logo
دبلوماسية البيت الأبيض تفرض إيقاعها!سعيد محمد

دبلوماسية البيت الأبيض تفرض إيقاعها!سعيد محمد

ساحة التحريرمنذ 15 ساعات
دبلوماسية البيت الأبيض تفرض إيقاعها:
بوتين يوافق على قمة ثلاثية لمناقشة 'الأرض مقابل السلام'
فرض ترامب إيقاعه وتجاوز عن مطلب وقف إطلاق النار أولاً، لينظم قمة بين بوتين وزيلينسكي تناقش تسوية للحرب على مبدأ الأرض مقابل السلام، مع التلويح بضمانات أمنية أمريكية لكييف ممولة بصفقات سلاح يدفع ثمنها الأوروبيّون.
سعيد محمد*
بعد يوم حافل بالدبلوماسية الاستعراضيّة في البيت الأبيض، رسم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مساراً جديداً لإنهاء الحرب في أوكرانيا، متجاوزاً الجدل حول وقف إطلاق النار الفوري ليرعى ترتيبات لعقد قمة ثنائية مباشرة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. هذا التطور الدراماتيكي، الذي جاء في أعقاب اجتماع جمع ترامب بالرئيس الأوكراني وحشدٍ من القادة الأوروبيين، أعاد تعريف معالم التسوية المحتملة، ووضع 'الضمانات الأمنية' للنظام الأوكرانيّ في قلب المعادلة، لكنه ترك الأسئلة الأكثر حساسية حول التنازلات الإقليمية مفتوحة، كاشفاً عن صدع عميق بين رؤية واشنطن البراغماتية ومواقف حلفائها الأوروبيين المتعنتة بهذا الشأن.
وانتهى اليوم الطويل من المحادثات بإعلان مفاجئ من ترامب عبر منصته 'تروث سوشال'، حيث كتب: 'في ختام الاجتماعات، اتصلت بالرئيس بوتين، وبدأت الترتيبات لعقد اجتماع، في مكان سيتم تحديده، بين الرئيس بوتين والرئيس زيلينسكي'، مضيفاً أن اجتماعاً ثلاثياً يضمه إليهما سيتبع ذلك. ورغم أن الرئيس الأوكراني رحّب بالخبر واعتبره 'خطوة كبيرة إلى الأمام' نحو تأمين اتفاق سلام، إلا أن الحلفاء الأوروبيين استمروا بنثر بذور الشقاق. ففي حين أكد المستشار الألماني فريدريش ميرتس أن بوتين وافق على اللقاء 'في غضون الأسبوعين المقبلين'، إلا أنه تساءل عما إذا كان الرئيس الروسي 'سيملك الشجاعة لحضور مثل هذه القمة'. وردد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون هذه المخاوف، معرباً عن 'شكوك جدية' حول رغبة بوتين الحقيقية في السلام. من جانبها، نقلت وكالات الأنباء الروسية عن الكرملين أن بوتين منفتح على 'فكرة' المحادثات المباشرة، وهو ما يمثل قبولاً مبدئياً حذراً يفتح الباب أمام دبلوماسية مباشرة بين الخصمين لأول مرة على هذا المستوى.
وقد شكل مفهوم 'الضمانات الأمنية' حجر الزاوية في محادثات البيت الأبيض، حيث سعى زيلينسكي وحلفاؤه الأوروبيون بقوة للحصول على التزام أمريكي واضح وملموس لردع أي عدوان روسي مستقبلي. وقدّم ترامب ما يمكن وصفه بضمانة مشروطة، مؤكداً أن الولايات المتحدة ستساعد في ضمان سلامة أوكرانيا، لكنه ألقى بالعبء الأكبر على عاتق أوروبا. وقال بوضوح: 'عندما يتعلق الأمر بالأمن، سيكون هناك الكثير من المساعدة'، لكنه استدرك: 'إنهم (الأوروبيون) خط الدفاع الأول لأنهم هناك. لكننا سنساعدهم'.
