
رواتب سكان إحدى أغلى مدن العالم تتبخر قبل نهاية الشهر
في الوقت نفسه، يزداد إقبال الشباب على أسلوب حياة أكثر رفاهية وتجارب استهلاكية، مما يجعل الادخار مهمة صعبة، رغم وجود برامج حكومية مثل صندوق الادخار المركزي (CPF) الذي يقتطع جزءًا من الرواتب تلقائيًا للتقاعد والسكن والرعاية الصحية. هذا التناقض بين ارتفاع التكاليف ورغبة السكان في الاستمتاع بالحياة اليومية يخلق ضغطًا ماليًا ملموسًا، ويطرح أسئلة حول مستقبل الادخار في سنغافورة.
هذا الواقع يطرح أسئلة مهمة، كيف يمكن للأفراد إدارة حياتهم المالية وسط تكاليف باهظة؟ وهل أصبح أسلوب الحياة والترفيه أكثر تأثيرًا من الحكمة المالية الطويلة الأمد؟
بدأت سمعة سنغافورة الطويلة في الانضباط المالي ومعدلات الادخار المرتفعة تواجه اختبارًا حقيقيًا، مع تغير أولويات شريحة واسعة من السكان. فارتفاع تكاليف المعيشة، إلى جانب الميل المتزايد نحو التجارب الحياتية والعناية الذاتية، بات يتقدم على التخطيط المالي طويل الأمد.
بحسب دراسة حديثة أجرتها شركة الرواتب ADP عام 2025، يعيش 60% من العمال في سنغافورة من راتب إلى راتب، وهي نسبة أعلى بكثير من مثيلاتها في دول المنطقة مثل الصين وكوريا الجنوبية واليابان وإندونيسيا، وأعلى من متوسط منطقة آسيا والمحيط الهادئ البالغ 48%.
يقول جوفان يو (31 عامًا)، الموظف في إحدى شركات الخدمات المصرفية الرقمية: "مع بداية كل شهر، أستخدم راتبي لسداد فواتير بطاقات الائتمان، ودعم والديَّ، والتأمينات، والاستثمارات. وبعدها يختفي الراتب تقريبًا، دون أن يتبقى ما يمكن ادخاره. أما النفقات المتبقية، فأخصصها للسفر، وتناول الطعام خارج المنزل، والاشتراك في دروس اللياقة."
المفارقة أن استطلاعًا أجرته Forrester Research عام 2021 أظهر أن النسبة كانت أقل، عند 53%، ما يعكس تصاعد الضغط المالي خلال السنوات الأخيرة. كما أشار تقرير صادر عن Oversea-Chinese Banking Corp أواخر 2024 إلى أن عدد السنغافوريين الذين يضعون خططًا مالية للتقاعد قد انخفض، خصوصًا بين الفئات العمرية من العشرينات إلى الخمسينات.
تكاليف المعيشة... التحدي الأكبر
على الرغم من تباطؤ التضخم في سنغافورة إلى أدنى مستوياته منذ أربع سنوات، تظل تكاليف المعيشة ضمن الأعلى عالميًا، بفعل عوامل هيكلية مثل أسعار العقارات المرتفعة واعتماد البلاد على الاستيراد. ووفقًا لمؤشر تكلفة المعيشة لموقع Numbeo، احتلت سنغافورة المرتبة الخامسة عالميًا والأولى إقليميًا منتصف 2025، مع ارتفاع سنوي قدره 11%.
ويشير برايان لي، الخبير الاقتصادي في مركز أبحاث مايبانك، إلى أن نمو الأجور الحقيقية تراجع بمتوسط 0.4% سنويًا بين 2019 و2024، مقابل نمو سنوي قدره 2.2% في الفترة من 2014 إلى 2019، ما يعني تقلص القوة الشرائية للعامل العادي منذ الجائحة. كما ارتفعت أسعار إعادة بيع الشقق العامة بنسبة 9.6% في 2024، وهي زيادة تفوق بكثير نسبة 4.9% المسجلة في 2023.
