logo
ضغوط التجارة... صندوق النقد يحذّر من تباطؤ النمو العالمي

ضغوط التجارة... صندوق النقد يحذّر من تباطؤ النمو العالمي

العربي الجديدمنذ 5 أيام
في ظل بيئة تجارية "هشّة" وغير مستقرة، حذّر صندوق النقد الدولي من أن النمو الاقتصادي العالمي يواجه تباطؤاً ملحوظاً في عام 2025، نتيجة الضغوط الناتجة عن السياسات
الحمائية
، خصوصاً
الرسوم الجمركية
التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، رغم بوادر مرونة محدودة في بعض المؤشرات. وفي تحديث لتوقعاته الصادر يوم الثلاثاء، خفّض الصندوق تقديراته للنمو العالمي إلى 3% في 2025 مقارنة بـ3.3% في العام الماضي. ورغم أن هذه الأرقام تمثل تحسناً طفيفاً عن التوقعات السابقة في إبريل/ نيسان، فإنها تعكس أساساً تشوّهات مؤقتة مثل تسريع الاستيراد تحسباً للرسوم، لا تحسناً هيكلياً في البيئة الاقتصادية.
ونقلت بلومبيرغ عن كبير الاقتصاديين في الصندوق، بيار أوليفييه غورينشاس، قوله في مؤتمر صحافي الثلاثاء: "قد تكون صدمة التجارة أقل حدة مما كان يُخشى، لكنها لا تزال كبيرة، وهناك أدلة متزايدة على أنها تضر
بالاقتصاد العالمي
. البيئة التجارية الحالية لا تزال محفوفة بالمخاطر".
ووصف التقرير المشهد العالمي بأنه مثقل بعوامل عدم اليقين الجيوسياسي، وتهديدات بانهيار اتفاقات تجارية، وتضخم مرتفع في الولايات المتحدة، ومستويات مديونية عامة مرتفعة، جميعها تشكّل "سحُباً ملبدة" فوق آفاق النمو. ورغم أنّ الرسوم الجمركية المعلنة قد لا تتغير، فإنّ مجرد استمرار الغموض بشأن السياسات التجارية قد يُضعف الثقة ويُثقل كاهل الاستثمارات والنشاط الاقتصادي.
كما أشار التقرير إلى أن النمو تلقى دعماً ظرفياً في 2025 من تحسّن الظروف المالية (بفضل ضعف الدولار)، ومن انخفاض متوسط الرسوم الأميركية مقارنة بما أُعلن في الربيع. كما ساهم تسابق الشركات على الاستيراد قبل تطبيق الرسوم في رفع مؤقت لبعض المؤشرات في الربع الأول. لكن الصندوق حذّر من أن هذه العوامل ليست مستدامة، وأنّ الغموض مستمر حتى في الحالات التي تم فيها توقيع اتفاقيات، مثل الاتفاق التجاري الأخير بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، الذي يفرض رسماً نسبته 15% على معظم الواردات الأوروبية، بما في ذلك السيارات.
اقتصاد دولي
التحديثات الحية
صندوق النقد يحذر من مخاطر الرسوم الجمركية على الاقتصاد العالمي
وتبرز في التقرير الدعوة إلى إصلاحات وهيكلية واستقلال البنوك المركزية، حيث شدد صندوق النقد على ضرورة "تهدئة الأجواء السياسية والاقتصادية" من خلال سياسات توفر الثقة والاستقرار وتُعيد بناء الاحتياطيات المالية وتُعزز استقلالية البنوك المركزية. وأكد أهمية أن يكون الاستقلال القانوني للبنوك المركزية متبوعاً بممارسات عملية، في تلميح واضح إلى الضغوط السياسية التي يتعرض لها رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول من قبل ترامب، الذي يطالبه بخفض عاجل لأسعار الفائدة.
وتقدّر "بلومبيرغ إيكونوميكس" أن يُكلف هذا الاتفاق منطقة اليورو انكماشاً بنسبة 0.4% من الناتج المحلي خلال السنتين إلى الثلاث المقبلة. وبالنسبة للولايات المتحدة، رفع الصندوق توقعاته للنمو إلى 1.9% (+0.1 نقطة) في 2025، لكنه أشار إلى تباطؤ في الطلب الخاص وضعف تدفقات الهجرة. يتوقع أن يرتفع النمو قليلاً إلى 2% في 2026، بفضل حوافز ضريبية جديدة ضمن مشروع ترامب المعروف بـ"فاتورة جميلة وكبيرة".
كما أشار إلى ارتفاع التضخم الأميركي بفعل الرسوم وضعف الدولار، لا سيما في فئات استهلاكية حساسة للاستيراد، متوقعاً أن يبقى التضخم أعلى من هدف مجلس الاحتياطي الفيدرالي، أو البنك المركزي الأميركي، (2%) حتى عام 2026.
أما منطقة اليورو، فقد رُفعت توقعات النمو فيها إلى 1% في 2025 (+0.2 نقطة)، بسبب ارتفاع صادرات الأدوية من أيرلندا، مع تثبيت توقعات 2026 عند 1.2%. وفي ما خص الصين، سجّلت التوقعات أكبر تعديل إيجابي، إذ رفع الصندوق تقديراته للنمو إلى 4.8% (+0.8 نقطة)، نتيجة تحسن شروط التبادل التجاري مع واشنطن وانخفاض الرسوم الجمركية، إلى جانب أداء أقوى من المتوقع في النصف الأول من العام.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مودي يحث الهنود على شراء السلع المحلية بعد رسوم ترامب الجمركية
مودي يحث الهنود على شراء السلع المحلية بعد رسوم ترامب الجمركية

