
قبلان: لا يملك أحد شرعية نزع القوة الدفاعية الوطنية حامية لبنان
ألقى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان خطبة الجمعة في مسجد الإمام الحسين في برج البراجنة، استهلها :"قال الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه العزيز {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لاَ تَسْفِكُونَ دِمَاءكُمْ وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُم مِّن دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ}. لأننا في مناسبة شهادة الامام الحسن المجتبى مع كل ما عاناه الإمام الحسن ممن تعامل مع السلطة كأداة للمصالح العائلية واستخدم القوة الحكومية في غير محلّها، حتى انتهى الأمرُ بكارثة "فشل" طالت العالم الإسلامي كلّه، وتحوّلت يوم كربلاء الى مأساة سماوية ليس لها سابق؛ من هنا كان لزاما أن أبدأ بهذه الآية، كأساسٍ لمفهوم السلطة والدولة والشعب والشرعية الضامنة للإنسانية أو المواطنة، وما يلزم لها من مصالح ضمن صيغة الدولة أو الاجتماع العام."
أضاف: "والملفت أن لهذه الآية وجوهاً وبطوناً، ومن هذه الوجوه التأسيسية "الميثاق الاجتماعي"، الذي يقوم على ضرورة ضمان السلطة السياسية لمجتمعها وشعبها، وفق مجموع الالتزامات التي تُحقّق الأمن المجتمعي، والتي تتكون منها صيغة الحكم على قاعدة: الشراكة المدنية الضامنة لكلّ فئات المجتمع بالسلطة وعدالتها ومصالحها الوطنية، بعيدا عن نزعة الغلبة أو اللعب والعمل لصالح فريق خارجي هدفه أن ينال من أرضنا أو شعبنا أو مصالحنا الوطنية الضامنة، حتى لا تصل النوبة الى فتنة الدماء والاستسلام والخراب.
والميزة في هذه الآية أن الله تعالى يستعرض الميثاق، ومنه الميثاق الاجتماعي الذي يضمن الحقوق والذمم كافة للخليقة كافة، وعلى رأسها ضمان الدماء والأعراض ونظام المواطنة، بعيداً عن المسمّيات الرسمية التي لا تسمن ولا تغني من جوع".
وتابع :"ببساطة، لأن السلطة من دون ضامن حقوقي فعلي (من رقابة ونظام حواجز ومحاسبة شديدة وشاملة) تصبح أداة استبداد وفريق عصابة ينهب وينهش البلد والموارد والشعب، فضلا عن وضعه للبلد في منطقة الفشل والضعف، حيث ينتهي به الأمر إلى الزوال. وهذا ما لا يريده المولى سبحانه وتعالى.
والقضية هنا الإنسان أو المواطن، بكل ما تعنيه المصالح الوطنية للعائلة الاجتماعية أو السياسية، بعيدا عن الاختلافات البينية (من ملّة او دين أو عرق أو لون أو لغة او طبيعة اجتماعية وغيرها).
ومع ذلك تبقى قضية الأمن "الأولوية" في المواثيق كافة، مهما كان اسمها (سواء كانت سماوية أو أرضية). ومن دون أمن كل شيء ينتهي.
وهنا أكّد المولى سبحانه وتعالى في موارد هذا الميثاق على مركزية الضامن الأمني، إذ قال سبحانه {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لاَ تَسْفِكُونَ دِمَاءكُمْ}، فبدأ مع الدم كي يمنع فتنة السياسة والإعلام والتحريض والانقسام الذي يضع الناس في وجه بعضها البعض، ولا فرق في ذلك بين لعبة داخلية أو خارجية، ما دام أنها تتعارض مع أصل منظومة الحكم التي تأسّست وفق فكرة مجتمعية تضمن الأرض والعرض والدم وتمنع الفتن، فضلاً عن باقي واجباتها (المالية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية والمدنية والسيادية) اتجاه شعبها ورعيّتها ودون تمييز، وذلك لحقيقة ثابتة مفادها: أن السلطة ليست ملكاً لأحد، بل السلطة ملك الوظيفة الحقوقية التي نالت المشروعية على أساسها، ودون ذلك تصبح السلطة فساد وطغيان وأوكار عصابات وأسواق تجارة حتى بسيادة وطنها.