في هذا السياق، كشف الرئيس زيلينسكي عن المقترح الأوكراني الذي يعكس فهماً عميقاً لـ'فن الصفقة' على طريقة ترامب، إذ أعلن أن بلاده عرضت شراء أسلحة أمريكية بقيمة 90 مليار دولار كجزء من حزمة الضمانات الأمنية، يتم تمويلها أوروبياً، وتشمل بشكل أساسي 'الطائرات المقاتلة وأنظمة الدفاع الجوي'. وأضاف: 'لدينا اتفاقات مع الرئيس الأمريكي على أنه عندما يتم فتح صادراتنا، سيشترون طائرات مسيّرة أوكرانية'. هذا العرض السخيّ يحول الضمانات الأمنية من التزام سياسي وعسكري أمريكي بحت إلى صفقة تجارية ضخمة تعود بالنفع المباشر على المجمع الصناعي العسكري الأمريكي، وهو ما يمثل طُعماً لا يقاوم لإدارة ترامب. وبهذه الخطوة، تكون كييف قد وجدت طريقة مبتكرة لربط أمنها بالمصالح الاقتصادية الأمريكية، مؤكدة أن الضمانات سيتم صياغتها بشكل رسمي في غضون عشرة أيام، ما أضفى إحساساً بالإلحاح والجدية على المسار الجديد.
على أنّ التحول الأكثر إثارة للجدل كان تجاوز ترامب الكليّ لمطلب الأوروبيين العتيد بوقف فوري لإطلاق النار قبل الشروع في أيّ محادثات، وهو المطلب الذي كان حتى الأسبوع الماضي شرطاً أساسياً وهدد ترامب موسكو بـ'عواقب وخيمة' إن لم تلتزم به. لكن وبعد لقائه ببوتين في آلاسكا (الجمعة)، قبل الرئيس الأمريكي وجهة النظر الروسية، معتبراً أن السعي لاتفاق سلام شامل أهم من هدنة مؤقتة. وأمام زيلينسكي والقادة الأوروبيين، دافع ترامب عن موقفه الجديد قائلاً: 'لا أعتقد أنكم بحاجة لوقف إطلاق النار. إذا نظرتم إلى الصفقات الست التي أبرمتها هذا العام، كانت جميعها في حالة حرب، ولم تتضمن وقف إطلاق نار'.
هذا الموقف أثار انزعاجاً أوروبياً لم يخف في المؤتمر الصحفي الاستعراضي لترامب بحضور زعماء بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وفنلندا إلى جانب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ورئيسة المفوضية الأوروبيّة. فالمستشار الألماني ميرتز أصر على أن 'مصداقية هذه الجهود التي نبذلها اليوم تعتمد على الأقل على وقف إطلاق النار منذ بداية المفاوضات الجادة'، فيما شدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على أن 'الهدنة ضرورة'. لكن ترامب بدا غير مكترث، وردّ ببرود: 'حسناً، سنجعل الرئيس (زيلينسكي) يذهب ويتحدث إلى الرئيس (بوتين)، وسنرى كيف سينجح ذلك'. المراقبون اعتبروا هذا التحول بمثابة انتصار استراتيجي لبوتين، الذي كسب وقتاً ثميناً لمواصلة هجومه على الأرض وتحسين موقعه التفاوضي دون أي ضغوط لوقف القتال، تاركاً لكييف عبء التفاوض بينما نيران الحرب لا تزال مستعرة.
ورغم التقدم الظاهري في ترتيب لقاء القمة، ظلّت القضية الجوهرية والأكثر تعقيداً المتعلقة بمصير الأراضي الأوكرانية التي تقطنها أغلبية ناطقة بالروسية ويسيطر عليها معظمها الجيش الروسيّ تراوح مكانها، بل ازدادت ضبابية. ألقى ترامب قنبلة دبلوماسية عندما صرّح أمام القادة المجتمعين: 'نحتاج أيضاً إلى مناقشة التبادلات المحتملة للأراضي، مع الأخذ في الاعتبار خط التماس الحالي – وهذا يعني منطقة الحرب'. وقُرأ هذا التصريح بأنّه يتماهى مع الطرح الروسي الذي نقله بوتين لترامب في ألاسكا، والذي يطالب بضم ما تبقى من إقليم دونباس إلى روسيا مقابل تجميد القتال في الجنوب.
