتوسيع مناطقها البحرية المحمية إلى 30 في المائة من مياهها بحلول 2030، وسيكون المتنزهان بمثابة محميات شاسعة للحياة تحت الأمواج، وسيتم حظر الصيد بشباك الجر في قاع البحر داخل تلك المناطق.


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
اجتماع واشنطن المرتقب... وفرص وقف الحرب في السودان
يترقب السودانيون اجتماع الرباعية الدولية، الولايات المتحدة والسعودية والإمارات ومصر، المقرر في واشنطن في 29 من يوليو (تموز) الحالي، وما قد يتقرر فيه من خطوات لوقف الحرب المستمرة في بلادهم منذ أكثر من عامين، بعد تعثر كل المبادرات الإقليمية والدولية لوضع حد لها. وشدّد كبير مستشاري الرئيس دونالد ترمب لشؤون أفريقيا مسعد بولس، في أكثر من تصريح على أهمية الحل السلمي في السودان، مبرزاً الموقف الأميركي في رسم خريطة لوقف القتال الدائر بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع»، ومؤكداً أن واشنطن على تواصل مع طرفي الحرب بشكل مباشر أو غير مباشر. كبير مستشاري الرئيس دونالد ترمب لشؤون أفريقيا مسعد بولس (أ.ف.ب) ويتوقف نجاح الاجتماع على موازنات إقليمية، وتوافق دول الرباعية حول ترتيبات وقف إطلاق النار، وما يعقبها من عملية سياسية بمشاركة كل الأطراف السودانية. وأكد أكثر من مصدر وفق المعلومات المتاحة، أنه «من غير المتوقع أن يشارك طرفا القتال في الاجتماع، بأي صيغة مباشرة أو غير مباشرة، كما تغيب عنه القوى المدنية الموالية لمعسكر السلطة في العاصمة بورتسودان، والكتل السياسية الأخرى المناهضة للحرب». وقالت مصادر سياسية سودانية رفيعة لــ«الشرق الأوسط»، إنه يمكن وصف اجتماع واشنطن المرتقب بــ«الاستكشافي، الهدف منه تبادل الأفكار بين الإدراة الأميركية والدول الثلاث السعودية والإمارات ومصر، بشأن رؤيتها للتعامل مع الصراع السوداني». وأضافت المصادر التي طلبت عدم الكشف عن هويتها، أنه «من السابق لأوانه الحديث عن أي نتائج حاسمة يمكن أن يتوصل إليها الاجتماع، لكنه من دون شك سيخاطب شواغل وهواجس مشروعة لدول الإقليم من تداعيات إطالة أمد الحرب، وفي الوقت نفسه قد تتضمن مخرجاته رسائل صريحة وقوية دون مواربة، ترسم ملامح خريطة الطريق لوقفها». وأفادت بأن ملف الحرب السودانية، قفز إلى سلم أولويات الإدارة الأميركية، حسب ما نقله المستشار عن الرئيس ترمب، ووزير الخارجية ماركو روبيو، وتعبر هذه المواقف عن مؤشرات لايجاد توافق لإبرام اتفاق يشمل وقفاً لإطلاق النار. وأشارت المصادر ذاتها، إلى أنه «من الصعب رفع سقف التوقعات أو التفاؤل المفرط، قبل انعقاد الاجتماع، لكن إذا أراد الرئيس ترمب فرض فرصة لإبرام صفقة نهائية للسلام بين الجيش و(قوات الدعم السريع)، فسيكون حازماً جداً بغية التوصل إليها، وإلزام الطرفين بها». ومنذ اندلاع الحرب في السودان برز قلق أميركي واضح من تداعياتها على الوضع في منطقة الشرق الأوسط، وعلى وجه الخصوص أمن البحر الأحمر، حيث ترفض واشنطن «أي اختراق يقرب الجيش السوداني من روسيا أو إيران، ويمنح الدولتين نفوذاً بحرياً عسكرياً في البحر الأحمر، ما يشكل تهديداً مباشراً لمصالح الولايات المتحدة في المنطقة». وحذرت القيادات السياسية التي تنتمي إلى تيارات مختلفة التوجهات، من تنامي حضور الجماعات الإرهابية المتطرفة في الحرب السودانية، وما يمكن أن تشكله من تهديدات حقيقية ومتوقعة، تتضرر منها دول المنطقة بشكل أو بآخر. وقال أستاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية، حمد عمر الحاوي، إن التوجهات المعلنة للرئيس ترمب، «هي إطفاء بؤر التوترات والحروب في العالم، وهذا قد يدفع للتفاؤل بتدخله في الشأن السوداني». قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان يحيي مؤيديه في العاصمة الخرطوم (أرشيفية - أ.ب) وتوقع الحاوي أن يخرج الاجتماع بتفعيل المبادرات السابقة لوقف الحرب في السودان، بدءاً من إحياء مخرجات «منبر جدة» الذي ترعاه السعودية والولايات المتحدة، وسبق أن قطع أشواطاً كبيرة في ملف وقف العدائيات وحماية المدنيين، مع الأخذ في الاعتبار ما تم التوصل إليه من اتفاق بين الجيش و«الدعم السريع» في العاصمة البحرينية المنامة، لمحاولة إطلاق عملية شاملة تبدأ بوقف الحرب، وإعادة تفعيل مسار الانتقال المدني في السودان. وبدوره قال رئيس «حزب الأمة»، مبارك الفاضل المهدي، إن المستشار الخاص للرئيس الأميركي، قدم الدعوة لوزراء خارجية السعودية ومصر والإمارات وبريطانيا وقطر للمشاركة في اجتماع واشنطن حول وقف الحرب في السودان. وأضاف في تدوينة على منصة «إكس»: «لم تقدم الدعوة للجيش السوداني و(قوات الدعم السريع)، أو أي جهة مدنية سودانية». مقاتلون من «الدعم السريع» (أ.ب) وأضاف: «من المنتظر أن يصدر الاجتماع قرارات مهمة بوقف الحرب، غير قابلة للرفض. إلى جانب إجازة وثيقة أميركية تقدم تسوية نهائية يدعى لها قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، وقائد (قوات الدعم السريع)، محمد حمدان دقلو (حميدتي) للتوقيع عليها». ورأى المهدي أن «وثيقة اتفاق المنامة التي وقعها نائب القائد العام للجيش السوداني، الفريق أول شمس الدين كباشي، ونائب قائد (قوات الدعم السريع)، عبد الرحيم دقلو، يمكن أن تشكل أساساً لقرارات اجتماع واشنطن». ونص اتفاق المنامة الموقع في يناير (كانون الثاني) 2024، وأطلق عليه «وثيقة مبادئ وأسس الحل الشامل للأزمة السودانية»، على الوصول لحلول للأزمة تنهي الحرب عبر حوار سوداني - سوداني.