logo
عجز التجارة يتسع في أميركا قبل زيادة الرسوم الجمركية

عجز التجارة يتسع في أميركا قبل زيادة الرسوم الجمركية

Independent عربية٠٢-٠٣-٢٠٢٥

توسعت الفجوة التجارية الأميركية في السلع بصورة حادة في يناير (كانون الثاني) الماضي، على الأرجح بسبب تحميل الشركات الواردات قبل فرض الرسوم الجمركية، مما قد يؤدي إلى تأثير سلبي على النمو الاقتصادي في الربع الأول من هذا العام.
وقالت دائرة الإحصاء التابعة لوزارة التجارة الأميركية، إن فجوة التجارة في السلع ارتفعت 25.6 في المئة لتصل إلى 153.3 مليار دولار يناير الماضي، بينما قفزت واردات السلع 11.9 في المئة لتصل إلى 325.4 مليار دولار.
وأصدر الرئيس الأميركي دونالد ترمب في أول شهر له في منصبه مجموعة من أوامر الرسوم الجمركية. وقال ترمب، الخميس الماضي، إن الرسوم الجمركية بنسبة 25 في المئة على السلع المكسيكية والكندية ستدخل حيز التنفيذ في الرابع من مارس (آذار) الجاري، بعد تأجيلها مدة شهر، إضافة إلى فرض رسوم إضافية 10 في المئة على الواردات الصينية، على رغم فرض 10 في المئة أخرى مسبقاً، فيما تستهدف الرسوم الجمركية الأخرى الصلب والألمنيوم والسيارات المستوردة ستدخل قريباً حيز التنفيذ أو في مراحل تطوير سريعة.
ومن بين العوامل المحتملة التي أشير إليها كانت شحنات من السبائك الذهبية إلى الولايات المتحدة، وفقاً لما أضافه المحللون.
وقال الاقتصادي في بنك "آي أن جي" جيمس نايتلي، لصحيفة "فايننشال تايمز"، "إنها زيادة هائلة، يشير ذلك بقوة إلى أن عديداً من تجار التجزئة والمصنعين في الولايات المتحدة يشعرون بالقلق في شأن سلاسل الإمداد ويرغبون في الاستعداد للتهديدات المحتملة من الرسوم الجمركية".
وبينما ارتفعت الصادرات الأميركية بنسبة اثنين في المئة المعدلة موسمياً مقارنة بالشهر السابق، زادت الواردات بأكثر من 11 في المئة وفقاً للبيانات الأولية للشهر، وارتفعت واردات الإمدادات الصناعية بنسبة تقارب 33 في المئة.
زيادة في شحنات الذهب
وبينما لم تتوفر بعد تفاصيل كاملة عن الأنماط الجغرافية للبيانات، قال المحللون إن أحد الاحتمالات هو أن البيانات قد تكون تأثرت بزيادة في شحنات الذهب من أوروبا إلى نيويورك وسط مخاوف من أن ترمب قد يفرض رسوماً جمركية على السبائك. وقال محللو "غولدمان ساكس"، إنهم يتوقعون عكس هذا التأثير في البيانات "بسرعة نسبياً".
وارتفعت قيمة الذهب المخزن في بورصة "نيويورك كومكس" بنحو 25 مليار دولار في يناير الماضي، وفقاً لحسابات صحيفة "فايننشال تايمز"، إذ سحب المتداولون الذهب من لندن ونقلوه إلى نيويورك للاستعداد للرسوم الجمركية المحتملة.
مع ذلك ارتفعت شحنات السلع الاستهلاكية أيضاً بصورة حادة خلال الشهر، إذ قفزت بنسبة تزيد على ثمانية في المئة، وفقاً للبيانات الأميركية، في حين ارتفعت واردات السيارات بصورة معتدلة بنسبة اثنين في المئة.
وسجلت موانئ لوس أنجليس ولونغ بيتش في ولاية كاليفورنيا، وهما من أكثر موانئ الحاويات نشاطاً في البلاد، أكبر عدد من الحاويات في يناير الماضي، في تاريخها. وقالت شركة "لونغ بيتش"، إن الزيادة كانت "مدفوعة إلى حد كبير من قبل تجار التجزئة الذين نقلوا البضائع استعداداً للرسوم الجمركية المتوقعة على السلع القادمة من الصين والمكسيك وكندا".
زيادة واردات الألواح الشمسية بمعدل 4 مرات
ارتفعت واردات الألواح الشمسية ومعدات الطاقة الشمسية الأخرى بمقدار أربع مرات بين ديسمبر (كانون الأول) 2024 ويناير الماضي، لتتجاوز 59 ألف وحدة مكافئة لـ20 قدماً، وفقاً لـ"إمبورت جينيوس"، وهي وكالة تجميع بيانات التجارة.
وقالت شركة "فيرست سولار" المصنعة الأميركية، هذا الأسبوع إن أسعار تأجير المستودعات ارتفعت جزئياً بسبب "زيادة الواردات إذ يسعى المصنعون للحد من الأخطار المتوقعة من الرسوم الجمركية بعد الانتخابات في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024".