والمبدأ هنا المواطن، أو شعب البلد بكلّ تنوّعاته، ولا يوجد في الأرض كلّها شعب إلا وهو متنوّع ومتعدد ومختلف الثقافة والفكر والدين والملة والعرق وغير ذلك".
واستطرد المفتي قبلان: إذن وفقاً لمبدأ السلطة أو الحكم لا مشروعية للسلطة او الحكم إلا عبر مواثيق ضامنة للفرد والجماعة وما يلزم في عالم الاجتماع المدني او الاجتماع السيادي بما فيه كل القطاعات المختلفة (يعني من مال ونقد واستثمار وإنتاج وتربية ويد عاملة وأسواق ونشاط مدني وحقوق مشارَكة وأمن وأمان وعدالة اجتماعية وسيادة كيانية)، بعيدا عن نار التمييز والاحتكار.
والمواطنة هنا (كقيمة مصدرية لمشروعية السلطة) تعني مطلق مواطن في البلد الذي يعيش فيه، يعني سواء كان مسيحيا، مسلما، أو بلا عقيدة وملة، بل يكفي فيه انسانيته، وهو عين قوله سبحانه وتعالى {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً}، يعني الإنسان بما هو إنسان، ببعد النظر عن الملة واللون والعرق واللغة وباقي الإثنيات المختلفة".
وقوله سبحانه وتعالى {وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُم مِّن دِيَارِكُمْ}، يريد أن الانسان واحد، والنفس واحدة، والمواطن واحد بالقيم الحقوقية التي يتأسّس عليها النظام السياسي أو الاجتماعي الضامن.
من هنا قيل بالأدبيات السياسية بأن البلد شراكة مصالح وأعباء، والسلطة مطالبة بتأدية دورها الكافل لمجموع الحقوق العامة بمجتمعها دون تمييز أو تفريق، وإذا تلكأت السلطة أو أهملت أو فشلت في هذا المجال فقدت شرعيتها بمقدارها، وتفريعاً قالوا: حال تهدّد الأمن السيادي أو المجتمعي فعلى الشعب أن يساهم عبر صيغة تحاكي صيغة السلطة الضامنة للدولة بهدف حماية المصالح الوطنية والشؤون السيادية والاجتماعية وغيرها، والتفريط في هذا المجال خيانة عند الله وعند الناس، وهذا الكلام أممي ومجتمعي وإنساني منذ أول خلق الإنسان".
وقال: "من باب النموذج، من يتذكّر الاحتلال الإسرائيلي عام 1982 والذي وصل الى العاصمة بيروت، يدرك حجم الأزمة الحقوقية التي طالت شرعية السلطة، وأحيانا بيئة السلطة أو بعض أطرافها لدرجة أن الإسرائيلي سيطر على مفاصل السلطة والبلد، وبدأ يُصهين كل شيء، ومعه بات إنقاذ السلطة والدولة ضرورة شعبية عليا، تنفيذاً للقيمة الحقوقية المأخوذة بالأوطان، وهذا ما قامت به المقاومة بمختلف عناوينها، فيما شكّلت انتفاضة 6 شباط مركز الإنقاذ الوطني للدولة ومؤسساتها، بعدما باتت الدولة بمؤسساتها ملكاً للمشروع الصهيوني. والقضية هنا حقوق الشعب والوطن، لا السماسرة ولا بيّاعي الأوطان.
وبالعودة إلى الآية القرآنية نجدها تتعامل مع الشعب كوحدة نوعية أو عائلة وطنية تتشارك الهموم والمنافع والمسؤوليات، وتعطي السلطة صلاحيات مُقنّنة للقيام بما يلزم عليها في مجال تأمين الحقوق الوطنية الضامنة، سواءً كانت داخلية أو خارجية، وإلا خسرت السلطةُ أصل وجودها القانوني".
واردف: "ومن هنا قيل: الشعب مطالب بمراقبة السلطة ومطابقة عملها مع المنظومة الحقوقية التي ترعى وجودها ووظيفتها التأسيسية، بما في ذلك الحقوق السيادية للدولة والناس.