العربي الجديد

timeمنذ 2 ساعات

  • العربي الجديد

مودي يحث الهنود على شراء السلع المحلية بعد رسوم ترامب الجمركية

حثّ رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي المواطنين على شراء السلع المصنوعة محلياً لدعم الاقتصاد في ظل حالة عدم اليقين العالمية المتزايدة. وجاءت تصريحاته بعد أيام من فرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب الصورة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ولد دونالد ترامب في 14 حزيران/ يونيو 1946 في مدينة نيويورك، لأبوين من أصول ألمانية واسكتلندية، تلقى تعليمه الأولي في مدرسة كيو فورست بمنطقة كوينز في مدينة نيويورك. التحق بالأكاديمية العسكرية في المدينة نفسها، وحصل عام 1964 على درجة الشرف منها، ثم انضم إلى جامعة فوردهام بنيويورك لمدة عامين، ثم التحق بجامعة بنسلفانيا، وحصل على بكالوريوس الاقتصاد 1968 رسوماً جمركية بنسبة 25% على الصادرات الهندية إلى الولايات المتحدة، إلى جانب رسوم أعلى على عدة دول أخرى، ما أثار مخاوف من تباطؤ النمو العالمي وتقلبات في الأسواق، بحسب ما أوردته وكالة بلومبيرغ. وخلال تجمع جماهيري في ولاية أوتار براديش شمالي الهند أمس السبت، لم يُشر مودي مباشرة إلى الرسوم الأميركية، لكنه قال إنّ "الاقتصاد العالمي يمرّ بحالة من القلق، وهناك أجواء من عدم الاستقرار. الآن، يجب أن يكون لدينا مقياس واحد لما نشتريه: أن نشتري فقط ما صُنع بعرق الهنود". ويعكس تركيز مودي المتجدد على التصنيع والاستهلاك المحليين مبادرته القديمة "صُنع في الهند"، غير أنّ رسالته باتت أكثر إلحاحاً بعد فرض الرسوم الجمركية الأميركية. وكان ترامب قد اتهم الهند أخيراً بفرض رسوم جمركية مرتفعة بشكل غير متناسب مقارنةً بدول آسيوية أخرى، محذراً من عقوبات إضافية، ومشيراً إلى استمرار نيودلهي في صفقاتها بمجالي الطاقة والدفاع مع روسيا. وشدد مودي في كلمته على أهمية حماية المصالح الاقتصادية للهند في ظل الأوضاع العالمية غير المستقرة قائلاً:"مصالح مزارعينا، وصناعاتنا الصغيرة، وتوظيف شبابنا لها الأهمية القصوى". وأضاف أنّ على الهند أن تبقى يقظة في ما يتعلق بمصالحها الاقتصادية، خاصة في الوقت الذي تركز فيه الدول الأخرى على حماية مصالحها الخاصة. تأتي هذه التطورات، وفقاً لـ"بلومبيرغ"، في وقت تشهد فيه العلاقات التجارية بين واشنطن ونيودلهي توترات متزايدة، لا سيما بعد انسحاب الولايات المتحدة عام 2019 من برنامج نظام الأفضليات المعمم (GSP) الذي كان يمنح الهند إعفاءات جمركية على صادرات معينة. ومنذ ذلك الحين، تزايدت الخلافات حول الرسوم الجمركية، وقضايا الملكية الفكرية، ومعايير التجارة الإلكترونية، إلى جانب الموقف الهندي الحذر في الملف الأوكراني وعلاقاتها الاقتصادية المستمرة مع روسيا، خصوصاً في قطاع الطاقة. ورغم أنّ الولايات المتحدة تعد من أكبر الشركاء التجاريين للهند، إلا أنّ الحكومة الهندية تسعى منذ سنوات إلى تقليل اعتمادها على الأسواق الخارجية من خلال تعزيز التصنيع المحلي وزيادة الاعتماد على المنتجات الوطنية، وهي سياسة تراها ضرورية لمواجهة الصدمات الخارجية وحماية فرص العمل الداخلية. اقتصاد دولي التحديثات الحية الهند تتوقع عدم التوصل لاتفاق تجاري مع أميركا قبل انتهاء مهلة ترامب تصريحات مودي الأخيرة تعكس إدراكاً متزايداً لدى القيادة الهندية بأنّ تقلبات الاقتصاد العالمي والنزاعات التجارية بين القوى الكبرى قد تدفع الدول النامية إلى إعادة النظر في أولوياتها الاقتصادية. ومع استمرار الضغوط الأميركية، قد تجد الهند نفسها مضطرة لتسريع خططها في تحقيق الاكتفاء الذاتي الصناعي والاعتماد على سوقها المحلية، ليس فقط خياراً اقتصادياً، بل ضرورة استراتيجية لحماية استقرارها في عالم يسوده عدم اليقين.