هذا الموقف يصطدم مباشرة بخطوط حمراء رسمتها كييف وداعموها الأوروبيون. فقد سارع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للتأكيد على أن المحادثات لا تشمل تنازل كييف عن أراضٍ، بينما يواصل زيلينسكي التأكيد على أن أي مساس بوحدة أراضي أوكرانيا أمر غير وارد. هذا التناقض الصارخ يضع الرئيس الأوكراني في موقف لا يُحسد عليه، حيث يجد نفسه مضغوطاً من راعيه الأمريكي لقبول 'الواقع' على الأرض، ومن الرأي العام الداخلي والشركاء الأوروبيين للتمسك بالسيادة الكاملة. إن مسألة الأرض هي 'ثمن السلام' الحقيقي الذي يدور حوله الصراع، ويبدو أن قمة البيت الأبيض لم تفعل شيئاً سوى إبراز حجم الهوة بين الأطراف حول هذه النقطة المصيرية.
على الصعيد الشخصي، كان اللقاء بين ترمب وزيلينسكي بمثابة عرض متقن لفن التكيّف الدبلوماسي. ففي تناقض صارخ مع لقاء فبراير / شباط الماضي الذي تعرض فيه زيلينسكي للإهانة وطُرد من باب جانبي، بدا الرئيس الأوكراني هذه المرة وقد أتقن 'قواعد اللعبة' مع ترامب. فتخلى عن زيه العسكري وارتدى بدلة رسمية داكنة، وواجه الدعابات حول ملابسه بروح مرحة، بل وقدم لترامب رسالة من زوجته أولينا إلى السيدة الأولى ميلانيا ترمب.
هذا التحول في الأسلوب، الذي وصفه مراقبون بـ'درس متقدم في الترمبولوجيا'، أثمر عن أجواء أكثر ودية، حيث امتنع نائب الرئيس جي دي فانس عن توجيه أي انتقادات، وبدا ترامب على غير العادة أقل برماً بضيفه. لقد أدرك زيلينسكي والقادة الأوروبيون الذين هرعوا إلى واشنطن أن مفتاح التعامل مع ترامب يكمن في مزيج من الإطراء، والمصالح الملموسة (صفقة الأسلحة)، وتجنب المواجهة المباشرة. لقد كانت استعراضاً لجبهة غربية موحدة، وإن كانت موحدة في تكتيكاتها لإرضاء رجل واحد، الإمبراطور ترامب، أكثر من كونها موحدة في استراتيجيتها النهائية تجاه روسيا.
في المحصلة، نجحت قمة واشنطن في البناء على الزخم الذي أطلقته قمة آلاسكا لكسر الجمود بشأن فرص التوصل إلى تسوية تنهي الحرب المستمرة منذ أكثر من أربعين شهراً، وخلقت زخماً دبلوماسياً جديداً يتمحور تالياً حول قمة رئاسية مباشرة بين الطرفين المتحاربين. لقد فرض ترامب نفسه كوسيط أوحد، مقدماً مساراً يقوم على البراغماتية القاسية التي تفضل فن الممكن وفق توازن القوى على التنظير الأوروبيّ المتعجرف. وبينما يمثل هذا فرصة حقيقية لإنهاء القتال، إلا أنه مسار محفوف بالمخاطر لأوكرانيا التي قد تجد نفسها بعد عدد هائل من القتلى ودمار كبير مضطرة لدفع ثمن باهظ من أراضيها وسيادتها مقابل لا شيء سوى السلام، وضمانات أمنية هلاميّة لا تزال تفاصيلها غامضة وتعتمد بشكل كبير على نوايا رئيس أمريكي متقلب، وحلفاء أوروبيين خاضعين لرغباته.
– لندن
‎2025-‎08-20‎
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

