
الصداقة بين الصراحة والصمت
ولا يختلف الأمر كثيرًا في علاقاته الإنسانية، فقد تختلف أشكال الهروب فيها بين الصمت، والتجاهل، والإخفاء أو التجاوز، رغم وعيه بقيمتها وجوهرها الذي يقوم على التفاهم، والتعبير، والمشاركة، والوضوح، بوصفها من أسمى القيم التي تضمن استمرار أي علاقة، خاصة في وجه الإخفاقات والتقلبات.
وبما أن الصداقة تعد من أبرز هذه العلاقات، لما يتفق عليه الجميع من كونها علاقة تتطلب شفافية عالية، يكون فيها أحد الطرفين مرآة للآخر، فإنني سأحاول التوقف عند النقطة التي لطالما جعلتني أعيد النظر في علاقتي بالآخرين: الوضوح والصراحة.. وقاتلهما الأبدي: الصمت.
عهدنا، منذ أن كنا صغارًا، أن الصداقة بمثابة الينبوع العذب الذي يعيننا على العيش في صحراء الحياة القاحلة، والملاذ الذي نلوذ إليه وبه من وحش الوحدة القاتل: سعيد هو من صادف ولو صديقًا واحدًا، ومحروم هو من لم يذق نعمة الصداقة في حياته: أولم نكبر على مقولة أجدادنا وآبائنا: "الصديق قبل الطريق"؟
الصراحة، رغم قسوتها، أرحم
وهنا، حدثت نفسي مرارًا وتكرارًا: الصدق- مهما بدا قاسيًا- أرحم من التلاشي البطيء.. قد تبدو مقولة قاسية في معناها للوهلة الأولى، إلا أن التمعن فيها يجعلنا نطرح سؤالًا: لماذا الإنسان ليس شجاعًا بما يكفي ليكون صريحًا في أي علاقة؟ ما الذي قد يدفع الإنسان إلى الهروب بدل الإفصاح؟
صحيح، ولا أنكر أنه لا وجود لعلاقة في العالم تخلو من الصراع، فالمشاكل جزء مهم من دورة حياة العلاقة، والتعامل مع الصراع بالحديث عنه، دون أن يتحول الأمر إلى مشكلة أو قطيعة، من الأشياء التي تُنجي العلاقة من الهاوية الحتمية إذا استمر الصمت والتجاهل شكلًا للتعامل في الصراعات.
إعلان
والأسوأ دائمًا ما يحدث عندما يبدأ طرف في سؤال نفسه: "لماذا أنا؟"، "لماذا تغير؟".. ويمكن لصدمة مثل صدمة انتهاء الصداقة أن تتسبب في معتقدات سلبية حول الذات، وتدفع شعورنا بالأمان والثقة نحو هاوية لا مستقر لها.
وكلما طال الصمت وازداد الوجع- لأن الإجابة غائبة- نهشت هذه الأسئلة المتراكمة الثقة بالنفس، وكسرت شيئًا في روح الصداقة نفسها. وهنا يصير الإنسان خصمًا لنفسه، يُجلد في داخله مرات، لأنه لا يعرف من أين جاء الخلل، ولا ما إن كان الخلل فيه أصلًا.
الصراحة- ولو بدت قاسية- تحمل شيئًا من الرحمة، غير أن الصمت، حين يُخفي ما يجب أن يقال، يكون صورة أخرى من التخلي، لكنها مغلفة بالأدب. ولذلك، أكره هذا النوع من الصمت، لأنه خادع، وأؤمن أن على الإنسان، حين يختار أن يصمت، أن يتذكر حجم الصدق الذي ينتظره منه الآخر.. أن يدرك أن الشجاعة لا تكون في الاستمرار، بل في التفسير، ولا في السكوت، بل في المصارحة.
