مشروع 'صفعة' القرن!عمار يزلي
مشروع 'صفعة' القرن!
عمار يزلي
في الوقت الذي نستذكر فيه بشاعة الاستعمار الفرنسي وجرائمه التي يندى لها الجبين، في يوم النصر على النازية في 8 ماي 1945، نرى صور ذلك ماثلة اليوم أمام أعيننا في غزة والضفة، ونشاهد جرائم الاحتلال على المباشر، ونكاد لا نفرق بين إبادة الأمس وإبادة اليوم، فقط في التاريخ والجغرافيا ودرجة المشاهدة في عصر الاتصالات والقنوات الرقمية والفضائية.
غزة الشهيدة، التي لم تأمن لا من جوع ولا من خوف، تبدو اليوم تتهيأ لجولة أخرى من المكر والحيل والبحث عن 'حل شامل' أمريكي، تسوّقه إدارة البيت الأبيض، بعد ما أطلقت العنان للوحش ليعيث فسادا وتقتيلا وتهجيرا وحصارا وتجويعا، لكي يكمل ما لم يسعفه الحظ في تحقيقه مع إدارة بايدن.
الحديث اليوم عن صفقة الحل الشامل التي يسوّقها ترامب ضمن مشروع 'صفقة القرن' السابقة، والتي يبدو أن نتنياهو لا يريدها أصلا ولا فصلا، والمتمثلة في محاولة دفع تطبيع الدول العربية مع الكيان، مقابل دولة فلسطينية هزيلة ومفككة الأوصال وشبه منزوعة السلاح، هذا الحديث هو ما يجري توضيبه قبيل زيارة ترامب للشرق الأوسط: السعودية والإمارات وقطر، بعد استثناء الكيان. الكيان الذي يجد صعوبة بالغة هذه الأيام في فهم وتحمّل ضغوط الإدارة الأمريكية من أجل قبول صفقة الحل الشامل المقترحة أمريكيًّا.
نتنياهو المتأزم، سياسيا ونفسيا، الواقع بين فكي رحى حكومة اليمين التي يتكئ عليها وتعطيه أريحية وضمانا لعدم السقوط ونهاية 'ملكه'، ورغبته في مواصلة الحرب التوراتية على كل المنطقة وليس فقط غزة والضفة، يجد نفسه مع الإدارة الجديدة التي منحته ما لم يمنحه أي رئيس سابق، من دعم سياسي وعسكري وغطاء ديبلوماسي، كمن وُضع في جيب ترامب، رهينة لسخاء منقطع النظير، تماما كما حصل مع زيلنسكي. ترامب، من جهة أخرى، يرى نفسه بنرجسيته، أنه وضع نتنياهو في جيبه، وأنه سيسيره في المسار الذي يريده ويحقق به أولا مصالح أمريكا في عهده، ثم مصالح الكيان من بعده. إلا أن غرور نتنياهو وتعاليه وعجرفته ووضعه السياسي وحلمه واعتقاده أنه هو رجل الزمان 'المخلص' لـ'شعب الله المختار'، كان يرى الفرصة مواتية للمضيّ قدُما بالاشتغال وتسخير ترامب لأهدافه ومشروعه هو وحده. كلاهما كان يفكر في استخدام الآخر لتحقيق أجندته، إلى أن حدث، كما كان متوقعا، أوّل اصطدام وتقاطع للمصالح بين 'النرجسيتين'، فكان أن بدأ الجفاء الخفيّ، ثم العلني، الذي لا يستبعد أن يكبر، وإن كنا نجزم أن حبل الوصل لا ينقطع بين الطرفين، لأنهما من نفس الأصل، لهما نفس الهدف، إنما طرق تحقيق ذلك تختلف.
ترامب اليوم، وقبل زيارة الشرق الأوسط لحصد ملايير الدولارات لدعم الاقتصاد الأمريكي في الداخل، سيجد رغبة العرب جاهزة لقبول مشروع ترامب التجاري الاقتصادي والسياسي، مقابل حل القضية الفلسطينية عبر دولة مستقلة، لكن العقبة الكأداء تبقى في رئيس وزراء الكيان. وعليه، قد يمضي ترامب في دعم مشروع السعودية النووي من دون الالتفات إلى الكيان ورأيه وموقفه الرافض، كما قد يطبّع علاقاته مع إيران إلى حدِّ الاستثمار فيها وليس فقط رفع العقوبات، والأمر ذاته مع سورية ولبنان.
الكيان، وأمام الأمر الواقع، لاسيما في حال التوصل إلى تفاهمات بشأن غزة والضفة تمهيدا للإعمار وقيام دولة، نتنياهو لن يقف مكتوف الأيدي، وقد نشهد مشادات على صورة ترامب زيلنسكي أو أكثر، وفصلا جديدا من العبث السياسي في مسرحية درامية ضمن مسرح العبث بعنوان 'صفعة القرن'، لا ندري على أي وجه ستهوي.
2025-05-10
The post مشروع 'صفعة' القرن!عمار يزلي first appeared on ساحة التحرير.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