قراءة في توقف الحرب الأوكرانية الروسية وتأثيرها على العراق
قراءة في توقف الحرب الأوكرانية الروسية وتأثيرها على العراق

شفق نيوز

timeمنذ 3 ساعات

  • شفق نيوز

قراءة في توقف الحرب الأوكرانية الروسية وتأثيرها على العراق

علي قيس هنا في واشنطن، وعلى خشبة "مسرح الدبلوماسية" كما يصفها المراقبون السياسيون، جلس الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلف مكتبه في "الأوفال أوفيس" بالبيت الأبيض بينما جلس القادة الأوروبيون في الصف المقابل. الصورة تعطي انطباعاً واضحاً للمضيف الذي يملك زمام "لعبة القوة" في حسم ملف الحرب الأوكرانية المدعومة أوروبياً مع روسيا، والمقصود به الرئيس الأميركي، بعد ثلاثة أيام من لقائه بنظيره الروسي فلاديمير بوتين في قاعدة إلمندورف-ريتشاردسون العسكرية بولاية ألاسكا. وربما تحمل الصورة بعض الإحراج لقادة أوروبا لكنهم جاؤوا "موحدين لبحث ضمانات أمنية لأوكرانيا وهنأوا على بعض التقدم في النقاشات"، بحسب ماذكرت تقارير وسائل الإعلام الأميركية. الاجتماع الذي قوبل بانتقادات شديدة في الإعلام الأميركي، واعتبره البعض انتصاراً لروسيا، ترقبه وراقبه كل العالم بإعلامه وسياسييه وحتى شعوبه. فما هي المكاسب الذي قد يلقي به السلام بين موسكو وكييف على الدول الأخرى وخصوصاً العراق؟. الموقف العراقي من الاجتماع ردود الأفعال الرسمية العراقية بشأن الاجتماع كانت شبه غائبة، لكن يبقى الموقف الرسمي لبغداد ثابتاً تجاه حرب أوكرانيا "الدعوة للحوار والحلول الدبلوماسية، ودعم أي مبادرة تُنهي الصراع بشكل عادل ودائم، مع الحفاظ على علاقات متوازنة مع موسكو وكييف". وهذا ما شددت عليه بيانات وزارة الخارجية بشكل متكرر عبر منصاتها. وإن لم تتطرق إلى اجتماع ترمب والقادة الأوروبيين تحديداً. وذلك يؤكد تأثر العراق بالسلام بين أوكرانيا وروسيا، بل أن له انعكاسات على الصُعد الاقتصادية والسياسية وحتى الأمنية. لكن، انتهاء الحرب الروسية الأوكرانية سيؤدي إلى انعكاسات كبيرة على الاقتصاد العراقي الريعي، الذي استفاد من زيادة إيراداته بعد ارتفاع أسعار النفط عالمياً وبلوغها نحو 120 دولاراً للبرميل في مراحل مبكرة. ومع انتهاء الحرب، تنخفض ضغوط الندرة على السوق العالمي ومن ثم أسعار النفط، لكن هذا الانخفاض قد يكون محدود التأثير الواقعي. ويتوقع محللون اقتصاديون أنه بمجرد إعلان انتهاء الحرب سيشهد السوق انخفاضاً قصيراً في الأسعار يمتد لأيام أو أسابيع بسبب التفاؤل المضاربي، لكن السوق الواقعي لن يتغير على المدى الطويل. من جانب آخر، تشير تقديرات غير رسمية إلى أن الأسعار قد تهبط حتى نحو 60 دولاراً للبرميل إذا استمر الضغط السياسي، وهو ما سيزيد فجوة الميزانية العراقية المبنية على سعر برميل 75 دولاراً، ويجبر الحكومة على إجراءات تقشفية مثل خفض قيمة الدينار أو زيادة الضرائب. من ناحية الموارد الغذائية، يعتمد العراق على واردات خارجية كبيرة لتأمين الحبوب، ولا سيما القمح. وقد أفقدت الحرب دولاً كثيرة لا تستورد القمح من أوكرانيا أو روسيا بشكل مباشر سلاسل الإمداد العالمية، فروسيا وأوكرانيا تساهمان بنحو 30% من الإنتاج العالمي للقمح، لذلك أدى انقطاع الإمدادات إلى ارتفاع أسعار الغذاء عالمياً وزيادة تكاليف المعيشة في العراق. ومع نهاية الحرب، قد تعود التوريدات تدريجياً إلى طبيعتها، مما يخفف الضغوط التضخمية على أسعار الأغذية. وأكد تقرير البنك الدولي أن أسعار القمح شهدت عودة إلى مستويات ما قبل الحرب بنهاية 2022، مما يوحي بأن إنهاء النزاع قد يساعد على استقرار أسعار الغذاء العالمية وتحسين القدرة الشرائية للعراقيين. وفي مجال التجارة الخارجية، تضرر حجم التبادل التجاري مع أوكرانيا إبان الحرب. ففي عام 2021 كان التبادل التجاري بين البلدين يتجاوز نصف مليار دولار سنوياً، لكن الحرب قلصت هذا الحجم إلى الثلث. تشمل الصادرات العراقية إلى أوكرانيا في الغالب مواد البناء والحديد، وقد