logo
حسام أبو صفية لمحاميته: هل ما زال أحد يذكرني؟

حسام أبو صفية لمحاميته: هل ما زال أحد يذكرني؟

شفق نيوزمنذ 3 أيام
"أتوا به إلي زحفاً، بصحبة أربعة سجانين، ممنوع من رفع الرأس أو الظهر، معصوب العينين، ومكبل بأصفاد حديدية، وتظل هذه الأصفاد ملازمة ليديه طوال مدة الزيارة التي لا تتجاوز الثلاثين دقيقة، والتي تتم من وراء ساتر زجاجي من خلال سماعة هاتفية يمسكها المسجون بإحدى يديه المكبلتين، وهنا لابد من التنويه إلى أنه يتم تسجيل مقابلتي معه بالصوت والصورة دون مراعاة لأدنى درجات الخصوصية والسرية".
هكذا وصفت المحامية الفلسطينية غيد قاسم لبودكاست "غزة اليوم"، كواليس زيارتها الأخيرة لموكلها الطبيب الغزي الشهير حسام أبو صفية طبيب الأطفال ومدير مستشفى كمال عدوان الذي تم اعتقاله في نهاية ديسمبر كانون الأول الماضي.
ووفق المتحدثة، مرّ الدكتور حسام أبو صفية منذ لحظة اعتقاله بالكثير من الأوضاع المتقلبة، فبداية تم احتجازه في معتقل سدي تيمان في سجن انفرادي، ثم بعد مرور شهر ونصف أو شهرين تم ضمه لعشرة مساجين من قطاع غزة في زنزانة رقم واحد، في قسم 24 بسجن عوفر.
تحت الأرض
وهنا لا بد من التنويه إلى أن المعتقلين الغزيين تُخصص لهم أقسام بعينها في السجون الإسرائيلية بحيث لا يختلطوا بغيرهم. هذه الأقسام تحت الأرض، ما يعني أنهم لا يرون ضوء الشمس ولا يعرفون أي شيء عما يحدث في العالم الخارجي، تضيف المحامية الشابة.
وعن معدل الزيارات المسموح بها لها كمحامية لزيارة موكلها تقول: "إدارة السجن تحاول جاهدة ألا تمنحني أكثر من تصريح لزيارة واحدة في الشهر، كما أن هناك تضييق على الزيارات الخاصة بأبو صفية تحديداً".
بي بي سي تواصلت مع الجيش الإسرائيلي لعرض شهادة أبو صفية وما يتعرض له من انتهاكات، وأجاب في بيان إنه "يرفض تماماً الادعاءات المتعلقة بوجود إساءة منهجية بحق المحتجزين".
"وأنه يتم إحالة الشكاوى الملموسة المتعلقة بسوء التصرف أو بظروف الاحتجاز غير الملائمة إلى الجهات المختصة، ويتم التعامل معها وفقاً للأنظمة والإجراءات المتبعة".
Reuters
تتابع المحامية غيد قاسم، "عندما زرته وجدته منعزلاً تماماً عن العالم الخارجي، لا يعلم أي شيء عما يدور حوله، لدرجة أنه لم يعرف أن هناك حرباً نشبت بين إسرائيل وإيران لمدة 12 يوماً، كان خلالها يسمع أصوات الصواريخ الإيرانية وهي تنفجر في محيط السجن، دون أن يعلم ما هذه الأصوات وما الذي يحدث".
وعلى إثر هذه الزيارة، كانت غيد قاسم قد نشرت عبر حسابها الشخصي على موقع فيس بوك منشوراً أثار الكثير من الجدل حول الحالة الصحية وأوضاع احتجاز الطبيب الغزي حسام أبو صفية.
وتعليقاً على هذا المنشور، أكدت قاسم في حديثها لبي بي سي أن موكلها خسر 40 كيلوغراماً من وزنه خلال فترة اعتقاله، وأضافت: منذ أول شهرين فقد أبو صفية 20 كيلوغراماً، واليوم بعد مضي أكثر من 200 يوم على اعتقاله فقد حوالي 40 كيلوغراماً من وزنه.
