
مصرالعلا وضميرالعالم
تمرالقضية الفلسطينية بمرحلة من أشد مراحلها خطورة. فالشعب الفلسطيني يتعرض لممارسات وحشية وعمليات إبادة لما يقرب من عشرين شهراَ، في تحد صارخ لكل القوانين والأعراف الدولية. إضافة لاتساع رقعة الحرب لتمتد للبنان وسوريا والسودان وليبيا واليمن والصومال والبحر الأحمر ومنطقة القرن الإفريقي في محاولة لتغيير خريطة المنطقة، مما يتطلب من الجميع إحكام العقل والعمل معا والتنسيق المستمر للتوصل لحلول وخطوات سياسية ودبلوماسية تجنب المنطقة الانزلاق إلى حرب شاملة.
إلا أنه جاءت قمة بغداد بعد شهرين من قمة القاهرة الاستثنائية بحضور عربي ضعيف، فقد غاب عن هذه القمة معظم أعضاء الجامعة العربية باستثناء مصر وفلسطين واليمن والصومال وموريتانيا وجزر القمر, بالرغم من الحضور الدولي الجيد من قبل أمين عام الأمم المتحدة ورئيس وزراء إسبانيا، وأمين عام منظمة التعاون الإسلامي ورئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي والمبعوث الخاص للإتحاد الأوروبي. كانت كلمة مصركلمة تاريخية كاشفة تسجل جرائم الإحتلال، وتضع المجتمع الدولي أمام مسئولياته. كما تؤكد الموقف المصري الثابت الداعم للقضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية. فقال الرئيس السيسى: «حتى لو نجحت إسرائيل، فى إبرام اتفاقيات تطبيع مع جميع الدول العربية، فإن السلام الدائم والعادل والشامل فى الشرق الأوسط، سيظل بعيد المنال، ما لم تقم الدولة الفلسطينية، وفق قرارات الشرعية الدولية». فكانت الكلمة معبرة عن موقف المصريين ورؤيتهم، وعن صوت الضمير العربي والضمير الإنساني، وهذا ليس جديدا على مصر. فهذه ليست المرة الأولى التي تواجه فيها منطقتنا مثل هذا النوع من التهديدات والأخطارالتي تكاد تعصف بها. فتمتلك منطقة الشرق الأوسط العديد من المقومات والثروات التي جعلتها مطمعا للقوى الكبرى، بداية من موقعها الاستراتيجي فـي القلب من العالم، وتحكمها فـي أهم ممرات الملاحة الدولية، حيث تمتلك أهم المعابر البحرية؛ كقناة السويس ومضيق باب المندب. بالإضافة إلى ثرائها الديني، فهي أرض الرسالات السماوية. وهي أيضا مهد الحضارة الإنسانية؛ الحضارة الفرعونية والفينيقية والبابلية والسومرية والإسلامية . فضلا عما تمتلكه المنطقة من مصادر للطاقة، بداية من الاكتشافات البترولية فـي القرن الماضي، وصولا لإكتشافات الغاز الطبيعي الأخيرة، وما تمتلكه من ثروات طبيعية، وثروات معدنية هائلة كالفوسفات والحديد والذهب والزئبق والبوتاسيوم، إضافة إلى الثروة الحيوانية والسمكية والأراضي الزراعية. فعلى مدار تاريخها الممتد لآلاف السنين تعرضت مصر والمنطقة لهجمات مشابهة.مع الأخذ في الاعتبار تطور أساليب الحرب وأدواتها. فمن قديم العهد، عندما قام الهكسوس بغزو بلاد الشام ودخول مصر من سيناء، بوابة مصر الشرقية. طارد أحمس الأول الهكسوس حتى طردهم من وادي النيل، وحرر مصر وحقق استقلالها. فالمصريون هم من تمكنوا من هزيمة الهكسوس والقضاء عليهم، وأعادوا الأمن والسيادة والاستقرار للمنطقة، مرورا بانتصار تحتمس الثالث أعظم القادة العسكريين في تاريخ مصر، على القادشيين في «معركة مجدو» والذي أعاد هيبة مصر في فلسطين، واستطاع أن يسترجع شمالها الذي كان قد خرج عن النفوذ المصري في هذا الوقت. ثم انتصار رمسيس الثاني في «معركة قادش» شمالاً في سوريا، والذي تمكن أيضاً من القضاء على الاضطرابات جنوباً في النوبة في نفس الوقت، واستعاد السيادة والاستقرار للمنطقة. فأمن المنطقة ومحيط مصر الإقليمي هو جزء لا يتجزأ من أمن مصر.
