
حزب العمال الكردستاني يعلن حل نفسه وإنهاء الصراع المسلح مع تركيا
أعلن حزب العمال الكردستاني، صباح اليوم الاثنين،
حلّ نفسه
وإنهاء الصراع المسلّح مع تركيا بناء على مقررات المؤتمر الذي عقده قبل أيام. وقالت وكالة مقربة من الحزب إنه أنجز مهمته التاريخية، على حد وصفها، مشيرة إلى أن الحزب "يرى أن الأحزاب السياسية الكردية ستضطلع بمسؤولياتها لتطوير الديمقراطية الكردية، وضمان تشكيل أمة كردية ديمقراطية". وفي الوقت نفسه، نقلت عن الحزب تأكيده على أن العلاقات التركية الكردية بحاجة إلى إعادة صياغة، من دون الكشف عن مزيد من التفاصيل.
وتأتي هذه التطورات بعدما أفادت وكالة فرات للأنباء المقرّبة من الحزب، الجمعة، بأن الأخير عقد هذا الأسبوع "بنجاح"، مؤتمراً لحلّ نفسه. وجاء في بيان نشرته الوكالة "عُقد المؤتمر الثاني عشر لحزب العمال الكردستاني بنجاح في مناطق الدفاع المشروع في الفترة من الخامس إلى السابع من أيار (مايو) الجاري (...)، وانعقد بناءً على دعوة القائد
عبد الله أوجلان
"، ونتجت عن هذا المؤتمر، بحسب البيان، "قرارات ذات أهمية تاريخية (...) على أساس دعوة القائد" لنزع سلاح الحزب وحلّ نفسه، ستُعلن "في المستقبل القريب جداً".
وأوضح الحزب في بيان صادر عنه اليوم الاثنين، أن المؤتمر الحالي بدأ ببيان صدر عن مؤسس الحزب المحكوم بالمؤبد من سجنه في 27 فبراير/ شباط الماضي، ليصل إلى المؤتمر الذي انعقد بمشاركة 232 مندوباً. وأضاف البيان أن المؤتمر أكد أن نضال حزب العمال الكردستاني أكمل مهمته التاريخية، وعلى هذا الأساس قرر حل البنية التنظيمية للحزب، وإنهاء أسلوب الكفاح المسلّح، على أن يتولى أوجلان إدارة العملية الحالية وتنفيذها، وبالتالي إنهاء العمل الذي كان يتم تحت اسم حزب العمال الكردستاني.
تقارير عربية
التحديثات الحية
وقف "الكردستاني" إطلاق النار في تركيا: ارتداداته سورياً
وشدد البيان على أن "الكردستاني" ظهر باعتباره "حركة تحرير شعبية ضد سياسة الإنكار والإبادة للأكراد، وتشكل في ظل ظروف هيمن عليها الإنكار الصارم للأكراد، وسياسة الإبادة المبنية على هذا الإنكار، وسياسات الإبادة، ونتيجة للنضال الذي خاضه الحزب حقق ثورة من أجل الشعب، وأصبح رمزاً للأمل في الحرية والسعي إلى الحياة الكريمة لشعوب المنطقة". واستعرض البيان مراحل الكفاح التي خاضها الحزب، منذ بدء نضاله عام 1978، وفرص السلام التي حصلت، ولكن كل النضال "أظهر أن القضية الكردية لا يمكن تحقيقها إلا من خلال حلها على أساس الوطن المشترك والمواطنة المتساوية".
وجاء في البيان أيضاً أن "التطورات الحالية في الشرق الأوسط في سياق الحرب العالمية الثالثة، تجعل من الضروري إعادة تنظيم العلاقات الكردية التركية"، وأن الشعب الكردي "سيفهم ضرورة التخلص من حزب العمال الكردستاني، وإنهاء النضال المسلح بشكل أفضل من أي طرف آخر". وأضاف "نحن على ثقة تامة بأن شعبنا سيفهم قرار حل حزب العمال الكردستاني وإنهاء أسلوب الكفاح المسلح أكثر من أي طرف آخر، وسيتحمل واجبات مرحلة النضال الديمقراطي، على أساس بناء مجتمع ديمقراطي، وعلى هذا الأساس نعتقد أن الأحزاب السياسية الكردية والمنظمات الديمقراطية وقادة الرأي سيقومون بمسؤولياتهم في تطوير الديمقراطية الكردية".