وبالأمس واليوم والى الأبد يتضح الفشل السيادي والمفهوم السلطوي للدولة التي لا تدافع عن شعبها ومصالح كيانها السيادية. على أن الدولة مخوّلة اقتناء واستعمال السلاح بهدف حماية مجتمعها وناسها وكيانها وسيادتها، لا العمل كوكيل للعدو أو عرّابه أو لمجرد الاستهتار. وترك هذه الوظيفة خيانة كبرى في مواثيق الله ومواثيق الأمم والبشر".
اليوم البلد يعاني من عدوان إسرائيلي متوحّش يطال البرّ والبحر والجو، وهو متنوّع بين غارات وتفخيخ واستهدافات لا نهاية لها، فيما السلطة السياسية تعيش في كوكب آخر، وليس لها همّ إلا حصر السلاح الذي لم تستعمله لحماية بلدها وناسها وما يلزم لسيادة نفسها، مع أن أصل مشروعية السلاح الحكومي تتوقّف على حماية البلد والمرافق الكيانية والاجتماعية المواطنية لهذا البلد. وإذا أخذنا ممارسة الدولة المتهرّبة أو المتبرئة من مسؤولياتها طيلة عشرات السنين الماضية معياراً لما يجب أن نقوم به، فإننا ننتهي الى حقيقة مفادها: أن الدولة ومرافقها كانت تصهينت لولا المقاومة التي حرّرت الدولة والمرافق واستعادت لبنان".
ولفت المفتي قبلان الى ان "ما نخشاه إصرار البعض على التخلّي عن أسباب القوة التي تحمي بلدها وناسها في وجه أعتى عتاة الظلم والاحتلال والفساد".
وتوجه الى "الشعب اللبناني ولكل القوى السياسية "والقريب والبعيد"، يعرف أن البلد عانى ويعاني من مرارة العدوان الإسرائيلي منذ عشرات السنين، ويعرف أن الدولة لم تهتم لشعبها ولم تحرر شبرا من الأرض، بل تركت الجنوب يحترق، واليوم من الأمس تماما، بحيث أن العدوان الإسرائيلي يطال البر والبحر والجو وينال من المواطن اللبناني وأرضه وسيادته دون وجود أي ضامن أمني من دولتنا، والأعذار واهية وحدّث ولا حرج ومخزية، والمرجلة بالدفاع عن لبنان لا بتطويق السلاح الذي حرّر لبنان. لذلك لا سلاح شرعيا أكبر من سلاح المقاومة والجيش، والجيش والمقاومة شراكة سيادية، ودون هذه السيادة عندها تكون الكارثة، وشرعية السلاح من شرعية الحماية السيادية للبنان، بل التصلّب الخطأ في الموقف هو الذي يهدد لبنان، والقضية ليست قضية إسم وإطار وشرعية لفظية، بل قوة وطنية أثبتت أنها ضامن فعلي في عالم السيادة وحماية الوطن، وعلى الدولة مكافأة المقاومة لا العدو الإسرائيلي الذي لا يزال يمعن بعدوانه وغاراته واستباحته لبلدنا".
