logo
الجبهة الداخلية غير جاهزة والاقتصاد لن يـصمد طويلاً

الجبهة الداخلية غير جاهزة والاقتصاد لن يـصمد طويلاً

جريدة الاياممنذ 4 ساعات

بقلم: إسحق بريك
أعلن وزير الخارجية الأميركي السابق أن هجوماً عسكرياً أميركياً على المنشآت النووية الإيرانية لن يكفي، ولهذا فثمة حاجة أيضاً للوصول إلى اتفاقيات.
المراقبون الذين ترسلهم الوكالة الدولية للطاقة الذرية ليفحصوا هل يخرق الإيرانيون الاتفاق الذي وقع بين الولايات المتحدة وإيران في عهد الرئيس أوباما، ادعوا أن ليس بوسع الولايات المتحدة أن تحيد القدرة النووية لإيران بهجوم عسكري فقط، وذلك لأن هناك مواقع توجد نحو ألف متر تحت الأرض، وكل ما يتحقق هو تعليق معين، ولكن ليس تصفية تامة للقدرات النووية.
وعليه، فإنه دون اتفاق سياسي يمكن لإيران أن تصل إلى قنبلة نووية.
في أيدي إيران توجد منذ الآن مادة مشعة لإنتاج عشر قنابل نووية، وهناك خبراء يدعون بأن لديها أيضاً بضع قنابل نووية اشترتها من كوريا الشمالية أو من الباكستان.
رداً على الهجوم الإسرائيلي قال مصدر إيراني لـ "نيويورك تايمز" إن إيران بلورت خطة رد على هجوم إسرائيلي تتضمن هجوماً مضاداً بمئات الصواريخ الباليستية على مراكز سكانية، وعلى بنى تحتية أمنية، وعلى مراكز التحكم والسيطرة.
إضافة إلى ذلك أطلق مبعوث البيت الأبيض، ستيف ويتكوف، تصريحاً استثنائياً عن قدرات الصواريخ الإيرانية: "هذا تهديد وجودي لا يقل عن التهديد النووي".
وحذر ويتكوف سناتورات جمهوريين كباراً من أن إيران قد ترد على الهجوم الإسرائيلي على منشآتها النووية بهجمة صواريخ واسعة تتغلب على منظومات الدفاع الإسرائيلية وتلحق ضرراً وإصابات على نطاق واسع.
وحسب تقديرات الاستخبارات الأميركية، لدى إيران نحو ألفي صاروخ باليستي مع رؤوس متفجرة قادرة على أن تحمل طناً من المواد المتفجرة، ويمكنها أن تصل إلى كل أرجاء إسرائيل.
هدف إيران هو أن يفوق عدد صواريخها عدد صواريخ الاعتراض الإسرائيلية.
الخطة الإيرانية هي مواصلة إطلاق الصواريخ الباليستية حتى بعد أن تنفد صواريخ حيتس الاعتراضية لدى إسرائيل، ولا تكفي المساعدة الأميركية، وعندها ستجد إسرائيل نفسها تحت وابل من الصواريخ الباليستية مع رؤوس متفجرة تزن طناً، دون قدرة دفاعية كافية.
ليس على مدى الزمن
وعلى حد قول مصادر رفيعة المستوى في الولايات المتحدة، فإن واشنطن تشارك لوجستياً في العملية، وتعطي معلومات استخبارية لإسرائيل على سبيل تقديم المساعدة لها.
انضمت شبكة "سي.بي.اس" إلى التقارير، وقالت: "مصادر مطلعة على التفاصيل" للشبكة إن إدارة الرئيس ترامب تساعد إسرائيل في الهجوم على إيران، دون أن تتصدره.
ورغم النجاح المبهر جداً لسلاح الجو في هجومه في إيران، والذي لأسفي الشديد لم يؤدّ إلى تصفية القدرة النووية وإنتاج القنابل، فإن لهذا الهجوم أهمية كبيرة جداً في عنصر الردع تجاه دول معادية أخرى أيضاً.
ينبغي أن نأخذ بالحسبان بأنه بقدر ما تطول الحرب سنرى دماراً شديداً أكثر فأكثر للبنى التحتية وللبيوت في مركز البلاد، مثلما رأينا ونرى في غلاف غزة وفي بلدات حدود الشمال نتيجة لحرب "السيوف الحديدية".
