logo
المظاهرات الأمريكية ترامب امتداد لفكر هنتنغتون!روبير وائل بيطار

المظاهرات الأمريكية ترامب امتداد لفكر هنتنغتون!روبير وائل بيطار

ساحة التحريرمنذ 2 أيام

المظاهرات الأمريكية ترامب امتداد لفكر هنتنغتون!
روبير وائل بيطار
تشهد الولايات المتحدة الأمريكية حالياً مظاهرات بدأت في ولايتي كاليفورنيا (لوس أنجلوس) وتكساس ويعود سبب المظاهرات إلى المداهمات التي قامت بها دائرة الهجرة والجمارك الأمريكية واعتقالها لعدد من المهاجرين، وامتدت لعدة مدن.
وقد شهدنا في فترة ليست بالبعيدة ترحيلاً للعديد من المهاجرين إلى خارج أمريكا.
إذ وصف دونالد ترامب المتظاهرين بالحيوانات والأعداء الأجانب ولم يكتفي ترامب شتمهم بل أمر بنشر قوات المارينز في لوس أنجلوس وهذا يعتبر انتهاكاً لقانون Posse Comitatus الذي يعود إلى القرن التاسع عشر والذي يمنع مشاركة قوات فيدرالية في إنفاذ القانون المدني الذي من شأنه أن يؤدي إلى توتر العلاقات المدنية العسكرية.
وبالعودة إلى الوراء قليلاً قام ترامب بتوجيه أمر تنفيذياً يحدد اللغة الإنجليزية لغة رسمية للولايات المتحدة الأمريكية مما دفع بعض الباحثين إلى أن هذه الإجراءات ستعزز الانقسام داخل المجتمع الأمريكي.
ويمكن لمتابع الشأن الأمريكي يجد تأثر ترامب بأفكار صموئيل هنتنغتون( Samuel (Huntington وتحديداً من خلال كتابه (من نحن) الذي يحذر فيه من أسبنة المجتمع الأمريكي وخطر المهاجرين على أمريكا وثقافتها وهويتها.
فجوهر الثقافة الأمريكية عند هنتنغتون هي العنصر والعرق والثقافة (وخاصة اللغة والدين وتحديدا البروتستنانية) والإيديولوجية واخلاقيات العمل وقيم الفردية والمخالفة. ولم تعد هناك أمريكا العنصرية وأمريكا العرقية، والآن أمريكا الثقافية تحت الحصار والإيديولوجية بمثابة غراء ضعيف لا يؤدي إلى تماسك الشعب. ويرى أن التعددية الثقافية هي جوهر تهديد الهوية والثقافة، وذلك من خلال موجات من المهاجرين من أمريكا اللاتينية. وسياسة ترامب ترى ان المهاجرين خطر بغض النظر عن موطنهم الأصلي.
لذلك يتساءل هنتنغتون هل تعتبر ميامي مستقبلاً للوس أنجلوس والغرب الجنوبي بشكل عام في النهاية فإن النتائج يمكن أن تكون متشابهة وهي إقامة جالية كبيرة ومختلفة تتحدث الإسبانية ولديها موارد اقتصادية وسياسية كافية للإبقاء على هويتها الإسبانية اللاتينية بعيداً عن الهوية القومية الأمريكية الآخرين وتكون قادرة أيضاً على ممارسة نفوذ قوي على السياسة والحكومة والمجتمع الأمريكي، وكما قال رئيس المجلس القومي للرازا 1995 إن المشكلة الكبرى التي لدينا هي صدام حضاري صدام بين قيمنا وقيم المجتمع الأمريكي ثم أوضح تفوق القيم الإسبانية اللاتينية على القيم الأمريكية.
وبسبب معدلات الهجرة العالية بالإضافة إلى المعدلات المنخفضة للاندماج فهو يرى ان أمريكا ستكون دولة تتحدث لغتين وثقافتان وشعبان وبرأيه أنه يوجد حلم أمريكي خلقه مجتمع إنجليزي بروتستانتي، ولن يتقاسم الأمريكيون المكسيكيون هذا الحلم إلا إذا كانوا يحلمون بالإنجليزية.
لذلك يقترح هينتغتون ان مواحهة أزمة الهوية يكون من خلال تجديد الشعور بالهوية الوطنية وبهدفها القومي وبالقيم الثقافية المشتركة.
وحتى إذا انتهت المظاهرات الأمريكية فيوجد احتمالية لإعادة المظاهرات وتجددها مستقبلاً بالإضافة إلى تحديات أخرى تواجهها الولايات المتحدة حسب المتخصصين وهي مشكلة ديموغرافية من خلال تراجع أعداد الأمريكين البيض مقابل الأعراق الملونة وموضوع الهجرة غير الشرعية والتميز العنصري وانتشار المخدرات إضافة للديون الأمريكية.
لذلك يضع العديد من الباحثين مجموعة سيناريوهات لمستقبل أمريكا بدءاً من انقسام المجتمع الأمريكي والحرب الأهلية وصولاً لاغتيال ترامب.
وقد رأينا كيف تم استغلال المظاهرات سياسياً بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري وخصوصاً ان الديمقراطي لا يرى مشكلة بالهجرة.
ويرى البعض أن أمريكا تستطيع مواجهة التحديات والحفاظ على الوحدة والاستقرار.
ونحن هنا قد ركزنا على التحديات والأزمات الداخلية ولم نتطرق للتحديات الخارجية كبروز القوى المنافسة للولايات المتحدة كالصين وروسيا.
لذلك يبدو من الصعب الوصول إلى رؤية كيف ستنتهي الأمور في الولايات المتحدة وكيف سيكون مستقبلها ولاسيما أننا نعيش في عالم الفوكا (vuca world) الذي يتسم (بالتقلب، وعدم اليقين، والتعقيد، والغموض).
‎2025-‎06-‎12