وختم المفتي قبلان: "ما يجري في جنوب النهر إنما يجري تحت عين الدولة التي لا تقوم بواجباتها، وتطويق الطائفة والبيئة الكريمة التي قدّمت تضحيات هائلة طيلة عشرات السنين هو أمر كارثي، والحكومة اللبنانية لا تملك شرعية التنازل عن سيادة لبنان أو وضع البلد في إطار الاستسلام السيادي والضعف الوجودي، والخصومة مع المقاومة أكبر هدية لإسرائيل التي تتوثّب لاحتلال لبنان كما تفعل في الجنوب السوري، والحكومة مطالبة بموقف وطني يليق بجبهات الدفاع السيادي، وحذارِ من الموقف الخطأ لأن البلد قابع على برميل من البارود، والحلّ بالشراكة الوطنية التي تحمي البلد، والعين تبقى على عقلاء الوطن، والقضية هي وطنية لا سياسية، واللحظة تاريخية سيادية، ولا يملك أحد شرعية نزع القوة الدفاعية الوطنية التي تحمي بلدنا لبنان".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الديار
منذ 12 دقائق
- الديار
سوريا وتركيا توقعان 10 اتفاقيات اقتصادية لرفع التبادل التجاري إلى 5 مليارات دولار
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب وقعت سوريا وتركيا، اليوم الثلاثاء، أكثر من 10 اتفاقيات ومذكرة تفاهم، إلى جانب بروتوكول لإنشاء لجنة اقتصادية وتجارية مشتركة، بهدف رفع التبادل التجاري بين البلدين إلى 5 مليارات دولار. وقالت وزارة التجارة التركية في بيان لها، إن الاتفاقات تهدف لتسريع التعاون الاقتصادي، وتشمل مجالات التجارة، الجمارك، والتنمية الإدارية.وأضافت أن اللجنة الاقتصادية المقترحة ستعوض اتفاقية التجارة الحرة المجمدة منذ 2011، مشيرا إلى استمرار المشاورات حول النظام الجمركي والنقل، مع اقتراح إنشاء لجنة جمركية مشتركة. وأكدت الوزارة توقيع اتفاقية لتأسيس مجلس الأعمال التركي–السوري غدا في مدينة إسطنبول، وأن المصارف التركية تستعد لبدء العمل في سوريا، فيما يطمح رجال الأعمال الأتراك للإسهام في مشاريع الإعمار والتنمية. ووصل وزير الاقتصاد والصناعة السوري، محمد نضال الشعار، إلى تركيا في زيارة رسمية تستمر حتى الخميس المقبل، على رأس وفد اقتصادي، لبحث سبل تعزيز التعاون الثنائي. وشهدت العلاقات بين البلدين تطورا متسارعا منذ رحيل حكومة الأسد في ديسمبر/ كانون الأول 2024. وبلغ حجم التبادل التجاري بين تركيا وسوريا 2.6 مليار دولار في 2024، و1.9 مليار دولار خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي، بحسب وزير التجارة التركي، عمر بولات. وفي حزيران الماضي، وقع الجانبان اتفاقية للنقل البري الدولي لتعزيز التعاون الاقتصادي وتوسيع الخدمات اللوجستية.


الديار
منذ 12 دقائق
- الديار
الجديد عن مصادر حكومية: لا نية لدى أي من القوى السياسية في تفجير الحكومة، فيما تصر القوات اللبنانية على تحديد مهلة زمنية لسحب السلاح ملوّحة بموقف تصعيدي إن لم يُقرّ ذلك
Aa اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب اشترك بنشرة الديار لتصلك الأخبار يوميا عبر بريدك الإلكتروني إشترك عاجل 24/7

القناة الثالثة والعشرون
منذ 24 دقائق
- القناة الثالثة والعشرون
حاصباني: ننتظر القرار الظني لاستكمال مسار العدالة