إضافة إلى ذلك لا يمكن لإسرائيل أن تواصل الحرب بمدى زمني طويل بسبب شلل النشاط الاقتصادي في الدولة، والانقطاع عن العالم في مجالات الطيران والتجارة والأعمال، وهو انقطاع من شأنه أن يؤدي إلى انهيار اقتصادي يمس بشدة بالقدرة على مواصلة تحريك عجلات الحرب.
نرى الفجوة الواسعة التي بين الاستعداد على مدى السنين والجاهزية والتميز للأعمال الهجومية لسلاح الجو، وبين الإهمال المجرم لسنوات في إعداد الجبهة الداخلية للحرب، الموضوع الذي حذرت منه كثيراً أمام أصحاب القرار.
شكلت في الماضي خمسة طواقم من الخبراء، وكان أحد المواضيع المركزية التي عملت عليها هو عدم جاهزية الجبهة الداخلية للحرب.
أوصينا بحلول رفعت إلى المستوى السياسي والمستوى العسكري.
على مدى سنوات طويلة لم ينصت أصحاب القرار في إسرائيل، ولم يفهموا أن الحروب تغيرت، وأن الجبهة الداخلية ستكون مركز الحرب، بخلاف الماضي، حين دارت الحروب في الجبهات أساساً.
موقف المستوى السياسي والمستوى العسكري من إعداد الجبهة الداخلية للحرب تعبر عنه جيداً صورة "القرود الثلاثة" التي ترمز إلى اللامبالاة، تجاهل المشاكل، وانعدام الاستعداد للتدخل عندما تكون ثمة حاجة لذلك.
لعبة الولايات المتحدة
يثور لديّ التخوف من أن ترامب قام بمناورة ضد إسرائيل في اتفاقه مع الحوثيين. فالاتفاق يقضي بأن تتوقف أعمال القصف الأميركية على الحوثيين شريطة أن يتوقف الحوثيون عن هجماتهم على السفن الأميركية.
لم يستبعد ترامب في الاتفاق مع الحوثيين استمرار إطلاق الصواريخ أو المسيرات على إسرائيل وضرب السفن الإسرائيلية. فالرئيس الأميركي يرى بشكل شبه مطلق مصلحة الولايات المتحدة، ولا يقيم حساباً لأحد آخر.
طالما تشكل إسرائيل ذخراً بالنسبة له فإنه سيساعدها. في اللحظة التي يفكر فيها بأن إسرائيل ضعيفة وأنها عبء يزعجه في تحقيق أهدافه، فإنه سيقلب لها ظهر المجن. ترامب / رجل أعمال فكره يتركز على الربح والخسارة، على الجدوى فقط.
فهل من المتعذر أن يكون ترامب، الذي لا يريد التورط في حرب مع إيران، حرب يمكنها أن تؤدي إلى تصعيد إقليمي شامل بمشاركة أصدقاء إيران، روسيا، الصين وحتى كوريا الشمالية، قرر ألا تتدخل الولايات المتحدة في الهجوم إلى جانب إسرائيل وأن تساعدها فقط في الدفاع وفي الأعمال اللوجستية كصديقة شريطة ألا يوجه الرد الإيراني ضد قواعد الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
قد يقول ترامب لنفسه: "فليعلب الفتيان أمامي. إيران تتلقى ضربة قاسية من إسرائيل، لعلها تجلبها إلى اتفاق نووي جديد، وإسرائيل هي الأخرى تتلقى ضربة فيما تخرج الولايات المتحدة بالأرباح".
أخشى أن يحصل لنا ما حصل لنا مرات عديدة في الماضي: نشوة كبيرة في بداية الطريق من النجاحات وفي سياق الطريق، ثم الاصطدام بأرض الواقع. يوجد طريق واحد فقط لتسوية الوضع مع إيران: اتفاق سياسي بين الولايات المتحدة وإيران. حان الوقت ليخرج ترامب يديه من جيبيه ويساعد إسرائيل في الهجوم أيضاً، وبذلك يدفع إلى الأمان، ويسرع الاتفاق مع الإيرانيين.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مسؤولان: أميركا تعزز خياراتها العسكرية في المنطقة عبر طائرات تزود بالوقود
مسؤولان: أميركا تعزز خياراتها العسكرية في المنطقة عبر طائرات تزود بالوقود