لا يقتصر الأمر على ارتفاع الأسعار، بل يمتد إلى تغيرات ثقافية. إذ يلاحظ جوشوا ليم، مدير الثروات في "فيليب كابيتال"، أن النزعة الاستهلاكية باتت أكثر طموحًا، مع انتشار ثقافة الإشباع الفوري، مدفوعة بأنظمة مثل "اشترِ الآن وادفع لاحقًا"، التي قفزت تعاملاتها إلى 440 مليون دولار سنغافوري في 2021، بزيادة أربعة أضعاف عن العام السابق، وفقا لتقرير نشرته شبكة "سي إن بي سي".
يرى هي روي مينغ، المؤسس المشارك لمدونة The Woke Salaryman، أن الجيل الحالي نشأ وسط حملات تسويقية مكثفة، ما عزز رغباته الاستهلاكية. أما جويس آنغ (34 عامًا) فتقول إنها لا تشعر بالضغط للادخار مثل والديها، لعدم وجود التزامات أسرية أو سكنية كبيرة، مؤكدة:"في زمن والديَّ، كان الادخار أولوية لإنجاب الأطفال. أما الآن، فكثير منا لا يخطط للإنجاب، وبالتالي لا نحتاج إلى الادخار بالقدر نفسه."
رغم استمرار اقتطاع نسبة تصل إلى 20% من رواتب الموظفين تحت سن 55 لصالح صندوق الادخار المركزي (CPF)، إلا أن هذا النظام يغطي احتياجات التقاعد والسكن والرعاية الصحية أكثر مما يدعم السيولة المالية الفورية للأفراد.
في النهاية، يجد الكثير من السنغافوريين أنفسهم أمام معادلة صعبة، الرغبة في عيش حياة مليئة بالتجارب مقابل الحاجة إلى ضمان مستقبل مالي مستقر، وهي معادلة يبدو أن كفة الاستهلاك تميل فيها أكثر من أي وقت مضى.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البيان
منذ 13 ساعات
- البيان
نتائج قوية تصعد بأسهم أوروبا قرب أعلى مستوى في 5 أشهر
ورغم بيانات اقتصادية صينية ضعيفة تشير إلى آثار متعلقة بالرسوم الجمركية. وقفز سهم إن.كيه.تي الدنماركية لحلول كابلات الطاقة 9.1% بعد أن حدثت الشركة توقعاتها المالية للعام بأكمله. وسجل سهم باندورا الدنماركية لصناعة المجوهرات أكبر خسارة على مؤشر ستوكس 600، وهوى 11.9% بعد أن جاءت إيرادات الشركة من العمليات الأساسية في الربع الثاني أقل من التقديرات. وتسارعت وتيرة زيادة المؤشر نيكاي في جلسة ما بعد الظهيرة، إذ ارتفع 1.7% ليغلق عند ذروة قياسية بلغت 43378.31 نقطة، ولامس المؤشر أعلى مستوى خلال الجلسة عند 43451.46 نقطة في وقت سابق من الأسبوع. وصعد مؤشر توبكس الأوسع نطاقاً 1.6% ليصل إلى 3107.68 نقاط، وهو أيضاً مستوى إغلاق قياسي مرتفع. ودعم انخفاض الين خلال الليل أسهم الشركات التي تصدر منتجاتها، في حين أظهرت بيانات صدرت الجمعة أن الاقتصاد الياباني نما بمعدل واحد بالمئة على أساس سنوي في الفترة من أبريل إلى يونيو، متجاوزاً التوقعات. ويتوقع المحللون ظهور التأثير الكامل للرسوم الجمركية الأمريكية على النمو في وقت لاحق. وجاء قطاع البنوك ليكون أكبر الرابحين على المؤشر توبكس، إذ قفز المؤشر الفرعي 4.7% إلى أعلى مستوى منذ مايو 2006. وصعد سهم مجموعة ميتسوبيشي يو.إف.جيه المالية بنسبة 6%، مسجلاً مكاسب للجلسة الثامنة على التوالي ليصل إلى مستوى قياسي مرتفع. وصعد 177 سهماً على مؤشر نيكاي، بينما تراجع 46 سهماً.