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في هذا الأسبوع، قال ترمب إنه سيواصل فرض رسوم 25 في المئة على المنتجات الأوروبية. وفرض رسوم إضافية 10 في المئة على الصين، وأعاد تأكيد أن الرسوم 25 في المئة على كندا والمكسيك ستدخل حيز التنفيذ في الرابع من مارس الجاري.
الرسوم الجمركية وتأثيراتها
تلوح في الأفق مزيد من الرسوم الجمركية على الصين، إضافة إلى الرسوم المتبادلة على الدول حول العالم في وقت لاحق من الربيع.
وقلل عديد من المسؤولين التنفيذيين في الشركات الأميركية من المخاوف المتعلقة بالرسوم، وقال المدير المالي لشركة "هوم ديبوت"، ريتشارد مكفيل، في مقابلة الثلاثاء الماضي، "لقد مررنا بهذا من قبل ولدينا سجل ممتاز في العمل مع موردينا لضمان بقائنا حادين قدر الإمكان في القيمة... لكن في هذه المرحلة، لا نعرف مقدار ما قد يتم تنفيذه أو أي المنتجات ستتأثر".
وقال الباحث في مجلس العلاقات الخارجية براد سيتسر، إن الرسوم الجمركية بنسبة 25 في المئة التي هدد ترمب بفرضها على بعض المنتجات من اقتصادات مختلفة كانت "قاسية جداً"، مما يعني أن الشركات ستحاول التكيف معها مسبقاً. وأضاف، "هذه الرسوم كبيرة بما يكفي بحيث إن الناس لن يكونوا غير مبالين بها، بل سيحاولون تجنبها".
وذكر نايتلي، أن البيانات الأخيرة ستسهم في الأخطار السلبية لبيانات الناتج المحلي الإجمالي للربع الأول من عام 2025. وأضاف، "الرواية تتغير الآن نحو فكرة أن النشوة الاقتصادية حول دونالد ترمب قد يكون مبالغاً فيها بعض الشيء".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الرياض تصعد كمركز عالمي للابتكار.. منظومة ناشئة تقودها الرؤية والطموح
الرياض تصعد كمركز عالمي للابتكار.. منظومة ناشئة تقودها الرؤية والطموح