جريدة الايام

timeمنذ 4 ساعات

  • جريدة الايام

مسؤولان: أميركا تعزز خياراتها العسكرية في المنطقة عبر طائرات تزود بالوقود

واشنطن - رويترز: قال مسؤولان أميركيان طلبا عدم نشر اسميهما لرويترز، أمس، إن الجيش الأميركي نقل عددا كبيرا من طائرات التزود بالوقود إلى أوروبا لتوفير خيارات للرئيس دونالد ترامب مع تصاعد التوتر في الشرق الأوسط. وأفاد موقع (إير ناف سيستمز) المتخصص في تتبع الرحلات الجوية بأن أكثر من 31 طائرة تزويد بالوقود تابعة لسلاح الجو الأميركي معظمها من طرازي "كيه.سي-135" و"كيه.سي-46" غادرت الولايات المتحدة، مساء الأحد، متجهة شرقا. ورفض المسؤولان التعليق على عدد الطائرات لكنهما قالا، إن حاملة الطائرات "نيميتز" متجهة إلى الشرق الأوسط، إلا أن أحدهما قال، إن تلك الخطوة أُعد لها في وقت سابق. ويمكن لحاملة الطائرات "نيميتز" نقل 5000 شخص وأكثر من 60 طائرة، بما في ذلك طائرات مقاتلة. وبناء على ذلك، يشير نشر هذا النوع من الطائرات إلى أن الولايات المتحدة تُعزز قوتها الجوية بشكل كبير استعدادا لعمليات مستدامة محتملة، في ظل تبادل الضربات بين إيران وإسرائيل، في حرب مفتوحة غير مسبوقة تشهد تزايدا في الخسائر المدنية من كلا الجانبين. وقال إريك شوتن من شركة ديامي للاستخبارات الأمنية، إن "الإرسال المفاجئ لأكثر من عشرين ناقلة جوية أميركية شرقا ليس بالأمر المعتاد. إنه إشارة واضحة على الاستعداد الاستراتيجي". وسواء كان الأمر يتعلق بدعم إسرائيل، أو الاستعداد لعمليات بعيدة المدى، أو كون اللوجستيات أمرا بالغ الأهمية، فإن هذه الخطوة تُظهر أن الولايات المتحدة تُهيئ نفسها لتصعيد سريع في حال تفاقم التوترات مع إيران. وكانت الولايات المتحدة حذرة حتى الآن، حيث ساعدت إسرائيل على إسقاط الصواريخ القادمة. لكن ترامب استخدم حق النقض (الفيتو) ضد خطة إسرائيلية في الأيام القليلة الماضية لاغتيال المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، وفقا لما ذكره مسؤولان أميركيان لرويترز، الأحد. وقال أحدهما، إن الولايات المتحدة لا تدعم استهداف القيادة السياسية الإيرانية طالما لم يكن الأميركيون مستهدفين. وامتنع مسؤول أميركي ثالث، طلب عدم الكشف عن هويته، عن التعليق على حركة الناقلات، لكنه أكد أن الأنشطة العسكرية الأميركية في المنطقة ذات طبيعة دفاعية. وأحالت وزارة الدفاع الأميركية رويترز إلى البيت الأبيض الذي لم يرد على الفور على طلب للتعليق.