وتطرق البيان للمرحلة المقبلة، دون الكشف عن آلية تنسيق تسليم السلاح أو آلية إلقائه، بالقول إنه "في هذه المرحلة، من المهم أن يلعب البرلمان دوره بمسؤولية تاريخية، كما ندعو جميع الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان، وخاصة الحكومة وحزب المعارضة الرئيس، ومنظمات المجتمع المدني، والمجتمعات الدينية والعقائدية، والمنظمات الصحافية الديمقراطية، وقادة الرأي، والمثقفين، والأكاديميين، والفنانين، والنقابات العمالية، ومنظمات المرأة والشباب، والحركات البيئية، إلى تحمّل المسؤولية والمشاركة في عملية السلام والمجتمع الديمقراطي".
وأكد أن "نضال الشعب والنساء والمضطهدين سيصل إلى مستوى جديد عندما تنضم القوى الاشتراكية اليسارية، والهياكل الثورية، والمنظمات والأفراد في تركيا إلى عملية السلام والمجتمع الديمقراطي، وهذا يعني تحقيق أهداف الثوار العظماء الذين كانت كلماتهم الأخيرة عاشت أخوّة الشعبين التركي والكردي وتركيا المستقلة بالكامل". ودعا بيان المؤتمر "القوى الدولية إلى رؤية مسؤولياتها تجاه سياسات الإبادة الجماعية التي تم تنفيذها على مدى قرن من الزمان ضد شعبنا، وعدم عرقلة الحل الديمقراطي وتقديم مساهمات بناءة لهذه العملية".
أبرز ردود الفعل التركية على حلّ حزب العمال الكردستاني نفسه
وفي أولى ردود الفعل، قال المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا عمر تشليك، في منشور على منصة إكس، إن قرار حزب العمال الكردستاني حل نفسه والتخلي عن السلاح بعد دعوة مؤسسه عبد الله أوجلان، "خطوة مهمة لتحقيق هدف تركيا خالية من الإرهاب". وعن المرحلة المقبلة، أفاد بأن قرار حل "الكردستاني" نفسه وتسليم سلاحه بشكل كامل، بما يؤدي إلى إغلاق جميع فروعه وامتداداته وهياكله غير القانونية، سيكون "نقطة تحول حاسمة"، مشدداً على أن المؤسسات الحكومية التركية ستتابع العملية ميدانياً بدقة، وتعرض مراحلها على الرئيس رجب طيب أردوغان.
وتحدث قادة حزب "ديم" الكردي الممثل في البرلمان أيضاً عن القرار، حيث أفاد الرئيس المشارك تونجر بقرهان في تصريح صحافي مقتضب، بأن "الجهود تُوّجت من قبلهم"، مضيفاً "أتمنى أن يكون المؤتمر مفيداً لتركيا، لم يعد هناك أي مبرر لعدم بناء تركيا ديمقراطية تحل القضية الكردية، أتمنى أن نتوج هذه العملية بالسلام".
من ناحيتها، قالت النائبة برفين بولدان، وهي من أبرز الأسماء التي قادت المرحلة والتقت أوجلان بمحبسه أربع مرات، في تصريح صحافي: "تم التوصل إلى أجواء سبقت محاولة الوصول إليها سنوات طويلة ولم تسفر عن أي نتائج، واليوم يمكننا أن نستقبل ما حصل بالأمل، حيث بدأت مرحلة جديدة نزيل فيها الأسلاك الشائكة ونتوجها بالسلام".
ويعقد حزب ديم اجتماعا للجنة المركزية اليوم، ويُنتظر أن يصدر تصريح عنه يتضمن مزيداً من التفاصيل عن المرحلة المقبلة المتعلقة بآلية تسليم السلاح، ومصير المسلحين، وبقية الخطوات المرتبطة بآليات حل الحزب وتسليم سلاحه.