الوئام

timeمنذ ساعة واحدة

  • الوئام

الرياض تصعد كمركز عالمي للابتكار.. منظومة ناشئة تقودها الرؤية والطموح

الوئام – خاص تحولت الرياض بسرعة إلى محور إقليمي ودولي لريادة الأعمال والابتكار، مدعومة برؤية 2030 التي أعادت هندسة الاقتصاد الوطني على أسس معرفية واستثمارية، ودعم ريادة الأعمال والابتكار بما يسهم في تعزيز اقتصاديات المدن بشكل كبير. 60 مركزًا عالميًا وفقًا لتقرير منظومة الشركات الناشئة العالمية لعام 2025 الصادر عن Startup Genome والشبكة العالمية لريادة الأعمال، قفزت مدينة الرياض 60 مرتبة خلال ثلاث سنوات، لتحل في المركز 23 عالميًا ضمن أفضل 100 منظومة ناشئة في الأسواق الصاعدة. هذا الصعود اللافت يجعل العاصمة السعودية منصة استراتيجية لانطلاق الشركات الناشئة نحو سوق مجلس التعاون الخليجي، الذي تبلغ قيمته نحو تريليوني دولار. ولا يقتصر التقدم على المؤشرات التصنيفية فحسب، بل يظهر في الواقع الميداني من خلال الزيادة الكبيرة في التمويل والاستثمار الجريء، ما يعكس ثقة المستثمرين المحليين والدوليين في بيئة الرياض الابتكارية. ثالث مركز تمويلي وتحتل الرياض اليوم المرتبة الثالثة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من حيث تمويل الشركات الناشئة، بفضل النمو المتسارع في عدد الصفقات وزيادة رأس المال المُخاطر. ويعد هذا التحول نتيجة مباشرة لجهود الحكومة، التي تعمل على تسهيل التشريعات وتحفيز نمو المنشآت الصغيرة والمتوسطة، تماشيًا مع مستهدفات رؤية 2030. فمنذ عام 2018، استقطبت المنظومة الريادية أكثر من 2.6 مليار دولار، بحسب موقع fastcompanyme الأمريكي. نمو مستدام رغم التباطؤ العالمي وفي الوقت الذي تعاني فيه العديد من منظومات الابتكار العالمية من تباطؤ الاستثمارات، تبرز الرياض كمركز عالمي يتمتع بالمرونة والقدرة على مواصلة النمو. ويصف التقرير العاصمة السعودية بأنها واحدة من أكثر البيئات الريادية 'استشرافًا للمستقبل'، مما يضعها في مصاف العواصم التقنية الكبرى. مؤشرات عالمية تعكس نضوج المنظومة السعودية تحتل مراكز متقدمة على عدة مؤشرات عالمية، حيث جاءت ثالثًا عالميًا في نسبة العائد على الاستثمار، ورابعًا في توفر المواهب. أما الرياض، فقد أصبحت توصف بأنها 'منصة انطلاق' Startups إقليمية، تستضيف مكاتب شركات عالمية مثل جوجل كلاود، أمازون، وغيرها. وفي مقدمة القطاعات النامية يأتي قطاع التكنولوجيا المالية، حيث تنشط أكثر من 200 شركة بدعم تنظيمي من البنك المركزي السعودي وشبكة فنتك السعودية، مما يوفر بنية تنظيمية قوية ومحفزة. البنية التحتية والقطاعات المستقبلية إلى جانب التكنولوجيا المالية، تشهد الرياض نموًا ملحوظًا في قطاعات الذكاء الاصطناعي، الأمن السيبراني، الصحة الرقمية، اللوجستيات، والبنية التحتية الذكية. وتتماشى هذه القطاعات مع توجهات المملكة نحو اقتصاد رقمي شامل ومستدام. بوابة للشراكات السيادية والاستثمار المؤسسي توفر الرياض للشركات الناشئة إمكانية الوصول المباشر إلى كيانات سيادية كبرى مثل صندوق الاستثمارات العامة، وشركات وطنية مثل شركة الاتصالات السعودية (STC)، وهي جهات لا تكتفي بالتمويل فقط، بل تسهم في الشراكة الاستراتيجية وتطوير الابتكار. كما شمل تقرير عام 2024 إدراج كل من جدة والخبر ضمن أبرز مراكز الشركات الناشئة، ما يشير إلى توسع المنظومة الريادية في مختلف مناطق المملكة، وليس فقط في العاصمة.