مهاجمة إيران تمهد الطريق لاستكمال التغييرات الإستراتيجية في المنطقة
مهاجمة إيران تمهد الطريق لاستكمال التغييرات الإستراتيجية في المنطقة

جريدة الايام

timeمنذ 4 ساعات

  • جريدة الايام

مهاجمة إيران تمهد الطريق لاستكمال التغييرات الإستراتيجية في المنطقة

افتتحت إسرائيل بنجاح كبير الحملة التاريخية التي استعدت لها أعواماً عديدة، والتي تهدف إلى إزالة التهديد الإستراتيجي القادم من إيران، قبل أن يتحول إلى تهديد وجودي. إن تحقيق حرية العمل الجوي في غرب إيران ووسطها، واستغلال عنصر المفاجأة لضرب علماء البرنامج النووي وكبار مسؤولي المنظومة العسكرية الإيرانية، يهيّئان ظروفاً مواتية جداً لجهد عسكري متواصل يستهدف البنية التحتية للبرنامج النووي العسكري الإيراني ومنظومة إنتاج وتشغيل الصواريخ الباليستية بعيدة المدى لديها. كل ذلك، بطبيعة الحال، في مقابل الثمن الذي لا مفرّ منه، والمتمثل في تعرُّض الجبهة الداخلية الإسرائيلية للضرر، وهو ما كان يمكن أن يكون أثقل كثيراً لولا أن إسرائيل ألحقت أضراراً جسيمة بـ"حزب الله". إن القدرة على الحفاظ على حرية العمل طوال الفترة الزمنية اللازمة لإتمام المهمة نابعة أيضاً من حقيقة أن إسرائيل انتظرت التوقيت الأمثل الذي يضمن الدعم الأميركي للعملية الإسرائيلية، والتسليم بها بصمت من جانب بقية الدول الغربية البارزة، ألمانيا وبريطانيا وفرنسا. لقد قُبل ادّعاء إسرائيل أن إيران بدأت بالتقدم نحو إنتاج سلاح نووي، ليس فقط من خلال تسريع وتيرة تخصيب اليورانيوم إلى مستوى عالٍ جداً (60%)، حسبما ظهر في تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهو ما يتيح التخصيب إلى المستوى المطلوب لإنتاج جهاز تفجير نووي خلال أيام، بل أيضاً من خلال بدء عملية التسليح تم قبول هذا الادعاء واعتُبر صادقاً ومبرِّراً للعملية العسكرية الإسرائيلية. وساهم في ذلك أيضاً رفض إيران العرض الأميركي في المفاوضات التي جرت بين الجانبين، والتقرير الصادر عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي أكد أن إيران خرقت التزاماتها في إطار معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وأدارت برنامجاً منظماً لإنتاج السلاح النووي. دفع هذا التقرير مجلس المحافظين في الوكالة إلى اتخاذ قرار يدين إيران، وينقل الملف إلى مجلس الأمن. في ظل هذه الظروف، ومع الأخذ بعين الاعتبار الدعوات المتكررة من النظام الإسلامي في طهران إلى القضاء على إسرائيل، تم الحصول على الشرعية الدولية للعملية الإسرائيلية. تُعتبر حرية العمل العملياتي والفترة الزمنية المتاحة لإسرائيل عنصرين حاسمين في معالجة جميع مكونات البرنامج النووي، الذي يشمل عدداً كبيراً من المنشآت المنتشرة على امتداد إيران، العديد منها كبير ومعقد، وبعضها تحت الأرض. حتى الآن، هاجمت إسرائيل جزءاً صغيراً فقط من هذه المنشآت، وألحقت بها ضرراً غير قليل، لكن لا تزال أمامها مهمة كبيرة. ولمنع إيران من إعادة استخدامها، هناك حاجة إلى مهاجمة عدد منها، بما في ذلك منشأة التخصيب في نتانز ومصنع تحويل اليورانيوم في أصفهان، اللذين سبق أن تعرّضا لهجمات عدة مرات، وبطبيعة الحال يجب أيضاً التعامل مع مخزونات اليورانيوم، ومنشآت إنتاج أجهزة الطرد المركزي، ومناجم اليورانيوم، ومصنع إنتاج أوكسيد اليورانيوم المركّز، وفي نهاية المطاف، منشأة