وكان أوجلان، مؤسّس الحزب، قد دعا في رسالة ألقتها باسمه النائبة في حزب "ديم" باريفان بولدان، في مؤتمر صحافي بإسطنبول في فبراير الماضي، إلى حل الحزب، ومسلحي المجموعات إلى إلقاء السلاح والانتقال إلى العمل السياسي. وجاء في رسالته: "كما يفعل كل مجتمع حديث وكل حزب لم يجرِ القضاء عليه قسراً، عليكم عقد مؤتمركم واتخاذ القرارات اللازمة للاندماج مع الدولة والمجتمع طواعية، يجب على جميع المجموعات إلقاء أسلحتها ويجب على حزب العمال الكردستاني حل نفسه"، وختم رسالته بالقول: "أبعث بتحياتي إلى كل من يؤمن بالعيش المشترك ويستجيب لندائي".
واعتُقل أوجلان قبل 26 عاماً في العاصمة الكينية نيروبي عام 1999، ونُقل لاحقاً إلى تركيا في فترة حكم رئيس الوزراء بولنت أجويد، وأُعلن عن نقله إلى تركيا في 16 فبراير/ شباط، ليُحكم لاحقاً بالسجن المؤبد ويودع في سجن خاص بجزيرة إمرلي. وشكّل أوجلان مع مجموعة من منابع الثوار الأكراد الثقافية (DDKO)، حزب العمال الكردستاني في سبعينيات القرن الماضي، من مجموعة من الطلاب، أجرت لقاءات مع البعثات الأجنبية في تركيا، ونفذت نشاطات في جنوب شرقي البلاد قبيل فرار أوجلان إلى سورية في العام 1979، ما جعله يفلت من اعتقال منفذي انقلاب العام 1980. وتشتت حزب العمال الكردستاني وبات يعمل عن بعد، ليبدأ بالنشاط المسلح في العام 1984، ما ترك تأثيراً في الرأي العام، فيما استمرت العمليات العسكرية وصولاً لاعتقال أوجلان في العام 1999.
وأعلن الحزب وقف إطلاق النار بعد اعتقال أوجلان، لكن ذلك انتهى عام 2004 وعاد للعمل المسلح، وأطلقت الحكومة التركية عام 2012 حواراً سرياً مع الحزب في النرويج، وفي العام التالي أطلقت مرحلة السلام وشكلت لجنة الحكماء، لكن العمليات المسلحة تواصلت ودخلت مرحلة جديدة من الصراع تجاوزت الحدود كثيراً فشملت شمال سورية والعراق، فيما حققت القوات التركية نجاحات كبيرة، دون أن تؤدي للقضاء على الحزب.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 5 أيام
- العربي الجديد
إيران في جولة ترامب
يُمكن لمتابعي جولة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في السعودية وقطر والإمارات أخيراً، مراقبة السلوك الإيراني الذي تفاوت بين دعوة الأميركيين (مجدّداً) للمشاركة في الصناعة النووية والاستثمار في بنى الاقتصاد الإيراني، والتشديد على أن ترامب "قاتل" و"على عدم التخلّي عن تخصيب اليورانيوم". تحاول إيران اليوم التصرّف فريقاً يجيد عقد الصفقات، لكنّها غير قادرة على الحصول على صفقة تضمن لها أنها حقّقت "انتصاراً". الانتصار هنا، في حال الاتفاق مع الأميركيين، أن "الشيطان الأكبر" لم يعد شيطاناً ولا "أكبرَ"، بل عاد كائناً لطيفاً كما كان الأمر عليه في 2015. ما الذي يعنيه ذلك؟... يعني أن الشعارات التي يحملها أنصار إيران في العراق واليمن ولبنان ليست شعاراتٍ عقائديةً ثابتةً بقدر ما هي أوراقٌ تفاوضيةٌ متحرّكة. وحين تتم الصفقة تُرمى الأوراق في سلال