الصمت كظاهرة ثقافية
وربما علينا أن نعترف بأن الصمت، حين يصبح خيارًا متكررًا، ليس فقط مشكلة فردية، بل ظاهرة ثقافية، هي تلك التي تجعل الإنسان يخاف من قول ما يشعر به، فيبدو الصريح وقحًا، والمصارح متهورًا، والواضح عبئًا على راحة الآخرين.
وإذا أردنا أن نتأمل الأمر بعمق أشمل، فإن الصمت في العلاقات الشخصية يمكن أن يكون ضارًا، كما هو الحال في القضايا المجتمعية، حيث يتحول إلى سكوت عما يجب تغييره.
أليس ما نراه اليوم من انتفاضات وغضب شعبي نتيجة لصمتٍ طويل على الظلم؟ أو لم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الساكت عن الحق شيطان أخرس"؟ وقد قال تعالى: {ولا تكتموا الشّهادة ومن يكتمها فإنّه آثمٌ قلبه}.. فكيف نقبل بصمت يؤذينا، ويهين علاقة وثقنا بها؟ الصمت في هذه المواضع ليس سلامًا، لكن تقصيرًا وهروبًا، بل وخذلانًا.
نحتاج اليوم إلى شجاعة الصدق أكثر من أي وقت مضى، لأن العلاقات التي تُبنى على الصراحة تقاوم التآكل، بينما تلك التي يحكمها الصمت تموت ببطء، دون أن يشعر بها أحد، إلا بعد أن يصبح الفقد هو الحقيقة الوحيدة الباقية.
لنقلها بصدق
إنه من المؤلم أن يعيش الإنسان في ظنونه، يبحث عن أجوبة كان يحق له أن يسمعها، ويمضي في جلد ذاته بدل أن يسمع كلمة واحدة تضع النقاط على الحروف؛ فالكتمان في هذه اللحظة لا يحمي الآخر، بل يدفعه إلى دوامة تؤذيه أكثر مما توجعه الحقيقة نفسها.
وحتى حين تكون نهاية العلاقة حتمية، فليس من النبل أن يترك الآخر غارقًا في ظنه، بل إن أبسط درجات الاحترام تقتضي أن نمنحه صورة واضحة لما جرى، لا ليبرر أو يشرح، بل ليغلق الباب وهو يرى ما خلفه.. ولأن أقسى النهايات هي تلك التي لا تقال.
والخلاصة هنا: ليس المطلوب أن نبقى في كل علاقة، بل أن نخرج منها بقدر من الصدق لا يجعلها لعنة نجرها خلفنا، بل تجربة يمكننا فهمها، وتجاوزها، وربما تذكرها دون أن نختنق.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 2 أيام
- الجزيرة
لماذا نكتب؟!
لماذا نكتب؟ قد يبدو هذا السؤال بسيطًا للوهلة الأولى، لكنه في حقيقته من أعقد الأسئلة، وأكثرها استعصاء على إجابة واحدة. كل من جرب الكتابة يومًا يعلم أن هذا الفعل لا ينبع دائمًا من قرار واعٍ، بل من حاجة داخلية، من رغبة دفينة قد لا ندركها كاملة، لكنها تدفعنا لنفتح صفحة بيضاء ونبدأ. الكتابة نافذة نطل منها على العالم، لكنها قبل ذلك نافذة نطل بها على ذواتنا؛ وحين تضيق الحياة وتتشابك الأسئلة، تكون الكتابة ملاذًا، أمانًا مؤقتًا، أو حتى صرخة صامتة.. نكتب كي لا نختنق، وكي لا نكتم نكتب لأننا نحاول أن نفهم أنفسنا.. الكتابة، أحيانًا، ليست إلا وسيلة للبحث عن صوتنا بين الضوضاء، عن ملامحنا وسط ازدحام