اتفاق الرسوم الجمركية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة… من المتضرر أكثر على الصعيد الأوروبي؟
اتفاق الرسوم الجمركية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة… من المتضرر أكثر على الصعيد الأوروبي؟

القدس العربي

timeمنذ يوم واحد

  • القدس العربي

اتفاق الرسوم الجمركية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة… من المتضرر أكثر على الصعيد الأوروبي؟

باريس ـ «القدس العربي»: بعد مفاوضات شاقة، توصلت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، نهاية الأسبوع الماضي، إلى اتفاق بشأن فرض رسوم جمركية موحدة بنسبة 15 في المئة على جميع الصادرات الأوروبية إلى الولايات المتحدة، وتشمل هذه النسبة جميع الضرائب القائمة بالفعل. غير أن هذا الاتفاق أثار ردود فعل أوروبية متباينة، بين مرحبّ ومتحفّظ ومستنكر. فعلى ماذا تم الاتفاق، وماهي تداعياته المحتملة على التكتل الأوروبي ودوله السبع والعشرين الأعضاء، ولماذا هذا الانقسام حياله؟ بموجب الاتفاق، بين القوتين التجاريتين الرئيسيتين في العالم واللتين تتبادلان يوميًا حوالي 4.4 مليار يورو من السلع والخدمات، والذي لم يُكشف بعد عن تفاصيله الدقيقة؛ ستخضع المنتجات الصيدلانية، التي تُعد أكثر السلع المصدرة أوروبيًا إلى الولايات المتحدة – (بقيمة نحو 120 مليار يورو العام الماضي ـ 22 في المئة من إجمالي الصادرات، وفق بيانات يوروستات) – ستخضع، وفق رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، للرسوم الجمركية الأمريكية بنسبة 15 في المئة، بعد أن كانت حتى الآن معفاة من الرسوم الجمركية، على الرغم من أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان قد صرح خلال بداية المفاوضات بأنه لا يرغب في إدراجها في الاتفاق. كما ينص الاتفاق على إلغاء الرسوم على معدات الطيران، الذي كان يُعاني من ضرائب مرتفعة، بما فيها رسوم جمركية إضافية بنسبة 50 في المئة على واردات الألومنيوم والصلب منذ شهر آذار/مارس الماضي، بالإضافة إلى رسوم جمركية بنسبة 10 في المئة على كافة معدات الطيران القادمة من أوروبا، بما في ذلك الطائرات. كما تم أيضا بموجب الاتفاق خفضُ الرسوم الجمركية على السيارات الأوروبية إلى 15 في المئة بعدما ارتفعت إلى نحو 27 في المئة منذ عودة ترامب إلى السلطة، تحديدا منذ شهر نيسان/ابريل الماضي. وكانت صادرات معدات النقل من الشركات الأوروبية إلى الولايات المتحدة، قد سجلت نحو 70 مليار يورو العام الماضي؛ والذي بيعت خلاله أيضا أكثر 700 ألف سيارة بقيمة حوالي 38 مليار يورو، بحسب رابطة مصنعي السيارات الأوروبية، التي أوضحت أنّ معظم هذه السيارات تُنتج في ألمانيا (أودي، بورش، بي إم دبليو، ومرسيدس). أمّا قطاع المُنتجات الفاخرة ومستحضرات التّجميل فلن يتم إعفاؤه من الرسوم الجمركية، وستُطبق عليه رسوم بنسبة 15 في المئة، على الرغم من تكثيف الملياردير الفرنسي برنار