المُهملات. لذلك، ستتحوّل لاحقاً إيران، التي ستقبل بما يعرضه الأميركيون في نهاية المطاف، وسترضى بهيمنة أميركية معيّنة، بوابةً أميركيةً إلى الوسط الآسيوي، وستؤدّي دورها، كما هو "مكتوب" في علم الجيوبوليتيك، لاعباً محوريّاً في السياسة الأميركية تجاه غرب الصين. لا يتعلّق الأمر بالمرشد علي خامنئي، ولا بترامب، ولا بالرئيس الصيني شي جين بينغ، بل يرتبط كلّ شيء بالحاجة الأميركية للتمدّد الاقتصادي في كلّ مكان يشعر فيه اقتصادها بالخطر. يكفي النظر إلى مطالب ترامب بتملّك قناة بنما وجزيرة غرينلاند الدنماركية، وبتحويل كندا إلى الولاية الأميركية 51. في كلّ تصوّر يخطّه ترامب هناك نسق اقتصادي متفوّق على ما عداه، ومن المفترض أن الإيرانيين يدركون ذلك، وقد اختبروا ترامب سابقاً في ولايته الأولى، كما أنهم غير قادرين على تحفيز حلفائهم في الشرق الأوسط لشنّ هجمات على المصالح الأميركية، بعد عام ونصف العام من السابع من أكتوبر/ تشرين الأول (2023). عملياً، لم يعد أمام الإيرانيين وقت كافٍ لمقارعة ترامب حتى انتهاء ولايته، ولا هم قادرون على المواجهة العسكرية مع الأميركيين، بينما المفاوضات مع مبعوث ترامب ستيف ويتكوف بدأت تقترب من نهايتها. ترامب ليس حائكاً للسجّاد ولا قدرةَ له على الصبر. الآن، هل تقوم إيران بخطوة، من قبيل قبول مطالب ترامب الجوهرية، مثل التخلّي عن التخصيب العالي لليورانيوم، والتفاوض على الشروط الثانوية، مثل تأمين المستقبل السياسي، لا لعسكري، لحلفائهم في دول الإقليم؟... تعلم طهران أن ما هو معروض عليها ليس ما تطلبه، لكنّها قادرة على الحدّ من الخسائر، والتحوّل إلى الداخل الإيراني. لا تقسيم في المنطقة آتياً، حسبما روّج كثيرون بعد سقوط الأسد في سورية. يكفي أن حزب العمال الكردستاني أنهى مساره العسكري. الإيرانيون ـ الفرس في التاريخ أذكياء، لكنّهم في المقابل لا يمنعون أنفسهم من مغامراتٍ مجنونة، كما فعل داريوس الثالث مع الإسكندر المقدوني. لا تتوقف المسألة عند هذا الحدّ. يعلم الإيرانيون أن أيّ اتفاق مع الأميركيين سيكبّلهم حيال التحرّك (ولو السياسي) لتسجيل موقفٍ متعلّق بوضع داخلي في بلد مجاور، أو في الإقليم. سيعاني الإيرانيون بعض الشيء لفهم حقيقة وجودهم دولةً ضمن جغرافيا معيّنة، لا أمّةً تسعى إلى التمدّد غرباً. في المقابل، البديل من ذلك لا يكون بالضرورة حملةً عسكريةً. العقوبات وحدها قادرة على زعزعة بنيان أيّ بلد. شوارع طهران شاهدةٌ على الأفراح وأصوات أبواق السيارات الصادحة بعد توقيع اتفاق 2015. وأيّ تشديد للعقوبات على إيران، يُصبح معها مستقبل أيّ ثورة غير مضمون، ولو أن ترامب نفسه لا يرغب في تغيير النظام الإيراني، بل "سلوكه" فقط. أحياناً، تخرج الأوضاع عن السيطرة. صحيحٌ أن ويتكوف يراهن على عقد اتفاق مع إيران قبل وقف حرب أوكرانيا، لكن الصحيح أيضاً مراقبة ما الذي ستتنازل عنه إيران، وحجمه. في ذلك أهمّ تحوّل سياسي لنظام ثورة 1979، فإمّا أن يجدد ذاته بشروط أميركية أو يفنيها بشروطه.