التخصيب تحت الأرض في فوردو والمنشآت المستخدمة في برنامج التسليح وبرنامج الصواريخ. إذا ما استغلت إسرائيل الوقت وقامت بمعالجة منهجية لجميع هذه العناصر، فهناك احتمال لتحقيق أهداف الحملة، وإزالة التهديد النووي والصاروخي الإيراني أعواماً عديدة. ويزداد هذا الاحتمال في حال قررت الولايات المتحدة الانضمام إلى الهجمات، خصوصاً إذا ما عملت ضد منشأة التخصيب في فوردو. ويبدو أن الولايات المتحدة ستمتنع عن ذلك ما دامت إيران لا تتحرك ضد أهداف أميركية في إطار ردها على الهجمات الإسرائيلية. ولضمان تحقيق الأهداف لفترة طويلة، يُفضّل أن تؤدي الحملة إلى تقويض مكانة النظام الإسلامي إلى حد سقوطه. فالضربات التي يوجّهها الجيش الإسرائيلي إليه مؤلمة ومحرجة، وتنضم إلى الضائقة الاقتصادية، ومشكلات البنية التحتية، وازدياد الضغط الدولي من الولايات المتحدة، التي قد تنضم إليها دول أُخرى، إذا قررت إحدى دول الغرب إعادة فرض العقوبات الاقتصادية من خلال آلية "سناب - باك". إن احتمالات تحقُّق هذا السيناريو ضئيلة في هذه المرحلة، لكنها ليست مستحيلة في ظل الظروف الراهنة، والكثير يتوقف على الشعب الإيراني، الذي يشعر بعضه بأن ما يحدث قد يكون فرصة لن تتكرر لسنوات طويلة. بافتراض أن حلم تغيير النظام لن يتحقق، لا يزال من الممكن ضمان تحقيق الأهداف في المدى الطويل من خلال اتفاق بين إيران المُنهكة والولايات المتحدة، يضمن رقابة أميركية صارمة على النشاطات النووية الإيرانية من دون حدود زمنية، ويمنع إيران من إعادة تأهيل المنشآت، أو حيازة اليورانيوم المخصّب، أو تخصيب اليورانيوم على أراضيها، في مقابل تخفيف تدريجي للعقوبات؛ لكن احتمال التوصل إلى مثل هذا الاتفاق ليس مرتفعاً، ولذلك من المحتمل أن يعتمد الحفاظ على الإنجاز في المدى الطويل على المحافظة على حرية العمل العملياتي، مثلما هي الحال في السياق اللبناني. إنها مهمة معقدة، لكنها ليست مستحيلة، إذا ما تم الحفاظ على حرية العمل الجوي. على أيّ حال، كلما تمكنت إسرائيل من تحقيق أهداف الحملة، فإن قرارها بمهاجمة القدرات الإستراتيجية الإيرانية بقواها الذاتية، سيمهد الطريق لاستكمال التغييرات في الصورة الإستراتيجية الإقليمية، لا سيما بعد أن ألحقت أضراراً جسيمة بـ"حزب الله" و"حماس"، وهيأت الظروف لسقوط نظام الأسد في سورية. ستكمل إسرائيل العمل على انهيار المحور الإيراني، وتزيل التهديدات المحدقة بها، وترسّخ مكانتها كقوة مركزية فاعلة، تعمل بالتنسيق مع القوة العظمى، الولايات المتحدة، لدفع بنية إقليمية قائمة على التعاون الاقتصادي المساهم في الاستقرار. قد يُضعف هذا التطور "حزب الله" في لبنان، ويُحسّن فرص تحقيق أهداف الحرب في غزة، ويشجع النظام الجديد في سورية على تبنّي سياسة مقبولة من إسرائيل. كذلك، ستُعزَّز احتمالات الدفع باتفاقيات أبراهام وتوسيعها. في ضوء ذلك، يجب النظر إلى أهمية تحقيق أهداف عملية "شعب كاللبؤة" على أنها تتجاوز السياق الضيق المتعلق بالتهديد الإيراني. في ظل هذه الصورة، من الواضح أن النظام الإيراني يرى في الهجوم الإسرائيلي تهديداً وجودياً، وسيبذل كل ما في وسعه لإفشاله، عبر تدفيع إسرائيل أثماناً باهظة بطرق متنوعة، مع محاولة ردع الولايات المتحدة أيضاً، من دون الانجرار إلى مواجهة مباشرة معها. على إسرائيل أن تسعى لإحباط هذه المحاولات بكل ما أوتيت من قدرة.