أرنو، رئيس مجموعة LVMH الفرنسية، لجهوده خلال الأسابيع الماضية للضغط من أجل تقليل الرسوم. بالنسبة لصادرات المنتجات الزراعية الأوروبية التي تشمل أساساً الأجبان والمعلبات، أوضحت رئيسة المفوضية الأوروبية أن بعضها سيتم إعفاؤه من رسوم 15 في المئة الجُمركية، بدون تقديم تفاصيل. في حين، لن يشمل الاتفاق حتى الآن أي قرار يتعلق بالنبيذ والمشروبات الروحانية، على أن تُحدد التفاصيل خلال الأسابيع المقبلة. وللإشارة، بلغت صادرات الاتحاد الأوروبي من الكحوليات إلى الولايات المتحدة العام الماضي 8 مليارات يورو. وتمثّل فرنسا وحدها حوالي نصف هذه الصادرات. علاوة على الرسوم الجمركية المفروضة على المنتجات الأوروبية، بموجب هذا الاتفاق الإطاري، فقد التزم التّكتل الأوروبي بشراء منتجات أمريكية في مجال الطاقة بقيمة 750 مليار دولار، مع استثمار 600 مليار دولار إضافية في الولايات المتحدة الأمريكية في مجالات النفط والغاز الطبيعي المسال والطاقة النووية والوقود والرقائق الإلكترونية، وذلك قبل انتهاء ولاية ترامب الرئاسية. غير أنه يجب التنويه إلى أن المفوضية الأوروبية لا تملك سلطة مباشرة على هذه القطاعات ولا يمكنها تنفيذ صفقات شراء طاقة أو استثمارات نيابة عن الشركات الأوروبية. كما أن زيادة واردات الغاز الأمريكي قد تتعارض مع أهداف أوروبا المناخية. تأثير متفاوت من بلد أوروبي إلى آخر مع أن الرسوم الجمركية الأمريكية بنسبة 15 في المئة ستشمل جميع دول الاتحاد الأوروبي، إلا أنّ تأثير هذه الرسوم سيختلف من بلد لآخر بحسب حجم صادراته، مع دخول هذه التدابير حيز التنفيذ منذ الأول من آب/اغسطس الجاري. فمن حيث القيمة، تُعد ألمانيا، أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي، وبفارق كبير أكبر مصدر للسلع إلى الولايات المتحدة داخل الاتحاد الأوروبي، حيث بلغت صادراتها نحو 161 مليار دولار في العام الماضي، وسجلت فائضًا تجاريًا قياسيًا مع الولايات المتحدة في عام 2024 بلغ 84.8 مليار دولار. وتشكل الولايات المتحدة الأمريكية وحدها حوالي 10 في المئة من الصادرات الألمانية، وفقًا لمكتب الإحصاءات الألماني «ديستاتيس». كما أن الأمريكيين يُقبلون بشكل كبير على السيارات الألمانية والآلات الصناعية والمنتجات الصيدلانية المصنوعة في ألمانيا. وكان البنك المركزي الألماني قد حذّر في بداية العام من مغبة أن فرض رسوم جمركية أمريكية على المنتجات الألمانية قد يؤدي إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنسبة 1 في المئة. أما فرنسا وإيطاليا، ثاني وثالث أكبر اقتصادات في التكتل، واللتان سجّلتا العام الماضي فائضًا تجاريًا مع الولايات المتحدة بقيمة نحو 16 مليار دولار وحوالي 44 مليار دولار وفقًا للجانب الأمريكي؛ فستتأثران برسوم ترامب الجديدة على الأرجح بدرجة أقل، مع اختلاف التأثير حسب كل قطاع من قطاعات الاقتصاد في كلا البلدين. سيكون قطاع الأغذية والمشروبات، خصوصًا