الحياة! نكتب لأن في دواخلنا أمورًا لا تقال بسهولة، أشياء لا تصلح للحديث المباشر، ولا تجد لها مكانًا إلا بين الكلمات، بين السطور، بين الصمت الذي يتخلل النصوص. الكتابة نافذة نطل منها على العالم، لكنها قبل ذلك نافذة نطل بها على ذواتنا؛ وحين تضيق الحياة وتتشابك الأسئلة، تكون الكتابة ملاذًا، أمانًا مؤقتًا، أو حتى صرخة صامتة.. نكتب كي لا نختنق، وكي لا نكتم، وكي نحتمل. وأحيانًا، نكتب لأننا لا نجد من يصغي لنا، فنصوغ كلماتنا لأنفسنا! كتبنا عن إخفاقات لم يعبر عنها أحد، عن انكسارات لم تجد من يشعر بها، عن لحظات فرح قصيرة مرت دون أن يلاحظها أحد.. نكتب كل هذا، ليس بالضرورة من أجل الآخرين، بل من أجل أن نكون صادقين مع ذواتنا، حتى في أكثر لحظاتنا هشاشة. الكتابة أيضًا فعل تواصل؛ فقد يقرأ لنا شخص لا نعرفه، في مكان بعيد، ويشعر أنه أقرب إلينا من أناس نراهم كل يوم! الكلمات تزيل الحواجز، وتختصر المسافات؛ إذ قد نكتب عن تجربة شخصية جدًّا، فنُفاجأ بأنها لامست مشاعر شخص لم نقابله قط.. هنا تكمن إحدى أعظم هدايا الكتابة: أن تكون مرآة لغيرك، حتى دون أن تقصد ذلك. نكتب لأننا نريد أن نُفهم؛ لأننا نؤمن أن في هذا العالم شخصًا ما، في زمن ما، قد يجد عزاءه بين كلمات كتبناها نحن في لحظة صدق.. نكتب لأننا- ببساطة- لا نعرف كيف نعيش دون أن نعبّر.. لأن الكتابة ليست ترفًا، بل ضرورة، بل شكلًا من أشكال النجاة. ربما لا تغير الكتابة العالم، لكنها تغيرنا نحن؛ تُربت على قلوبنا حين نخاف، تعيد ترتيب أفكارنا حين نضيع، وتمنحنا فرصة أن نبدأ من جديد، كل مرة. الكتابة، في جوهرها، فعل مقاومة: مقاومة للنسيان، للخذلان، للمرور العابر. إنها الطريقة التي نقول بها: "لقد مررنا من هنا، وتركنا أثرًا، ولو بكلمة." إعلان في زمن سريع، لا يتيح التوقف، ولا يمنح فرصة للتأمل، تظل الكتابة فعلًا من أفعال التمرد الجميلة! نكتب لنحيا، لننقذ شيئًا من ذواتنا، لنقول إننا فكرنا، وتألمنا، ونجونا.. نكتب لأن الصمت، أحيانًا، لم يعد يكفي. اكتبوا شيئًا، أي شيء.. دوّنوا يومياتكم، خساراتكم، انكساراتكم. اكتبوا لتتذكروا لا لتنسوا، اكتبوا حتى تعترفوا -بينكم وبين أنفسكم- بجميل من وقف معكم، بمن مدّ يده حين عجزتم عن النهوض. نكتب لأن الكتابة لا تحكم علينا، لا تقاطعنا، ولا تطلب منا أن نشرح أكثر مما نحتمل.. هي الإصغاء الصادق الوحيد حين يخذلك الجميع. اكتبوا لأن ذاكرتنا خائنة، والوقت يسرق منا التفاصيل الصغيرة التي صنعتنا. اكتبوا لتبقوا أوفياء لنسخ منكم لم يفهمها أحد، لكنها كانت تحاول النجاة بكل ما أوتيت من صبر. نكتب لكي نمنح الألم شكلًا، والحلم صوتًا، ولكي لا تضيع مشاعرنا في الزحام. اكتبوا.. لئلا تمر الأيام كأنها لم تكن.