أحيت منطقة بيروت في حزب 'القوات اللبنانية' الذكرى السنوية الخامسة لتفجير مرفأ بيروت، بقداس إلهي ترأسه الأب ايلي الجلخ لراحة أنفس الشهداء والضحايا، في كنيسة مار أنطونيوس البدواني في الأشرفية – الجميزة – شارع باستور. حضر القداس ممثل رئيس حزب 'القوات اللبنانية' الدكتور سمير جعجع النائب غسان حاصباني، النواب: نديم الجميل، جهاد بقرادوني، نزيه متى وآغوب ترزيان، ممثل النائب اشرف ريفي الدكتور عبد المجيد عوض، الوزراء السابقون: مي شدياق، جو سركيس وريشار قيومجيان، محافظ بيروت القاضي مروان عبود، رئيس الرابطة المارونية المهندس مارون الحلو، رئيس المجلس العام الماروني المهندس ميشال متى، نائب رئيس بلدية بيروت المحامي راغب حداد وأعضاء من المجلس البلدي والمخاتير، أعضاء من 'الجبهة السيادية'، أهالي شهداء وضحايا ومتضرري الانفجار وشخصيات سياسية وحزبية واقتصادية واجتماعية. وفي ختام القداس، وبعد النشيد الوطني ونشيد 'القوات'، قال منسق منطقة بيروت في 'القوات اللبنانية' المحامي ايلي شربشي: ' لن يموت حق وراء مطالب، والقوات اللبنانية منذ اللحظة الاولى، تعهدت ان تكون قضية المرفأ قضيتها، فإلى أرواح ضحايا وشهداء تفجير 4 آب الارهابي عهدنا ان نكتب بدمائكم المقدسة والعدالة طريقنا وهي آتية لا محالة، لأهالي ضحايا وشهداء تفجير 4 آب، للمصابين والمتضررين من التفجير، لكل مصاب ما زال حاملا الوجع، لكل إنسان ما زال صوته مبحوحا من القهر بعد 5 سنوات من الانفجار، بل الزلزال الجريمة بحق وطن بأكمله، المجزرة التي دمرت قلب العاصمة وقلوب الناس وبيوتهم وأحلامهم، وخطفت منا أكثر من 235 ضحية، وشردت آلاف العائلات الموجوعة'. اضاف: 'كلنا نعلم الحقيقة، 4 آب لم يكن حادثا، بل كان اغتيال وطن، بصمت الدولة، بسلاح الفساد، وبغطاء الميليشات. إننا سويا مع أهالي الضحايا والشهداء والمتضررين ومع كل لبناني حر، واجهنا كل محاولات طمس الحقيقة وكل الترهيب والتهديد والضغط، ولم نساوم ولم نخف او نتراجع'. وتابع: 'اليوم، موقفنا لم يتغير: العدالة لن تدفن والمجرم سيكشف ويحاكم ويحاسب، أمام الله والشعب والتاريخ، وإذا كان للظلم جولة فاللعدالة ألف جولة وجولة. لأهالي الضحايا وعد منا والتزام، إذا نسي البعض نحن لا ننسى، إذا ساوم البعض نحن لا نساوم، إذا تراجعوا نحن سنكمل ثابتين حتى النهاية'. وقال: '4 آب ليس ذكرى، 4 آب نار تحرق عقولنا وقلوبنا، كل لحظة ضعف بمسار الجلجلة التي قررنا أن نخوضها ونحمل صليبها بعزم وإيمان لتحقيق العدالة. 4 آب وجع مقدس ما بيركع وما بينطفي'. اضاف: 'التقينا اليوم كي نصلي عن ارواح احبائنا ونؤكد لهم أن المواجهة مستمرة، ومن فجر بيروت الحقيقة والعدالة سنكمل التحقيق حتى الوصول الى المحاكمة والمحاسبة والمعاقبة. ومع كل الأحرار في هذا اللبنان سنكمل خط الدفاع الأول عن وجع شعبه، وعن كل نقطة دم سالت ويجب ألا تذهب هدرا، وللناس الذين تعبوا وفقدوا الأمل. ان الأمل ليس خيارا بل واجب علينا وقرار، ونحن قررنا الثبات والصمود وسويا سنصل الى الحقيقة ونقولها ونعلنها ونسمي المجرمين بأسمائهم كي نتمكن من دفن موتانا وإطلاق أرواحهم بسلام'. أما حاصباني فقال: 'أيها اللبنانيون، يا أبناء بيروت، يا أهل الوجع المقيم منذ خمس سنوات، في مثل هذا الوقت في الرابع من آب 2020، توقّف الزمن في بيروت. دوّى الانفجار، وارتجت المدينة، وتكسر زجاجها وأجسادها وقلوب أهلها. خمس سنوات مضت، ولا تزال المدينة تئن، ولا تزال الحقيقة غائبة، والعدالة منفية، والمتهمون أحرارا. خمس سنوات من الأسئلة المعلقة، من الوجوه المغيبة، من الأسماء التي صارت شواهد، من الأمهات اللواتي لم