النبيذ، من بين الأكثر تضررًا في البلدين. فقد يفقد الأمريكيون شغفهم لاستهلاك المنتجات الفرنسية والإيطالية، إذا ارتفعت أسعارها بسبب الرسوم الجمركية. وهو تهديدٌ يواجهه أيضا بدرجة كبيرة قطاع المنتجات الفاخرة الفرنسي – العطور والمنتجات الجلدية.. إلخ. ومع ذلك، اعتبرت مجموعة LVMH، الرائدة عالميًا في مجال المنتجات الفاخرة أن فرض هذه الرسوم الجمركية الأمريكية بنسبة 15 في المئة سيكون نتيجة مقبولة، حيث تعتقد المجموعة الفاخرة العالمية أنها تستطيع التعويض عبر رفع الأسعار وتحسين الإنتاج، خاصة داخل الولايات المتحدة الأمريكية. وحقق الاتحاد الأوروبي ككل فائضًا تجاريًا مع الولايات المتحدة بقيمة 235.6 مليار دولار (201.5 مليار يورو)، بحسب مكتب التحليل الاقتصادي «BEA BEA» التابع لوزارة التجارة الأمريكية، والذي نشر بياناته لعام 2024 في بداية شباط/فبراير. وتتفوق عليه فقط الصين من حيث الفائض التجاري. في حين، تُسجل أيرلندا أكبر فائض تجاري بين أعضاء الاتحاد الأوروبي بقيمة 86.7 مليار دولار، وتُصدر أكثر من ربع منتجاتها إلى الولايات المتحدة. ويُعزى ذلك جزئياً إلى استقرار شركات أمريكية كبرى، لا سيما في قطاع الأدوية، مثل فايزر، وإيلي ليلي، وجونسون آند جونسون في هذا البلد للاستفادة من ضريبة الشركات المنخفضة البالغة 15 في المئة مقارنة بـ21 في المئة في الولايات المتحدة الأمريكية. تقوم هذه الشركات بإيواء براءاتها في أيرلندا وبيع منتجاتها في السوق الأمريكية، حيث تكون أسعار الأدوية عادةً أعلى من بقية أنحاء العالم. كما تحتضن أيرلندا معظم المقرات الأوروبية لعمالقة التكنولوجيا الأمريكيين مثل آبل، وغوغل، وميتا، الذين استُدرجوا كذلك بفضل النظام الضريبي الجذاب في البلاد. بدورهما، تحقق النمسا والسويد فائضًا تجاريًا مع الولايات المتحدة، بقيمة نحو 13 مليار دولار و10 مليارات دولار على التوالي. غضب عواصم أوروبية عديدة غير أن ذلك لم يطمئن المسؤولين السياسيين في عدد من الدول الأوربية، في مقدمتها فرنسا، التي أتّهمت أوروبا بـ«الخضوع» للولايات المتحدة واصفة يوم الاتفاق بأنه «يوم قاتم». ورغم الإقرار بأن هذا الاتفاق سيجلب «الاستقرار» للشركات، إلا أن التركيز انصب في فرنسا على طابعه «غير المتوازن» بحسب التعبير المستخدم من عدة أعضاء في الحكومة. ودعت باريس إلى أن تُظهر أوروبا مزيدًا من الحزم خلال المفاوضات المقبلة حول تفاصيل تنفيذ هذا الاتفاق. في هذا الصدد، اعتبر وزير الاقتصاد إيريك لومبار في مقابلة ما صحيفة «ليبراسيون» أن هذا الاتفاق «غير مكتمل وأن العمل ما يزال مستمرًا»، قائلاً: «الاتفاق لم يُستكمل بعد، وسنسهر على أن يتم تحسينه. يجب أن تستمر المناقشات حول المنتجات الصيدلانية ـ حيث يُفهم أن بعض الأدوية ستُعفى ـ وأيضًا حول الفولاذ والألمنيوم والمنتجات الكيميائية وأشباه الموصلات والنبيذ والمنتجات الزراعية». على المنوال نفسه، قال الوزير الفرنسي المكلّف بالتجارة