سيناريوهات الحرب ومخاطرها
سيناريوهات الحرب ومخاطرها

الوئام

timeمنذ 4 ساعات

  • الوئام

سيناريوهات الحرب ومخاطرها

أبوبكر الديب – مستشار المركز العربي للدراسات والباحث في العلاقات الدولية لا تزال المخاوف مستمرة في العديد من دول منطقة الشرق الأوسط والعالم بسبب استمرار الضربات المتبادلة والقصف بين إسرائيل وإيران وتأثيراتها على الاقتصاد العالمي في ظل تعاظم التوترات الجيوسياسية وتعثرات في حركات التجارة البينية، فضلًا عن حالات من الصعود والهبوط في أسعار النفط والسلع الاستراتيجية. ومع الحديث عن توسع دائرة الحرب الإسرائيلية على إيران وبوادر انضمام الولايات المتحدة الأمريكية وتوجيهها ضربات عسكرية إلى طهران مع تحريك حاملات طائرات وقاذفات، وهو ما سيفاقم الأمور دوليًا واتساع حالة من الغضب الدولي ضد إسرائيل وانحيازات أمريكية بقيادة إدارة دونالد ترمب لسياسات إسرائيل وحكومة بنيامين نتنياهو. ولا شك أن اتساع رقعة الحرب على إيران سيؤثر بشكل أكثر حدةً على ارتفاع أسعار التأمين والشحن البحري بشكل حاد نتيجة المخاطر الأمنية، ما يهدد استقرار سلاسل الإمداد ويزيد من تكلفة التجارة الدولية، فضلًا عن ارتفاع مرتقب في أسعار النفط بأكثر من 10% نتيجة مخاوف من تعطل الإمدادات وتهديد الملاحة. ارتفاع سقف المواجهات العسكرية بين إسرائيل وإيران في ظل مساندة أمريكية عسكرية يزيد حالة عدم اليقين بين المستثمرين في دخول وإنشاء أسواق اقتصادية جديدة، وارتفاع كبير في كلفة الشحن البحري والتأمين على السفن، لا سيما في الممرات الحيوية، ومع تعطل دوائر الاقتصاد نتيجة تأزم الصراعات بالمنطقة ستزيد تكلفة النقل البحري وترتفع نسب البطالة وهو ما يتطلب جهودًا دبلوماسية أكثر سرعة وقوة لإنهاء بوادر حربًا إقليمية واسعة قد تأتي عىل الأخضر واليابس.

ماذا يمكن أن تفعل الحكومة اليمنية في ظل توقف صادرات النفط؟
ماذا يمكن أن تفعل الحكومة اليمنية في ظل توقف صادرات النفط؟