وعن نوعية الطعام الذي يقدم له، وأدى به إلى هذا الوضع الصحي قالت: "موكلي يتناول يومياً ملعقتين من الأرز وربما كمية قليلة من الخبز. وهنا لابد من التنويه لحيلة يقوم بها المعتقلون كي يشعروا بالشبع، ويوهموا أنفسهم بأنهم تناولوا وجبة كاملة، وهي أنهم يقومون بجمع كل عينات الطعام التي توفرها لهم إدارة السجن ليتناولوها دفعة واحدة مساء، ما يعطيهم شعوراً بأنهم أكلوا وجبة كاملة".
ومضت تشرح "فمثلاً، تقدم لهم إدارة السجن صباحاً ملعقة من اللبنة أو المربى، ثم على وجبة الغداء ملعقتين من الأرز، وأخيراً على وجبة العشاء ملعقة من الحمص، هم يقومون بجمع كل ذلك على مدار اليوم ويتناولونه دفعة واحدة".
وعن ظروف الاحتجاز تقول المحامية "يُسمح لموكلي بالاستحمام دون صابون مرتين فقط في الأسبوع، وأحياناً توفر لهم إدارة السجن كمية ضئيلة جداً من الصابون لتوزع على كل المعتقلين، على ألا تزيد مدة الاستحمام عن دقيقة واحدة".
وفيما يتعلق بتفاصيل واقعة الاعتداء عليه التي تضمنها منشورها الرائج على فيسبوك قالت: "بعدما قصفت إيران مستشفى سوروكا في بئر السبع أثناء حرب 12 يوماً، يبدو أن إدارة السجن قررت الانتقام من الأطباء، فاقتحم عدد منهم زنزانة الدكتور حسام أبو صفية، واعتدوا عليه بالضرب على قدميه ويديه وقفصه الصدري، وعندما طلب أن يتم عرضه على طبيب، خاصة وأنه منذ حدوث هذه الواقعة يشعر بعدم انضباط في ضربات القلب قوبل طلبه بالرفض".
وتضيف قاسم "في هذه الواقعة تم كسر النظارة الطبية التي يرتديها موكلي، بعدما عانيت لمدة ثلاثة أشهر من أجل إدخالها له، إذ نفت إدارة السجن إصابة موكلي بضعف النظر وحاجته للنظارة، لكنني صممت على أن تجرى له الفحوصات اللازمة التي أثبتت أنه بحاجة لنظارة طبية، فما كان منهم إلا أن كسروها له أثناء الاعتداء عليه، والآن يضطر موكلي لارتداء نظارته مكسورة العدسة".
مصحف بالتناوب
ولفتت إلى أن الشيء الوحيد التي تمكنت من إدخاله له هو مصحف، ومع ذلك لم يكن هذا المصحف من نصيبه منفرداً، إذ يشاركه فيه باقي زملاء الزنزانة ويمر عليهم بالتناوب للتلاوة.
وأكدت على أن الملابس الشتوية التي ظهر بها أبو صفية في بداية اعتقاله، والتي سربها له صحفي إسرائيلي، هي ذاتها الملابس التي شاهدته بها في الزيارة، فهو كغيره من المعتقلين محروم حتى من ملابس السجن، لدرجة أنه يضطر لغسل ملابسه الداخلية ثم يرتديها وهي مبللة لأنه لا يملك غيرها.
وبخصوص وضعه النفسي، وصفت المحامية موكلها بالأيقونة والجبل الذي لا يقهره شيء، مؤكدة أنه يفيض بالمعنويات المرتفعة على كل من حوله، ورغم أنه فقد ابنه قبل الاعتقال، وفقد والدته بعد الاعتقال، إلا أن كل ما يشغل باله هو وضع الكوادر الطبية والمستشفيات وحالة الجرحى في قطاع غزة.
وعما إذا كان أبو صفية قد علم بخبر وفاة والدته بعد اعتقاله تقول: "هو يعلم بوفاتها منذ بدايات الاعتقال، عن طريق معتقلين جدد انضموا له في الزنزانة وأخبروه بما يجري خلف أسوارها".
وعن أول سؤال سأله لها في زيارتها الأخيرة له قالت: "سألني عما إذا كان باقي أفراد أسرته على قيد الحياة، وعما إذا كان منزله قصف أم لا، كما سألني هل مازالت الناس مهتمة بقصتي وما يحدث لي؟ هل ما زال أحد يتذكرني؟"