البيان
منذ 15 ساعات
- البيان
الهند تخفض ضريبة الاستهلاك لتحفيز النمو الاقتصادي
تعهد رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي بخفض ضرائب الاستهلاك لأول مرة منذ تطبيق هذه الضرائب قبل حوالي 10 سنوات، بهدف تحفيز الطلب المحلي في مواجهة تداعيات الرسوم الجمركية الهندية على النمو الاقتصادي للهند. وقال مودي في خطاب موجه للشعب بمناسبة الذكرى 79 لاستقلال الهند في نيودلهي اليوم " نحن نطرح إصلاحات ضريبية متطورة على السلع والخدمات، من شأنها تخفيض العبء الضريبي بشكل كبير في جميع أنحاء البلاد"، مضيفا أنه من المتوقع دخول التعديلات الضريبية في فترة أعياد ديوالي المقررة في أكتوبر المقبل، وستفيد الصناعات والمشروعات الصغيرة. وذكرت وكالة بلومبرج للأنباء أنه منذ فرض ضريبة الاستهلاك في الهند عام 2017، تدعو الشركات الحكومة إلى تبسيط نظام ضريبة الاستهلاك المعقد. وتفرض الهند حاليا نظاما متعدد الطبقات لضريبة الاستهلاك بمعدلات 5% و12% و18% و25% على أغلب السلع والخدمات. كما يتم فرض ضرائب إضافية على ما تسمى بالسلع المعيبة والسجائر. وتقترح الحكومة الهندية حالياً خفض فئات ضريبة الاستهلاك إلى فئتين بمعدلات 5% و18%، وإلغاء فئتي 12% و28% بحسب تصريحات مسؤول هندي للصحفيين في نيودلهي. ويعني هذا أن جميع السلع تقريبا التي كانت تخضع لضريبة بنسبة 12% ستخضع الآن لضريبة بنسبة 5%، بينما ستخضع 90% من السلع التي تخضع لضريبة بنسبة 28% لضريبة بنسبة 18%، وفقًا للمسؤول. ويمكن لنظام ضريبي بسيط أن يساعد في تعزيز الدخل المتاح للمستهلكين وزيادة الإنفاق في اقتصاد يستعد لضربة من الرسوم الجمركية الشاملة التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. كما قد تعزز هذه الخطوة مبيعات الشركات وتحسّن الامتثال الضريبي. يذكر أن الرئيس ترامب قرر فرض رسوم أساسية بنسبة 25% على المنتجات الهندية بالإضافة إلى رسوم بنسبة 25% عقابا للهند على قيامها بشراء النفط الروسي.

سكاي نيوز عربية
منذ 21 ساعات
- سكاي نيوز عربية
مودي يتحدى رسوم ترامب: لن نقبل تنازلات تضر بالمزارعين
وأضاف: "إذا كان هناك أي سياسات مُضرة فسوف يقف مودي كحائط الصد". وتأتي التصريحات بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية بنسبة 25 بالمئة على الهند التي تقاوم الضغوط لفتح سوقها الزراعية أمام المنتجات الأميركية. وبعد ذلك أعلن ترامب فرض رسوم جمركية أخرى بنسبة 25 بالمئة كـ"عقوبة" على استمرار الهند في شراء النفط الروسي. وهذا يأخذ الرسوم الجمركية على الهند إلى 50 بالمئة، وهي أحد أعلى الرسوم التي فرضها ترامب حتى الآن، ولكن العقوبة على النفط تدخل حيز التنفيذ في 27 أغسطس ولاتزال المحادثات جارية بين الجانبين. وتعد الولايات المتحدة أكبر سوق للصادرات الهندية. وقال مودي في كلمة بمناسبة يوم الاستقلال الهندي ، إن بلاده أصبحت تعتمد على نفسها في جميع المجالات خصوصا في إنتاج الطاقة والدفاع. وتستورد الهند وهي أحد أسرع الاقتصادات نموا في العام والجائعة للطاقة، نحو 80 بالمئة من متطلباتها النفطية. وأشار مودي إلى زيادة استخدام الطاقة النظيفة مثل الطاقة الشمسية والهيدروجين الأخضر والطاقة الكهرومائية والنووية من خلال الاستثمارات والسياسات. كما تحدث عن التنقيب عن النفط في قاع البحر وقال إن الهند اعتمدت على الكثير من الدول لتلبية احتياجاتها من الطاقة وتحتاج للاستقلال في هذا المجال. وقال مودي إن مليارات من الروبيه التي يتم إنفاقها على واردات النفط يمكن أن تستخدم في التطوير.