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

لماذا استعجل ' النتن' ضرب ايران؟
لماذا استعجل ' النتن' ضرب ايران؟

موقع كتابات

timeمنذ 6 ساعات

  • موقع كتابات

لماذا استعجل ' النتن' ضرب ايران؟

لم تكن الضربة الصهيونية للجمهورية الاسلامية بالأمر الخفي، فهي مرتبطة بتطورات الميدان على الارض، المتمثل بأداء محور المقاومة ابتداءً بغزة، وليس انتهاءً بالمحاور الاخرى بالمنطقة، بل كان يرتبط ارتباط وثيق بمواقف الدول الاوربية مما يجري في فلسطين من انتهاكات خطيرة ضد شعب اعزل طالب بحقوقه لعقود حتى اضطر لاستخدام حقه في الدفاع عن نفسه كصاحب ارض وكشعب من حقه ان يعيش بكرامة كفلتها له الشرعة الدولية لحقوق الانسان، وتبانة عليها دول العالم المنضوية تحت يافطة ' الامم المتحدة' وفلسطين دولة عضوا فيها. كانت عملية طوفان الاقصى في 7 اكتوبر 2023 الجرس الذي قرعه الفلسطينيون، لأيقاظ ضمير العالم ليطلع على اطول عملية ظلم تعرض لها شعب منذ سبعين عام، مارس فيها الاحتلال الاسرائيلي ابشع انواع الظلم والاضطهاد ادت الى قتل وتشريد الملايين من وطنهم الى ارض الشتات، لتطبيق مقولة اليهود 🙁 ارض بلا شعب لشعب بلا ارض)!. لم يكن الرد الاسرائيلي على العملية متوازن، بل كان وحشياً بكل ما تعنيه المفردة، فقد صرح وزير دفاع (اخرائيل) بقطع مياه الشرب عن مليونا انسان بـ 'غزة'!، ما دفع الجمهورية الاسلامية الايرانية للوقوف الى جانب المستضعفين في فلسطين. أدى الدور الايراني بدعم المقاومة الفلسطينية وجبهات المقاومة بالمنطقة الى استنزاف قوة العدو الاسرائيلي، وبالتالي فضحه امام دول العالم والمنظمات الدولية المعنية بحقوق الانسان، بعدما ازكمت جرائمه بقتل المدنيين والملاكات الصحية والصحفيين الانوف، وعلى اثر قدرة المقاومة على الصمود وطول الحرب تكشفت حقيقة هذا الكيان الذي كان يتبجح كونه الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط، وشاهد العالم بأسره حجم الارهاب والدمار الذ يمارسه في غزة، وعلى اثر ذلك ارتفعت الاصوات الحرة في اوربا لرفض ما يجري في فلسطين، والمطالبة بمحاكمة النتن ياهو واركان نظامه كمجرمي حرب. وعلى خلفية صحوة الشعوب الاوربية انتهت شماعة ( عداء السامية)، وباتت (اخرائيل) كيان منبوذ ومحاصر دولياً، سرعان ما بانت بوادر التخلي عنه من راعيته وساندته الأولى امريكا!، وقد كشف اتفاق 'ترامب' مع الحوثيين بوادر التخلي عن النتن ياهو الذي يسعى لشن حرب مع ايران تعاكس رؤية ترامب للمنطقة!. لم يكن امام نتن ياهو خيار سوى شن الحرب على الجمهورية الاسلامية الايرانية، قبل السقف الذي اقترحته امريكا عليه، وهو شهر اكتوبر القادم، ويبدو أن نتن ياهو شعر بـ ( الفخ الامريكي)، فالسقف الامريكي يعني لنتن ياهو سقوط حكومته، بعدما اصبح عبئاً على الادارة الامريكية، وبالتالي الذهاب الى السجن، ومحاكمته كمجرم حرب، سيما وانه اصبح مطلوباً لمحاكم دولية. ما نحتاجه اليوم أن تكتفي الجمهورية الاسلامية الايرانية، بالرد بضربات مماثلة بمبدأ ( لسعة العقرب)، وعدم شن حرب شاملة، فايران اليوم لا تمثل نفسها بل تمثل أمل المستضعفين بالمنطقة مع وجود هذا الكيان المجرم الذي لا يحترم المواثيق والعهود الاممية.