الجزيرة
منذ 4 أيام
- الجزيرة
الصداقة بين الصراحة والصمت
كثيرًا ما ظن الإنسان أن الهروب هو السبيل الأمثل للتخفيف من الضغوط والمشاكل العاطفية، والأسرية، والمادية، أو لنسيان ذكريات مؤلمة، أو ربما التملص من فشل يلاحقه نتيجة غياب الملامح الواضحة لمسار حياته. ولا يختلف الأمر كثيرًا في علاقاته الإنسانية، فقد تختلف أشكال الهروب فيها بين الصمت، والتجاهل، والإخفاء أو التجاوز، رغم وعيه بقيمتها وجوهرها الذي يقوم على التفاهم، والتعبير، والمشاركة، والوضوح، بوصفها من أسمى القيم التي تضمن استمرار أي علاقة، خاصة في وجه الإخفاقات والتقلبات. وبما أن الصداقة تعد من أبرز هذه العلاقات، لما يتفق عليه الجميع من كونها علاقة تتطلب شفافية عالية، يكون فيها أحد الطرفين مرآة للآخر، فإنني سأحاول التوقف عند النقطة التي لطالما جعلتني أعيد النظر في علاقتي بالآخرين: الوضوح والصراحة.. وقاتلهما الأبدي: الصمت. عهدنا، منذ أن كنا صغارًا، أن الصداقة بمثابة الينبوع العذب الذي يعيننا على العيش في صحراء الحياة القاحلة، والملاذ الذي نلوذ إليه وبه من وحش الوحدة القاتل: سعيد هو من صادف ولو صديقًا واحدًا، ومحروم هو من لم يذق نعمة الصداقة في حياته: أولم نكبر على مقولة أجدادنا وآبائنا: "الصديق قبل الطريق"؟ الصراحة، رغم قسوتها، أرحم وهنا، حدثت نفسي مرارًا وتكرارًا: الصدق- مهما بدا قاسيًا- أرحم من التلاشي البطيء.. قد تبدو مقولة قاسية في معناها للوهلة الأولى، إلا أن التمعن فيها يجعلنا نطرح سؤالًا: لماذا الإنسان ليس شجاعًا بما يكفي ليكون صريحًا في أي علاقة؟ ما الذي قد يدفع الإنسان إلى الهروب بدل الإفصاح؟ صحيح، ولا أنكر أنه لا وجود لعلاقة في العالم تخلو من الصراع، فالمشاكل جزء مهم من دورة حياة العلاقة، والتعامل مع الصراع بالحديث عنه، دون أن يتحول الأمر إلى مشكلة أو قطيعة، من الأشياء التي تُنجي العلاقة من الهاوية الحتمية إذا استمر الصمت والتجاهل شكلًا للتعامل في الصراعات. إعلان والأسوأ دائمًا ما يحدث عندما يبدأ طرف في سؤال نفسه: "لماذا أنا؟"