حضرموت نت

timeمنذ 4 ساعات

  • حضرموت نت

ماذا يمكن أن تفعل الحكومة اليمنية في ظل توقف صادرات النفط؟

ماذا يمكن أن تفعل الحكومة اليمنية في ظل توقف صادرات النفط؟ في اليمن، لطالما مثّلت صادرات النفط شريان حياة للاقتصاد الوطني ومصدرًا رئيسيًا لتغطية نفقات الدولة. لكن مع نهاية عام 2022، تلقت هذه العجلة المالية ضربة كبيرة نتيجة هجمات حوثية استهدفت موانئ تصدير النفط في محافظتي حضرموت وشبوة بجنوب اليمن، ما أدى إلى توقف شبه كامل في عمليات التصدير. توقف الصادرات لم يكن مجرد خلل عابر في موازنة الدولة، بل تسبب بسلسلة من التداعيات الهيكلية طالت المالية العامة، وقيمة العملة المحلية، ومستوى معيشة المواطنين، وأدت إلى تفاقم أزمة رواتب الموظفين وتمويل الخدمات. أمام هذا الوضع المعقّد، تُطرح تساؤلات جوهرية حول الخيارات المتاحة أمام الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا: هل يمكن تجاوز هذا الانهيار عبر تفعيل موارد بديلة؟ أم أن الأمر يتطلب إصلاحًا أعمق في البنية الإدارية والاقتصادية المهترئة؟ التقرير التالي يحاول استكشاف جذور الأزمة الاقتصادية الحالية في اليمن، ومدى ارتباطها بتوقف صادرات النفط، ويستعرض أبرز البدائل والمقترحات المطروحة من قبل خبراء اقتصاديين ومختصين يمنيين، ضمن رؤية تحليلية تسعى لفهم ما إذا كانت البلاد تقف عند حافة الهاوية أم على أعتاب تحول اقتصادي ممكن. الضربة النفطية شكّل توقف صادرات النفط، منذ أواخر عام 2022، نقطة تحول مفصلية في مسار الانهيار المالي الذي تشهده الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا. فعلى مدار سنوات الحرب، مثّل النفط الخام مصدرًا مركزيًا للإيرادات، وكان يشكّل ما بين 60 إلى 70 في المئة من الموازنة العامة بحسب تقديرات الخبراء. لكن مع استهداف جماعة الحوثي لميناءي 'الضبة' في حضرموت و'النشيمة' في شبوة، فقدت الدولة هذا الشريان الحيوي دفعة واحدة. وفقًا لإحاطة في مايو الماضي قدمها عبدالله السعدي، مندوب اليمن لدى الأمم المتحدة، فقد بلغت الخسائر الناتجة عن توقف الصادرات النفطية نحو 7.5 مليار دولار منذ أكتوبر 2022 وحتى منتصف عام 2025، وهو رقم يعكس حجم الفجوة التي خلفها غياب المورد النفطي في موازنة تعاني أساسًا من الهشاشة. ويرى الخبير الاقتصادي اليمني ووزير التخطيط السابق رأفت الأكحلي أن التوقف لم يكن مجرد عثرة في طريق الموارد بل بمثابة 'ضربة قاصمة' لكيان مالي هشّ بالأساس. وأكد في تصريح لمركز سوث24 أن حرمان الدولة من العملة الصعبة الناتجة عن تصدير النفط أفقدها القدرة على الوفاء بالالتزامات الأساسية، وعلى رأسها دفع رواتب موظفي القطاع العام ودعم خدمات مثل الكهرباء والمياه. وأشار إلى تأثيرات مضاعفة، ليست فقط على المالية العامة، بل تمتد إلى تدهور قيمة الريال اليمني وارتفاع معدلات التضخم، بما يفاقم من فقر المواطنين ويضعف القدرة الشرائية بشكل كارثي. كما لفت إلى أن رحيل الشركات النفطية الأجنبية بسبب المخاطر الأمنية يشكل خسارة استراتيجية إضافية، لأن استعادة ثقتها وعودتها ستتطلب وقتًا وجهدًا في بيئة استثمارية غير مستقرة. وفي هذا الصدد، حذر الخبير الاقتصادي مصطفى نصر من التداعيات العميقة لتوقف صادرات النفط، مشيرًا إلى أن هذا المورد ركيزة أساسية للمالية العامة. وأوضح نصر أن ذروة الإيرادات النفطية سُجلت خلال الفترة ما بين 2018 و2022، حيث تجاوزت المليار دولار، وهو رقم يُعد ضخمًا مقارنة ببقية مصادر الإيرادات الأخرى المتواضعة نسبيًا. وأضاف أن الأثر المباشر لهذا التوقف بدأ ينعكس بوضوح منذ عام 2024، متوقعًا أن يستمر تأثيره السلبي خلال النصف الأول من عام 2025، لا سيما في ظل غياب بدائل حقيقية. وأكد