الرد الإسرائيلي
تواصل فريق بي بي سي نيوز عربي مع المكتب الإعلامي للجيش الإسرائيلي للوقوف على الوضع الصحي للطبيب المعتقل حسام أبو صفية، وللحصول على رد رسمي على ما جاء في تصريحات المحامية، فأفاد بما يلي:
"تعمل قوات الدفاع الإسرائيلية وفقاً للقانون الإسرائيلي والقانون الدولي، وتحرص على حماية حقوق الأفراد المحتجزين في منشآت الاحتجاز الخاضعة لمسؤوليتها، وتعد أي إساءة إلى المحتجزين، سواء أثناء احتجازهم أو خلال استجوابهم، انتهاكاً للقانون وتعليمات قوات الدفاع الإسرائيلية، وهو أمر محظور بشكل صارم".
وتابع: "تتعامل قوات الدفاع الإسرائيلية مع مثل هذه الانتهاكات بمنتهى الجدية، نظراً لتعارضها مع القيم الأساسية للقوات، وتُجري فحصاً دقيقاً لأي ادعاءات ملموسة تتعلق بإساءة معاملة المحتجزين، كما ترفض تماماً الادعاءات المتعلقة بوجود إساءة منهجية بحق المحتجزين".
وجاء في الرد الإسرائيلي أنه يتم إحالة الشكاوى الملموسة المتعلقة بسوء التصرف أو بظروف الاحتجاز غير الملائمة إلى الجهات المختصة، ويتم التعامل معها وفقاً للأنظمة والإجراءات المتبعة، وفي الحالات المناسبة، تُتخذ إجراءات تأديبية بحق أفراد طاقم المنشأة، وتُباشر تحقيقات جنائية عندما يكون هناك اشتباه مبني على أسباب معقولة بارتكاب جريمة تبرر فتح مثل هذا التحقيق.
وفيما يتعلق بعدم تبديل الدكتور أبو صفية لملابسه الشتوية حتى الآن، قال الجيش الإسرائيلي إن كل محتجز يتسلم مجموعة من الملابس المناسبة للطقس.
وبخصوص توفير أدوات النظافة الشخصية للمعتقلين والسماح لهم بالاستحمام، قال المكتب الإعلامي: "يتم تزويد جميع المحتجزين بوسائل الحفاظ على النظافة الشخصية الأساسية، ولديهم وصول منتظم إلى المراحيض داخل منشأة الاحتجاز، التي يتم تنظيفها بانتظام لضمان النظافة والصحة، كما يُسمح لهم بالاستحمام بانتظام".
وعن توفير الرعاية الطبية اللازمة، قال: "عند دخولهم إلى المنشأة، يخضع المحتجزون لفحوصات طبية، وتُجرى جولات طبية منتظمة داخل المنشأة، كما يتلقى المحتجزون رعاية طبية مناسبة وفقاً للقانون، وإذا لزم الأمر، يتم تحويلهم لتلقي العلاج تحت إشراف وزارة الصحة".
وفيما يتعلق بتكبيل المعتقلين بأصفاد حديدية حتى أثناء زيارة المحامي، يقول المكتب: "يُطبّق التقييد لفترات طويلة أثناء الاحتجاز فقط في حالات استثنائية، وعندما تكون هناك اعتبارات أمنية تقتضي ذلك، مع أخذ الحالة الصحية للمحتجز بعين الاعتبار، ونحن لا نجبر المحتجزين على البقاء في وضعية القرفصاء".
واختتم المكتب الإعلامي التابع للجيش الإسرائيلي تصريحاته بالرد على فقدان أبو صفية أربعين كيلوغراماً من وزنه، قائلاً: "يتلقى المحتجزون ثلاث وجبات يوماً، وفقاً للكمية والأنواع المعتمدة من قبل اختصاصي تغذية للحفاظ على صحتهم، كما يتوفر لديهم دائماً ماء للشرب."
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