الوستفالية وتعويضات أضرار العراق حقوق تحتضر تحتاج مطالب
الوستفالية وتعويضات أضرار العراق حقوق تحتضر تحتاج مطالب

موقع كتابات

timeمنذ 6 ساعات

  • موقع كتابات

الوستفالية وتعويضات أضرار العراق حقوق تحتضر تحتاج مطالب

عندما نتكلم بحثا عن الحقائق، لا نجامل صديق ولا نظلم عدو، وإنما الحقائق كما نراها، وكل شخص يرد عليه في عصرنا فوجهات النظر لا تعتمد على وثائق مضمونة المصداقية وإنما عرفت بالمعلوم وفق منطق الأحداث والمعلومة تقود منطق المثقف فان لم تك دقيقة فتحليله لا يصل إلى الدقة، وكلامي هذا استجلابا للعذر إن كان ما أراه خطأ، العالم عندما يتطور فالحاجة أوقعت بصمتها على منظومة العقل ليفكر الإنسان فيسد حاجة أو يشبع غريزة، وهكذا كان الأمر في معاهدة وستفاليا وتعرف أيضا بمعاهدة مونستر Treaty of Munster أو معاهدة أوسنابروك Treaty of Osnabruck،تمّ توقيعها في 24 ت1 1648 في مونستر وستفاليا ( ألمانيا)، وكان هذا إيذانا بانتهاء فكرة دينية مع صراعاتها والانتقال للفكرة القومية، التي لم تلبث طويلا حتى ساد النظام الرأسمالي. أصبح لكل دولة حدود وهنالك عرف وقانون ونظام دولي إلا يعتدى على حدود الدول، بيد الأمر مخترق دائما عند الحاجة، إلى اليوم حيث نرى الدول الاستعمارية تخترق الحدود وتستملك ما تريد من الدول الضعيفة، ويتحدث السيد ترامب عن امتلاك غزة وهو لحن نشاز عندما يقع في أذان العرب والمسلمين. فهل هذا الإنهاء للنظام الوستفالي لصالح اعتماد القوة الذاتية لتعود إمكانية غزو دولة لدولة بلا محاسبة وضمها إليها مادامت قوية أوكرانيا دخلت إليها دولة اقوى، وتعاقدت بطريق شبه إجباري دولة قوية معها، وإسرائيل بدعم أمريكي تدمر الحرث والنسل وأكثر قتلاها الأطفال وتجد الإدانات الرسمية خجولة والشعوب ثائرة لأنها تشهد خروجا عن منطق الدولة الذي عرفوه فيدعم مشاعره الإنسانية التي هي مركزية؛ إذن نحن أمام عودة لحكومات القديمة بلباس الدولة المقدسة التي لم تعد مقدسة، والعقلية الإمبراطورية والتعسف لأنك الأقوى، من هنا نرى النظر في أمور لابد منها احتياطا بدل انتظار النزوات للساسة في الدول القوية أو المدعومة من دول قوية. النظام الوستفالي مع حروب الخليج وأوكرانيا، والاحتلال الصهيوني لفلسطين قبل هذا، والظاهرة الترمبية التي تبرز الوجه الغريب لأمريكا ، كان ترامب يبدو كــ Big foot لكنه مع ظهور الرغبة في الهيمنة تحول تشبيهه بـــــ 'Thunderbird' إلا انه مع تزويد الكيان بأسلحة فتاكة وقتل الأبرياء لإفراغ غزة واستملاكها واستثمارها بات كوحش فرانكشتاين مخلوق لا سيطرة عليه ولا سلطة، يطلب الأموال من هنا وهناك، ويفرض أتاوات على الكويت وفق مشتهاه ولا استبعد أن يعتبر اعتداء أمريكا وما أصاب العراق بلمسات أمريكا وتدخلاتها فضلا كبيرا لذا لابد من إجراء كشف الحساب احتياطا لان العراق يدين أمريكا بكل ما جرى له منذ 1980 ولحد الآن. سنكتفي في هذا المقال طرح النموذج العراقي: كل المنطقة العربية ممكن أن تتعامل بالمنطق الذي سيطرح هنا حول العراق ودول التحالف، وكل تدافع من تسبب لها بما هي فيه من دمار فالعراق