أن هذا الانقطاع فاقم الأزمة المالية الراهنة وأسهم في تدهور مستويات المعيشة، نتيجة ضعف القدرة الشرائية وتراجع قدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها الأساسية تجاه المواطنين تداعيات التوقف لم يتوقف أثر توقف صادرات النفط عند حدود ميزانية الدولة، بل امتدّ سريعًا إلى عمق الحياة اليومية للمواطن اليمني، خصوصًا في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة. فقد أدى غياب تدفقات العملة الصعبة إلى تراجع غير مسبوق في قيمة الريال اليمني، الذي سجّل في يوم الخميس 19 يونيو 2025 أعلى مستوى من الانهيار في تاريخه، إذ بلغ سعر الدولار الأمريكي نحو 2700 ريالًا للشراء و2727 ريالًا للبيع في العاصمة عدن ومحافظات أخرى. هذا الانهيار في العملة، المصحوب بشلل في مصادر التمويل الحكومية، أطلق موجات تضخّم حادة طالت أسعار السلع والخدمات الأساسية، وألقت بأعباء ثقيلة على المواطن، الذي يعيش في ظروف معيشية هشة أصلًا. ومع تآكل القدرة الشرائية وتضاعف أسعار الغذاء والوقود، باتت رواتب الموظفين – حين تُصرف – غير قادرة على تأمين الحاجات الأساسية. في موازاة ذلك، تعطلت عشرات المشاريع الحكومية التي كانت تعتمد في تمويلها على عائدات النفط، وتوقفت أعمال صيانة البنية التحتية، وتراجعت خدمات الكهرباء والمياه والنقل، فيما ازدادت معاناة القطاعات الصحية والتعليمية بفعل نقص الموارد التشغيلية. الأزمة لم تكن اقتصادية فقط، بل تحوّلت إلى ورقة ضغط سياسي بيد الحوثيين، الذين وجدوا في ضعف الحكومة وعجزها عن صرف الرواتب فرصة لتعزيز موقفهم، خصوصًا في ظل تباينات حادة داخل صفوف الحكومة نفسها. فقد بات العجز عن تقديم الخدمات والتزامات الدولة مدخلًا لاستنزاف مشروعيتها أمام المواطنين، في الوقت الذي يستخدم فيه الحوثيون هذه الورقة كأداة لتقويض شرعية خصومهم وفرض خطابهم السياسي. أزمة إدارة رغم فداحة الخسائر التي نجمت عن توقف صادرات النفط، يرى كثير من الخبراء أن الأزمة أعمق من مجرد غياب هذا المورد، بل تعكس فشلًا هيكليًا في الإدارة العامة، وسوء تخطيط مزمن، وتفشيًا للفساد في مفاصل الدولة. في هذا السياق، تقول د. فاطمة باعمر، عضو الهيئة الاقتصادية في المجلس الانتقالي الجنوبي، إن الحكومات المتعاقبة لم تمتلك في أي وقت أجندة اقتصادية واضحة، وإن ما يجري هو نتيجة 'فشل ذريع في إدارة الموارد وتحديد الأولويات'. وتشير إلى أن المجلس الانتقالي قدم منذ عام 2021 مقترحات استراتيجية لمعالجة الوضع الاقتصادي، غير أن معظمها تم تجاهله، ما قاد إلى تفاقم الانهيار الحاصل. وتضيف باعمر أن الإنفاق الحكومي ظل مفرطًا في بنود غير ضرورية، منها الامتيازات الممنوحة للوزراء والنفقات الباهظة للسفارات بالخارج بالعملة الصعبة، في وقت يواجه فيه المواطنون في الداخل أزمة معيشية خانقة. الأدهى من ذلك، كما تقول، أن سياسة الإنفاق لم تتغير حتى بعد خسارة الدولة 70% من إيراداتها النفطية، ما يعكس غيابًا تامًا للمسؤولية. وجهة النظر ذاتها يتبناها الصحفي المصري المتخصص في الشأن اليمني، حسام السعيدي، الذي يرى أن التركيز على النفط بوصفه السبب الوحيد للأزمة هو تشخيص مضلل. ويشير إلى أن هناك موارد كبيرة تم تعطيلها بفعل الإهمال أو التواطؤ، مثل الجمارك والضرائب، إضافة إلى التهريب الممنهج عبر المنافذ، الذي يحدث أمام أعين السلطات دون أي تدخل فعّال. ويضيف السعيدي أن الحكومات المتعاقبة اكتفت بلعب دور 'المتفرج' على مظاهر الانفلات المالي، متجاهلة الإصلاحات الضرورية، ويقترح حزمة من الإجراءات العاجلة، منها تقليص البعثات الدبلوماسية، ووقف رواتب المسؤولين في الخارج، وتشكيل حكومة تكنوقراط مصغّرة لإدارة المرحلة بفعالية أكبر. البدائل