إسرائيل تنتقد "مغالطة إستراتيجية" وتدعو الغرب لموقف حازم من إيران
إسرائيل تنتقد "مغالطة إستراتيجية" وتدعو الغرب لموقف حازم من إيران

شفق نيوز

timeمنذ 5 ساعات

  • شفق نيوز

إسرائيل تنتقد "مغالطة إستراتيجية" وتدعو الغرب لموقف حازم من إيران

شفق نيوز- ترجمة خاصة حذرت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" من "مغالطة إستراتيجية" متمثلة بمقارنة تجربة غزو العراق والأخطاء التي تخللتها، بمواجهة إيران وبرنامجها النووي، داعية الغرب إلى التخلص من تردده وصياغة سياسة متعددة الجوانب، ترتكز على الاحتواء والردع والالتزام القوي بالخيارات العسكرية المضمونة. وبعدما ذكّر التقرير الإسرائيلي، الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، بهجوم الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش، على العراق في 20 آذار/ مارس 2003، كذلك بهجوم الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب على إيران في إطار عملية "مطرقة منتصف الليل"، قال التقرير إنه في الخطاب الغربي، تجري مقارنة أي عمل عسكري ضد إيران حالياً، بالتدخل في العراق العام 2003، وهو تشبيه يتسم بالكسل، والتضليل بشكل خطير. وفي حين لفت التقرير إلى أن حرب العراق شنت بناء على فرضيات خاطئة وتخطيط سيء، إلا أنه اعتبر أن إيران تمثل تهديداً ثابتاً وملحاً ومتصاعداً، ولهذا فإن الخلط بين الحالتين، يشكل "مغالطة إستراتيجية" تساهم في شلل السياسات الفعالة، وتفويض عزيمة الرأي العام، ويجعل إسرائيل والغرب معرضين لحكم ديني يطمح إلى امتلاك أسلحة نووية. وتناول التقرير "كذبة" أسلحة الدمار الشامل التي كان يُعتقد أن صدام حسين كان يمتلكها، لكنه قال إنه بدلاً من بروز ديمقراطية على النمط الغربي، انزلق العراق بعد الغزو إلى الفوضى، وصعدت الجماعات الإرهابية، وخاصة القاعدة وداعش، مما أشعل فتيل العنف الطائفي، بينما حوصرت قوات التحالف في تمرد وحشي. ولهذا، رأى التقرير أن الندم العميق الذي شعر به القادة والشعوب الغربية على حد سواء إزاء هذا "الخطأ المأساوي في التقدير"، خلق تردداً فيما يتعلق باحتمالات التدخل في الشرق الأوسط. إلا أن التقرير اعتبر أنه برغم "المأساة العراقية" التي شكلت درساً صارخاً، فإنه يجب ألا تتحول إلى ذريعة للشلل الإستراتيجي، موضحاً أن أوجه التشابه بين عام 2003 وإيران حالياً، ليست غير دقيقة فحسب، بل هي خطيرة، وتحجب الأنظار عن تهديد مختلف جوهرياً. وبحسب التقرير الإسرائيلي، فإن التهديد النووي الإيراني، وعلى العكس من قضية أسلحة الدمار الشامل لدى عراق صدام حسين، هو حقيقي ومتسارع بشكل مرعب، حيث سعت إيران منذ العام 2002، إلى امتلاك قدرات الأسلحة النووية من خلال الاستحواذ على اليورانيوم المخصب والماء الثقيل والبنية التحتية الحيوية، كما أنه منذ حزيران/ يونيو الماضي، جرى تخفيض الفترة اللازمة لإنتاج ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع قنبلة، إلى أدنى مستوى له، لمجرد أسابيع فقط. وإلى جانب تطويرها النووي، قال التقرير إن وضع إيران الإقليمي والعالمي يشكل خطراً أكبر بكثير مما كان عليه العراق في عهد صدام حسين لأنه بحلول العام 2003، كان العراق دولة منبوذة ومشلولة بسبب عقوبات الأمم المتحدة، والعزلة الدولية والاستنزاف العسكري، إلا أن إيران على عكس ذلك، تعتبر قوة إقليمية صاعدة وتتمتع برؤية ايديولوجية راسخة، وإمكانيات عسكرية متطورة، ولها رصيد حافل في استعراض قوتها خارج حدودها من خلال شبكة الوكلاء الإقليميين. ولهذا، اعتبر التقرير أن مواجهة إيران أمر ملح لأن من شأن امتلاكها للسلاح النووي أن يتسبب بتحول جذري في الأمن العالمي، لأنها لن تكون مجرد دولة مارقة أخرى، وانما ستكون أكثر جرأة، وأقل ردعاً. وأضاف أن هناك جانبين، أولاً ضرورة منع ظهور دولة مارقة مسلحة نوويا، وثانياً كبح جماح دولة راسخة ترعى الإرهاب وتمثل أفعالها تهديداً وجودياً ملموساً لإسرائيل، وتحدياً خطيراً ومتنامياً للغرب. وخلص التقرير الإسرائيلي إلى القول إنه شبح حرب العراق يجب ألا يتسبب بشلل السياسة الغربية تجاهَ إيران، مضيفاً أنه يتحتم على الغرب التخلص من تردده الذي سار عليه في حقبة العراق، وأن يعمل على صياغة سياسة متماسكة ومتعددة الجوانب إزاء إيران، وترتكز على الاحتواء والردع القوي، والأهم من ذلك، أن يتضمن التزاماً راسخاً بخيارات عسكرية موثوقة. ودعا التقرير أيضاً الغرب إلى إعادة تأكيد مصداقية ردعه العسكري، وإظهار استعداد حاسم لاستخدام القوة في حال فشلت التدابير الدبلوماسية أو القسرية في منع إيران من امتلاك أسلحة نووية. وأضاف أنه برغم أن الدبلوماسية ما تزال ضرورية، إلا أنها يجب ألا تتسم بالسذاجة، ولهذا، فإن أي اتفاق مستقبلي يجب أن يتضمن الحد الكبير في قدرات التخصيب، الوصول الكامل للوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى كافة المواقع. وختمت "تايمز أوف إسرائيل" قائلة إنه في حال إذا قوبل برنامج إيران النووي المتسارع وعدوانيتها الإقليمية المتزايدة، بالحذر الخطابي فقط، فإن تداعيات ذلك ستمتد إلى ما هو أبعد من الشرق الأوسط، وستعيد صياغة الأمن العالمي جذرياً، مضيفاً أن العمل الغربي الحاسم لم يعد خياراً، وإنما تحول إلى ضرورة.