تتصدر أمريكا قوى التحالف، وفي فلسطين الكيان ومن دعمه كل بقدر مسؤوليته، وما تعرضت له دول الخليج من خسائر بسبب الضغوطات. العراق ومنذ نشأته يتعرض إلى تحديات ليست طبيعية لكن ممكن اعتبارها كذلك لعدم وجود أدله على التدخل المباشر أو غير المباشر حتى عام 1980 حيث بدأت التدخلات الأمريكية والدولية تعمل بوضوح في حرب الخليج الأولى وتوجه الخلافات إلى حروب، واتضحت الأمور عام 1990 عندما بدأت حرب الخليج الثانية التي استمرت عمليا إلى حرب الخليج الثالثة عام 2003، واتجه العراق ليكون ساحة للصراعات وبإدارة أمريكية واتفاقات لا علاقة للعراق بها وليس من حكومة قادرة حتى لو أرادت تغير المسارات التي حصلت وهذا ليس تبرئة لمن قبل تمثيل هذه الأدوار لكنه وصف واقع الحال عندما نتجه إلى الفاعل الرئيس في هذه السياسات. حسابات لابد من تسيير معادلات رياضية لها: في عام 1980 بدأت حرب الخليج واتضح أنها كانت توقد في الجهتين بفعل مخابراتي، وما بين مساعدة العراق استخباريا يبدو أن هنالك شبيه له في إيران وإيران كيت شاهد على ذلك، وهنا خسائر في كل شيء اجتماعيا وقيميا وماديا وتفكك أسري ومعاناة ومعوقين، وضياع لفرص استثمار حقيقي للثروات، ليخرج العراق مديونا بعد الفائض. في 1990، دخل العراق مرحلة أخرى، حيث أعطي الضوء الأخضر للمشكلة، والنتيجة عداء في العمق يبدو أصبح أكثر تطورا وزراعة مشاكل للأجيال وتحديات للاستقرار، وتعطيل للموارد ومجاعة عمليا وتدهور في البنية التحتية وخسائر مادية ومنع من الحياة الطبيعية وهروب الطاقات وعتمة البلاد وتدميرها اقتصاديا واجتماعيا. في عام 2003: ادخل إلى العراق التمزق النسيجي والمجتمعي وقسم إلى أعراق وطوائف وفتحت الحدود للمغامرين والدخلاء وضرب الأمن وأصبح الموت رفيق العراقيين في كل لحظة بدل أن يتحسن وضعهم ساء لدرجة ترى بالعين والواقع أفضل من يقدم الصورة من اجل هذا فلابد أن يشكل العراقيون بدل خلافاتهم وانتقاداتهم وتلوين خيبتهم فريقا من الخبراء بل مؤسسة اسمها استعادة حقوق العراق، تقوم هذه المؤسسة بما يلي: إجراء دراسات على العراق منذ سقوط الملكية والى الساعة ويحدث دوما حسابات الخسائر الظاهرية والخفية بشكل عام إحكام برامج حاسوبية لتسيير مسارات افتراضية (ماذا لو لم تتدخل الدولة الفلانية) من النفط وتأثير التدخلات على النهضة والاستثمارات وإحداث الرفاهية، إلى الموارد البشرية وتدميرها إلى الأمراض الاجتماعية والنفسية، إلى الخسائر في كل المجالات الزراعية والصناعية وتدهور التعليم، السجون وما أحدثته من تأثيرات، وسيتمر البرنامج الحسابي إلى أن يستقر العراق مدنيا لما تسبب فيه من خراب وتمزيق وخسائر مادية ومعنوية. كل ما يمكن تطوير هذه الفكرة التي تحتاج إلى مركز كبير متنوع الاختصاصات الهندسية والقانونية والباحثون في كافة المجالات الاجتماعية والاقتصادية والمهني والاستراتيجيات ومهارات في الحاسوب والرياضيات لبناء المعادلات التراكمية والنشاطات المستمرة بالذات وضع مكتب تمثيل في وزارة الخارجية وغيرها حسب تطور المطالبات التي توضع للمدى الطويل من التعويضات للشعب والحكومة.