الخارجية، لوران سان-مارتان : «لا ينبغي أن يكون هذا الاتفاق نهاية القصة، وإلا نكون قد أضعفنا أنفسنا ببساطة. الآن ستكون هناك مفاوضات تقنية، ويمكننا أن نغتنم هذه المرحلة من أجل أن نعزز أنفسنا». ورأت جمعية أصحاب العمل الفرنسية ميديف أن الاتفاق «يعكس ما تواجهه أوروبا من صعوبة في فرض قوة اقتصادها وأهمية سوقها الداخلية». أما رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان المعروف بانتقاداته الشديدة للاتحاد الأوروبي، فقال إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب «سحق» المفوضية الأوروبية، التي قادت المفاوضات التجارية باسم التكتل المكوّن من 27 بلدا. في المقابل، رحب المستشار الألماني فريدريش ميرتس بالاتفاق، معتبرًا أنه «جنّب صراعًا تجاريًا كان من شأنه أن يضرب بشدة اقتصاد ألمانيا المعتمد على التصدير وقطاع السيارات الكبير». لكن ميرتس، بعدما كان من أوائل المرحّبين بالاتفاق التجاري، عاد بعد ذلك بساعات ليُنبّه إلى أن الرسوم الجمركية بنسبة 15 في المئة على الصادرات الأوروبية كما تم الاتفاق عليها بين واشنطن والاتحاد الأوروبي ستلحق «أضرارًا كبيرة» بالاقتصاد الألماني. في حين، نددت شخصيات على غرار بيرند لانغ، عضو الحزب الديمقراطي الاجتماعي الألماني ورئيس لجنة التجارة في البرلمان الأوروبي، بالرسوم الجمركية، معتبرا أنها «غير متوازنة»، وأن الاستثمارات الموعودة البالغة 600 مليار دولار «ستأتي على الأرجح على حساب الصناعة في الاتحاد الأوروبي». كما استنكر اتحاد الصناعات الكيميائية الألماني، الذي يضم شركات كبرى مثل «باير» و«باسف»الاتفاق، معتبرا أن الرسوم الجمركية المتفق عليها ما تزال «مرتفعة للغاية». إيطاليا هي الأخرى، رحّبت بالاتفاق التجاري بين أوروبا والولايات المتحدة، معتبرة أنه يجنب نشوب حرب تجارية، مع التحفظ لحين معرفة التفاصيل. وقال أنتونيو تاجاني، وزير الخارجية الإيطالي: «الاتفاق بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يضع حداً لمرحلة من عدم اليقين ويجنب حرباً تجارية. وسندرس جميع التفاصيل». كما اعتبرت رئيسة الحكومة، جورجيا ميلوني أن الاتفاق «يجنب أوروبا سيناريو مدمرا». كبير المفاوضين التجاريين في الاتحاد الأوروبي ماروش شيفتشوفيتش الذي تفاوض على هذا الاتفاق على مدى أشهر مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حاول طمأنة المنتقدين المشككين، بالتّشديد على أنه واثق تمامًا بأن هذا الاتفاق «أفضل من حرب تجارية مع الولايات المتحدة»، وأنه «لاشك في أنه أفضل اتفاق ممكن في ظل ظروف صعبة للغاية، حيث إن فرض رسوم جمركية أعلى كان سيهدد نحو خمسة ملايين وظيفة في أوروبا». من جانبها، دافعت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين عن الاتفاق واصفة إياه بـ«الاتفاق الجيد» الذي من شأنه أن يحقق «الاستقرار» للمستهلكين والمستثمرين والصناعيين على جانبي الأطلسي. بين هذا وذاك، يبقى المؤكد