العربي الجديد
١٤-٠٥-٢٠٢٥
- العربي الجديد
خواطر من وحي حلّ حزب العمال الكردستاني
قرار حزب العمال الكردستاني حلّ نفسه تاريخي بالفعل، على الأقل لأنه يعدنا بإمكانية أن تنتهي قضية من قضايا هذا الشرق الأوسط وتسقط عن رف "القضايا المقدّسة" العصية على الحل. وبقدر ما هو تاريخي، فإنه يحيل إلى تقاليد سياسية مفقودة في العالم الثالث الذي يشمل مناطق إقامة الأكراد في تركيا والعراق وإيران وسورية. وبغض النظر عن مصير القرار وعن مدى التزام فروع الحزب فيه، وعن كيفية ملاقاته من السلطة في أنقرة، فإنّه بمثابة تذكيرٍ لقارئ عربي كم أن أفكاراً سياسية بدائية وبديهية، كإعلان انتهاء مفعول حزبٍ ما، أو اعتراف بفشل أدوات الشغل لتحقيق هدف، أو إعادة النظر في شعارات قضية معيّنة، غائبة عن الحياة السياسية العربية القريبة جداً جغرافياً وديمغرافياً وفكرياً من ميادين حزب العمّال الكردستاني، التركي رسمياً، ولكنه مطعّم بقيادات ومقاتلين وجماهير كردية عريضة من بلدان عربية. فأن يحلّ حزب ماركسي ــ لينيني نفسه، كـ"العمّال الكردستاني"، متمحور منذ تأسيسه قبل 47 عاماً حول قائد واحد هو بمثابة إله ملهم أو نصف إله بالنسبة إلى أنصاره، فإنما ذلك يتطلب جرأة هائلة ومراجعات سياسية من صاحب القرار (عبد الله أوجلان) لمسيرة نصف قرن من كفاحه المسلح والسياسي. جرأة ومراجعات لا تقلّل من أهميتها ثرثرات تعزو القرار بسطحية مذهلة إلى رغبة أوجلان بالخروج من سجنه مقابل حل الحزب، وهي صفقة كان على الأرجح قادراً على إبرامها منذ اعتقاله عام 1999، لا عن عمر 76 عاماً، بعد 26 سنة قضاها في سجن انفرادي وسط جزيرة إمرلي. في ذاكرة المتابع العربي حالات نادرة من حلّ أحزاب عربية نفسها، على عكس وفرة أمثلة حظرها بقرارات سلطات حاكمة. ويذكر كاتب هذه السطور ما أخبره إياه المفكر الشيوعي المصري سمير أمين عام 2008 عن كيف قررت قيادة الحزب الشيوعي المصري حلّ التنظيم عام 1965 إكراماً لجمال عبد الناصر! وشتّان ما بين تلك الإكرامية وقرار أوجلان الذي لم يكن يقتنع طيلة عقدين من كفاحه المسلح والسياسي بأقل من دولة كردية تمتد على أراضي إقامة الأكراد في سورية والعراق وإيران وتركيا. استوعب الرجل الفشل، فباشر تقديم التنازلات التي لم تجعل من ناسه يكفّرونه، ذلك أن الجمهور الكردي القومي نفسه اقتنع باستحالة إقامة دولة كردية وتعب من كلفة القضية. انتقل أوجلان من شعار الدولة الكردية إلى نظرية الكونفيدرالية الكردية التركية ــ السورية ــ الإيرانية ــ العراقية، ثم يئس فاقترح إرساء أنظمة فيدرالية في بلدان الأكراد الأربعة. فكرة بدت مستحيلة مجدداً في ظل اتفاق أنظمة البلدان المذكورة تلك ضد الأكراد وقومييهم، فنزل أوجلان طابقاً إضافياً في مبنى تصوراته السياسية ليكتفي بمطلب الإقليم الكردي المحكوم ذاتياً داخل تركيا حصراً، وهو إقليم حدد له عيد ميلاد هو 15 يوليو/ تموز 2011، وقد أحبطت السلطات التركية إبصاره النور بحملة أمنية في عاصمة أكراد العالم، دياربكر. حصل كل ذلك بعدما لم يكتفِ أكراد تركيا بما قدمته حكومة رجب طيب أردوغان لهم تحت رئاسة عبد الله غول عام 2009 باسم "خطة الانفتاح الديمقراطي"، من تلفزيون وإذاعة تركيين حكوميين باللغة الكردية (TRT 6)، وخطة لتنمية مناطق الأكراد بقيمة 12 مليار دولار من دون أن تنص لا على حل فيدرالي ولا على قانون عفو شامل ولا على حكم ذاتي للأكراد ولا حتى على توسيع حيّز اللامركزية للمحافظات الكردية في جنوب شرق الأناضول. أمّا وقد بات القوميون الأكراد الأتراك يكتفون بمطلب مساواتهم مع بقية المواطنين في الحقوق السياسية الكاملة في دولة ديمقراطية غير طورانية، فحينها يصبح كل المعنى في تعاطي الحكومة التركية مع حدث حل الحزب نفسه وتسليم سلاحه. أمام السلطة التركية فرصة نادرة لإنصاف الأكراد سياسياً، لا ثقافياً فحسب، وإلا تكون قد حرمتنا من أن نقول إننا أخيراً رأينا في عمرنا القصير هذا قضية تُحَلّ وتخسر لحسن الحظ صفة "القضية" ويصبح ذكرها متبوعاً بصفة "السابقة".