هل تبيع المملكة المتحدة أسلحة لإسرائيل؟
هل تبيع المملكة المتحدة أسلحة لإسرائيل؟

شفق نيوز

timeمنذ 6 ساعات

  • شفق نيوز

هل تبيع المملكة المتحدة أسلحة لإسرائيل؟

أدان وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، سلوك إسرائيل في غزة، وقال إن بريطانيا "قد تفعل المزيد في الأسابيع المقبلة" إذا لم تُغير الحكومة الإسرائيلية نهجها في إدارة الحرب في القطاع. وأعرب لامي عن غضبه من "عجز المجتمع الدولي عن إنهاء هذه الحرب"، وقال إنه "يشعر بالاشمئزاز" من مقتل فلسطينيين في مراكز إغاثة على يد القوات الإسرائيلية في الأيام الأخيرة. ومنذ أن بدأت إسرائيل حملتها العسكرية في غزة بعد هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول، انصبّ اهتمام الرأي العام بشكل كبير على مسألة المساعدات التي تقدمها المملكة المتحدة. فمعظم الأسلحة المستخدمة في هجمات الجيش الإسرائيلي على القطاع صُنعت أو بيعت من قِبل دول غربية. لكن المعلومات المتعلقة بمدى الدعم العسكري البريطاني لإسرائيل غالباً ما تظل غامضة أو سرية، وقد دعا بعض أعضاء البرلمان إلى إجراء تحقيق عام في حجم ومدى هذه المساعدات. هل تُزوّد المملكة المتحدة إسرائيل بالأسلحة؟ المملكة المتحدة ليست من أكبر موردي الأسلحة لإسرائيل، لكن الولايات المتحدة هي أكبر مورد للأسلحة بفارق كبير، كما أنها تساعد إسرائيل على تطوير أحد أكثر الجيوش تقدماً في العالم، تليها ألمانيا وإيطاليا. ومنذ عام 2015، وافقت المملكة المتحدة على تراخيص تصدير أسلحة إلى إسرائيل بقيمة تزيد عن 500 مليون جنيه إسترليني (676.4 مليون دولار أمريكي)، وبلغت ذروتها في عام 2018، وفقاً لمجموعة الضغط "حملة مناهضة تجارة الأسلحة (CAAT)". ومع ذلك، انصبّ الاهتمام الأكبر بدعم المملكة المتحدة لإسرائيل فيما يتعلق بالأجزاء المصنوعة في بريطانيا من طائرة إف - 35، التي استخدمتها إسرائيل على نطاق واسع لضرب غزة. وتوفر المملكة المتحدة ما بين 13 إلى 15 في المئة من المكونات المستخدمة في صناعة الطائرة، بما في ذلك مقاعد قذف الصواريخ، والهيكل الخلفي، وأنظمة الاعتراض النشطة، وأشعة الليزر المستهدفة، وكابلات إطلاق الأسلحة. ومع ذلك، لا تتضمن النسخة الإسرائيلية من الطائرة بعض هذه الأجزاء. وبعد وصول حزب العمال إلى السلطة العام الماضي، علّق 30 ترخيصاً من أصل 350 ترخيصًا لتصدير الأسلحة، وهو ما أثر على معدات مثل قطع غيار الطائرات المقاتلة والمروحيات والطائرات المسيرة. ويتعين على أي شركة بريطانية ترغب في بيع أسلحة للخارج التقدم بطلب للحصول على ترخيص، وقد صرّحت الحكومة آنذاك بوجود "خطر واضح" من إمكانية استخدام هذه المعدات لارتكاب انتهاكات جسيمة للقانون الدولي. لكن الأهم من ذلك، أن قطع غيار الطائرة إف-35 لم تكن مشمولة بحظر التصدير. وأكدت الحكومة أنها لا تستطيع منع إسرائيل من الحصول على هذه المكونات لأنها تُرسل إلى مراكز التصنيع في الخارج كجزء من برنامج عالمي - وليس مباشرةً إلى إسرائيل. ووصفت آنا ستافرياناكيس، الخبيرة في مجال تصدير الأسلحة في المملكة المتحدة، قرار الحكومة بالسماح بهذا الإعفاء بأنه "ثغرة قانونية هائلة". وصرحت لقسم تقصي الحقائق في بي بي سي قائلةً: "معظم قطع طائرات إف-35 المصنوعة في المملكة المتحدة تذهب إلى الولايات المتحدة، حيث تُدمج في الطائرات المتجهة إلى إسرائيل"، مشيرةً إلى أن حظر التصدير البريطاني كان محدود الفعالية نظراً لـ "إصرار البيت الأبيض على دعم إسرائيل". كما شاركت المملكة المتحدة في تطوير الطائرة بدون طيار "هيرمس"، والتي استُخدمت على نطاق واسع في غزة. ورغم أن النسخة البريطانية من الطائرة، والمعروفة باسم "واتش كيبر 450"، غير مسلحة، فإن طائرة هيرمس بدون طيار الإسرائيلية الصنع يمكن تسليحها بصواريخ سبايك، وقد ورد أنها استُخدمت في الهجوم الذي أودى بحياة سبعة من عمال الإغاثة في المطبخ المركزي العالمي العام الماضي. ومن الصعب تحديد ما الذي لا تزال المملكة المتحدة تُصدره إلى إسرائيل بموجب التراخيص السارية. وقد صرّح وزير الخارجية ديفيد لامي العام الماضي بأن الحظر ليس "حظراً شاملاً أو حظراً على الأسلحة"، مؤكداً على ضرورة أن تتمكن إسرائيل من الدفاع عن نفسها ضد أي هجوم. ووفقاً لوزارة الأعمال والتجارة، فإن 161 من التراخيص القائمة تتعلق بمنتجات عسكرية. وأفاد تقرير صادر عن البرلمان البريطاني أن التراخيص المتبقية قد تشمل "عناصر مثل طائرات التدريب والمعدات البحرية، وعناصر ذات استخدام مزدوج للاستخدام المدني في مجال الاتصالات ومعدات البيانات". هل تبادلت المملكة المتحدة معلومات استخباراتية مع إسرائيل؟ لا يزال مدى تبادل المملكة المتحدة للمعلومات الاستخبارية مع إسرائيل منذ هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول غير واضح. وتتمتع الحكومة بـ "شراكة دفاعية" طويلة الأمد مع إسرائيل، ويقول مسؤولو الدفاع إنها تشمل "التعليم والتدريب المشترك وتطوير القدرات". ونفذت القوات الجوية الملكية البريطانية مئات الرحلات الجوية الاستطلاعية فوق غزة منذ ديسمبر/كانون الأول 2023، مستخدمةً، بحسب التقارير، طائرات تجسس من طراز شادو أر 1 (Shadow R1) متمركزة في قاعدة تابعة لها في أكروتيري بقبرص المجاورة. وفي مقابلة يوم الاثنين، أصرّ لامي على أن رحلات سلاح الجو الملكي البريطاني فوق غزة لم تُسفر عن تبادل أي معلومات استخباراتية عسكرية مع جيش الدفاع الإسرائيلي. وقال وزير الخارجية: "سيكون من الخطأ تماماً أن تساعد الحكومة البريطانية في إدارة هذه الحرب في غزة. نحن لا نفعل ذلك". وفي عام 2023، أقرت المملكة المتحدة بأن بعض طائراتها المسيرة "غير المسلحة" التي كانت تحلق فوق القطاع كانت تساعد في البحث عن رهائن إسرائيليين اختطفتهم حماس خلال هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول. ولا يزال حوالي 50 شخصاً محتجزين لدى حماس، ويُعتقد أن 20 منهم تقريبا على قيد الحياة. وكان وزير القوات المسلحة البريطانية، لوك بولارد، قد أكد هذا الموقف في أبريل/نيسان 2025، قائلاً للبرلمان إن رحلات الطائرات المسيرة البريطانية فوق غزة تُجرى "لغرض وحيد هو تحديد أماكن الرهائن". ورفضت وزارة الدفاع التعليق على ما إذا كانت الطائرات الإسرائيلية تتمتع بإمكانية الوصول إلى قاعدة سلاح الجو الملكي البريطاني في قبرص. لكن موقع "بي بي سي لتقصي الحقائق" كشف أيضاً عن وجود طائرات تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي في المجال الجوي البريطاني خلال العام الماضي بعد تقارير نشرها موقع "دروب سايت" المستقل. وظهر عدد من طائرات ريم للتزود بالوقود على مواقع متخصصة في تتبع الرحلات الجوية فوق قواعد سلاح الجو الملكي البريطاني في بريز نورتون وفيرفورد. وصرح متحدث باسم وزارة الدفاع البريطانية لموقع بي بي سي لتقصي الحقائق بأنه "من الممارسات المعتادة الموافقة وبشكل روتيني على طلبات لعدد محدود من الحلفاء والشركاء للوصول إلى القواعد الجوية البريطانية". وأضاف: "لا يمكننا التعليق على تحركات أو عمليات الطائرات العسكرية للدول الأجنبية أو تقديم معلومات تتعلق بها". هل تتدرب القوات الإسرائيلية في المملكة المتحدة؟ غالباً ما تُنظم المملكة المتحدة دورات تدريبية لجيوش الدول الحليفة، يركز الكثير منها على القيادة واللوجستيات والعمليات السيبرانية. على سبيل المثال، وصل آلاف الجنود الأوكرانيين إلى بريطانيا منذ أن شنت روسيا حربها الشاملة على كييف في عام 2022 للتدريب الأساسي. وصرح اللورد كوكر، وزير الدولة في وزارة الدفاع البريطانية، في أبريل/ نيسان أن "أقل من 10" من أفراد الجيش الإسرائيلي يتلقون تدريباً في دورات أكاديمية عسكرية غير قتالية في المملكة المتحدة سنوياً منذ عام 2020. ورفض الإفصاح عن عدد جنود الجيش الإسرائيلي الذين شاركوا في الدورات خلال تلك الفترة، أو عن الدورات التي التحقوا بها "لحماية المعلومات الشخصية". لكن الوزراء أصرّوا على أن الدورات تُشدّد على أهمية الامتثال للقانون الإنساني الدولي. وأكّد وزير القوات المسلحة، لوك بولارد، في يونيو/ حزيران أن "عدداً محدوداً من أفراد الجيش الإسرائيلي" يشاركون في دورات تدريبية في المملكة المتحدة، لكنه رفض الإدلاء بمزيد من التفاصيل. هل فرضت المملكة المتحدة عقوبات على إسرائيل بسبب حربها على غزة؟ تغيّر نهج المملكة المتحدة في محاسبة إسرائيل على تفعله ضمن حملتها العسكرية في غزة بعد الانتخابات العامة عام 2024. فقد تخلّت حكومة حزب العمال الجديدة عن معارضتها لأوامر الاعتقال الصادرة بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت من قِبل المحكمة الجنائية الدولية. ومنذ ذلك الحين، أصبحت أكثر صراحةً في انتقادها للقادة الإسرائيليين، وانضمّت إلى 27 دولة أخرى هذا الأسبوع في إدانة "القتل اللاإنساني للمدنيين" الذين يسعون للحصول على الطعام والماء في غزة. وعلقت حكومة حزب العمال محادثاتها لتحديث اتفاقية التجارة الحرة مع إسرائيل في مايو/ أيار، حيث وصف لامي معاملة إسرائيل للفلسطينيين بأنها "إهانة لقيم الشعب البريطاني". ولكن وفي الوقت الذي فرضت فيه الحكومة البريطانية عقوبات على وزيرين إسرائيليين من اليمين المتطرف بتهمة "التحريض على العنف" في الضفة الغربية المحتلة، إلا أنها لم تفرض بعد أي عقوبات على إسرائيل بشكل مباشر بسبب أفعالها في غزة، والتي أسفرت عن مقتل 59029 شخصا على الأقل وفقا لوزارة الصحة الفلسطينية في غزة.