الجبهة الداخلية غير جاهزة والاقتصاد لن يـصمد طويلاً
الجبهة الداخلية غير جاهزة والاقتصاد لن يـصمد طويلاً

جريدة الايام

timeمنذ 4 ساعات

  • جريدة الايام

الجبهة الداخلية غير جاهزة والاقتصاد لن يـصمد طويلاً

بقلم: إسحق بريك أعلن وزير الخارجية الأميركي السابق أن هجوماً عسكرياً أميركياً على المنشآت النووية الإيرانية لن يكفي، ولهذا فثمة حاجة أيضاً للوصول إلى اتفاقيات. المراقبون الذين ترسلهم الوكالة الدولية للطاقة الذرية ليفحصوا هل يخرق الإيرانيون الاتفاق الذي وقع بين الولايات المتحدة وإيران في عهد الرئيس أوباما، ادعوا أن ليس بوسع الولايات المتحدة أن تحيد القدرة النووية لإيران بهجوم عسكري فقط، وذلك لأن هناك مواقع توجد نحو ألف متر تحت الأرض، وكل ما يتحقق هو تعليق معين، ولكن ليس تصفية تامة للقدرات النووية. وعليه، فإنه دون اتفاق سياسي يمكن لإيران أن تصل إلى قنبلة نووية. في أيدي إيران توجد منذ الآن مادة مشعة لإنتاج عشر قنابل نووية، وهناك خبراء يدعون بأن لديها أيضاً بضع قنابل نووية اشترتها من كوريا الشمالية أو من الباكستان. رداً على الهجوم الإسرائيلي قال مصدر إيراني لـ "نيويورك تايمز" إن إيران بلورت خطة رد على هجوم إسرائيلي تتضمن هجوماً مضاداً بمئات الصواريخ الباليستية على مراكز سكانية، وعلى بنى تحتية أمنية، وعلى مراكز التحكم والسيطرة. إضافة إلى ذلك أطلق مبعوث البيت الأبيض، ستيف ويتكوف، تصريحاً استثنائياً عن قدرات الصواريخ الإيرانية: "هذا تهديد وجودي لا يقل عن التهديد النووي". وحذر ويتكوف سناتورات جمهوريين كباراً من أن إيران قد ترد على الهجوم الإسرائيلي على منشآتها النووية بهجمة صواريخ واسعة تتغلب على منظومات الدفاع الإسرائيلية وتلحق ضرراً وإصابات على نطاق واسع. وحسب تقديرات الاستخبارات الأميركية، لدى إيران نحو ألفي صاروخ باليستي مع رؤوس متفجرة قادرة على أن تحمل طناً من المواد المتفجرة، ويمكنها أن تصل إلى كل أرجاء إسرائيل. هدف إيران هو أن يفوق عدد صواريخها عدد صواريخ الاعتراض الإسرائيلية. الخطة الإيرانية هي مواصلة إطلاق الصواريخ الباليستية حتى بعد أن تنفد صواريخ حيتس الاعتراضية لدى إسرائيل، ولا تكفي المساعدة الأميركية، وعندها ستجد إسرائيل نفسها تحت وابل من الصواريخ الباليستية مع رؤوس متفجرة تزن طناً، دون قدرة دفاعية كافية. ليس على مدى الزمن وعلى حد قول مصادر رفيعة المستوى في الولايات المتحدة، فإن واشنطن تشارك لوجستياً في العملية، وتعطي معلومات استخبارية لإسرائيل على سبيل تقديم المساعدة لها. انضمت شبكة "سي.بي.اس" إلى التقارير، وقالت: "مصادر مطلعة على التفاصيل" للشبكة إن إدارة الرئيس ترامب تساعد إسرائيل في الهجوم على إيران، دون أن تتصدره. ورغم النجاح المبهر جداً لسلاح الجو في هجومه في إيران، والذي لأسفي الشديد لم يؤدّ إلى تصفية القدرة النووية وإنتاج القنابل، فإن لهذا الهجوم أهمية كبيرة جداً في عنصر الردع تجاه دول معادية أخرى أيضاً. ينبغي أن نأخذ بالحسبان بأنه بقدر ما تطول الحرب سنرى دماراً شديداً أكثر فأكثر للبنى التحتية وللبيوت في مركز البلاد، مثلما رأينا ونرى في غلاف غزة وفي