أن الاتفاق يسمح للأوروبيين، قبل كل شيء بتفادي السيناريو الكارثي المتمثل في فرض رسوم جمركية أمريكية بنسبة 30 في المئة على الصادرات من الاتحاد الأوروبي؛ حيث نجح المفاوضون الأوروبيون في تخفيض الرسوم الجمركية الأمريكية على المنتجات الأوروبية بنسبة 15 في المئة. فعلى الرغم من أن المعدل يفوق نسبة الرسوم الجمركية التي كانت مطبقة قبل عودة دونالد ترامب إلى السلطة في شهر كانون الثاني/يناير الماضي، لكنها تبقى أقلّ من تلك التي هدد الرئيس الأمريكي بفرضها على أوروبا في حال عدم التوصل لاتفاق. كما أن الاتفاق المعلن يسمح، وفق اقتصاديين، بتفادي تصعيد فوضوي في الإجراءات الانتقامية، وحرب تجارية شاملة. فأوروبا لا تمتلك، مثلا، الرافعة الاستراتيجية، الاقتصادية والتكنولوجية، التي تستطيع الصين استخدامها في بعض سلاسل الإمداد الرئيسية. وكان بإمكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب توسيع النزاع ليشمل قطاعات مثل الطاقة أو الخدمات الرقمية، حيث تعتمد دول الاتحاد الأوروبي بشكل كبير على الولايات المتحدة. كما أن الاتحاد الأوروبي نجح، من خلال هذا الاتفاق الإطاري مع الرئيس الأمريكي، في حماية بعض القطاعات الاستراتيجية من الرسوم الأشد قسوة (بين 25 في المئة و50 في المئة، أو أكثر): فقد تم تخفيض الرسوم الجمركية على السيارات من 25 في المئة إلى 15 في المئة. فخوض مواجهة تجارية لا يمكن ربحها كان سيكون خطأ استراتيجيًا، مقابل فائدة اقتصادية وهمية. محادثات جديدة في الأفق يرى مراقبون أن هذا التراجع الأوروبي يُفسَّر قبل كل شيء بمنطق استراتيجي، إذ ترى المفوضية الأوروبية أن إبقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منخرطًا إلى جانب أوكرانيا يمثل أولوية مطلقة. وقد تنازل الاتحاد الأوروبي بالفعل بشأن الإنفاق الدفاعي، متماشيًا مع الهدف المثير للجدل المتمثل في تخصيص 5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وأدى ضغط القادة الأوروبيين إلى تحقيق تقدّمين رئيسيين تمثلا في توجيه ترامب إنذارًا صارمًا لروسيا محدداً للرئيس فلاديمير بوتين مهلة خمسين يوما للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق للنار في أوكرانيا، والتي قلصها لاحقا إلى أقل ما أسبوعين. كما أن الرئيس الأمريكي وافق على مواصلة تسليم الأسلحة لأوكرانيا بتمويل من الاتحاد الأوروبي. من هذا المنطلق، يمكن اعتبار رسوم 15 في المئة ثمنًا لـ«تأمين جيوسياسي» ضد روسيا، وفق محللين. ومن المتوقع إجراء محادثات جديدة بين الجانبين لتجاوز بعض النقاط الحساسة. وهكذا، فإن الأمر يتعلق أساسًا باتفاق إطاري، والذي سيتطلب من الآن فصاعدًا مزيدًا من المفاوضات للتوصل إلى اتفاق قانوني نهائي، كما أشارت رئيسة المفوضية الأوروبية. لقد كانت المفاوضات صعبة بشكل خاص فيما يتعلق بقطاعي الصيدلة وأشباه الموصلات، كما يُتوقع إجراء مفاوضات قطاعية لتقييم التأثيرات الملموسة لهذا الاتفاق.