العربي الجديد
١٣-٠٥-٢٠٢٥
- العربي الجديد
أردوغان تعليقاً على إلقاء الكردستاني السلاح وحل نفسه: فتح أبواب مرحلة جديدة
اعتبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الاثنين، أن قرار حزب العمال الكردستاني في وقت سابق من اليوم حل نفسه وإلقاء السلاح "مهماً جداً"، معتبراً أنه "سيفتح أبواب مرحلة جديدة في المنطقة". جاء ذلك في كلمة له عقب اجتماع الحكومة التركية في أنقرة تطرق فيها إلى قرار "الكردستاني". وقال أردوغان في كلمته: "قرار اليوم مهم جداً من أجل المنطقة والاستقرار فيها، حيث نقيم الأمر بأنه يشمل جميع الجهات المرتبطة بالتنظيم في سورية والعراق وأوروبا، وسيفتح أبواب مرحلة جديدة، وهذا الخنجر المسموم المزروع من قبل الإمبريالية سينتزع نهائياً وإلى الأبد". وأضاف أردوغان: "نؤمن بذلك من كل قلبنا حيث إن جهاز المخابرات وجميع المؤسسات الحكومية تعمل من أجل تنفيذ الوعود المقطوعة، وعدم حصول الحوادث، وسنتابع كل التطورات لحظة بلحظة وسنقوم بالتصريحات اللازمة حول المرحلة المقبلة، سواء من قبلي أو من قبل المسؤولين الآخرين وتقديمها إلى الرأي العام". وشدد أردوغان متحدثاً عن أهمية الخطوة في الإخوة بين الأتراك والأكراد على أنه "مهما كانت ثقافتنا وأفكارنا مختلفة فجميعنا أفراد في تركيا ومواطنون بالدرجة الأولى وسنكون أقوى مع بعض، ومع هذا الشعور، لن يستطيع أحد أن يتغلب على تركيا". وأضاف: "في حال الضعف، لا أحد يمد يد المساعدة لنا، نحن، الحكومة والتحالف الحاكم، حازمون في مسألة الانتهاء من هذا الموضوع وعملنا بصدق من أجل تركيا بلا إرهاب، وأشكر جميع رؤساء الأحزاب وفي مقدمتهم زعيم حزب الحركة القومية دولت باهتشلي". وبين أنه "ستكون أعمالنا في المستقبل أكثر حرصاً ودقة ومسؤولية في المرحلة المقبلة وصولاً إلى الهدف المنشود وعمل المؤسسات المعنية وبدعاء المواطنين، نأمل أن نترك هذا الموضوع وراءنا بشكل نهائي، حيث إن أكثر من كسب هم المصابون وأقارب الشهداء والأمهات جميعاً، والرابح أيضاً هم الأكراد المتضررون من الإرهاب". وشدد أردوغان على أنه "نواصل التقدم وصولاً إلى الأهداف متجاوزين العقبات، متغلبين على الأحكام المسبقة، ومتجاوزين الفتن والنفاق بخطى واثقة، حيث تفتح أبواب مرحلة جديدة في مختلف المجالات تنهي الإرهاب والعنف وتقوي الديمقراطية". تقارير دولية التحديثات الحية إلقاء "الكردستاني" سلاحه.. مخاض سلام عسير في تركيا باهتشلي يتمنى إغلاق الصفحة الدموية في البلاد من جانبه، قال الشريك في التحالف الجمهوري الحاكم دولت باهتشلي، في بيان صدر عنه: "أعلن حزب العمال الكردستاني، صباح اليوم، إلقاء سلاحه وحل