بلدات حدود الشمال نتيجة لحرب "السيوف الحديدية". إضافة إلى ذلك لا يمكن لإسرائيل أن تواصل الحرب بمدى زمني طويل بسبب شلل النشاط الاقتصادي في الدولة، والانقطاع عن العالم في مجالات الطيران والتجارة والأعمال، وهو انقطاع من شأنه أن يؤدي إلى انهيار اقتصادي يمس بشدة بالقدرة على مواصلة تحريك عجلات الحرب. نرى الفجوة الواسعة التي بين الاستعداد على مدى السنين والجاهزية والتميز للأعمال الهجومية لسلاح الجو، وبين الإهمال المجرم لسنوات في إعداد الجبهة الداخلية للحرب، الموضوع الذي حذرت منه كثيراً أمام أصحاب القرار. شكلت في الماضي خمسة طواقم من الخبراء، وكان أحد المواضيع المركزية التي عملت عليها هو عدم جاهزية الجبهة الداخلية للحرب. أوصينا بحلول رفعت إلى المستوى السياسي والمستوى العسكري. على مدى سنوات طويلة لم ينصت أصحاب القرار في إسرائيل، ولم يفهموا أن الحروب تغيرت، وأن الجبهة الداخلية ستكون مركز الحرب، بخلاف الماضي، حين دارت الحروب في الجبهات أساساً. موقف المستوى السياسي والمستوى العسكري من إعداد الجبهة الداخلية للحرب تعبر عنه جيداً صورة "القرود الثلاثة" التي ترمز إلى اللامبالاة، تجاهل المشاكل، وانعدام الاستعداد للتدخل عندما تكون ثمة حاجة لذلك. لعبة الولايات المتحدة يثور لديّ التخوف من أن ترامب قام بمناورة ضد إسرائيل في اتفاقه مع الحوثيين. فالاتفاق يقضي بأن تتوقف أعمال القصف الأميركية على الحوثيين شريطة أن يتوقف الحوثيون عن هجماتهم على السفن الأميركية. لم يستبعد ترامب في الاتفاق مع الحوثيين استمرار إطلاق الصواريخ أو المسيرات على إسرائيل وضرب السفن الإسرائيلية. فالرئيس الأميركي يرى بشكل شبه مطلق مصلحة الولايات المتحدة، ولا يقيم حساباً لأحد آخر. طالما تشكل إسرائيل ذخراً بالنسبة له فإنه سيساعدها. في اللحظة التي يفكر فيها بأن إسرائيل ضعيفة وأنها عبء يزعجه في تحقيق أهدافه، فإنه سيقلب لها ظهر المجن. ترامب / رجل أعمال فكره يتركز على الربح والخسارة، على الجدوى فقط. فهل من المتعذر أن يكون ترامب، الذي لا يريد التورط في حرب مع إيران، حرب يمكنها أن تؤدي إلى تصعيد إقليمي شامل بمشاركة أصدقاء إيران، روسيا، الصين وحتى كوريا الشمالية، قرر ألا تتدخل الولايات المتحدة في الهجوم إلى جانب إسرائيل وأن تساعدها فقط في الدفاع وفي الأعمال اللوجستية كصديقة شريطة ألا يوجه الرد الإيراني ضد قواعد الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. قد يقول ترامب لنفسه: "فليعلب الفتيان أمامي. إيران تتلقى ضربة قاسية من إسرائيل، لعلها تجلبها إلى اتفاق نووي جديد، وإسرائيل هي الأخرى تتلقى ضربة فيما تخرج الولايات المتحدة بالأرباح". أخشى أن يحصل لنا ما حصل لنا مرات عديدة في الماضي: نشوة كبيرة في بداية الطريق من النجاحات وفي سياق الطريق، ثم الاصطدام بأرض الواقع. يوجد طريق واحد فقط لتسوية الوضع مع إيران: اتفاق سياسي بين الولايات المتحدة وإيران. حان الوقت ليخرج ترامب يديه من جيبيه ويساعد إسرائيل في الهجوم أيضاً، وبذلك يدفع إلى الأمان، ويسرع الاتفاق مع الإيرانيين.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store