ومصر هي «فجر الضمير»؛ فكما أن للكون قوانين إلهية تحكمه وتنظمه وتمنع سقوطه فى هاوية الفوضى، فللإنسان أيضا قوانين تحكم سلوكه وتنظمه وهو ما عرف عند قدماء المصريين بقوانين الماعت الـ 42. وقد وجدت قوانين الماعت مدونة فى كتاب الخروج الى النهار الذى سبق ظهور الوصايا العشر بنحو 2000 عام. قوانين الماعت لم تكن قواعد أخلاقية وانما كانت جوهر الفضيلة التى أودعها الله داخل الإنسان وهى موجودة منذ بداية الخلق. وتنتقل من جيل الى آخر وكل ما يحتاجه الانسان هو استدعاء واستحضار الفضيلة من داخله، و هو ما يعرف بمصطلح «إيقاظ الضمير» .فلا يحتاج الانسان الى قواعد أخلاقيه تفرض عليه من الخارج، لأن بداخله الضمير وهو جوهر الفضيلة وماعلي الإنسان سوى تفعيل الضمير، ولهذا أصبح المصريون «أمة فجر الضمير الإنساني».
فمن يقرأ كتاب التاريخ جيداً سيتأكد أن مصرهي القادرة دائماَ على التصدي للغزاة والمعتدين والحفاظ على وحدة وتماسك أراضيها والحيلولة دون تشرذمها وتفتتها، وهي القادرة أيضا على إزالة آثار العدوان، وطرد المعتدي الغاصب، واسترداد السيادة الكاملة على الأرض.ولهذا كتب الشاعر اللبناني شكري نصر الله قصيدة بعنوان «مصر العلا»، لحنها وغناها المطرب اللبناني وديع الصافي. تقول القصيدة «إذا مصر قالت نعم أيدوها، وإن أعلنت لاءها فاتبعوها، فمصر منزهة فى الأرب، ومصر العلا وضمير العرب».
فالآن والعالم يمر بمرحلة شديدة التعقيد بالغة الدقة، وفي القلب منه منطقتنا، التي تمر بمنعطف شديد الخطورة، والذي يعد الأخطر في تاريخها الحديث؛ فهي تخوض «حرب وجود». على الأشقاء العرب قراءة تاريخ المنطقة جيدا، والسير في ركاب مصر والاهتداء برؤيتها، خاصة وقت المحن والتهديدات، لتفردها وحدها بالخبرات المتراكمة التي تمتد لآلاف السنين، والتي تمكنت فيها من سحق المعتدين على مر العصور. ربما يكون هذا هو النداء الأخير، لضمان السلامة للجميع. وأخيراَ أختم كلماتي بدعاء الشاعر اللبناني لمصر «حمى الله نيلهـا من كل عاد، وجنب شعبهـا غزو الطغاة، فيا رب بـارك بمصـر الحبيبة وكـن معهـا فى الليالـى العصيبـة».
-----------
أستاذ الاستراتيجية والسياسات العامة جامعة حلوان

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أخبار اليوم المصرية
منذ 2 ساعات
- أخبار اليوم المصرية
استخباراتي أمريكي سابق: روسيا ستحقق أهدافها حتى لو رفضت أوكرانيا بشروطها
أعرب المحلل السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكيةعن رأيه بأن روسيا ستُحقق أهدافها حتى لو رفضت أوكرانيا تنفيذ شروطها في مفاوضات إسطنبول. وقال خلال ظهوره على قناة "ديالوغ وركس" على يوتيوب: "لدى روسيا متطلبات واضحة (في المفاوضات): أن تعترفوا بشبه جزيرة القرم والمناطق الأربع كجزء من روسيا، وأن تسحبوا قواتكم وتتخلصوا من العناصر النازية في حكومتكم.. لن ينجوا من هذا بسهولة". ومع ذلك، يعتقد الخبير أن القيادة الأوكرانية الحالية لن توافق على هذه الشروط، واختتم جونسون قائلا: "عندها سيقول الروس: حسنا، هذا اختياركم، سنواصل العمليات العسكرية - وسنستمر حتى نقضي عليهم في ساحة المعركة". من جانبه، صرح وزير الخارجية سيرجي لافروف بأن الوفد الروسي مستعد لتقديم مذكرة تسوية للجانب الأوكراني خلال الجولة الثانية من المفاوضات في إسطنبول يوم 2 يونيو. وفي الوقت نفسه، أعلن الكرملين أن روسيا لم تتلق بعد ردا من أوكرانيا على اقتراحها إجراء مفاوضات في إسطنبول في 2 يونيو كما أفاد الممثل الدائم لروسيا لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا يوم الجمعة بأن موسكو تقترح في المفاوضات المحتملة القادمة مع أوكرانيا في إسطنبول تبادل مذكرات حول منهجية الطرفين في العملية التفاوضية. وأضاف أن موسكو "من حيث المبدأ" مستعدة للنظر في إمكانية وقف إطلاق النار في أوكرانيا، لكن ذلك يتطلب خطوات مقابلة من جانب كييف. وأكد أنه على الأقل يجب أن تتوقف الدول الغربية عن إرسال الأسلحة لنظام كييف، وأن توقف أوكرانيا التعبئة أثناء فترة الهدنة.