المتاحة في ظل هذا الواقع المتأزم، لا تبدو خيارات الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا واسعة، لكنها تظل ممكنة في حال توفرت الإرادة السياسية والخطط القابلة للتنفيذ. فالاعتماد المفرط على النفط بوصفه المورد الوحيد أظهر هشاشة المنظومة الاقتصادية، وفتح الباب أمام طرح تساؤلات جادة حول سبل تنويع الإيرادات وتفعيل البدائل الكامنة. الخبير الاقتصادي مصطفى نصر يرى أن الحكومة، رغم مرور أكثر من عامين على توقف التصدير، لم تطور أي بدائل مستدامة حقيقية، واكتفت خلال الفترة الماضية على تلقي المنح من المانحين الإقليميين والدوليين. وبرأيه، تمثل الأزمة الحالية فرصة سانحة لإعادة هيكلة الإيرادات العامة، والتحول نحو مصادر دائمة لا ترتبط بأزمات سياسية أو عسكرية. في الاتجاه ذاته، يقترح رأفت الأكحلي خارطة طريق من خمس أولويات إصلاحية يمكن للحكومة السير فيها لإنعاش الوضع الاقتصادي على المدى المتوسط: 1. إصلاح النظام المالي والضريبي: عبر رفع كفاءة تحصيل الموارد المحلية، وتحديث المنظومة الضريبية، وتفعيل آليات الجباية من مختلف الأنشطة التجارية والمناطق غير الملتزمة بتوريد إيراداتها إلى البنك المركزي، كمارب وتعز. 2. التركيز على القطاعات التصديرية غير النفطية: خاصة المنتجات الزراعية والثروة السمكية، وهي قطاعات تمتلك ميزة تنافسية في اليمن، ويمكن أن تدرّ عملة صعبة وتوفر فرص عمل واسعة النطاق. 3. تسريع التحول الرقمي في إدارة الدولة: بما يعزز الشفافية ويقلّص فرص الفساد، مع الاعتماد على أنظمة مالية رقمية تتيح تتبع الإنفاق والإيرادات بفعالية. 4. الاستثمار في الطاقة المتجددة: لا سيما في الأنظمة اللامركزية للطاقة الشمسية، بما يقلل الاعتماد على الوقود المستورد ويوفر حلولًا دائمة للمناطق الريفية والقطاعات الإنتاجية. 5. دعم ريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة: كوسيلة لتحريك عجلة الاقتصاد من القاعدة إلى القمة، وبناء قطاع خاص محلي قادر على التوسع والنمو خارج إطار الاعتماد على الدولة. وبرغم واقعية هذه المقترحات، يشدد الأكحلي على أن نجاحها مرهون بدعم دولي عاجل ومشروط، داعيًا السعودية والإمارات إلى ربط أي دعم مالي جديد ببرنامج إصلاح واضح، وتقديم المساعدة الفنية اللازمة لتطبيقه، مع ضرورة بناء شراكة قوية مع القطاع الخاص اليمني. لكن نظرة حسام السعيدي أقل تفاؤلًا، إذ يرى أن الفساد المستشري سيبتلع أي دعم أو خطة إصلاحية. ويتساءل بمرارة: 'أين ذهبت مليارات الدولارات التي قُدمت سابقًا؟'. في إشارة إلى ضعف الرقابة وغياب الشفافية. ويقارن بين أداء الحكومة اليمنية خلال أكثر من عقد، وبين ما يسميه 'النجاح النسبي السريع' الذي حققته حكومة دمشق الجديدة في سوريا، معتبرًا أن الانطلاقة الحقيقية لأي إصلاح يجب أن تأتي من الداخل، لا من الخارج. هذا الطرح تعززه مجددًا فاطمة باعمر، التي تكشف عن عمليات تهريب ممنهج للعملة الصعبة إلى مناطق الحوثيين، تُسهم عمليًا في تمويل الحرب ضد الحكومة نفسها. كما تنتقد عجز البنك المركزي عن إلزام مؤسسات الإيرادات الكبرى بتوريد أموالها، مما يفرغ صلاحياته من مضمونها، ويُضعف ثقة الشركاء الدوليين بأي إصلاح مرتقب. من هذا المنظور، فإن البدائل موجودة، لكنها مُعلقة بالإرادة، ومشروطة بمعركة جادة ضد الفساد، ومرتبطة بإعادة تعريف دور الدولة بعيدًا عن منطق الريع والهدر، نحو نموذج إنتاجي مستدام. عبد الله الشادلي صحفي ومحرر لدى مركز سوث24 للأخبار والدراسات ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة عدن تايم , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من عدن تايم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store