يجف دمعهن، من البيوت التي بقيت أطلالا، من الوعود التي لم تتحقق، من المحاكمات التي لم تبدأ، ومن الدولة التي لم تتحمل مسؤوليتها'. اضاف: 'في الذكرى الخامسة لانفجار المرفأ، لا نملك إلا أن ننحني أمام أرواح الضحايا، شهداء الإهمال والتواطؤ والتقصير. ننحني أمام كل من استشهد، وأمام كل من أصيب، وأمام كل من خسر بيته، رزقه، ذاكرته، أو جزءا من جسده وقلبه، لكن الانحناء لا يكفي، الصمت لا يكفي. الذكرى لا تكتمل من دون حقيقة، ولا راحة لأرواح الضحايا من دون عدالة. العدالة ليست فعل رحمة، بل واجب. هي ليست ترفا نطلبه، بل حقّ ننتزعه. خمس سنوات مرت، ولا مسؤول خلف القضبان، لا محاسبة، لا مساءلة، لا إجابة واحدة تشفي قلب أمّ أو أب أو أخ أو زوج أو ابنة تنتظر'. وتابع: 'أيها اللبنانيون، نحن لا ننسى. لا ننسى من دمر عاصمتنا، من قتل أبناءنا، من استهان بحياتنا ومستقبلنا. لا ننسى من خبأ الموت في قلب المدينة، ومن عرف وسكت، ومن أمر وغطى، ومن تقاعس ولم يتحرّك. العدالة ليست رفاها سياسيا، بل هي أساس قيام دولة تُحترم وتُهاب. وإذا لم تتحقق، فإن بيروت ستبقى مدينة تنزف'. وقال: 'أيها الحاضرون في وجعهم، أنتم الشهود الأحياء على الجريمة. أنتم الأمل الذي يُقاوم الإنكار والتقاعس. صمودكم، نضالكم، أصواتكم التي لا تهدأ، هي التي تبقينا على يقين بأن هذه القضية لن تطوى، ولو حاولوا دفنها في أدراج القضاء المعطل أو في ركام الدولة المهترئة. وسنبقى نناضل مع أهالي الشهداء والمتضررين في المحافل الدولية وفي أماكن صناعة القرار المحلية لتحرير التحقيق والقضاء للوصول الى الحقيقة والمحاسبة'. اضاف: 'نقف اليوم مع المتضررين، مع الذين خسروا أحباءهم، ومع الذين لا تزال بيوتهم تنتظر الترميم، والذين لم يُعوض عليهم، لا ماديا ولا معنويا. نعرف أن لا تعويض يعيد الحياة لمن رحل، لكن أقل الإيمان أن تُعترف خساراتكم، أن يعالج جرحكم، وأن يُحاسب من كان سببا فيه'. وتابع: 'في هذا اليوم، نوجه نداءنا إلى من تبقى من ضمائر حية في هذا الوطن: نحن ننتظر القرار الظني من قاضي التحقيق، ننتظره ليس كشكل إجرائي، بل كخطوة مفصلية في استكمال مسار العدالة. ننتظره ليبدأ زمن المحاسبة، ولترفع الستارة عن الحقيقة التي طال تغييبها، وتُسمى الأمور بأسمائها، ويُقال للقاتل: قاتل. وفي وجه كل ظلم قائم، نستند إلى وعد الله، كما في المزمور: 'لأن الرب يحب العدل، ولا يترك أتقياءه. إلى الأبد يُحفظون، أما نسل الأشرار فينقطع.' (مزمور 37: 28). إننا نؤمن أن مشيئة الله أعلى من طغيان البشر، وأن يد العدالة، وإن تأخرت، لا تتوقف'. واردف: 'بيروت ليست ضحية انفجار فحسب، بل ضحية نظام متراكم من الاستهتار والفساد والإفلات من العقاب. من هنا، فإن معركتنا ليست فقط من أجل ضحايا الرابع من آب، بل من أجل وطن يبنى على المحاسبة، لا على التسويات، على القانون، لا على المحسوبيات'. وختم: 'في ذكرى هذا اليوم الحزين، نعدكم أن نبقى على العهد، أن نستمر في المطالبة بالحقيقة والعدالة، ألا نترك دماءكم تذهب سدى، ولا دموعكم تمحى بالنسيان. سلامٌ على بيروت، وسلام على شهدائها، سلام على من لا يزالون ينادون بالحق في وجه النسيان، وسلام على كل من يؤمن بأن الوطن لا يُبنى على القهر، بل على الحقيقة. الرحمة لشهداء بيروت، والعدالة لهم، لنا، ولكل لبنان'. انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News