توقفت العديد منها بسبب انعدام الأمن ونقص الأساطيل. وتحاول الدبلوماسية الأوكرانية حالياً إعادة إحياء العلاقات الاقتصادية مع العراق وتنويع مجالات التعاون. بشكل عام، سيؤثر انتهاء الحرب على العلاقات التجارية العراقية بشكل مزدوج: إذ من المرجح أن تفتح كلاً من أوكرانيا وروسيا أسواقهما مجدداً للعراق، لكن في المقابل قد تواجه الشركات العراقية ضغوطاً من شركاء غربيين للإبقاء على بعض قيود العقوبات. على سبيل المثال، حثّت السلطات العراقية مصارفها وشركاتها على تجنب تحويل الأموال إلى روسيا لعزل الاقتصاد عن أثر العقوبات الغربية. وبناءً على ذلك، فإن الحكومة قد تسعى إلى تنويع مستورديها للسلع (مثل الحبوب والمنتجات الغذائية) وتعزيز شراكات تجارية جديدة مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والاقتصادات الصاعدة لتعويض أي تباطؤ في الصادرات التقليدية. الأثر السياسي انتهاء الحرب الروسية-الأوكرانية قد يؤدي إلى إعادة رسم خارطة التحالفات الدولية وترسيخ توازنات القوى الإقليمية الجديدة، وهو ما سينعكس على السياسة الخارجية العراقية. خلال سنوات النزاع، اتخذت بغداد موقفاً حذراً وحيادياً نسبياً، فقد امتنعت عن إدانة روسيا في الأمم المتحدة، وأكدت أنها لا تريد خسارة أي طرف. ورغم هذا الحياد، لكن تقليص الاعتماد على الاستثمارات الروسية وتنويع شراكات بغداد لطمأنة الحلفاء الغربيين واستقطاب رؤوس المال الأجنبية كانت مقترحات مطروحة على طاولة الحكومة العراقية. ومع نهاية الحرب، يمكن أن تستفيد بغداد من انفتاح أكبر مع الغرب وأوكرانيا لإعادة بناء العلاقات الاقتصادية والسياسية، خصوصاً وأن كييف أعربت عن رغبتها في إحياء التجارة مع العراق واستقطاب الشركات الأوكرانية إلى أسواقه. في المقابل، قد يسمح انتهاء النزاع لروسيا بإعادة توجيه جهودها الدبلوماسية نحو الشرق الأوسط بحيوية متجددة، مما قد يعزز من طموحات موسكو للعب دور "مُوازن خارجي" ضد النفوذ الأمريكي في المنطقة. وبذلك ستحتاج بغداد للعب دور أكثر مراوغة بين الكتلتين: فتوسيع التعاون مع دول التحالف الغربي (الولايات المتحدة وأوروبا) بات يُنظر إليه على أنه ضرورة لدعم الاستقرار الاقتصادي والأمني. أما على صعيد توازن القوى الإقليمي، فإنه فعليا متأثر بتبعات الحرب وإنهائها. فقد استفادت دول الخليج من ارتفاع أسعار النفط وتحسين وضعها التفاوضي مع القوى الكبرى خلال الحرب. ومن المتوقع أن يعزز انتهاء الحرب من مكانة التعاطي السياسي العراقي المستقل ضمن متغيرات متعددة الأقطاب، ولكنّه سيضع بغداد تحت ضغوط للتوفيق بين مصالح موسكو وكييف والغرب. وفي ما يتعلق بالعلاقات الثنائية، لطالما حرصت بغداد على عدم الانحياز الواضح. فقد حافظت علاقتها التقليدية مع موسكو على المستوى الاقتصادي خصوصاً في قطاع النفط والغاز. الأثر الأمني في الجانب الأمني يحمل انتهاء الحرب الروسية-الأوكرانية آثاراً غير مباشرة على تهديدات الإرهاب وعلى مصير الوجود العسكري الدولي في العراق. وعلى مستوى التهديدات الإرهابية، ثمة رأيان متضادان. فيرى بعض المراقبين أن عودة التركيز الدولي من أوروبا وأوكرانيا إلى الشرق الأوسط قد تعزز جهود مكافحة الإرهاب الإقليمية، حيث يمكن أن يُقدَّم دعم أكبر للقوات العراقية لملاحقة بقايا تنظيم "داعش". في المقابل، يحذّر خبراء من أن أي فراغ أمني ناتج عن التغيرات الجيوسياسية (مثل تحول التحالفات أو رفع لبعض الضغط الدولي) قد يحاول "داعش" أو فصائل متطرفة استغلاله. فقد أوقفت القوات الحكومية بعض صفقات التسليح مع روسيا بسبب الحرب والعقوبات، ما أدى إلى تأخير وصول قطع غيار مهمة (مثل محركات الطائرات والمعدات التي كانت تُنتجها أوكرانيا) التي كانت تسهم في مكافحة التنظيمات الإرهابية. بوقف الحرب، يُتوقَّع أن تنتهي هذه العقبات تدريجياً، مما يسهل استئناف توريد قطع الغيار والأسلحة، وقد يُعزّز استعداد القوات الأمنية العراقية ومخازنها من الذخيرة.