وجوده التنظيمي، وهكذا، ستنتهي آفة حزب العمال الكردستاني، وآمل وأدعو الله أن تُغلق الصفحة الدموية التي كتبت بالخيانة مدة 47 عاماً، وألا تفتح مرة أخرى أبداً". وأضاف: "لا شك أن هذا التطور التاريخي المذكور ستكون له عواقب بالغة الأهمية وفريدة من نوعها، ومع صعود وتطور السياسة والديمقراطية، فإن فترة الصراع المسلح التي انتهت ستترك وراءها ذكرياتها المريرة ودروسها المستفادة". وشدد على أن "عبر حزب الحركة القومية بحزم عن هدف تركيا خالية من الإرهاب منذ 22 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ولم يقع في فخ البيئة، من المفيد للجميع أن يعرفوا أنني أشعر بفخر شديد لأنني أشعر في أعماقي باللحظة الأكثر تميزاً واستثنائية في حياتي، والتي ضحيت بها من أجل وطني وبلدي، وأرى أنه من الضروري أن أتصرف بحذر أكبر، وبمزيد من الحرص، وبقدر أكبر من الهدوء، وبالحس السليم من الآن فصاعداً". ويحسب على باهتشلي إطلاقه المرحلة الأخيرة المعروفة في تركيا بأنها مرحلة تركيا بلا إرهاب. أوزال: قرار الكردستاني بالغ الأهمية زعيم المعارضة ورئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزال قال، في بيان عقب اجتماع حزبي، إن قرار الكردستاني بالغ الأهمية، معتبراً أن نجاح المرحلة يأتي من صدق الخطوات المتخذة وشرعيتها. وقال في بيانهك "كنا دائماً ضد جميع أشكال الإرهاب والعنف، وسنظل ضدها، حيث إن رغبتنا وإرادتنا المشتركة هي نهاية الإرهاب وسفك الدماء، المستمر في هذه الأراضي منذ 47 عاماً، إلى الأبد". وأضاف: "يُعدّ البيان الأخير لحزب العمال الكردستاني، الذي أعلن فيه قراره إلقاء السلاح وحل هيكله التنظيمي، أمراً بالغ الأهمية لإنهاء فترة دفعت فيها تركيا ثمناً باهظاً لسنوات". وبين أنه "ومع ذلك، فإن نجاح هذه العملية وتطورها إلى سلام اجتماعي دائم يرتبطان ارتباطاً مباشراً بصدق الخطوات المتخذة وشرعيتها الديمقراطية. نتوقع أن تنتهي العملية بجميع مراحلها، وأن ينتهي إلى الأبد الإرهاب الذي أودى بحياة عشرات الآلاف من الناس وأحدث دماراً اقتصادياً واجتماعياً جسيماً". وصدرت ردود فعل أخرى من الأحزاب السياسية والشخصيات السياسية، وسيطرت التطورات على برامج القنوات التلفزيونية، وبات الموضوع الوحيد المتداول على الشاشات في تركيا. وأعلن "الكردستاني" عن حل الحزب وإنهاء الصراع المسلح استجابة لمؤسسه المسجون عبد الله أوجلان، وذلك بعد أيام من إعلانه عقد مؤتمره العام في 5-7 مايو/أيار الجاري. وجاءت الخطوة التي من المتوقع أن تسدل الستار على صراع استغرق 47 عاماً بعد مسار عسير ومعقد منذ ظهور الحزب في سبعينيات القرن الماضي حتى اليوم.