وكالة أنباء براثا
منذ 33 دقائق
- وكالة أنباء براثا
الشيخ جلال الدين الصغير : بنو العباس وبنو فلان في الروايات.. من هم وما دورهم في الشام؟
التعليقات علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ... الموضوع : وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي ----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ... الموضوع : تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41) منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ... الموضوع : النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ... الموضوع : الحسين في قلب المسيح ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ... الموضوع : محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ... الموضوع : مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !! ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ... الموضوع : المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ... الموضوع : كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!! م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ... الموضوع : كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!


وكالة أنباء براثا
منذ 33 دقائق
- وكالة أنباء براثا
الشيخ جلال الدين الصغير : هل نزول الترك إلى الجزيرة مرتبط بأحداث خراب الشام؟
التعليقات علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ... الموضوع : وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي ----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ... الموضوع : تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41) منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ... الموضوع : النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ... الموضوع : الحسين في قلب المسيح ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ... الموضوع : محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ... الموضوع : مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !! ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ... الموضوع : المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ... الموضوع : كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!! م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ... الموضوع : كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!


وكالة أنباء براثا
منذ ساعة واحدة
- وكالة أنباء براثا
صحيفة أمريكية: البيت الأبيض جمد فرض أي عقوبات جديدة على طهران
كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال"، اليوم الاثنين، أن المتحدثة باسم البيت الابيض كارولين ليفيت، أرسلت توجيهًا إلى وزارتي الخارجية والخزانة بوقف فرض أي عقوبات جديدة على إيران . وذكرت الصحيفة نقلًا عن مصدر، أن القيود التي فرضتها الولايات المتحدة على مبيعات النفط والمجمدة ستظل قائمة. مصير حملة "الضغط الأقصى" وأفاد مصدر الصحيفة المقرب من البيت الأبيض، بأن حملة "الضغط الأقصى" التي يشنها الرئيس ترامب لا تزال قائمة. وأكد أن السياسة الجديدة أُبلغت لكبار المسؤولين في مجلس الأمن القومي ووزارة الخزانة، ثم إلى وزارة الخارجية. وأضاف "أُطلع المسؤولون المعنيون بشؤون الشرق الأوسط عليها، ولكن كان لا بدَّ من نشر التوجيه على نطاق أوسع". لماذا صدر الخبر من البيت الأبيض؟ وتقول "وول ستريت جورنال" إن الخبر صدر من البيت الأبيض وليس من مجلس الأمن القومي أو وزارة الخزانة، كما هو متوقع، مبينًا أن "مجلس الأمن القومي يعاني حالة فوضى بعد أن منحت إدارة ترامب أكثر من 100 موظف إجازة. لم تُسوَّ المسؤوليات المتعلقة بالسياسات الجديدة بشكل كامل بين وزارة الخارجية ومكتب نائب الرئيس". وأفادت قناة "سي بي إس" بأن فريق الاتصالات التابع لمجلس الأمن القومي في طريقه إلى الحل. وقد تدخل مكتب المتحدثة باسم البيت الأبيض لسد هذه الثغرة. وأضافت "وول ستريت جورنال"، أنه عندما طُلب من البيت الأبيض التعليق على توقف العقوبات، لم ينكر ذلك، لكنه قدَّم البيان التالي من نائبة السكرتير الصحفي آنا كيلي: "سيتم الإعلان عن أيِّ قرارات جديدة فيما يتعلق بالعقوبات من قبل البيت الأبيض أو الوكالات ذات الصلة داخل الإدارة". ويعتقد بعض مسؤولي إدارة ترامب أن هذه السياسة لا تهدف إلّا إلى إبطاء إجراءات العقوبات الجديدة والتدقيق فيها، في ضوء المحادثات النووية الحساسة، وأنها فُسِّرت بشكل مبالغ فيه في مرحلة ما من مراحلها. ويخشى آخرون من أن يكون اللاعبون الرئيسون في السياسة غابوا عن المشهد، وفوجئوا بالتوقف الشامل. كما يفتقر المسؤولون الأمريكيون إلى الوضوح بشأن نطاق تطبيق قرار الإيقاف - هل يقتصر على العقوبات الجديدة فقط، أو أن أيَّ نشاط جديد لتطبيق العقوبات القائمة سيُخالف العقوبات الحالية أيضًا؟