، "لماذا تغير؟".. ويمكن لصدمة مثل صدمة انتهاء الصداقة أن تتسبب في معتقدات سلبية حول الذات، وتدفع شعورنا بالأمان والثقة نحو هاوية لا مستقر لها. وكلما طال الصمت وازداد الوجع- لأن الإجابة غائبة- نهشت هذه الأسئلة المتراكمة الثقة بالنفس، وكسرت شيئًا في روح الصداقة نفسها. وهنا يصير الإنسان خصمًا لنفسه، يُجلد في داخله مرات، لأنه لا يعرف من أين جاء الخلل، ولا ما إن كان الخلل فيه أصلًا. الصراحة- ولو بدت قاسية- تحمل شيئًا من الرحمة، غير أن الصمت، حين يُخفي ما يجب أن يقال، يكون صورة أخرى من التخلي، لكنها مغلفة بالأدب. ولذلك، أكره هذا النوع من الصمت، لأنه خادع، وأؤمن أن على الإنسان، حين يختار أن يصمت، أن يتذكر حجم الصدق الذي ينتظره منه الآخر.. أن يدرك أن الشجاعة لا تكون في الاستمرار، بل في التفسير، ولا في السكوت، بل في المصارحة. الصمت كظاهرة ثقافية وربما علينا أن نعترف بأن الصمت، حين يصبح خيارًا متكررًا، ليس فقط مشكلة فردية، بل ظاهرة ثقافية، هي تلك التي تجعل الإنسان يخاف من قول ما يشعر به، فيبدو الصريح وقحًا، والمصارح متهورًا، والواضح عبئًا على راحة الآخرين. وإذا أردنا أن نتأمل الأمر بعمق أشمل، فإن الصمت في العلاقات الشخصية يمكن أن يكون ضارًا، كما هو الحال في القضايا المجتمعية، حيث يتحول إلى سكوت عما يجب تغييره. أليس ما نراه اليوم من انتفاضات وغضب شعبي نتيجة لصمتٍ طويل على الظلم؟ أو لم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الساكت عن الحق شيطان أخرس"؟ وقد قال تعالى: {ولا تكتموا الشّهادة ومن يكتمها فإنّه آثمٌ قلبه}.. فكيف نقبل بصمت يؤذينا، ويهين علاقة وثقنا بها؟ الصمت في هذه المواضع ليس سلامًا، لكن تقصيرًا وهروبًا، بل وخذلانًا. نحتاج اليوم إلى شجاعة الصدق أكثر من أي وقت مضى، لأن العلاقات التي تُبنى على الصراحة تقاوم التآكل، بينما تلك التي يحكمها الصمت تموت ببطء، دون أن يشعر بها أحد، إلا بعد أن يصبح الفقد هو الحقيقة الوحيدة الباقية. لنقلها بصدق إنه من المؤلم أن يعيش الإنسان في ظنونه، يبحث عن أجوبة كان يحق له أن يسمعها، ويمضي في جلد ذاته بدل أن يسمع كلمة واحدة تضع النقاط على الحروف؛ فالكتمان في هذه اللحظة لا يحمي الآخر، بل يدفعه إلى دوامة تؤذيه أكثر مما توجعه الحقيقة نفسها. وحتى حين تكون نهاية العلاقة حتمية، فليس من النبل أن يترك الآخر غارقًا في ظنه، بل إن أبسط درجات الاحترام تقتضي أن نمنحه صورة واضحة لما جرى، لا ليبرر أو يشرح، بل ليغلق الباب وهو يرى ما خلفه.. ولأن أقسى النهايات هي تلك التي لا تقال. والخلاصة هنا: ليس المطلوب أن نبقى في كل علاقة، بل أن نخرج منها بقدر من الصدق لا يجعلها لعنة نجرها خلفنا، بل تجربة يمكننا فهمها، وتجاوزها، وربما تذكرها دون أن نختنق.