سياسات ترامب الجمركية تمثل اختبارا لصورته كصانع للصفقات
سياسات ترامب الجمركية تمثل اختبارا لصورته كصانع للصفقات

القدس العربي

timeمنذ يوم واحد

  • القدس العربي

سياسات ترامب الجمركية تمثل اختبارا لصورته كصانع للصفقات

واشنطن: يراهن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسمعته كمفاوض صارم وصانع صفقات بارع، وهي صورة خدمته طوال حياته، في سياسته الحمائية القائمة على الرسوم الجمركية المشددة. ونشر البيت الأبيض الجمعة صورة للرئيس الأمريكي واضعا هاتفا ذكيا على أذنه مع تعليق يقول 'يجري اتصالات. يبرم صفقات. يعيد العظمة لأمريكا!'. ويشيد أنصاره بكل اتفاقية تجارية يعلن عنها الرئيس المقتنع بأن الرسوم الجمركية أداة تؤكد القوة الاقتصادية للولايات المتحدة، ويعتبرونها دليلا على براعته التفاوضية. ولم تكن موجة تغييرات الرسوم هذا الأسبوع مختلفة. فالخميس وبجرة قلم، فرض مطوّر العقارات السابق رسوما جمركية جديدة على العشرات من شركاء الولايات المتحدة التجاريين. وسيبدأ تطبيق هذه الرسوم في السابع من آب/أغسطس بدلا من الأول منه علما أنه حدد سابقا الأول من الشهر موعدا نهائيا وصفه بأنه صارم. وأدى تراجع الرئيس الجمهوري عن قراراته ومواعيده النهائية لبدء فرض سياسته التجارية قبل لغائها أو تمديدها — وقد منح المكسيك مؤخرا تمديدا لمدة 90 يوما — إلى انتشار مفردة 'تاكو' الساخرة التي تختصر بالأحرف الأولى عبارة 'ترامب دائما يتراجع'. وأثارت نكات توحي بأن ترامب كثير الكلام وقليل الأفعال فيما يتعلق التجارة، حفيظة الرئيس. – 'ليس تراجعا' – لكن محللين يعتقدون أن لا تراجع هذه المرة. ويرى خبير الاقتصاد الدولي في مركز أتلانتيك كاونسيل للأبحاث أن ترامب 'لم يتراجع'. وصرح ليبسكي أن الرئيس 'يتابع، إن لم يتجاوز' ما تعهد به خلال حملته الانتخابية فيما يتعلق بالرسوم الجمركية. وقال محلل السياسات العامة في إيفركور آي إس آي ماثيو أكس، إنه لا يتوقع 'تغيرا كبيرا' في الأمر التنفيذي الأخير، باستثناء إبرام صفقات مع بعض الدول مثل تايوان أو الهند خلال فترة السماح ومدتها سبعة أيام. وبعد مفاوضات حاسمة سبقت إعلان الرسوم الجمركية، حصل ترامب على سلسلة من التنازلات في اتفاقات أبرمها مع الاتحاد الأوروبي واليابان وكوريا الجنوبية، فحدد معدلات ضريبية متفاوتة وحصل على وعود باستثمارات كبيرة في الولايات المتحدة. ولا تزال تفاصيل هذه الاتفاقيات غامضة وتترك الباب مفتوحا أمام أسئلة جوهرية مثل: هل الإعفاءات ممكنة؟ ما مصير قطاعات رئيسية كالسيارات والأدوية وأشباه الموصلات؟ وثم، ماذا عن الصين؟ وأوضح أكس أن لدى الرئيس الأمريكي وقادة الدول الأخرى 'أسبابا لتجنب الدخول في اتفاقيات مفصلة' ما يسمح لجميع الأطراف بتقديم هذه الصفقات لجمهورهم بأكثر الطرق إيجابية أو أقلها سلبية. والقدرة على إبرام الصفقات، وغالبا مع أو بدون تفاصيل جوهرية، هي بالنسبة للرئيس الجمهوري البالغ 79 عاما عنصر أساسي في أسلوبه السياسي. – 'فن' – في كتابه 'فن إبرام الصفقات' كتب الملياردير 'الصفقات فنّ خاص بي. يرسم الآخرون بجمال على القماش أو يكتبون أشعارا رائعة. أنا أحب إبرام الصفقات، والأفضل أن تكون كبيرة. هذا يمتعني'. ويوضح ترامب في كتابه أنه دائما ما 'يحمي' نفسه من خلال 'المرونة'. ويشرح 'لا أتمسك بتاتا بصفقة معينة أو نهج معين'. لكن رغم التعليقات بشأن تراجعه عن قراراته التجارية، لم يتراجع ترامب كثيرا عن استراتيجيته التجارية وقد يكون ذلك مكلفا من الناحية السياسية. ففي استطلاع أجرته جامعة كوينيبياك ونُشر في منتصف تموز/يوليو، قال 40% فقط من المشاركين إنهم يدعمون سياسات الرئيس التجارية بينما انتقدها 56%. وتنبئ أحدث أرقام التوظيف بانعكاسات سياسات ترامب الحمائية، وفقا للخبراء. فبعد تعديلها انخفضت أرقام الوظائف الجديدة في أيار/مايو وحزيران/يونيو بشكل حاد إلى مستويات لم تُسجل منذ جائحة كوفيد-19. (أ ف ب)

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store