مجلة أمريكية: مصطلح واحد يعقد السلام في أوكرانيا
مجلة أمريكية: مصطلح واحد يعقد السلام في أوكرانيا

شفق نيوز

timeمنذ 3 ساعات

  • شفق نيوز

مجلة أمريكية: مصطلح واحد يعقد السلام في أوكرانيا

شفق نيوز- كييف سلّطت مجلة "نيوزويك" الأمريكية، يوم الأربعاء، الضوء على أن شكل "الضمانات الأمنية" في أوكرانيا ما يزال نقطة خلاف أساسية مع روسيا، مشيرةً إلى أن الجهود المبذولة لإيجاد تعريف مشترك لهذا المفهوم قد تكون حاسمة لتحقيق تقدم في مسار المفاوضات المتعلقة بالأزمة. وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قال إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وافق على قبول ضمانات بشأن أوكرانيا خلال لقائهما في ألاسكا الجمعة الماضي، فيما وصفه الرئيس الأمريكي بأنه "خطوة بالغة الأهمية". وتعهد ترامب بالالتزام بالدفاع عن أوكرانيا بعد الحرب خلال اجتماعه مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وقادة أوروبيين، أول أمس الاثنين، وهي خطوة لاقت ترحيباً من زواره. ويرى ألكسندر تشيكوف، المحاضر في قسم العلاقات الدولية والسياسة الخارجية الروسية بمعهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية أن "المشكلة الرئيسية المتعلقة بالضمانات الأمنية في اختلاف فهم آلياتها". وأضاف تشيكوف أن "أوكرانيا ودول أوروبا الغربية تنظر إلى هذه الضمانات على أنها التزامات أمنية غربية تجاه أوكرانيا، مدعومة بمجموعة من التدابير مثل مبيعات الأسلحة والمساعدة العسكرية للجيش الأوكراني، وزيادة التعاون العسكري التقني، وربما حتى تمركز بعض القوات الأوروبية في أوكرانيا". وتابع بقوله: "مع ذلك، تفسر روسيا الضمانات الأمنية بشكل مختلف: فهي لا تفسرها على أنها التزامات غربية أحادية الجانب تجاه أوكرانيا، بل كنظام التزامات متعدد الأطراف لا يشمل الغرب فحسب، بل يشمل أيضاً روسيا نفسها، وربما بعض القوى الكبرى غير الأوروبية الأطلسية". ومن هذا المنطلق، يرى بأن أحد العوامل الحاسمة لنجاح المفاوضات المستقبلية سيكون القدرة على التوفيق بين المنظور الغربي للضمانات والمنظور الروسي. منذ بداية الصراع، الذي أطلقته روسيا على نطاق واسع في شباط/ فبراير 2022 بعد ثماني سنوات من مساعدة الانفصاليين المتحالفين معها في شرق أوكرانيا واحتلال شبه جزيرة القرم، جادل بوتين بضرورة معالجة "الأسباب الجذرية" للحرب في أي تسوية. تُعدّ هذه اللغة جوهرية في الرواية الروسية المحيطة بالصراع، والتي لا تُصوّر على أنها "حرب عدوان" كما يُصوّرها الغرب غالباً، بل كـ"عملية عسكرية خاصة" مُخصصة لحماية الأقليات الناطقة بالروسية، وربما الأهم من ذلك، منع المزيد من توسع حلف شمال الأطلسي (الناتو) قرب حدود روسيا. في حين انصبّ التركيز بشكل كبير على مساحة الأراضي التي استولت عليها روسيا - ما يقرب من خُمس مساحة أوكرانيا - أشار تشيكوف إلى ضرورة معالجة مسألة الأراضي، إلى