الجزيرة
١٨-٠٧-٢٠٢٥
- الجزيرة
كيف تعزز "دي جي آي فليب" تجربة الطيران للمستخدمين الجدد؟
في عالم الطائرات المسيّرة الذي يشهد تنافسا محموما على الابتكار والسهولة، تُعَد السلامة وسهولة الاستخدام عاملين حاسمين للمبتدئين. وهنا يأتي دور شركة "دي جي آي" (DJI) وطائرتها المسيّرة الجديدة، المصممة خصوصا لتعزيز تجربة الطيران الأولى للمستخدمين. ومن خلال طائرة "فليب" (Flip)، تعيد الشركة الرائدة عالميا تعريف معايير الطيران للهواة والمحترفين، كما تقدم تجربة طيران محسّنة تستهدف شريحة المستخدمين الجدد، الذين يبحثون عن المتعة والأمان وسهولة الاستخدام. وبفضل ميزات، مثل حماية المراوح المصنوعة من ألياف الكربون، وأجهزة استشعار تجنب العقبات، تقدم هذه الطائرة تجربة طيران آمنة وسلسة حتى لأولئك الذين لا يملكون خبرة سابقة. الخيار المثالي للمبتدئين غالبا ما يواجه المستخدمون الجدد للطائرات المسيرة عقبات، مثل التعقيد التقني أو الخوف من فقدان السيطرة على الطائرة أثناء التحليق. ومن أجل مواجهة هذه التحديات، قدمت "فليب" حزمة من الحلول الذكية التي تجعل تجربة الطيران الأولى أكثر سلاسة وأمانا. وتمتلك هذه الطائرة واجهة تحكم بديهية تتناسب مع جميع المستويات، حيث تتضمن أوضاع طيران مخصصة للمبتدئين تتيح لهم التعلم بشكل تدريجي. كما أن أنظمة الأمان المتطورة المدمجة في الطائرة تقلل بشكل كبير احتمالية الاصطدام أو فقدان السيطرة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن التصميم المتين للطائرة يجعلها قادرة على تحمل الأخطاء الشائعة التي يرتكبها المبتدئون أثناء التعلم. "فليب" تحمي نفسها والمستخدم تُعد مراوح الطائرة المسيرة من أكثر الأجزاء عرضة للتلف عند الاصطدام بالأجسام الصلبة أو السقوط على الأرض. ومن أجل حماية هذه المراوح، زودت "دي جي آي" طائرتها بواقيات تتميز بخيوط من ألياف الكربون الخفيفة الوزن والمتينة. وتقلل هذه الواقيات من خطر كسر المراوح، وتحمي أيضا المستخدمين والمحيطين من أي إصابات قد تنتج عن دوران المراوح السريع. وتمنع الواقيات تلامس المراوح مع الأجسام الخارجية أثناء الطيران، سواء في الأماكن المغلقة أو المفتوحة. وإذا تعرضت هذه الواقيات للتلف، فإنها مصممة لتكون قابلة للاستبدال بسهولة، مما يقلل تكاليف الصيانة ويحافظ على عمر الطائرة الافتراضي. وتعتمد "فليب" على مستشعر رؤية لأسفل من أجل اكتشاف أماكن الهبوط والمساعدة في الاستقرار ومستشعر الأشعة تحت الحمراء الأمامي للمساعدة في منع الاصطدام بالأشياء. وعند اقتراب الطائرة من أي عقبة، ينشط نظام التوقف الذكي، الذي يوقف حركة الطائرة تلقائيا لمنع الاصطدام. كما يتوفر وضع التفادي شبه الآلي، حيث تقوم الطائرة بتعديل مسارها بنفسها لتجنب الاصطدام دون الحاجة إلى تدخل المستخدم. وتعد هذه الميزة مفيدة جدا للمبتدئين الذين قد لا يمتلكون ردود أفعال سريعة كافية لتجنب العقبات يدويا. وهناك أيضا ميزة العودة الآمنة إلى نقطة الانطلاق، وعند تنشيط هذه الميزة، سواء بشكل يدوي أو تلقائي، تعود الطائرة إلى المكان الذي أقلعت منه. وتعمل الطائرة أولا على تحديد موقع الإقلاع بدقة عبر "النظام العالمي لتحديد المواقع" (GPS)، ومن ثم ترفع