بوابة الأهرام
منذ 6 ساعات
- بوابة الأهرام
أكد اقتراب الطرفين من وقف إطلاق النار .. ترامب يعلن عن اتفاق وشيك للهدنة .. وحماس تتشاور مع الفصائل
أكد الرئيس الأمريكى دونالد ترامب أن حماس وإسرائيل تريدان الخروج من الفوضى، معلنا من مكتبه فى البيت الأبيض، أن الطرفين قريبان جدا من التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وموضحا أن هناك فرصة لذلك سيتم الإعلان عنها خلال الساعات القليلة المقبلة يأتى ذلك فى الوقت الذى أكد فيه المتحدث باسم حماس جهاد طه، أن الحركة تبحث مقترح المبعوث الأمريكى للشرق الأوسط ستيف»ويتكوف» بأقصى درجات المسئولية مع الفصائل الفلسطينية الأخرى ولفت، فى تصريحات أمس، إلى أنه جرى مطالبة الأمريكيين بضمانات جدية لإنهاء الحرب، بما يفضى إلى اتفاق يتضمن انسحابًا كاملًا لقوات الاحتلال من قطاع غزة بأكمله وإنهاء الحرب، خاصة أن وثيقة ويتكوف الجديدة لا تتضمن أى التزام بإنهاء الحرب. بالمقابل، قال وزير الدفاع الإسرائيلى يسرائيل كاتس إن على حماس أن تختار الآن إما الموافقة على مضمون اتفاق ويتكوف للإفراج عن المحتجزين وإما أن يتم القضاء عليها، فى حين نقلت القناة الـ12 الإسرائيلية عن رئيس أركان جيش الاحتلال إيال زامير قوله: إنه «إذا كانت هناك صفقة فإنه يجب وقف الحرب لإبرامها حتى لو كانت جزئية، وإن إسرائيل لن تنجر إلى حرب إلى ما لا نهاية «.وكانت حكومة الاحتلال قد وافقت يوم الخميس الماضى على مقترح ويتكوف ووصفته وسائل إعلام إسرائيلية بأنه الأكثر انحيازا إلى تل أبيب من المقترحات السابقة فى شأن ذى صلة، وصفت الأمم المتحدة الوضع فى غزة بأنه الأسوأ منذ بدء الحرب على غزة قبل 19 شهرا، على الرغم من استئناف التسليم المحدود للمساعدات فى القطاع الذى تلوح فيه المجاعة وقال المتحدث باسمها ستيفان دوجاريك: «من الجيد وصول أى مساعدات إلى أيدى المحتاجين»، لكنه أضاف أن عمليات تسليم المساعدات «ليس لها تأثير يذكر» حتى الآن بوجه عام ومن جانب آخر، أفاد موقع «والا» الإخبارى بأن جيش الاحتلال هجّر أكثر من 250 ألف فلسطينى من مخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين فى محافظة شمال قطاع غزة، إلى ما أطلق عليها اسم «مناطق الإيواء»، ونقل عن مسئولين فى المؤسسة الأمنية، لم يسمهم، زعمهم أن قوات الجيش تقدمت نحو أهداف محددة فى قطاع غزة، حسب خطة رئيس الأركان إيال زامير، بهدف منع عودة المسلحين الفلسطينيين إلى البنية التحتية فوق الأرض وتحتها، وفق تعبيرهم ميدانيا، شنت قوات الاحتلال أمس، غارات جوية وقصفا مدفعيا على المناطق الشرقية والشمالية لمدينة خان يونس جنوبى قطاع غزة بعد ساعات من ارتكابها مجزرة بحق نازحين فى المدينة، فى حين استشهد 49 فلسطينيا فى غارات إسرائيلية، خلال الساعات الأربع والعشرين الأخيرة. فقد استشهد 13 فلسطينيا، بينهم 3 أطفال، وأصيب آخرون إثر قصف من مسيّرة على خيمة تؤوى نازحين فى منطقة مواصى القرارة شمال غربى مدينة خان يونس، كما نسف جيش الاحتلال عددا من المبانى بالمنطقة نفسها