جانب التدابير الاقتصادية، كجزء من اتفاقية أوسع نطاقاً تتضمن أيضاً ضمانات أمنية. وقال تشيكوف إنه ومن خلال اجتماع ألاسكا والمؤتمر الذي تلاه في واشنطن، لاحظنا إضفاء طابع مؤسسي على عدة مسارات للمفاوضات بشأن الأزمة الأوكرانية. وأضاف: "تشمل هذه القضايا الضمانات الأمنية، والقضايا الإقليمية، وتخفيف العقوبات الغربية المفروضة على روسيا. جميع هذه المواضيع مترابطة، ويبدو الحل النهائي للأزمة الأوكرانية أكثر إيجابية إذا ما عُولجت معاً". وبين دعوات روسيا لتدخل أكبر في شؤون الأمن الأوروبي، ومطالبة حلفاء الولايات المتحدة بالتزامات صارمة تُرسخ دفاع أوكرانيا، يقف ترامب، الذي أشاد بطرفي النزاع وانتقدهما في آنٍ واحد. وأعرب ترامب مراراً وتكراراً عن اعتقاده بأن بوتين كان صادقاً في انخراطه في محادثات لإنهاء الحرب، بعد فترة من الخطابات الحادة تجاه الزعيم الروسي. وكان آخر لقاء لترامب مع زيلينسكي أكثر ودية بكثير من الحادثة المتفجرة التي اندلعت في البيت الأبيض خلال لقائهما السابق في شباط/ فبراير الماضي. ولكن هناك جوانب رئيسية اختلف فيها ترامب، الذي نصّب نفسه وسيطاً رئيسياً في محادثات السلام، مع كييف وحلفائها الأوروبيين، وتحديداً في تجنبه جهود التوصل إلى وقف إطلاق النار قبل التوصل إلى تسوية نهائية، وتأكيده على ضرورة "تبادل الأراضي" كجزء من أي اتفاق، والتشديد على أن أوكرانيا لن تنضم إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو). وبالتالي، يبدو أن تعريف ترامب للضمانات الأمنية يختلف أيضاً عن تلك التي عبّر عنها القادة الأوروبيون الذين غادروا واشنطن العاصمة مؤخراً. من جهته، قال تشارلز كوبشان، الزميل البارز في مجلس العلاقات الخارجية والأستاذ في جامعة جورج تاون، لمجلة "نيوزويك": "هناك نوع من التوتر الكامن لم يُحل بعد، وهو أن ترامب رفض توسيع الناتو، ورفض عضوية أوكرانيا، وهذه إدارةٌ لها تاريخٌ في النظر بتشكك إلى المساعدات المُقدمة لأوكرانيا". وأوضح ترامب موقفه أمس الثلاثاء، مقدماً "ضماناته" خلال مقابلة مع برنامج "فوكس آند فريندز" بأن أي ضمانات لن تشمل نشر قوات أمريكية في أوكرانيا. كما كشف أن الحلفاء الأوروبيين قد يكونون على استعداد لإرسال جنود، وأن الولايات المتحدة "مستعدة لمساعدتهم في بعض الأمور"، بما في ذلك الدعم الجوي. بدوره، قال فرانز ستيفان غادي، الزميل المساعد في مركز الأمن الأمريكي الجديد، إن "السؤال الأصعب الذي لا يزال بلا إجابة بالنسبة لأوروبا" يتلخص في "ما الذي تعنيه أوكرانيا حقاً للهيكل الأمني الأوروبي، وما الذي تستعد أوروبا للمخاطرة به لضمان بقاء أوكرانيا دولة مستقلة موالية للغرب؟". وتساءلت المجلة: "هل الدول الأوروبية مستعدة لخوض حرب ضد روسيا؟". وختمت: "إذا كانت الإجابة لا، فإن أي قوة طمأنة أوروبية في أوكرانيا، مدمجة مع القوات الأوكرانية، لن تكون قادرة على ردع أي عدوان روسي مستقبلي".