نفسها إلى ارتفاع آمن قبل أن تبدأ رحلة العودة. وأثناء الهبوط، تستخدم المستشعرات لضمان الهبوط بدقة في النقطة المحددة، مما يقلل خطر فقدان الطائرة أو تحطمها. تحسين تجربة الطيران للمبتدئين عبر تقنيات "فليب" صممت "فليب" للإقلاع والهبوط بأمان على يد المستخدم، بينما يتيح زر على جانبها التبديل بين أوضاع الطيران الذكية الآلية، مع شاشة أمامية ومؤشر صوتي يخبر المستخدم بالوضع المستخدم حاليا. وتوفر الطائرة عدة أوضاع طيران مسبقة البرمجة، مثل "وضع المبتدئ"، الذي يحدد سرعة الطيران والارتفاع المسموح به، مما يضمن للمستخدم تجربة آمنة أثناء تعلّم الأساسيات. كما يتوفر وضع التتبع الذكي، الذي يتيح للطائرة تتبع المستخدم تلقائيا أثناء حركته، سواء كان يسير أو يركب دراجة. ويعد هذا الوضع مثاليا للمصورين المبتدئين، الذين يرغبون في تصوير أنفسهم دون الحاجة إلى التحكم يدويا في الطائرة. ومن أجل تعزيز تجربة المستخدم، أطلقت "دي جي آي" تطبيق "فلاي" (Fly) الذي يعمل كمركز تحكم ذكي للطائرة. ويتميز التطبيق بواجهة بسيطة تعرض جميع بيانات الطيران الأساسية، مثل الارتفاع والمسافة المقطوعة وسرعة الرياح، مما يساعد المستخدم في اتخاذ القرارات الصحيحة أثناء التحليق. ويحتوي التطبيق أيضا على ميزة الطيران الافتراضي، التي تتيح للمستخدم التدرب على التحكم في الطائرة عبر محاكاة افتراضية قبل تجربة الطيران الحقيقي. وبالإضافة إلى ذلك، يرسل التطبيق إشعارات فورية في حال وجود أي مخاطر، مثل انخفاض شحن البطارية أو زيادة سرعة الرياح، مما يتيح للمستخدم اتخاذ الإجراءات المناسبة في الوقت المناسب. وصممت "دي جي آي" بطارية "فليب" لتوفر وقت طيران يصل إلى 31 دقيقة في الظروف المثالية، وهو معدل جيد مقارنة بالعديد من الطائرات المسيّرة المخصصة للمبتدئين. كما أن البطارية مزودة بنظام ذكي يحذر المستخدم مسبقا عند اقترابها من النفاد، مما يتيح له الوقت الكافي لإعادة الطائرة بأمان أو تبديل البطارية إذا لزم الأمر. تحقيق أقصى استفادة من "فليب" من أجل ضمان تجربة طيران آمنة وممتعة، ينصح المستخدمون الجدد باتباع بعض الإرشادات الأساسية. وتشمل تلك الإرشادات الأساسية البدء دائما بوضع المبتدئ، حيث يحد هذا الوضع من سرعة الطيران والارتفاع، مما يقلل من احتمالية فقدان السيطرة. ويجب على المستخدم فحص مستشعرات تجنب العقبات قبل كل رحلة للتأكد من أنها تعمل بشكل صحيح، حيث إن أي عطل في هذه المستشعرات قد يعرض الطائرة لخطر الاصطدام. كما يُنصَح باستخدام حمايات المراوح دائما عند الطيران في الأماكن المغلقة أو بالقرب من الناس، لأنها تقلل خطر الإصابات. ويجب تجنب الطيران في الظروف الجوية الصعبة، مثل الرياح العاتية أو الأمطار، حيث يمكن أن تؤثر هذه العوامل في استقرار الطائرة وتزيد صعوبة التحكم فيها. في الختام، تمثل "فليب" نقلة نوعية في عالم الطائرات المسيّرة المخصصة للمبتدئين، حيث تجمع بين التصميم المتين والتقنيات الذكية التي تضمن تجربة طيران آمنة وسلسة. وبفضل ميزاتها، أصبح بإمكان المستخدمين الجدد تعلم أساسيات الطيران دون خوف من الحوادث أو الأعطال، مما يساهم في جعل هذه التقنية أكثر انتشارا بين الهواة والمحترفين على حد سواء.