فيتو
منذ 8 ساعات
- فيتو
البيت الأبيض: ويتكوف يرسل اقتراحا مفصلا ومقبولا إلى إيران بشأن اتفاق نووي
قال البيت الأبيض، إن ويتكوف أرسل اقتراحا مفصلا ومقبولا إلى إيران بشأن اتفاق نووي ومن مصلحتها قبوله. وفي سياق آخر، قال ايتمار بن غفير، وزير الأمن القومي الاسرائيلي، إنه بعد رفض حمـاس مجددا مقترح الصفقة لم يعد هناك أي مبرر لأحد لمواصلة هذا الترهل في غزة. وادعى: لقد أضعنا ما يكفي من الفرص وحان الوقت للتدخل بكل قوتنا للتدمير والقتل وهزيمة حمـاس. ومن جانبه، قال وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي، إن كانت فرنسا وبريطانيا تريدان التوصل إلى وقف إطلاق نار فعليهما الضغط على حماس لا على إسرائيل. وأعلنت رئاسة وزراء الاحتلال الإسرائيلية، اليوم السبت، أن حماس تواصل رفضها مقترح ويتكوف. وادعت: سنستمر في عمليتنا لاستعادة الرهائن والقضاء على حماس، متابعة: رد حماس ليس مقبولا كما قال ويتكوف. وكان المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف قال إنه يمكن إجراء المفاوضات غير المباشرة بنية صادقة للتوصل لوقف نار دائم بغزة. ويتكوف: يمكن إجراء المفاوضات غير المباشرة للتوصل لوقف نار دائم بغزة وأضاف ويتكوف: يجب إعادة نصف الرهائن الأحياء ونصف الأموات للتوصل لهدنة 60 يوما ويمكن البدء في محادثات غير مباشرة بشأن غزة فورا الأسبوع المقبل وعلى حماس قبول المقترح الذي قدمته كأساس لبدء محادثات غير مباشرة. وتابع ويتكوف: تلقيت رد حماس على مقترح الولايات المتحدة وهو غير مقبول بتاتا ولن يؤدي إلا إلى تراجعنا. وكشف موقع "أمد للإعلام" الفلسطيني عن تفاصيل رد حركة حماس الكامل على مقترح المبعوث الأمريكي، ستيف ويتكوف حول صفقة التهدئة في قطاع غزة وتبادل الرهائن. رد حماس على المبعوث الأمريكي وتضمن رد حماس الآتي: الحديث عن وقف إطلاق نار لمدة 60 يوما يضمن تعهد ترامب بالتزام إسرائيل به، وإطلاق سراح 10 أسرى إسرائيليين أحياء و18 جثمانا. يتم إطلاق سراح 4 أسرى أحياء في اليوم الأول وأسيرين في اليوم الـ30 و4 أسرى في اليوم الـ60 إدخال المساعدات لغزة فور الموافقة على وقف إطلاق النار وفق البروتوكول من خلال الأمم المتحدة إعادة تأهيل البنية التحتية وإدخال مواد البناء اللازمة لها إعادة تشغيل المستشفيات والمراكز الصحية والمدارس والمخابز بالقطاع الانتهاء من خطط إعادة إعمار البيوت والبنية التحتية خلال فترة المفاوضات توقف كل الأنشطة العسكرية الإسرائيلية بغزة عند دخول الاتفاقية حيز التنفيذ في اليوم الأول تبدأ المفاوضات برعاية الوسطاء لوقف إطلاق نار دائم. ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.