الضربة الإسرائيلية وأسئلة المجهول
الضربة الإسرائيلية وأسئلة المجهول

وكالة الصحافة المستقلة

timeمنذ 10 ساعات

  • وكالة الصحافة المستقلة

الضربة الإسرائيلية وأسئلة المجهول

رامي الشاعر تفتح الخطوات المجنونة التي ارتكبها بنيامين نتنياهو فجر اليوم الباب على مصراعيه أمام جميع السيناريوهات العبثية التي طالما حذرت منها روسيا ولا تزال. وقد صرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأنه كان على علم مسبق بالضربات الإسرائيلية على أهداف في إيران، وأكد أن الهجوم لم يكن مفاجئا بالنسبة له. من جانبه صرح وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو بأن ضربة إسرائيل ضد إيران 'أحادية الجانب'، وأكد 'عدم تورط الولايات المتحدة'، مشددا على 'أولويات الولايات المتحدة القصوى في حماية القوات الأمريكية في المنطقة'، وداعيا إيران إلى عدم استهداف المصالح الأمريكية أو الأفراد الأمريكيين. إلا أن روبيو، في الوقت نفسه، قال إن حليفة الولايات المتحدة إسرائيل 'أبلغت واشنطن أن عملها كان ضروريا للدفاع عن نفسها'. منذ أيام، وخلال مكالمة هاتفية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أكد ترامب أن ضربة أوكرانيا لأحد مكونات الثالوث النووي الروسي، والهجوم على أحد أدوات الردع الاستراتيجي بين القوتين العظميين، كانت هي الأخرى 'أحادية الجانب'، ولم يكن للولايات المتحدة علم بها، أو قال بمعنى أصح لم يكن لإدارة البيت الأبيض علم بها. فإذا كان الرئيس ترامب ووزير خارجيته يكذبان بشأن 'أحادية' تلك الضربات، تلك طامة، أما إذا كانا لا يعلمان تفاصيل وتوقيتات الضربات فتلك هي الطامة الكبرى. ويعني ذلك أن أشخاصاً أو كيانات أخرى بعيدا عن الإدارة الأمريكية، وداخل الدولة الأمريكية العميقة، أو في 'مجلس إدارة العالم'، إذا شئت، بين كبريات الشركات الاقتصادية العملاقة والصناعات الدفاعية والمسيطرين على تجارة السلاح حول العالم، يديرون لعبة ليبرالية كبرى انتقاما من فوز الرئيس الأمريكي بالانتخابات، ومن انتصار روسيا في أرض المعركة بأوكرانيا بعد أن توعدها الغرب و'الناتو' بـ 'هزيمة استراتيجية' و'انهيار اقتصادي وشيك'. وما يجري اليوم أمام أعيننا من الدولة العميقة، وبعض المسؤولين في إدارة ترامب، بالتنسيق مع أكثر الحكومات تطرفا في تاريخ الدولة العبرية هو محاولة بائسة من هؤلاء لإنقاذ وضع اللوبي الأمريكي الإسرائيلي حفاظا على مخططاته لاستمرار الهيمنة على العالم، لا سيما على منطقة الشرق الأوسط وروسيا. لقد خسر هذا اللوبي أموالا وموارد لا حصر لها في حربه الهجينة ضد روسيا، ويرى أمام عينيه ديناميكية التغيير في الشرق الأوسط، والسعي