سقوط طائرة روسية بدون طيار في شرق بولندا
سقوط طائرة روسية بدون طيار في شرق بولندا

وكالة الصحافة المستقلة

timeمنذ 4 ساعات

  • وكالة الصحافة المستقلة

سقوط طائرة روسية بدون طيار في شرق بولندا

المستقلة/- صرح مسؤولون بولنديون يوم الأربعاء بأن طائرة روسية بدون طيار تحطمت في حقل بشرق بولندا، وفقًا لنتائج أولية، في حادث وصفه وزير الدفاع البولندي بأنه استفزاز. اصطدمت الطائرة بدون طيار بحقل ذرة في قرية أوسيني بمقاطعة لوبلين الشرقية وأحرقته خلال الليل، على بُعد ما يزيد قليلاً عن 100 كيلومتر (62 ميلاً) من الحدود الأوكرانية وحوالي 90 كيلومترًا من بيلاروسيا. بولندا في حالة تأهب قصوى تحسبًا لأي أجسام تدخل مجالها الجوي منذ أن ضرب صاروخ أوكراني طائش قرية بولندية جنوبية عام 2022، مما أسفر عن مقتل شخصين. صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية، باول ورونسكي، لرويترز بأن النتائج حتى الآن، وبعض الخبراء، يشيرون إلى أن نسخة روسية من طائرة 'شاهد' بدون طيار التي طورتها إيران، كانت متورطة في الحادث الأخير. قال الجنرال داريوش مالينوفسكي إن الطائرة بدون طيار بدت وكأنها طُعم مصمم للتدمير الذاتي. وأضاف أنها مزودة بمحرك صيني. قال نائب رئيس الوزراء فلاديسلاف كوسينياك-كاميش، الذي يشغل أيضًا منصب وزير الدفاع، إن الحادثة تحمل أوجه تشابه مع حالات تحليق طائرات روسية بدون طيار فوق ليتوانيا ورومانيا، ويمكن ربطها بجهود إنهاء الحرب في أوكرانيا. وقال للصحفيين: 'مرة أخرى، نتعامل مع استفزاز من الاتحاد الروسي، باستخدام طائرة روسية بدون طيار. نتعامل مع هذا في لحظة حاسمة، حيث تجري مناقشات حول السلام (في أوكرانيا)'. صرح وزير الخارجية رادوسلاف سيكورسكي على منصة X أن وزارته ستصدر احتجاجًا على انتهاك المجال الجوي، لكنه لم يُسمِّ الجاني. 'انتهاك آخر لمجالنا الجوي من الشرق يؤكد أن أهم مهمة لبولندا تجاه حلف شمال الأطلسي (الناتو) هي الدفاع عن أراضيها'. التقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ومجموعة من الحلفاء الأوروبيين في البيت الأبيض يوم الاثنين، عقب اجتماعه يوم الجمعة في ألاسكا مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وأفادت وكالة الأنباء الوطنية PAP أن الانفجار حطم نوافذ عدة منازل، لكن لم يُصَب أحد بأذى. وأفادت الشرطة أنها عثرت على حطام معدني وبلاستيكي محترق في الموقع، وأن الذرة احترقت في منطقة قطرها 8-10 أمتار (26-33 قدمًا) حول مكان سقوط الجسم. قال بافل سودوفسكي، أحد السكان المحليين، لموقع الإخباري المحلي: 'كنت جالسًا في غرفتي ليلًا، حوالي منتصف الليل تقريبًا، وسمعت دويًا هائلًا'. وأضاف: 'كان الانفجار قويًا لدرجة أن المنزل اهتز بالكامل'. دوّت صفارات الإنذار من الغارات الجوية لمدة ساعة تقريبًا عبر الحدود في منطقتي فولين ولفيف الأوكرانيتين، حوالي منتصف الليل بالتوقيت المحلي (21:00 بتوقيت غرينتش)، وفقًا لرسائل من الجيش الأوكراني نُشرت على تيليجرام. وأكد محافظا المنطقتين عدم ورود أي تقارير عن غارات جوية فيهما.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store