مواقع التواصل الإجتماعي والغزو السيبراني – عصام البرّام
مواقع التواصل الإجتماعي والغزو السيبراني – عصام البرّام

الزمان

timeمنذ 7 ساعات

  • الزمان

مواقع التواصل الإجتماعي والغزو السيبراني – عصام البرّام

مواقع التواصل الإجتماعي والغزو السيبراني – عصام البرّام لم تعد مواقع التواصل الاجتماعي مجرد منصات للتعبير أو التواصل بين الأفراد في عصرنا الرقمي الراهن. بل أصبحت ساحة معارك غير مرئية، تُدار فيها الحروب الحديثة بادوات جديدة، وفي طليعتها ما يُعرف بالغزو السيبراني، ولم يعد هذا المصطلح محصوراً في آختراق الانظمة أو سرقة البيانات، بل تعداه ليشمل السيطرة على العقول، والتأثير على الوعي الجمعي، بل وحتى تجنيد الافراد في جماعات مسلحة أو متطرفة عبر أدوات النشر الرقمية. سلاح ذو حدين من التأثير الى التجنيد شكلت منصات فيسبوك و(X) وإنستغرام ويوتيوب وغيرها تأثيراً كبير، التي أحدثت ثورة غير مسبوقة في حرية التعبير وتبادل المعلومات، لكنها في الوقت ذاته، فتحت الباب واسعاً أمام قوى خفية لإطلاق حملات تضليلية، ونشر خطابات الكراهية، والتلاعب بالمشاعر الجماهيرية، بهدف خلق حالة من الفوضى أو الاستقطاب الحاد داخل المجتمعات. لقد شهدنا في العقود الاخيرة نماذج متعددة لما يُمكن تسميته ب(الغزو الناعم)، حيث تتحول هذه المنصات الى أدوات دعاية غير رسمية تنفذ أجندات دول أو جماعات إرهابية، دون إطلاق رصاصة واحدة، وإنما عبر تغريدة أو فديو أو رسالة عبر تطبيق مشفّر. لعل أخطر ما يمكن الحديث عنه في هذا السياق هو تحول بعض منصات التواصل الى بوابة عبور نحو التجنيد، لاسيما من قبل الجماعات المتطرفة أو الارهابية، (كداعش) و(القاعدة) وسواها. فقد أظهرت تقارير آستخبارتية عديدة من دول العالم، أن آلاف الشباب تم تجنيدهم الكترونياً، دون أي تواصل مادي مع الجماعة، بل من خلال حملة متقنة من التلاعب النفسي، تستهدف الحالمين والغاضبين والمهمشين، أو حتى المغرر بهم بآسم الدين والعدالة أو نزع الحقوق التي سُلبت منهم..الخ. تبدأ العملية غالباً بمحتوى يبدو للوهلة الاولى بريئاً أو مؤثراً يأخذ الجانب الانساني بأثارة العواطف لدى روح الشباب المندفعة، وذلك من خلال فيديو عاطفي عن معاناة المسلمين أو منشورات تتحدث عن الهوية أو انتقادات للفساد والظلم. ثم يُستدرج المتابع تدريجياً نحو غرف الدردشة الخاصة، أو تطبيقات منصات التواصل الاجتماعي بآختلاف أنواعها، حيثت بدأ مرحلة (غسل الادمغة) وتعزيز مشاعر الغنتماء، وصولاً الى التنفيذ أو السفر للمشاركة في الجهاد بآسم نصرة الدين، والدين منهم براء. الحرب النفسية الاكترونية الخصوم اليوم لا يهاجمون الحدود، بل يهاجمون العقول. وهذا ما يُعرف بالحرب النفسية الالكترونية. الهدف ليس فقط التجنيد، بل زعزعة الاستقرار النفسي، وزرع الشكوك، وبث الفتن. ويمكن ملاحظة ذلك في الحملات المنظمة التي تُشن فجاة على مؤسسات أو شخصيات عامة، من خلال ما يُعرف بالجيوش الالكترونية أو ما يصطلح عليه بالذباب الالكترونين الذي يملأ الفضاء الرقمي برسائل مكررة، وتعليقات سامة، قد تؤدي الى نتائج واقعية مؤلمة. ولا تقتصر هذه الحرب على الأفراد، بل تطال حتى المؤسسات والدول، من خلال اختراق المنصات الرسمية، أو نشر إشاعات تمس الامن الوطني والقومي للبلاد، أو خلق أزمات دبلوماسية وهمية، كما حصل في عدة حوادث إقليمية في السنوات الماضية. من يقف وراء الكواليس؟ ضعف الرقابة أم صعوبة المواجهة قد يكون السؤال الأهم هو، من يدير هذه الحملات؟ هل هي دول؟ أم جماعات منظمة؟ أم أفراد؟ الحقيقة أن كل هذه الاحتمالات واردة، فبعض الدول وظّفت ميزانيات ضخمة لتأسيس وحدات الكترونية هدفها التلاعب بالرأي العام، داخلياً وخارجياً. وبعض الجماعات الارهابية طوّرت أدوات متقدمة لتجاوز الرقابة، وتجنيد مختصين بالتقنيات الرقمية ضمن صفوفها. بل إن بعض الهجمات السيبرانية قد تنطلق من غرف مغلقة يديرها مراهقون، تحركهم دوافع أيديولوجية أو حتى مالية. لذا ينبغي الحيطة والحذر، ووجود ثقافة أو أطلاع لدى المتصفح والمتابع لما يحيط العالم من تحديات جمة.أحد التحديات الكبرى في هذا الميدان هو ضعف الرقابة الفعّالة على المحتوى المنشور عبر الانترنت، وصعوبة تتبع من يقف خلف الحسابات المجهولة أو المتخفية. فالتقنيات الحديثة تسمح بإخفاء الهوية، وتجاوز أنظمة الحجب بسهولة، ناهيك عن الاستخدام المتزايد للذكاء الاصطناعي في إنتاج محتوى مزيف يصعب تمييزه عن الحقيقة، مثل الفديوهات العميقة التي قد تُستخدم لتلفيق تصريحات مزورة أو أحداث غير حقيقة. ورغم الجهود التي تبذلها بعض المنصات الكبرى في تقنين المحتوى، إلا أن هذه الجهود غالباً ما تأتي متأخرة أو غير كافية، لأسباب قانونية أو تجارية أو حتى سياسية. المواجهة ليست تقنية فقط، بل تربوية وإعلامية وثقافية، ومن أبرز الخطوات التي يجب العمل عليها: 1/ رفع الوعي الرقمي، وذلك من خلال حملات تثقيفة تعلّم الناس كيفية التحقق من المعلومات، وعدم الانجرار خلف العناوين المضللة أو الحسابات الوهمية. 2/ إنشاء قوانين واضحة، فمن خلال مكافحة الجرائم الالكترونية، وتغليظ العقوبات على كل من يروّج للكراهية أو العنف الرقمي . 3/ تدريب الكوادر الامنية، على تقنيات الرصد والتحليل السيبراني، بالتعاون مع خبراء في الذكاء الاصطناعي وأكاديميين في علم النفس. 4/ تشجيع منصات التواصل على تبني سياسات صارمة تجاه الحسابات المشبوهة، مع شفافية في الابلاغ والرقابة. 5/ تطوير المحتوى البديل، ويكون عبر دعم الأصوات المعتدلة، وتشجيع الشباب على إنتاج محتوى هادف وجاذب يوازي المحتوى من حيث التاثير. إن الغزو السيبراني لا يشبه الغزوات الكلاسيكية التي عرفناها في التأريخ، لكنه أكثر خطورة، لأنه لا يُرى بالعين، ولا يُسمع بالدبابات، بل يتسلل الى أذهان الناس وهم في غُرفهم، ويُعيد تشكيل وعيهم دون أن يشعروا. ومن هنا، فإن مسؤوليتنا اليوم كأفراد ومؤسسات ومجتمعات، هي بناء حصانة فكرية ومعرفية، لا تقل أهمية عن بناء جيوش تقليدية. قد لا نستطيع إغلاق الانترنت، لكن يمكننا أن نُسلّح الناس بالوعي، ليكونوا هم خط الدفاع الأول في وجه هذا النوع الجديد من الحروب. لقد تغيّر شكل الحروب، وتحوّلت جبهاتها من الخنادق الى الشاشات، ومن الحدود الجغرافية الى الفضاء السيبراني اللامحدود. وما يجعل هذا التهديد أكثر خطورة هو أنه يتسلل الينا عبر أدوات نظن أنها مسالمة، مثل الهاتف الذكي أو تطبيق المراسلة أو منشور على صفحة ترفيهية. هذه الحرب لا تحتاج الى جنود، بل الى متابعين، والى من يشاركون المحتوى دون تفكير، ويمنحون الاعداء نافذة الى عقولهم دون أن يشعروا. لهذا، فإن مسؤوليتنا المشتركة اليوم، أفراداً ومؤسسات، تكمن في الوعي أولاً، ثم الفعل. الوعي بأننا لسنا فقط متلقين، بل مشاركين في تشكيل الفضاء الرقمي. كل إعجاب، مشاركة، تعليق، أو إعادة نشر، قد تكون سهماً في معركة لا نعرف حتى أننا نخوضها. أما الفعل، فهو التزام أخلاقي ومعرفي بمراجعة ما نقرأ وننشر، وتشجيع خطاب عقلاني، وتقديم القدوة لأجيال تنشأ اليوم في بيئة رقمية مشبعة بالمعلومات، ولكنها عطشى للتمييز بين الصادق والزائف، بين الحرية والفوضى. الغزو السيبراني لا يُهزم بالحُجب فقط، بل بالتفكير النقدي. والتجنيد لا يُمنع بالقوة وحدها، بل ببناء وعي يرفض الانزلاق الى متاهات الكراهية أو الوعود الكاذبة. وبين النشر والتجنيد، تبقى الكلمة المسؤولة، والمعلومة أمانة، ومنصات التواصل ميداناً علينا أن نُحسن آستخدامه، قبل أن يتحول الى أداة ضدنا.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store