الواضح من الدول العربية للتخلص من الهيمنة الغربية، والتمتع بحرية الاختيار والتعاون مع أطراف متعددة (بما في ذلك روسيا والصين وإيران)، ويرى جيدا كيف تهزمه الإرادة الفلسطينية الصلبة ممثلة في الطفل الفلسطيني والأم الفلسطينية، ويرى كيف يقف العالم إجلالا لتلك الرغبة الجبارة التي تجعل من شعبنا الفلسطيني الأعزل ماردا عملاقا أمام الآلة العسكرية الإسرائيلية الغاشمة، التي تدمر الحجر لكنها أبدا لا تدمر إرادة البشر. لذلك يجن جنون القزم نتنياهو، ويضرب بعرض الحائط ميثاق الأمم المتحدة، والقانون الدولي، ويغتال جهارا نهارا أمام أعين العالم أجمع قيادات وعلماء إيرانيين، ويقصف منشآت نووية إيرانية، فيما يكتفي وزير الخارجية الأمريكية بالقول: 'لا علاقة لنا، ولم نشارك'. إلا أن الخطير في الوضع الراهن هو ما يحيط بمضيق هرمز، الذي يمثل شريان الحياة بالنسبة للصين، وهنا، فيما أظن وأعتقد، يكمن الخطر الحقيقي لاندلاع نيران أوسع تطال العالم بأسره. فالصين خلال الأعوام القليلة الماضية عززت بوتيرة متسارعة تعاونها مع مجلس التعاون الخليجي، فيما يشبه التحالف السياسي والاقتصادي غير الرسمي، والذي يضم المملكة العربية السعودية والبحرين والإمارات العربية المتحدة والكويت وعمان وقطر، بعدما وضع الرئيس الصيني شي جين بينغ وقادة مجلس التعاون الخليجي خطة عمل جديدة لتطوير التعاون العملي بين الجانبين، وتم طرح عدد من المبادرات في القمة الافتتاحية بين الصين ومجلس التعاون الخليجي عام 2022. والصين هي أكبر مستورد للنفط في العالم، حيث تستورد ما يمثل 36% من وارداتها من مجلس التعاون الخليجي، وبإضافة الواردات من العراق وإيران، توفر منطقة الخليج أكثر من نصف احتياجات الصين من النفط الخام. وبعيدا عن الطاقة، تتزايد الروابط التجارية الشاملة بين الصين ومنطقة الخليج والشرق الأوسط بصفة عامة. وقد دانت المملكة العربية السعودية الهجمات الإسرائيلية على إيران، وأكدت أنها تعد انتهاكا لسيادة الجمهورية الإسلامية والقانون الدولي. وشددت على ضرورة اضطلاع المجتمع الدولي ومجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة بمسؤوليتهم تجاه وقف هذا العدوان بشكل فوري. دائما ما يدفعني التفكير في موقع إسرائيل من الإعراب إلى العودة إلى الأزمة الأوكرانية، حيث يطرح التساؤل نفسه بشأن السر وراء اتخاذ بريطانيا وألمانيا وفرنسا هذا الموقف الداعم للحرب والرافض للسلام، والداعم للنظام الأوكراني النازي في كييف، برغم كل التقديرات (حتى الغربية منها ومن محللين وخبراء عسكريين غربيين) أن أوكرانيا تنزلق بسرعة، ومعها 'الناتو' بطبيعة الحال، نحو هزيمة ساحقة. ما الذي يدفع النظام في كييف لرفض استلام جثث الجنود والضباط الأوكرانيين، الذين زجوا بهم إلى معركة خاسرة بالأساس؟ أعتقد في تقديري الشخصي أن تنسيقا ما كان يدور وراء الكواليس بين اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة والانقلاب الذي أطاح بالرئيس الشرعي المنتخب فيكتور يانوكوفيتش في عام 2014، وكان هذا اللوبي يضع من ضمن أهدافه السيطرة الكاملة على أوكرانيا للتحكم بممرات وترانزيت الغاز والنفط من روسيا إلى أوروبا، وهناك احتمال كذلك أن تصريحات المستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ميركل بشأن استغلال اتفاقيات مينسك لكسب الوقت لإعداد أوكرانيا للمواجهة مع روسيا قد تكون غير دقيقة أو مقتطعة من سياق أوسع. فقد صرح خبراء عسكريون حينها، فرنسيون وألمان وبريطانيون، بأن المراهنة على هزيمة روسيا العسكرية مستحيلة. لكن زعماء هذه الدول الثلاث، بريطانيا وألمانيا وفرنسا، يدركون تماما أن الولايات المتحدة تقف وراء الانقلاب في كييف، وقد عبرت في غير مرة، بتصريحات مبطنة وبأشكال أكثر مباشرة، عن عدم رضاها عن تطور العلاقات الأوروبية الروسية، لا سيما في مجال الطاقة وفي مجال المشروعات المشتركة الضخمة وأنشطة الشركات والبنوك الغربية في روسيا وتنامي التبادل التجاري وغيرها من أشكال التعاون البناء ذو المصلحة المشتركة، استنادا لقواعد الجغرافيا والتاريخ. إلا أن سيطرة اللوبي الصهيوني على توجه الشركات العملاقة العابرة للقارات واستبدال الغاز الروسي الطبيعي بالغاز الأمريكي المسال الذي يبلغ سعره أكثر من ضعف سعر الغاز الروسي، ثم وقف نظام 'السويفت' البنكي العالمي للتعامل مع روسيا، ووقف التأمين على سفن الشحن الروسية والتي تنقل القمح والأسمدة الروسية، ومنعها من دخول الموانئ العالمية، وتفجير خط أنابيب 'السيل الشمالي'. اليوم، يقوم هذا اللوبي الذي يتحكم بإدارة البيت الأبيض بالإعلان عن رغبته في اندلاع حرب بالشرق الأوسط، بعد إضرامه النيران في أوروبا، ويقف مجلس الأمن الدولي مشلولا أمام 'الفيتو' الأمريكي بشأن مشروع قرار لوقف جرائم إسرائيل في غزة. إنه استمرار للتحدي ليس فقط بين إسرائيل والعالم العربي والإسلامي، بل بين إسرائيل وكل محبي السلام وكل الأحرار في جميع أنحاء العالم. تقف إسرائيل، ومن خلفها الولايات المتحدة (بصرف النظر عن تصريح المسؤولين والقادة!)، أمام بقية العالم. نحن أمام عالم جديد وخرائط جديدة تتشكل، أعتقد أن الهيمنة الغربية والأمريكية تلفظ أنفاسها الأخيرة، بصرف النظر عن كل الدمار والمآسي والآلام التي تنتظر العالم وربما منطقتنا في الشرق الأوسط بشكل أخص.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store